أعماله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
كان من أجلّ أعماله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم حفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كلفه النبي صلى الله عليه وسلم مع ذلك بأعمال.
منها: أنه كان يكل إليه حفظ الصدقات أحياناً.
ومنها: أنه بعثه مع أبي بكر الصديق وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم للحجّ عام تسعة للهجرة يؤذنون في مكة ألا يحجّ بعد العام مشرك، وألا يطوف بالبيت عريان.
ومنها: أنه بعثه مع العلاء بن الحضرمي إلى البحرين؛ فكان يؤذن له، ويعينه على أعماله.
- قال أبو عمرو عثمان بن الهيثم العبدي: حدثنا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام فأخذته، وقلت: والله لأرفعنَّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج، وعليَّ عيال ولي حاجة شديدة.
قال: فخلَّيت عنه، فأصبحت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « يا أبا هريرة! ما فعل أسيرك البارحة؟».
قال: قلت: يا رسول الله! شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته، فخلّيت سبيله.
قال: «أما إنّه قد كذبك وسيعود».
فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود، فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج وعليَّ عيال لا أعود، فرحمته، فخلَّيت سبيله، فأصبحت؛ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة! ما فعل أسيرك؟».
قلت: يا رسول الله! شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخلّيت سبيله.
قال: «أما إنه قد كذبك وسيعود» فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم لا تعود ثم تعود.
قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها!
قلت: ما هو؟
قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} حتى تختم الآية، فإنّك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنّك شيطان حتى تصبح، فخلَّيت سبيله؛ فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما فعل أسيرك البارحة؟».
قلت: يا رسول الله! زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها؛ فخلَّيت سبيله.
قال: «ما هي؟».
قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟!!».
قال: لا.
قال: «ذاك شيطان». رواه البخاري.
- وقال ابن شهاب الزهري: أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة، قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر، نؤذن بمنى: "أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان" قال حميد بن عبد الرحمن: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً، فأمره أن يؤذن ببراءة.
قال أبو هريرة: فأذّن معنا عليّ في أهل منى يوم النحر: « لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان». رواه البخاري.
- وقال جرير بن عبد الحميد الضبي، عن مغيرة، عن الشعبي، عن محرَّر بن أبي هريرة، قال: قال أبو هريرة: (كنتُ أنادي مع عليّ حين أذّن للمشركين، وكان إذا صَحَل صوتُه، أو اشتكى حلقَه، أو عيي مما ينادي دعوت مكانه).
قال: فقلت: يا أبه! بأي شيء كنتم تقولون؟
قال: (كنا نقول: لا يحجنَّ بعد عامنا هذا مشرك - فما حج بعد عامنا ذاك مشرك - ولا يطوفنَّ بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة؛ فإنَّ أجله إلى أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر فإنَّ الله بريءٌ من المشركين ورسوله).
قال: (فكان المشركون يقولون: بل شهر، يضحكون بذلك).رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه، والنسائي في السنن الكبرى.
- وقال معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أنه كان مؤذنا للعلاء بن الحضرمي بالبحرين، فاشترط عليه بأن لا يسبقه بآمين». رواه عبد الرزاق.
- وقال وكيع بن الجراح: حدثنا كثير بن يزيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة أنه كان مؤذناً بالبحرين، فقال للإمام: «لا تسبقني بآمين». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين أنَّ أبا هريرة كان مؤذنا بالبحرين؛ فقال للإمام: (لا تسبقني بآمين). رواه ابن أبي شيبة.
- وقال بشر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي هريرة، أنه كان مؤذنا للعلاء بن الحضرمي، فقال له أبو هريرة: «لتنظرني بآمين أو لا أؤذن لك» رواه عبد الرزاق.