17- حسْنُ الانتهاءِ هو أن يَجعلَ(1) آخِرَ الكلامِ(2) عَذْبَ اللَّفظِ حَسَنَ السَّبْكِ صحيحَ المعنى(3)، فإن اشتملَ(4) على ما يُشْعِرُ بالانتهاءِ(5) سُمِّيَ(6) براعةَ المقطَعِ(7)، كقولِه(8):
بَقِيتَ بقاءَ الدهْرِ يا كهْفَ أهلِه(9)..... وهذا(10) دعاءٌ للبريَّةِ(11) شامِلُ(12)
___________________________
(1) (حسْنُ الانتهاءِ هو أن يَجعلَ ) المتكلِّمُ.
(2) (آخِرَ الكلامِ) الذي به انتهتْ وخُتِمتْ القصيدةُ أو الخطبةُ أو الرسالةُ.
(3) (عذْبَ اللَّفظِ حسَنَ السَّبْكِ صحيحَ المعنى) كحُسنِ الابتداءِ.
(4) (فإن اشتَمَلَ) أي: آخِرُ الكلامِ.
(5) (على ما يُشعِرُ بالانتهاءِ) أي: بأنَّ الكلامَ قد انتهى, سواءٌ كان لفظاً دالاّ بالوضْعِ على الْخَتْمِ كلفظِ انتهى أو تَمَّ أو كَمُلَ وكقولِك: ونسألُه حسْنَ الختامِ. أو بالعادةِ كأن يكونَ مدلولُه مفيداً عُرْفاً أنه لا يؤتى بشيءٍ بعدَه فلا يَبقى للنفسِ تشوُّفٌ لغيرِه بعدَ ذلك مثلُ قولِهم في آخِرِ الرسائلِ والمكاتباتِ: والسلامُ. ومثلُ الدعاءِ فإن العادةَ جاريةٌ بالختْمِ به.
(6) (سُمِّيَ) أي: الانتهاءُ المشعِرُ بانتهاءِ الكلامِ.
(7) (براعةَ المقطَعِ) كما يُسَمَّى به نفسُ الاشتمالِ المذكورِ.
(8) (كقولِه) أي: أبي العلاءِ المعريِّ كما في المطوَّلِ أو أبي الطيِّبِ المتنبِّي كما نَسبَه ابنُ فضْلِ اللهِ.
(9) (بَقِيتَ بقاءَ الدهْرِ يا كهْفَ أهلِهِ) أي: يا كهفاً يَأْوِي إليه غيرُه من أهلِه , أي: جِنسِه بدليلِ ما بعدَه, والكهْفُ في الأصلِ الغارُ في الجبلِ يُلجأُ إليه, استُعيرَ هنا للمَلجأِ.
(10) (وهذا) الإشارةُ لقولِه بَقِيتَ إلخ.
(11) (دُعاءٌ للْبَرِيَّةِ) أي: الناسِ وما يَتعلَّقُ بهم.
(12) (شاملُ)؛ لأنه لمَّا كان بقاؤُه سبباً لنظامِ البريَّةِ أي: كونُهم في نِعمةٍ وسبباً لصلاحِ حالِهم برفْعِ الخلافِ فيما بينَهم ودفْعِ ظلْمِ بعضِهم عن بعضٍ , وتمكُّنِ كلِّ واحدٍ من بلوغِ مصالِحه كان الدعاءُ ببقائِه دعاءً يَنفعُ العالَمَ أي: الناسَ وما يَتعلَّقُ بهم. وإنما أَشعَرَ هذا الدعاءُ بانتهاءِ الكلامِ؛ لأنه لا يَبقَى عندَ النفسِ ما يُخاطَبُ به هذا المخاطَبُ بعدَ هذا الدعاءِ, ولأن العادةَ جرَتْ بالختْمِ بالدعاءِ كما قدَّمْنا آنِفاً.
ونسألُه تعالى حُسْنَ الختامِ, وصلَّى اللهُ على سيِّدِنا محمَّدٍ النبيِّ الأمِّيِّ وعلى آلِه وصحبِه وسلِّمْ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.