وَمن الأَقْوَالِ المَوْجُودَةِ عَنْهُم ويجعلُهَا بعْضُ النَّاسِ اختِلافًا : أَنْ يُعَبِّرُوا عَن الْمَعَانِي بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ لاَ مُتَرادِفَةٍ ، فَإِنَّ التَّرادُفَ في اللُّغَةِ قَلِيلٌ ، وَأَمَّا فِي أَلْفَاظِ القُرآنِ فَإِمَّا نَادِرٌ وَإِمَّا مَعْدُومٌ ، وقَلَّ أَنْ يُعبَّرَ عَنْ لَفْظٍ وَاحِدٍ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ يُؤَدِّي جَمِيعَ مَـعْنَاه ، بَلْ يكُونُ فيهِ تقرِيبٌ لِمَعْنَاهُ ، وَهَذَا منْ أَسْبَابِ إِعْجَازِ القُرْآنِ .
فَإِذَا قَالَ القَائلُ : ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً ) [ سُورَةُ الطور : 9 ]
: إنَّ المَوْرَ هو الحَرَكَةُ كانَ تقْرِيبًا؛ إذ المَوْرُ حركَةٌ خفيفَةٌ سريعَةٌ .
وكَذَلِكَ إِذَا قَالَ : الوَحْيُ الإعْلامُ، أَوْ قِيلَ : ( أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) : أَنْزَلْنَا إِليْكَ .
أَوْ قِيلَ : ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيل) [سُورَةُ الإِسْرَاءِ : 17 ]، أَيْ أَعْلَمْنَا . وَأَمْثَالُ ذَلِكَ .
فهَذَا كُلُّهُ تَقْرِيبٌ لا تَحْقِيقٌ ، فَإِنَّ الوَحْيَ هو إِعْلامٌ سَرِيعٌ خَفِيٌّ ، والقَضَاءُ إليهِمْ أَخَصُّ من الإعْلامِ ، فَإِنَّ فِيهِ إِنْزَالاً إليهِمْ وإيْحَاءً إِلَيْهِمْ .