مجلس مذاكرة القسم الرابع من تفسير سورة آل عمران
مجلس مذاكرة القسم الرابع من تفسير سورة آل عمران حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:(الآيات 33-51) 1: معنى "السيد" في قوله تعالى: {وسيّدا وحصورا ونبيّا من الصالحين}. 2: معنى "الحصور" في قوله تعالى: {وسيّدا وحصورا ونبيّا من الصالحين}. تعليمات: - دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار. - مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا. - لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد. - يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها. - تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب. تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة: أ+ = 5 / 5 أ = 4.5 / 5 ب+ = 4.25 / 5 ب = 4 / 5 ج+ = 3.75 / 5 ج = 3.5 / 5 د+ = 3.25 / 5 د = 3 هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة. معايير التقويم: 1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ] 2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص] 3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد] 4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية. 5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض. نشر التقويم: - يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب. - تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها. - نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم. _________________ وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم |
حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين: 1: معنى "السيد" في قوله تعالى: {وسيّدا وحصورا ونبيّا من الصالحين}. ذكر في معنى السيد أقوال: الأول: الذي يفوق في الخير قومه. وهو قول الزجاج. الثاني: في العلم والعبادة والحلم والورع. وهو قول قتادة. ذكره ابن عطية, وابن كثير. الثالث: حليما تقيا. وهو قول ابن عباس, سعيد بن جبير, والضحاك. ذكره ابن عطية. الرابع: الشريف. وهو قول ابن زيد. ذكره ابن عطية, وابن كثير. الخامس: الفقيه العالم. وهو قول ابن المسيب. ذكره ابن عطية, وابن كثير. السادس: الذي لا يغلبه الغضب. وهو قول عكرمة. ذكره ابن عطية, وابن كثير. السابع: الحكيم: وهو قول ابن عبّاس, أبو العالية، والرّبيع بن أنس، وقتادة، وسعيد بن جبير، والثّوري، والضّحّاك. ذكره ابن كثير. الثامن: في خلقه ودينه. وهو قول عطية. ذكره ابن كثير. التاسع: الكريم على اللّه، عزّ وجل. وهو قول مجاهد. ذكره ابن كثير. الدراسة: اختلف أهل العلم في المراد بالسيد في الآية الكريمة إلى عدة أقوال وهو راجع إلى الخلاف في معناها في اللغة, ومعنى السيد في اللغة راجع إلى الملك والسيادة والرئاسة كما ذكر الأزهري نقلا عن الفراء قال: السيد: الملك. والسيد: الرئيس. والسيد: الحليم. والسيد: السخي. والسيد: الزوج. وكما ذكر ابن جرير في تفسيره فقال: والسّيّد: الفيعل، من قول القائل: ساد يسود. وبهذا تكون هذه المعاني التي ذكرها المفسرون كالأمثلة على معنى السيد المراد في الآية. وقد رد أكثر هذه المعاني ابن عطية في تفسيره, وذكر أن معنى السؤدد راجع إلى الحلم, ومن فسره بذلك فقد أحرز أكثر معناه, ومن فسره بغيره كالعلم والتقى ونحوه فلم يفسره حسب كلام العرب, فقال: كل من فسر من هؤلاء العلماء المذكورين السؤدد بالحلم فقد أحرز أكثر معنى السؤدد ومن جرد تفسيره بالعلم والتقى ونحوه فلم يفسر بحسب كلام العرب, ثم ذكر كلاما لطيفا في معنى السؤدد فقال: وخصه الله بذكر السؤدد الذي هو الاحتمال في رضى الناس على أشرف الوجوه دون أن يوقع في باطل، هذا لفظ يعم السؤدد، وتفصيله أن يقال: بذل الندى، وهذا هو الكرم وكف الأذى، وهنا هي العفة بالفرج واليد واللسان واحتمال العظائم، وهنا هو الحلم وغيره من تحمل الغرامات وجبر الكسير والإفضال على المسترفد, والإنقاذ من الهلكات. والله أعلم |
تقويم مجلس مذاكرة القسم الرابع من تفسير سورة آل عمران صلاح الدين محمد أ+ أحسنت بارك الله فيك ونفع بك. ويرجى التوسع في المصادر ففي ذلك إثراء كبير لدراسة المسألة. |
حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
2: معنى "الحصور" في قوله تعالى: {وسيّدا وحصورا ونبيّا من الصالحين}. جاء في اللغة أن أصل الحصر هو المنع والحبس. قال ابن جرير: ومنه قول القائل: "حَصِرْتُ من كذا أحْصَر"، إذا امتنع منه. ومنه قولهم: "حَصِرَ فلان في قراءته"، إذا امتنع من القراءة فلم يقدر عليها. وكذلك "حَصْرُ العدوّ"، حَبْسهم الناسَ ومنعهم إياهم التصرف، ولذلك قيل للذي لا يُخرج مع ندمائه شيئًا، "حَصُور"، كما قال الأخطل: وَشَارِبٍ مُرْبِحٍ بِالكَأْسِ نَادَمَنِي … لا بِالَحصُورِ وَلا فِيهَا بِسَوَّارِ .. ويروى:"بسآر". ويقال أيضًا للذي لا يخرج سره ويكتمه "حصور". وقد جاءت "حصور" إما بمعنى: فعيل أي حاصر، أو مفعول أي محصور. قال أبو حيان الأندلسي: الْحَصُورُ: فَعُولٌ مِنَ الْحَصْرِ، وَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ مِنْ حَاصَرَ وَقِيلَ: فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، أَيْ مَحْصُورٍ. فيمكن تقسيم الأقوال على حسب تصريفات اللفظ إلى قولين، يندرج تحتها عدة أقوال، هي: التصريف الأول: الحصور من فاعل، أي حاصر. ذكره أبو منصور الهروي، وأبو حيان الأندلسي، والسمين الحلبي، والألوسي. قال السمين الحلبي في الدر المصون: والحَصور فَعُول للمبالغة مُحَوَّلٌ من «حاصِر» كضَرُوب في قوله: ضَروبٌ بنصْلِ السيفِ سُوقَ سِمانِها … إذا عَدِموا زاداً فإنَّك عاقِرُ وعلى هذا القول، فإن المعنى هو: • القول الأول: الحابس نفسه ومانعها عن الشهوات وإتيان النساء. يمنع نفسه عن إتيان النساء مع ميلها إلى الشهوات، وهو الممدوح. وهو حاصل ما ذكره ابن حجر، والعيني، والقسطلاني. ومن قال بهذا المعنى بلفظ: (الذي لا يأتي النساء): ابن مسعود، ابن عباس، مجاهد، سعيد بن جبير، وقتادة، وأبي صالحٍ، وأحد قولي الضّحّاك وعكرمة، وعطيّة العوفي، وجابر بن زيدٍ، وأبي الشعثاء، ورواه ابن المبارك المروزي، وعبد الرزاق، والثوري في تفسيره، وابن أبي شيبة، وأحمد في الزهد، والبخاري، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه، وابن عساكر. كما رواه غلام ثعلب، والسكري. ومن قال بلفظ: (الذي لا يقرب النساء): ابن مسعود، ومجاهد، وقتادة، والحسن، والرقاشي، ورواه مسلم بن خالد الزنجي، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في سننه. ومن قال بلفظ (الذي لا يريد النساء): السدي ورواه ابن جرير. ومن قال بلفظ (الذي لا يغشى النساء): الحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء، وأبي الشعثاء، رواه ابن جرير، ذكره العيني في عمدة القاري. ومن قال (الذي لم يهم بامرأة): الحسن ورواه عبد الرزاق. • القول الثاني: الحابس نفسه عن معاصي الله. ذكره النحاس بلفظ "قيل". التصريف الثاني: الحصور من فعول، أي محصور. ذكره عبد الله بن يحيى بن المبارك، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة، والسمين الحلبي، والنحاس. قال السمين الحلبي في الدر: فَعُول بمعنى مَفْعول أي: محصور، ومثله رَكوب بمعنى مركوب وحَلوب بمعنى مَحْلوب. والحَصُور: الذي يكتُم سِرَّه. قال جرير: ولقد تَسَقَّطَني الوشاةُ فصادَفوا … حَصِراً بسِرِّك يا أُمَيْمُ ضَنِيناً وقد ذكر أهل التفسير أقوالا لمعنى "محصور" على وزن مفعول، هي: القول الأول: الممنوع المحبوس عن إتيان النساء جِبِلةً. قاله ابن عمرو وسعيد بن المسيب، وأحد قولي الضحاك، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وابن جرير، وابن أبي حاتم. وذكر أهل العلم ثلاثة أحوال لسبب هذا المنع، هي: أولا: أنه كان عِنَّيناً لا ماء له، وهذا قول ابن مسعود، وابن عباس، والضحاك، ورواه ابن جرير، وابن أبي حاتم. وجاءت بلفظ (الذي لا يولد له): قاله الضحاك وأبو العالية والربيع بن أنس، ورواه ابن أبي حاتم. ثانيا: أنه كان لا يأتي النساء. وهو أحد قولي الضحاك، رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم وجاءت بلفظ (الذي حصر عن النساء). قاله الضحاك ورواه بن أبي حاتم. ثالثا: أنه لم يكن له ما يأتي به النساء، لأنه كان معه مثل الهْدبة، وهو قول عبد الله بن عمرو، وسعيد بن المسيب، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وابن جرير، وابن أبي حاتم. - روى ابن أبي شيبة في مصنفه: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، عن عبد الله بن عمرٍو قال: ما من أحدٍ إلاّ يلقى اللّه بذنبٍ إلاّ يحيى بن زكريّا، ثمّ تلا: {وسيّدًا وحصورًا} ثمّ رفع شيئًا صغيرًا من الأرض، فقال: ما كان معه مثل هذا، ثمّ ذبح ذبحًا. - روى ابن جرير عن سعيد بن المسيب قوله: أن ابن العاص حدثه أنه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: كلّ بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنبٌ، إلاّ ما كان من يحيى بن زكريّا، قال: ثمّ دلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يده إلى الأرض، فأخذ عويدًا صغيرًا، ثمّ قال: وذلك أنّه لم يكن له ما للرّجال إلاّ مثل هذا العود، وبذلك سمّاه اللّه سيّدا وحصورًا. - روى ابن جرير عن سعيد بن المسيّب، قال: قال ابن العاص إمّا عبد اللّه وإمّا أبوه: ما أحدٌ يلقى اللّه إلاّ وهو ذو ذنبٍ، إلاّ يحيى بن زكريّا. قال: وقال سعيد بن المسيّب: {وسيّدًا وحصورًا} قال: الحصور: الّذي لا يغشى النّساء، ولم يكن ما معه إلاّ مثل هدبة الثّوب. - روى ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب أن عبد اللّه بن عمرو ابن العاص يقول: ليس أحدٌ يلقى اللّه إلا يلقاه بذنبٍ غير يحيى بن زكريّا. قرأ سعيدٌ: وسيّدًا وحصورًا ثمّ أخذ شيئًا من الأرض فقال: الحصور ما كان ذكره مثل ذي، وأشار يحيى القطّان بطرف أصبعه السّبّابة. وجاءت بلفظ (منثني الذكر): قاله عطاء ورواه ابن أبي حاتم. رابعا: لا يشتهي النساء. قاله سعيد بن المسيب، ورواه ابن جرير. - روى ابن جرير عن سعيد بن المسيّب في قوله: {وحصورًا} قال: الحصور؛ الّذي لا يشتهي النّساء، ثمّ ضرب بيده إلى الأرض فأخذ نواةً فقال: ما كان معه إلاّ مثل هذه. القول الثاني: المحصور عن الذنوب فلا يأتيها. ذكره مكي بن أبي طالب. تخريج الأقوال: أما بالنسبة للقول الأول: أنه الحابس نفسه مانعها عن إتيان النساء. فقول ابن مسعود: - رواه ابن جرير من طريق حمّاد بن شعيبٍ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عنه. - رواه ابن أبي حاتم عنه دونما إسناد. وقول ابن عباس: - رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أبو نعيمٍ، عن سلمة بن سابور، عن عطيّة، عنه. - وذكر السيوطي في الدر المنثور أن ممن رووه أيضا: عبد الرزاق وابن عساكر، غير أني لم أجده بعد البحث. - وقال البيهقي في سننه: وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَعَنْ عِكْرِمَةَ. وقول مجاهد: - رواه مسلم بن خالد الزنجي وابن جرير والبيهقي في سننه من طريق ابن أبي نجيح عنه. - رواه ابن جرير من طريق محمّد بن ربيعة عن النّضر بن عربيٍّ، عنه. - رواه ابن أبي حاتم عنه دونما إسناد. وقول سعيد بن جبير: - رواه الثوري في تفسيره الذي جمعه النهدي وابن جرير من عدة طرق عن عطاء بن السائب عنه. - رواه ابن المبارك في الزهد من طريق شريك عن سالم عنه. - رواه البخاري في صحيحه. - رواه ابن أبي حاتم عنه دونما إسناد. وقول قتادة: - رواه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عنه. - رواه ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عنه. - رواه ابن جرير من طريق أبي هلال عنه. وقول أبي صالحٍ: رواه ابن أبي حاتم عنه دونما إسناد. وأحد قولي الضّحّاك: رواه ابن أبي حاتم عنه دونما إسناد. وقول عكرمة: رواه ابن أبي حاتم عنه دونما إسناد. وقول عطيّة العوفي: رواه ابن أبي حاتم عنه دونما إسناد. وقول جابر بن زيدٍ: - رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه. - رواه ابن أبي حاتم عنه دونما إسناد. وقول أبي الشعثاء: ذكره ابن كثير دونما إسناد، ذكره العيني في عمدة القاري دونما إسناد. وقول الحسن: - رواه عبد الرزاق من طريق معمر عن قتادة عنه. - رواه ابن جرير من طريق أبي بكر الحنفي عن عباد عنه. وقول الرقاشي: رواه ابن جرير عنه بصيغة (زعم الرقاشي) من طريق شبل عنه. وقول السدي: رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه. وأما بالنسبة للقول الثاني: أنه المحبوس عن إتيان النساء جبلة. فقول عبد الله بن عمرو بن العاص أو أبيه: - رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عنه رضي الله عنه. - وأخرجه ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن أبي هريرة من وجه آخر عن ابن عمرو، موقوفا وهو أقوى إسنادا من المرفوع. كما جاء في الدر المنثور. - وأخرج ابن أبي حاتم، وابن عساكر عن أبي هريرة: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه إلا يحيى بن زكريا فإنه كان {وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين} ثم أهوى النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قذاة من الأرض فأخذها وقال: كان ذكره مثل هذه القذاة. - كما رواه ابن عساكر عن عمرو كما جاء في الدر المنثور. وقول ابن مسعود: أخرجه ابن المنذر والبيهقي في "سننه" عنه، ولفظ ابن المنذر: العنين. كما جاء في الدر المنثور. وقول ابن عباس: - رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق قابوس عن أبيه عنه. - وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر عنه كما جاء في الدر المنثور. - وأخرج الطسي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {وحصورا} قال: الذي لا يأتي النساء، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت قول الشاعر: وحصور عن الخنا يأمر النا * س بفعل الحراب والتشمير. كما جاء في الدر المنثور. وقول سعيد بن المسيب: - رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من عدة طرق من طريق يحيى بن سعيد عنه. - وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن صالح عن بعضهم رفع الحديث لعن الله والملائكة رجلا تحصر بعد يحيى بن زكريا وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب في قوله {وحصورا} قال: لا يشتهي النساء ثم ضرب بيده إلى الأرض فأخذ نواة فقال: ما كان معه مثل هذه. وقول عطاء: رواه ابن أبي حاتم من طريق إبراهيم بن محمد الفريابي عن ضمرة عن عثمان عنه. وقول أبي العالية والربيع بن أنس: رواه ابن أبي حاتم عنهما دونما إسناد. وأحد قولي الضحاك: - رواه ابن جرير من عدة طرق وابن أبي حاتم من طريق هشيم عن جويبر عنه. - رواه ابن جرير من طريق عبيد بن سليمان عنه. - وأخرجه أحمد في الزهد، والخرائطي في مكارم الأخلاق عنه كما جاء في الدر المنثور. توجيه الأقوال: فمما سبق يتبين لنا من استعراض الأقوال لكلا التصريفين: فالتصريف الأول أكمل في وصف الأنبياء وهو أنهم يملكون أنفسهم، ويصونون أنفسهم عن الذنوب والمعاصي والتي منها الرغبة في النساء اللاتي لا يحللن لهم. أما التصريف الثاني: ** فالأحاديث التي رواها ابن المسيب لها حكم الرفع تارة، وحكم الوقف تارة، أي أنها مضطربة، وقد ضعف ابن كثير أحاديه المرفوعة، أما حديث أبي هريرة فقد ضعفه ابن أبي حاتم، مع صحة الموقوف المروي عن ابن المسيب. ** أما قول الضحاك الذي رواه ابن جرير عن جويبر، فجويبر معلوم ضعفه في الحديث، وعلى فرض صحته، فلا يعني عدم إنزاله للماء أن هذا لعلة فيه، بل إن مما يليق بالأنبياء أنه يمسك الماء تعففا. ** أما قول ابن عباس: فيوَجّه بأنه يحبس نفسه عن الحرام، وليس أنه لا آلة له، أو أنه ممنوع جبلة من إتيان النساء لأنها صفة نقص لا تليق بالأنبياء. ** وبقية الأقوال دونما إسناد. وعلى فرض صحة الأقوال التابعة للتصريف الثاني، أنه محصور جبلة: فإن مما يليق بالأنبياء أنهم من أكمل الخلق بما يليق بالحالة البشرية، فيكون النبي له آلة الذكر، ولكن الله عصمه من اشتهاء الحرام، فكان يملك إربه، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في وصف نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم: كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا، فأرَادَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُبَاشِرَهَا أمَرَهَا أنْ تَتَّزِرَ في فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا، قالَتْ: وأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ، كما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَمْلِكُ إرْبَهُ الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 302 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه البخاري (302)، ومسلم (293) وهذا حال الأنبياء جميعا. فقد كان يحيى عليه السلام: لا يأتي النساء اللاتي لا يحللن له، ولا يشتهيهن، ولا يقوم لهن ذكره، بل يملك ماءه، فقد عصمه الله، أما أنه لا ولد له: فهو لأنه لم يتزوج. قال ابن عاشور: وذِكْرُ هَذِهِ الصِّفَةِ في أثْناءِ صِفاتِ المَدْحِ إمّا أنْ يَكُونَ مَدْحًا لَهُ، لِما تَسْتَلْزِمُهُ هَذِهِ الصِّفَةُ مِنَ البُعْدِ عَنِ الشَّهَواتِ المُحَرَّمَةِ، بِأصْلِ الخِلْقَةِ، ولَعَلَّ ذَلِكَ لِمُراعاةِ بَراءَتِهِ مِمّا يُلْصِقُهُ أهْلُ البُهْتانِ بِبَعْضِ أهْلِ الزُّهْدِ مِنَ التُّهَمِ، وقَدْ كانَ اليَهُودُ في عَصْرِهِ في أشَدِّ البُهْتانِ والِاخْتِلاقِ، وإمّا ألّا يَكُونَ المَقْصُودُ بِذِكْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ مَدْحًا لَهُ لِأنَّ مَن هو أفْضَلُ مِن يَحْيى مِنَ الأنْبِياءِ والرُّسُلِ كانُوا مُسْتَكْمِلِينَ المَقْدِرَةَ عَلى قُرْبانِ النِّساءِ، فَتَعَيَّنَ أنْ يَكُونَ ذِكْرُ هَذِهِ الصِّفَةِ لِيَحْيى إعْلامًا لِزَكَرِيّاءَ بِأنَّ اللَّهَ وهَبَهُ ولَدًا إجابَةً لِدَعْوَتِهِ، إذْ قالَ: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ولِيًّا يَرِثُنِي﴾ [مريم: ٥] وأنَّهُ قَدْ أتَمَّ مُرادَهُ تَعالى مِنِ انْقِطاعِ عَقِبِ زَكَرِيّاءَ لِحِكْمَةٍ عَلِمَها، وذَلِكَ إظْهارٌ لِكَرامَةِ زَكَرِيّاءَ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى. ووُسِّطَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ بَيْنَ صِفاتِ الكَمالِ تَأْنِيسًا لِزَكَرِيّاءَ وتَخْفِيفًا مِن وحْشَتِهِ لِانْقِطاعِ نَسْلِهِ بَعْدَ يَحْيى. قال السعدي – رحمه الله-: فليس في قلبه لهن شهوة، اشتغالا بخدمة ربه وطاعته. قال ابن عثيمين – رحمه الله -: وأما من قال من المفسرين: إن الحصور هو الممنوع عن إتيان النساء يعني لا يستطيع على النساء؛ فإن في هذا نظرًا واضحًا؛ لأن عدم قدرة الإنسان على النساء ليس كمالًا إذ إن ذلك ليس منه بتخلق ولكنه عيب. وفيها قول آخر: أنه لا يأتي من النساء من لا تحل له فيكون وصفًا له بكمال العفة، وهذا يمدح عليه الإنسان. لكن ما قلناه أشمل من هذا القول. ومعلوم أنه إذا وجد معنى أشمل فهو مقدم على المعنى الأقل؛ لأن الأقل داخل في الأشمل لا العكس. وذكره أيضا في الفوائد: أن يحيى عليه الصلاة والسلام مع توافر صفات الكمال في حقه بالسيادة فإنه كان ممنوعًا من مساوئ الأخلاق؛ لقوله: {وَحَصُورًا} فإن أصح وأعم ما قيل فيه أنه ممنوع عن مساوئ الأخلاق. فيكون كلا القولين مدحا للنبي يحيى، وإن كانت الأقوال في التصريف الأول أقوى من الثاني وأعم وأكمل. والله أعلم |
تابع التقويم
إيمان جلال أ+ أحسنت بارك الله فيك ونفع بك. |
1: معنى "السيد" في قوله تعالى: {وسيّدا وحصورا ونبيّا من الصالحين}.
جاءت هذه الكلمة في قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) } سيدًا معطوفة على (مصدقًا) والتي هي حال من يحيى (عليه السلام)؛ ففي هذه الكلمات (مصدقًا بكلمة من الله وسيدًا وحصورًا ونبيا) بيان لحال يحىى عليه السلام. والسيد في اللغة هو الذي يفوق في الخير قومه، كما قال الزجاج. وقال أبو منصور الأزهري: (قَالَ ابنُ شُمَيل: السَّيِّدُ: الّذي فاقَ غيرَه، ذُو العَقْل والمالِ والدَّفْع والنَّفْع، الْمُعطِي مالَه فِي حُقُوقه، المُعين بِنَفسِهِ، فَذَلِك السّيّد). وقال ابن جرير الطبري: ({وسيّدًا} وشريفًا في العلم والعبادة)، وقال أيضا: (والسّيّد: الفيعل، من قول القائل: ساد يسود) وعده ابن الأنباري - كما قال أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة - من معنى الرئيس والإمام. فيرجع إذا إلى المعنى الذي ذكره الزجاج أي الذي يفوق غيره في الخير. وروى عبد الرزاق عن عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه: "نادى مناد من السماء أن يحيى بن زكريا سيد من ولدت النساء"، ويحمل هذا الخبر على أنه من أخبار بني إسرائيل، وفيه معنى تفضيله على عيسى عليه السلام ومن سبقه من الأنبياء والرسل -إذا حُمل معنى التفضيل على أنبياء عصره ومن سبقهم- وفي هذا نظر، والله أعلم. وفسر السلف السيد في هذه الآية ببعض معناه اللغوي؛ فجاء على أقوال: القول الأول: المطيع ربه ولا يعصيه، وهو رواية عن سعيد بن جبير. رواه ابن المبارك في الزهد من طريق شريك عن سالم عن سعيد به. وروى ابن أبي شيبة عن أبي خالدٍ الأحمر، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، عن عبد الله بن عمرٍو قال: ما من أحدٍ إلاّ يلقى اللّه بذنبٍ إلاّ يحيى بن زكريّا، ثمّ تلا: {وسيّدًا وحصورًا} ثمّ رفع شيئًا صغيرًا من الأرض، فقال: ما كان معه مثل هذا، ثمّ ذبح ذبحًا. وروى عبد الرزاق نحوه عن معمر عن قتادة عن سعيد ابن المسيب يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا. وروى نحوه عن قتادة عن الحسن، وكلاهما مرسل. القول الثاني: حليمًا تقيًا، وهو رواية عن الضحاك، ومروي عن ابن عباس. قول الضحاك رواه سفيان الثوري وابن جرير وابن المنذر من طريق جويبر عن الضحاك به. ورواه ابن جرير عن عن الحسين عن معاذٍ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك به. ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عطية العوفي عن ابن عباس به. القول الثالث: التقي، وهو رواية عن سعيد بن جبير. قول سعيد بن جبير رواه ابن جرير وابن المنذر من طريق يحيى الحماني عن شريك عن سالم عن سعيد به. القول الرابع: الحليم: قاله قتادة ورواية عن سعيد بن جبير، وروي بمعناه عن عكرمة. قول قتادة رواه ابن جرير من طريق ابن أبي جعفر عن أبيه عنه. وقول سعيد بن جبير رواه ابن جرير عن وكيع عن شريك عن سالم عن سعيد. وروى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أبي بكرٍ، عن عكرمة: {وسيّدًا} قال: السّيّد الّذي لا يغلبه الغضب. القول الخامس: في العبادة والحلم والعلم والورع، قاله قتادة. قول قتادة رواه ابن جرير عن بشر عن يزيد عن سعيد عنه، بهذا اللفظ. ورواه المنذر عن أحمد بن شبيب عن يزيد عن سعيد عن قتادة، بنحو لفظ ابن جرير، بدون الورع. وروى ابن جرير عن ابن بشار عن سلمان عن أبي هلال عن قتادة بلفظ: السّيّد لا أعلمه إلا قال في العلم والعبادة. وقريب من هذا القول قول عطية العوفي الذي رواه ابن أبي حاتم عن أبيه قال حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس، عن أبيه: أراه عن عطيّة: في قوله: وسيّدًا قال: السّيّد في خلقه ودينه. القول السادس: الكريم على الله، وهو قول مجاهد والرقاشي. قول مجاهد رواه ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن أبي نجيح عنه، ورواه عبد بن حميد عنه - كما في الدر المنثور للسيوطي- قول الرقاشي رواه ابن جرير عن المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، قال: زعم الرّقاشيّ أنّ السّيّد: الكريم على اللّه. وروى ابن أبي حاتم مثله من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن الرقاشي. القول السابع: الشريف، وهو قول ابن زيد. رواه عنه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه. القول الثامن: الفقيه العالم، وهو قول سعيد بن المسيب. رواه عنه ابن جرير من طريق بقيّة بن الوليد، عن عبد الملك، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب به. القول التاسع: حسن الخلق، وهو رواية عن الضحاك. رواه الإمام أحمد في الزهد والخرائطي في مكارم الأخلاق من طريق شريك عن أبي روق عن الضحاك. وبالنظر إلى هذه الأقوال نجد أنه يمكن تصنيفها إلى صفات خير في معاملته مع ربه مثل التقى والورع، وصفات خير في معاملة الناس مثل الحلم والعلم وحسن الخلق، وفيها إكرام الله عز وجل له وتشريفه مثال القول بأنه الكريم على الله والشريف. وكل هذه الأقوال تفسير ببعض المعنى، واختار ابن عطية أن الأولى تفسيرها بمعنى الحلم، وأنه المعنى الأقرب لكلام العرب؛ ففيه احتمال الأذى من الناس وبذل الندى لهم واستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) واعتبر الشاهد أن فيه احتمال النبي صلى الله عليه وسلم في رضى ولد آدم، وفي قصر الحديث على هذا المعنى نظر - والله أعلم- ففي الحديث تشريف النبي صلى الله عليه وسلم باختصاصه بالشفاعة وفيه أنه كريم على الله أن اختصه بذلك، وفيه حرصه على الناس كما وصفه الله عز وجل: (حريص عليكم). واستشهد كذلك بقول عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (ما رأيت أحدا أسود من معاوية بن أبي سفيان قيل له، وأبو بكر وعمر؟ قال: هما خير من معاوية ومعاوية أسود منهما) وعلل ذلك لأن معاوية أبرز في الحلم على الناس، وإن كان أبو بكر وعمر أورع وأتقى، رضي الله عنهم جميعا. وهذا الأثر رواه الخلال في السنة من طريق محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر به. ورواه من طريق سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، عن العوام بن حوشب، عن جبلة بن سحيم، قال: سمعت ابن عمر به. ونقل الخلال عن الإمام أحمد بن حنبل تفسيره لمعنى (أسود) بالسخاء. والأظهر والله أعلم أن المعنى أعم من ذلك وأنه يشمل جميع ما روي عن السلف في معنى السيد، وهو أنسب للمعنى اللغوي الذي ذكره الزجاج وأبو منصور الأزهري. |
تابع التقويم
صفية الشقيفي أ+ أحسنت بارك الله ونفع بك. |
معنى "الحصور" في قوله تعالى: {وسيّدا وحصورا ونبيّا من الصالحين}.
لبيان المعنى المراد من حصورا في الآية ،نحتاج أولًا لبيان الأصل الاشتقاقي لجذر الكلمة "حصر: " الحصر لغة من التضييق، المنع و الحبس ، ذكره ابن كثير و ابن عطية و فخر الدين الرازي، و في المعجم الاشتقاقي، يقال حصره يحصره حصرا وحصر الرجل : أي اعتقل بطنه ، والحصور الذي يكتم السر ويحبسه ، والحصور الضيق البخيل( الرازي) الأصل االاشتقاقي: 1- حصير؛ فعول للمبالغة، مُحَوَّل من حاصر، كضروب. وفي قوله: - ضَرُوبٌ بِنَصْلِ السَّيْفِ سُوقَ سِمَانِهَا ... إذَا عَدِمُوا زاداً فَإنَّكَ حَاصِر بمعنى الحاصر: قال عز وجل: واحصروهم [التوبة/5]، أي: ضيقوا عليهم، 2- حصير بمعنى محصور، وهو "فَعُول" بمعنى "مَفْعول"، كأنه محصور عنهن أي مأخوذ محبوس عنهن. وأصل الحصر: الحبس. ومثله مما جاء فيه "فعول" بمعنى "مفعول": ركوب بمعنى مركوب، وحَلُوب بمعنى مَحْلُوب، وهَيُوب بمعنى مَهِيب، و قاله ابن قتيبة في كتابه غريب القرآن و النحاس في معاني القرآن، ابن الجوزي في تفسيره. وقال عز وجل: وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا [الإسراء/8]، أي: حابسا ، بمعنى المحصور ( المعجم الاشتقاقي). فإن الحصير سمي بذلك لحصر بعض طاقاته على بعض، و لأن بعضة حبس على بعض كما ذكر النحاس، قال لبيد: ومعالم غلب الرقاب كأنهم *** جن لدى باب الحصير قيام ، أي: لدى سلطان (وفي نسخة: لدى باب الملك)، وتسميته بذلك إما لكونه محصورا نحو: محجب؛ وإما لكونه حاصرا، أي: مانعا لمن أراد أن يمنعه من الوصول إليه. الأقوال: 1- المراد أنه لا يأتي النساء و لا يقربهم: حاصل قول كلأً من عبدالله بن مسعود، الحسن، سعيد بن جبير، مجاهد، ، الضحاك، قتادة، سفيان بن عيينة، ، عبد الكريم، و قال به علماء اللغة كالفراء و الزجاج و النحاس، و نقل ابن عطية اجماع مَن يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ مِنَ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّ هَذِهِ الصِفَةَ لِيَحْيى عَلَيْهِ السَلامُ إنَّما هي الِامْتِناعُ مِن وطْءِ النِساءِ، ، و هذا يظهر من تتبع الأقوال و الآثار، و يتبين أنهم مع ذلك اختلفوا في الأسباب في عدم إتيانه النساء. تخريج الآثار في أن المراد هو عدم إتيان النساء: 1- قول عبد الله بن مسعود: أخرجه ابن جرير، قال : حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن خلفٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن شعيبٍ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عنه به. و أخرجه ابن أبي حاتم و ابن المنذر من طريق عطية عنه به. 2- قول الحسن: أخرجه ابن جرير ،قال : حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّادٍ، عن الحسن: {وحصورًا} قال: لا يقرب النّساء قال أبو محمّدٍ وروي عن عبد اللّه بن مسعودٍ وسعيد بن جبيرٍ، وأبي صالحٍ، وأحد قولي الضّحّاك وعكرمة ومجاهدٍ، وعطيّة، وجابر بن زيدٍ أنّهم قالوا: هو الّذي لا يأتي النّساء. 3- قول قتادة : - أخرجه عنه عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيّ في تفسيره، قال : (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى مصدقا بكلمة من الله قال يعني بعيسى ابن مريم وسيدا وحصورا قال الحصور الذي لا يأتي النساء). - أخرجه ابن جرير بأسانيد مختلفة إلى قتادة : - قال حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وحصورًا} كنّا نحدّث أنّ الحصور الّذي لا يقرب النّساء - و قال حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، قال: حدّثنا قتادة في قوله: {وسيّدًا وحصورًا} قال: الحصور: الّذي لا يأتي النّساء. - و قال حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن قتادة، مثله. 4- قول سعيد بن جبير: أخرجه ابن جرير في تفسيره ، و ابن حجر في تغليق التعليق، من طريق عطاء بن السّائب عن سعيد بن جبيرٍ قال: الحصور: الذي لا يأتي النساء). -و روى ابن جرير من طريق جريرٌ، عن عطاءٍ، عن سعيدٍ، مثله و حكاه عن سعيد بن جبير البخاري في صحيحه و ابن حجر في فتح الباري. 5- قول مجاهد: أخرجَه مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ في جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي و ابن جرير في تفسيره ، من طريق ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {سيداً وحصوراً} قال: السيد: الكريم على الله، والحصور: الّذي لا يقرب النّساء). [ -و رواه ابن جرير من طريق آخر بلفظ ؛ لا يأتي النساء، قال : حدّثني عبد الرّحمن بن الأسود، قال: حدّثنا محمّد بن ربيعة، قال: حدّثنا النّضر بن عربيٍّ، عن مجاهدٍ: {وحصورًا} قال: الّذي لا يأتي النّساء. -و أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر بن السبط أنا أبي أبو سعد أنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس العطار بمكة أنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله الديبلي، نا أبو عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي نا سفيان عن رجل ، عنه به. 6- قول ابن زيد: أخرجه ابن جريرفي تفسيره قال :حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، عنه به. 7- قول السدي: أخرجه ابن جرير في تفسيره قال: حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وحصورًا} قال: الحصور: الّذي لا يريد النّساء. 8- قول الضحاك: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق و أحمد في في الزهد من طريق شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: " السَّيِّدُ: الْحَسَنُ الْخُلُقِ وَالْحَصُورُ: الَّذِي حُصِرَ عَنِ النِّسَاءِ ". 9- قول عبد الكريم: أخرجه ابن عساكر في كتاب تاريخ دمشق قال :أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن أنا علي بن محمد الشافعي أنا علي بن أحمد البغدادي نا محمد بن عمرو بن سليمان حدثني أحمد بن محمد بن إسماعيل نا يحيى بن عبدك القزويني نا خلف بن عبد الرحمن نا مالك عن عبد الكريم قال الحصور الذي لا يأتي النساء و قَالَ به ( الذي لا يأتي النساء) كلًا من عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ في غريب القرآن و تفسيره، و ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ في تفسير المشكل من غريب القرآن، اختلف المفسرون في سبب عدم إتيان النساء قولان : 1- أنه كان عاجزا عن إتيان النساء، و ترجع الأصل الاشتقاقي إلى محصور، أي أنه منع و ليس أمر بإرادته، أي بسبب خارج عنه، وقوله عز وجل: وسيدا وحصورا [آل عمران/39]، قَالَ النحَّاسُ : محصور ، وكأنه منع مما يكون في الرجال. و يدل على ذلك ما أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في كتابه الزهد، قال حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أبِي، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: " السَّيِّدُ: الْحَسَنُ الْخُلُقِ وَالْحَصُورُ: الَّذِي حُصِرَ عَنِ النِّسَاءِ. " واختُلف في السبب على أقوال: 1- السبب صغر الآلة : - أ. ما رفع للرسول صلى الله عليه و سلم 1- عن ابن العاص، أخرجه بألفاظ متقاربة ( وصف لذكره أنه كقذاة، كهدبة) ابن جرير في تفسيره، و ابن أبي حاتم، ابن المنذر ، و ابن عساكر( كما ذكر السيوطي في الدرر ) ؛من طريق يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، عنه به. 2- عن أبي هريرة: أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، كما ذكر عنهما السيوطي في الدر المنثور، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن عساكر كما ذكر السيوطي في الدر المنثورعنه به. أخرج ابن أبي حاتم عنه، قال: حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن حمّادٍ زغبة، ومحمّد بن سلمة المراديّ، قالا: ثنا حجّاج بن سليمان بن القمريّ، عن اللّيث بن سعدٍ، عن محمّد ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: كلّ ابن آدم يلقى اللّه بذنبٍ قد أذنبه، يعذّبه عليه إن شاء أو يرحمه إلا يحيى بن زكريّا فإنّه كان سيّدًا وحصورًا ونبيًّا من الصّالحين، ثمّ أهوى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى قذاةٍ من الأرض فأخذها وقال: كان ذكره مثل هذه القذاة . قال ابن أبي حاتم تعقيبا على هذا الأثر : قال أبي: لم يكن هذا الحديث عند أحدٍ غير الحجّاج ولم يكن في كتاب اللّيث، وحجّاجٍ شيخٌ معروفٌ). ب. قول سعيد بن المسيب - أخرجه ابن جرير في تفسيره (بأسانيد مختلفة )، و ابن المنذر من طريق يحيى بن سعيدٍ، قال: سمعت سعيد بن المسيّب، يقول: ليس أحدٌ إلاّ يلقى اللّه يوم القيامة ذا ذنبٍ إلاّ يحيى بن زكريّا، كان حصورًا معه مثل الهدبة. - و في الإسناد عن أحمد بن الوليد القرشيّ، قال: حدّثنا محمد بن جعفرٍ، زيادة : الّذي لا يغشى النّساء، و في الإسناد عن سعيد بن عمرٍو السّكونيّ، قال: حدّثنا بقيّة بن الوليد، عن عبد الملك زيادة : الّذي لا يشتهي النّساء، ثمّ ضرب بيده إلى الأرض فأخذ نواةً فقال: ما كان معه إلاّ مثل هذه. ج . قول عبدالله بن عمرو بن العاص : 10- أخرجه أحمد في الزهد قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَعْنِي الْأَنْصَارِيَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْعَاصِ يَقُولُ: " مَا أَحَدٌ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بِذَنْبٍ، إِلَّا يَحْيَى بْنَ ⦗٧٦⦘ زَكَرِيَّا، ثُمَّ قَرَأَ سَعِيدٌ {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: ٣٩] فَرَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا، فَقَالَ: الْحَصُورُ ذَكَرُهُ مِثْلُ هَذَا «وَأَشَارَ يَحْيَى بِطَرْفِ إِصْبَعِهِ» عقب السيوطي على هذا الأثر الموقوف أنه أقوى إسنادا من المرفوع. 11- قول عطاء الخرساني: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، قال: حدّثني أبي، ثنا إبراهيم بن محمّد بن يوسف الفريابيّ، ثنا ضمرة، عن عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه في قوله: وسيّدًا وحصورًا قال: منثني الذّكر. فيه عثمان بن عطاء و هو ضعيف الحديث 3- السبب لتعذر الإنزال ) الذي لا ينزل الماء(: وردت فيه آثار فيها ضعف أ. قول ابن عباس: أخرجه ابن جرير و ابن أبي حاتم ، و ابن المنذر، من طريق جريرٌ، عن قابوس، عن أبيه، عنه به. في الأثر قابوس وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ليس بذاك، وقد روى عنه الناس. وعن ابن معين: ضعيف الحديث [تهذيب التهذيب (3/ 406)] وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ ينفرد عن أبيه بما لا أصل له، فربما رفع المرسل وأسند الموقوف، وأبوه ثقة، يقال: مات في خلافة مروان بن محمد، وقيل: في خلافة أبي العباس. [تهذيب التهذيب (3/ 406)] ب. قول الضحاك: أخرجه ابن جرير، و ابن أبي حاتم من طريق؛ جويبرٍ، عن الضّحّاك: الحصور: الّذي لا يولد له، وليس له ماءٌ قال الدكتور محمد حسين الذهبي في التفسير والمفسرون (1/ 55) رواية جويبر عن الضحاك أشد ضعفًا، لأن جويبراً شديد الضعف متروك – أخرج مثله عن طريق آخر قال: حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {وحصورًا} قال: هو الّذي لا ماء له حدثت لفظ فيه انقطاع - ما ذكر أنه لا ولد له، فهذا لازم أنه لا ماء له، و قد روى ابن المنذر في تفسيره، قال: حَدَّثَنَا أبو أحمد محمد بْن عَبْد الوهاب، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله وَهُوَ ابْن موسى العبسي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو جعفر عَنْ الربيع بْن أنس، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَحَصُورًا} قَالَ " الحصور الَّذِي لا يولد لَهُ ت. قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ، فقال: ﴿وحصورا﴾ ] : الحصور له غير موضع والأصل واحد وهو الذي لا يأتى النساء، والذي لا يولد له، والذي يكون مع النّدامى فلا يخرج شيئا، و استدل بقول الأخطل: وشارب مربح للكأس نادمنى ... لا بالحصور ولا فيها بسوار و قد أخرجه ابن المنذر عنه، قال: أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: عنه به. 4- حكى ابن عساكر عن سفيان بن عيينة قوله: قال سفيان بن عيينة خلق يحيى من غير شهوة فجاء بغير شهوة يريد أن خلقه كان آية من آيات الله لم يكن عن شهوة بشرية ألا تراه يقول " قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر (٢) " الآية 5- ومنهم من قال : كان ذلك لعدم القدرة و لم يحدد سببًا: أخرجه ابن المنذر النيسابوري عن عبد الله بلفظ العنين، قال: حدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " هُوَ الْعِنِّينُ: حَصُورًا .القول الثاني : أنه الذي لا يأتي النساء لا للعجز بل للعفة والزهد ، مَعَ القُدْرَةِ عَلى ذَلِكَ، نسبه فخر الدين الرازاي في تفسيره إلى أنه اختيار المحققين، و نسبه القرطبي و أبو حيان في البحر المحيط إلى ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ، وقَتادَةُ، وعَطاءٌ، وأبُو الشَّعْثاءِ، والحَسَنُ، والسُّدِّيُّ، وابْنُ زَيْدٍ، (و هذا لعله لإطلاق الكلام و سياقه )، و استشهد أبو حيان بقول الشّاعِرُ: وحَصُورًا لا يُرِيدُ نِكاحًا ∗∗∗ لا ولا يَبْتَغِي النِّساءَ الصِّباحا وقَدْ رُوِيَ أنَّهُ تَزَوَّجَ مَعَ ذَلِكَ؛ لِيَكُونَ أغَضَّ لِبَصَرِهِ. و تفسيرهم القول بأنه لا يأتي النساء عن إرادة منه، فهو الذي لا يأتي النساء لا أنه منع و حصر، و هذا يعود للأصل اللغوي (حاصر)، هو الفاعل ، و لم يُفعل به، و هو ما قاله ابن حيان في البحر المحيط. 2- وقيل الحاصِرُ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَواتِ، ذكره ابن حيان في البحر المحيط. 3- الحاصر نفسه عَنْ مَعاصِي اللَّهِ، الحصور هنا هو الذي لا يأتي الذنوب كأنه محصور عنها أي: ممنوعاً منها ذكره مكي بن ابي طالب في كتابه الهداية إلى بلوغ النهاية، و ذكره ابن حيان في البحر المحيط. و يؤيد ذلك ما أخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ في تفسيره عن معمر عن قتادة عن الحسن عن النبي قال ما أذنب يحيى بن زكريا ذنبا ولا هم بامرأة. 4- وقِيلَ: الحَصُورُ الَّذِي لا يَدْخُلُ مَعَ القَوْمِ في المَيْسِرِ، ذكره ابن حيان في البحر المحيط ، و استشهد بمقالة الأخْطَلُ: وشارِبٌ مُرْبِحٌ بِالكَأْسِ نادَمَنِي ∗∗∗ لا بِالحَصُورِ ولا فِيها بِسَآرٍ، و بين المعنى فقال: فاسْتُعِيرَ لِمَن لا يَدْخُلُ في اللَّعِبِ واللَّهْوِ. أخرج ابن عساكرمثله مرفوعًا لرسول الله صلى الله عليه و سلم عن معاذ: فقال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة نا أبو بكر الخطيب أخبرني أبو الحسن محمد بن أحمد أنا احمد بن سندي نا الحسن بن علي القطان نا إسماعيل بن عيسى أنا إسحاق بن بشر أنا ابن سمعان عن مكحول عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رحم الله أخي يحيى حين دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صغير فقال اللعب خلقنا فكيف بمن أدرك الحنث من مقاله و أخرج ابن عساكر (بأسانيد مختلفة)، و أحمد بن حنبل في الزهد عن معمر بن راشد قال بلغني أن الصبيان قالوا ليحيى بن زكريا اذهب بنا نلعب قال ما للعب خلقنا قال فهو قوله " وآتيناه الحكم صبيا " أقوال المفسرين و توجيهها: ظاهر ما اختارابن جرير هو القول بأن سبب عدم إتيانه النساء عن عدم قدرة، ظهر ذلك من المثال الذي جاء به "حَصِرَ فلان في قراءته"، إذا امتنع من القراءة لأنه لم يقدر عليها. و ذكر ابن عطية الأقوال إجمالًا ثم ذكر ما يدل على اختياره القول بأنه لم يأت النساء من عند نفسه، ففصل في القول أن الحصر كان من قبله تقى و جلد في طاعة الله مع قدرته على جماع النساء، و بين سبب هذا القول أنه مدح ليحى عليه السلام يوافق السياق، و هو ظاهر في الآية، أما باقي الأقوال ليس فيه مدح، لأن فيه أن الامتناع من الله ليس له فيه يد. و هذا ايضًا ما اختاره القرطبي و قال عنه أصح الأقوال، و بين سبب اختياره كالذي ذكره ابن عطية، أنه مدح و ثناء، وَالثَّنَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ الْفِعْلِ الْمُكْتَسَبِ دُونَ الْجِبِلَّةِ فِي الْغَالِبِ،أي أنه يجاهد نفسه مع القدرة، فالمنع إنما يحصل إذا كان المقتضي قائماً، والدفع إنما يحصل عند قوة الداعية والرغبة والغِلْمَة. و ممن اختار هذا القول و كان هذا أحدالأسباب عنده أبو حيان في البحر المحيط، و فخر الدين الرازي في تفسيره ، وابن حجر العسقلاني في فتح الباري، العيني في عمدة القارئ، ابن عادل في اللباب في علوم الكتاب و أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ في إرشاد الساري. . كما أضاف القرطبي سببًا آخر : هو الأصل اللغوي لكلمة حصورًا؛ أَنَّ فَعُولًا فِي اللُّغَةِ مِنْ صِيَغِ الْفَاعِلِينَ، و استدل بقول الشاعر : ضَرُوبٌ بِنَصْلِ السَّيْفِ سُوقَ سِمَانِهَا ... إِذَا عَدِمُوا زَادًا فَإِنَّكَ عَاقِرُ و معناه الذي يحصر نفسه عن الشهوات. و أرجع القرطبي هذا الأمر إلى أن هذا لعله كان شرعًا لهم، لكن عندنا النكاح هو الشرع. و هو ما ذكره و بينه أبو حيان في تفسيره، و استدل بما حُكى عن َ مُجاهِدٌ أنه قال: كانَ طَعامُ يَحْيى العُشْبَ، وكانَ يَبْكِي مِن خَشْيَةِ اللَّهِ حَتّى لَوْ كانَ القارُ عَلى عَيْنَيْهِ لَخَرَقَهُ، وكانَ الدَّمْعُ اتَّخَذَ مَجْرًى في وجْهِهِ. قِيلَ: ومَن هَذا حالُهُ فَهو في شَغْلٍ عَنِ النِّساءِ، وغَيْرِهِنَّ مِن شَهَواتِ الدُّنْيا. و الأصل اللغوي هو ما بنى عليه فخر الدين الرازي اختياره لهذا القول ، بعد أن أخبر عنه أنه اختيار المحققين، و قد فصل في بيان كلامه فقال: وذلك لأن الحصور هو الذي يكثر منه حصر النفس ومنعها كالأكول الذي يكثر منه الأكل وكذا الشروب ، والظلوم ، والغشوم ، و ربط الرازي بين الأصل اللغوي و صيغة المبالغة و المعنى الذي وجهه ؛ والمنع إنما يحصل أن لو كان المقتضي قائمًا ، فلولا أن القدرة والداعية كانتا موجودتين ، وإلا لما كان حاصرًا لنفسه فضلًا عن أن يكون حصورًا ، لأن الحاجة إلى تكثير الحصر والدفع إنما تحصل عند قوة الرغبة والداعية والقدرة ، وعلى هذا الحصور بمعنى الحاصر فعول بمعنى فاعل . و رجح القاضي عياض : المعنى أنه ُ معصوم من الذنوب ، لا يأتيها ،:أنه حصر عنها،و قال قيل: مانعًا نفسه من الشهوات. و قد أورد ابن كثير قول القاضي عياض في تفسيره و عقب عليه بما يظهر اختياره له أن المقصود مدح يحى بكونه حصور، ليس بكونه لا يأتي النساء، أي انه معصوم عن الفواحش و القذورات، و هذا لا يمنع تزويجه بالنساء في الحلال، و حصول الولد منهم و استدل ابن كثير بما يظهر من قوله تعالى(هَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَدًا لَهُ ذُرِّيَّةٌ وَنَسْلٌ وعَقِب، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. و ذكر مثله أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ في إرشاد الساري. و هو قول بالعموم يدخل فيه دخولًا أوليًا، منع اطلاق شهوة الفرج. و قد أخبر محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ في عمدة القارئ بوصل المعلق من الآثار من قبل عبد فقال: حدثنا جعفر بن عبد الله السّلميّ عن أبي بكر الهذليّ عن الحسن وسعيد بن جبير وعطاء وأبي الشعثاء أنهم قالوا: السّيّد الّذي يغلب غضبه، والحصور الّذي لا يغشى النّساء. و يظهر من كلام ابن عاشور في تفسيره أن يحى عليه السلام لا يأتي النساء لأنه حُصر عن ذلك، ثم أورد احتمالين لمقصد هذه الصفة، أحدهما المدح ، لكن وجهه بغير ما وجه من ذكرنا، فقال أن وجه المدح بهذه الصفة البعد عن الشهوات المحرمة بأصل الخلقة، و ذلك لرد ما يلصقه أهل البهتان بأهل الزهد من اليهود في عصره، أم المقصد الثاني الذي حمله لهذه الصفة أن ليس المدح ، لأن من هم أفضل منه كانوا يقربون النساء، بل هو إعلام لزكريا بقدوم يحى كرامة لزكريا و اخباربانقطاع الذرية، جاءت هذه الصفة بين صفات كمال ، تسلية لزكريا عليه السلام و تخفيفً من وحشة انقطاع الذرية. و رد القول بأن يحى عليه السلام لا يأتي النساء عجزًا منه كلًا من؛ أبو حيان و القاضي عياض فِي كِتَابِهِ الشِّفَا بتعريف حقوق المصطفى و ابن عادل في اللباب في علوم القرآن ، و عبر أبو حيان عنه بأن هذا القول فاسد عنده، و سبب الرد كون ذلك من صفات النقصان التي لا تليق بالانبياء، وذكر صفة النقصان في معرض المدح لا يجوز، ولأن على هذا التقدير لا يستحق به ثوابا ولا تعظيما. وَ نسب الْقَاضِي عِيَاضٌ الأنكار لهذا القول إلى حذاق المفسرين و نقاد العلم. الرأي الراجح.\؛ يتبين مما سبق أن المعنى المراد من الحصر و الله أعلم هو: أن يحى عليه السلام منع نفسه عن الشهوات ، و التي يدخل فيها دخولًا أوليًا إتيان النساء( مجاهدة تقىً و عفافًا) ، كما يدخل فيها اللعب و غيره، و هو ما يناسب الأصل اللغوي و صيغة المبالغة ( حصورا)، و سياق الكلام الذي هو في المدح الذي يناسب مقام الأنبياء، و الآثار التي ذكرت، و ما نقل عن المفسرين أنه قول المحققين. و رد القول أنه لا يأتي إلا لعجزه ؛ نسب إلى المحققين ، ففيه نقص لمقام الأنبياء و لا يناسب سياق المدح، كما أن الآثار الواردة في ذلك بينا ضعفها. |
اقتباس:
تلتزمين بالخطوات المطلوبة لبحث المسألة، وبالمصادر المطلوبة ... وأرجو لك مزيدا من التقدم مع كثرة التدرب، وحاولي محاكاة أسلوب الشيخ في التخريج، والاطلاع على دورة تدوين التفسير لمعرفة أسانيد النسخ التفسيرية. - أحسنتِ البدء بدراسة اشتقاق الكلمة وبيان دلالتها الصرفية، لكن حصير على وزن فعيل وليس فعول، والكلمة محل البحث هي حصور وهي التي على وزن فعول. - الأخبار المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم نجتهد في بيان حكم صحتها وحاولي الاستفادة من تعليقات الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لأحاديث تفسير ابن جرير الطبري، وكذلك في عمدة التفسير مختصر تفسير ابن كثير، ولم يكمله رحمه الله. - أكثر الآثار التي وردت عن الصحابة والتابعين معناها عام بأنه لا يأتي النساء دون تعيين سبب فتحتمل اندراجها تحت معنى منع نفسه من الشهوات. التقويم: أ+ زادكِ الله توفيقا وسدادًا. |
الساعة الآن 01:52 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir