وتسمى الجُعل والجَعِيلة أيضا؛ وهي ما يعطاه الإنسان على أمر يفعله؛ كأن يقول: من فعل كذا؛ فله كذا من المال؛ بأن يجعل شيئا معلوما من المال لمن يعمل له عملاً معلوما؛ كبناء حائط.
ودليل جواز ذلك قوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}؛ أي: لمن دل على سارق صواع الملك حمل بعير، وهذا جعل، فدلت الآية على جواز الجعالة.
ودليلها من السنة: حديث اللديغ، وهو في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أبي سعيد: أنهم نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، فأتوهم، فقالوا: هل عند أحد منكم من شيء؟ قال بعضهم: إني والله لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا؛ فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً. فصالحوهم على قطيع من غنم، فانطلق ينفث عليه ويقرأ: "الحمد لله رب العالمين"؛ فكأنما نشط من عقال، فأوفوهم جعلهم، وقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال: ((أصبتم، اقتسموا واجعلوا لي معكم سهما)).
فمن عمل العمل الذي جُعلت عليه الجُعالة بعد علمه بها؛ استحق الجُعل؛ لأن العقد استقر بتمام العمل، وإن قام بالعمل جماعة؛ اقتسموا الجُعل الذي عليه بالسوية؛ لأنهم اشتركوا في العمل الذي يُستحق به العِوض فاشتركوا في العِوض، فإن عمل العمل قبل علمه بما جُعل عليه؛ لم يستحق شيئا؛ لأنه عمل غير مأذون فيه، فلم يستحق به عوضا، وإن علم بالجُعل في أثناء العمل؛ أخذ من الجعل ما عمله بعد العلم.
والجُعالة عقد، جائز لكل من الطرفين فسخها، فإن كان الفسخ من العامل؛ لم يستحق شيئا من الجُعل؛ لأنه أسقط حق نفسه، وإن كان الفسخ من الجاعل، وكان قبل الشروع في العمل؛ فللعامل أجرة مثل عمله؛ لأنه عمله بعوض لم يسلم له.
[الملخص القهي: 2/184-185]