قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: ( (المُؤْمِنُ ):
(ومِنْ أسمائِهِ تَعَالَى (( المُؤْمِنُ ))، وهوَ في أحدِ التفسيرَيْنِ: المُصَدِّقُ الذي يُصَدِّقُ الصادِقِينَ بما يُقِيمُ لهمْ منْ شواهدِ صِدْقِهِم، فهوَ الذي صَدَّقَ رُسُلَهُ وأنبياءَهُ فيما بَلَّغُوا عنهُ، وَشَهِدَ لهم بأنَّهُم صَادِقُونَ بالدلائلِ التي دَلَّ بها على صِدقِهِم قَضَاءً وَخَلْقاً؛ فإنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ- وخبرُهُ الصدقُ، وقولُهُ الحقُّ - أنَّهُ لا بُدَّ أنْ يُرِيَ العبادَ من الآياتِ الأُفُقِيَّةِ والنفسيَّةِ ما يُبَيِّنُ لهمْ أنَّ الوحيَ الذي بَلَّغَتْهُ رُسُلُهُ حَقٌّ، فقالَ تَعَالَى: {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فُصِّلَتْ: 53]؛ أي: القرآنُ، فإنَّهُ هوَ المُتَقَدِّمُ في قولِهِ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ}، ثُمَّ قالَ: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)} [فُصِّلَتْ: 53]. فَشَهِدَ سبحانَهُ لرسولِهِ بقولِهِ: إِنَّ ما جَاءَ بهِ حَقٌّ، وَوَعَدَهُ أنْ يُرِيَ العبادَ منْ آياتِهِ الفعليَّةِ الخَلْقيَّةِ: ما يَشْهَدُ بذلكَ أيضاً)([1]).
(فـ... آياتُ الأنبياءِ وَبَرَاهِينُهُم وأَدِلَّتُهُم... هيَ شهادةٌ من اللهِ سبحانَهُ لهم، بَيَّنَهَا لِعِبَادِهِ غايَةَ البيانِ، وَأَظْهَرَهَا لهم غايَةَ الإظهارِ بقولِهِ وفِعْلِهِ.
وفي الصحيحِ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ: (( مَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ إِلاَّ وَقَدْ أُوتِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا آمَنَ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْياً أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) ([2]))([3]) ). [المرتبع الأسنى: ؟؟]
([1]) مَدارِجُ السَّالكِينَ (3/432 - 433) .
([2]) رَوَاهُ الإمامُ أَحْمَدُ (8286) والبُخَارِيُّ في كتابِ فضلِ القرآنِ / بابُ كيفَ نزلَ الوحيُ وأولُ ما نَزَلَ (4981) ومسلمٌ في كتابِ الإيمانِ / بابُ وجوبِ الإيمانِ برسالةِ نبيِّنَا مُحمدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ (383) من حديثِ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه.
([3]) مَدارِجُ السَّالكِينَ (3/432) .
وقال –رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى– شفاءُ العليلِ (1/272): (وكذلك لمَّا كانَ الإيمانُ صفتَه واسمُه (المؤمنُ) لم يُعْطِهِ إلا أحبَّ الخلقِ إليهِ).