معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   سِيَر أعلام المفسرين (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=1029)
-   -   سيرة أبي الدرداء عويمر بن زيد بن قيس الخزرجي الأنصاري (ت:32هـ) رضي الله عنه (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=39000)

عبد العزيز الداخل 18 ذو الحجة 1439هـ/29-08-2018م 10:52 AM

سيرة أبي الدرداء عويمر بن زيد بن قيس الخزرجي الأنصاري (ت:32هـ) رضي الله عنه
 
8: سيرة أبي الدرداء عويمر بن زيد بن قيس الخزرجي الأنصاري (ت:32هـ)


العناصر:
اسمه ونسبه
إسلامه
مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمان الفارسي
مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم وجهاده
أعماله في زمن الخلفاء الراشدين
- تعليمه القرآن وتفقيهه في الدين
- تولّيه القضاء
مختارات من أحاديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم
تورّعه في التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
فضائله ومناقبه
علمه وعبادته
زهده وورعه
تخوّفه النفاق وتعوّذه منه
تفكّره واعتباره
أهله وأولاده
بعض أخباره
ثناء الصحابة والتابعين عليه
مرض موته
تاريخ وفاته
ما رؤي فيه بعد موته
مواعظه ووصاياه
مراسيل المواعظ المروية عنه
كتابة مواعظ أبي الدرداء رضي الله عنه
رواة القراءة والتفسير عن أبي الدرداء رضي الله عنه
مما روي عنه في التفسير

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:21 AM

اسمه ونسبه
هو عويمرُ بن زيدِ بن قيسِ بن عيشةَ بنِ أميةَ بن مالكِ بنِ عامرةَ بن عديّ بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري.
وقد وقع في نسبه تصحيف كثير في كتب التراجم والأنساب، ومن أجود من حقّ نسبه عبد المؤمن بن خلف الدمياطي في كتابه "أخبار قبائل الخزرج".
وقيل اسمه عامر، وعويمر لقب، لكنّه خلاف المشهور.
- قال أبو حفص الفلاس: سألت رجلاً من ولد أبي الدرداء فقال: (هو خامس أبٍ لي، اسمه عامر بن مالك).
اشتهر أبو الدرداء بكنيته، وهو أخو عبد الله بن رواحة لأمّه.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:21 AM

إسلامه
اجتهد أخوه لأمّه عبد الله بن رواحة في ترغيبه في الإسلام حتى أسلم بعد بدر؛ فحسن إسلامه، وأقبل على القرآن والعبادة، وفتح له فيهما حتى جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من أكثر الصحابة عبادة وتعليماً للقرآن.
- قال عبد الله بن وهب: أخبرنا معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير قال: كان أبو الدرداء يعبد صنماً في الجاهلية، وإن عبد الله بن رواحة ومحمد بن مسلمة دخلا بيته فسرقا صنمه؛ فرجع أبو الدرداء فجعل يجمع صنمه ذلك، ويقول: (ويحك! هلا امتنعت! ألا دفعت عن نفسك؟!)
فقالت أم الدرداء: لو كان ينفع أحداً أو يدفع عن أحدٍ دفع عن نفسه ونفعها.
فقال أبو الدرداء: أعدّي لي في المغتسل ماء؛ فجعلت له ماء فاغتسل، وأخذ حلَّته فلبسها، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنظر إليه ابن رواحة مقبلاً؛ فقال: (هذا أبو الدرداء ما أراه جاء إلا في طلبنا).
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا، إنما جاء ليسلم؛ فإنَّ ربي عز وجل وعدني بأبي الدرداء أن يسلم).رواه البيهقي في دلائل النبوة.
ورواه الطبراني وابن عساكر من طريق عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح بنحوه.
- وقال أبو مسهر الغساني: حدثني سعيد بن عبد العزيز أنَّ أبا الدرداء أسلم يوم بدر، وشهد أحداً؛ فأبلى يومئذٍ، وفرض له عمر في أربعمائة ألحقه بالبدريين). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:21 AM

مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمان الفارسي
آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أبي الدرداء وسلمان الفارسي؛ فكان في تآخيهما بركة ونفع لهما وللمسلمين.
- قال جعفر بن عون المخزومي: حدثنا أبو العميس، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء؛ فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟
قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا.
فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال: كل؟
قال: فإني صائم.
قال: ما أنا بآكل حتى تأكل.
قال: فأكل؛ فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم.
قال: نم، فنام.
ثم ذهب يقوم فقال: نم.
فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن، فصليا؛ فقال له سلمان: (إنَّ لربّك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه).
فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم؛ فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق سلمان». رواه البخاري، والترمذي، وأبو يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان.
- وقال جعفر بن سليمان الضبعي: حدثنا ثابت، عن أنس، قال: «آخى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، آخى بين سلمان وأبي الدرداء، وآخى بين عوف بن مالك وبين صعب بن جثامة». رواه أبو يعلى الموصلي.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:22 AM

مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم وجهاده
شهد أبو الدرداء يوم أحد، وأبلى فيه بلاء حسناً، وشهد ما بعده من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاهد في زمان أبي بكر وعمر وعثمان، فشهد فتح دمشق وحمص، وقاد بعض السرايا في فتوح الشام، وكان على رأس جيش في فتح دمشق، وغزا في البحر في أوّل خلافة عثمان، وكان ممن شهد فتح قبرص، وكان يرابط أحياناً ببيروت.
- قال أبو مسهر الغساني: حدثنا سعيد بن عبد العزيز أنّ أبا الدرداء أسلم بعد بدر وشهد أحداً وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يردَّ من على الجبل؛ فردّهم وحده). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال يحيى بن عبد الرحمن البابلتي: حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني شريح بن عبيد، قال: لما هزم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد كان أبو الدرداء يومئذ فيمن فاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس , فلما أظلهم المشركون من [فورهم] فوقهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « [اللهم] ليس لهم أن يعلونا» فثاب إليهم [إليه] يومئذ ناس؛ فانتدبوا وفيهم عويمر أبو الدرداء حتى إذا دحضوهم عن مكانهم الذي كانوا فيه، وكان أبو الدرداء يومئذ حسن البلاء؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم الفارس عويمر» وقال: «حكيم أمتي عويمر». رواه الطبراني في مسند الشاميين، وهو مرسل.
- وقال أبو الجماهر محمد بن عثمان الدمشقي: حدثنا الهيثم بن حميد، أخبرني محمد بن يزيد الرحبي: سمعت أبا الأشعث، عن أبي عثمان الصنعاني قال: (لما فتح الله عز وجل علينا دمشق؛ خرجنا مع أبي الدرداء في مسلحة ببرزة، ثم تقدمنا مع أبي عبيدة بن الجراح؛ ففتح الله بنا حمص، ثم تقدمنا مع شرحبيل بن السِّمْط؛ فأوطأ الله بنا ما دون النهر يعني الفرات، وحاصرنا عانات، وأصابنا لأواء، وقدم علينا سلمان الخير في مدد لنا). رواه البخاري في التاريخ الأوسط، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق، ويعقوب بن سفيان في المعرفة كما في تاريخ دمشق لابن عساكر.
- وقال أبو اليمان الحكم بن نافع: أخبرنا صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن أبي الدرداء أنه شهد فتح قبرس.
قال جبير: (ورأيته يبكي، والسبي يفرق). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال الوليد بن مسلم: أخبرنا ثور، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، قال: (لما افتتح المسلمون قبرس، وفرّق بين أهلها، فقعد بعضهم يبكي إلى بعض، وبكى أبو الدرداء، فقلت: ما يبكيك في يوم أعزّ الله فيه الإسلام وأذلّ الشرك وأهله؟
قال: (دعنا منك يا جبير! ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا تركوا أمره! بينا هم أمة قاهرة قادرة إذ تركوا أمر الله عز وجل فصاروا إلى ما ترى). رواه أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا في العقوبات.
- وقال يحيى بن حمزة، عن عروة بن رويم، عن القاسم أبي عبد الرحمن قال: قدم علينا سلمان دمشق، فلم يبق فينا شريفٌ إلا عرض عليه المنزل.
فقال: إني عزمت أن أنزل على بشير بن سعد مرَّتي هذه.
فسأل عن أبي الدرداء فقيل: مرابط.
فقال: وأين مرابطكم يا أهل دمشق؟
قالوا: ببيروت.
قال: (فخرج إلى بيروت). رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق، وأحمد بن يحيى البلاذري في "أنساب الأشراف" وزاد: قال سلمان: يا أهل بيروت! ألا أحدّثكم حديثا يُذهب الله به عنكم غرض الرباط، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( رباط يوم كصيام شهرٍ وقيامه، ومن مات مرابطاً في سبيل الله أجير من فتنة القبر، وأجري له ما كان يعمل إلى يوم القيامة)).

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:24 AM

أعماله في زمن الخلفاء الراشدين
شهد أبو الدرداء فتوح الشام، وقاد بعض السرايا فيها، وكان يقصّ على الجند، ويعلّم القرآن، ثم لما استقرّت ولاية للمسلمين على الشام؛ نزل حمص فعلّم بها، ثم نقله عمر إلى دمشق، وولاه القضاء، ونيابة الأمير معاوية إذا غاب، وبقي قاضياً، ومعلّماً للقرآن، وآمراً بالمعروف، وناهياً عن المنكر، ومجتهداً في العبادة، والنصح، والتعليم، حتى توفي رضي الله عنه وأرضاه، وقد نشر في الشام علماً غزيراً مباركاً.

تعليمه القرآن وتفقيهه في الدين
كان أكثر اشتغاله رضي الله عنه بتعليم القرآن، والتفقيه فيه؛ وكثر طلابه في الشام جداً، حتى روي أنه طلب مرة أن يُعدّوا فعدّوهم فزادوا على ألف وستمائة، وكان يجعل على كلّ عشرة عريفاً، فإذا أحكم القارئ منهم انتقل إليه فعرض عليه.
- قال سليمان بن بلال، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن محمد بن كعب القرظ القرظي قال: جمع القرآن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم خمسة من الأنصار: معاذ بن جبل وعبادة بن صامت وأبيّ بن كعب وأبو أيوب وأبو الدرداء؛ فلما كان زمن عمر بن الخطاب كتب إليه يزيد بن أبي سفيان: إنَّ أهل الشام قد كثروا وملأوا المدائن واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم؛ فأعِنّي يا أميرَ المؤمنين برجالٍ يعلمونهم؛ فدعا عمرُ أولئك الخمسة فقال لهم: إنَّ إخوانكم من أهل الشام قد استعانوني بمن يعلّمهم القرآن ويفقههم في الدين؛ فأعينوني رحمكم الله بثلاثة منكم، إن أحببتم فاستهموا وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا؛ فقالوا: ما كنا لنتساهم؛ هذا شيخ كبير لأبي أيوب، وأمَّا هذا فسقيم لأبيّ بن كعب؛ فخرج معاذ وعبادة وأبو الدرداء.
فقال عمر: (ابدأوا بحمص؛ فإنكم ستجدون الناس على وجوه مختلفة، منهم من يلقن فإذا رأيتم ذلك فوجهوا إليه طائفة من الناس؛ فإذا رضيتم منهم فليقم بها واحد، وليخرج واحد إلى دمشق، والآخر إلى فلسطين، وقدموا حمص فكانوا بها حتى إذا رضوا من الناس أقام بها عبادة، وخرج أبو الدرداء إلى دمشق، ومعاذ إلى فلسطين فمات بها، وأما أبو الدرداء فلم يزل بدمشق حتى مات). رواه ابن سعد في الطبقات وهذا سياقه وهو أتمّ، ورواه البخاري في التاريخ الصغير باختصار فيه وزاد: (وخرج أبو الدرداء إلى دمشق ومعاذ إلى فلسطين فمات بها، ولم يزل معاذ بها حتى مات عام طاعون عمواس، وصار عبادة بعدُ إلى فلسطين فمات بها، ولم يزل أبو الدرداء بدمشق حتى مات).
- وقال الوليد بن مسلم: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن أبي عبيد الله مُسْلِم بن مِشْكَم كاتبِ أبي الدرداء قال: قال لي أبو الدرداء: اعدد من يقرأ عندنا يعني في مجلسنا هذا.
قال: (فعددت ألفاً وستمائة ونيفاً؛ فكانوا يقرأون ويتسابقون عشرة عشرة، لكل عشرة منهم مقرئ، وكان أبو الدرداء قائما يستفتونه في حروف القرآن، يعني المقرئين فإذا أحكم الرجل من العشرة القراءة تحول إلى أبي الدرداء، وكان أبو الدرداء يبتدئ في كل غداة إذا انفتل من الصلاة؛ فيقرأ جزءا من القرآن، وأصحابه محدقون به يسمعون ألفاظه؛ فإذا فرغ من قراءته جلس كل رجل منهم في موضعه، وأخذ على العشرة الذين أضيفوا إليه، وكان ابنُ عامر مقدما فيهم). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق، ورجاله ثقات.
- وقال سويد بن عبد العزيز التنوخي: (كان أبو الدرداء إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، ويجعل على كل عشرة منهم عريفاً، ويقف هو قائماً في المحراب يرمقهم ببصره، وبعضهم يقرأ على بعض، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفهم، فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء، فسأله عن ذلك.
وكان ابن عامر عريفاً على عشرة، وكان كبيراً فيهم، فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر، وقام مقامه مكانه، وقرأ عليه جمعيهم، فاتخذه أهل الشام إماماً، ورجعوا إلى قراءته). ذكره علم الدين السخاوي في "جمال القراء"، والذهبي في معرفة القراء الكبار.
قلت: سويد بن عبد العزيز(ت:194هـ) ضعّفه غير واحد من الأئمة لضعف ضبطه، وكان قارئاً صدوقاً غير متّهم، وهو قاضي بعلبك، ولد سنة 108هـ، وقرأ على يحيى بن الحارث الذماري، بقراءته على ابن عامر، وابن عامر ولد سنة 21هـ؛ وكان له نحو 12 سنة حين مات أبو الدرداء.
- وقال إسماعيل بن عيّاشٍ الحمصي، عن محمّد بن يزيد، عن عمير بن ربيعة قال: «رأيت أبا الدّرداء يدرس القرآن في جماعةٍ من أصحابه». رواه سعيد بن منصور في سننه.

تولّيه القضاء
تولّى أبو الدرداء قضاء دمشق بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان ذلك في أوائل إمارة معاوية على الشام.
- قال خالد بن يزيد المري، عن هشام بن الغاز عن مكحول: (أنَّ عمر انتقل أبا الدرداء من حمص إلى دمشق). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال أبو مسهر الغساني: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: (عمر أمّر أبا الدرداء على القضاء يعني بدمشق، وكان القاضي يكون خليفة الأمير إذا غاب). رواه أبو زرعة الدمشقي، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال علي بن الجعد: حدثنا شعبة عن أبي النضر، مسلم بن عبد الله قال: سمعت جبلة بن عبد الرحمن قال: (كان أبو الدرداء خليفة معاوية بالشام). رواه ابن عساكر.
- وقال عفان بن مسلم: حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد قال: استُعمل أبو الدرداء على القضاء؛ فأصبح يهنئونه فقال: (أتهنئوني بالقضاء، وقد جعلت على رأس مهواة منزلتها أبعد من عدن أبين؟!! ولو علم الناس ما في القضاء لأخذوه بالدول رغبة عنه وكراهية له، ولو يعلم الناس ما في الأذان لأخذوه بالدول رغبة فيه وحرصا عليه). رواه ابن سعد، وابن عساكر.
- وقال مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي: أن هلمَّ إلى الأرض المقدسة؛ فكتب إليه سلمان: (إنَّ الأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدّس الإنسان عمله، وقد بلغني أنك جعلت طبيبا تداوي؛ فإن كنت تبرئ فنعمّا لك. وإن كنت متطبباً؛ فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار).
فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليهما، وقال: ارجعا إليَّ أعيدا عليَّ قصّتكما، متطبب والله). رواه مالك في الموطأ، ويحيى بن سعيد لم يدرك أبا الدرداء.
- وقال الحافظ ابن عساكر: (شهد اليرموك، وكان قاص أهله، وحضر حصار دمشق، ثم سكن حمص ثم انتقله عمر بن الخطاب إلى دمشق وولي بها القضاء، وكانت داره بدمشق بباب البريد، وهو الذي يعرف اليوم بدار العزي).

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:25 AM

مختارات من أحاديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم
روى أبو الدرداء أحاديث جليلة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تلك الأحاديث:
- قال سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن يعلى بن مملك، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعطي حظه من الرفق، أعطي حظه من الخير، ومن منع حظه من الرفق، منع حظه من الخير». رواه أحمد، وابن أبي شيبة، ورواه أبو جعفر ابن البختري، وزاد:
وقال: ما أثقل شيء في ميزان المؤمن؟
قال: ((خلق حسن، إن الله يبغض الفاحش البذيء)).
- وقال إبراهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم، عن خاله عطاء بن نافع أنهم دخلوا على أم الدرداء، فأخبرتهم أنها سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أثقل شيء في الميزان يوم القيامة الخلق الحسن)). رواه أحمد في المسند.
- وقال شعبة بن الحجاج: سمعت القاسم بن أبي بزة، عن عطاء الكيخاراني، عن أمّ الدرداء، عن أبي الدرداء أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من شيء أثقل في الميزان من خلق حسن». رواه أحمد في المسند، وابن أبي شيبة في المصنف، وأبو داوود في سننه.
- وقال قتادة: سمعت سالم بن أبي الجعد يحدّث عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟».
فقيل: ومن يطيق ذلك؟
قال: ((اقرأ: قل هو الله أحد)). رواه أحمد في المسند.
- وقال قتادة، عن سالم بن أبي الجعد الأشجعي الغطفاني، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري، عن أبي الدرداء أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال». رواه أحمد، ومسلم، وأبو داوود.
- وقال زائدة بن قدامة الثقفي: حدثنا السائب بن حبيش الكلاعي، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري، قال: قال أبو الدرداء أين مسكنك؟
قال: قلت: قرية دون حمص.
قال أبو الدرداء: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من ثلاثة نفر في قرية لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان)).
فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي في السنن الكبرى، والبيهقي في شعب الإيمان، وفي ألفاظ بعضهم: (ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة...)
- وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة، والصيام، والصدقة؟».
قالوا: بلى.
قال: ((إصلاح ذات البين))
قال: ((وفساد ذات البين هي الحالقة)). رواه أحمد في المسند، والبخاري في الأدب المفرد، وأبو داوود في سننه، والترمذي في جامعه، وهناد بن السري في الزهد.
- وقال أبو الربيع سليمان بن عتبة السلمي، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه). رواه أحمد في المسند، والطبراني في مسند الشاميين، والبيهقي في شعب الإيمان.
- وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا أبو بكر النهشلي، عن مرزوق أبي بكر التيمي، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة». رواه أحمد في المسند، والبيهقي في شعب الإيمان.
ورواه أحمد أيضاً وغيره من طريق ليث بن أبي سليم عن شهرب بن حوشب، عن أم الدرداء به.
وروى نحوه ابن أبي شيبة والبيهقي في السنن الكبرى من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه، مرفوعاً.
فالحديث حسن بمجموع هذه الطرق.
- وقال بقية بن الوليد: حدثنا صفوان بن عمرو قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وشريح بن عبيد الحضرميان، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عزَّ وجلَّ: (إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري). رواه الطبراني في مسند الشاميين، والبيهقي في شعب الإيمان، ورجاله ثقات إلا أن عبد الرحمن بن جبير وشريح بن عبيد لم يدركا أبا الدرداء، وبقية يدلّس تدليس التسوية.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:25 AM

تورّعه في التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
- قال معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي الدرداء أنه كان إذا حدَّث بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم إن لا هكذا فكشكله). رواه أبو زرعة الدمشقي، وأبو خيثمة في كتاب العلم، والدارمي في سننه، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، والخطيب البغدادي في الكفاية، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال الوليد بن مسلم: حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر، قال: حدثنا بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس قال: سمعت أبا الدرداء - إذا فرغ من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: (هذا، أو نحو هذا أو شكله). رواه أبو زرعة الدمشقي، والطبراني في مسند الشاميين، والخطيب البغدادي في الكفاية.
- وقال محمد بن كثير الصنعاني، عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبيد الله، قال: كان أبو الدرداء رضي الله عنه إذا حدّث بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هذا، أو نحوه، أو شبهه، أو شكله). رواه الدارمي.
- وقال أحمد بن إسحاق الباهلي: حدثنا ابن داود قال: حدثنا عاصم بن رجاء بن حيوة، عن يزيد بن أبي مالك وربيعة بن يزيد، ومكحول قالوا: إن أبا الدرداء رضي الله عنه كان إذا حدَّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً قال: (هكذا أو شكله). رواه أبو يعلى الموصلي كما في المطالب العالية.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:25 AM

فضائله ومناقبه
مناقب أبي الدرداء رضي الله عنه كثيرة:
- منها ما تقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإنَّ ربي عزَّ وجلَّ وعدني بأبي الدرداء أن يسلم). رواه البيهقي في دلائل النبوة.
- ومنها حديث هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة، حدثنا يزيد بن أبي مريم، أنّ أبا عبد الله حدّثه أنَّ أبا الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا فرطكم على الحوض؛ فلا ألفينَّ ما نوزعت في أحدكم؛ فأقول: هذا منّي؛ فيقال: لا تدري ما أحدث بعدك؟!
فقلت: (يا رسول الله! ادع الله أن لا يجعلني منهم).
قال: (( إنك لستَ منهم)). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
وأبو عبد الله ، ويقال: عبيد الله هو مسلم بن مشكم كاتب أبي الدرداء.
- ومنها: بلاؤه الحسن يوم أحد، وشهوده المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم.
- ومنها: جمعه القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
- ومنها: اشتغاله بالجهاد والقضاء وتعليم القرآن والتفقيه في الدين والإفتاء والوعظ والإرشاد والتعبّد حتى توفيّ رضي الله عنه وأرضاه.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:26 AM

علمه وعبادته
قرأ أبو الدرداء على النبي صلى الله عليه وسلم وأقبل على القرآن حتى جمعه في عهده صلى الله عليه وسلم، واجتهد في العلم والعبادة، وأكثر على نفسه حتى أمره سلمان الفارسي بالاقتصاد، وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، وأقرّ النبي صلى الله عليه وسلم سلمان على ذلك.
- قال عبد الله بن المثنى: حدثني ثابت البناني، وثمامة، عن أنس بن مالك، قال: (مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد). رواه البخاري.
- وقال عبد الله بن إدريس الأودي، عن إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن عامر بن شراحيل الشعبي وكان لقي نحو خمسمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قرؤوا القرآن في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أبيٌّ، ومعاذٌ، وزيدٌ، وأبو زيدٍ، وأبو الدّرداء، وسعيد بن عبيدٍ، ولم يقرأه أحدٌ من الخلفاء من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلاّ عثمان، وقرأه مجمّع ابن جارية إلاّ سورةً أو سورتين). رواه ابن أبي شيبة.
- وقال الأعمش، عن خيثمة، عن أبي الدرداء قال: «كنت تاجراً قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أردت أن أجمع بين التجارة والعبادة؛ فلم يجتمعا لي، فأقبلت على العبادة، وتركت التجارة». رواه أحمد في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وهناد بن السري في الزهد، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال الأوزاعي: حدّثنا حسان بن عطية، قال: قال أبو الدرداء: «لو أعيتني آية من كتاب الله عز وجل، فلم أجد أحداً يفتحها عليَّ إلا رجلاً ببِرْكِ الغُمَاد لرحلت إليه». رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- - قال أبو عبيد: (وهو أقصى هجر باليمن... والصواب: ببرك بالكسر، والغماد بضم الغين).

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:26 AM

زهده وورعه
- قال أبو سعيد الأشج: حدثنا المحاربي، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة قال: قال أبو الدرداء: (بُعث النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا تاجر؛ فأردت أن يجتمع مع العبادة فلم يجتمعا؛ فرفضت التجارة وأقبلت على العبادة، والذي نفس أبي الدرداء في يده ما أحبّ أنَّ لي اليوم حانوتاً على باب المسجد لا تخطئني فيه صلاة، أربح فيه كلَّ يوم أربعين ديناراً أتصدق في سبيل الله!
قيل له: لم يا أبا الدرداء؟!! وما تكره من ذاك؟!!

قال: (شدة الحساب). رواه ابن عساكر.
وروى أحمد في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه وغيرهما من طريق الأعمش، عن خيثمة، عن أبي الدرداء رضي الله عنه نحو هذا مختصراً، وقد تقدم.
- وقال أبو معاوية الضرير: حدثنا موسى بن مسلم [وهو موسى الصغير]، عن هلال بن يساف، عن أم الدرداء قالت: قلت لأبي الدرداء: ألا تبتغي لأضيافك ما يبتغي الرجال لأضيافهم؟
فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أمامكم عقبة كؤوداً، لا يجاوزها المثقلون؛ فأحبّ أن أتخفف لتلك العقبة). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
- وقال عون بن موسى الليثي، عن معاوية بن قرة قال: كان لأبي الدرداء جمل يقال له دمون، فكان إذا أعاره قال: هو يحمل كذا وكذا، فلا تحملوا عليه إلا كذا وكذا؛ فلما كان عند انقضاء هلاكه، قال: (دمّون! لا تخاصمني عند ربي، فإني كنت لا أحملك إلا طاقتك). رواه ابن المبارك في الزهد، وابن أبي الدنيا في كتاب في كتاب الورع، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال أبو معاوية الضرير: حدثنا عمرو بن ميمون، عن أبيه، عن أمّ الدرداء، قالت: قال لي أبو الدرداء: لا تسألي الناس شيئاً.
قالت: فقلت: فإن احتجت؟
قال: (فإن احتجت فتتبعي الحصادين فانظري ما سقط منهم فاخبطيه ثم اطحنيه ثم كليه، ولا تسألي الناس شيئاً). رواه أحمد في الزهد.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:26 AM

تخوّفه النفاق وتعوّذه منه
- قال أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني: أنبأنا صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر [الخبائري]، عن جُبير بن نفير قال: دخلت على أبي الدرداء منزله بحمص؛ فإذا هو قائم يصلي في مسجده؛ فلما جلس يتشهد جعل يتعوّذ بالله من النفاق؛ فلما انصرف قلت له: غفر الله لك يا أبا الدرداء! ما أنت والنفاق ما شأنك وشأن النفاق؟!!
فقال: (اللهم غُفْراً -ثلاثاً- لا يأمن البلاء من يأمن البلاء، والله إنَّ الرجل ليفتن عن ساعة واحدة فيقلب عن دينه). رواه البيهقي في شعب الإيمان واللفظ له، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق مختصراً، وابن عساكر في تاريخ دمشق ولفظه: (من يأمن البلاء؟ من يأمن البلاء؟).
- وقال بقية بن الوليد: حدثني صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر حدثني جبير بن نفير أنه سمع أبا الدرداء وهو في آخر صلاته، وقد فرغ من التشهد يتعوذ بالله من النفاق؛ فأكثر التعوّذ منه.
قال: فقال له جبير: ما لك يا أبا الدرداء أنت والنفاق؟!!
قال: (دعنا عنك! دعنا عنك! فوالله إنَّ الرجلَ ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة فيخلع منه). رواه ابن عساكر.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:26 AM

تفكّره واعتباره
- قال محمد بن عجلان، عن عون بن عبد الله قال: قلت لأم الدرداء: أي عبادة أبي الدرداء كان أكثر؟
قالت: (التفكر والاعتبار). رواه ابن المبارك في الزهد، والنسائي في السنن الكبرى، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال سفيان الثوري، عن مالك بن مغول، عن عون بن عبد الله، قال: سألت أم الدرداء: ما كان أفضل عبادة أبي الدرداء؟
فقالت: (التفكر والاعتبار). رواه أبو داوود في الزهد، وأبو نعيم في الحلية.
ورواه وكيع في الزهد، ومن طريقه الإمام أحمد في الزهد عن مالك بن مغول والمسعودي عن عون قال: سُئلت أم الدرداء ما كان أفضل عمل أبي الدرداء؟
قالت: (التفكر والاعتبار).
- وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أم الدرداء قال: قيل لها: ما كان أفضل عمل أبي الدرداء؟
قالت: «التفكر». رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وهناد بن السري في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان، وأبو داوود في الزهد ولفظه: (طول التفكر).
- وقال أبو معاوية: حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: (تفكر ساعة خير من قيام ليلة). رواه أحمد في الزهد، وابن سعد في الطبقات، وهناد بن السري في الزهد، وأبو داوود في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان.
- وقال إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه قال: (لما فُتحت قبرس مُرَّ بالسبي؛ فجاء أبو الدرداء يبكي!!
فقال له جبير: تبكي في مثل هذا اليوم الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله؟!!
قال: (يا جبير! بينا هذه الأمة قاهرة ظاهرة إذ عصوا الله؛ فلقوا ما قد ترى!).
ثم قال: (ما أهون العباد على الله إذا هم عصوه). رواه ابن عساكر.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:27 AM

أهله وأولاده
تزوّج أبو الدرداء امرأتين كنيتا أمَّ الدرداء:
الأولى: خيرة بنت أبي حدرد الأسلمية رضي الله عنها، وهي أم الدرداء الكبرى
والثانية: هُجيمة بنت حييّ الوصابية رحمها الله، وهي أمّ الدرداء الصغرى
- قال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أبا مسهر يقول: (أم الدرداء هجيمة بنت حيي الوصابية، وأمّ الدرداء الكبرى خيرة بنت أبي حدرد). رواه ابن عساكر.
فأما أمّ الدرداء الكبرى فصحابية روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وأنجب منها أبو الدرداء: ابنته الدرداء، وابنيه: بلالاً، ويزيد.
- قال أبو القاسم ابن عساكر: (أم الدرداء الكبرى توفيت في حياة أبي الدرداء).
وابنته الدرداء تزوجها صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي، وكان قد خطبها يزيد بن معاوية فردّه أبو الدرداء، وأنكحها صفوان.
- قال جعفر بن سليمان الضبعي: حدثنا ثابت البناني قال: خطب يزيد بن معاوية إلى أبي الدرداء ابنته فردَّه فقال رجلٌ من جلساء يزيد: أصلحك الله تأذن لي أن أتزوجها؟ قال: اعزب ويلك.
قال: تأذن لي أصلحك الله؟
قال: نعم، فخطبها فأنكحها أبو الدرداء الرجلَ.
قال: فسار ذلك في الناس أن يزيد خطب إلى أبي الدرداء فردَّه، وخطب إليه رجلٌ من ضعفاء المسلمين فأنكحه.
قال: فقال أبو الدرداء: (إني نظرت للدرداء، ما ظنكم بالدرداء إذا قامت على رأسها الخصيان، ونظرت إلى بيوت يلتمع فيها بصرها؟! أين دينها منها يومئذ؟!). رواه أحمد في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان، وأبو نعيم في الحلية.
وبلال بن أبي الدرداء كان قاضياً على دمشق في زمن يزيد بن معاوية وبقي على القضاء حتى زمن عبد الملك بن مروان.

وأمّا أمّ الدرداء الصغرى فهي هجيمة بنت حيي الوصابية(ت: 81هـ)
والأوصاب بطن من حمير، وكانت فقيهة عالمة زاهدة، ذات حسن وبهاء، وجلالةِ قَدْرٍ، وحُرْمةٍ وافرة.
روت عن زوجها أبي الدرداء فأكثرت عنه، وروت عن عائشة، وأبي هريرة رضي الله عنهم.
وروى عنها: جبير بن نفير، وأبو قلابة الجرمي، ولقمان بن عامر الوصابي، ورجاء بن حيوة، ومولاها خليد، وصالح بن زيتون، وميمون بن مهران، وغيرهم كثير.
تزوّجها أبو الدرداء وهي صغيرة، وكانت شديدة المحبة له، ولما مات لم تتزوّج بعده، وقد خطبها معاوية بن أبي سفيان فأبت، وعمّرت حتى أدركت خلافة عبد الملك بن مروان.
- قال أبو الحسن الدارقطني: (أم الدرداء الصغرى هجيمة بنت حيي الأوصابية، هي التي خطبها معاوية بعد وفاة أبي الدرداء فأبت أن تزوجه).
- وقال إبراهيم بن المنذر: حدثنا الوليد قال: حدثنا عثمان بن أبي العاتكة وابن جابر قالا: كانت أم الدرداء يتيمة في حَجر أبي الدرداء، تختلف مع أبي الدرداء في ثوبين تصلي في صفوف الرجال، وتجلس في حِلَق القرّاء تعلَّم القرآن حتى قال لها أبو الدرداء يوماً: (الحقي بصفوف النساء). رواه البخاري في التاريخ الأوسط، وابن عساكر.
- وقال أحمد بن الفرج، عن بقية بن الوليد أنَّ إبراهيم بن أدهم قال: قال أبو الدرداء لأمّ الدرداء: (إذا غضبتِ أرضيتُك، وإذا غضبتُ فأرضيني؛ فإنك إنْ لم تفعلي ذلك؛ فما أسرع ما نفترق). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال عبد الله بن صالح: حدثني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير عن أم الدرداء أنها قالت لأبي الدرداء عند الموت: إنك خطبتني إلى أبويَّ في الدنيا؛ فأنكحوك وإني أخطبك إلى نفسك في الآخرة.
قال: (فلا تنكحي بعدي فخطبها معاوية بن أبي سفيان؛ فأخبرتُه بالذي كان فقال: (عليك بالصيام). رواه ابن عساكر.
- وقال قتيبة بن سعيد: حدثنا الفرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر عن أمّ الدرداء أنها قالت: (اللهم إنَّ أبا الدرداء خطبني؛ فتزوجني في الدنيا، اللهمّ فأنا أخطبه إليك؛ فأسألك أن تزوّجنيه في الجنة).
فقال لها أبو الدرداء: (فإن أردت ذلك؛ فكنتُ أنا الأول فلا تتزوجي بعدي).
قال: (فمات أبو الدرداء، وكان لها جمالٌ وحُسْن؛ فخطبها معاوية؛ فقالت: (لا والله لا أتزوّج زوجاً في الدنيا حتى أتزوّج أبا الدرداء إن شاء الله في الجنة). رواه ابن عساكر.
- وقال الوليد بن مسلم: أخبرني ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال: (كانت أم الدرداء فقيهة). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال أبو مسهر الغساني: حدثنا ابن عياش عن عبد ربّه بن سليمان بن عمر بن زيتون قال: (رأيت أم الدرداء تلبس السواد). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال أبو مسهر الغساني: حدثنا صدقة بن خالد قال: حدثني ابن جابر قال: (كانوا يجتمعون في بيت أم الدرداء، يقرأ عليهم خليد بن سعد وكان رجلاً قارئاً). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال أبو مسهر الغساني: سمعت عبد الحليم بن محمد بن عبيد الله ابن أخي إسماعيل بن عبيد الله يحدّث عن عمه إسماعيل بن عبيد الله قال: قالت أم الدرداء: يا إسماعيل كيف نام رجلٌ تحت وسادته عشرة آلاف؟
قال قلت لها: بل كيف ينام إن لم يكن تحت رأسه عشرة آلاف؟
فقالت: (سبحان الله! ما أراك إلا ستبلى بالدنيا).
قال أبو مسهر: (فابتلي بالدنيا). رواه يعقوب بن سفيان.
- وقال أبو الوليد رديح بن عطية القرشي، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أم الدرداء أن رجلاً أتاها فقال لها: إنه قد نالَ منك رجلٌ عند عبد الملك.
قالت: (إن نُؤبن بما فينا؛ فطال ما زُكِّينا بما ليس فينا). رواه ابن عساكر.
- قال أبو عبد الله الذهبي: (كانت لأمّ الدرداء حُرْمة وجلالة عجيبة).
- وقال إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني: حدثني أبي عن جدي قال: (كان عبد الملك بن مروان كثيراً ما يجلس إلى أمّ الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق وهو خليفة؛ فجلس إليها مرّةً من المرار؛ فقالت له: يا أمير المؤمنين بلغني أنك شربت الطلاء بعد العبادة والنسك! قال: إي والله يا أمَّ الدرداء، والدماء قد شربتها). رواه ابن عساكر.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:27 AM

بعض أخباره
- قال الأعمش: سمعت سالماً [هو ابن أبي الجعد] قال: سمعت أم الدرداء، تقول: دخل عليَّ أبو الدرداء وهو مغضب، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: «والله ما أعرف من أمة محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً إلا أنهم يصلون جميعا». رواه البخاري في صحيحه، وأحمد في المسند والزهد، وأبو داوود في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان، وسالم هو ابن أبي الجعد الأشجعي.
- وقال سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: حدثتني أم الدرداء أنَّ أبا الدرداء كان يجيء بعد ما يصبح فيقول: (أعندكم غداء؟) فإن لم يجد قال: (فأنا إذا صائم). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ، وعلقه البخاري في صحيحه.
- وقال مسلم بن إبراهيم: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا أبو غالب، عن أم الدرداء، قالت: قدم علينا سلمان؛ فقال: أين أخي؟
قلت: في المسجد.
فأتاه؛ فلما رآه اعتنقه). رواه أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار.
- وقال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن إسماعيل بن عبيد الله قال: حدثتني أمُّ الدرداء أنَّ أبا الدرداء أتى باب معاوية، فاستأذن فلم يؤذن له، فرجع إلى جلسائه، ثم عاد فلم يؤذن له، فقال: «من يغش سُدّة السلطان يقم ويقعد، ومن يجد باباً مغلقاً يجد إلى جانبه باباً فيحاً رحباً، إن دعا أجيب، وإن سأل أعطي». رواه ابن المبارك في الزهد.
- وقال سليمان بن حرب: أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: ذُكرتِ الأوجاعُ عند أبي الدرداء؛ فقال رجل: ما اشتكيتُ شيئاً قط.
قال: فقال أبو الدرداء: (أخرجوه عني، إنَّ ذنوبك لحمة عليك كما هي، ما حطّ عنك منها شيء). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
- وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي الزيات القشيري قال: دخلنا على أبي الدرداء نعوده؛ فدخل علينا أعرابي؛ فقال: ما لأميركم؟! وأبو الدرداء يومئذ أمير.
قلنا: هو شاكٍ.
قال: والله ما اشتكيت قط!
أو قال: ما صدعت قط.
فقال أبو الدرداء: (أخرجوه عني ليمت بخطاياه، ما أحبّ أنَّ لي بكل وصبٍ وُصِبْتُه حمر النعم، وإنَّ وَصَبَ المؤمن يكفر خطاياه). رواه البيهقي في شعب الإيمان، وأبو الزيات لم أعرفه.
- وقال جعفر بن برقان الكلابي، عن ميمون بن أبي جرير، عن ميمون بن مهران قال: حدثتني أم الدرداء، قالت: (لقد رأيت أبا الدرداء ينفخ النار تحت قدرنا هذه حتى تسيل دموع عينيه). رواه أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال.
- وقال أبو هلال الراسبي، عن معاوية بن قرة أن أبا الدرداء اشتكى؛ فدخل عليه أصحابه فقالوا: ما تشتكي؟
قال: (أشتكي ذنوبي).
قالوا: فما تشتهي؟
قال: (أشتهي الجنة).
قالوا: ألا ندعو لك طبيبا؟
قال: (هو الذي أضجعني). رواه أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا في كتاب "المحتضرين".

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:27 AM

ثناء الصحابة والتابعين عليه
- قال معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن يزيد بن عميرة قال: لما حضر معاذ بن جبل الموت قيل له: يا أبا عبد الرحمن أوصنا.
قال: أجلسوني.
فقال: (إنَّ العلمَ والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما - يقول ثلاث مرات - فالتمسوا العلم عند أربعة رهط: عند عويمر أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سلام الذي كان يهودياً، ثم أسلم؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنه عاشر عشرة في الجنة "). رواه أحمد، والترمذي، وأبو زرعة الدمشقي، والنسائي في السنن الكبرى.
- وقال يحيى بن عبد الله بن بكير: حدثنا عبد الله بن لهيعة قال: حدثني الحارث بن يزيد قال: سمعت علي بن رباح يقول: حدثني ناشرة بن سميّ اليزني قال: كنت أتبع معاذ بن جبل أتعلم منه القرآن، وآخذ منه، فلما كنت بالمدينة وصليت في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فقرأت القرآن، فمر بي رجل فضرب كتفي قال لي: (ليس كما تقرأ).
فلما فرغت أتيت معاذاً فأخبرته بقول الرجل؛ فقال معاذ بن جبل: أتعرفه؟
قلت: نعم، وأريته إياه.
فانطلق إليه معاذ فقال: أخبرني هذا أنك رددت عليه ما قرأ.
قال: (نعم - وهو أبيّ بن كعب- نعم، يا معاذ! بعثك نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن؛ فأُنزل بعدك قرآن، ونُسخ بعدك قرآن، فأتني بأصحابك يعرضون عليَّ القرآن).
فقال معاذ: يا ناشرة إنَّ أعلمَ الناس بفاتحة آية وخاتمتها أبيّ بن كعب، وإنَّ أقدرَ الناس على كلمة حكمة أبو الدرداء، وإنَّ أعلمَ الناس بفريضة وأقسَمهم لها عمر بن الخطاب). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ.
- وقال عبد الرحمن بن سابط الجمحي: سمعت عمرو بن ميمون قال: قال لي معاذ بن جبل: (التمس العلم عند عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن سلام - فإنه عاشر عشرة في الجنة - وسلمان الخير، وعويمر أبي الدرداء).
قال: (فلحقت بعبد الله بن مسعود). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش عن أبي إسحاق السبيعي قال: قال عبد الله [بن مسعود]: (علماءُ الأرض ثلاثة: فرجلٌ بالشام، ورجلٌ بالمدينة، ورجل بالكوفة؛ فأما هذان فيسألان الذي المدينة، والذي بالمدينة لا يسألهم عن شيء). رواه ابن عساكر.
- وقال إبراهيم بن الحكم: حدثنا أبي، عن السدي، عن مرّة بن شراحيل قال: كان عبد الله بن مسعود يقول: (علماء الناس ثلاثة: واحد بالعراق، وآخر بالشام يعني أبا الدرداء يحتاج إلى الذي بالعراق يعني نفسه، والذي بالشام والعراق يحتاجان إلى الذي بالمدينة يعني عليَّ بن أبي طالب، ولا يحتاج إلى واحد منهما). رواه ابن عساكر.
- وقال قبيصة بن عقبة: أخبرنا سفيان [ الثوري]، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان قال: كان عبد الله بن عمرو يقول: حدثونا عن العاقِلَين.
فيقال له: من العاقلان؟
فيقول: (معاذ بن جبل، وأبو الدرداء). رواه ابن سعد، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وابن عساكر.
- وقال سفيان بن عيينة، عن ابن أبي حسين قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: سمعت يزيد بن معاوية يقول: (كان أبو الدرداء من الفقهاء العلماء الذين يشفون من الداء). رواه ابن عساكر.
- وقال عبيد الله بن موسى الكوفي: أخبرنا جعفر بن زياد عن منصور عن مسروق قال: (انتهى العلم إلى ثلاثة: عالم بالمدينة، وعالم بالشام، وعالم بالعراق؛ فعالم المدينة علي بن أبي طالب، وعالم الكوفة عبد الله بن مسعود، وعالم الشام أبو الدرداء، فإذا التقوا سأل عالمُ الشام وعالمُ العراق عالمَ المدينة ولم يسألهم). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ.
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا القاسم بن معن، عن منصور، عن مسلم، عن مسروق قال: (شامَمْتُ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجدت علمهم انتهى إلى ستة: عمر، وعلي، وعبد الله، ومعاذ، وأبي الدرداء، وزيد بن ثابت.
ثم شاممت - يعني الستة - فوجدت علمهم انتهى إلى: علي، وعبد الله)
. رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال عبد الله بن إدريس الأودي: حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن عامر الشعبي قال: (انتهى علم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ستة نفر عمر وعلي وعبد الله وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وأبي موسى الأشعري). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ.
- وقال مسعر بن كدام، عن القاسم بن عبد الرحمن [الشامي]، قال: «كان أبو الدرداء من الذين أوتوا العلم». رواه سعيد بن منصور في سننه، وأحمد في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه.
- وقال أبو مسهر الغساني: أخبرنا سعيد بن عبد العزيز قال: (كان العلماء بعد معاذ بن جبل: عبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وسلمان، وعبد الله بن سلام، ثم كان العلماء بعد هؤلاء: زيد، ثم كان بعد زيد بن ثابت: ابن عمر، وابن عباس).
قال: (ثم كان بعد هذين سعيد بن المسيب). رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق، والطبراني في المعجم الكبير، وابن عساكر في تاريخ دمشق.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:28 AM

مرض موته
مات أبو الدرداء رضي الله عنه بعد مرض أصابه في آخر حياته.
- قال ميمون بن موسى المَرَائي التميمي: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: صحبت أبا الدرداء أتعلّم منه، فلما حضره الموت قال: آذنِ الناس بموتي، فآذنت الناس بموته، فجئت وقد ملئ الدار وما سواه.
قال: فقلت: قد آذنتُ الناس بموتك، وقد مُلئ الدار، وما سواه.
قال: أخرجوني فأخرجناه.
قال: أجلسوني.
قال: فأجلسناه.
قال: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمّهما أعطاه الله ما سأل معجلاً أو مؤخراً».
قال أبو الدرداء: «يا أيها الناس! إياكم والالتفات؛ فإنّه لا صلاة لملتفت؛ فإن غُلبتم في التطوّع، فلا تُغلبنّ في الفريضة». رواه أحمد في المسند.
- وقال شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: قال أبو الدرداء في مرضه الذي مات فيه: (ألا احملوني).
قال: فحملوه.
قال: (ألا أخرجوني).
قال: فأخرجوه.
قال: (حافظوا على هاتين الصلاتين - يعني صلاة العشاء، والصبح -، ألا اسمعوا وبلغوا من خلفكم: لو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبواً على مرافقكم وركبكم). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والبيهقي في شعب الإيمان.
- وقال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: أخبرني إسماعيل بن عبيد الله، قال: حدثتني أم الدرداء أنه أغمي على أبي الدرداء، فأفاق فإذا بلال ابنه عنده، فقال: «قم فاخرج عني».
ثم قال: (من يعمل لمثل مضجعي هذا؟ من يعمل لمثل ساعتي هذه؟ {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون} أتيتم).
ثم أغمي عليه، فلبث لبثاً ثم يفيق؛ فيقول مثل ذلك، فلم يزل يرددها حتى قبض). رواه ابن المبارك في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين، والبيهقي في شعب الإيمان.
- وقال زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني قال: مرض أبو الدرداء مرضه الذي مات فيه، وكثر العوّاد في منزله؛ فأخرجوه إلى كنيسة النصارى؛ فجعل الناس يعودونه أرسالاً. فجاء أبو إدريس إلى أبي الدرداء وهو يجود بنفسه؛ فتخطّى الناس حتى جلس عند رأسه.
فقال أبو إدريس: الله أكبر، الله أكبر؛ فجعل يكثر؛ فرفع أبو الدرداء رأسه فقال: (إن الله عز وجل إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به).
ثم قال: (ألا رجلٌ يعمل لمثل مصرعي هذا! ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه!)
ثم قضى). رواه ابن زبر الربعي في وصايا العلماء عند الموت.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:28 AM

تاريخ وفاته
كان موته بعد موت ابن مسعود رضي الله عنهما، لكن اختلف في سنة وفاته على أقوال:
- فقال يحيى بن بكير، وابن سعد، وأبو مسهر الغساني، وخليفة بن خياط، ويعقوب بن شيبة، وأبو عبيد، وأبو حفص الفلاس، وابن نمير، وابن زبر الرَّبَعي: مات سنة 32ه.
- وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: مات قبل مقتل عثمان بسنتين، أي سنة 33هـ.
- وقال المفضل بن غسان، وخالد بن معدان: مات سنة 31هـ.
- وقال عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي دحيم: حدثنا سويد بن عبد العزيز عن الأوزاعي قال: (مات أبو الدرداء قبل قتل عثمان بسنتين). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال سعيد بن عبد العزيز، عن مغيث بن سمي (أنَّ أبا الدرداء عويمر بن زيد الأنصاري وهو من بلحارث بن الخزرج مات بعد موت ابن مسعود في آخر خلافة عثمان قبل أن يقتل بقليل). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال: أبو مسهر الغساني: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: (مات أبو الدرداء وكعب الأحبار في خلافة عثمان). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال أبو زرعة الدمشقي: (رأيت أهل العلم ببلدنا يذكرون: أن بمقبرة دمشق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بلال بن رباح مولى أبي بكر، وسهل بن الحنظلية، وأبو الدرداء).

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:29 AM

ما رؤي فيه بعد موته
- قال الليث بن سعد: حدثنا معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير الحضرمي، حدثنا عوف بن مالك الأشجعي قال: رأيت في المنام كأني أتيت مرجاً أخضر فيه قبة من أدم، حولها غنم ربّض تجتر وتبعر العجوة؛ فقلت: لمن هذه؟
فقيل لي: لعبد الرحمن بن عوف؛ فانتظرته حتى خرج من القبة.
قال: يا عوف بن مالك! هذا ما أعطى الله سبحانه بالقرآن؛ فلو أشرفت على هذه الثنية لرأيت ما لا ترى عينك، ولسمعت ما لم تسمع أذنك، ولا يخطر على قلبك، أعده الله عزّ وجل لأبي الدرداء لأنه كان يدفع الدنيا بالراحتين والنحر). رواه أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا في كتاب المنامات، وابن عساكر في تاريخ دمشق.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:29 AM

مواعظه ووصاياه
كان أبو الدرداء رضي الله عنه من العلماء الحكماء، والعبّاد الزهّاد، كثير التفكر والاعتبار، وكان ينطق بالحكمة، ويعظ المواعظ البليغة، ويوصي الوصايا الجليلة، وقد تقدّم ما روي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: (وإنَّ أقدرَ الناس على كلمة حكمة أبو الدرداء).
والمواعظ والوصايا المروية عن أبي الدرداء رضي الله عنه كثيرة جداً، وقد انتخبت منها هذه الآثار الحسان:
1: قال شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد وهو أمير بمصر: «أما بعد فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله، وإذا أحبه الله حبَّبَه إلى خلقه، وإذا عمل بمعصية الله أبغضه الله، وإذا أبغضه الله بغَّضه إلى خلقه». رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، ووكيع في الزهد، وأحمد في الزهد، وهناد بن السري في الزهد، وأبو داوود في الزهد، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
2: وقال معمر بن راشد، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد: «سلام عليك، أما بعد، فإنَّ العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله، فإذا أحبه الله حببه إلى عباده، وإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله، فإذا أبغضه الله بغضه إلى عباده». رواه البيهقي في الأسماء والصفات.
3: وقال الفُضيل بن عياض، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد أما بعد فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله وإذا أحبه الله حببه إلى عباده). رواه ابن عساكر.
4: وقال موسى بن داود الضبّي: حدثنا نافع بن عمر الجمحي، عن ابن أبي مليكة قال: قال يزيد بن معاوية: قال أبو الدرداء - وكان من العلماء- : (تأملون وتجمعون؛ فلا ما تأملون تدركون، ولا ما تجمعون تأكلون). رواه ابن عساكر.
5: وقال موسى بن داود الضبّي: حدثنا نافع بن عمر الجمحي قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: قال يزيد بن معاوية: قال أبو الدرداء - وكان من العلماء الحكماء الذين يشفون الداء -: (يا أهل دمشق! اسمعوا قولَ أخٍ لكم ناصح، ما لي أراكم تجمعون ما لا تأكلون، وتبنون ما لا تسكنون، وتؤمّلون ما لا تدركون، إنَّ من كان من قبلكم جمعوا كثيراً، وبنوا شديداً، وأمّلوا بعيداً؛ فأصبح ما جمعوا بورا، وما أمّلوا غرورا، وأصبحت مساكنهم قبوراً). رواه ابن عساكر.
وروى محمد بن العجلان، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن أبي الدرداء نحوه، وزاد: (ألا إنَّ عاداً ملأت ما بين عدن وعمان خيلا وركابا؛ فمن يشتري مني ميراث عاد بدرهمين؟!). رواه أبو داوود في الزهد.
وروى ابن أبي الدنيا نحوه في كتاب "قصر الأمل" من طريق عمار بن محمد الثوري، عن عبد الملك بن عمير، عن رجاء بن حيوة، عن أبي الدرداء.
ورواه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش بنحوه.

6: وقال عبد الله بن مسلمة القعنبي: حدثنا فضيل بن عياض، عن سليمان [الأعمش]، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن [بن أبي ليلى]، قال: قال حبيب بن مسلمة لأبي الدرداء: أوصني.
فقال: (عليك بكتاب الله). ثلاث مرات.
فلما ولى دعاه قال: (اعبد الله كأنك تراه، واعدد لنفسك قبرا، واحذر دعوة المظلوم). رواه أبو داوود في الزهد.
7: وقال زيد بن واقد، عن زيد بن عبيد، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: (لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت ما أكلتم طعاماً على شهوة أبداً، ولا شربتم شراباً على شهوة أبداً، ولا دخلتم بيتاً تستظلون فيه أبداً، ولبرزتم إلى الصُّعُدات تلزمون صدوركم وتبكون على أنفسكم).
ثم قال: (لوددت أني شجرة أعضد في كل عام، وأؤكل). رواه أبو داوود في الزهد.
8: وقال عبثر بن القاسم الزبيدي، عن برد بن سنان، عن حزام بن حكيم، قال: قال أبو الدرداء: « لو تعلمون ما أنتم راؤون بعد الموت لما أكلتم طعاماً على شهوة، ولا شربتم شراباً على شهوة، ولا دخلتم بيتاً تسكنون فيه، ولخرجتم إلى الصعيد تضربون صدوركم، وتبكون على أنفسكم، ولوددت أني شجرة تعضد، ثم تؤكل». رواه أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا في كتاب المتمنين، وأبو نعيم في الحلية.
9: وقال الربيع بن نافع الحلبي: حدثنا علي بن حوشب[الفزاري]، عن أبيه، أنه سمع أبا الدرداء على المنبر يخطب الناس وهو يقول: (إني لخائف يوم ينادي مناد فيقول: يا عويمر!
فأقول: لبيك رب لبيك.
فيقول: أما علمت؟
فأقول: نعم.
فيقال: كيف عملت فيما علمت؟
فتأتي كل آية في كتاب الله زاجرة وآمرة تسألني فريضتها، فتشهد عليَّ الآمرةُ بأني لم أفعل، وتشهد علي الزاجرة بأني لم أنته أو أترك؛ فأعوذ بالله من قلب لا يخشع، ومن عمل لا ينفع، ومن صوت لا يسمع، وأعوذ بالله من دعاء لا يجاب). رواه أبو داود في الزهد.
10: وقال عبيد الله بن موسى الكوفي: حدثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن عاصم، عن أبي وائل، عن أبي الدرداء قال: (اعمل لله كأنك تراه، واعدد نفسك مع الموتى، وإياك ودعوات المظلوم فإنهنَّ يصعدن إلى الله عز وجل كأنهن شرارات نار). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
11: وقال جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، عن أبي وائل، عن أبي الدرداء، قال: «إني لآمركم بالأمر، وما أفعله، ولكني أرجو فيه الأجر، وإنَّ أبغض الناس إليَّ أن أظلمه الذي لا يستعين عليَّ إلا بالله». رواه ابن أبي شيبة في المصنف، وأبو داود في الزهد، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
ورواه البيهقي في شعب الإيمان من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن منصور به ولفظه: (إنَّ أبغضَ الناسِ إليَّ أن أظلمه من لا يستغيث عليَّ إلا الله عز وجل).
12: وقال أبو المُعلَّى صخر بن جندلة البيروتي: حدثني يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني قال: سمعت أبا الدرداء يحلف: « وايم الله - ما سمعته يحلف قبلها - ما عمل آدمي عملاً خيراً من مشي إلى صلاة، ومن خلق جائز، ومن صلاح ذات البين». رواه ابن المبارك في الزهد.
13: وقال عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، أنَّ رجلاً أتى أبا الدرداء بابنه، فقال: يا أبا الدرداء! إنَّ ابني هذا قد جمع القرآن.
فقال: «اللهم غفراً، إنما جمع القرآن من سمع له وأطاع».رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.
14: وقال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: حدثني أبو عبيد الله، عن أبي الدرداء قال: «لا يزال نفس أحدكم شابة في حبّ الشيء ولو التقت ترقوتاه من الكبر، إلا الذين امتحن الله قلوبهم للآخرة، وقليل ما هم». رواه ابن المبارك في الزهد، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
15: وقال أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، عن خالد بن محمد الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (حبُّك الشيءَ يُعْمِي ويُصِمّ). رواه أحمد في المسند، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد في مصنفه، وأبو داوود في سننه، والطبراني في المعجم الأوسط، وغيرهم.
16: وقال ابن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، عن حميد بن مسلم، قال: سمعت بلال بن أبي الدرداء، يقول: قال أبو الدرداء: (حبك للشيء يعمي ويصم). رواه أبو داوود في الزهد.
17: وقال يزيد بن هارون: حدثنا حريز بن عثمان، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه قال: (حبك الشيء يعمي ويصم). رواه ابن العرابي في معجمه، والبيهقي في شعب الإيمان.
18: وقال مسعر بن كدام: حدثني عون بن عبد الله قال: قال أبو الدرداء: «من يتفقَّد يَفْقِد، ومن لا يُعِدَّ الصبر لفواجع الأمور يعجز». رواه ابن المبارك في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه.
19: وقال زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش، عن أبي بحرية عبد الله بن قيس السَّكوني، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم)).
قالوا: وذلك ما هو يا رسول الله؟
قال: ((ذكر الله عز وجل)). رواه أحمد في المسند، ورواه مالك في الموطأ من طريق زياد عن أبي الدرداء موقوفاً، ورواه ابن أبي شيبة من طريق صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن أبي الدرداء موقوفاً.
20: وقال موسى بن عقبة: حدثني بلال بن سعد التيمي، عن أبيه أنَّ أبا الدرداء رضي الله عنه ذكر الدنيا فقال: (إنها ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ما كان لله عز وجل، أو ما ابتغي به وجهه تعالى). رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الزهد.
21: وقال إسماعيل بن عياش: حدثني شرحبيل بن مسلم الخولاني، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء قال: (من لم ير أنَّ لله عليه نعمة إلا في الأكل والشرب؛ فقد قلَّ فقهه وحضر عذابه). رواه ابن عساكر.
22: وقال إسماعيل بن عياش الحمصي: حدثنا شرحبيل بن مسلم، عن أبي مسلم الخولاني، عن أبي الدرداء، أنه قال: «بئس العون على الدين قلب نَخيب، وبطن رغيب، ونعظ شديد». رواه أبو بكر الخرائطي في اعتلال القلوب، ورواه سعيد بن منصور في سننه عن إسماعيل ولم يذكر أبا مسلم الخولاني، والقلب النخيب هو الضعيف الجبان، والنعظ شهوة الجماع.
23: وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن حكيم بن جابر قال: كان أبو الدرداء مضطجعاً بين أصحابه وثوبه على وجهه، إذ مرّ بهم قسٌّ فأعجبهم سِمَنُه؛ فقالوا: اللهمَّ العنه، ما أعظمه!! وما أسمنه!!
فكشف الثوب عن وجهه؛ فقال: من ذا الذي لعنتم آنفا؟
فقالوا: قِسّا مرَّ بنا.
فقال: (لا تلعنوا أحداً؛ فإنه لا ينبغي للعان أن يكون عند الله يوم القيامة صديقاً). رواه ابن المبارك في الزهد، وهناد بن السري في الزهد، وابن أبي الدنيا في "ذم اللعانين"، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
24: وقال عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء قال: (لولا ثلاث صلح الناس: شحٌّ مطاع، وهوى متبّع، وإعجاب كل ذي رأي برأيه). رواه أحمد في الزهد.
25: وقال عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا معاوية، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء قال: (العالم والمتعلم في الأجر سواء، ولا خير فيما سواهما). رواه أحمد في الزهد.
26: وقال إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي الدرداء قال: (معاتبة الأخ أهون من فقده، ومن لك بأخيك كله، أعطِ أخاك وهب له، ولا تطع فيه كاشحا فيكون مثله، غداً يأتيه الموت فيكفيك قِبَله، كيف تبكيه في الممات وفي الحياة تركت وصله؟). رواه ابن عساكر.
ورواه أبو داوود في الزهد من طريق إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي الدرداء.
- قال أبو داود: (بلغني عن الأصمعي: "من لك بأخيك كله": يراد لا بدَّ أن يكون فيه نقص ما تستنكر، وقال أبو قلابة: "أعياني أن أجد منكم رجلا كاملاً").
27: وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي: سمعت إسماعيل بن عبيد الله، يقول: سمعت أم الدرداء، تقول: سمعت أبا الدرداء، يقول: (لو أنَّ رجلاً هرب من رزقه كهربه من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
28: وقال إسماعيل بن عياش الحمصي، عن شرحبيل بن مسلم الخولاني، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء أنه كان يقول: (من يتبع نفسه ما يرى في الناس يطول حزنه ولا يشفي غيظه). رواه أبو داوود في الزهد.
29: وقال إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء، أنه كان يقول: (من لم يرَ لله عليه نعمة إلا في الأكل والشرب، فقد قلَّ فهمه، وحضر عذابه). رواه أبو داوود في الزهد.
30: وقال معن بن عيسى القزاز، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء، قال: (لولا ثلاث لصلح الناس، لولا هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب كل ذي رأى برأيه). رواه أبو داوود في الزهد.
31: وقال ابن وهب: أخبرني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء، قال: (الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما كان من ذكر الله، أو آوى إلى ذكر الله). رواه أبو داوود في الزهد.
32: وقال معاوية بن صالح الحضرمي: حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي الدرداء، قال: «إن الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله يدخلون الجنة وهم يضحكون». رواه ابن أبي شيبة.
33: وقال الهيثم بن خارجة: حدثنا سليمان بن عتبة، عن يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو غفر لكم ما تأتون إلى البهائم لغفر لكم كثيراً). رواه أحمد في المسند، والبيهقي في شعب الإيمان.
ورواه عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه عن الهيثم بن خارجة به موقوفاً على أبي الدرداء.
ورواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق عن سليمان بن عتبة عن يونس بن ميسرة عن أم الدرداء عن أبي الدرداء موقوفاً.
وروى الحارث بن أبي أسامة في مسنده نحوه موقوفاً من طريق محمد بن حرب، عن أبي سلمة سليمان بن سليم الكناني عن يحيى بن جابر القاضي عن أبي الدرداء، في قصة ذكرها، وهو منقطع.

34: وقال يوسف بن بحر التميمي قاضي حمص: حدثنا محمد بن سعيد بن سابق، عن مروان بن جناح أنه حدثه، عن ميسرة بن حلبس، أن أبا الدرداء، قال: (تعلموا العلم قبل أن يفتقر إليكم، فإن أعبد الناس رجل عالم، إن احتيج إليه نفع بعلمه، وإن استغني عنه نفع نفسه بالعلم الذي جعله الله عنده، فما مال علمائكم يذهبون، وجهالكم لا يتعلمون؟ فلو أن العالم أراد أن يزداد علماً لازداد وما نقص العلم شيئاً، ولو أراد الجاهل أن يتعلم لوجد العلم). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
وروح بن جناح هو أبو سعد المدني متكلّم فيه، وميسرة بن حلبس لا أعلم له رواية، وإنما المعروف بالرواية ابناه: يونس، ويزيد، وهما لم يدركا أبا الدرداء.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:30 AM

مراسيل المواعظ المروية عنه
لأبي الدرداء رضي الله عنه مواعظ جليلة، ووصايا قيّمة، وحكم بديعة، وأقوال سائرة، لكن أكثر ما يُروى عنه مراسيل، كمراسيل سالم بن أبي الجعد الأشجعي، وعبد الله بن مرة الهمداني، وخالد بن معدان الكلاعي، وأبي قلابة الجرمي، والحسن البصري، ورجاء بن حيوة الكندي، وشريح بن عبيد الحضرمي، وراشد بن سعد الحبراني، ومعاوية بن قرّة المزني، وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، ولقمان بن عامر الوصابي، وبلال بن سعد السكوني، وميمون بن مهران الجزري، وقتادة بن دعامة السدوسي، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، وربيعة بن يزيد القصير، وشرحبيل بن مسلم الخولاني، وأبو حبيب الحارث بن مخمر الظهراني، وأبو الزاهرية حدير بن كريب الحضرمي، وضمرة بن حبيب الزُّبَيدي، وموسى بن عقبة المدني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وغيرهم كثير.
وهؤلاء عامتهم من الأئمة الكبار، ويروون عن أبي الدرداء بواسطة أمّ الدرداء، أو بلال بن أبي الدرداء، أو إسماعيل بن عبيد الله مولى أبي الدرداء، ومنهم من يروي عن غيرهم؛ فإذا كان الإسناد إليهم صحيحاً، والمتن ليس فيه نكارة؛ فالحكمة ضالّة المؤمن، وربّ كلمة لو قالها رجل من أفناد الناس لكانت حكمة بليغة، ومثلاً سائراً؛ فما يكون من رواية هؤلاء الأئمة عن أبي الدرداء أولى بالاعتبار والحفظ، وإن كان لا يحتجّ بها في الأحكام لانقطاع إسنادها، لكن يستفاد منها في الوعظ والتذكير، والتنبيه على ما قد يُغفل عنه؛ ولذلك رأيت من التفريط تركها؛ فانتخبت منها مراسيل جياد، ورتّبتها على ترتيب رواتها.

مراسيل سالم بن أبي الجعد الأشجعي(ت:98هـ تقريباً )
- قال مسعر بن كدام، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء قال: «تعلموا قبل أن يرفع العلم، فإن ذهاب العلم ذهاب العالم، وإن العالم والمتعلم في الأجر سواء». رواه وكيع في الزهد.
- وقال الفضيل بن عياض، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال أبو الدرداء: (ما لي أرى علماءكم يذهبون، وأرى جهّالكم لا يتعلمون، تعلّموا فإنَّ العالم والمتعلم في الأجر سواء، ولا خير في سائر الناس، ما لي أراكم تحرصون على ما كُفل لكم به، وتَباطَؤون عما أمرتم به). رواه ابن عساكر.
- وقال النضر بن شميل: أنبأنا شعبة، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال أبو الدرداء: (ما لي أرى علماءكم يذهبون، وأرى جهالكم لا يتعلمون، ما لي أراكم تحرصون على ما تكفل لكم، وتدعون ما أمرتم به، تعلموا قبل أن يرفع العلم، ورفع العلم ذهاب العلماء؛ فأنا أعلم بشراركم من البيطار بالفرس، هم الذين لا يأتون الصلاة إلا دبرا، ولا يقرءون القرآن إلا هجرا، ولا يعتق محررهم). رواه البيهقي في المدخل إلى السنن، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال حصين بن عبد الرحمن الأسدي، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء أنه قال: «مالي أرى علماءكم يذهبون، وأرى جهالكم لا يتعلمون، تعلّموا قبل أن يرفع العلم، فإن رفع العلم ذهاب العلماء، مالي أراكم تحرصون على ما قد تُكُفّل لكم به، وتضيعون ما وكلتم به، لأنا أعلم بشراركم من البيطار بالخيل، هم الذين لا يأتون الصلاة إلا دبراً، ولا يسمعون القرآن إلا هجرا، ولا يعتق محررهم». رواه أحمد في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال محمد بن فضيل، عن [حصين] بن عبد الرحمن، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء، قال: (يا أهل حمص! مالي أرى علماءكم يذهبون، وأرى جهالكم لا يتعلمون، وأراكم قد أقبلتم على ما تكفّل لكم به، وضيعتم ما وكلتم به؟
اعلموا قبل أن يرفع العلم، فإنَّ رفع العلم ذهاب العلماء، لولا ثلاث صلح الناس: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه.
من يكثر قرع الباب يفتح له، ومن يكثر الدعاء في الرخاء يستجاب له عند الكرب، ومن رزق قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وزوجةً مؤمنةً، فنعم الخيرات له، لم يترك من الخيرات شيئاً). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال محمد بن فضيل الضبّي: حدثنا أبو نصر [الضبي]، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء قال: (من يكثر الدعاء في الرخاء يستجاب له عند البلاء، ومن يكثر قرع الباب يفتح له). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
- وقال جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال أبو الدرداء: (ما لي أراكم تجتهدون فيما قد توكل لكم به وتبطؤون عما أمرتم به). رواه ابن عساكر.
- وقال منصور بن المعتمر السلمي، عن سالم بن أبي الجعد الأشجعي قال: صعد رجل إلى أبي الدرداء وهو جالس فوق بيت يلتقط حباً، قال: فكأن الرجل استحيا منه فرجع، فقال أبو الدرداء: «تعال! فإنَّ من فقهك رفقك في معيشتك». رواه وكيع في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وهناد بن السري في الزهد، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر في تاريخ دمشق.

مراسيل عبد الله بن مرة الهمداني(ت:100هـ)
- قال الأعمش، عن عبد الله بن مرّة قال: قال أبو الدرداء: (اعبدوا الله كأنكم ترونه، وعدّوا أنفسكم في الموتى، واعلموا أنَّ قليلاً يكفيكم خير من كثير يلهيكم، واعلموا أنَّ البرَّ لا يَبْلى، وأنَّ الإثم لا يُنسى). رواه وكيع في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وأحمد في الزهد، وهناد بن السري في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
ورواه أبو داوود في الزهد من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، عن عبد الله بن مرة الهمداني به.


مراسيل عبد الله بن جُليد الحجري(ت:100هـ)
- قال سعيد بن أبي أيوب: حدثني عبد الله بن الوليد [التجيبي]، عن عباس بن جُليد الحجري عن أبي الدرداء قال: (تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ حتى يتقيه في مثقال ذرة، حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً، يكون حاجزاً بينه وبين الحرام، فإن الله قد بين للعباد الذي يصيرهم إليه قال الله: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} فلا تحقرنّ شيئا من الشر أن تتقيه، ولا شيئا من الخير أن تفعله). رواه ابن المبارك في الزهد، والبيهقي في الزهد الكبير دون قوله: (فإن الله قد بيّن للعباد ... إلخ).
ورواه ابن بشران في أماليه، وأبو نعيم في الحلية و وابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب به
، وزاد في أوّله: «لولا ثلاث خلال لأحببت أن لا أبقى في الدنيا».
فقلت: وما هن؟
فقال: «لولا وضوع وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار يكون تقدمه لحياتي، وظمأ الهواجر، ومقاعدة أقوام ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة».
فإن صحّت هذه الزيادة فيكون حديث عبد الله بن جليد عن أبي الدرداء متصلاً غير مرسل على أنّ بين وفاتيهما نحو 68 سنة.

مراسيل خالد بن معدان الكلاعي(ت:103هـ)
- قال ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء رحمه الله قال: (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما أدى إلى ذكر الله، والعالم والمتعلم في الأجر سواء، وسائر الناس همج لا خير فيهم). رواه ابن المبارك في الزهد، وأحمد في الزهد، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ، وابن أبي الدنيا في كتاب "ذم الدنيا"، والبيهقي في شعب الإيمان.

مراسيل أبي قلابة الجرمي (ت: 104هـ)
- قال النضر بن معبد، عن أبي قلابة الجرمي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: (نزل القرآن على ست آيات: آية مبشرة، وآية منذرة، وآية فريضة، وآية تأمرك، وآية تنهاك، وآية قصص وأخبار). رواه يحيى بن سلام البصري في تفسيره.
- وقال إسماعيل ابن علية، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة الجرمي أنَّ رجلاً قال لأبي الدرداء: إن إخوانك من أهل الكوفة، من أهل الذكر، يقرئونك السلام. فقال: «وعليهم السلام، ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة، ويجنّبهم الجور والحزونة». رواه عبد الرزاق في مصنفه، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن، وابن أبي شيبة في مصنفه، والدارمي في سننه، ورواه عبد الرزاق من طريق معمر عن أيوب به.
- وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: قال أبو الدرداء: (البرّ لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديّان لا ينام، فكن كما شئت، كما تدين تدان). رواه أحمد في الزهد.
- وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: (لا تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله، ثم تقبل على نفسك فتكون لها أشد مقتا منك للناس). رواه البيهقي في الأسماء والصفات.
وروى نحوه ابن أبي الدنيا في كتاب "محاسبة النفس" من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن أيوب السختياني به.
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الدرداء رحمه الله قال: (ادع الله يوم سرائك لعله يستجيب لك يوم ضرائك). رواه أحمد في الزهد.
- وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: قال أبو الدرداء: (ادع الله في يوم سرائك لعله يستجيب لك في يوم ضرائك). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
- وقال إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: قال أبو الدرداء: «إن من فقه المرء ممشاه ومدخله ومجلسه».
ثم قال أبو قلابة: " قاتل الله الشاعر: لا تسأل عن المرء وانظر قرينه). رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان.
قلت: البيت لعديّ بن زيد، وروايته المشهورة:

عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فإن القرين بالمقارن يقتدي.
- وقال حماد بن زيد: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، أنه قال: مُرَّ على أبي الدرداء برجل يقاد في حدٍّ أصابه قال: فنال القوم منه.
فقال: (لا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم).
قال: (أرأيتم لو رأيتموه في قليب أكنتم مستخرجيه؟)
قالوا: نعم.
قال: (فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله على الذي عافاكم).
فقيل: له أتبغضه؟
فقال: (إني لا أبغضه، ولكن أبغض عمله، فإذا تركه كان أخي).
رواه أبو داوود في الزهد، ورواه البيهقي في شعب الإيمان من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب بنحوه.
- وقال معمر، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن أبي الدرداء، قال: «إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوهاً كثيرة، وحتى تمقت الناس في جنب الله، ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتا منك للناس». رواه معمر في جامعه، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
ورواه أحمد في الزهد من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب به.
ورواه أبو داوود في الزهد من طريق وهيب بن خالد عن أيوب به.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق روح بن عبادة عن حماد بن زيد عن أيوب به.


مراسيل الحسن بن أبي الحسن البصري(ت:110هـ)
- وقال أبو النضر هاشم بن القاسم الكناني: حدثنا المبارك [بن فضالة]، عن الحسن [البصري] عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (لئن شئتم لأقسمنَّ لكم: إنَّ أحبَّ عباد الله إلى الله الذين يحبّون الله، ويحبّبون الله إلى خلقه، ولئن شئتم لأقسمن لكم إن أحبّ عباد الله إلى الله رعاة الشمس والقمر يمشون في الأرض نصحاء). رواه وكيع في الزهد، وأحمد في الزهد.
ورعاة الشمس والقمر هم الذين يتعاهدون النظر إليهما لأداء الصلوات وقيام الليل، ودخول شهر رمضان.

- وقال أبو عمر الحوضي: حدثنا يزيد [بن إبراهيم التستري]، قال: سمعت الحسن يقول: قال أبو الدرداء: «ابن آدم! اعمل كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، واتق دعوة المظلوم». رواه أبو حاتم الرازي في الزهد.
- قال عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثنا أبو الأشهب [جعفر بن حيان العطاردي] عن الحسن [البصري]، عن أبي الدرداء قال: (إنما أخشى عليكم زلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن، والقرآن حقٌّ، وعلى القرآن منار كمنار الطريق، ومن لم يكن غنياً من الدنيا فلا دنيا له). رواه أحمد في الزهد، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال سيار بن حاتم العنزي: حدثنا جعفر [بن سليمان الضبعي]، حدثنا يونس، عن الحسن قال: قال أبو الدرداء: (لولا ثلاث لأحببت أن أكون في بطن الأرض لا على ظهرها، لولا إخوان لي يأتوني ينتقون طيّب الكلام كما ينتقى طيّب التمر، أو أعفّر وجهي ساجداً لله عز وجل، أو غدوة أو روحة في سبيل الله عز وجل).رواه أحمد في الزهد.
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن أبي الأشهب العطاردي عن الحسن البصري قال: قال أبو الدرداء: (من يتبع نفسه كل ما يرى في الناس يطلْ حزنه ولا يشفَ غيظه). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والبيهقي في شعب الإيمان.
ورواه أحمد في الزهد من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبي الأشهب به، ورواه ابن أبي الدنيا في "مداراة الناس" من طريق عبد الله بن المبارك، عن أبي الأشهب به.
- وقال روح بن حاتم البزاز: حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن، قال: قال أبو الدرداء: «لا تتبع بصرك كلَّ ما ترى في الناس، فإنه من يتبع بصره كل ما يرى في الناس يطل حزنه ولا يشف غيظه، ومن لا يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه أو في مشربه فقد قل عمله وحضر عذابه، ومن لم يكن غنيا في [لعلّها: عن] الدنيا فلا دنيا له». رواه ابن أبي الدنيا في مداراة الناس.
- وقال إسماعيل بن إبراهيم[ابن علية]، عن موسى، عن الحسن [البصري]قال: قال أبو الدرداء: (يا بني! لا تتبع بصرك كلما ترى في الناس فإنه من يتبع بصره كلما يرى في الناس يطل تحزنه، ولا يشف غيظه، ومن لا يعرف نعمة الله إلا في مطعمه أو مشربه فقد قلَّ علمه وحضر عذابه، ومن لا يكن غنياً من الدنيا فلا دنيا له). رواه أحمد في الزهد.
- وقال أبو معاوية الضرير، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن أبي الدرداء قال: «من تبع نفسه كل ما يرى في الناس يطل حزنه ولا يشف غيظه، ومن لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعم أو مشرب قلّ عمله وحضر عذابه». رواه هناد بن السري.
- وقال سالم بن نوح البصري: حدثنا يونس، عن الحسن، قال: قال أبو الدرداء لابنه: (يا بني! لا تتبع بصرك كلَّ ما ترى في الناس، فإنَّ كلَّ من تبع بصره كلَّ ما يرى في الناس يطول حزنه، ولا يشفي غيظه، ومن لا يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قصر عمله، وحضر عذابه). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال عبد الله بن المبارك: حدثنا يزيد بن إبراهيم [التستري] عن الحسن [البصري] قال: قال أبو الدرداء: (من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قلَّ علمه وحضر عذابه). رواه البيهقي في شعب الإيمان، ورواه أبو حاتم الرازي في كتاب الزهد من طريق أبي عمر الحوضي عن يزيد به.
- وقال سفيان بن وكيع: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي موسى، عن الحسن قال: قيل لأبي الدرداء: إنَّ أصحابك بالأمصار قد قالوا شعراً؛ فهل قلت أنت شعراً؟
قال: نعم.
قالوا: ما هو؟
قال: قلت:
يريد المرء أن يعطى مناه ... ويأبى الله إلا ما أرادا
يقول المرء فائدتي ومالي ... وتقوى الله أفضل ما استفادا).
رواه ابن عساكر.


مراسيل رجاء بن حيوة الكندي(ت:112هـ).
- قال عبيد الله بن عمرو الرَّقّي، عن عبد الملك بن عمير، عن رجاء بن حيوة، عن أبي الدرداء قال: (إنما العلم بالتعلّم، والحلم بالتحلّم، ومن يتحرَّ الخير يعطه، ومن يتوقّ الشر يُوقَه، وثلاثة لا ينالون الدرجات العلى: من تكهن، أو استقسم، أو رجع من سفر من طيرة). رواه البيهقي في شعب الإيمان، وفي المدخل إلى السنن، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
ورواه أبو خيثمة في كتاب العلم من طريق جرير بن عبد الحميد عن عبد الملك به موقوفاً.
ورواه الطبراني في المعجم الأوسط، وأبو نعيم في الحلية من طريق محمد بن الحسن بن يزيد الهمداني سفيان الثوري عن عبد الملك بن عمير، عن رجاء، عن أبي الدرداء مرفوعاً، لكن ابن الحسن متروك الحديث.


مراسيل شريح بن عبيد الحضرمي(ت:112هـ تقريباً )
- قال أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني: حدثنا صفوان [بن عمرو السكسكي]، عن شريح بن عبيد [الحضرمي] أن أبا الدرداء، قال: (كم من نعمة لله في عرقٍ ساكن). رواه أبو داوود في الزهد.

مراسيل راشد بن سعد الحبراني(ت:113هـ)
محدّث حمص في زمانه.
- قال يزيد بن هارون: أنبأنا حريز بن عثمان الرحبي، حدثنا راشد بن سعد [الحَبراني] قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء؛ فقال: أوصني.
قال: (اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء، وإذا ذكرت الموتى فاجعل نفسك كأحدهم، وإذا أشْرَفَت نفسك على شيء من الدنيا فانظر إلى ما يصير إليه). رواه أبو داوود في الزهد، وابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة"، وابن عساكر في تاريخ دمشق.

مراسيل معاوية بن قرّة بن إياس المزني(ت:113هـ)
- قال عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثنا شجاع [صاحب السابري] قال: سمعت معاوية بن قرة، يقول: قال أبو الدرداء: (اطلبوا العلم فإن لم تطلبوه فأحبّوا أهله، فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم). رواه أحمد في الزهد.
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن خالد بن دينار، قال: سمعت معاوية بن قرة، قال: قال أبو الدرداء: «ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكنَّ الخير أن يعظم حلمك ويكثر علمك، وأن تنادي الناس في عبادة الله؛ فإذا أحسنت حمدت الله، وإذا أسأت استغفرت الله». رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الحلم.

مراسيل عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي(ت: 115هـ تقريباً)
- قال محمد بن بشر العبدي، عن مسعر بن كدام، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، قال: قال أبو الدرداء: (إنْ قارضت الناس قارضوك، وإن تركتهم لم يتركوك).
قال: فما تأمرني؟
قال: (أقرض من عرضك ليوم فقرك). رواه أبو داوود في الزهد.

مراسيل لقمان بن عامر الوصابي (ت:115هـ تقريباً )
وهو من قرابة أمّ الدرداء الصغرى.
- قال سعيد بن منصور: حدثنا فرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (يا رُبَّ مكرمٍ لنفسه وهو لها مهين، ويا رُبَّ شهوة ساعة قد أورثت صاحبها حزناً طويلاً). رواه ابن عساكر.
- وقال إسماعيل بن عياش: أخبرني عقيل بن مدرك، عن لقمان بن عامر أنَّ أبا الدرداء قال: (أهل الأموال يأكلون ونأكل، ويشربون ونشرب، ويلبسون ونلبس، ويركبون ونركب، ولهم فضولٌ أموالٍ ينظرون إليها وننظر إليها معهم، عليهم حسابها ونحن منها برآء). رواه ابن المبارك في الزهد، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال الحكم بن موسى البغدادي: حدثنا الفرج بن فضالة، عن لقمان قال: كان أبو الدرداء يقول: (إنما أخشى من ربي يوم القيامة أن يدعوني على رؤوس الخلائق، فيقول لي: يا عويمر، فأقول: لبيك ربي، فيقول لي: ما عملت فيما علمت؟). رواه البيهقي في شعب الإيمان.

مراسيل بلال بن سعد بن تميم السكوني(ت:115هـ تقريباً)
- قال أبو مسهر الغساني: (بلال بن سعد بالشام مثل الحسن بالعراق، وكان أبوه سعد بن تميم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قارئ الشام، وكان جهير الصوت). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال عبد الله بن المبارك: (كان محلّ بلال بن سعد بالشام ومصر كمحلّ الحسن بن أبي الحسن بالبصرة). رواه ابن عساكر.
- قال الوليد بن مسلم: قال الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب: سمعت بلال بن سعد، يقول: قال أبو الدرداء: «لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى فرعون منها شربة ماء». رواه أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا في الزهد.
- قال عبد الله بن المبارك: أخبرنا سعيد بن عبد العزيز، عن بلال بن سعد أنّ أبا الدرداء قال: كان ابن رواحة يأخذ بيدي ويقول: «تعال نؤمن ساعة، إن القلب أسرع تقلباً من القدر إذا استجمعت غلياناً»رواه ابن المبارك في الزهد، وابن بطة في الإبانة.

مراسيل أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي الأعور(ت:116هـ)
- قال يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبي عون الأعور، عن أبي الدرداء قال: «ما أصبحت من ليلة لم يرمني الناس فيه بداهية إلا رأيت أنَّ عليَّ فيها من الله نعمة». رواه هناد بن السري في كتاب الزهد، وأبو داوود في الزهد، والبيهقي في معرفة السنن، وابن عساكر في تاريخ دمشق.

مراسيل ميمون بن مهران الجزري(ت:117هـ)
- قال جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: قال أبو الدرداء: (ويل للذي لا يعلم مرة، وويل للذي يعلم ثم لا يعمل سبع مرات). رواه وكيع في الزهد، ومن طريقه أحمد في الزهد.

مراسيل حميد بن هلال بن هبيرة العدوي البصري(ت:117هـ تقريباً)
- قال عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: قال أبو الدرداء: (إن أخوف ما أخاف إذا لقيت ربي تبارك وتعالى أن يقول لي: قد علمت فماذا عملت فيما علمت).رواه أحمد في الزهد.

مراسيل قتادة بن دعامة السدوسي(ت:117هـ)
- وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن قتادة أنَّ أبا الدرداء، قال: (من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له، ومن يكثر الدعاء يوشك أن يستجاب له). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
وروى نحوه من مرسل ثابت البناني، والحسن البصري عن أبي الدرداء.


مراسيل عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي(ت:118هـ)
- قال ابن وهب، عن عمرو بن الحارث أنا أباه حدّثه عن عبد الرحمن بن جبير أنَّ رجلاً قال لأبي الدرداء: علمني كلمة ينفعني الله بها.
قال: (واثنين، وثلاثاً، وأربعاً، وخمساً، من عمل بهن كان ثوابه على الله عز وجل الدرجات العلا: لا تأكل إلا طيباً، ولا تكسب إلا طيباً، ولا تدخل بيتك إلا طيباً، واسأل الله رزقك يوماً بيوم، وإذا أصبحت فاعدد نفسك مع الأموات؛ فكأنك قد لحقت بهم، وَهَبْ عرضك لله فمن سبَّك أو شتمك أو قاتلك فدعه لله، فإذا أسأت فاستغفر الله). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال عبد الله بن المبارك: أنبأنا صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، قال: قال أبو الدرداء: « ألا إنَّ أعمالكم تعرض على عشائركم، فمُسَاؤون ومسرّون، فأعوذ بالله أن أعمل عملاً يُخزَى به عبد الله بن رواحة»
قال: (وهو أخوه من أمّه). رواه أبو داوود في الزهد.

مراسيل ربيعة بن يزيد القصير الدمشقي (ت:123هـ)
- قال أبو مسهر الغساني: حدثني عبد الرحمن بن عامر قال: سمعت ربيعة بن يزيد يقول: (ما أذن المؤذن منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد إلا أن أكون مريضاً أو مسافراً). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- قال الوليد بن مسلم: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: حدثنا ربيعة بن يزيد أنَّ أبا الدرداء كان يقول: (اعمل عملاً صالحاً قبل الغزو؛ فإنما تقاتلون الناس بأعمالكم). رواه أحمد في الزهد.
ورواه ابن المبارك في الجهاد عن سعيد بن عبد العزيز قال: حدثني ربيعة بن يزيد أو ابن حلبس أن أبا الدرداء قال: «عمل صالح قبل الغزو، فإنكم إنما تقاتلون بأعمالكم».
وقال البخاري في صحيحه: (بابٌ عمل صالح قبل القتال، وقال أبو الدرداء: «إنما تقاتلون بأعمالكم»).
- وقال أبو النضر، عن أبي عقيل، عن عبد الله بن يزيد، عن ربيعة قال: قال: أبو الدرداء: " إن لكل شيء جلاء، وإنَّ جلاء القلوب ذكر الله عزَّ وجل). رواه البيهقي في شعب الإيمان.

مراسيل شرحبيل بن مسلم الخولاني(ت:125هـ تقريباً)
- قال إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي الدرداء، قال: (الغنى صحة الجسد). رواه البيهقي في شعب الإيمان، وابن أبي الدنيا في كتاب الشكر إلا أن لفظه: «الصحة غنى الجسد».
- وقال إسماعيل بن عياش: حدثني شرحبيل بن مسلم الخولاني، وعبد الله بن عبيد الكلاعي أنَّ أبا الدرداء كان إذا رأى الجنازة قال: (اغدي فإنا رائحون، وروحي فإنا غادون، موعظة بليغة وغفلة سريعة، كفى بالموت واعظاً، يذهب الأوّل فالأوّل، ويبقى الآخر لا حلم له). رواه أبو داوود في الزهد.

مراسيل أبي حبيب الحارث بن مخمر القاضي(ت:126هـ)
- قال عثمان بن سعيد الحمصي: حدثنا حريز بن عثمان، عن أبي حبيب القاضي أنَّ أبا الدرداء كان يقول: (تعلَّموا الصمت كما تتعلمون الكلام؛ فإنَّ الصمت حكم عظيم، وكن إلى أن تسمع أحرص منك إلى أن تتكلم، ولا تتكلم في شيء لا يعنيك، ولا تكن مِضْحاكاً من غير عَجَب، ولا مَشّاءً إلى غير أَرَب، يعني إلى غير حاجة). رواه ابن عساكر.
أبو حبيب اسمه الحارث بن مخمر الظهراني، ولي قضاء حمص وقضاء دمشق زمن الوليد بن اليزيد، وروايته عن أبي الدرداء منقطعة.

مراسيل يحيى بن جابر الطائي(ت:126هـ)
- وقال إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن سليم الشامي، عن يحيى بن جابر الطائي، أنَّ أبا الدرداء كان يقول: (ألا ربَّ منعّم لنفسه، وهو لها جدّ مُهِين). رواه أبو الدرداء.
- وقال إسماعيل بن عياش: حدثنا سليمان بن سليم [الكناني]، عن يحيى بن جابر، قال: خرج أبو الدرداء في جنازة، فرأى أهل الميّت يبكون عليه، فقال: (مساكين موتى غدٍ يبكون على ميت اليوم). رواه أبو داوود في الزهد، وأبو حاتم الرازي في كتاب الزهد، وابن أبي الدنيا في كتاب القبور.

مراسيل أبي حصين عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي(ت:127هـ)
- قال محمد بن بشر العبدي: حدثنا مسعر، قال: حدثنا أبو حصين قال: قال أبو الدرداء: (إذا جاءك أمرٌ لا كفاءَ لك به فاصبر، وانتظر الفرج من الله عز وجل). رواه أحمد في الزهد.

مراسيل أبي الزاهرية حدير بن كريب الحضرمي(ت:129هـ)
- وقال عبد الله بن صالح كاتب الليث: حدثنا معاوية بن صالح أن أبا الزاهرية حدثه، عن أبي الدرداء قال: ( إني لا أخشى أن يقال لي يوم القيامة: يا عويمر! ماذا عملت فيما جهلت؟ ولكن أخاف أن يقال لي: ماذا عملت فيما علمت). رواه البيهقي في شعب الإيمان.

مراسيل ضمرة بن حبيب الزُّبَيدي(ت:130هـ)
- قال عبد الله بن المبارك: أخبرنا صفوان بن عمرو، عن ضمرة بن حبيب [الزُّبَيدي] أنَّ أبا الدرداء قال: «إنَّ من فقه المرء إقبالَه على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ». رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق، ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة، وعلّقه البخاري في صحيحه.

مراسيل سليم بن عامر الكلاعي(ت:130هـ)
- وقال ثور بن يزيد، عن سليم بن عامر قال: قال أبو الدرداء: ((نعم صومعة المسلم بيته، يكف لسانه وفرجه وبصره، وإياكم والأسواق فإنها تُلغي وتُلهي)). رواه وكيع في الزهد، وأحمد في الزهد، وهناد بن السري في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن أبي الدنيا في العزلة والانفراد.

مراسيل محمد بن سعد الأنصاري (ت:135هـ تقريباً)
- قال يحيى بن آدم: حدثنا محمد بن خالد الضبي، عن محمد بن سعد الأنصاري، عن أبي الدرداء قال: (استعيذوا بالله من خشوع النفاق).
قيل له: وما خشوع النفاق؟
قال: (أن يرى الجسدُ خاشعاً، والقلب ليس بخاشع). رواه أحمد في الزهد.

مراسيل عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي(ت:136هـ)
- قال مالك بن مغول، عن عبد الملك بن عمير قال: قال أبو الدرداء رضي الله عنه: «من أكثر من ذكر الموت قل حسده وقل فرحه» رواه ابن المبارك وابن أبي شيبة.

مراسيل موسى بن عقبة المدني(ت:141هـ)
- قال سعيد بن منصور: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن قال: حدثني موسى بن عقبة، قال: كتب أبو الدرداء إلى بعض إخوانه: (أما بعد، فإني أوصيك بتقوى الله، والزهد في الدنيا، والرغبة فيما عند الله، فإنك إذا فعلت ذلك أحبك الله لرغبتك فيما عنده، وأحبك الناس لتركك لهم دنياهم والسلام). رواه البيهقي في شعب الإيمان.

مراسيل يحيى بن سعيد الأنصاري(ت:143هـ)
- قال إبراهيم بن المنذر الحزامي: حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض، عن يحيى بن سعيد، قال: قال أبو الدرداء: (أدركت الناس ورقاً لا شوك فيه؛ فأصبحوا شوكاً لا ورق فيه، إن نقدتهم نقدوك، وإن تركتهم لم يتركوك).
قالوا: كيف نصنع؟
قال: (تُقْرِضهم من عرضك ليوم فقرك). رواه ابن أبي الدنيا في "مداراة الناس"، وابن عساكر في تاريخ دمشق، ورواه مالك بن أنس في الموطأ عن أبي الدرداء بلاغاً.

مراسيل فرات بن سليمان الجزري
- قال جعفر بن برقان الكلابي، عن فرات بن سليمان، عن أبي الدرداء، قال: (إنك لن تكون عالماً حتى تكون متعلماً، ولن تكون عالماً حتى تكون بما علمت عاملاً). رواه وكيع في الزهد.
- وقال معمر بن سليمان الرقي: حدثنا فرات بن سليمان أن أبا الدرداء كان يقول: «ويل لكل جمّاعٍ فاغرٍ فاه كأنه مجنون، يرى ما عند الناس ولا يرى ما عنده، لو يستطيع لوصل الليل بالنهار، ويله من حساب غليظ وعذاب شديد». رواه أحمد في الزهد، وأبو نعيم في الحلية.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:31 AM

كتابة مواعظ أبي الدرداء رضي الله عنه
رُوي ما يدلّ على عناية التابعين بمواعظ أبي الدرداء وحكمه وقصصه، وأنّ منهم من كان يكتبها، ولما حمل إلى ابن مسعود كتاب فيه كلام لأبي الدرداء نظر فيه ثم محاه؛ وذلك لأن ابن مسعود رضي الله عنه كان يرى عدم الترخيص في كتابة غير القرآن من مسائل العلم، حتى كان ينهى عن كتابة كلامه هو ولا يأذن به.
- قال أبو أمية عمرو بن هشام الحراني: حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه قال: جاء رجل من أهل الشام إلى عبد الله بن مسعود ومعه صحيفةٌ فيها كلامٌ من كلام أبي الدرداء، وقصص من قصصه؛ فقال: يا أبا عبد الرحمن ألا تنظر ما في هذه الصحيفة من كلام أخيك أبي الدرداء؟!
فأخذ الصحيفة؛ فجعل يقرأ فيها وينظر حتى أتى منزله.
فقال: يا جارية ائتيني بالإجّانة مملوءةً ماء؛ فجاءت بها فجعل يدلكها، ويقول: {الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك أحسن القصص} أقصصاً أحسن من قصص الله تريدون؟!! أو حديثا أحسن من حديث الله تريدون؟!!). رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال عفاق المحاربي، عن أبيه، قال: سمعت ابن مسعود رضي الله عنه، يقول: «إن ناساً يسمعون كلامي، ثم ينطلقون فيكتبونه، وإني لا أحلّ لأحد أن يكتب إلا كتابَ الله عزَّ وجلَّ» رواه الدارمي.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:31 AM

رواة القراءة والتفسير عن أبي الدرداء رضي الله عنه
قرأ على أبي الدرداء: زوجته أمّ الدرداء الصغرى، واسمها جهيمة الوصابية، وخليد بن سعد السلاماني، وراشد بن سعد الحبراني، وخالد بن معدان، وعبد الله بن عامر اليحصبي على خلاف فيه.
وممن روى عنه في التفسير: فضالة بن عبيد، وأم الدرداء، وأبو إدريس الخولاني، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن قيس، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، ومحمد بن المنكدر، ومرثد بن سمي الخولاني، وجبير بن نفير، ومعدان بن أبي طلحة، وعبادة بن نسي الكندي، وصالح بن نبهان مولى التوأمة بنت أمية بن خلف، وحميد بن عقبة، وعطاء بن يسار المدني، وأبو صالح السمان، وخليد بن عبد الله العصري، وعبد الرحمن بن مسعود الفزاري.
وممن اختلف في روايته عنه: عبد الرحمن بن سابط الجمحي، وأبو قلابة الجرمي.
وممن أرسل عنه في التفسير: قتادة السدوسي، وعمرو بن دينار، ومكحول الدمشقي، وميمون بن مهران الجزري، ولقمان بن عامر الوصابي، وغيرهم.
وممن روى عنه من الضعفاء: عبد الله بن يزيد بن آدم، وشهر بن حوشب.

عبد العزيز الداخل 13 ربيع الثاني 1444هـ/7-11-2022م 12:31 AM

مما روي عنه في التفسير
- قال هشام بن عمار: حدثنا الوزير بن صبيح، قال: حدثنا يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله تبارك وتعالى: {كل يوم هو في شأن} قال: «من شأنه أن يغفر ذنباً، ويفرج كرباً، ويرفع قوماً، ويضع آخرين». رواه ابن أبي عاصم في السنة، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن حبان في صحيحه، وأبو الشيخ في العظمة، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في شعب الإيمان، وعلّقه البخاري في صحيحه.
زاد ابن ابي عاصم: (ويجيب داعياً).
ورواه الطبراني في المعجم الأوسط من طريق نعيم بن حماد عن الوزير بن صبيح به.
- وقال الوليد بن مسلمٍ: حدثنا يزيد بن يوسف الصنعاني، عن يزيد بن يزيد بن جابرٍ، عن مكحولٍ، عن أمّ الدّرداء، عن أبي الدّرداء رضي الله عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قول الله عزّ وجلّ: {وكان تحته كنزٌ لهما} قال: «ذهبٌ وفضّةٌ». رواه الترمذي في جامعه، والبزار في مسنده، والطبراني في الأوسط والصغير، والحاكم في المستدرك، ويزيد بن يوسف ضعيف الحديث، وقد تركه بعضهم.
- وقال موسى بن عقبة، عن علي بن عبد الله الأزدي، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله عز وجل {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} فأما الذين سبقوا بالخيرات فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وأما الذين اقتصدوا فأولئك يحاسبون حسابا يسيرا، وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك الذين يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته فهم الذين يقولون {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} -إلى قوله- {لغوب})). رواه الإمام أحمد في مسنده، وفيه انقطاع، وله طرق أخرى.
- وقال وكيع بن الجراح: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن ثابت - أو عن أبي ثابت - أن رجلاً دخل مسجد دمشق فقال: (اللهم آنس وحشتي، وارحم غربتي، وارزقني جليساً حبيباً صالحاً).
فسمعه أبو الدرداء فقال: (لئن كنت صادقاً، لأنا أسعد بما قلتَ منك! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( {فمنهم ظالم لنفسه} قال: الظالم يؤخذ منه في مقامه ذلك الهم والحزن، {ومنهم مقتصد} قال: يحاسب حساباً يسيراً، {ومنهم سابق بالخيرات} قال: الذين يدخلون الجنة بغير حساب)). رواه أحمد في المسند.
ورواه ابن جرير الطبري من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي ثابت من غير شكّ، ولم أعرفه، وفي رواية عند الحاكم في المستدرك نصّ على أنه ثقفي.
- وقال أبو علي الحنفي: حدثنا عمران القطان، عن قتادة، عن خليد العصري، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ضمّن الله عزَّ وجلَّ خلقَه أربعاً: الصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، والغسل من الجنابة، وهنَّ السرائر التي قال الله عز وجل: {يوم تبلى السرائر} ). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
- وقال آدم بن أبي إياس: حدثنا شيبان، عن جابر، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي الدرداء، في قوله: {ختامه مسك} قال: «هو شرابٌ أبيض مثل الفضة يختمون به آخر شرابهم، لو أنَّ رجلاً من أهل الدنيا أدخل يده فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها». رواه البيهقي في البعث والنشور.


الساعة الآن 02:38 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir