اختلاف القراءات في الحمل
إن قيل: أيّهما أبلغ الحمل على اللفظ أو الحمل على المعنى؟
فالجواب: أنّ ذلك يختلف بحسب السياق والغرض البياني؛ فقد يكون الحمل على اللفظ أبلغ في موضع، ويكون الحمل على المعنى أبلغ في موضع آخر.
وقد يجتمع في موضع واحد بلاغة الحمل على اللفظ باعتبار، والحمل على المعنى باعتبار آخر.
ومن ذلك ما اختلفت فيه القراءات في هذا الباب؛ فإنّ مما نعتقده أنّه لا يقع في القرآن اختيار لفظ على لفظ، ولا تركيب على تركيب، ولا أسلوب على أسلوب؛ إلا والذي اختاره الله أحسن وأبلغ؛ فإذا اختلفت القراءات؛ فيكون لكلّ قراءة اعتبارٌ، ومن أمثلة ذلك:
1: ما تقدّم ذكره في قول الله تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً}
قرأ الجمهور {تعمل} بالتاء حملاً على المعنى.
وقرأ حمزة والكسائي [يعمل] بالياء حملاً على اللفظ.
2: وقول الله تعالى: { هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58)}
قرأ الجمهور {وآخر} بالحمل على اللفظ، وقرأ أبو عمر [وأُخَر] بالجمع حملاً على المعنى.
3: وقول الله تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى}
قرأ الجمهور: {أن يكون} بالياء حملاً على اللفظ.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب: {أن تكون} بالتاء حملاً على المعنى.