بيان ما تشتمل عليه الفاتحة
رابط الموضوع
http://afaqattaiseer.net/vb/showpost.php?p=202413&postcount=2
تلخيص مسائل الموضوع:
قوله تعالى{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
مسائل تفسيرية
معنى"بسم الله"
أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى مستعينا به.
معنى اسم "الله"
( الله ) هو المألوه المستحق لإفراده بالمحبة والخوف والرجاء وأنواع العبادة كلها.
معنى" الرحمن الرحيم"
اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة.
أنواع الرحمة
رحمة عامة: وسعت كل شيء، وعمت كل مخلوق.
رحمة خاصة: وهي الرحمة الكاملة للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله؛ فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة المتصلة بالسعادة الأبدية، ومن عداهم محروم من هذه الرحمة الكاملة، لأنه الذي دفع هذه الرحمة وأباها بتكذيبه للخبر، وتوليه عن الأمر، فلا يلومن إلا نفسه.
مسائل عقدية
دلالة الآية على استحقاق الله للعبادة
الله وحد هو المستحق لأنواع العبادة كلها، لما اتصف به من صفات الكمال، وهي التي تدعو الخلق إلى عبادته والتأله له.
عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات
من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها ما دل عليه الكتاب والسنة من الإيمان بأسماء الله كلها، وصفاته جميعها، وبأحكام تلك الصفات؛ فيؤمنون - مثلا - بأنه رحمن رحيم: ذو الرحمة العظيمة التي اتصف بها، المتعلقة بالمرحوم، فالنعم كلها من آثار رحمته، وهكذا يقال في سائر الأسماء الحسنى؛ فيقال عليم: ذو علم عظيم، يعلم به كل شيء، قدير: ذو قدرة يقدر على كل شيء، فإن الله قد أثبت لنفسه الأسماء الحسنى، والصفات العليا، وأحكام تلك الصفات، فمن أثبت شيئا منها ونفى الآخر كان مع مخالفته للنقل والعقل متناقضا مبطلا.
مسائل لغوية:
فائدة إفراد وإضافة لفظ "اسم"
لفظ " اسم " مفرد مضاف، فيعم جميع أسماء الله الحسنى؛ فيكون العبد مستعينا بربه، وبكل اسم من أسمائه على ما يناسبه من المطالب.
قوله تعالى{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
مسائل تفسيرية:
معنى "الحمد"
الثناء
معنى"الحمد لله"
الثناء على الله بصفات الكمال، وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل، المشتملة على الحكمة التامة.
شرط تمام مقام الحمد
لا بد من اقتران محبة الحامد لربه وخضوعه له، فالثناء المجرد من محبة وخضوع ليس حمدا كاملا.
معنى" الرب"
الرب هو المربي
معنى"رب العالمين"
هو المربي جميع العالمين بكل أنواع التربية.
أنواع تربية الله لعباده
تربية عامة: أي هو الذي خلقهم ورزقهم وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة، وهذه التربية العامة لجميع الخلق، برهم وفاجرهم، بل المكلفون منهم وغيرهم.
تربية خاصة: لأنبيائه وأوليائه، فإنه مع ذلك يربي إيمانهم فيكمله لهم، ويدفع عنهم الصوارف والعوائق التي تحول بينهم وبين صلاحهم وسعادتهم الأبدية، وتيسيرهم لليسرى وحفظهم من جميع المكاره.
مسائل عقدية:
دلالة الآية على انفراد الرب بالخلق والتدبير، وفقر العالمين له
دلت الآية ذلك على انفراد الرب بالخلق والتدبير والهداية وكمال الغنى، ودلت كذلك على تمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار، فيسأله من في السماوات والأرض - بلسان المقال والحال - جميع حاجاتهم، ويفزعون إليه في مهماتهم.
قوله تعالى{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
مسائل تفسيرية:
معنى"مالك يوم الدين"
المالك هو من اتصف بالصفات العظيمة الكاملة التي يتحقق بها الملك، التي من آثارها أنه يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويتصرف في العالم العلوي والسفلي التصرف التام المطلق بالأحكام القدرية والأحكام الشرعية، وأحكام الجزاء.
مسائل لغوية:
فائدة إضافة "مالك" لـ "يوم الدين"
أضاف ملكه ليوم الدين مع أنه المالك المطلق في الدنيا والآخرة؛ فإنه يوم القيامة الذي يدين الله فيه العباد بأعمالهم خيرها وشرها، ويرتب عليها جزاءها، وتشاهد الخليقة - من آثار ملكه وعظمته وسعته، وخضوع الخلائق كلها لعظمته وكبريائه، واستواء الخلق في ذلك اليوم على اختلاف طبقاتهم في نفوذ أحكامه عليهم - ما يعرفون به كمال ملكه، وعظمة سلطانه.
قوله تعالى{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
مسائل تفسيرية:
معنى قوله تعالى { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
أي: نخصك يا ربنا وحدك بالعبادة والاستعانة، فلا نعبد غيرك، ولا نستعين بسواك، وهذا يتضمن الأمر الإخلاص والتوكل الذين هما أصل كل خير ومادته.
معنى العبادة
العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال، الظاهرة والباطنة، فهي القيام بعقائد الإيمان وأخلاقه وأعماله محبة لله وخضوعا له.
معنى الاستعانة
الاستعانة هي الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به في حصول ذلك.
بمن تكون الاستعانة
تكون بالله وحده .
( هل يمكن أن يقال تكون كذلك بما أمر الله بالاستعانة به كالصبر والصلاة ؟ )
متعلق الاستعانة
أجل ما يستعان به على عبادة الله؛ وأجل ذلك الاستعانة على قراءة كلام الله، وتفهم معانيه، والاهتداء بهديه. ويستعين العباد بربهم أيضا على قضاء حوائجهم.
دلالة الآية على شدة افتقار العبد لله
في الآية دلالة على وجوب التزام العبد بعبودية ربه، وطلبه من ربه أن يعينه على القيام بذلك، وفقر العباد لله يتضمن أمرين:
فهم مفتقرون إليه في أن يملأ قلوبهم من محبته ومعرفته.
ومفتقرون إليه في أن يقوم بمصالحهم يوفقهم لخدمته.
وبذلك علم شدة افتقار العبد لعبادة الله والاستعانة به.
أهمية العبادة والاستعانة
يتوصل العبد بهما إلى السعادة الأبدية والنجاة من جميع الشرور.
قوله تعالى{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
معنى{اهْدِنَا }
أي: دلنا وأرشدنا، ووفقنا.
المقصود بـ{الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
أي الطريق المعتدل الموصل إلى الله وإلى جنته وكرامته.
معنى{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
أي وفقنا للعلم بالحق والعمل به.
شمول قوله تعالى"اهدنا الصراط" لنوعي من الهداية
الأول/ الهداية إلى الصراط، وهي التوفيق للزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان الباطلة.
الثاني/ الهداية في الصراط وقت سلوكه علما وعملا.
دلالة الآية على أهمية طلب الهداية
حيث فرض الله قراءة الفاتحة في الصلاة وفيها طلب الهداية من الله سبحانه وذلك في قوله تعالى" اهدنا الصراط المستقم" وهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد.
المقصود بـ { الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}
الذين عرفوا الحق وعملوا به وهم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون.
المقصود بـ }غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}
هم الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم.
المقصود بـ {وَلَا الضَّالِّينَ}
الذين ضلوا عن الحق كالنصارى ونحوهم.
مسائل عقدية تضمنتها السورة
إثبات أنواع التوحيد الثلاثة
تضمنت السورة أنواع التوحيد الثلاثة:
توحيد الربوبية يؤخذ من قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}
وتوحيد الألوهية من قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فهو المألوه بعبادته والاستعانة به
وتوحيد الأسماء والصفات بأن يثبت لله صفات الكمال كلها التي أثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد دل على ذلك إثبات الحمد لله؛ فإن الأسماء الحسنى والصفات العليا وأحكامها كلها محامد ومدائح لله تعالى.
إثبات الرسالة
تضمنت السورة إثبات الرسالة في قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}لأنه الطريق الذي عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك فرع عن الإيمان بنبوته ورسالته.
إثبات الجزاء
تضمنت السورة إثبات الجزاء، وأنه بالعدل، وذلك مأخوذ من قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.
إثبات منهج أهل السنة والجماعة في القدر
تضمنت السورة إثبات مذهب أهل السنة والجماعة في القدر، وأن جميع الأشياء بقضاء الله وقدره، وأن العبد فاعل حقيقة، ليس مجبورا على أفعاله، وهذا يفهم من قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فلولا أن مشيئة العبد مضطر فيها إلى إعانة ربه وتوفيقه لم يسأل الاستعانة.
أصل الخير ومادته
تضمنت السورة أصل الخير ومادته وهو الإخلاص الكامل لله والتوكل عليه في قول العبد: إياك نعبد وإياك نستعين.
ما قيل في الحكمة من فرض تلاوة الفاتحة في الصلاة
لأنها تضمنت أمور مهمة منها بيان أنواع التوحيد الثلاثة، ومنها إثبات الرسالة، ومنها إثبات الجزاء، منها: إثبات منهج أهل السنة والجماعة في القدر، ومنها: افتقار العباد لله، ودلت على صل الخير ومادته.