دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دروس التفسير لبرنامج إعداد المفسّر > دروس تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ربيع الأول 1440هـ/18-11-2018م, 11:32 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (135) إلى الآية (136) ]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (136)}

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء للّه ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيّا أو فقيرا فاللّه أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرا (135)
القسط والإقساط العدل، يقال أقسط الرجل يقسط إقساطا إذا عدل وأتى بالقسط، ويقال قسط الرجل قسوطا إذا جار.
قال الله جلّ وعزّ: (وأقسطوا إنّ اللّه يحبّ المقسطين).
أي اعدلوا إن الله يحب العادلين.
وقال جلّ وعزّ: (وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطبا).
أي الجائرون، يقال قسط البعير قسطا إذا يبست يده، ويد قسطاء أي يابسة، فكأن أقسط أقام الشيء على حقيقة التعديل، وكأنّ قسط بمعنى جار معناه يبّس الشيء، وأفسد جهته المستقيمة.
وقوله: (ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين)
المعنى قوموا بالعدل وأشهدوا للّه بالحق، وإن كان الحق على نفس الشاهد أو على والديه وأقر بيه.
(إن يكن غنيّا أو فقيرا فاللّه أولى بهما).
أي إن يكن المشهود له فقيرا فاللّه أولى به، وكذلك إن يكن المشهود عليه غنيا فاللّه أولى به، فالتأويل أقيموا الشهادة لله على أنفسكم وأقاربكم، ولا تميلوا في الشهادة رحمة للفقير، ولا تحيفوا لاحتفال غنى عنيّ عندكم.
وقوله: (فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا).
أي لا تتبعوا الهوى فتعدلوا.
(وإن تلووا أو تعرضوا).
قرأ عاصم وأبو عمرو بن العلاء وأهل المدينة " تلووا " بواوين، وقرأ يحيى ابن وثاب والأعمش وحمزة بواو واحدة " تلوا "، والأشبه على ما جاء في التفسير ومذهب أهل المدينة وأبي عمرو، لأنه جاء في التفسير أن " لوى الحاكم في قضيته " أعرض.
(فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرا).
يقال لويت فلانا حقه إذا دفعته به ومطلته، ويجوز أن يكون " وأن تلو " أصله تلووا فأبدلوا من الواو المضمومة - همزة فصارت تلووا - بإسكان اللام - ثم طرحت الهمزة وطرحت حركتها على اللام فصار تلوا كما قيل في أدور أدوّر ثم طرحت الهمزة فصارت آدر.
ويجوز أن يكون وإن تلوا من الولاية، وتعرضوا أي إن قمتم بالأمر أو أعرضتم عنه، فإن اللّه كان بما تعملون خبيرا). [معاني القرآن: 2/117-119]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم خاطب تعالى المؤمنين بقوله كونوا قوّامين الآية، وهذا بناء مبالغة، أي ليتكرر منكم القيام.
بالقسط وهو العدل، وقوله شهداء نصب على خبر بعد خبر، والحال فيه ضعيفة في المعنى، لأنها تخصيص القيام بالقسط إلى معنى الشهادة فقط، قوله للّه المعنى لذات الله ولوجهه ولمرضاته، وقوله ولو على أنفسكم متعلق ب شهداء، هذا هو الظاهر الذي فسر عليه الناس، وأن هذه الشهادة المذكورة هي في الحقوق، ويحتمل أن يكون قوله شهداء للّه معناه بالوحدانية، ويتعلق قوله ولو على أنفسكم ب قوّامين بالقسط، والتأويل الأول أبين، وشهادة المرء على نفسه إقراره بالحقائق وقوله الحق في كل أمر، وقيامه بالقسط عليها كذلك، ثم ذكر الوالدين لوجوب برهما وعظم قدرهما، ثم ثنى بـ الأقربين إذ هم مظنة المودة والتعصب، فجاء الأجنبي من الناس أحرى أن يقام عليه بالقسط ويشهد عليه، وهذه الآية إنما تضمنت الشهادة على القرابة، فلا معنى للتفقه منها في الشهادة لهم كما فعل بعض المفسرين ولا خلاف بين أهل العلم في صحة أحكام هذه الآية، وقوله تعالى: إن يكن غنيًّا أو فقيراً فاللّه أولى بهما معناه: إن يكن المشهود عليه غنيا فلا يراعى لغناه، ولا يخاف منه، وإن يكن فقيرا فلا يراعى إشفاقا عليه فإن الله تعالى أولى بالنوعين وأهل الحالين، والغني والفقير اسما جنس والمشهود عليه كذلك، فلذلك ثنى الضمير في قوله بهما، وفي قراءة أبيّ بن كعب «فالله أولى بهم» على الجمع، وقال الطبري:
ثنى الضمير لأن المعنى فالله أولى بهذين المعنيين، غنى الغني وفقر الفقير، أي: وهو أنظر فيهما، وقد حد حدودا وجعل لكل ذي حق حقه، وقال قوم أو بمعنى الواو، وفي هذا ضعف.
وذكر السدي: أن هذه الآية نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم، اختصم إليه غني وفقير، فكان في ضلع الفقير علما منه أن الغني أحرى أن يظلم الفقير، فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط بين الغني والفقير.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق: وارتبط هذا الأمر على ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فأقضي له على نحو ما أسمع»، أما أنه قد أبيح للحاكم أن يكون في ضلع الضعيف، بأن يقيد له المقالات ويشد على عضده، ويقول له: قل حجتك مدلا، وينبهه تنبيها لا يفت في عضد الآخر، ولا يكون تعليم خصام، هكذا هي الرواية عن أشهب وغيره.
وذكر الطبري: أن هذه الآية هي بسبب نازلة طعمة بن أبيرق، وقيام من قام في أمره بغير القسط، وقوله تعالى: فلا تتّبعوا الهوى نهي بيّن، واتباع الهوى مرد مهلك، وقوله تعالى: أن تعدلوا يحتمل أن يكون معناه مخافة أن تعدلوا، ويكون العدل هنا بمعنى العدول عن الحق، ويحتمل أن يكون معناه محبة أن تعدلوا، ويكون العدل بمعنى القسط، كأنه قال: انتهوا خوف أن تجوروا أو محبة أن تقسطوا، فإن جعلت العامل تتّبعوا فيحتمل أن يكون المعنى محبة أن تجوروا، وقوله تعالى: وإن تلووا أو تعرضوا قال ابن عباس: هو في الخصمين يجلسان بين يدي القاضي فيكون ليّ القاضي وإعراضه لأحدهما على الآخر، فالليّ على هذا مطل الكلام وجره حتى يفوت فصل القضاء وإنفاذه للذي يميل القاضي عليه، وقد شاهدت بعض القضاة يفعلون ذلك، والله حسيب الكل، وقال ابن عباس أيضا، ومجاهد، وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم: هي في الشاهد يلوي الشهادة بلسانه ويحرفها، فلا يقول الحق فيها، أو يعرض عن أداء الحق فيها.
قال القاضي أبو محمد- رحمه الله-: ولفظ الآية يعم القضاء والشهادة والتوسط بين الناس، وكل إنسان مأخوذ بأن يعدل، والخصوم مطلوبون بعدل ما في القضاة فتأمله، وقرأ جمهور الناس «تلووا» بواوين من لوى يلوي على حسب ما فسرناه، وقرأ حمزة وابن عامر وجماعة في الشاذ «وأن تلو» بضم اللام وواو واحدة، وذلك يحتمل أن يكون أصله «تلئوا» على القراءة الأولى، همزت الواو المضمومة كما همزت في أدؤر، وألقيت حركتها على اللام التي هي فاء «لوى» ثم حذفت لاجتماع ساكنين، ويحتمل أن تكون «تلوا» من قولك ولي الرجل الأمر، فيكون في الطرف الآخر من تعرضوا كأنه قال تعالى للشهود وغيرهم: وإن وليتم الأمر وأعرضتم عنه فالله تعالى خبير بفعلكم ومقصدكم فيه، فالولاية والإعراض طرفان، والليّ والإعراض في طريق واحد، وباقي الآية وعيد). [المحرر الوجيز: 3/42-44]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء للّه ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فاللّه أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرًا (135)}
يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوّامين بالقسط، أي بالعدل، فلا يعدلوا عنه يمينًا ولا شمالًا ولا تأخذهم في اللّه لومة لائمٍ، ولا يصرفهم عنه صارفٌ، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه.
وقوله: {شهداء للّه} كما قال {وأقيموا الشّهادة للّه} أي: ليكن أداؤها ابتغاء وجه اللّه، فحينئذٍ تكون صحيحةً عادلةً حقًّا، خاليةً من التّحريف والتّبديل والكتمان؛ ولهذا قال: {ولو على أنفسكم} أي: اشهد الحقّ ولو عاد ضررها عليك وإذا سئلت عن الأمر فقل الحقّ فيه، وإن كان مضرة عليك، فإنّ اللّه سيجعل لمن أطاعه فرجًا ومخرجًا من كلّ أمرٍ يضيق عليه.
وقوله: {أو الوالدين والأقربين} أي: وإن كانت الشّهادة على والديك وقرابتك، فلا تراعهم فيها، بل اشهد بالحقّ وإنّ عاد ضررها عليهم، فإنّ الحقّ حاكمٌ على كلّ أحدٍ، وهو مقدّمٌ على كلّ أحدٍ.
وقوله: {إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فاللّه أولى بهما} أي: لا ترعاه لغناه، ولا تشفق عليه لفقره، اللّه يتولّاهما، بل هو أولى بهما منك، وأعلم بما فيه صلاحهما.
وقوله {فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا} أي: فلا يحملنّكم الهوى والعصبيّة وبغضة النّاس إليكم، على ترك العدل في أموركم وشؤونكم، بل الزموا العدل على أيّ حالٍ كان، كما قال تعالى: {ولا يجرمنّكم شنآن قومٍ على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى} [المائدة: 8]
ومن هذا القبيل قول عبد اللّه بن رواحة، لمّا بعثه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزرعهم، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم، فقال: واللّه لقد جئتكم من عند أحبّ الخلق إليّ، ولأنتم أبغض إليّ من أعدادكم من القردة والخنازير، وما يحملني حبي إيّاه وبغضي لكم على ألّا أعدل فيكم. فقالوا: "بهذا قامت السّماوات والأرض". وسيأتي الحديث مسندًا في سورة المائدة، إن شاء اللّه [تعالى].
وقوله: {وإن تلووا أو تعرضوا} قال مجاهدٌ وغير واحدٍ من السّلف: {تلووا} أي: تحرّفوا الشّهادة وتغيّروها، "واللّيّ" هو: التّحريف وتعمّد الكذب، قال اللّه تعالى: {وإنّ منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب [لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند اللّه وما هو من عند اللّه ويقولون على اللّه الكذب وهم يعلمون]} [آل عمران: 78]. و "الإعراض" هو: كتمان الشّهادة وتركها، قال اللّه تعالى: {ومن يكتمها فإنّه آثمٌ قلبه} [البقرة:283] وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "خير الشّهداء الّذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها". ولهذا توعّدهم اللّه بقوله: {فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرًا} أي: وسيجازيكم بذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/433]


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (136)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله والكتاب الّذي نزّل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلّ ضلالا بعيدا (136)
قيل فيه قولان: - يا أيها الذين آمنوا أقيموا على الإيمان باللّه كما قال عزّ وجلّ (وعد اللّه الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما)، أي وعد من أقام على الإيمان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين ذكروا في هذه القصة مغفرة وأجرا عظيما.
وقيل يعنى بهذا المنافقون الذين أظهروا التصديق وأسروا التكذيب.
فقيل: يا أيها الذين أظهروا الإيمان آمنوا باللّه ورسوله أي أبطنوا مثل ما أظهرتم.
والتأويل الأول أشبه واللّه أعلم). [معاني القرآن: 2/119]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله والكتاب الّذي نزّل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلّ ضلالاً بعيداً (136) إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفراً لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً (137)
اختلف الناس فيمن خوطب بقوله تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه فقالت فرقة: الخطاب لمن آمن بموسى وعيسى من أهل الكتابين، أي: يا من قد آمن بنبي من الأنبياء، آمن بمحمد عليه السلام، ورجح الطبري هذا القول، وقيل: الخطاب للمؤمنين على معنى: ليكن إيمانكم هكذا على الكمال والتوفية بالله تعالى وبمحمد عليه السلام وبالقرآن وسائر الكتب المنزلة، ومضمن هذا الأمر الثبوت والدوام، وقيل: الخطاب للمنافقين، أي: يا أيها الذين أظهروا الإيمان بألسنتهم، ليكن إيمانكم حقيقة على هذه الصورة، وقرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر، «نزّل» بضم النون وكسر الزاي المشددة على ما لم يسم فاعله، وكذلك قرؤوا «والكتاب الذي أنزل من قبل» بضم الهمزة وكسر الزاي على ما لم يسم فاعله، وقرأ الباقون «نزل وأنزل» بفتح النون والزاي وبفتح الهمزة في «أنزل» على إسناد الفعلين إلى الله تعالى، وروي عن عاصم مثل قراءة أبي عمرو، والكتاب المذكور أولا هو القرآن، والمذكور ثانيا هو اسم جنس لكل ما نزل من الكتاب، وقوله تعالى: ومن يكفر باللّه إلى آخر الآية وعيد وخبر، مضمنة تحذير المؤمنين من حالة الكفر). [المحرر الوجيز: 3/44-45]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله والكتاب الّذي نزل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلّ ضلالا بعيدًا (136)}
يأمر اللّه تعالى عباده المؤمنين بالدّخول في جميع شرائع الإيمان وشعبه وأركانه ودعائمه، وليس هذا من باب تحصيل الحاصل، بل من باب تكميل الكامل وتقريره وتثبيته والاستمرار عليه. كما يقول المؤمن في كلّ صلاةٍ: {اهدنا الصّراط المستقيم} [الفاتحة: 6] أي: بصّرنا فيه، وزدنا هدى، وثبّتنا عليه. فأمرهم بالإيمان به وبرسوله، كما قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله} [الحديد: 28].
وقوله: {والكتاب الّذي نزل على رسوله} يعني: القرآن {والكتاب الّذي أنزل من قبل} وهذا جنسٌ يشمل جميع الكتب المتقدّمة، وقال في القرآن: {نزل}؛ لأنّه نزل مفرّقًا منجّمًا على الوقائع، بحسب ما يحتاج إليه العباد إليه في معادهم ومعاشهم، وأمّا الكتب المتقدّمة فكانت تنزل جملةً واحدةً؛ ولهذا قال: {والكتاب الّذي أنزل من قبل} ثمّ قال {ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلّ ضلالا بعيدًا} أي: فقد خرج عن طريق الهدى، وبعد عن القصد كلّ البعد). [تفسير القرآن العظيم: 2/434]


* للاستزادة ينظر: هنا

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir