سيرة المفسر محمد جمال الدين القاسمي
اسمه ونسبه:
محمد جمال الدين أبو الفرج بن محمد سعيد بن قاسم بن صالح بن إسماعيل بن أبي بكر المعروف بالقاسمي نسبه إلي جده المذكور وهو الإمام فقيه الشام وصالحها في عصرها الشيخ قاسم المعروف بالحلاق وكان أبوه (محمد سعيد) رحمه الله فقيها أديبا أشتغل في أول حياته بالتجارة ثم اعتزلها لأسباب لا نعرفها.
وأمه عائشة بنت أحمد جبينه وجدتة لأبيه فاطمة بنت محمد الدسوقي .(1 )
مولده ونشأته:
ولد ضحوة يوم الأثنين لثمان خلت من شهر جمادي الآولي سنه ثلاث وثمانين ومائتين وألف ،في زقاق المكتبي، ظاهر باب الجابية وبالقرب من قصر الحجاج في محلة القنوات في دمشق الشام.
ونشأ القاسمي في بيت عرف بالعلم والتقوي وكان ذلك له أثر كبير في توجيهة الوجهة التي تولاها وأختار ه الله لها فقد كان جدة الشيخ قاسم فقية الشام وصالحها وكان أبوه فقيها أديبا وفي جو من حرمة الدين وحلالة فتح عينية علي النور.2
شيوخه:
-والده الشيخ محمد سعيد قاسم.
الحافظ المعمر الشيخ عبد الرحمن بن علي شهاب المصري.
-محمد أفندي محمد مصطفي القوصي من صلحاء الأتراك .
-الشيخ رشيد أفندي قزيها الشهير بابن سنان.
-الشيخ أحمد الحلواني شيخ القرء بالشام.
-الشيخ بكر بن حامد البيطار.
-الشيخ محمد بن محمد الخاني النقشبندي.
-الشيخ حسن بن أحمد بن عبد القادر جبينة الشهير بالدسوقي.
-العلامة محمود أفندي الحمزاوي مفتي الشام.
-الأمام طاهر بن عمر الآمدي مفتي الشام ايضا.
-العلامة الشيخ محمد الطنطاوي الأزهري.(3 )
- الشيخ نعمان الألوسي.
تلاميذة:
-الشيخ محب الدين الخطيب.
-د/ صلاح القاسمي.
-حامد النقي.
- محمد بهجه البيطار.
-أحمد محمد شاكر.
-محمد جميل الشطي.(4)
أقوال العلماء فيه:
-مدحه أمير البيان شكيب ارسلان فكان مما قال عنه : كان فى هذه الحقبة الأخيرة جمال دمشق ، وجمال القطر الشامى بأسره فى غزارة يقول الأمير شكيب فى سماحة الخلق ورجاحة العقل ونبالة القصد وغزارة العلم والجمع بين العقل والنقل والرواية والفهم ولم يكن فى وقتهما أعلى منهما فكرا وأبعد نظرا وأثقب ذهنا فى فهم المتون والنصوص والتمييز بين العموم والخصوص فضله وسعة علمه.وشفوف حسه وذكاء نفسه وكرم اخلاقه وشرف منازعه وجمعه بين الشمائل الباهية والمعارف المتناهية.
-وقال عنه الشيخ رشيد رضا
هو علامة الشام ونادرة الايام والمجدد لعلوم الاسلام محيى السنة بالعلم والعمل والتعليم والتهذيب والتأليف واحد حلقات الاتصال بين هدى السلف والارتقاء الذى يقتضيه الزمن الفقيه الاصولى المفسر المحدث الأديب المتفنن التقى الأواب الحليم الأواه ـ العفيف النزيه صاحب التصانيف الممتعة والابحاث المقنعة (5).
-ويقول جميل العظم :
انفرد جمال الدين بفضائل أثيرة ومناقب كثيرة ،و صبر لصدمات المهاجمين من المتفقهة والقصاص والمخرفين وله معهم مواقف حافظ فيها علي سكينته ووقارة ولم يتجاوزبهما حد المدافعة ،فلم يسمع له فيها قعقعة مراء ولا صليل جدل ، فكان جمال الدين خلقة كجمال الدين في فارس ،وكصديق حسن خان في الهند ،والأستاذ الأمام في مصر ، ولم أر من أستقام علي الطريقة بعد أولئك الثلاثة مثل الجمال القاسمي الا صاحب المنار.
-وقال الشيخ ظاهر الجزائري :
"أنه وليد القرون ، وقد فهم الشريعة كما فهمها الصحابة والتابعين"(6)
-وقال الأستاذ أنور الجندي : " ولو ذهبنا نستقصي كل ما كتبه العلماء في الإشادة بفضل القاسمي لطال بنا المقام ، ولكن نكتفي بما ذكر ونحيل على الباقي خشية الإطالة "(7).
طلبه للعلم
قال رحمه الله في ترجمته لنفسه:" قد ربيفي كنف والده ، وقرأ القرآن علي الحافظ المعمر الشيخ عبد الرحمن بن علي شهاب المصري نزيل الشام .ويقول وبعد أن تمت القرآن ، أخذت في تعلم الكتابة عند الشيخ محمود أفندي بن محمد بن مصطفي القوصي نزيل دمشق ، من صلحاء الأتراك.....
ثم انتقلت إلي مكتب في المدرسة الظاهرية وكان معلمه العالم الفاضل الشيخ رشيد أفندي قزيها ، الشهير بابن سنان .فقرأت عنده مقدمات وفنون شتي ، من التوحيد وصرف ونحو ومنطق وغيرها وكنت خلال ذلك شارعا في قراءة المختصرات الفقية والنحوية عند سيدي الوالد ثم جودت القرآن عند شيخ قراء بالشام الشيخ أحمد الحلواني ،فقرأت عليه ختمة وأكثر من نصف الآخري علي رواية الإمام حفص.
وقد أجاز له إجازة عامة كثير من كبار الشيوخ ،منهم مفتي الشام العلامة محمود أفندي الحمزاوي والإمام طاهر بن عمر الآمدي مفتي الشام ايضا والعلامة الشيخ محمد الطنطاوي الأزهري ثم الدمشقي.(8)
نبذة من أخباره
بدأ الشيخ حياته العلمية مدرسا فى حياة والده فلما توفى والده تولى مكانة فى خدمة امامه فى جامع السنانين بدمشق ومارس نشاطه العلمى فى التأليف والشرح والنقد والاصلاح حتى ازدهرت تأليفه وكثرت مصنفاته ووصل عددها إلى ما يقرب من الثمانين ما بين مخطوط ومطبوع.(9)
آثاره
ترك القاسمي رحمه الله عددا كبيرا من المؤلفات تقارب المائة مؤلف وقد اطلع الزركلي علي اثنان وسبعين مؤلف له ومن أشهرها:
ـ محاسن التأويل فى تفسير القرآن الكريم..
- فصل الكلام فى حقيقة عود الروح إلى الميت حين الكلام.
ـ بحث فى جمع القراءات المتعارف عليها
ـ دلائل التوحيد.
ـ موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين.
-نقد النصائح الكافية.
-الفتوي في الإسلام.
-إصلاح المساجد من البدع والعوائد.
-شرح لقطة العجلان.
ـ قواعد التحديث فى فنون مصطلح الحديث.(10)
منهج القاسمي في تفسيره
يمكن لقارئ تفسير القاسمي أن يحدد معالم منهجه في تفسيره وفق المنحى التالي:
ذكر المناسبات بين الآيات، ويعتمد في هذا المنحى على كتاب "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور" للبقاعي.
- -الحديث عن بعض علوم القرآن الكريم، كالمكي والمدني، وعد الآيات لكل سورة، وسبب تسميتها، وإن كان لها أسماء أخر، ويتحدث عن الناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول..
-يتعرض للقراءات القرآنية الواردة في الآية، بيد أنه ليس له منهج واضح في هذا الصدد. فيذكر القراءة أحياناً من غير أن يذكر إن كانت قراءة متواترة أو شاذة. ويذكر القراءة أحياناً ويوجهها، ويمر عليها أحياناً من غير توجيه..
-يبين عند تفسيره للآية معاني المفردات، ويتعرض بإيجاز للقضايا النحوية ذات الصلة بالآية، وقد يتوسع أحياناً في إعراب بعض الكلمات، فيذكر وجوه الإعراب فيها.
-يتعرض عند تفسيره لبعض الآيات للنواحي البلاغية، كالسر في استعمال لفظ قرآني ما، أو السر في تقديم لفظ وتأخير آخر. ويرد على ما يوهم ظاهره التكرار. كما يذكر بعض اللطائف لبعض الآيات، والأسرار الخفية الكامنة ورائها، ويعتمد في هذا المنحى بشكل أساس على تفسير "الكشاف" للزمخشري، وتفسير "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم" لأبي السعود.
يُجري أحياناً مقارنة بين بعض التعبيرات القرآنية التي تتحدث عن موضوع واحد، كما كالمقارنة بين قوله تعالى: {وكلا منها رغدا حيث شئتما} (البقرة:35)، وقوله سبحانه: {فكلا من حيث شئتما} (الأعراف:)19)
-يذهب القاسمي إلى أن وجه الإعجاز في القرآن الكريم يتمثل في جانب الفصاحة والبلاغة، وينضم إليه وجوه أخر: منها إخباره عن أمور مغيبة ظهرت كما أخبر. ومنها كونه لا يمله السمع مهما تكرر. ومنها جمعه لعلوم لم تكن معهودة، عند العرب والعجم. ومنها إنباؤه عن الوقائع الماضية، وأحوال الأمم..
-يعتمد القاسمي في تفسيره منهج التفسير بالمأثور، فيفسر القرآن بالقرآن، وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبما ورد من آثار الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين..
يُعنى بذكر بعض حوادث السيرة النبوية عند تفسيره لبعض الآيات..-
-يتعرض لبعض الإشكالات التي ترد على ظاهر اللفظ والنظم القرآني، ويورد اعتراضات قد ترد على الآية، ويرد عليها معتمداً في ذلك أسلوب الفنقلة (فإن قيل:...قلت:...)، والاعتراضات التي يوردها قد تكون نقلاً، وقد تكون من عنده..
-ينبه على بعض الأمور الدقيقة، واللطيفة التي تشتمل عليها الآية، ويذكر ذلك تحت عنوان: فائدة، أو فوائد، لطيفة، أو لطائف، تنبيه، أو تنبيهات.
يُلاحظ على القاسمي اهتمامه بالمسائل العلمية، وبالآيات ذات المضامين العلمية، بيد أنه لم يتحدث عن جميع الآيات التي فيها إشارات علمية. ويظهر اهتمامه في هذا المنحى من خلال نقله عن بعض علماء الفلك. لكنه قد يورد أقوالاً لبعض المتقدمين، لا تتفق وحقائق العلم، ويوردها دون تعليق أو تعقيب..
-منهج القاسمي في المسائل العقدية منهج سلفي، فهو حريص على تقرير عقيدة السلف في الاعتقاد، والدعوة إليها من خلال تفسيره. ويظهر ذلك جلياً في موضوع آيات الصفات، يقول في هذا الصدد: "أعدل المذاهب مذهب السلف؛ فإنهم أثبتوا النصوص بالتنزيه من غير تعطيل ولا تشبيه.".
-يرد القاسمي على مخالفي مذهب السلف في الاعتقاد أو العمل، فيرد على المعتزلة، والشيعة، والقدرية، وأهل الكتاب، وأصحاب البدع. وهو في رده على هذه الفرق المختلفة والمخالفة يعتمد النقل غالباً عن المتقدمين، وخاصة ابن تيمية، وقد يكون رده ابتداء منه..
-يستنبط من آيات الأحكام أحكاماً شرعية، متوسعاً أحياناً، ومختصراً أخرى، وهو يفعل هذا من غير تعرض لمذاهب الفقهاء الأربعة إلا في أحوال نادرة، وجلُّ اعتماده في هذا المنحى على ما يقرره ابن القيم، وشيخه ابن تيمية رحمهما الله.
-يعتمد القاسمي في تفسيره على النقل من كتب كثيرة، وعلى النقل من التوراة والإنجيل، وهو في هذا المسلك يتعقب أحياناً ما ينقله بالقبول أو عدمه، وأكثر المواضع التي ينقلها، ينقلها من غير تعقيب. ومع أنه ينقل من التوراة والإنجيل إلا أن له موقفاً جيداً من القضايا التي خاض فيها بعض المفسرين، فيرد بعض الإسرائيليات التي ذكروها في تفاسيرهم، كما فعل في قصة الشجرة التي أكل منها آدم عليها السلام، حيث قال في هذا الصدد: "لم يرد في القرآن المجيد، ولا في السنة الصحيحة تعيين هذه الشجرة؛ إذ لا حاجة إليه؛ لأنه ليس المقصود تعرف عين تلك الشجرة. وما لا يكون مقصوداً، لا يجب بيان.(11).".
أسلوب القاسمي في تفسيره
-نظراً لاعتماد القاسمي على النقولات الكثيرة من كتب لمؤلفين اختلفت أساليبهم جزالة وسهولة؛ فهو ينقل عن الطبري، والرازي، والزمخشري، وأبي السعود، وابن تيمية، وغيرهم من العلماء الأثبات، ومن ثم نجد في "تفسيره" ما هو سهل الأسلوب ميسر الفهم، ونجد فيه أيضاً ما هو صعب الأسلوب عسير الفهم.
وعلى الجملة، يمكن القول: إن ما عبر به القاسمي بأسلوبه الخاص فهو سهل واضح قريب الفهم. ولو قارنا ما كتبه القاسمي بأسلوبه مع ما نقله عن المتقدمين، فستكون نسبة ما عبر عنه بأسلوبه قليل.(12)
ملاحظات على تفسير "محاسن التأويل"
كما هو شأن كل عمل بشري لا يخلو من قصور ونقاط ضعف، وما كتبه القاسمي في تفسيره لا يخرج عن هذه القاعدة، فالقارئ لتفسيره يقف على الملاحظات التالية:
1-كثرة النقول عن العلماء الأثبات، ونقله لم يكن دعماً لرأي يراه، بل جعل النقل هو صلب الكتاب، وهو في عمله هذا ينقل كثيراً من العبارات التي لا علاقة لها بالتفسير البتة، ولو اقتصر في نقله على ما له علاقة بالآية موضع التفسير لكان عمله أقوم منهجاً، وأهدى سبيلاً.
2-لم يكن للقاسمي منهج واضح في أثناء ذكره للقراءات القرآنية؛ فهو لا يعرض لجميع القراءات الواردة في كلمات القرآن، بل يعرض لبعضها، ويغفل عن بعضها الآخر. ولا يلتزم ذكر المتواتر من القراءات، بل يذكر المتواتر والشاذ، وتارة ينسب القراءة لقرائها، وتارة لا ينسبها، بل يكتفي بالقول: "وقُرئ"، وهذا يوقع القارئ في لبس وتشويش. والقراءة الشاذة يذكر أحياناً شذوذها، وأحياناً أخرى لا يذكر ذلك. وقد ينقل عن بعض المفسرين ترجيحهم لبعض القراءات دون تعقيب، بل ينقل عن الزمخشري تضعيفه لقراءة متواترة دون أن يعقب على ذلك، كما فعل عند تفسيره لقوله تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض} (محمد:22)، فقد نقل قول الزمخشري: "وقرئ {عسيتم} بكسر السين، وهي ضعيفة"، نقلها من غير تعقيب، وهي قراءة متواترة. ومما يؤخذ عليه في هذا الصدد أيضاً أنه لا يلتزم منهجاً محدداً في توجيهه للقراءات القرآنية، فهو غالباً يوجه تلك القراءات، وأحياناً يمر عليها مرور الكرام من غير توجيه.
3- يستطرد في ذكر موضوعات لا علاقة لها بتفسير الآيات، فمثلاً كثيراً ما يورد أحاديث نبوية لا صلة لها بموضوع الآية موضع التفسير..
نقله عن التوراة والإنجيل من غير وضع ضوابط معينة، وشرائط محددة لهذا النقل..4-
5-يفسر بعض الآيات التي تحمل مضموناً علمياً ببعض النظريات العلمية، التي لم تثبت صحتها بعد، وليس يخفى أن تفسير الآيات اعتماداً على نظريات قابلة للخطأ والصواب، ليس بالنظر السديد؛ لأنه يؤدي إلى الشك في كلام الله إذا تبين خطأ النظرية التي فسرت بها الآية، ومن ثم فإن ما نقله القاسمي عن بعض علماء الفلك ينبغي التنبه إليه، والتنبيه عليه، وبيان عدم صحته، حتى لا يغتر به أحد.
6- توسع القاسمي في بعض الأحكام الشرعية التي كان ينبغي أن لا تذكر إلا بالإشارة إلى بطلانها، وتنبيه الناس عليها، فضلاً عن التوسع فيها، ومحاولة بيان أن لها وجهاً مقبولاً، وقد رفضها العلماء الأثبات، ولم تلق قبولاً عندهم، كحديثه عن الاختلاف في حكم الزواج بما زاد على الأربع.
على أن هذه الملاحظات لا تقلل من أهمية هذا التفسير في المكتبة الإسلامية، ولا تنفي في الوقت نفسه وجود كثير من الفوائد فيه؛ فإذا كان القاسمي رحمه الله قد جانبه الحق في تقريره لبعض القضايا، فقد وُفِّق في تقرير العديد من القضايا.(13)
نماذج من تفسيره
قال تعالى:
.( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (
.( أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )
( وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (
( وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ ).
( سورة المؤمنون : 71 ، 72 ، 73 ، 74 )
( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ )
أى لو كان ما كرهوه من الحق الذى هو التوحيد والعدل المبعوث بهما الرسول صلوات الله وسلامه عليه موافقا لا هوائهم المتفرقة فى الباطل الناشئة عن نفوسهم الظالمة المظلمة لفسد نظام الكون لأن مناط النظام ليس إلا ذلك وفيه من شأن الحق والتنبيه على سمو مكانه ما لا يخفى « بل أتيناهم بذكرهم"
اضراب عن توبيخهم بكراهته وانتقال إلى لومهم بالنفور عما ترغب فيه كل نفس من خيرها أى ليس مكروها بل هو عظة لهم لو اتعظوا أو فخرهم أو متمناهم لأنهم كانوا يقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا من عباد الله المخلصين « فهم عن ذكرهم معرضون » أى بالنكوص عنه وأعاد الذكر تفخيما واضافة لهم لسبقه وفى سورة الأنبياء ( ذكر ربهم ) لاقتضاء ما قبله له « أم تسألهم خرجا » أى جعلا على أداء الرسالة فلا جل ذلك لا يؤمنون « فخراج ربّك خير » أى عطاؤه « وهو خير الرازقين وانك لتدعوهم إلى صراط مستقيم وان الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون".
أى منحرفون ـ قال القاشاني : الصراط المستقيم الذى يدعوهم إليه هو طريق التوحيد المستلزم لحصول العدالة فى النفس ووجود المحبة فى القلب وشهود الوحدة والذين يحتجبون عن عالم النور بالظلمات وعن القدس بالرجس إنما هم منهمكون فى الظلم والبغضاء والعداوة والركون إلى الكثرة فلا جرم أنهم عن الصراط ناكبون منحرفون إلى ضده فهو فى واد وهم فى واد وقال الزمخشرى : قد الزمهم الحجة فى هذه الآيات وقطع معاذيرهم وعللهم بأن الذى أرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله مخبور سره وعلنه خليق بأن يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم وأنه لم يعرض له حتى يدعى بمثل هذه الدعوى العظيمة بباطل ولم يجعل ذلك مسلما إلى النيل من دنياهم واستعطاء أموالهم ولم يدعهم إلا إلى دين الإسلام الذى هو الصراط المستقيم مع إبراز المكنون من أدوائهم وهو اخلالهم بالتدبر والتأمل واستئثارهم بدين الآباء الضلال من غير برهان وتعللهم بأنه مجنون بعد ظهور الحق وثبات التصديق من الله بالمعجزات والآيات النيرة وكراهتهم للحق واعراضهم عما فيه حظهم من الذكر.(14)
وفاته
توفي رحمه الله تعالي في دمشق مساء السبت الثالث والعشرين من جمادي الآولي سنه اثنتين وثلاثين وثلاثمائهوألف من الهجرة و،ودفن في مقبرة الباب الصغيرر بدمشق وله من العمر تسعة وأربعين عاما.(15)
المراجع
(1) محاسن التأويل للقاسمي ط1 سنة 1376ه -1957م دار إحياءالكتب العربية بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي1/7
(2)الأعلام لخير الدين الزركلي دار العلم للملايين 2/135.
(3) معجم المؤلفين من صدر الإسلام حتي العصر الحاضر لعادل نويهض ط1(1403ه-1983م)
(4)مناهج المفسرين د/منيع عبد الحليم محمود.
(5) تراجم العلماء المعاصرين للعالم الإسلامي تأليف أنور الجندي طبعه مكتبة الأنجلو المصرية.
(6)القاسمي ومنهجه في التفسير .موقع مقالات علي الشبكة العنكبوتية إسلام ويب.
(7)منهج القاسمي في تفسيره محاسن التأويل دراسة تحليلية ونقدية للباحث عبد الرحمن يوسف الجمل أستاذ مساعد بقسم علوم القرآن كليه أصول الدين –الجامعة الإسلاميه –غزة – ونشر في مجلة الجامعة الإسلامية المجلد الحادي عشر – العدد الأول ص87-ص146 سنة 2003م
(1) محاسن التأويل للقاسمي ج1
(2)محاسن التأويل للقاسمي ج1
(3) محاسن التأويل للقاسمي ج1
(4)الأعلام للزركلي.
(5)محاسن التأويل للقاسمي ج1.
(6)مناهج المفسرين د/ منيع عبد الحليم محمودص 295-296.
(7) تراجم العلماء المعاصرين للعالم الإسلامي ص69-78.
(8)محاسن التأويل ج1.
(9) القاسمي ومنهجه في التفسير بحث في موقع إسلام ويب.
(10)رساله ماجستير الباحث عبد الرحمن يوسف الجمل.
(11) القاسمي ومنهجه في التفسير بحث في موقع إسلام ويب.
(12)القاسمي ومنهجه في التفسير بحث في موقع إسلام ويب.
(13) القاسمي ومنهجه في التفسير بحث في موقع إسلام ويب.
(14) محاسن التأويل للقاسمي.
(15) معجم المؤلفين .