اكتب رسالة تفسيرية في واحد مما يلي:
3: قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} بالأسلوب الوعظي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ,
اللهم علمنا , وانفعنا بما علمتنا , وزدنا علما , أما بعد :
فقد أنزل الله القرآن الكريم هدى ورحمة للعالمين , وافتتح كتاب الرحمة بسورة الفاتحة التي جاءت لتعلن صراحة بأن الله -جل وعلا- هو رب العالمين , وحتى لا يذهب الذهن ويظن الظان بأن ربوبيته -سبحانه- قائمة على الجبروت والانتقام , كما تصور ذلك قصص الإغريق واليونان القديمة الخاصة بآلهتهم : جاء قوله :{الرحمن الرحيم} تأكيدا أن الرب – جل وعلا – رحمن رحيم ، وأن رحمته وسعت كل شيء ، وأن ربوبيته ربوبية رحمة ، لا ربوبية قهر وجبروت .
وقد قال القرطبي رحمه الله تعالى : (وصف نفسه تعالى بعد "رَبِّ الْعَالَمِينَ" بأنه «رحمن رحيم»؛ لأنه لما كان في اتصافه برب العالمين ترهيب، قرنه بالرحمن الرحيم لما تضمن من الترغيب؛ ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته وأمتع) .
وهذا كقوله تعالى : "نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ" .
وقوله سبحانه : "غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ" [.
فمن رحمته سبحانه- أن عرّف الخلق عليه , ومن رحمته أن لم يتركنا هملا ; فأرسل الرسل وأنزل الكتب , وهذا من مقتضيات ربوبيته تعالى وتقدس .
ولما كان إرسال الرسل من أعظم ما رحم الله به عباده ; أمرهم-سبحانه- برحمة الخلق بما تقتضيه حدود الشريعة , وأمر بالرفق في دعوتهم , لذا قال -سبحانه- لموسى وهارون عليهما السلام :{اذْهَبَآ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} وقد وصل فرعون من التجبر والطغيان ما أصبح بسببه مضربا للأمثال في هذا , ومع ذلك يأمر الرب رسوليه بدعوتهما بالرفق والرحمة , ويأمره بلين الجانب معه !
سبحانه تعالى وتقدس , أرحم بنا من رحمة الأم بولدها لو وجدته بعد ضيعة .
وجاء قوله تعالى :{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } ليبين فيه :
- وحدانيته سبحانه
- تحقيق إياك نعبد وإياك نستعين
- صفات نبيه الكريم
- حث الأمة على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم
فامتن سبحانه على نبينا-صلى الله عليه وسلم- بقوله :{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}:
فبين -سبحانه- في الآية أن ما في النبي -صلى الله عليه وسلم- من رحمة , ورفق , ولين جانب بالخلق إنما هو محض فضل ومنة من الله سبحانه , فهو المتفضل به في الحقيقة , بل زيدت (ما) بعد باء الجر لتأكيد الجملة زيادة على ما أفاده التقديم فيها من القصر والحصر، ، وكل هذا لتتجه أنظار قلوب العبيد إلى المنعم على الحقيقة , فلا تتعلق إلا به , ولا تطلب إلا منه , ولا تحمد إلا هو , فيتحقق بهذا اليقين كمال عبودية القلب القائم على : إياك نعبد وإياك نستعين .
وقد قال تعالى :{الله أعلم حيث يجعل رسالاته} لذا اختار واصطفى أوسع الخلق خلقا , وأكرم الناس في معاملة الخلق من ; إقالة العثرات , والصفح عن الزلات والتعدي , فخلقه -صلى الله عليه وسلم- مناسب لتحقيق حصول مراد الله تعالى من إرساله , ولا يعني هذا المداهنة في الدين , فلينه-صلى الله عليه وسلم- لينا لا تفريط فيه ولا مجاراة لأحد منهم في التساهل فيما أرسل بتبليغه ، لكن الله ألان خلق رسوله رحمة بهم، لحكمة علمها الله في سياسة هذه الأمة .
وتأملوا -رحمكم الله- ما في الآية من إشارة مهمة , وتنبيه لطيف إلى ما جاء عند مسلم من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(إنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِن أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ) ، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: (اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا علَى طَاعَتِكَ).
فيتنبه العبد بأن تصريف قلبه للخير هو من الله سبحانه , وأن تدفق ينابيع الرحمة والرفق من قلبه لا يقدر عليها إلا الله سبحانه , فيه التوجيه لمن ابتلي بقسوة القلب والغلظة أن يتوجه إلى مولاه الرحمن الرحيم , الذي وسعت رحمته كل شيء , والذي قامت ربوبيته على الرحمة , أن يلين قلبه , ويذهب ما فيه من قسوة , ويهبه الرفق الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه :(إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله). , وأيضا ما جاء عند مسلم . عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه).
ومن عافاه الله من قسوة الله : فلا يعجب بعمله بل يعلم بأن محض فضل من الله سبحانه.
ومن باب أولى يعلم العبد بأن ثبات القلب على الحقيقة بيد الله سبحانه , فلا يطلبه إلا منه , ويقر بأن لا حول ولا قوة إلا بالله ربه .
فالرحمة والرفق من الأخلاق التي جاء بها الإسلام والتي قام عليها , ودعا إلى التخلق بها , لذا جاء قوله -تعالى- بعد الشطر الأول من الاية :{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} :
فبعد بيانه لعظيم رحمته بنا بأن أرسل إلينا رسول الرحمة , بين ما يترتب على فقدان هذه النعمة من آثار , فكما قالوا : فبضدها تتبين الأشياء , فهذه نعمة فوق النعمة الأولى , ومنة ما بعدها منة لمن تفكر في آيات القرآن الكريم , وعقل معانيه :
فمع كون الخطاب في الآية موجه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا إن العبد عند قراءتها يعلم بأنه معني بالخطاب : فلو لم يكن أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- وحاله اللين والرفق , وكان على عكس ذلك شديدا , قاسيا , فظا : لتفرق الناس من حوله , ولترك كثير من الناس اتباعه , بل من باب اولى مجرد الاستماع إليه !
ولما انتشر الإسلام , ولما دخل الناس فيه أفواجا , فكان لين القلب من سعة رحمة الله بنا , ورفقه بعباده , فحري بهذا أن يحثنا على أداء حق الشكر لنعم الله المتتالية : قولا وفعلا واعتقادا .
لذا قال الربيع وقال قتادة كذلك , كما عند ابن ابي حاتم- في قوله تعالى: {ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك} قالوا : واللّه قد طهّره من الفظاظة والغلظة، وجعله رحيماً قريباً رؤوفاً بالمؤمنين.
وإن سأل سائل عن الفرق بين الفظ وغليظ القلب : فقد قال بعض أهل العلم : الفظ هو الذي يكون سيء الخلق، وغليظ القلب هو الذي لا يتأثر قلبه عن شيء، فقد لا يكون الإنسان سيء الخلق ولا يؤذي أحدا ولكنه لا يرق لهم ولا يرحمهم
لذا نفى الله سبحانه عن نبيه الأمرين بيانا لكمال صفاته صلى الله عليه وسلم .
فاللين ثمرته المحبة والاجتماع , وبعكسه الجفاء والخشونة التي تفضي وتؤدي إلى الكراهية والتفرق , وهذا قد يكون في الهيئة، أو قد يكون في القول، أو قد يكون في القلب , وقد انتفت الثلاثة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- لعموم الآية , وهذا ظاهر بين لكل من قرأ سيرته , فكان -صلى الله عليه وسلم- لين الجانب حتى مع الأطفال , فقد جاء في الحديث المتفق عليه أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قبّل الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله ﷺ ثم قال:( من لا يَرحم لا يُرحم) .
ونحن نرى الكثير من الآباء والأمهات ضعفت الرحمة في قلوبهم , وعاملوا أطفالهم معاملتهم للكبار , فكلفوهم ما لا يطيقونه رغبة في استعجال النضج لديهم , وقد يفعل هذا ليحصل بهم التفاخر المذموم المنهي عنه !
فأين هؤلاء من رحمة النبي-صلى الله عليه وسلم- بالأطفال , ورحمته بالضعفاء !
والقلوب-رعاكم الله- مجبولة على النفور ممن يعاملها بقسوة وغلظة , وتنفر الأذن تلقائيا من اصحاب الصوت الحاد العالي , وتفر القلوب منه قبل فرار الأبدان , لذا قالت أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- فيما رواه ابن حبان والترمذي :((لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحّشاً، ولا صخّاباً فى الأسواق ولا يجزى بالسّيّئة، ولكن يعفو ويصفح) .
ولأهمية أمر الاجتماع في الإسلام , اجتماع الدين واجتماع الأبدان , قال جل ذكره بعدها :﴿فاعْفُ عَنْهم واسْتَغْفِرْ لَهم وشاوِرْهم في الأمْرِ﴾ :
فأمر الله-سبحانه- نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالعفو ، ثم جاء الأمر بالاستغفار لهم , ثم ختم بالأمر بالمشاورة .
وقد امتثل -صلى الله عليه وسلم الأمر- فكان يعفو عن حقه كما أمره الله في قوله : {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } وقوله: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} وقوله :{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ :
- فعفا عن الأعرابي الذي حاول قتله بعد أن أخذ سيفه وقال له : من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم : الله , ثلاثًا، ولم يعاقبه وجلس.
- وعفا عن قومه بعد ما لقيه منهم يوم العقبة، لما عرض نفسه على ابن عبد يَالِيلَ بن عبد كُلال فلم يجبه , حتى أرسل الله إليه ملك الجبال فقال له : وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ إن شئت أن أُطبق عليهم الأخشبين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا . رواه مسلم .
حتى قالت عنه عائشة-رضي الله عنها- كما عند مسلم : (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأةً ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله عزَّ وجلَّ).
وامتثل -صلى الله عليه وسلم- أمر ربه بمشاورة أصحابه , ففعّل الشورى بينهم , فكان يشاور أصحابه في الأمور التي لم ينزل فيها شيء من الوحي , حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه- كما عند أبن أبي حاتم : ما رأيت أحداً أكثر مشورةً لأصحابه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم).
- فشاورهم يوم بدر في الذهاب إلى العير .
- وشاورهم في أحد في أن يقعد في المدينة أو يخرج إلى العدو.
- وشاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة .
وغيرها مما شاور به النبي-صلى الله عليه وسلم- اصحابه , فكان القدوة صلوات ربي وسلامه عليه , وكان خير قائد وخير صاحب .
وفعله هذا-صلى الله عليه وسلم- تعليما لأمته , لذا جاء في سنن سعيد بن منصور قول الحسن في قوله تعالى: {فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} قال: قد علم اللّه أنّه ما به إليهم من حاجةٍ، ولكن أراد أن يستنّ به من بعده.
وانظروا -رعاكم الله- إلى مجيئ هذه الأوامر بهذا الترتيب البديع , لتقرر لنا خطوات عملية في تليين قلوب الآخرين , وحثهم على الاستماع والاجتماع , فإن حصل العفو , ثم الدعاء لهم , ثم تقريبهم للاستشارة ; فلا بد أن يحصل الأثر المرجو .
ففي هذه الآية من الفوائد والإرشادات ما يتحقق بفعله الألفة والاجتماع بين المسلمين وقائدهم , بل هي أصل عظيم لكل من كان تحت يده ولاية على أحد , سواء في البيت أو في العمل , سواء كانت ولاية كبرى أو صغرى :
- فهي سبب في اللحمة وشد أواصر العلاقات بين الأفراد , وشيوع المحبة والثقة والأمان .
- وفي هذه الأفعال تطييب للنفوس .
- وفيها التقريب بين القلوب برفع اصحابها إلى أن يكونوا أهلا للمشاورة .
- وفيها الحث على إعمال الفكر والمشاركة.
- وفيها إظهار الثقة بالآخرين لتحفيزهم على العمل .
فهل من مشمر لهذه الأخلاق ؟!
وهل من مقتد بمن قال عنه ربه :{لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}؟!
فإنما ذكر الله ما ذكره في هذه الآية لترتفع الهمم في اتباعه-صلى الله عليه وسلم- والتخلق بما كان عليه من رفق ولين جانب في الدعوة , وفي البيت , وفي معاملة الخلق , وفي سياسة أمور الناس على اختلاف طباعهم .
وقد غفل الكثير ممن اعتنى بطلب العلم وتجميعه عن هذه الأخلاق الرفيعة التي نبه الله-سبحانه- عليها , بل تراه يتركها متحججا بأن العصر قد تغير , والناس تهاونت فلا ينفع معها إلا الشدة والغلظة والعنف !
وفي المقابل نرى من فرط وقصر وفهم الآيات التي جاءت تحث على اللين والرفق فهما خاطئا , فتراه يداهن في الدين , ويوالي الكفار رحمة بهم ورفقا بحالهم لا لدعوتهم إلى ما فيه نجاتهم !
وإنما الصراط المستقيم يكون باتباع من كان رحمة للعالمين , من وضع الرفق في موضعه الصحيح , ووضع الشدة في موضعها الصحيح , فلا إفراط ولا تفريط .
وإذا دار الأمر بين الرفق والشدة اختار الرفق أن أمنت المفسدة , وقد قال عائشة -رضي الله عنه-كما في الصحيحين : ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه.
وقد ختم الله-تعالى وتقدس- الآية بقوله :{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} تأكيدا على أن الأمر كله راجع إليه سبحانه , وأن لا شيء كائن إلا بمعونته , فتفوض القلوب أمرها إليه , معتمدة عليه , واثقة بأنه الركن الشديد , بأنه الصمد الذي يلجأ إليه العبد , بأنه هو من يكشف الضر وياتي بالنعم .
وفي هذا قطع لتعلقات القلب بالآخرين , واعتماده عليهم , فحتى بعد حصول المشورة لا يكون الاعتماد إلا على إعانة الله وتسديده وعصمته.
فأسأل الله العظيم أن يحبب إلينا الإيمان , ويزينه في قلوبنا , ويجعلنا من الراحمين المرحومين الذين قال فيهم النبي -صلى الله عليهم وسلم-فيما رواه الترمذي :(الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
المصادر :
جامع البيان - الطبري
تفسير القرآن العظيم مسندًا - ابن أبي حاتم الرازي
الهداية إلى بلوغ النهاية - مكي بن أبي طالب
معالم التنزيل — البغوي
المحرر الوجيز — ابن عطية
مفاتيح الغيب — فخر الدين الرازي
الجامع لأحكام القرآن — القرطبي
البحر المحيط — أبو حيان
تفسير القرآن العظيم — ابن كثير
النكت والعيون للماورديفتح القدير — الشوكاني
روح المعاني — الآلوسي
التحرير والتنوير — ابن عاشور
تيسير الكريم الرحمن — السعدي
تفسير القرآن الكريم — ابن عثيمين
أيسر التفاسير — أبو بكر الجزائري