بسم الله الرحمن الرحيم
[أقوال الإمام الشافعي رحمه الله من كتابه"الرسالة"]
-الطبعة المعتمدة:
طبعة دار الفكر الأولى/1429-1430هـ-بتحقيق:د. محمود مطرجي.
-برواية الربيع بن سليمان المرادي-
1-(ص:5): اعتل الشافعي بعلة البواسير، فكان ((لا يبرح الطست تحته وفيه لبدة محشوة بسبب النزيف)) دخل عليه المزني فقال: ((كيف أصبحْت؟)) قال: الشافعي: ((أصبحت من الدنيا راحلا، وللإخوان مفارقا، ولكاس المنية شاربا، وعلى الله جل ذكره واردا، والله ما أدري، روحي تصير إلى الجنة أو إلى النار)) وانشد:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي...جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته...بعفوك بي كان عفوك أعظما
وما زلت ذا عفو من الذنب لم تزل...تجود وتعفو منة وتكرما
.اهـ
2-(ص:52): عن المزني قال: سمعت الشافعي يقول: ((من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن نظر في الفقه نبل مقداره، ومن تعلم اللغة-وقال الدسكري: من نظر في اللغة-رقَّ طبعه، ومن نظر في الحساب-وقال الزهري: ومن تعلم الحساب-تجزل رأيه، ومن كتب الحديث قوية حجته، ومن لم يصن نفسه لم ينعه علمه)).اهـ
3-(ص:60): قال الشافعي: والناس في العلم طبقات، موقعهم من العلم بقدر درجاتهم في العلم به. فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الغستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله سبحانه في استدراك علمه نصا واستنباطا، والرغبة على الله جل ثناؤه في العون عليه، فإنه لا يدرك خير إلا بعونه.
فإن من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصا واستدلالا، ووفقه الله عز وجل للقول والعمل بما علم منه، فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عنه الريب، ونورت في قلبه الحكمة، واستوجب في الدذن موضع الإمامة.
فنسأل الله المبتدئ لنا بنعمه قبل استحقاقها، المديمها علينا، مع تقصيرنا في الغتيان على ما أوجب به من شكره بها، الجاعلنا في خير أمة أخرجت للناس، أن يرزقنا فهما في كتابه، ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قولا وعملا يؤدي به عنا حقه، ويوجب لنا نافلة مزيده.اهـ
4-(ص:66): قال الشافعي: وليس لأحد أبدا أن يقول في شيء: حل أو حرم إلا من جهة العلم. وجهة العلم الخبر في الكتاب أو السنة، أو الإجماع، أو القياس.اهـ
5-(ص:66): وقال أيضا: فالواجب على العالمين أن لا يقولوا غلا من حيث علموا. وقد تكلم في العلم من لو امسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به وأقرب من السلامة له، إن شاء الله.اهـ
6-(ص:68): قال الشافعي: فعلى المسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده، حتى يشهد به أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ويتلو به كتاب الله، وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير، وأمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك.
وما ازداد من العلم باللسان الذي جعله الله جل ثناؤه لسان من ختم به نبوته، وأنزل به آخر كتبه، كان خيرا له. كما عليه أن يتعلم الصلاة والذكر فيها، وياتي البيت وما أمر بإتيانه، ويتوجه لما وجه له، ويكون تبعا فيما افترض عليه وندب إليه، لا متبوعا.اهـ
7-(ص:68): قال الشافعي: تنبيه العامة على أن القرآن نزل بلسان العرب خاصة؛ نصيحة للمسلمين. والنصيحة لهم فرض لا ينبغي تركه، وإدراك نافلة خير لا يدعها إلا من سفه نفسه، وترك موضع حظه. وكان يجمع مع النصيحة لهم قياما بإيضاح حق، وكان القيام بالحق ونصيحة المسلمين من طاعة الله سبحانه وتعالى، وطاعة الله جامعة للخير.اهـ
8-(ص:82): قال الشافعي: كتاب الله البيانُ الذي نشفى به من العمى.اهـ
9-(ص:184): قال الشافعي: وقد خبرت بعض من خبرت من أهل العلم، فرأيتهم أتوا من خصلة وضدها: رأيت الرجل يقنع بيسير العلم، ويريد إلا أن يكون مستفيدا إلا من جهة قد يتركه من مثلها أو أرجح، فيكون من أهل التقصير في العلم. ورايت من عاب هذه السبيل ورغب في التوسع في العلم، من دعاه ذلك إلى القبول عمن لو امسك عن القبول عنه كان خيرا له.
ورأيت الغفلة قد تدخل على أكثرهم، فيقبل عن من يرد مثله وخيرا منه. ويدخل عليه، فيقبل عن من يعرف ضعفه، إذا وافق قولا يقوله! ويرد حديث الثقة، إذا خالف قولا يقوله! ويدخل على بعضهم من جهات.اهـ
10-(ص:187): قال الشافعي: من قال بما تقول به جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعة المسلمين فقد خالف جماعتهم التي أمر بلزومها، وإنما تكون الغفلة في الفُرقة، فأما الجماعة فلا يمكن فيها كافة غفلة عن معنى كتاب ولا سنة ولا قياس، إن شاء الله.اهـ
11-(ص:190): قال الشافعي: الناس متعبدون بأن يقولوا ويفعلوا ما أمروا به، وينتهوا إليه، لا يجاوزونه، لأنهم لم يعطوا أنفسهم شيئا، إنما هو عطاء الله. فنسأل الله عطاء مؤديا لحقه، موجبا لمزيده.اهـ
12-(ص: 192،193): قال الشافعي: أمرنا بإجازة شهادة العدل، وإذا شرط علينا أن تقبل العدل، فيه دلالة على أن نرد ما خالفه. وليس للعدل علامة تفرق بينه وبين غير العدل في بدنه ولا لفظه، وإنما علامة صدقه بما يختبر من حاله في نفسه. فإذا كان الأغلب من امره ظاهر الخير قبل، وإن كان فيه تقصير عن بعض أمره، لأنه لا يعرى أحد رأيناه من الذنوب.
وإذا خلط الذنوب والعلم الصالح، فليس فيه إلا الاجتهاد على الأغلب من امره، بالتمييز بين حسنه وقبيحه، وإذا كان هذا هكذا فلا بد من أن يختلف المجتهدون فيه.
وإذا ظهر حسنه فقبلنا شهادته، فجاء حاكم غيرنا فعلم منه ظهور السيء كان عليه رده. وقد حكم الحاكمان في أمر واحد برد وقبول، وهذا اختلاف، ولكن كل قد فعل ما عليه.اهـ
تم بحمد الله تعالى التدوين لهذه الفوائد قراءة وتحديدا لها يوم الجمعة: 12/جمادى الآخرة/1432هـ وتم تبييضها يوم الأحد: 26/جمادى الآخرة/1432هـ.الجزائر.