966 - (إِنْ يَسْكُنِ السَّابِقُ مِنْ وَاوٍ وَيَا = واتَّصَلَا ومِنْ عُرُوضٍ عرباعَرِيَا)
967 - فَيَاءً الوَاوَ اقْلَبَنَّ مُدْغِمَا = وشَذَّ مُعْطًى غَيْرَ مَا قَدْ رُسِمَا
(فَيَاءً الواوَ اقْلَبَنَّ مُدْغِمَا) أَيْ: هذَا موضِعٌ سَادِسٌ تُنقْلَبُ فيهِ الواوُ ياءً، وهُو أَنْ تَلْتَقِي هِي والياءُ فِي كَلِمَةٍ، أو مَا هُو فِي حُكْمِ الكَلِمَةِ، كَمُسْلِمَيَّ، والسابقُ مِنْهُمَا سَاكِنٌ مُتَأَصِّلٌ ذَاتًا وسُكُونًا، ويَجِبُ حينئذٍ إِدْغَامُ اليَاءِ فِي الياءِ، مِثَالُ ذَلكَ فِيمَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ الياءُ سَيِّدٌ ومَيِّتٌ، أَصْلُهُمَا سَيْوِدٌ ومَيْوِتٌ، ومِثَالُهُ فِيمَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ الواوُ طَيٌّ، ولَيٌّ، مَصْدَرَا طَوَيْتُ ولَوَيْتُ، وأَصْلُهُمَا طَوْيٌ، ولَوْيٌ.
ويَجِبُ التصحيحُ أن إِنْ لَمْ يَلْتَقِيَا كَزَيْتُونٍ، وكَذَا إِنْ كَانَا مِنْ كلمتينِ، نحوُ: يَدْعُو يَاسِرٌ، ويَرْمِي وَاعِدٌ، أو كانَ السابقُ مِنْهُمَا مُتَحَرِّكًا، نحوُ: طَوِيلٍ، وغَيُورٍ، أو عارِضَ الذاتِ، نحوُ: رُويَةٍ مُخَفَّفُ رُؤْيَةٍ، ودِيوَانٌ، إِذْ أَصْلُهُ دِوَّانِ، وبُويِعَ، إِذْ وَاوُهُ بَدَلٌ مِنْ أَلِفِ بَايَعَ، أَو عَارِضَ السكونِ، نحوُ: قَوْيَ، فَإِنَّهُ أَصْلُهُ الكسرُ ثُمَّ سُكِّنَ للتخفيفِ كَمَا يُقَالُ فِي عَلِمَ: عَلْمَ.
تنبيهٌ: لِوُجُوبِ الإبدالِ المذكورِ شرطٌ آخَرُ لَمْ يُنَبِّهْ عليهِ هُنَا، وهُو أَنْ لا يكونَ فِي تصغيرِ مَا يُكَسَّرُ عَلَى مَفَاعِلٍ، فنحوُ: جَدْوَلٍ وأَسْود للحَيَّةِ، يجوزُ فِي مُصَغَّرِهِ الإِعْلَالُ نحوُ: جُدَيِّلٍ وأُسَيِّدٍ، وهو القياسُ، والتصحيحُ، نحو: جُدَيْولٍ، وأُسَيْوِدٍ، حَمْلًا للتصغيرِ عَلَى التكسيرِ، أَمَّا اسود أَسْوَدُ صفةٌ، فتقولُ فِيهِ “ "أُسَيِّدٌ" “ لا غَيْرَ؛ ن لأَنَّهُ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى أَسَاوِدٍ.
(وشَذَّ مُعْطًى غَيْرَ مَا قَدْ رُسِمَا) وذلكَ ثلاثةُ أَضْرُبٍ: ضَرْبٌ أُعِلَّ ولَمْ يَسْتَوفِ الشروطَ، كقراءةِ بعضِهِمْ {(إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّيَّا تَعْبُرُونَ} ) بالإبدالِ، وحَكَى بعضُهُم اطِّرَادَهُ عَلَى لُغَةٍ، وضَرْبٌ صُحِّحَ مَعَ اسْتِيفَائِهَا، نحوُ: ضَيْوَن، وهُو السُّنُّورُ الذَّكَرُ، ويَوْمٌ أَيْوَمُ، وعَوَى الكَلْبُ عَوْيَةً، ورَجَاءُ بْنُ حَيْوَةٍ، وضَرْبٌ أُبْدِلَتْ فِيهِ الياءُ واوًا، وأُدْغِمَتْ الواوُ فِيهَا، نحوُ: عَوَى الكلبُ عَوَّةً، وهو نَهُوٌ عَنِ المُنْكَرِ.
[إبدال الواو الياء ألفا]:
ثُمَّ أَشَارَ إِلَى إِبْدَالِ الأَلِفِ مِنْ أُخْتَيْهَا بقولِهِ:
968 - مِنْ يَاءٍ أو او واوٍ بتحريكٍ أَصِلْ = أَلِفًا ابْدِلْ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِلْ
969 - إِنْ حُرِّكَ التَّالِي وإِنْ سُكِّنَ كَفّ = إِعْلَالَ غَيْرِ اللامِ وهِي لَا يُكَفّ
970 - إِعْلَالُهَا بِسَاكِنٍ غَيْرِ أَلِفْ = أَو يَاءٍ التشديدُ فِيهَا قَدْ أُلِفْ
(مِنْ وَاوٍ او ياءٍ بتحريكٍ أَصِلْ = أَلِفًا أبدل ابْدِلَ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِلْ)
أَيْ: يجبُ إبدالُ الواوِ الياءِ أَلِفًا بشروطٍ أَحَدَ عَشَرَ:
الأولُ: أَنْ يَتَحَرَّكَا، فلذلكَ صَحَّتَا فِي القولِ والبَيْعِ؛ لسِكُونِهِمَا.
والثانِي: أَنْ تكونَ حركَتُهُمَا أَصْلِيَّةً، ولذلكَ صَحَّتَا فِي جَيَلٍ وتَوَمٍ، مخفيي مُخَفَّفَي جيئل جَيْأَلٍ وتَوْأَمٍ، وفِي {اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ}، و{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وأَنْفُسِكُمْ} و {ولَا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
والثالثُ: أَنْ يَنْفَتِحَ مَا قَبْلَهُمَا، ولذلكَ صَحَّتَا فِي العِوَضِ والحِيَلِ والسُّوَرِ.
والرابعُ: أَنْ تكونَ الفتحةُ مُتَّصِلَةً، أَيْ فِي كلمَتَيْهِمَا، ولذلكَ صَحَّتَا فِي (إِنَّ عُمَرَ وَجَدَ يَزِيدَ)
والخامسُ: أَنْ يكونَ اتِّصَالُهُمَا اصلياأَصْلِيًّا، فلوُ بَنَيْتَ مِثْلَ عُلَبِطٍ مِنَ الغَزْوِ والرَّمي، قُلْتَ فِيهِ: غُزَوٍ ورُمَيٍ، مَنْقُوصًا، ولَا تُقْلَبُ الواوُ والياءُ أَلِفًا، لِأَنَّ اتصالَ الفتحةِ بِهِمَا عَارِضٌ بسببِ حَذْفِ الأَلِفِ، إِذِا الأصلُ غُزَاِويٌ ورُمَايِيٌ؛ لِأَنَّ عُلَبِطًا أَصْلُهُ عُلَابِطٌ.
والسادسُ: أَنْ يَتَحَرَّكَ مَا بعدَهُمَا إِنْ كَانَتَا عَيْنَيْنِ، وأَنْ لَا يَلِيَهُمَا أَلِفٌ، ولَا يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ، إِنْ كَانَتَا لَامَيْنِ، وإِلَى هَذَا أَشَارَ بقولِهِ: (إِنْ حُرِّكَ التَّالِي) أَيْ: التابِعُ (وإِنْ سَكَنَ كَفَّ * إِعْلَالَ غَيْرِ اللامِ وهِي لا يُكَفُّ) (إِعْلَالُهَا بِسَاكِنٍ غَيْرَ أَلِفْ * أو يَاءٍ التشديدُ فِيهَا قَدْ أُلِفْ)، ولِذَلكَ صَحَّتِ العينُ فِي نحوِ: بَيَانٍ وطَوِيلٍ وغَيُورٍ وخَوَرْنَقٍ، واللامُ فِي نحوِ: رَمَيَا وغَزَوَا، وفَتَيَانِ وعَصَوَانِ، وعَلَوِيّ ٍ وفَتَوِيٍّ، وأُعِلَّتِ العَيْنُ فِي قَامَ وبَاعَ ونَابٍ وبَابٍ، لِتَحَرُّكِ مَا بَعْدَهَا، واللامُ فِي غَزَا ودَعَا ورَمَى وتَلَا، إِذْ لَيْسَ بعدَهَا الأَلِفُ، ولا ياءُ مُشَدَّدَةٌ، وكذلكَ يَخْشَونَ ويَمْحَوْنَ، وأَصْلُهُمَا يَخْشَيُونَ ويَمْحَوُونَ، فَقُلِبَتَا الفين أَلِفَيْنِ لِتَحَرُّكِهِمَا وانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهُمَا، ثُمَّ حُذِفَتَا للساكِنَيْنِ.،
وكذلكَ تقولُ فِي جَمْعِ عَصَا مُسَمًّى بِهِ: قَامَ عَصَوْنَ، وأوصل واوصل عَصَوُوَن فَفُعِلَ بِهِ مَا ذُكِرَ، وعَلَى هَذَا لَوْ بَنَيْتَ مِنَ الرَّمي والغَزْوِ مِثْلَ عَنْكَبُوتٍ، قُلْتَ: رَمْيَوْتٌ، وغَزْوَوْتٌ، والأَصْلُ رَمْيَيُوتٌ، وغَزْوَوُوتٌ، ثُمَّ قُلِبَا، وحُذِفَا لِمُلَاقَاةِ الساكنِ، وسَهَّلَ ذلكَ أَمْنُ اللَّبْسِ، إِذْا لَيْسَ فِي الكلامِ فَعْلَوْتُ. وذَهَبَ بعضُهُمْ إِلَى تَصْحِيحِ هَذَا، لكونِ مَا هُو فيهِ واحِدًا.
وإِنَّمَا صَحَّحُوا قَبْلَ الألفِ والياءِ المُشَدَّدَةِ؛ لأَنَّهُم لَوْ أَعَلُّوا قَبْلَ الألفِ، لاجْتَمَعَ أَلِفَانِ سَاكِنَانِ، فَتُحْذَفُ إِحْدَاهُمَا، فَيَحْصُلُ اللَّبْسُ فِي نحوِ رَمَيَا، لأَنَّهُ يَصِيرُ رَمَى، ولَا يُدْرَى للمثني لِلْمُثَنَّى هُو أَمْ لِلْمُفْرَدِ، وحُمِلَ مَا لَا لَبْسَ فِيهِ عَلَى مَا فِيهِ لَبْسٌ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِهِ.
وأَمَّا نَحْوُ: عَلَوِيٌّ، فَلِأَنَّ وَاوَهُ فِي موضعٍ تُبْدَلُ فِيهِ الأَلِفُ واوًا.
والسابعُ: أَنْ لَا تكونَ إِحْدَاهُمَا عَيْنًا لِفَعِلَ الذِي الوصفُ مِنْهُ عَلَى أَفْعَلَ.
والثامنُ: أَنْ لا تكونَ عَيْنًا لمصدرِ هذَا الفِعْلِ.
وإِلَى هَذَيْنِ الشرطينِ الإِشَارَةُ بقولِهِ:
971 - وصَحَّ عَيْنُ فَعَلٍ وفَعِلا = ذَا أَفْعَلٍ كَأَغْيَدَ وأَحْوَلَا
(وصَحَّ عَيْنُ فَعَلٍ) أَيْ: نحوُ: الغَيَدِ والحَوَلِ، (وفَعِلَا) أَيْ: نحوُ، غَيِدَ وحَوِلَ (ذَا أَفْعَلٍ) أَيْ: صَاحِبُ وَصْفٍ عَلَى أَفْعَلٍ (كَأَغْيَدَ وأَحْوَلَا)، وإِنَّمَا الْتَزَمَ تصحيحَ الفِعْلِ فِي هَذَا البابِ حَمْلًا عَلَى أفعلافْعَلَّ، نحوُ: أحول احْوَلَّ وأعور واعْوَرَّ؛ لأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ، وحُمِلَ مصدرُ الفِعْلِ عَلَيْهِ فِي التصحيحِ.
واحْتُرِزَ بقولِهِ “ "ذَا أَفْعَلٍ" “ مِنْ نَحْوِ: خَافَ، فَإِنَّهُ فَعِلَ بكسرِ العَيْنِ، بدليلِ أَمِنَ، واعْتَلَّ؛ لأَنَّ الوصفَ مِنْهُ عَلَى فَاعِلٍ كَخَائِفٍ، لا عَلَى أَفْعَل.
والتاسعُ – وهُو المُخْتَصٌّ بالواوِ – أَنْ لَا تكونَ عَيْنًا لافْتَعَلَ الدَّالِّ عَلَى معنَى التفاعُلِ، أَيْ: التَّشَارُكُ فِي الفَاعِلِيَّةِ والمَفْعُولِيَّةِ، وإِلَى هذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
972 - وإِنْ يَبِنْ تَفَاعُلٍ مِنَ ا فْتَعَلْ = والعَيْنُ واوٌ سَلِمَتْ ولَمْ تُعَلّ
(وإِنْ يَبِنْ) أَيْ: يَظْهَرُ (تَفَاعُلٌ مِنْ افْتَعَلَ * والعينُ واوٌ سَلِمَتْ وَلَمْ تُعَلّ) أَيْ:إِذَا كَانَ افْتَعَلَ واوِيَّ العينِ، بمعني بِمَعْنَى تَفَاعَلَ صُحِّحَ، حَمْلًا عَلَى تَفَاعَلَ، لِكَوْنِهِ بِمَعْنَاهُ، نحوُ: اجْتَوَرُوا وأزدوجواوازْدَوَجُوا، بِمَعْنَى تَجَاوَرُوا وتَزَاوَجُوا.
واحْتَرَزَ بقولِهِ “ "وإِنْ يَبِنْ تَفَاعُل" “ مِنْ أَنْ يَكُونَ افْتَعَلَ لاَ بمعني بِمَعْنَى تَفَاعَلَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ إِعْلَالُهُ مُطْلَقًا، نحوُ: أختان اخُتَانَ بمَعْنَى خَانَ، واجْتَازَ بِمَعْنَى جَازَ.
وبقولِهِ “ "والعَيْنُ واوٌ" “ مِنْ أَنْ تكونَ عَيْنُهُ يَاءً، فَإِنَّهُ يَجِبُ إِعْلَالُهُ، وَلَوْ كَانَ دَالًّا علَى التَّفَاعُلِ، نحوُ: امْتَازُوا وابْتَاعُوا واسْتَافُوا، أيْ: تَضَارَبُوا بالسِّيُوفِ، بمعْنَى تَمَايَزُوا وتَبَايَعُوا وتَسَايَفُوا، لأَنَّ الياءَ أَشْبَهُ بالأَلِفِ مِنَ الواوِ، فَكَانَتْ أَحَقَّ بالإِعْلَالِ مِنْهَا.
والعاشرُ: أَنْ لا تكونَ إِحْدَاهُمَا مَتْلُوَّةً بحرفٍ يَسْتَحِقُّ هَذَا الاعتلالِ، وإلَى هَذَا أَشَارَ بقولِهِ:
973 - وإِنْ لِحَرْفَيْنِ ذَا الإِعْلَالُ اسْتُحِقّ = صُحِّحَ أَوَّلٌ، وعَكْسٌ قَدْ يَحِقّ
(وإِنْ لِحَرْفَيْنِ ذَا إعلال الإعلالُ اسْتُحِقّ * صُحِّحَ أَوَّلٌ)
أيْ: إِذَا اجْتَمَعَ فِي الكَلِمَةِ حَرْفَا عِلَّةٍ: واوانِ أو ياآن ياءانِ أَو واوٌ وياءٌ، وكُلٌّ مِنْها يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقْلَبَ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهِ، وانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهُ، فَلا بُدَّ ْمِنْ تَصْحِيحِ إِحْدَاهُمَا، لِئَلَّا يَجْتَمِعَ إِعْلالانِ فِي كلمةٍ، والآخَرُ أَحَقُّ بالإعلالِ، لأَنَّ الطرفَ مَحْلُ التغييرِ، فاجْتِمَاعُ الوَاوَيْنِ نحوُ: الحَوَى مَصْدَرُ حَوِىَ إِذَا أسوداسوَدَّ، ويَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَلِفَ الحَوَى مُنْقَلِبَةٌ عَنْ واوٍ قولُهُمْ فِي مثناةمُثَنَّاهُ: حَوَوَانِ، وفِي جَمْعِ أَحْوَى: حُوٌّ، وفِي مُؤَنَّثِهِ: حَوَّاءٌ، واجْتِمَاعُ اليَاءَيْنِ, نحوُ: الحَيَا للْغَيْثِ, وأَصْلُهُ حَيَيٌ,؛ لِأَنَّ تَثْنِيَتَهُ: حَيَيَانِ, فَأُعِلَّتِ الياءُ الثانيةُ لِمَا تَقَدَّمَ, واجْتِمَاعُ الواوِ والياءِ، نحوُ: الهَوَى، وأَصْلُهُ هَوَيٌ، فَأُعِلَّتِ الياءُ، ولذلكَ صُحِّحَ فِي نحوِ: حَيَوَانِ، لِأَنَّ المُسْتَحِقَّ للإِعْلَالِ هُو الواوُ، و وإِعْلَالُهُ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّهُ لامٌ وَلِيَهَا أَلِفٌ.
وأَشَارَ بقولِهِ: (وعَكْسٌ قَدْ يَحِقّ) إِلَى أَنَّهُ أُعِلَّ فِيمَا تقدَّمَ الأولُ وصُحِّحَ الثانِي، كَمَا فِي نحوِ: غَايَةٍ، أَصْلُهَا عيبةغَيَيَةٌ، أُعِلَّتِ الياءُ الأُولَى وصَحَّتِ الثانيةُ، وسَهَّلَ ذَلكَ كونُ الثانيةِ لَمْ تَقَعْ طَرَفًا، ومِثْلُ غَايَةٍ فِي ذلكَ ثَايَةٌ، وهِي حِجَارَةٌ صِغَارٌ يَضَعُهَا الرَّاعِي عِنْدَ مَتَاعِهِ فَيَثْوِي عِنَدَها، وطَايَةٌ، وهِي السطحُ والدكانُ أَيْضًا،.
وكذلكَ آيَةٌ عِنْدَ الخَلِيلِ، أَصْلُهَا أَيَيَه، فَأُعِلَّتِ العينُ شُذُوذًا، إذِ القياسُ إِعْلَالُ الثانيةِ، وهَذَا اسهل أَسْهَلُ الوُجُوهِ كَمَا قَالَ فِي (التَّسْهِيلِ).
وأَمَّا مَنْ قَالَ أَصْلُهَا أَيْيَةٌ، بسكونِ الياءِ الأُولَى، فَيَلْزَمُهُ إِعْلَالُ الياءِ الساكنةِ، ومَنْ قالَ أسلها أَصْلُهَا آيِيَةٌ علَى وَزْنِ فَاعِلَةٍ، فَيَلْزَمُهُ حَذْفُ العَيْنِ لغيرِ مُوجِبٍ، ومَنْ قَالَ أَصْلُهَا أَيِيَةٌ كَنَبِقَةٍ، فَيَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ الإِعْلَالِ عَلَى الإِدْغَامِ، والمعروفُ العَكْسُ، بِدَلِيلِ إِبْدَالِ هَمْزَةِ أَئِمَّةٍ ياءً لَا أَلِفًا.
والحَادِي عَشَرَ: أَنْ لَا تكونَ عَيْنًا لِمَا آخِرُهُ زِيَادَةً تَخْتَصُّ بالأسماءِ، وإِلَى هَذَا أَشَارَ بقولِهِ:
974 - (وعَيْنُ مَا آخِرُهُ قَدْ زِيدَ مَا = يَخُصُّ الاسْمَ واجِبٌ أَنْ يَسْلَمَا)
يَعْنِي أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ قَلْبِ الواوِ والياءِ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهِمَا، وانْفِتَاحِ مَا قبلهَا كونُهُمَا عَيْنًا لِمَا فِي آخِرِهِ زِيَادَةٌ تَخُصُّ الأسماءَ، لِأَنَّهُ بِتِلْكَ الزيادةِ بَعُدَ شَبَهُهُ بِمَا هُو الأَصْلُ فِي الإِعْلَالِ، وهُو الفِعْلُ، وذلكَ نحوُ: جَوَلَانٍ وسَيَلَانٍ، وَمَا جَاءَ مِنْ هَذَا النوعِ مُعَلًّّا شَاذًّا، نحوُ: دَارَانِ ومَاهَانِ، وقِيَاسُهُمَا دَوَرَانِ ومَوَهَانِ. وخَالَفَ المُبَرِّدُ فَزَعَمَ أَنَّ الإِعْلَالَ هُو القياسُ، والصحيحُ الأولُ، وهُو مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ.
تنبيهاتٌ: الأولُ: زِيَادَةُ تَاءِ التأنيثِ غيرُ معتبرةٍ فِي التصحيحِ؛ لأَنَّهَا لا تُخْرِجُهُ عَنْ صُورَةِ فِعْلٍ، لأَنَّهَا تَلْحَقُ المَاضِي فَلَا يَثْبُتُ بِلِحَاقِهَا مُبَايَنَةٌ فِي نحوِ: قاله قَالَةٍ وبَاعَةٍ، وأَمَّا تصحيحُ حَوَكَةٍ وخَوَنَةٍ فَشَاذٌّ بالاتفاقِ.
الثانِي: اخْتُلِفَ فِي أَلِفِ التأنيثِ المقصورةِ فِي نحوِ صَوَرَى وهو اسْمُ مَاءٍ. فذَهَبَ المَازِنِيُّ إلَى إنها أَنَّها مَانِعَةٌ مِنَ الإِعْلَالِ لاخْتِصَاصِهَا بالاسمِ، وذَهَبَ الأَخْفَشُ إِلَى أَنَّهَا لا تَمْنَعُ الإِعْلَالِ؛ لأَنَّهَا لَا تُخْرِجُهُ عَنْ شَبَهِ الفِعْلِ، لكونِهَا فِي اللفظِ بمنزلةِ فَعَلَا، فتصحيحُ صَوَرَى عِنْدَ المَازِنِيِّ مَقِيسٌ، وعِنْدَ الأَخْفَشِ شَاذّ ٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، فَلَو بُنِىَ مِثْلُهَا مِنَ القولِ لَقِيلَ عَلَى رَأْىِ المَازِنِيِّ: قَوَلَى، وعَلَى رَأْىِ الأَخْفَشِ: قَالَا. وقَدْ اضْطَرَبَ اختيارُ الناظمِ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ، فاختارَ فِي (التَّسْهِيلِ) مذهبَ الأَخْفَشِ، وفِي بَعْضِ كُتِبِهِ مَذْهَبَ المَازِنِيِّ، وبِهِ جَزَمَ الشارحُ، واعْلَمْ أَنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ المَازِنِيُّ هُو مذهبُ سِيبَوَيْهِ.
الثالثُ: بَقِي شَرْطَانِ آخَرَانِ، أَحَدُهُمَا – وذَكَرَهُ فِي (التَّسْهِيلِ) و(شَرْحِ الكَافِيَةِ) – أَنْ لا تكونَ العينُ بَدَلًا مِنْ حَرْفٍ لَا يُعَلُّ، واحْتَرَز بِهِ عَنْ قولِهِمْ فِي شَجَرَةٍ: شَيَرَةٌ، فلَمْ يُعِلُّوا؛ لأَنَّ الياءَ بدلٌ مِنَ الجِيمِ، قالَ الشاعرُ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
1234 - إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيكُنَّ ظِلٌّ ولا جَنًى = فَأَبْعَدَكُنَّ اللهُ مِنْ شَيَرَاتِ
والآخَرُ أَنْ لَا تكونَ فِي مَحَلِّ حرفٍ لا يُعَلُّ، وإِنْ لَمْ تكن بَدَلًا، والاحْتِرَازُ بذلكَ عَنْ نَحوِ: أبس أَيِسَ بمعني بِمَعْنَى يَئِسَ، فَإِنَّ يَاءَهُ تَحَرَّكَتْ وانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا، ولَمْ تُعَلَّ؛ لِأَنَّهَا فِي مَوْضِعِ الهَمْزَةِ، والهَمْزَةُ لَوْ كَانَتْ فِي مَوْضِعِهَا لَمْ تُبْدَلْ، فَعُومِلَتْ الياءُ مُعَامَلَتَها لِوُقُوعِهَا مَوْقِعِهَا،.
هكَذَا قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ)، قالَ: ويجوزُ أَنْ يَكونَ تصحيحُ يَاءِ أَيِسَ انتفاءَ عِلَّتِهَا، فَإِنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الهمزةِ، ثُمَّ أُخِّرَتْ فَلَو أُبْدِلَتْ لَاجْتَمَعَ فِيهَا تَغْيِيرَانِ: تغييرُ النقلِ، وتغييرُ الإِبْدَالِ، هذَا كلامُهُ، وذَكَرَ بَعْضُهُم أَنَّ أَيِسَ أنما إِنَّمَا لَمْ يُعَلَّ لعُرُوضِ اتصالِ الفتحةِ بِهِ؛ لِأَنَّ الياءَ فاءُ الكَلِمَةِ، فَهَيِ فِي نِيَّةِ التقديمِ، والهَمْزَةُ قَبْلَهَا فِي نِيَّةِ التأْخِيرِ، وعَلَى هَذَا فيستغني فَيُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا الشرطِ بِمَا سَبَقَ مِنَ اشتراطِ أَصَالَةِ اتِّصَالِ الفَتْحَةِ.
الرابعُ: ذَكَرَ ابْنُ بَابْشَاذٍ لِهَذَا الإِعْلَالِ شَرْطًا آخَرَ، وهُو أَنْ لا يكونَ التصحيحُ للتنبيهِ عَلَى الأَصْلِ المَرْفُوضِ، واحْتَرَزَ بذلكَ عَنِ القَوَدِ والصَّيَدِ والجَيَدِ، وهُو طُولُ العُنِقِ وحُسْنُهُ، والحيديوالحَيَدِى، يُقَالُ: حِمَارٌ حيدي حَيَدِىٌ، إِذَا كانَ يَحِيدُ عَنْ ظِلِّهِ لنشاطِهِ، والحَوَكَةُ والخَوَنَةُ، وهَذَا غيرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ، لِأَنَّ هذَا مِمَّا شَذَّ مَعَ اسْتِيفَائِهِ الشروطَ، ومِثْلُ ذَلكَ فِي الشذوذِ قولُهُم: رَوَحٌ وغَيَبٌ جَمْعُ رَائِحٍ وغَائِبٍ، وعَفَوَةٌ جَمْعُ عَُِفْو وهُو الجَحْشُ، وهَيَوةٌ وَأُوَوٌ جَمْعُ أُوَّةٍ، وهُو الدَّاهِيَةُ مِنَ الرجالِ، وهروة وقُرْوَةٌ جَمْعُ قَرْوٍ، وهِي مِيلَغَةُ الكَلْبِ، ا هـ.
[إبدال النون والواو ميما]:
975 - وقَبْلَ بَا اقْلِبْ مِيمًا النونَ، إِذَا = كَانَ مُسَكَّنًا كَمَنْ بَتَّ انْبِذَا
(وقيل وقَبْلَ بَا اقْلِبْ مِيمًا النونَ إِذَا * كانَ مُسَكَّنًا) أَيْ: تُبْدَلُ النونُ الساكنةُ قبلَ الباءِ مِيمًا، وذلكَ لِمَا فِي النطقِ بالنونِ الساكنةِ قَبْلَ الباءِ مِنَ العُسْرِ، لاختلافِ مَخْرَجَيْهِمَا مَعَ تَنَافُرِ لِينِ النونِ وغُنَّتِهَا؛ لِشِدَّةِ الباءِ، وإِنَّمَا اخْتُصِّتِ الميمُ بذلكَ لأنَّهَا مِنْ مَخْرَجِ الباءِ، ومِثْلُ النونِ فِي الغُنَّةِ، ولَا فرقَ فِي ذلكَ بَيْنَ المُنْفَصِلَةِ والمُتَّصِلَةِ، وقَدْ جَمَعَهُمَا فِي قولِهِ: (كَمَنْ بَتَّ انْبِذَا) أيْ: مَنْ قَطَعَكَ فَأَلْقِهِ عَنْ بَالِكَ واطْرَحْهُ، وأَلِفُ “ "انْبِذَا" “ بدلٌ مِنْ نونِ التوكيدِ الخفيفةِ.
تنبيهاتٌ:
الأولُ: كَثِيرًا مَا يُعَبِّرُونَ عَنْ إِبْدَالِ النونِ مِيمًا بالقَلْبِ كَمَا فَعَلَ الناظمُ، والأَوْلَى أَنْ يُعَبَّرَ بِالإبدالِ؛ لِمَا عَرَفْتَ أَوَّلَ البابِ.
الثانِي: قَدْ تُبْدَلُ النونُ مِيمًا سَاكِنَةً ومُتَحَرِّكَةً دُونَ بَاءٍ، وذلكَ شَاذٌّ، فالساكنةُ كقولِهِم فِي حَنْظَلٍ: حَمْظَلٍ، والمتحركةُ كقولِهِمْ فِي بَنَانٍ: بَنَامٍ، ومِنْهُ قولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
1235 - يَا هَالَ ذَاتَ المَنْطِقِ التَّمْتَامِ = وكَفِّكِ المُخَضَّبِ البَنَامِ
وجاءَ عَكْسُ ذلكَ فِي قولِهِمْ: أَسْودُ قَاتِنٌ، وأَصْلُهُ قَاتِمٌ.
الثالثُ: ابدلت أُبْدِلَتِ الميمُ أَيْضًا مِنَ الواوِ فِي فَمٍ، إِذْا أَصْلُهُ فُوهٌ، بِدَلِيلِ أَفْوَاَهٍ، فَحَذَفُوا الهاءَ تَخْفِيفًا، ثُمَّ أَبْدَلُوا المِيمَ مِنَ الواوِ، فَإِنْ اضيف أُضِيفَ رُجِعَ بِهِ إِلَى الأَصْلِ، فَقِيلَ: فُوكَ، ورُبَّمَا بَقِي الإِبْدَالُ، نحوُ: “ ((لَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ)) “..