بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ...
إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)
قال تعالى :( إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ ..)
يبين الله سعة سعة علمه ، وإطلاعه على خلقه بكل صغيرة وكبيرة، وبديع صنعه ، وأنه لاتخفى عليه خافية،فهو وصف لشمول علمه ،قال تعالى :( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ).
المقصد العام لهذه الآية :-
هو تطمين النبي الكريم وتهدئة نفسه وتسكينها ،بأن الله سبحانه لايخفى عليه شيء ، مطلع على عبادة ،عالماً بسرائرهم ،وماتكن صدورهم ،فلا يحزنك قولهم ، وماتخفي صدورهم
-وكذلك تطمين للعبد المسلم ،بقدرة الله وإطلاعه ، وما من عمل يفعله من خير أو شر فإن الله يعلمه وسيجازيه به
-وفيه تهديد ووعيد شديد على الكافرين ،بالعقوبة والمجازاة على أعمالهم ،وأن الله مطلع عليهم ، وهذا بحد ذاته مقصد عظيم ،وإثبات لسعة علم الله سبحانه
-فيها تعجيز ،ومحاجاة للنصارى ، كيف يكون عيسى عليه السلام ابن الله وهو تخفى عليه الأشياء ،وهو كالبشر ، مر بأطوار الحمل وصوره سبحانه كيف يشاء في رحم أمه .
قال تعالى :(فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)
المراد بالأرض
هي الكرة الأرضية بما فيها من بحار ومحيطات وجبال وأنهار
-المراد بالسماء
هي السماء بدرجاتها ، ومافيها من كواكب سيارة ، ونجوم ، ومايجري فيها من ملكوته من سحاب ونزول المطر والصواعق المرسلة ،والبرق وغيره لايحصيها إلا هو سبحانه وتعالى
-علة ذكر الأرض قبل السماء
ليتسنَّى التدرّج في العطف إلى الأبعد في الحكم؛ لأنّ أشياء الأرض يعلم كثيراً منها كثيرٌ من الناس ، أما أشياءالسماء فلا يعلم أحد بعضها فضلاً عن علم جميعها ، ابن عاشور
الحكمة من تكرير لا النهي
هو تأكيد نفي خفاء أي شيء عليه سبحانه ،ذكره الوسيط للطنطاوي
عن محمد بن جعفر بن الزبير: " إنّ الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء "، أي: قد علم ما يريدون وما يَكيدون وما يُضَاهون بقولهم في عيسى، إذ جعلوه ربًّا وإلهًا، وعندهم من علمه غيرُ ذلك، غِرّةً بالله وكفرًا به ، من سيرة ابن اسحاق
المقصد العام لهذه الآية
هو على وجه العموم دون تخصيص ، لإبراز قدرته وتمكينه في ملكوت السموات والأرض ،وشمول علمه وقدرته ، وأنه يعلم كل صغيرة وكبيرة ،في ملكوته ،قال سبحانه :( الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )
في هذه الآية بلاغة عظيمة ، ومقصد عظيم لشمول علمه ،كيف يكون مطلع وعالم بملكوته في الأرض والسماء ،ويعجزه هذا العبد الضعيف مايسره ومايعلنه .
- ذكر الله سبحانه الأرض قبل السماء ،لأن الأرض يعلمها كثير من الناس ، والسماء بمافيها من أسرار لايعلمها إلا هو سبحانه ، وإن بلغوا بعلمهم وتجاربهم ، ووصلوا لبعض الكواكب ، فعلمها عنده دون سواه
قال تعالى :(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)
هذه الآية مقام التعليل لما قبلها ، فبين ماقبلها قدرة الله وسعة علمه ،وإطلاعه على خلقه وملكوته ،لايخفى عليه خافية ، فهو سبحانه يعلم خلقه وهو نطفة في رحم أمه ،قبل أن يكون بشراً سوياً
فذكر الله قدرته على تصويره ،من ذكر أو انثى ، طويل وقصير ، واختلاف عقله وتفكيره وشكله .
المقصد العام لهذه الآية :
- تعظيم لله سبحانه ، وكمال وبراعة خلقه ، وحسن تصويره
-فيها رد وتعجيز للنصارى ، كيف يكون عيسى إله وقد صوره ربه في أطوار الخلق بالرحم ، قال
تعالى : ( يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون )[ الزمر : 6 ]
- تمام العبودية لله سبحانه وتفرده سبحانه فيها
-أهل العقول السليمة ،إذا تدبر هذه الآيات ومعانيها ، زاد يقينه بعظمة الخالق ،وإخلاصه بالعمل بنية سليمة صافية .
ضرب الله سبحانه هذا المثل ،لأنه من أعظم القدرة والمشيئة ، وبديع صنع الله .
- إرتباط ختم الآية بما قبلها ، فيها نفي الشريك لله ، والعبودية له وحده ،فبعد أن ذكر بديع صنعه بتصوير الإنسان ،ختمها بقوله العزيز الحكيم بتدبيره وخلقه .
-خلق الله البشر من العدم ،وصورهم في الأرحام كيف يشاء ، وعيسى ابن مريم منهم ، فكيف من صُور بالرحم وخُلـــق يكون إلهاً .