( الحمد لله فاطر السموات والارض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحه مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق مايشاء إن الله على كل شئ قدير)
قوله (الحمد لله) وصفه المحمود بالكمال مع المحبه والتعظيم فهو كامل في ذاته وفي صفاته وأفعاله ولا بد من قيد المحبه مع التعظيم. قال أهل العلم لأن مجرد وصفه بالكمال بدون محبه ولا تعظيم لايسمى حمد وإنما يسمى مدحا لذا يقع من انسان لايحب الممدوح لكنه يريد ان ينال منه شيئا مثل الشعراء الذين الامراء بلا محبه ولكن طمعا في المال. اوخوفامنهم ولكن حمدنالربنا حمد محبه وتعظيم.
(ال)في الحمد للاستغراق اي جميع المحامد.
(لله) اللام للاختصاص والاستحقاق.
والله اسم ربنا عز وجل ﻻ يسمى به غيره ومعناه المألوه أي المعبود حبا وتعظيما. (1)
(الحمدلله) أي الشكر الكامل للمعبود الذي ﻻ تصلح العبادة إﻻ له وﻻ ينبغي أن تكون لغيره. (2)
(فاطر السماوات واﻷرض)
فاطر: فاعل الفطر وهو الخلق وفيه معنى التكون سريعا ﻷنه مشتق من الفطر وهو الشق ومنه قوله تعالى:(تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن). (3)
والفاطر هو الخالق والفطر بمعنى اﻹبتداء واﻹختراع. (4)
والمراد ب (السماوات واﻷرض) أي العالم كله ونبه بهذا على أن من قدر على اﻹبتداء قادر على اﻹعادة.
قال سفيان الثوري: عن ابن عباس قال: كنت ﻻ أدري ما فاطر السماوات واﻷرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر. فقال أحدهما لصاحبه: أنا فطرتها أنا بدأتها. فقال ابن عباس: (فاطر السماوات واﻷرض) بديع السماوات واﻷرض. (5)
(جاعل) تكون بمعنى مكون وبمعنى مصير وعلى اﻹعتبارين يختلف موقع قوله:(رسﻻ) فإما أن يكون مفعوﻻ ثانيا لجاعل أي جعل الله من المﻻئكة أي ليكونوا رسﻻ منه تعالى لما يريد أن يفعلوه بقوتهم الذاتية وبين أن يكون حاﻻ من المﻻئكة أي يجعل من أحوالهم أن يرسلوا.
- سبب تخصيص ذكر المﻻئكة.
لشرفهم بأنهم سكان السماوات ولعظيم خلقهم.
- سبب وصفهم بأنهم رسل ﻷن الغرض المقصود إثبات الرسالة أي جاعلهم رسﻻ منه إلى المرسلين من البشر للوحي بما يراد تبليغهم إياه للناس. (6)
ومن هؤﻻء المﻻئكة الرسل جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت صلى الله عليهم أجمعين. (7)
(أولي أجنحة) نعت أي أصحاب أجنحة.
(مثنى وثﻻث ورباع) أي اثنين اثنين وثﻻثة ثﻻثة وأربعة أربعة.
قال قتادة: بعضهم له جناحان وبعضهم ثﻻثة وبعضهم أربعة ينزلون بها من السماء إلى اﻷرض ويعرجون من اﻷرض إلى السماء وهي مسيرة كذا في وقت واحد أي جعلهم رسﻻ إلى اﻷنبياء وقيل إلى العباد برحمة أو نقمة وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السﻻم له ستمائة جناح.
(يزيد في الخلق ما يشاء) أي في خلق المﻻئكة وقيل في أجنحة المﻻئكة ما يشاء. (7)
- منزلة اﻹيمان بالمﻻئكة.
ركن من أركان اﻹيمان وإنكار المﻻئكة أحد أبواب الكفر فقد ذكرت المﻻئكة في القرآن في نحوخمس وسبعين آية في ثﻻث وثﻻثين سورة وكذلك ورد ذكرهم في أحاديث النبي عليه الصﻻة والسﻻم.
- مالحكمة من اﻷمر باﻹيمان بوجودهم.
ﻷن لهم وظائف متعلقة بنا فاﻹيمان بالله يقتضي اﻹستقامة.
- بعض وظائف المﻻئكة.
أول وظائفهم انهم رسل الله سبحانه.وكذلك النفخ في الروح ،ومراقبة البشر،والمحافظه عليهم ،وقبض أرواحهم لهم.
- صفاتهم :-
1/أنهم مخلوقون من نور والانسان مركب من طين وخلق الجن من نار.
عن عائشه قالت :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خلقت الملائكه من نوروخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم)
2/القدره على التمثل بأمثال الاشياء والتشكل بالأشكال الجسمانيه فقد ثبت في القران والاحاديث أن جبريل عليه السلام كان يأتي إلى مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام.
3/على صورة إنسان مجهول : كما في حديث عمر(بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع عليه رجل شديد بياض الثياب....الحديث).
4/وقد يتمثل الملك على صورة إنسان معلوم فكان يأتي مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل على صورة (دحية الكلبي) أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصة ضيف إبراهيم عليه السﻻم مذكورة في القرآن ﻻ يأكلون وﻻ يشربون وﻻ يتناسلون وﻻ يتزاوجون.
5/لهم قدرات خارقة مثل حملة العرش قال تعالى:(والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية). (8)
(إن الله على كل شيء قدير) ختم اﻵية بوصف الله بالقدرة.
سنتكلم عن اسم الله القدير
- دﻻلة اسم القدير.
تدل على ثبوت القدرة كصفة لله فهو كامل القدرة فبقدرته أوجد كل الموجودات وبقدرته دبرها وأحكمها وبقدرته يحي ويميت ويجازي المحسن والمسيء ويصرف اﻷشياء بقدرته ويقلب القلوب بقدرته.
- اﻹيمان باسم الله القدير.
من أصول اﻹيمان العظيمة: اﻹيمان بالقدر فهو من أجل أوصاف أهل العلم به.
روى ابن جرير في تفسيره: عن ابن عباس في قوله تعالى:( إنما يخشى الله من عباده العلماء) قال: الذين يقولون (إن الله على كل شيء قدير).
- آثاره في نفس المؤمن.
1/ يقوي العبد اﻹستعانة بالله وحسن التوكل عليه.
2/ تكميل الصبر وحسن الرضى عن الله.
3/ سﻻمة اﻹنسان من أمراض القلوب كالحقد والحسد ونحوها.
4/ تقوية عزيمة العبد وإرادته في الحرص على لخير وطلبه والبعد عن الشر.
5/ حسن رجاء الله ودوام سؤاله واﻹكثار من دعائه. (9)
- مناسبة ختم اﻵية بهذا اﻹسم.
أن الله تعالى قدير على زيادة ما شاء ن ذلك فيما شاء ونقصان ما شاء ممن شاء وغير ذلك من اﻷشياء كلها ﻻ يمنتع عليه فعل شيء أراده سبحانه وتعالى. (10)
_________________________
1- تفسير معنى الحمدلله للشيخ العثيمين. شبكة فلسطين.
2- الطبري، محمد بن جرير الطبري، المحقق أحمد محمد شاكر، الناشر مؤسسة الرسالة، الطبعة اﻷولى 1420ه/2000م.
3- ابن عاشور، التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن محمد بن محمد بن عاشور التونسي، الناشر الدار التونسية للنشر، تونس، 1984ه.
4- القرطبي، الجامع ﻷحكام القرآن، أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر شمس الدين القرطبي، تحقيق أحمد البردوني وإبراهيم أطفش، الناشر دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية 1384ه/1964م.
5- ابن كثير.
6- ابن عاشور، التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن محمد بن محمد بن عاشور التونسي، الناشر الدار التونسية للنشر، تونس، 1984ه.
7- القرطبي، الجامع ﻷحكام القرآن، أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر شمس الدين القرطبي، تحقيق أحمد البردوني وإبراهيم أطفش، الناشر دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية 1384ه/1964م.
8- العقيدة اﻹسﻻمية. الدرس التاسع عشر اﻹيمان بالمﻻئكة للدكتور محمد راتب النابلسي.
9- فقه اﻷسماء الحسنى. عبجالرزاق البدر.
10- الطبري، محمد بن جرير الطبري، المحقق أحمد محمد شاكر، الناشر مؤسسة الرسالة، الطبعة اﻷولى 1420ه/2000م.
الطريقة المتبعة :
استنتاجي.