حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني
البابُ الرابعُ
في القَصْرِ(1)
القصْرُ(2): تخصيصُ شىءٍ بشىءٍ(3) بطريقٍ مخصوصٍ(4)
ويَنقسمُ(5) إلى(6) حقيقيٍّ وإضافيٍّ(7) ,(فالحقيقيُّ) ما كان الاختصاصُ فيه(8) بحسَبِ الواقعِ والحقيقةِ(9), لا(10) بحسَبِ الإضافةِ إلى شىءٍ آخرَ (11)، نحوُ: لا كاتبَ في المدينةِ إلا عليٌّ(12) إذا لم يكنْ غيرُه فيها من الكتَّابِ(13). (والإضافيُّ) ما كان الاختصاصُ فيه(14) بحسَبِ الإضافةِ إلى شىءٍ معيَّنٍ(15)، نحوُ: ما عليٌّ إلا قائمٌ(16)، أي: أنَّ له(17) صفةَ القيامِ, لا صفةَ القعودِ(18)
وليس الغرَضُ نفيَ جميعِ الصفاتِ عنه(19) ما عدا صفةَ القيامِ(20).
وكلٌّ منهما(21) يَنقسمُ(22) إلى(23) قصْرِ صفةٍ على موصوفٍ، نحوُ: لا فارسَ إلا عليٌّ(24)، وقصرِ موصوفٍ على صفةٍ(25).
نحوُ: { وما مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ (26) } فيَجوزُ عليه الموتُ(27).
والقصْرُ الإضافيُّ(28) يَنقسمُ باعتبارِ حالِ المخاطَبِ(29) إلى ثلاثةِ أقسامٍ(30): قصْرُ إفرادٍ إذا اعتقدَ(31) المخاطَبُ الشرِكَةَ(32)
وقصْرُ قلْبٍ إذا اعتَقدَ(33) العكسَ(34)، وقصْرُ تعيُّنٍ إذا اعتقدَ(35) واحداً غيرَ معيَّنٍ(36).
____________________
قال الشيخ محمد ياسين بن عيسى الفاداني:
البابُ الرابعُ
من الأبوابِ الستَّةِ(1) (في القصْرِ) أي: مباحثُه من تعريفِهِ وأقسامِه وطرُقِه.
(2) (القصْرُ) لغةً: من قَصَرْتُ الشيءَ إذا حبَسْتُه, وقيلَ: مِن قصَرَ الشيء على كذا إذا لم يَتَجاوَزْ به إلى غيرِه, وهذا أوفَقُ. واصطلاحاً.
(3) (تخصيصُ شيء بشىءٍ) أي: جعْلُ الشيء خاصًّا بشىءٍ ومنحصِراً فيه، والمرادُ بذلك الإخبارُ بثبوتِ الشيء الثاني للشىءِ الأوَّلِ دونَ غيرِه، والشىءُ الأوَّلُ إن أُريدَ به الموصوفُ كان المرادُ بالشىءِ الثاني الصفةَ والعكسُ.
(4) (بطريقٍ مخصوصٍ) أي: معهودٍ معيَّنٍ من الطرُقِ المصطَلَحِ عليها عندَهم، فخَرَجَ نحوُ:خصَصْتُ زيداً بالعلْمِ فلا يُسمَّى قصْراً اصطلاحاً، ويُؤخذُ من هذا التعريفِ أنَّ القصْرَ يَتحقَّقُ بأركانٍ ثلاثةٍ: مقصورٌ وهو الشيء الأوَّلُ المخَصَّصُ، ومقصورٌ عليه وهو الشيء المخصَّصُ به، وأداةُ القصْرِ وستأتى، وقد يُسمَّى القصْرُ بالحصْرِ فيكونُ المقصورُ محصوراً والمقصورُ عليه محصوراً فيه، فقولُك: ما قَدِمَ إلا خالدٌ. يُستفادُ منه تخصيصُ القدومِ بخالدٍ ونفيُه عن غيرِه ممن يُظَنُّ منه ذلك، وما قَبْلَ إلا وهو القدومُ يُسَمَّى مقصوراً ومحصوراً، وما بعدَها, وهو خالدٌ, يُسمَّى مقصوراً عليه, ومحصوراً فيه, وما وإلا أداةُ القصْرِ.
(5) (ويَنقسِمُ) أي: القصْرُ بحسَبِ الواقعِ والحقيقةِ.
(6) (إلى) قسمين.
(7) (حقيقيٌّ وإضافيٌّ) بالاستقراءِ؛ لأن القصْرَ يستلزِمُ النفيَ، إن كان عن كلِّ ما عدا المقصورَ عليه فهو الحقيقيُّ, وإلا فهو الإضافيُّ (فـ) القصرُ.
(8) (ـالحقيقيُّ ما كان الاختصاصُ فيه) ملحوظاً
(9) (بحسَبِ الواقعِ والحقيقةِ) العطفُ تفسيريٌّ, أي: بحسبِ ذاتِه
(10) (لا) ملحوظاً
(11) (بحسبِ الإضافةِ إلى شيء آخَرَ) أي: من غيرِ ملاحظَةِ شيء دونَ شيء آخَرَ, ومن غيرِ ملاحظةِ حالِ المخاطَبِ من تردُّدٍ أو اعتقادِ خلافٍ أو شَرِكَةٍ، وهذا يَنْتظِمُ حكمين: إثباتُ الحكْمِ للمذكورِ ونفيُه عما عَدَاه فلا يَتجاوزُ الشىءُ الأوَّلُ المقصورُ الشىءَ الثانيَ المقصورَ عليه إلى جميعِ غيرِ هذا الشىءِ الثاني.
(12) (نحوُ: لا كاتِبَ في المدينةِ إلا عليٌّ ) أي: فإنه قصْرٌ حقيقيٌّ.
(13) (إذا لم يكنْ غيرُه فيها من الكتَّابِ) وقَصَرْتَ صفةَ الكاتبيَّةِ على عليٍّ ونَفَيتِها عن جميعِ مَن عداه فلا تَتجاوزُه صفةُ الكاتبيَّةِ إلى غيرِه أصلاً، ونحوُ: ما خاتَمُ الأنبياءِ والرسُلِ إلا محمدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقد قَصَرْتَ خَتْمَها على محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونفيتَه عن كلِّ مَن عداه, فلا يَتجاوزُه الختْمُ إلى غيرِه أصلاً, وإنما سُمِّيَ هذا القِسْمُ حقيقيًّا؛ لأن التخصيصَ ضِدُّ المشارَكةِ، ومعنى هذا القسمِ هو الذي يُنافي المشاركةَ منافاةً تامَّةً فهو الأَوْلَى أو يُتَّخَذَ حقيقةً للتخصيصِ, والأنسبُ بأن يُسمَّى بهذا الاسمِ (و) القصرُ (الإضافيُّ ما كان الاختصاصُ فيه).
(14) ملحوظاً
(15) (بحسبِ الإضافةِ إلى شيء معيَّنٍ) دونَ شيء مع ملاحظةِ حالِ المخاطَبِ السابقِ، وهذا يَنتظمُ حكمين أيضاً؛ إثباتُ الحكْمِ للمذكورِ, ونفيُه عن غيرِه فلا يَتجاوَزُ الشىءُ الأوَّلُ المقصورُ الشىءَ الثانيَ المقصورَ عليه إلى ذلك الشىءِ المعيَّنِ فِي حينَ أنه يُمكِنُ مجاوزتُه إلى غيرِ هذا الشىءِ المعيَّنِ.
(16) (نحوُ: ما عليٌّ إلا قائمٌ) فإنه قصْرٌ إضافيٌّ.
(17) (أي: أن له) أي: لعليٍّ.
(18) (صفةَ القيامِ لا صفةَ القعودِ) يعني: أنك قصَرْتَ عليًّا على صفةِ القيامِ ونَفيْتَ اتِّصافَه بصفةِ القعودِ فلا يَتجاوزُ عليٌّ صفةَ القيامِ إلى صفةِ القعودِ.
(19) (وليس الغرَضُ نفيَ جميعِ الصفاتِ عنه), أي: عن عليٍّ
(20) (ما عدا صفةَ القيامِ) أي: بل الغرضُ نفيُ صفةِ القعودِ فقط, فلذا يَتجاوزُ عليٌّ صفةَ القيامِ إلى غيرِ صفةِ القعودِ من العلْمِ أو الشعْرِ أو الكتابةِ، وإنما سُمِّيَ هذا القسْمُ إضافيًّا لا حقيقيًّا؛ لأن معناه لا يُنافِي المشاركةَ منافاةً تامَّةً لصحَّةِ وجودِ مشاركةٍ أُخرى, فلا يُناسِبُ أن يُسَمَّى حقيقيًّا, بل يُسَمَّى إضافيًّا؛ لأنَّ التخصيصَ فيه بالإضافةِ إلى معيَّنٍ.
(21) (وكلٌّ منهما) أي: من الحقيقيِّ والإضافيِّ.
(22) (يَنقسمُ) باعتبارِ حالِ المقصورِ والمقصورِ عليه.
(23) (إلى) قسمين قصْرُ صفةٍ على موصوفٍ, والمرادُ بالصفةِ هنا المعنى القائمُ بالغيرِ, وُجوديًّا كان أو عدَميًّا. فقصْرُ الصفةِ على الموصوفِ بالنسبةِ إلى الحقيقيِّ هو أن يُحْكَمَ بأنَّ هذه الصفةَ لا تَتجاوَزُ هذا الموصوفَ إلى كلِّ موصوفٍ غيرِه, وإن كان الموصوفُ يَتجاوزُها إلى غيرِها, وهذا موجودٌ كثيرًا، كقولِنا: لا إلهَ إلا اللهُ؛ فإن الألوهيَّةَ حكَمْنا بأنها لا تَتجاوزُ مصدُوقَ لفظِ الجلالةِ إلى غيرِه، كما أنها كذلك في نفسِ الأمْرِ، وكقولِنا السابقِ: ما خاتَمُ الأنبياءِ والرسُلِ إلا مُحَمَّدٌ. فقد حكَمْنا بأن ختْمَ النبوَّةِ والرسالةِ لا يَتجاوزُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى غيرِه، ولا يَقتضِي ذلك أنه لا يَتجاوزُ هذه الصفةَ إلى غيرِها من الصفاتِ كالشفاعةِ. وأما قصْرُ الصفةِ على الموصوفِ بالنسبةِ إلى الإضافِيِّ هو أن يُحكَمَ بأن هذه الصفةَ لا تَتجاوزُ هذا الموصوفَ إلى موصوفٍ آخَرَ معيَّنٍ, واحدًا أو متَعدِّدًا, وإن كانت هي تَتجاوزُ إلى غيرِ ذلك المعيِّنِ.
(24) (نحوُ: لا فارسَ إلا عليٌّ) إذا اعتقدَ المخاطَبُ أنَّ الفارسيَّةَ وصْفٌ لخالدٍ فقط أوْ لَه ولِعَليٍّ, فقَصَرْتَ في هذا القولِ الفارسيَّةَ على عليٍّ, بحيث لا تَتعدَّاه إلى خالدٍ فقط, وإن كانت تتعدَّى إلى غيرِ خالدٍ. ومعلومٌ أن هذا أيضاً لا يَقتضي كونَ عليٍّ مقصوراً على صفةِ الفارسيَّةِ, بل يَجوزُ أن يَتعدَّاها إلى الكتابةِ وغيرِها، هذا ويَصِحُّ أن يُجعلَ هذا مثالاً للحقيقيِّ حيث قدَّرْنَا لا فارسَ في المدينةِ إلا عليٌّ وكانت صفةُ الفارسيَّةِ لا تَتعدَّى غيرَ عليٍّ مِن سكَّانِ المدينةِ في نفسِ الأمرِ الواقعِ؛ فتدَبَّرْ.
(25) (وقصْرِ موصوفٍ على صفةٍ) وهذا بالنسبةِ إلى الحقيقيِّ, هو أن يُحكَمَ بأنَّ هذا الموصوفَ لا يَتجاوزُ هذه الصفةَ إلى غيرِها, وإن كانت الصفةُ تَتجاوزُه إلى غيرِها، نحوُ: ما زيدٌ إلا كاتبٌ إذا أريدَ أن زيداً لا يتَّصِفُ بغيرِها من الصفاتِ وإلا فهذا القسمُ –بالمعنى المذكورِ وهو كونُ الموصوفِ ليس له إلا صفةٌ واحدةٌ – مُحالٌ لتعذُّرِ إحاطةِ المتكلِّمِ بصفاتِ الشىءِ حتى يُمْكِنَ إثباتُ شيء منها ونفيُ ما عداها بالكلِّيَّةِ. وأما بالنسبةِ إلى الإضافةِ فهو أن يُحكَمَ بأن هذا الموصوفَ لا يَتجاوزُ هذه الصفةَ إلى صفةٍ أُخرى واحدةٍ أو صفاتٍ أخرى معيَّنَةٍ، لكن يَجوزُ أنْ تكونَ تلك الصفةُ لموصوفٍ آخَرَ.
(26) (نحوُ {ومَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} ) حيث اعتقدوا أنَّ محمَّداً يتَّصِفُ بكونِه رسولاً, وبأنه لا يَجوزُ عليه الموتُ فقُصِرَ في هذا القولِ على كونِه رسولاً فقط بحيثُ لا يتَعدَّاه إلى كونِه لا يَجوزُ عليه الموتُ، وإن كان الرسوليَّةُ, وهو الوصفُ, يَتعدَّى محمَّداً إلى غيرِه كنوحٍ عليه السلامُ.
(27) (فَيجوزُ عليه الموتُ) أي: فحيث دَلَّ القصْرُ على نفيِ وصفٍ معيَّنٍ عنه وهو عدَمُ جوازِ الموتِ عليه كان الموتُ جائزاً عليه.
(28) (والقصْرُ الإضافيُّ) سواءٌ كان قصْرَ صفةٍ على موصوفٍ أو قصْرَ موصوفٍ على صفةٍ.
(29) (يَنقسمُ باعتبارِ حالِ المخاطَبِ) أي: اعتقادِه.
(30) (إلى ثلاثةِ أقسامٍ) بخلافِ القصْرِ الحقيقيِّ فإنه قسمان فقط؛ إذ لا يَجريِ فيه الانقسامُ إلى الثلاثةِ باعتبارِ حالِ المخاطَبِ.
(31) (قصْرُ إفرادٍ إذا اعتَقَدَ) المرادُ بالاعتقادِ ما يَشملُ التجويزَ فيَدخلُ فيه الظنُّ, بل والوهْمُ، يدُلُّ عليه قولُه بعدُ في قصْرِ التعيينِ واحداً غيرَ معيَّنٍ.
(32) (المخاطَبُ الشرِكَةَ), أي: شرِكةَ صفتين فأكثرَ في موصوفٍ واحدٍ في قصْرِ الموصوفِ على الصفةِ, وشرِكَةَ موصوفَيْن فأكثرَ في صفةٍ واحدةٍ في قصْرِ الصفةِ على الموصوفِ فالأوَّلُ كأن يَعتقِدَ المخاطَبُ أنَّ شوقي بِكْ كاتبٌ وشاعرٌ فتقولُ في نفيِ ذلك الاعتقادِ: ما شوقي بِكْ إلا شاعرٌ في حينَ أنه متَّصِفٌ بالثاني فقط، ويَعتقدُ أنَّ زيداً شاعرٌ وكاتبٌ ومُنَجِّمٌ مثلاً في حينَ أنه متِّصِفٌ بالأخيرِ فقط فتقولُ في نفيِ ذلك: ما زيدٌ إلا مُنَجِّمٌ، والثاني كأن يَعتقدَ أنَّ زيداً وعمراً وخالداً اشترَكوا في صفةِ الشعرِ فإنك تقولُ في نفيِ ذلك الاعتقادِ: ما شاعرٌ إلا زيدٌ، وسُمِّيَ هذا القسمُ قصْرَ الإفرادِ؛ لأن المتكلِّمَ نَفَى به الشرِكَةَ المعتقَدَةَ وأفْرَدَ موصوفاً بصفةٍ واحدةٍ أو صفةً بموصوفٍ. هذا في الغالبِ, وقد يُخاطَبُ به من يَعتقِدُ أن المتكلِّمَ يَعتقدُ الشرِكَةَ, ولو كان هذا المخاطَبُ معتَقِداً للانفرادِ كأن يَعتقدَ مخاطَبٌ اتِّصَافَ أحمد شوقي بالشعرِ, ويَعتقِدَ أنك تَعتقدُ اتِّصَافَه بالشعرِ والكتابةِ، فتقولُ له: ما أحمدُ شوقي إلا شاعرٌ لتُعْلِمَه أنك لا تَعتقِدُ ما يَعتقدُه فيك.
(33) (وقصْرُ قلْبٍ إذا اعْتَقَدَ) المخاطَبُ.
(34) (العكسَ) أي: عكسَ الحكْمِ المثْبَتِ، والمرادُ بالعكسِ ما يُنافِي ذلك الحكْمَ, ففي قصْرِ الصفةِ إذا اعتَقَدَ المخاطَبُ أن المسافِرَ محمدٌ لا عليٌّ, تقولُ: ما سافَرَ إلا عليٌّ. حصْراً للمسافرِ في عليٍّ, ونفياً له عن محمَّدٍ، وفي قصْرِ الموصوفِ إذا اعتقَدَ أن محمَّداً قاعدٌ لا قائمٌ تقولُ: ما محمَّدٌ إلا قائمٌ, أي: لا قاعدٌ، وسُمِّيَ هذا القسمُ قصْرَ القلْبِ؛ لأن المتكلِّمَ قلَبَ وبدَّلَ فيه حكْمَ المخاطَبِ كلَّه بغيرِه بخلافِ قصْرِ الإفرادِ فإنه وإن كان فيه قلْبٌ وتبديلٌ إلا أنه ليس لكلِّ حكْمِ المخاطَبِ, بل فيه إثباتُ البعضِ ونفيُ البعضِ، هذا بالنظرِ للغالبِ، وقد يُخاطَبُ به من يَعتقدُ أنَّ المتكلِّمَ يَعتقدُ العكْسَ, وإن كان هو لا يَعتقدُ العكْسَ, وذلك عندَ قصْدِ أن يكونَ الخطابُ لإفادةِ لازِمِ الفائدةِ ببيانِ المتكلِّمِ أنَّ ما عندَه هو ما عندَ المخاطَبِ مثلاً, لا ما تَوهَّمَه.
(35) (وقصْرُ تعيينٍ إذا اعْتَقَدَ) المخاطَبُ.
(36) (واحداً غيرَ معيَّنٍ) أي: الاتِّصافُ بصفةٍ واحدةٍ غيرِ معيَّنةٍ من صفتين أو صفاتٍ في قصْرِ الموصوفِ أو اتِّصافُ واحدٍ غيرِ معيَّنٍ من موصوفَيْن فأكثرَ بالصفةِ في قصْرِ الصفةِ: فالأوَّلُ كأن يَعتقِدَ المخاطَبُ اتِّصافَ الأرضِ بصفةٍ واحدةٍ من صِفَتَيْ التحرُّكِ والسكونِ من غيرِ تعيينٍ، فتقولُ: الأرضُ متحرِّكةٌ, لا ساكنةٌ، والثاني كأن يَعتقِدَ أن الشاعرَ زيدٌ أو عمرٌو أو خالدٌ, فتقولُ: ما شاعرٌ إلا زيدٌ، وسُمِّيَ هذا القسمُ قصْرَ التعيينِ؛ لأن المتكلِّمَ عينُ الموصوفِ الذي هو غيرُ مُعَيَّنٍ, أو الصفةِ التي هي غيرُ معيَّنةٍ عندَ المخاطَبِ. قال الصَّفَوِيُّ: يَنبغي أن يَدخلَ في قصْرِ التعيينِ ما إذا كان التردُّدُ بين أمرَيْن هل الثابتُ أحدُهما أو كلاهما, وكذا ما لو جَزَمَ بثُبوتِ صفةٍ على التَّعْيينِ, وأصابَ بثبوتِ أُخرى معَها لا على التَّعْيينِ، وكذا إذا شكَّ في ثبوتِ واحدةٍ وانتفائِها بخلافِ ما لو أَخطأَ في الصفةِ التي اعتقَدَها على التعيينِ فإن القصْرَ حينئذٍ يكونُ بالنسبةِ إليها قصْرَ قلْبٍ وبالنسبةِ لما تَردَّدَ فيه قصْرُ تعيينٍ. انتهى).