الإمام : أحمد بن حنبل رحمه الله
اسمه ونسبه:
أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أبو عبد الله المروزي، ثم البغدادي.[ سير أعلام النبلاء ص 178 ]
مولده:
قال أبو داود : سمعت يعقوب الدورقي ، سمعت أحمد يقول : ولدت في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة . سير أعلام النبلاء [ سير أعلام النبلاء ص 179 ]
شيوخه:
- بشر بن المفضل, وإسماعيل بن علية, وسفيان ابن عيينة, وجرير بن عبد الحميد, ويحيى بن سعيد القطان, وأبي داود الطيالسي, وعبد الله ابن نمير, وعبد الرزاق الصنعاني, وعلي بن عياش الحمصي, والشافعي, وغندر, ومعتمر بن سليمان, وجماعة كثيرين. [أعلام المحدثين]
- معاذ بن معاذ ، ومعاذ بن هشام ، وعبد الأعلى السامي ، ومحمد بن أبي عدي ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الله بن نمير ، ومحمد بن بشر ، وزيد بن الحباب ، وعبد الله بن بكر ، وأبي عاصم ، وعبد الرزاق ، وأبي نعيم ، وعفان ، وحسين بن علي الجعفي ، وأبي النضر ، ويحيى بن آدم ، وأبي عبد الرحمن المقرئ ، وحجاج بن محمد ، وأبي عامر العقدي ، وعبد الصمد بن عبد الوارث ، وروح بن عبادة ، وأسود بن عامر ، ووهب بن جرير ، ويونس بن محمد ، وسليمان بن حرب ، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد ، وخلائق إلى أن ينزل في الرواية عن قتيبة بن سعيد ، وعلي ابن المديني ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، وهارون بن معروف ، ووكيع وجماعة من أقرانه. [ سير أعلام النبلاء ص 181 ]
تلاميذه :
- البخاري, ومسلم, وأبو داود, وأسود ابن عامر شاذان, وابن مهدي, والشافعي, وأبو الوليد, وعبد الرزاق, ووكيع, ويحيى بن آدم, ويزيد بن هاورن - وهم من شيوخه -, وقتيبة, وداود بن عمرو, وخلف بن هشام - وهم أكبر منه -, وأحمد بن أبي الحواري, ويحيى بن معين, وعلي بن المديني, والحسين منصور, وزياد ابن أيوب, ودحيم, وأبو قدامة السرخسي محمد بن رافع, ومحمد بن يحيى بن أبي سمينة - وهؤلاء من أقرانه - وابناه: عبدالله, وصالح, وتلامذته: أبو بكر الأثرم, وحرب الكرماني, وبقي بن مخلد, وحنبل بن اسحاق, وشاهين بن السميدع, والميموني, وغيرهم, وآخر من حدث عنه أبو القاسم البغوي. [أعلام المحدثين]
مناقبه وصفاته :
1. قال أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح العكبري: طلبتُ أحمد بن محمد بن حنبل لأسأله عن مسألة، فجلست على باب الدار حتى جاء، فقمت فسلمت عليه، فردّ علي السلام، وكان شيخا مخضوباً طوالاً أسمر، شديد السمرة . [أعلام المحدثين]
2. قال محمد بن العباس بن الوليد النحوي: سمعت أبي يقول: رأيت أحمد بن حنبل رجلا حسن الوجه، رَبعة من الرجال، يخضب بالحناء خضاباً ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود، ورأيت ثيابه غلاظاً إلا أنها بيض، ورأيته معتمّاً وعليه إزار. [أعلام المحدثين]
3. قال زهير بن صالح بن أحمد قال : تزوج جدي عباسة بنت الفضل من العرب ، فلم يولد له منها غير أبي . وتوفيت فتزوج بعدها ريحانة ، فولدت عبد الله عمي ، ثم توفيت ، فاشترى حسن ، فولدت أم علي زينب ، وولدت الحسن والحسين توأما وماتا بقرب ولادتهما ، ثم ولدت الحسن ومحمدا ، فعاشا حتى صارا من السن إلى نحو من أربعين سنة ، ثم ولدت سعيدا . قيل : كانت والدة عبد الله عوراء ، وأقامت معه سنين . [ سير أعلام النبلاء ص 185 ]
4. قال المروذي : رأيت أبا عبد الله إذا كان في البيت عامة جلوسه متربعا خاشعا . فإذا كان برا ، لم يتبين منه شدة خشوع ، وكنت أدخل ، والجزء في يده يقرأ . [ سير أعلام النبلاء ص 185 ]
ثناء العلماء عليه:
1. قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يصلّي في كل يوم وليلة ثلاث مائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط، أضعفته، فكان يصلي في كل يوم وليلة مئة وخمسين ركعة، وقد كان قرب من الثمانين، وكان يقرأ في كل يوم سبعاً يختم في كل سبعة أيام، وكانت له ختمة في كلّ سبع ليال سوى صلاة النهار، وكان ساعة يصلي العشاء الآخرة ينام نومة خفيفة، ثم يقوم إلى الصباح يصلّي ويدعو. [أعلام المحدثين]
2. قال الحارث بن عباس: قلت لأبي مسهر: هل تعرف أحداً يحفظ على هذه الأمة أمر دينها ؟ قال: لا أعلمه إلا شابّ في ناحية المشرق يعني: أحمد بن حنبل. [أعلام المحدثين]
3. قال الحسن بن الربيع : ما شبهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سمته وهيئته . [ سير أعلام النبلاء ص 197 ]
4. قال عبد الرزاق : ما رأيت أحدا أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل . قلت : قال هذا ، وقد رأى مثل الثوري ومالك وابن جريج . [ سير أعلام النبلاء ص 197 ]
5. قال حفص بن غياث : ما قدم الكوفة مثل أحمد . [ سير أعلام النبلاء ص 197 ]
6. قال أبو اليمان : كنت أشبه أحمد بأرطاة بن المنذر . [ سير أعلام النبلاء ص 197 ]
7. قال الهيثم بن جميل الحافظ : إن عاش أحمد سيكون حجة على أهل زمانه . [ سير أعلام النبلاء ص 197 ]
8. قال قتيبة : خير أهل زماننا ابن المبارك ، ثم هذا الشاب ، يعني : أحمد بن حنبل ، وإذا رأيت رجلا يحب أحمد ، فاعلم أنه صاحب سنة . ولو أدرك عصر الثوري ، والأوزاعي ، والليث ، لكان هو المقدم عليهم . فقيل لقتيبة : يضم أحمد إلى التابعين ؟ قال : إلى كبار التابعين . [ سير أعلام النبلاء ص 197 ]
9. قال محمد بن حماد الظهراني : سمعت أبا ثور الفقيه يقول : أحمد بن حنبل أعلم أو أفقه من الثوري . [ سير أعلام النبلاء ص 198 ]
10. قال نصر بن علي الجهضمي : أحمد أفضل أهل زمانه . [ سير أعلام النبلاء ص 198 ]
ومن آدابه :
1. عن المروذي : كان أبو عبد الله لا يدخل الحمام ، ويتنور في البيت ، وأصلحت له غير مرة النورة ، واشتريت له جلدا ليده يدخل يده فيه ، ويتنور . [ سير أعلام النبلاء ص 214 ]
2. قال يحيى بن معين : ما رأيت مثل أحمد ، صحبناه خمسين سنة ما افتخر علينا بشيء مما كان فيه من الخير . [ سير أعلام النبلاء ص 215 ]
3. قال عبد الله بن أحمد : كان أبي يقرأ كل يوم سبعا ، وكان ينام نومة خفيفة بعد العشاء ، ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو . [ سير أعلام النبلاء ص 215 ]
4. قال المروذي : كان أبو عبد الله إذا ذكر الموت ، خنقته العبرة . وكان يقول : الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب ، وإذا ذكرت الموت ، هان علي كل أمر الدنيا . إنما هو طعام دون طعام ، ولباس دون لباس . وإنها أيام قلائل . ما أعدل بالفقر شيئا . ولو وجدت السبيل لخرجت حتى لا يكون لي ذكر. [ سير أعلام النبلاء ص 216 ]
المحنة:
- كان الناس أمة واحدة ، ودينهم قائما في خلافة أبي بكر وعمر . فلما استشهد قفل باب الفتنة عمر - رضي الله عنه - وانكسر الباب ، قام رءوس الشر على الشهيد عثمان حتى ذبح صبرا . وتفرقت الكلمة وتمت وقعة الجمل ، ثم وقعة صفين . فظهرت الخوارج ، وكفرت سادة الصحابة ، ثم ظهرت الروافض والنواصب . [ سير أعلام النبلاء ص 236 ]
- وفي آخر زمن الصحابة ظهرت القدرية ، ثم ظهرت المعتزلة بالبصرة ، والجهمية والمجسمة بخراسان في أثناء عصر التابعين مع ظهور السنة وأهلها . [ سير أعلام النبلاء ص 236 ]
- إلى بعد المائتين ، فظهر المأمون الخليفة - وكان ذكيا متكلما ، له نظر في المعقول - فاستجلب كتب الأوائل ، وعرب حكمة اليونان ، وقام في ذلك وقعد ، وخب ووضع ، ورفعت الجهمية والمعتزلة رءوسها ، بل والشيعة ، فإنه كان كذلك . وآل به الحال إلى أن حمل الأمة على القول بخلق القرآن ، وامتحن العلماء ، فلم يمهل . وهلك لعامه ، وخلى بعده شرا وبلاء في الدين . فإن الأمة ما زالت على أن القرآن العظيم كلام الله - تعالى - ووحيه وتنزيله ، لا يعرفون غير ذلك ، حتى نبغ لهم القول بأنه كلام الله مخلوق مجعول ، وأنه إنما يضاف إلى الله - تعالى - إضافة تشريف ، كبيت الله ، وناقة الله . فأنكر ذلك العلماء . ولم تكن الجهمية يظهرون في دولة المهدي والرشيد والأمين فلما ولي المأمون ، كان منهم ، وأظهر المقالة . [ سير أعلام النبلاء ص 236 ]
- قال صالح بن أحمد : سمعت أبي ، يقول : لما دخلنا على إسحاق بن إبراهيم للمحنة ، قرأ علينا كتاب الذي صار إلى طرسوس ، يعني : المأمون ، فكان فيما قرئ علينا : ليس كمثله شيء و هو خالق كل شيء فقلت وهو السميع البصير قال صالح : ثم امتحن القوم ، ووجه بمن امتنع إلى الحبس ، فأجاب القوم جميعا غير أربعة : أبي ، ومحمد بن نوح ، والقواريري ، والحسن بن حماد سجادة . ثم أجاب هذان ، وبقي أبي ومحمد في الحبس أياما ، ثم جاء كتاب من طرسوس بحملهما مقيدين زميلين . [ سير أعلام النبلاء ص 239 ]
- قال حنبل : لم يزل أبو عبد الله بعد أن برئ من الضرب يحضر الجمعة والجماعة ، ويحدث ويفتي ، حتى مات المعتصم ، وولي ابنه الواثق ، فأظهر ما أظهر من المحنة والميل إلى أحمد بن أبي دواد وأصحابه. [ سير أعلام النبلاء ص 264 ]
- قال حنبل : ولي المتوكل جعفر ، فأظهر الله السنة ، وفرج عن الناس ، وكان أبو عبد الله يحدثنا ويحدث أصحابه في أيام المتوكل . وسمعته يقول : ما كان الناس إلى الحديث والعلم أحوج منهم إليه في زماننا . [ سير أعلام النبلاء ص 266 ]
- قال أبو عبد الله : وقال لي إسحاق بن إبراهيم : لا تعلم أحدا أني سألتك عن القرآن ! فقلت له : مسألة مسترشد أو مسألة متعنت ؟ قال : بل مسترشد ، قلت : القرآن كلام الله ليس بمخلوق . [ سير أعلام النبلاء ص 266 ]
أحمد و الإيمان:
- قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يقول : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، البر كله من الإيمان ، والمعاصي تنقص الإيمان . [ سير أعلام النبلاء ص 288 ]
- قال أبو إسماعيل الترمذي : سمعت أحمد بن حنبل يقول : من قال : القرآن محدث ، فهو كافر . [ سير أعلام النبلاء ص 289 ]
- قال إسماعيل بن الحسن السراج : سألت أحمد عمن يقول : القرآن مخلوق ، قال : كافر ، وعمن يقول : لفظي بالقرآن مخلوق ، فقال : جهمي . [ سير أعلام النبلاء ص 289 ]
- قال أحمد بن زنجويه : سمعت أحمد يقول : اللفظية شر من الجهمية . [ سير أعلام النبلاء ص 290 ]
تواضعه :
حدثنا محمد بن المنذر ، حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي ، قال : رأيت أبا عبد الله يشتري الخبز من السوق ، ويحمله في الزنبيل ، ورأيته يشتري الباقلاء غير مرة ، ويجعله في خرقة ، فيحمله آخذا بيد عبد الله ابنه. [ سير أعلام النبلاء ص 311 ]
مؤلفاته:
- للإمام أحمد رحمه الله العديد من المؤلفات منها:تفسير القرآن. طاعة الرسول. كتاب الأشربة الصغير. كتاب الأيمان. كتاب الرد على الجهمية. كتاب الزهد. كتاب العلل في الحديث. كتاب الفرائض. كتاب فضائل الصحابة. كتاب المسند. كتاب المناسك. كتاب مناقب الإمام علي ابن أبي طالب. كتاب الناسخ والمنسوخ من القرآن. [أعلام المحدثين]
أقواله:
1. قال المروذي : قال لي أحمد : قل لعبد الوهاب : أخمل ذكرك; فإني أنا قد بليت بالشهرة. [ سير أعلام النبلاء ص 227 ]
2. قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يقول : وددت أني نجوت من هذا الأمر كفافا لا علي ولا لي. [ سير أعلام النبلاء ص 288 ]
3. قال عمار بن رجاء ، سمعت أحمد بن حنبل ، يقول طلب إسناد العلو من السنة . [ سير أعلام النبلاء ص 312 ]
4. قال أحمد بن محمد بن يزيد الوراق ، سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كمي فسقط. [ سير أعلام النبلاء ص 306 ]
5. قال الإمام أحمد بن حنبل : إذا عرف الرجل نفسه فما ينفعه كلام الناس. [ سير أعلام النبلاء ص 211 ]
وفاته:
1. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: توفي أبي رحمه الله يوم الجمعة ضحوة ودفنّاه بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين، وصلى عليه محمد بن عبدالله بن طاهر غلبنا على الصلاة عليه، وقد كنّا صلينا عليه نحن والهاشميون داخل الدار، وكان له ثمان وسبعون سنة. [أعلام المحدثين]
2. قال عبد الله : سمعت أبي يقول : استكملت سبعا وسبعين سنة ، ودخلت في ثمان ، فحم من ليلته ، ومات اليوم العاشر . [سير أعلام النبلاء ص 335 ]
3. قال صالح : لما كان أول ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومائتين ، حم أبي ليلة الأربعاء ، وبات وهو محموم ، يتنفس تنفسا شديدا ، وكنت قد عرفت علته ، وكنت أمرضه إذا اعتل ، فقلت له : يا أبة ، على ما أفطرت البارحة ؟ قال : على ماء باقلى . ثم أراد القيام ، فقال : خذ بيدي ، فأخذت بيده ، فلما صار إلى الخلاء ، ضعف ، وتوكأ علي . وكان يختلف إليه غير متطبب كلهم مسلمون . فوصف له متطبب قرعة تشوى ، ويسقى ماءها ، وهذا كان يوم الثلاثاء ، فمات يوم الجمعة ، فقال : يا صالح . قلت : لبيك . قال : لا تشوي في منزلك ، ولا في منزل أخيك . وصار الفتح بن سهل إلى الباب ليعوده فحجبته وأتى ابن علي بن الجعد فحبسته وكثر الناس . فقال : فما ترى ؟ قلت : تأذن لهم ، فيدعون لك .[سير أعلام النبلاء ص 335 ]
4. قال موسى بن هارون الحافظ : يقال : إن أحمد لما مات ، مسحت الأمكنة المبسوطة التي وقف الناس للصلاة عليها ، فحزر مقادير الناس ، بالمساحة على التقدير ستمائة ألف أو أكثر ، سوى ما كان في الأطراف
والحوالي والسطوح والمواضع المتفرقة أكثر من ألف ألف . [ سير أعلام النبلاء ص 340 ]
5. قال عبد الرحمان بن أبي حاتم الرازي: حدثني أبو بكر محمد ابن عباس المكي، قال: سمعت الوركاني جار أحمد بن حنبل قال: أسلمَ يوم مات أحمد بن حنبل عشرون ألفا من اليهود والنصاري والمجوس. [أعلام المحدثين]