النوع التاسع والعشرون: المسلسل
هذا النوع من زيادتي: والمسلسل ما تواردت رواته على صفة أو كيفية واحدة، وقسمه أهل الحديث إلى أقسام لا يتأتى غالبها هنا ومنه ما تسلسل في أوله وانقطع – ولو اعتنى القراء به كاعتناء المحدثين لاتصل لهم من ذلك شيء كثير، وأكثر ما يقع التسلسل هنا بصفات الرواة كالتسلسل بالقراء الحفاظ، والقرآن كله بهذه الصفة، فإنه نقله قارئ عن قارئ إلى منتهاه، وكان بكون رجال الإسناد كلهم معمرين أو شافعيين أو أندلسيين أو دمشقيين أو مكيين أو نحو ذلك، وقد وقعت لنا سورة الصف مسلسلة بقراءة كل شيخ على الراوي، وأخبرني المسنِد المعمر أبو عبيد الله محمد بن أحمد الحاكم رحمه الله بقراءتي عليه، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد المقرئ أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب الصالحي أخبرنا أبو النجا بن اللّتي أخبرنا أبو الوقت السّجزي أخبرنا أبو الحسن الداودي أخبرنا أبو محمد السرخسي أخبرنا أبو عمران السمرقندي أخبرنا أبو محمد الدارمي أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: قعدنا نفرٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل لعملناه فأنزل الله: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم * يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} حتى ختمها.
قال عبد الله فقرأها علينا ابن سلام، قال يحيى: فقرأها علينا أبو سلمة، قال الأوزاعي فقرأها علينا يحيى، قال ابن كثير: فقرأها علينا الأوزاعي، قال الدارمي: فقرأها علينا ابن كثير، قال السمرقندي: فقرأها علينا الدارمي، قال السرخسي: فقرأها السمرقندي، قال الداودي: فقرأها علينا السرخسي، قال أبو الوقت: فقرأها علينا الداودي، قال ابن اللتي: فقرأها علينا أبو الوقت، قال أبو العباس فقرأها علينا ابن اللتي، قال أبو إسحاق: فقرأها علينا أبو العباس قال أبو عبد الله: فقرأها علينا أبو إسحاق، قلت: فقرأها علينا أبو عبد الله.
ومن هذا النوع ما رواه البيهقي في الشعب من طريق عكرمة بن سليمان قال: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغتُ: والضحى قال: كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم، وأخبره أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك وأخبره ابن عباس أن أبيّ بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك، ورواه ابن الجزري متصل السلسلة إلى عكرمة، والله سبحانه أعلم.