اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد العزيز صالح بلا
السلام عليكم ورحمة الله.
أحسن الله إليكم.
سؤالي هو: كثيرا ما نقرأ في التفسير ونجد المفسر يقول: "متعلق كذا..." مثلا: {ألهاكم التكاثر} فيقول: متعلق تكاثر محذوف ليعم جميع النواحي. أو نجد المفسر قال عن كلمة وردت في الآية: متعلق كذا...
فسؤالي هنا : ما معنى متعلق؟ كيف نعرف متعلق الذي ورد في الآية ؟ كيف نعرف أن المتعلق محذوف؟ ما الفائدة من ذكر المتعلق في الآية أو حذفه؟
وجزاكم الله خيرا
|
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المتعلّق هو ما تعلّق به الكلام، ولو كانت الجملة تامة فيما يظهر؛ ولذلك فإنّ المتعلق البياني عند البلاغيين أعم من المتعلق الإعرابي عند النحاة.
فإذا قلت: أكل زيد؛ كانت الجملة تامة إعرابياً، لكن قد يتبادر إلى الذهن سؤال عن المأكول ما هو؟ وهذا هو المراد بمتعلّق الأكل هنا.
وفي قول الله تعالى: {اقرأ باسم ربّك الذي خلق} يتبادر إلى الذهن سؤال عن متعلّق القراءة، ومتعلّق الخلق، أي ماذا يقرأ؟ وخلق ماذا؟
ولعلماء التفسير والبيان عناية بالمتعلقات لأنها معينة على فهم المعنى، وإدراك لطائف الحذف وأغراضه.
ولحذف المتعلّق أغراض منها:
1: الدلالة على العموم؛ كما في قوله تعالى: {الذي خلق} ليعم جميع المخلوقات، وحذف متعلق الاستعانة في قوله تعالى: {وإياك نستعين} ليعمّ جميع الأمور التي يحتاج العبد فيها إلى عون.
2: وصرف الاشتغال عن المتعلَّق إلى ما سيق الكلام لأجله كما في قول الله تعالى: {وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله} حذف متعلق العلم لأن المقصود نفي العلم النافع عنهم، لا لنفي علمهم بشيء مخصوص.
وقوله تعالى: {حتى يُعطوا الجزية عن يد} حذف المفعول الأول لعدم تعلّق المراد به.
وقوله تعالى: {وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنّهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم} حذف المفعول الأول ليسألون لعدم تعلّق المراد به.
وفي قول الله تعالى: {ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمّة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان} حذف متعلق السقي والذود لأن الغرض لا يتعلق بهما، ولئلا ينصرف الذهن إليهما.
3: والجهل به كما في قول أصحاب الكهف: {ينشر لكم ربكم من رحمته} ، حذف متعلّق النشر، واكتفى بذكر نوعه وأنه من رحمة الله لجهلهم به مع إحسان ظنّهم بالله.
4: والتعظيم والتفخيم، كما في حذف متعلّق الجزاء في قول الله تعالى: {وسنجزي الشاكرين}.
5: والتشويق، كما في حذف متعلق القراءة في قوله تعالى: {اقرأ} ، وحذف متعلق الشغل في قوله تعالى: {في شغل فاكهون}.
6: والتنزيه، كحذف متعلقّ يطمع في قوله تعالى: {فيطمع الذي في قلبه مرض}
7: والمدح، كما في حذف متعلق السبق في قوله تعالى: {والسابقون السابقون}.
8: والتحقير والتهوين، كحذف متعلّق الصنع في قوله تعالى: {إنما صنعوا كيد ساحر}.
9: وكثرة الاستعمال، كما في حذف متعلق الإيمان والكفر في قوله تعالى: {الذين آمنوا} وقوله: {الذين كفروا} في مواضع كثيرة.
10: والإيجاز لظهور المراد ؛ كما في قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23)} حذف متعلق الصدق لدلالة ما قبله عليه.
وحذف متعلق الامتراء في قوله تعالى: {فلا تكونن من الممترين}
فهذه أشهر فوائد حذف المتعلق، وله فوائد أخرى، وتأمّل هذه المتعلقات وفوائد حذفها يفتح لطالب العلم باباً من أبواب فهم القرآن.