دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > لامية العرب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 05:23 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي شرح لامية العرب (8/10) [فإما تريني كابنة الرمل ضاحياً ... على رقة أحفى ولا أتنعل ]


49- فإمَّا تَرَيْنِي كَابْنَةِ الرَّمْلِ ضَاحِياً = علَى رِقَّةٍ أَحْفَى وَلا أتَنَعَّلُ
50- فإنِّي لمَوْلَى الصَّبْرِ أجْتَابُ بَزَّهُ = على مثلِ قلْبِ السِّمْعِ والحَزْمَ أفْعَلُ
51- وأُعْدِمُ أحياناً وأَغْنَى وإِنَّما = يَنَالُ الغِنَى ذُو البُعْدَةِ المُتَبَذِّلُ
52- فلا جَزِعٌ منْ خَلَّةٍ مُتَكَشِّفٌ = ولا مَرِحٌ تحتَ الغِنَى أتخَيَّلُ
53- ولا تَزْدَهِي الأجْهَالُ حِلْمِي ولا أُرَى = سَئُولاً بأَعْقَابِ الأَقَاوِيلِ أَنْمُلُ


  #2  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 11:44 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي شرح أبي فيد مؤرج بن عمرو السدوسي


51 - فإِمَّا تَرَيْنِي كابنةِ الرَّمْلِ ضاحِيًا = على رِقَّةٍ أَحْفَى ولا أَتَنَزَّلُ

ابنةُ الرمْلِ: بَقرةٌ أو ظَبْيَةٌ، يقولُ: إمَّا تَرَيْنِي كأنِّي مِن الوَحْشِ، ضاحيًا للشمسِ, أيْ: بارزًا لها مِن الْفَيْءِ بهذه الفَلَوَاتِ, على رِقَّةِ الحالِ ولا ألبَسُ الثِّيابَ.

52 - فإني لمَوْلَى الصبرِ أَجتابُ بَزَّهُ = على مثلِ قَلبِ السِّمْعِ والحزمَ أَفْعَلُ

فإني لَمَوْلَى الصبرِ.أيْ: وَلِيُّه وصاحبُه.
وأَجتابُ بَزَّهُ: أَلْبَسُه، و"السِّمْعِ": ولَدُ الذئْبِ مِن الضبُعِ و"الحزْمَ": في أُمورِي وإنْ كنتُ رقيقَ الحالِ.

53 - وأُعْدِمُ أحيانًا وأَغْنَى وإنما = يَنالُ الغِنَى ذو البِعدةِ الْمُتَبَذِّلُ
أَغْنَى: أَستغنِي.ذو البِعدةِ: البَعيدُ الْهِمَّةِ.
والْمُتَبَذِّلُ: يَبْذُلُ نفْسَه للأسفارِ والْمَكارِهِ حتى يَنالَ الغِنَى.
ويُرْوَى: "البُعدةِ"، بضَمِّ الباءِ.

54 - فلا جَزِعٌ من خَلَّةٍ مُتَكَشِّفٌ = ولا مَرِحٌ تحتَ الغِنَى أَتَخَيَّلُ

الْخَلَّةُ: الفَقْرُ، يَقولُ: لا أَجْزَعُ مِن ذلك إنْ حَلَّ بِي، ولا يُكْشَفُ حالي إنْ نَزَلَ بي، ولستُ مَرِحًا إذا استَغْنَيْتُ والخيْلُ مِن الْخُيَلاءِ وهو الاختيالُ والْمَرَحُ.

55 - ولا تَزْدَهِي الأجهالُ حِلْمِي ولا أُرَى = سَؤُولاً بأَعقابِ الأقاويلِ أَنْمُلُ

تَزْدَهِينِي: تَسْتَخِفُّنِي.
والأَجهالُ: جَمْعُ جَهْلٍ وهي قَليلةٌ غيرُ مُستعْمَلَةٍ جاءتْ على غيرِ القِياسِ، والمستعْمَلَةُ جُهُلٌ وجُهُولٌ.
وقولُه: بأعقابِ الأقاويلِ أَنْمُلُ، أي: (بما خَبَرَ الأمورَ) () أي: أَنُمُّ, ويُقالُ: رجُلٌ ذُو نُمْلَةٍ أيْ: ذو نَميمةٍ.


  #3  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 11:46 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تفريج الكرب للشيخ: محمد بن القاسم ابن زاكور الفاسي


49- فإمَّا تَرَيْنِي كَابْنَةِ الرَّمْلِ ضَاحِياً = علَى رِقَّةٍ أَحْفَى وَلا أتَنَعَّلُ

ابْنَةُ الرَّمْلِ: البقرةُ الوحْشِيَّةُ. والضَّاحِي: البَارِزُ للشمسِ، والرِّقَّةُ: خلافُ الغِلْظَةِ، والرقَّةُ في القدمِ: أنْ يَرِقَّ أسفلُهُ حتَّى يُؤْلِمَهُ المشيُ، ويُسَمَّى لذلكَ (حَفاً) بالقَصْرِ، مصدرُ حَفِيَ الحيوانُ بالكسرِ بذلكَ المعنى. وأمَّا المشيُ بلا نَعْلٍ فحَفَاءٌ بالمدِّ، وهوَ أيضاً مصدرُ حَفِيَ بالكسرِ، وأَحْفَى مُضارعُهُ، أيْ: أمْشِي بغيرِ نَعْلٍ. والتنَعُّلُ تَكَلُّفُ لُبْسِ النعالِ.
يقولُ مُخاطباً لمُؤَنَّثٍ: فإنْ تَرَيْنِي مثلَ البقرةِ أو الظَّبْيَةِ في حالِ كَوْنِي بارِزًا للشمسِ، وفي حالِ كوْنِي أمشي بغيرِ نعلٍ، معَ رِقَّةٍ في قدَمِي يُؤْلِمُنِي المشيُ بسببِها، ولا أتكلَّفُ معَ ذلكَ لُبْسَ النعالِ. وجوابُ الشرطِ في قوْلِهِ:
50- فإنِّي لمَوْلَى الصَّبْرِ أجْتَابُ بَزَّهُ = على مثلِ قلْبِ السِّمْعِ والحَزْمَ أفْعَلُ
موْلَى الصبرِ: ولِيُّهُ وحليفُهُ. واجْتِيَابُ البَزِّ ـ أي: السلاحِ هنا ـ: لُبْسُهُ، كاجتيابِ القميصِ. والسِّمْعُ، بالكسرِ والعينِ المُهملةِ: ولدُ الذئبِ من الضَّبُعِ، وهوَ أخبثُ حيوانٍ يُضربُ بهِ المثلُ في شِدَّةِ العدْوِ، وفي شِدَّةِ السَّمْعِ، فيقولونَ: (أسْمَعُ مِنْ سِمْعٍ)، و(مِن السِّمْعِ الأزَلِّ). من الأوَّلِ قولُ الشَّنْفَرَى هذا في مَرْثِيَّةِ خالِهِ تأَبَّطَ شَرًّا: [ الرمل ]

مُسْبِلٌ في الحَيِّ أحْوَى رِفَلُّ = وإذا يغْزُو فَسِمْعٌ أزَلُّ
والحَزْمُ: الضبطُ والأخذُ في الأمورِ بالأحوطِ، وهوَ منصوبٌ مفعولٌ مُقَدَّمٌ بـ(أفعلُ) مُضَارِعُ (فَعَلْتُ).
والمعنى: إنْ تَرَيْنِي كما ذَكَرَ فإنِّي لَحَلِيفُ الصبرِ؛ أيْ: مُلازِمُهُ، في حالِ كوْنِي ألْبَسُ سِلاحَهُ على قَلْبٍ مُمَاثِلٍ لقلبِ ولدِ الذئبِ الذي أُمُّهُ ضَبُعٌ، وناهيكَ بقُوَّتِهِ وجُرْأَتِهِ، وأفعلُ الحزمَ في الأمورِ، وأحتاطُ فيها، فلا تفريطَ عندي ولا إضاعةَ. ( 14 / آ ).

51- وأُعْدِمُ أحياناً وأَغْنَى وإِنَّما = يَنَالُ الغِنَى ذُو البُعْدَةِ المُتَبَذِّلُ

الإعدامُ: الافتقارُ، وأغْنَى بالفتحِ: مضارعُ غَنِيَ بالكسرِ، بمعنى استغنى. والبُعْدَةُ، بالضمِّ كالرُّحْلةِ: السَّفْرَةُ. والمُتَبَذِّلُ: الذي يتكلَّفُ ابتذالَ نفسِهِ؛ أي: امتهانَهَا.
يقولُ: أفعلُ الحزمَ، وأفْتَقِرُ أزمنةً من الدهرِ، وأستغْنِي كذلكَ، وما يُدْرِكُ الغِنَى إلاَّ صاحبُ السَّفَرِ الذي يتكَلَّفُ امتهانَ نفسِهِ بالاغترابِ عن الأهلِ، وقطعِ المفاوزِ والقِفَارِ. وفي هذا الحثُّ على استعمالِ الأسفارِ، والتحذيرُ منْ مُلازمةِ القرارِ؛ فإنَّهُ عينُ الافتقارِ.

52- فلا جَزِعٌ منْ خَلَّةٍ مُتَكَشِّفٌ = ولا مَرِحٌ تحتَ الغِنَى أتخَيَّلُ

الجَزِعُ، بزِنَةِ الفَرِحِ: الذي جَزِعَ بالكسرِ؛ أيْ: ذهبَ صبرُهُ، والمصدرُ الجَزَعُ بالتحريكِ. والخَلَّةُ، بفتحِ الخاءِ المُعجمةِ: الحاجةُ والفقرُ. والمُتَكَشِّفُ: المُظهِرُ لحاجتِهِ، والمُتَخَيِّلُ: المُظْهِرُ الخُيَلاءَ.
قولُهُ: جَزِعٌ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ؛ أيْ: فلا أنا فاقدُ الصبرِ منْ أجْلِ احتياجِ عَرَضٍ لي، مُظْهِرٌ لاحتياجِي. ولا أنا مَرِحٌ، أيْ: ذُو مَرَحٍ ـ بالتحريكِ ـ أيْ: بَطَرٍ، وهوَ الخروجُ عمَّا تَقْتَضِيهِ النِّعَمُ من الشكرِ عليها لعدمِ احتمالِ النفسِ لذلكَ.
فقولُهُ: (تحتَ الغِنَى أتخَيَّلُ) منصوبٌ على الحالِ منْ "مَرَحٌ"، وهذهِ من الأحوالِ اللازمةِ للمدحِ.
والمعنى: ولسْتُ بمَرِحٍ في حالِ كوْنِي مُخْتَالاً تحتَ الغِنَى، أيْ: لأجْلِهِ، وهذا معنًى مَطْرُوقٌ جِدًّا.
وحاصِلُهُ أنَّ الدهرَ يَوْمَانِ: يومٌ لهُ، ويومٌ عليهِ. فإنْ كانَ عليهِ لمْ يَضْجَرْ، وإن كانَ لهُ لمْ يَبْطَرْ، لاعتيَادِهِ بكلٍّ منْ نعيمِهِ وبُؤْسِهِ، وسَعَتِهِ وضيقِهِ، وشدَّتِهِ ورخَائِهِ، مُهَذَّبٌ مُجَرَّبٌ كالجُذَيْلِ المُحَكَّكِ، والعُذَيْقِ المُرَجَّبِ.

53- ولا تَزْدَهِي الأجْهَالُ حِلْمِي ولا أُرَى = سَئُولاً بأَعْقَابِ الأَقَاوِيلِ أَنْمُلُ

الحِلْمُ: الأناةُ، وازْدِهَاؤُهُ: استخفافُهُ. والأجهالُ: جمعُ جَهْلٍ، وأُرَى مبنيٌّ لِمَا لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ أيْ: لا أُوجَدُ ولا أُلْفَى. والسَّئُولُ: الذي يُكْثِرُ السُّؤَالَ. والأقاويلُ: جمعُ أقوالٍ، جمعُ قولٍ. وأَنْمُلُ، بالضمِّ: مُضَارِعُ نَمَلَ بالفتحِ.
ثمَّ يقولُ: لا تستخفُّ الأجهالُ على حِلْمِي، ولا تُحَرِّكُ سُكُونِي، ولا يُلْفِينِي أحدٌ مُكْثِراً لسؤالِ الناسِ في حالِ كوْنِي أُنِمُّ بأعقابِ الأقاويلِ؛ أي: أُوَاخِرِهَا؛ أيْ ( 14 / ب ): أنقُلُها إلى الغيرِ على وِجْهَةِ الإفسادِ بينَهُ وبينَ مَنْ نُسِبَتْ لهُ. وسُمِّيَتْ هذهِ الأقاويلُ أعقاباً لتأخُّرِها عن الاعتبارِ والاعتدادِ بها عندَ ذَوِي الهِمَمِ، واللَّهُ أعلمُ. أوْ لأنَّ الذي يُحْفَظُ ويُنْقَلُ هوَ آخِرُ ما يقالُ في الغالبِ. فَبَاءُ (بأعقابٍ) مُتَعَلِّقَةٌ بِـ (أَنْمُلُ) على ما قرَّرْنَا.


  #4  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 11:48 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي أعجب العجب لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


فإِمَّا تَرَيْنِي كابنةِ الرمْلِ ضَاحِيًا = على رِقَّةٍ أَحْفَى ولا أَتَنَعَّلُ
ابنةُ الرَّمْلِ قيلَ: هي الحيَّةُ. وقيلَ: هي الوَحشيَّةُ، و"ضاحيًا" بَارزاً، ومنه قولُه عليه السلامُ: ((اضْحَ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ)) تقولُ: ضَحِيتُ للشمسِ ضَحَاءً ممدودٌ، إذا بَرَزَتْ، وضَحَيَتُ بفتْحِ الحاءِ مثلُه، و"على رِقَّةٍ" يَعني: رقَّةِ حالٍ.
إمَّا: إن الشرطيَّةُ زِيدَتْ عليها ما، ولا تَمنَعُ عمَلَها، كما لم تَمنعْه لا، لأنها إنما جاءتْ للتوكيدِ، وتَرَيْنِي مِن رُؤيةِ العينِ، وهو مَجزومٌ بإنْ الشرطيَّةِ، وقد جاءَ مِثلُ هذا في الكتابِ العزيزِ كثيرٌ، بنونٍ مشَدَّدَةٍ للتأكيدِ، فتكونُ النونُ كذلك، ولم نَرَهُ في القرآنِ إلا على ذلك، ومنه قولُه سُبحانَه: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى}. {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} والنونُ في "تَرَيِنِّي" نونُ الوِقايةِ وليستْ نونَ الضميرِ.
وحُذِفَتْ النونُ بالجازِمِ، وكابنةِ الرمْلِ حالٌ مِن المفعولِ في "تَرَيْنِي"، وهي الياءُ, أيْ: تَرَيْنِي مُشْبِهاً ابنةَ الرمْلِ، و"ضاحياً" حالٌ أيضاً مِن الياءِ في "تَرَيْنِي"، وعلى رِقَّةِ حالٍ أيضاً مِن الضميرِ في "ضَاحِياً" ويَجوزُ أنْ يكونَ حالاً مِن الضميرِ في "أَحْفَى"، ولا أَتَنَعَّلُ تَوكيدُ قولِه: أَحْفَى، إذ مِن المعلومِ أنَّ مَن كان حافِياً كان غيرَ مُتَنَعِّلٍ.

فإِنِّي لَمَوْلَى الصبرِ أَجتابُ بَزَّهُ = على مِثلِ قلبِ السِّمْعِ والحزْمَ أَنْعَلُ
مولى الصبرِ: وَلِيُّه، يُريدُ أنا القائمُ به, وكلُّ مَن قامَ بأمْرِ أحدٍ أو وَلِيَه فهو وَلِيُّه، والصبرُ حَبْسُ النفْسِ عن الْجَزَعِ، وقد صَبَرَ فلانٌ عندَ المصيبةِ، وصَبَرْتُه حَبَسْتُه، وفي حديثٍ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في رجُلٍ أمْسَكَ رَجلاً وقَتَلَه آخَرُ: ((اقْتُلُوا الْقَاتِلَ وَاصْبِرُوا الصَّابِرَ)) أيْ احْبِسُوا الذي حبَسَه للموتِ حتى يَموتَ، وأَجتابُ: أَلْبَسُ, والْبَزُّ مِن الثيابِ أَمْتِعَةُ البَزَّازِ، يُريدُ أَنِّي وَلِيُّه ألْبَسُ ثَوبَه، والسِّمْعُ سَبُعٌ مرَكَّبٌ، وهو ولَدُ الذئبِ مِن الضَّبُعِ، وفي الْمَثَلِ: (أَسْمَعُ مِن سِمْعٍ) قالَ الشاعرُ:

تَراهُ حديدَ الطرْفِ أَبلَجَ وَاضِحاً = أَغَرَّ طويلَ الباعِ أَسْمَعَ مِن سِمْعِ
والحزْمُ ضَبْطُ الرجُلِ أمْرَه وأَخْذُه بالثقةِ، وقد حَزُمَ الرجلُ بالضمِّ حَزامةً فهو حازِمٌ.
والمعنى أَنِّي القائمُ بالصبرِ، أتَصَرَّفُ فيه كما أُريدُ وأَحْتَذِي الحزْمَ، فإني مَلِكُ هذه الأشياءِ وقاهِرٌ لها.
والفاءُ جوابُ الشرْطِ، وهو "إمَّا" في البيتِ قَبْلَه، ولَمَوْلَى خَبَرُ "إنَّ" وأَجتابُ, يَجوزُ أنْ يكونَ في مَوْضِعِ رفْعِ خبرٍ ثانٍ لـ "إني"، والأجوَدُ أنْ يكونَ حالاً مِن الضميرِ في "مَوْلَى"، و"على مِثلِ" حالٌ، وصاحبُه الضميرُ في "أَجتابُ"، والحزْمُ مفعولُ "أَنْعَلُ".

وأُعْدِمُ أحياناً وأَغْنَى وإنما = يَنالُ الغِنَى ذُو البُعدةِ الْمُتَبَذِّلُ
العَدَمُ بفتْحِ العينِ والدالِ الفقْرُ، وكذلك هو بضَمِّ العَيْنِ وسكونِ الدالِ، و"أُعْدِمُ" أَفْتَقِرُ، و"أَحياناً" جَمْعُ حِينٍ، والْحِينُ يُطلَقُ على الوقْتِ, قالَ خُوَيْلِدٌ:
كَابِي الرَّمادِ عظيمُ القَدْرِ جَفَنْتُهُ حينَ الشتاءِ كحَوضِ الْمَنْهَلِ اللَّقِفِ
والحينُ أيضاً الْمُدَّةُ، ومنه قولُه تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَذْكُوراً} والبُعدةُ ـ بضَمِّ الباءِ وكَسْرِها ـ اسمٌ للبُعدِ، كما يقالُ: بَيْنَنَا بُعدةٌ مِن الأرضِ، والقَرابةِ قالَ الأَعْشَى:
فلا تَنْأَ مِن ذِي بُعدةٍ أنْ تَقَرَّبَا
والمتبَذِّلُ الذي لا يَصونُ نفْسَه
أُعْدِمُ ماضِيهِ: أَعْدَمَ، و"أُعْدِمُ" فعلٌ لازمٌ أيْ: أَصيرُ ذا عَدَمٍ، كما يُقالُ: أَجْرَبَ الرجُلُ، إذا صارَ ذا جَرَبٍ، وعَدِمَ مُتَعَدٍّ، وهذا عكْسُ القاعدةِ، وهو أنْ يكونَ "فَعَلَ" مُتَعَدِّياً و"أَفْعَلُ"، لازماً، و"أَحياناً" ظرْفٌ، والعامِلُ فيه "أُعْدِمُ".

فلا جَزِعٌ مِن خَلَّةٍ مُتَكَشِّفٌ = ولا مَرِحٌ تحتَ الغِنَى أَتَخَيَّلُ
الْجَزَعُ نَقيضُ الصبْرِ، وقد جَزِعَ مِن الشيءِ, بكسْرِ الزايِ، والْخَلَّةُ الحاجةُ والفَقْرُ، والمتكشِّفُ الذي يُظْهِرُ فقْرَه وحاجتَه للناسِ.
والْمَرَحُ شِدَّةُ الفرَحِ والنشاطِ، وقد مَرِحَ بالكسْرِ فهو مَرِحٌ، والتخيُّلُ التكَبُّرُ.
والمعنَى: لا أَجزَعُ عندَ حاجَتِي ولا أَتَكَبَّرُ عندَ غِنَائِي.
"جَزِعٌ" خبرُ مُبتدأٍ محذوفٍ، التقديرُ: فلا أَنَا جَزِعٌ، و"مِن خَلَّةٍ" يَتعلَّقُ بـ "جَزِعٌ" أيْ: فلا أَجْزَعُ مِن خَلَّةٍ، ومتَكَشِّفٌ مِثلُ "جَزِعٌ"، وكذلك مَرِحٌ، و"تحتَ" ظرْفٌ لِـ "مَرِحٌ"، وإنْ شئتَ كانَ ظَرْفاً لـ "أَتَخَيَّلُ".

ولا تَزْدَهِي الأَجْهَالُ حِلْمِي ولا أُرَى = سَؤولاً بأَعقابِ الأقاويلِ أَنْمُلُ
تَزدهِي تَستخِفُّ، والأجهالُ واحدُها جَهِلٌ، وجَمْعُ فَعِلٍ على أفعالٍ قَليلٌ لا يَكادُ يُستعمَلُ، والقياسُ أَجْهُلٌ وجُهولٌ، والنَّمْلَةُ النَّمِيمَةُ، ورَجُلٌ نَمِلٌ نَمَّامٌ، وأَنْمُلُ أيْ: أَنُمُّ، قالَ الكُمَيْتُ:
ولا أُزْعِجُ الكَلِمَ الْمُحْفِظَا تِ للأقربينَ ولا أَنْمُلُ
و"لا تَزدهِي" جُملةٌ مَعطوفةٌ على الْجُمَلِ المتقدِّمَةِ، وحِلْمِي مَفعولٌ مضافٌ إلى ياءِ المتكلِّمِ، فيكونُ مَبْنِيًّا, وعِلَّةُ بِنائِه أنه صارَ تابِعاً للياءِ، إذ لا يكونُ ما قبلَها إلا مَكسوراً، فإذِنَ صارَ تابعاً في البناءِ، وقيلَ: بُنِيَ لأنه خالَفَ نظائرَه مِن المضافاتِ؛ لأن شيئاً منها لا يَتْبَعُ غيرَه، وسَؤولاً حالٌ، والرؤيةُ مِن رَؤيةِ العينِ، والقائمُ مَقامَ الفاعلِ لـ "أُرَى" الضميرُ فيه, تقديرُه: أنا، وهو المفعولُ، و"بأعقابِ الأقاويلِ" يَتعلَّقُ بـ "أَنْمُلُ"، و"أَنْمُلُ" صفةٌ لـ "سَؤولاً"، ويَجوزُ أنْ يكونَ "أَنْمُلُ" حالاً مِن الضميرِ في "سَؤولاً", وهي حالٌ مُقَدَّرَةٌ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لامية, شرح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir