مناقبه وفضائله
لأبي هريرة رضي الله عنه فضائل كثيرة ومناقب عدة؛ نالها بسبقه قومَه إلى الإسلام، وهجرته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وشدة ملازمته إياه، وحرصه على العلم، وحفظ الحديث؛ حتى امتاز به امتيازاً ظاهراً، فكان له بحديث النبي صلى الله عليه وسلم اختصاصٌ لا يُنكر، وفضل لا يخفى.
وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالحرص على العلم، ودعا له بالحفظ؛ فكان لا ينسى شيئاً سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وبورك له فيما حدّث به عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى صارَ أكثر أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية لحديث، وتلك منقبة عظيمة له؛ إذ كلّ حديث حدّث به فهو من العلم النافع الذي تركه، وكلّ من عمل بما حدّث به فله مثل أجره مهما تسلسل التحديث عنه.
وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يحببه وأمه إلى المؤمنين، فكانت محبّته من علامات الإيمان، وتلك منقبة أخرى عظيمة.
- وقال الفضل بن العلاء: حدثنا إسماعيل بن أمية، عن محمد بن قيس، عن أبيه، أنه أخبره أنَّ رجلاً جاءَ زيد بن ثابت، فسأله عن شيء، فقال له زيد: عليك أبا هريرة؛ فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ذات يوم ندعو الله ونذكر ربنا خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلينا فسكتنا؛ فقال: « عودوا للذي كنتم فيه ».
قال زيد: فدعوتُ أنا وصاحبي قبل أبي هريرة، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمّن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللهم إني أسألك مثل ما سألك صاحباي هذان، وأسألك علما لا ينسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آمين».
فقلنا: يا رسول الله! ونحن نسأل الله علماً لا ينسى؛ فقال: «سبقكم بها الغلام الدوسي» رواه النسائي في السنن الكبرى والطبراني في الأوسط.
- وقال أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي: حدثنا عكرمة بن عمار، قال: حدثني أبو كثير السحيمي، قال: حدثني أبو هريرة وركبتي تمس ركبته وقال لنا: والله لا يسمع بي مسلم ولا يراني إلا أحبني.
قال: قلت: وما ذاك يا أبا هريرة؟
قال: إنَّ أمّي كانت امرأةً مشركة، فذكر حديثاً طويلاً قال في آخره: قال: قلت: يا رسول الله! قد استجاب الله دعوتك! قد هدى أمَّ أبي هريرة.
قال: قلت: يا رسول الله! ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا، قال: ((اللهم حبّبْ عبيدك وأمَّه إلى عبادك المؤمنين وحببهم إليهما)).رواه ابن أبي خيثمة بهذا السياق، وأصل الحديث في صحيح مسلم، ومسند الإمام أحمد.