ثُمَّ إنَّهُ بِسَبَبِ تَطَرُّفِ هَؤُلاَءِ وَضَلالِهِم دَخَلَتِ الرَّافضةُ الإماميَّةُ ثُمَّ الفَلاَسِفَةُ ثُمَّ القَرَامِطَةُ وَغَيْرُهُم فِيمَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذلِكَ ، وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ في الفَلاَسِفَةِ وَالقَرَامِطَةِ وَالرَّافضةِ ؛ فَإِنَّهُم فَسَّرُوا القُرْآنَ بِأَنْواعٍ لاَ يَقْضِي مِنْهَا العَالِمُ عَجَبه .
فَتَفْسِيرُ الرَّافِضَةِ كَقَوْلِهِم : {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب ٍ}[سُورَةُ الْمَسَدِ :1] وَهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ !
و : {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُك} [سُورَةُ الزُّمَرِ : 65] أَيْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْخِلاَفَةِ !
و {إِِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } [ سُورَةُ البَقَرَةِ : 67] هِيَ عَائِشَةُ !
وَ : {فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [ سُورَةُ التوبة : 12] طَلْحَةُ وَالزُّبيرُ .
و : {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } [ سُورَةُ الرَّحْمَنِ : 19] عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ .
وَ : {اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ سُورَةُ الرَّحْمَنِِِِ : 22] الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ .
{ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ } [ سُورَةُ يس :12] فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .
و : {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [ سُورَةُ النَّبَإِ : 1-2] عليُّ بنُ أبي طالبٍ .
و : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ : 55] ، هُوَ عَلِيٌّ ، وَيَذْكُرُونَ الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَهُوَ تَصَدُّقُه بِخَاتَمِهِ فِي الصَّلاةِ .
وكذلك قولُهُ : {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}[سُورَةُ البَقَرَةِ : 157] ، نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ لمَّا أُصِيبَ بِحَمْزَةََ .
ومِمَّا يُقارِبُ هَذَا مِنْ بَعْضِ الوُجُوهِ مَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِن الْمُفسِّرِينَ في مِثْلِ قولِهِ : {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ : 17] : إنَّ الصَّابرين رَسُولُ اللهِ ، وَالصَّادِقِينَ أَبُو بَكْرٍ ، وَالقَانِتِينَ عُمَرُ ، وَالْمُنفِقِينَ عُثْمَانُ ، وَالْمُسْتَغْفِرِينَ عليٌّ .
وَفِي مِثْلِ قَولِهِ : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ } : أَبُو بَكْرٍ . {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}: عُمَرُ . {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}: عُثمانُ . {تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّدًا }: عليٌّ [سُورَةُ الفَتْحِ :29].
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِِهِم : {وَالتِّينِ } أَبُو بَكْرٍ ، {وَالزَّيْتُونِ } عُمَرُ ، {وَطُورِ سِينِينَ}عُثْمَانُ {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ } عليٌّ .
وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْخُرَافَاتِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ تَارَةً تَفْسِيرَ اللَّفْظِ بِمَا لاَ يَدُلُّ عَليْهِ بِحَالٍ ، فَإِنَّ هَذِهِ الأَلْفَاظََ لاَ تَدُلُّ عَلَى هَؤُلاَءِ الأَشْخَاصِ ِبحالٍ .
وَقَوْلُُهُ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا }. كُلُّ ذَلِكَ نَعْتٌ لِلَّذِينَ مَعَهُ ، وَهِيَ الَّتِي يُسَمِّيها النُّحَاةُ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا أنَّهَا كُلَّهَا صِفَاتٌ لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍٍٍِ وَهُم الَّذِين مَعَهُ ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا مُرَادًا بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ .
وَتَتَضَمَّنُ تَارَةً جَعْلَ اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ العَامِّ مُنْحَصِرًا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِم : إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} أُرِيدَ بِهَا عَلِيٌّ وَحْدَهُ .
وَقَوْلُ بَعْضِهِم : إِنَّ قَوْلَهُ : { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } أُرِيدَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَحْدَهُ .
وَقَوْلُهُ : { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ } أُرِيدَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَحْدَهُ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ .