41: بقيُّ بن مخلد بن يزيد الأندلسي القرطبي (ت: 276هـ)
الإمام العابد المحدّث الكبير، طوّف البلدان ماشياً على قدميه، وكان يكثر الصيام، ويجتزئ بقليل الطعام، ولقي الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وابن أبي شيبة، وغيرهم من أعلام الحديث، وكبار المسندين، وجمع المسند الذي يعدّ أكبر مسند عرفه أهل العلم، لكنه مفقود، وقد طبعت مقدمته، وكتاب الحوض والكوثر منه.
وعاد إلى الأندلس بعلم عظيم، واشتغل بالعبادة، والتعليم، لكنّه أوذي وامتحن محنة شديدة، من متعصبة المذاهب في الأندلس:
- قال أبو بكر ابن العربي: (وأعظم من امتُحن على أيديهم من أفاضل العلماء، ولقي كل مكروه منهم "بَقِيّ بن مَخْلَد"، وكادت نفسه تذهب وتمزق كلّ ممزق، لولا الأمير في ذلك الوقت، فإنه تثبت في أمره، وطالع ما عنده فاستحسنه، وكان من جملة الذي أتى به من علم الحديث مسند ابن أبي شيبة، فأمر الأمير بمطالعة ما عنده والأخذ عنه، فانصرف الناس إلى "بقيّ" قليلاً قليلاً، وأخذ عنه الحديث وما نقل عن الأئمة. وطالت الأيام، فعاد ما كان منكراً عندهم مألوفاً، وما اعتقدوه كفراً وزندقة إيماناً وديناً حقّاً).
وله كتاب في التفسير مفقود، بالغ ابن حزم في الثناء عليه حتى فضّله على تفسير ابن جرير، ونقل منه السهيلي في الروض الأنف، وابن عبد البر في الاستذكار،
- قال ابن عبد البر: (ومن أراد أن يقف على أقاويل العلماء في قوله عز وجل فلما تجلى ربه للجبل فلينظر في تفسير بقي بن مخلد ومحمد بن جرير وليقف على ما ذكرا من ذاك ففيما ذكرا منه كفاية وبالله العصمة والتوفيق)
- وقال ابن حزم: (وفي تفسير القرآن كتاب أبي عبد الرحمن بقي بن مخلد؛ فهو الكتاب الذي أقطع قطعاً لا أستثني فيه أنه لم يؤلف في الإسلام تفسيرٌ مثله، ولا تفسير محمد بن جرير الطبري ولا غيره).