العناصر:
مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد
شرح الترجمة
شرح الحديث
حكم التسمي بهذه الأسماء
الفرق بين المُلك والمِلك
معنى قاضي القضاة
كيفية تعامل المسلم مع هذه الأسماء
شواهد هذا الحديث
بَابُ التَّسَمِّي بِقَاضِي الْقُضَاةِ وَنَحْوِهِ
مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد:
أن من حماية جناب التوحيد ألا يُسمى بالأسماء التي معناها لله جل جلاله؛ لأن التوحيد يقتضي:
- ألا يوصف بها إلا الله.
- وألا يُسمّى بها إلا الله جل وعلا
شرح الترجمة:
عنون المصنف رحمه الله كلامه في هذا الباب بعنوان "باب التسمي بقاضي القضاة" واستدل بما جاء في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ، لاَ مَالِكَ إِلاَّ اللهُ)).
شرح الحديث:
- معنى أخنع: أوضع وأحقر.
- الحديث فيه نهي عن التسمية بملك الأملاك وما في معناه مثل قاضي القضاة وحاكم الحكام وأبي الحكم وشاهان شاه ( وهو أعجمي )؛ لأن الملك على الحقيقة هو الله وحده وكل ملك فمُلكه إلى زوال.
حكم التسمي بهذه الأسماء: التسمي بالأسماء التي معناها لله جل جلاله لا يجوز؛ لأن التوحيد يقتضي:
-ألا يوصف بها إلا الله.
- وألا يُسمّى بها إلا الله جل وعلا.
والنهي هنا في الحديث يقتضي التحريم إجلالا لله سبحانه وتعالى سواء كان المعنى مقصودا أم لا. ويلتحق الأثم بمن تسمى بالاسم ومن رضي به.
الفرق بين المُلك والمِلك: أن المُلك بالضم معناه نفاذ الأمر والسيطرة.
أما المِلك بالكسر فمعناه الاقتناء والحيازة.
معنى قاضي القضاة:
ومعنى قاضي القضاة في الحقيقة أي الذي يقضي بين القضاة ، وهذا إنما هو لله جل جلاله، هو الذي يقضي بين العباد، بين القضاة وبين العبيد؛ فهو قاضي القضاة على الحقيقة سبحانه وتعالى، فيخبرُ عنه بذلك؛ لأن قاضي القضاة ليست من أسماء البشر؛ فالذي يقضي بين القضاة هو الله جل جلاله.
والذين أطلقوا هذه التسمية على كبير القضاة، أو على كبير العلماء: لا يعنون بها أن ذاك يقضي بين القضاة؛ وإنما يعنون بها: أنه وصل إلى مرتبةٍ في القضاء؛ أو في العلم أعلى من درجة القاضي؛ فصار قاضي القضاة، كما شاع في الزمن المتأخر في الدولة العثمانية: أنهم يسمون المفتي: (شيخ الإسلام) ووكيل المفتي: (وكيل شيخ الإسلام) تسمية خاصة.وهذا انتشر التسمية بقاضي القضاة في بلاد المسلمين من نحو القرن الرابع الهجري إلى أوقات متأخرة قريبة من هذا الزمان.
كيفية تعامل المسلم مع هذه الأسماء:
- ألا يجعلها جارية على لسانه أو يرضى بها.
- وإذا كان ينقل عن كتاب ووجد فيه تسمية البعض بهذه الأسماء فيجب عليه أن يغيرها تعظيما لله جل وعلا.
شواهد هذا الحديث:
الحديث المترجم لعنوان الباب يؤيده ما أخرجه أبو داود عن أبي مجلز قال: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى ابنِ الزُّبَيْرِ وَابنِ عَامِرٍ، فَقَامَ ابنُ عَامِرٍ وَجَلَسَ ابنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لاِبْنِ عَامِرٍ: اجْلِسْ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) أَخْرَجَهُ الترمذيُّ أيضًا وقالَ: (حَسَنٌ).
ويؤيده كذلك ما رُوي عنْ أبي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه قالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا عَلَى عَصًا، فَقُمْنَا إِلَيْهِ، فقالَ:((لاَ تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الأَعَاجِمُ؛ يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا)) رَوَاهُ أبو دَاوُدَ.
وهذه الأحاديث تتضمن التحذير مما فيه تعاظم وهذا مواقف لمراد الحديث المترجم لعنوان الباب.