فصلٌ
(إذا طَلَّقَهَا مَرَّةً)؛ أي: طَلْقةً واحدةً (في طُهْرٍ لم يُجَامِعْ فيه، وتَرَكَها حتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها، فهو سُنَّةٌ)؛ أي: فهذا الطلاقُ مُوَافِقٌ للسُّنَّةِ؛ لقولِهِ تعالَى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}. قالَ ابنُ مَسْعُودٍ: (طَاهِرَاتٍ مِن غيرِ جِماعٍ)، لكِن يُسْتَثْنَى من ذلكَ لو طَلَّقَهَا في طُهْرٍ مُتَعَقِّبٍ للرَّجْعةِ من طَلاقٍ في حيضٍ, فبدعةٌ، (فتَحْرُمُ الثلاثُ إذنْ)؛ أي: يَحْرُمُ إيقاعُ الثلاثِ، ولو بِكَلِمَاتٍ في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه، لا بعدَ رَجْعَةٍ أو عَقْدٍ، رُوِيَ ذلكَ عن عمرَ وعليٍّ وابنِ مَسْعُودٍ وابنِ عَبَّاسٍ وابنِ عمرَ، فمَن طَلَّقَ زَوْجَتَه ثلاثاً بكَلِمَةٍ واحدةٍ, وَقَعَ الثلاثُ، وحَرُمَتْ عليهِ حتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غيرَه, قبلَ الدخولِ كانَ ذلك أو بعدَه، (وإنْ طَلَّقَ مَن دَخَلَ بِهَا في حَيْضٍ أو طُهْرٍ وَطِئَ فيه), ولم يَسْتَبِنْ حَمْلُها، وكذا لو عَلَّقَ طَلاقَها على نحوِ أَكْلِها مِمَّا يَتَحَقَّقُ وُقُوعُه حَالَتَهُما, (فبِدْعَةٌ)؛ أي: فذلكَ طلاقُ بِدْعَةٍ مُحَرَّمٌ، و (يَقَعُ)؛ لحديثِ ابنِ عمرَ: أنَّه طَلَّقَ امرأتَه وهي حائضٌ، فأَمَرَه النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُرَاجَعَتِها. رَوَاهُ الجماعةُ إلاَّ التِّرْمِذِيَّ.
(وتُسَنُّ رَجْعَتُها) إذا طَلَقَتْ زَمَنَ البِدْعَةِ؛ لحديثِ ابنِ عمرَ، (ولا سُنَّةَ ولا بِدْعَةَ) في زمنٍ أو عَدَدٍ (لصغيرةٍ وآيِسَةٍ وغيرِ مدخولٍ بها ومَن بانَ)؛ أي: ظَهَرَ (حَمْلُها)، فإذا قالَ لإِحْدَاهُنَّ: أَنْتِ طالقٌ. للسُّنَّةِ طَلْقةٌ, وللبدعةِ طلقةٌ. وَقَعَتَا في الحالِ، إلاَّ أنْ يُرِيدَ في غيرِ الآيسةِ إذا صَارَتْ من أهلِ ذلكَ، وإنْ قالَه لِمَن لها سُنَّةٌ وبِدْعةٌ, فواحدةٌ في الحالِ والأُخْرَى في ضدِّ حالِها إذن.