تفسير الإيمان على أربعة وجوه
الوجه الأول: الإيمان يعني الإقرار باللسان
الإيمان يعني الإقرار باللسان من غير تصديق، وذلك قوله في سورة المنافقون: {ذلك بأنّهم آمنواّ} يعني أقرّوا باللّسان في العلانية {ثمّ كفروا} في السّرّ ولم يصدّقوا بالنبيّ وما جاء به. وفيها أيضا مثلها، قوله: {يا أيها الذين آمنوا} يعني أقرّوا باللّسان من غير تصديق {لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله}. وقال في سورة الحديد: {ألم يأن للّذين آمنوا أن} يعني الذين أقرّوا باللّسان. {لا تتولّوا قومًا غضب الله عليهم}. وفي المجادلة. وفي الحجّ مثله.
الوجه الثاني: الإيمان يعني التصديق
وذلك قوله في لم يكن: {إنّ الذين آمنوا وعملوا ألصالحات أولئك هم خير
البرية}. وفي سورة إنّا فتحنا لك: {لّيدخل المؤمنين والمؤمنات جنّاتٍ تجري من تحتها ألأنهار}. ونحوه كثير.
الوجه الثالث: الإيمان يعني التوحيد
الإيمان يعني التّوحيد، وذلك قوله في المائدة: {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله} يعني ومن يكفر بالتوحيد، وهو قول مجاهد، بالله. وفي سورة المؤمن: {إذ تدعون إلى الإيمان} يعني التّوحيد، تفسير مجاهد. وفي النّحل: {إلاّ من أكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان} يعني بالتّوحيد. قال يحيى: بلغني أنّها نزلت في عمّار بن ياسر.
الوجه الرابع: الإيمان يعني الشرك
الإيمان يعني الشّرك، وذلك قوله في سورة يوسف: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلاّ وهم مّشركون} يعني بذلك مشركي العرب وإيمانهم. كما قال الله: {ولئن سألتهم مّن خلقهم ليقولنّ الله}. وهو قول سفيان الثوري. وقال في لقمان: {ولئن سألتهم مّن خلق السماوات والأرض ليقولنّ الله} وهذا منهم إيمان، وهم في ذلك
مشركون بالله. وأهل الكتاب يؤمنون ببعض الكتاب وبعض الرّسل ويكفرون ببعض. قال الله: {أولئك هم الكافرون حقًّا}، فلم ينفعهم إيمانهم ببعض الرّسل والكتب إذ لم يؤمنوا بهم كلّهم.