حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني
مواضعُ الوصلِ بالواوِ(1)
يَجِبُ(2) الوصلُ(3) في موضعين(4):
(الأوَّلُ)(5) إذا اتَّفَقَت الجملتان خبراً أو إنشاءً(6), وكان(7) بينَهما(8) جهةٌ جامعةٌ(9), أي: مناسَبَةٌ تامَّةٌ(10)
ولم يكنْ مانِعٌ من العطْفِ(11)، نحوُ(12): {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِيِ نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}(13)، ونحوُ(14): {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً }(15).
(الثاني)(16) إذا أَوْهَمَ ترْكُ العطفِ(17) خلافَ المقصودِ(18) كما إذا قلتَ: لا وشَفاه اللهُ(19)، جواباً(20) لمن يَسألُك هل بَرِئَ عليٌّ من المرضِ(21)؟. فترْكُ الواوِ(22) يُوهِمُ(23) الدعاءَ عليه(24)
و(25)غرضُك(26) الدعاءُ له(27).
_____________________
قال الشيخ محمد ياسين بن عيسى الفاداني:
(1) مواضعُ الوصلِ بالواوِ
أي: بينَ الجملتينِ اللتينِ لا مَحَلَّ لهما من الإعرابِ، والمرادُ بالجمْعِ هنا ما فوقَ الواحدِ فيَصْدُقُ بالاثنين؛ إذ لم يُذْكَرْ للوصلِ إلا موضعانِ فقط.
(2) (يَجِبُ) أي: بحسَبِ البلاغةِ التي هي مطابقَةُ مقتَضَى الحالِ.
(3) (الوصلُ) أي: بالواوِ
(4) (في مَوضِعَيْنِ)؛ التوسُّطِ بينَ الكَمَالَيْنِ مع عدمِ الإيهامِ, وكمالِ الانقطاعِ مع الإيهامِ.
(5) (الأوَّلُ) أي: الموضعُ الأوَّلُ مِن الموضعينِ فيما.
(6) (إذا اتَّفقَتِ الجملتانِ خبراً أو إنشاءً) أي: في أحدِهما؛ إذ لا يُمكنُ اجتماعُهما على كلٍّ مِن الجملتينِ في حالةٍ واحدةٍ، وهذا صادقٌ بثمانِ صورٍ, كلُّها من بابِ التوسُّطِ؛ لأن اتِّفاقَهما إما في اللفظِ والمعنى معاً, وهذا صورتان خبريَّتان لفظاً ومعنًى وإنشائيَّتان كذلك، وإما في المعنى فقط, وهذا ستُّ صورٍ إنشائيَّتان معنًى خبريَّتان لفظاً، أو الأُولَى خبرٌ, والثانيةُ إنشاءٌ, أو العكْسُ وخبريَّتان معنًى إنشائيَّتان لفظاً, أو الأُولَى إنشاءٌ والثانيةُ خبرٌ, أو العكسُ.
(7) (وكان) أي: تحقَّقَ.
(8) (بينَهما) أي: بينَ طرَفَيْ كلٍّ من الجملتين المتَّفِقَتَيْن.
(9) (جِهةٌ جامعةٌ) أي: عَلاقةٌ مخصوصةٌ تَجْمَعُهما في العقْلِ أو الوهْمِ أو الخيالِ, وتُقَرِّبُ أحدَهما مِن الآخَرِ فهي مطلوبةٌ بينَ المسنَدِين والمسنَدِ إليهما ليَجتَمِعا بسببِها عندَ المفكِّرَةِ، ولا حاجةَ إلى استخراجِ جامعٍ بينَ الجملتينِ اللتينِ وَقعَ فيهما العطْفُ, وإن كان الغرَضُ اجتماعَ مضمونِهما الذي هو النِّسبةُ الحُكْمِيَّةُ؛ وذلك لأنه إذا تَحقَّقَ الجامِعُ بينَ المفرداتِ, واجتَمَعَتْ عندَ المفكِّرَةِ تَحقَّقَ الجامعُ بينَ النِّسبتين واجْتَمَعَتَا فيها تَبَعاً للمفرداتِ فصحَّ العطْفُ.
(10) (أي: مناسبةٌ تامَّةٌ) يعني: ظاهِرةٌ قريبةٌ, فلا يَقْبَلُ العطْفَ بالواوِ إذا كانت المناسَبَةُ خفيَّةً بعيدةً, ولذا عِيبَ على أبي تَمَّامٍ في قولِه:
لا والذي هو عالِمٌ أن النَّوَى ...... صبْرٌ وأن أبا الحسينِ كريمُ
وذلك أن كرمَ أبي الحسينِ ومَرارةَ النَّوَى لا مُناسَبَةَ بينَهما ظاهِرةٌ، نعمْ قيلَ: إن المناسَبَةَ إما خياليَّةٌ, وهي تُقارِنُهما في خيالِ أبي تمَّامٍ، أو وهميَّةٌ وهي شِبْهُ التضَادِّ؛ لأنَّ كرَمَ أبي الحسينِ حُلْوٌ, ويُدْفَعُ بسببِه ألَمُ احتياجِ السائلِ، والصَّبْرَ مُرٌّ, ويُدْفَعُ به بعضُ الآلامِ، أو عقليَّةٌ وهي التماثُلُ؛ لأنَّ كلاّ منهما دواءٌ, فالصبرُ دواءُ العليلِ, والكرمُ دواءُ الفقيرِ, غيرَ أنها عَلَى الاحتمالاتِ الثلاثةِ بعيدةٌ, والمعتَبَرُ المناسَبَةُ الظاهِرَةُ القريبةُ.
(11) (ولم يكنْ مانِعٌ من العطْفِ) أي: من عطْفِ إحدى الجملتينِ المذكورتينِ عَلَى الأخرى, ويُسمَّى الاتِّفاقُ المذكورُ تَوَسُّطاً بينَ الكمالين, أي: مع عدَمِ الإيهامِ, فإن وُجِدَ مانعٌ من العطْفِ بأن اقْتَضَى خلافَ المقصودِ فيَجِبُ الفصْلُ, أي: ترْكُ العطفِ وهو الموضعُ الخامسُ من مواضعِ الفصْلِ كما سيأتي.
(12) (نحوُ) قولِه تعالى:
(13) ({ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}) فالجملتان خبريَّتان لفظاً ومعنًى, والجامعُ بينَهما التضادُّ بينَ الأبرارِ والفجَّارِ اللذَيْن هما المسنَدُ إليهما وبينَ الكونِ في النعيمِ والكونِ في الجحيمِ اللذَيْنِ هما المسنَدان.
(14) (ونحوُ) قولِه تعالى:
(15) ({ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً}) فالجملتان إنشائيَّتان لفظاً ومعنًى والجامِعُ بينَهما الاتِّحادُ في المسنَدِ إليه وهو الواوُ التي هي ضميرُ المخاطَبِين وشِبْهُ التضادِّ بينَ الضَّحِكِ والبكاءِ.
اعلمْ أن الجهةَ الجامعةَ المعتبَرَةَ في الوصْلِ بين الجملتين هي المناسَبَةُ بينَهما لا غيرُ, ولها سببٌ ومَظِنَّةٌ، أما سببُها فاجتماعُهما في القوَّةِ المفكِّرَةِ بطريقِ العقلِ أو الوهْمِ أو الخيالِ، وأما مَظِنَّتُها فحصولُ الاتِّحادِ أعَمُّ من أن يكونَ حقيقيًّا أو اعتباريًّا، وهذا الاتِّحادُ يكونُ بالعَلاقةِ الجامعةِ, وتَنقسمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ: عقليَّةٍ ووهميَّةٍ وخياليَّةٍ؛ لأنَّ العلاقةَ الجامعةَ للشيئين في القوَّةِ المفكِّرَةِ إن كانت أمْراً حقيقيًّا فهي العقليَّةُ وإن لم تكنْ كذلك بأن كانت اعتباريَّةً فإن كانت غيرَ محسوسةٍ فهيَ الوهميَّةُ وإن كانت محسوسةً فهي الخياليَّةُ. فالجامعةُ العقليَّةُ هي التي تَجمعُ القوَّةَ العقليَّةَ بسببِها بينَ الشيئين في المفكِّرَةِ. وأنواعُها ثلاثةٌ: الأوَّلُ: الاتِّحادُ في التصوُّرِ, أي: عندَ تصوُّرِ العقلِ لهما بأن كان المسنَدُ إليه في الجملتين شيئاً واحداً بالشخصِ نحوُ: خالدٌ كاتبٌ وهو شاعرٌ، فإن مرجِعَ الضميرِ في الثانيةِ زيدٌ المذكورُ في الأُولى. الثاني: التماثُلُ, بأن كان المسنَدُ أو المسنَدُ إليه فيهما متساوِيَيْنِ في الذاتِ والحقيقةِ, مشتَرِكَيْن في الصفاتِ النفسيَّةِ نحوُ المثالِ المذكورِ آنِفاً، فإن بينَ الكتابةِ في الجملةِ الأُولى والشعْرِ في الثانيةِ تَمَاثُلاً من جِهةِ أن كلاّ منهما تأليفُ كلامٍ على وجهٍ مخصوصٍ, وإن اختلَفَا بالعوارضِ كالنَّظْميَّةِ والنَّثْريَّةِ. وهذا النوعُ في الحقيقةِ راجعٌ إلى الأَوَّلِ؛ لأنَّ العقْلَ إذا رَفعَ التعدُّدَ الكائنَ بينَ الْمِثْلَيْن بسببِ تَجريدِهما عن الْمُشَخَّصَاتِ الخارجيَّةِ يَصيران شيئاً واحداً عند المفكِّرَةِ كالمتَّحِدَيْنِ. النوعُ الثالثُ: التَّضايُفُ, بأن لا يُمْكِنَ تَعقُّلُ كلٍّ منهما إلا بالقياسِ إلى تَعقُّلِ الآخَرِ, وحينئذٍ فحصولُ كلِّ واحدٍ منهما في المفكِّرَةِ يَستلزِمُ حصولَ الآخَرِ فيها ضرورةً, وهذا معنى الجمْعِ بينَهما فيها نحوُ: أبو زيدٍ يَكتبُ وابنُه يُشْعِرُ، فالجامعُ بينَ الأبِ والابنِ المسنَدِ إليهما هو التضايُفُ, وإن اختَلَفَا من جهةِ أن الجامِعَ بينَ المسنَدين عقْلِيٌّ وهو التماثُلُ، وإنما نُسِبَتْ هذه الأنواعُ الثلاثةُ إلى العقلِ وقيلَ لها: عقليَّةٌ؛ لأن العقلَ شأنُه أن يُدْرِكَ الأمورَ على حقائقِها ويُثْبِتَها على مُقتضاها, والجمعُ بهذه محقَّقٌ في نفسِ الأمرِ لا يُبْطِلُه التأمُّلُ فنُسِبَ إلى العقْلِ، أَفادَه الدُّسُوقيُّ.
والجامعةُ الوهميَّةُ هي التي يُتَخيَّلُ الوهْمُ بسببِها في اجتماعِهما عندَ المفكِّرَةِ بأن يُصَوِّرَها الوهْمُ بصورةٍ تصيرُ سبباً لاجتماعِهما, وليست في الواقعِ سبباً له. وأنواعُها ثلاثةٌ: الأوَّلُ: شِبْهُ التماثُلِ, بأن يُبْرِزَهُما الوهْمُ في مَعْرِضِ المِثْلَيْن لتقارُبِهما نحوُ قولِك: صُفْرَةُ الذهبِ تُذهِبُ الهَمَّ, وبَياضُ الفِضَّةِ يُذْهِبُ الغَمَّ، فالعطْفُ صحيحٌ لجامعٍ, وهو شِبْهُ التماثُلِ بينَ الصُّفْرَةِ في الجملةِ الأُولَى والبياضِ في الثانيةِ؛ فإنَّ الوهْمَ يدَّعِي أن أصلَ الصفرةِ بياضٌ زِيدَ فيه شيء يسيرٌ من الكُدْرَةِ لا تُخْرِجُه عن حقيقتِه, أو أن أَصلَ البياضِ صُفرةٌ زِيدَ فيه شيء يسيرٌ من الإشراقِ لا يُخْرِجُه عن حقيقتِه, وسببُ ذلك أن الأضَّدادَ تَتفاوتُ, والبياضُ والصُّفرةُ ليس بينَهما ما بينَ البياضِ والسوادِ, بل بينَهما كما بينَ السوادِ والْحُمرةِ. الثاني: التضادُّ, بأن يكونا أمرين وجوديَّين يُمكِنُ أن يَتعَاقَبا على مَحَلٍّ واحدٍ ولا يَتوقَّفُ تعقُّلُ أحدِهما على تعقُّلِ الآخَرِ نحوُ قولِك: ذَهبَ السوادُ وجاءَ البياضُ فالجامعُ بينَ السوادِ والبياضِ المسنَدِ إليهما هو التضادُّ، ونحوُ قولِك: الإيمانُ حسَنٌ والكفْرُ قبيحٌ فالجامعُ بين الإيمانِ والكفرِ المسنَدُ إليهما هو التضادُّ بِناءً على أن الإيمانَ التصديقُ بكلِّ ما عُلِمَ مجيءُ النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ به والكفرُ جَحْدُ ذلك، أو يكونُ أحدُهما موصوفاً بضِدِّ ما وُصِفَ به الآخرُ نحوُ قولِك: الأسودُ ذَهبَ والأبيضُ جاءَ، فالجامعُ بينَ الأسودِ والأبيضِ هو التضادُّ باعتبارِ اشتمالِهما على الوصفين المتضادَّيْن. الثالثُ: شِبْهُ التضادِّ, بأن يَستلزِمَ كلٌّ منهما معنًى يُنافِي ما يَستلزِمُه الآخَرُ نحوُ السماءُ مرفوعةٌ لنا والأرضُ موضوعةٌ لنا فالجامِعُ بينَ السماءِ والأرضِ المسنَدِ إليهما وهْمِيٌّ لتحقُّقِه بشِبْهِ التضادِّ بينَهما حيثُ إنََّ مفهومَ أحدِهما وجوديٌّ في كثرةِ الارتفاعِ والآخرِ وجوديٌّ في كثرةِ الانحطاطِ، ونحوُ قولِك: الأوَّلُ سابقٌ والثاني لاحِقٌ فبينَ الأوَّلِ والثاني فيهما شِبْهُ التضادِّ؛ لأنَّ مفهومَ الأوَّلِ كونُه سابقاً على الآخَرِ غيرَ مسبوقٍ بالغيرِ، والثاني كونُه مسبوقاً بواحدٍ فهما مشتَمِلان على وصفين لا يُمْكِنُ اجتماعُهما، وإنما نُسِبَتْ هذه الأنواعُ الثلاثةُ إلى الوهْمِ؛ لأن شِبْهَ التماثُلِ عندَ الوهْمِ كالتماثُلِ عندَ العقْلِ بمعنى أنه يَسبِقُ إلى الوهْمِ أنَّ الشَّبِيهَينِ بالمتماثِلَيْنِ في الحقيقةِ شيءٌ واحدٌ, فيَحْتالُ على الجمْعِ بينَهما عندَ المفكِّرَةِ كالمِثْلَيْن, ولأن التضادَّ وشِبْهَهُ عندَ الوهْمِ كالتضايُفِ عندَ العقلِ بمعنى أنَّ أحدَ المتضايِفَيْن لا يَنفكُّ عن الآخَرِ عند العقلِ بل متى خَطَرَ أحدُهما عندَه خَطَرَ الآخَرُ, وبذلك الارتباطِ جَمَعَهُما عندَ المفكِّرَةِ، كذلك لا يَنفكُّ أحدُ المتضايِفَيْن والشبيهين بهما عن الآخَرِ عندَ الوهْمِ, وبذلك الارتباطِ احتالَ إلى جَمعِهما عندَ المفكِّرَةِ.
والجامعةُ الخياليَّةُ هي تُقارِنُ صورتَيْهما في الخيالِ بسببِه يَحتالُ الخيالُ إلى جمْعِهما عندَ المفكِّرَةِ بأن تَتقارَنا في خيالِ المخاطَبِ عندَ التذكُّرِ والاستحضارِ ولابدَّ لهذا التقارُنِ عادةً من سببٍ ومرجِعُه إلى مخالطةِ تلك الصوَرِ الحسيَّةِ المقترِنَةِ في الخيالِ, وهذه المخالَطَةُ تَختلفُ أسبابُها باختلافِ الأشخاصِ والأزمِنَةِ والأمكِنَةِ فتكونُ لشخصٍ دونَ آخَرَ وفي زمانٍ دونَ آخرَ وفي مكانٍ دونَ آخَرَ، ولذلك كانت الجامعةُ الخياليَّةُ أكثرَ الجوامعِ وُقوعاً, والاحتياجُ إلى معرفتِها أشدَّ نحوُ قولِك: القلمُ عندي والدَّواةُ عندَك حيث كان المخاطَبُ كاتباً فيصِحُّ العطْفُ لوجودِ جامعٍ بينَ القلمِ والدَّواةِ وهو تقارنُهما في خيالِ المخاطَبِ بسببِ أن صنعتَه الكتابةُ وهي تَقتضِي مخالَطتَه لآلاتِها من قلمٍ ودواةٍ ومِدادٍ وقِرْطاسٍ، ونحوُ المثالِ السابقِ للاتِّحادِ في التصوُّرِ وهو قولُك: خالدٌ كاتبٌ وهو شاعرٌ فإن الجامعَ بينَ الكتابةِ والشعْرِ المسنَدين تَقارُنُ صورتِهما في الخيالِ؛ إذ صورةُ الكتابةِ إنشاءُ النثرِ وصورةُ الشِّعْرِ إنشاءُ النظْمِ، وقد مثَّلْنا به سابقاً لجامعِ التماثُلِ, وبه تَعْلَمُ أن الجامعَ فيه يصِحُّ أن يُعتبَرَ تَماثُلاً فيكونُ عقليًّا أو تقارُناً في خيالِ أصحابِهما فيكونُ خياليًّا.
(16) (الثاني) أي: الموضعُ الثاني منهما فيما.
(17) (إذا أوْهمَ ترْكُ العطْفِ) أي: عطْفِ الثانيةِ على الأُولَى, وكان بينَهما كمالُ الانقطاعِ.
(18) (خلافَ المقصودِ) للمتكلِّمِ أي: فإنه يَدْفَعُ ذلك الإيهامَ بالعطْفِ الذي هو الوصلُ, ويُسمَّى هذا كمالَ الانقطاعِ مع الإيهامِ, ولا جامعَ فيه.
(19) (كما إذا قلتَ: لا وشفاه اللهُ) وأنت قاصدٌ النفيَ لمضمونِ كلامٍ مسئولٍ عنه
(20) (جواباً) أي: قولاً على وجْهِ الجوابِ.
(21) (لمن يَسألُك هل بَرِئَ عليٌّ من المرضِ) فيكونُ معنى قولِك: لا. لم يَبْرَأْ عليٌّ من المرضِ, وقولِك: شفاه اللهُ. دعاءً لعليٍّ بالشفاءِ ((فلا)) تضَمَّنَتْ جملةً خبريَّةً، ((وشفاه اللهُ)) جملةً إنشائيَّةً؛ إذ قُصِدَ بها الدعاءُ, وبينَهما كمالُ الانقطاعِ (فـ) كان حقُّه أن يَفصِلَ ولا يَعطفَ بالواوِ ولكنَّ.
(22) (ترْكَ الواوِ) أي: عدمَ عطْفِ الثانيةِ على الجملةِ المقدَّرةِ بأن قيلَ: لا شفاه اللهُ.
(23) (يوهِمُ) أي: الكلامُ المشتمِلُ على ترْكِ الواوِ
(24) (الدعاءَ عليه) أي: على المريضِ بعدَمِ الشفاءِ.
(25) (و) الحالُ أنَّ
(26) (غرضَك) أي: مقصودَك.
(28) (الدعاءُ له) أي: لعليٍّ بالشفاءِ فيَجِبُ الوصلُ بالواوِ لعطفِ الثانيةِ على الأُولى؛ دفْعاً لهذا الإيهامِ. ثم هذا الوجوبُ بالنسبةِ للفصلِ, وإلا فيُمكِنُ دفْعُ الإيهامِ بطريقٍ آخَرَ غيرِ الوصْلِ بأن تَسْكُتَ بعدَ قولِك: لا, أو تَتكلَّمَ بما يَدفعُ الاتِّصالَ, ثم تقولَ: شَفاه اللهُ، بل لو قلتَ: لا, قد شفاه اللهُ لكانَ الكلامُ خاليًا عن الإيهامِ.