![]() |
تفسير سورة التكاثر
مكية أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴿1﴾: شغلتكم الدنيا وزهرتها وزينة عن طلب الآخرة حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴿2﴾: حتى أدرككم الموت و زرتم القبور فصرتم من أهلها كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴿3﴾ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿4﴾: وعيد بعد وعيد كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴿5﴾: لو علمتم حق العلم لما شغلكم التكاثر عن طلب الآخرة لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴿6﴾ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴿7﴾: هذا تفسير الوعيد المتقدم ، وهو قوله : { كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ } تَوعَّدَهم بهذا الحال ، وهي رؤية النار ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴿8﴾ : لتسألن عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك |
تفسير سورة العصر
مكية وَالْعَصْرِ ﴿1﴾: أقسم الله بالعصر وهو الزمان الذي تحدث فيه حركات بني آدم من خير أو شر إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿2﴾: في خسارة وهلاك إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ :استثنى من جنس الإنسان من الخسران الذي آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ :وتواصوا بالحق: أداء الطاعات وترك المحرمات، وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴿3﴾: أي تواصوا بالصبر على الأقدار والمصائب وأذى من يؤذيهم من الناس ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر |
تفسير سورة الهمزة
مكية وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ﴿1﴾: همزة بقوله، لمزة: بفعله الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ ﴿2﴾ : جمع بعضه إلى بعضٍ وأحصى عدده يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ﴿3﴾: يظن أن جمعه للمال يخله في هذه الدار كَلَّا ۖ: أي ليس الأمر كما زعم لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ ﴿4﴾: ليلقين هذا الذي جمع المال وعدده في النار وسميت بالحطمة لأنها تحطم من يدخلها وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ﴿5﴾ نَارُ اللَّـهِ الْمُوقَدَةُ ﴿6﴾ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ﴿7﴾: تحرقهم إلى الأفئدة وهم أحياء إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ ﴿8﴾: مطبقة فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ﴿9﴾: قال قتادة: حدثنا أنهم يعذبون بعمد في النار |
تفسير سورة الفيل:
مكية أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿1﴾أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿2﴾:هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش ، فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل ، الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود ، فأبادهم الله ، وأرغم آنافهم ، وخيب سعيهم ، وأضل عملهم ، وَرَدهم بشر خيبة وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿3﴾: أبابيل أي جماعات كثيرة تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ﴿4﴾: حجارة شديدة صلبة فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴿5﴾ :ورق الزرع الذي لم يقضب ، وقيل هو التبن |
علاقة السورة بما قبلها:
هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام ، كتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم وإن كانت متعلقة بما قبلها. كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ؛ لأن المعنى عندهما : حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله { لإيلافِ قُرَيْشٍ } أي : لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين. لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴿1﴾: لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين. وقال ابن جرير : الصواب أن "اللام" لام التعجب ، كأنه يقول : اعجبوا لإيلاف قريش ونعمتي عليهم في ذلك. قال : وذلك لإجماع المسلمين على أنهما سورتان منفصلتان مستقلتان. إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴿2﴾: ما كانوا يألفونه من الرحلة في الشتاء إلى اليمن وفي الصيقف إلى الشام فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ ﴿3﴾: فليوحدوا بالعبادة شكرًا على ما أنعم عليهم به الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴿4﴾: تفضل عليهم بالأمن والرخص |
تفسير سورة الماعون:
مكية أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴿1﴾: أرأيت يا محمد الذي يكذب بالدين وهو المعاد والجزاء فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴿2﴾: أي يقهره ويذله ويمنعه حقه وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿3﴾: لا يحث على إطعام المسكين الذي لا شيء له يقوم بأوده و كفايته فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ﴿4﴾:الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴿5﴾: قال ابن عباس وغيره هم المنافقون الذين يصلون في العلانية ولا يصلون في السر وقيل الذين هم من أهل الصلاة وقد التزموا بها ولكنهم عنها ساهون إما عن فعلها بالكلية أو تأخيرها عن وقتها حتى يخرج، أو تأخيرها عن أول وقتها لغير ضرورة أو الإخلال بشروطها وأركانها وواجباتها أوعن الخشوع فيها الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴿6﴾:يعملون العمل لأجل الناس لا يبتغون به وجه الله وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴿7﴾: لا يعيرون العارية التي ينتفع ويستعان بها مع بقاء عينها ورجوعها إليهم وهم لمنع الزكاة والقربات أولى |
تفسير سورة الكوثر:
مكية: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴿1﴾: نهر في الجنة أعطاها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، ماؤه أحلى من العسل ,وأصفى من اللبن ، حافتاه من ذهب والماء يجري على اللؤلؤ، تربه مسك أذفر فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴿2﴾: اخلص لربك صلاتك الفريضة والنافلة ونحرك فاعبد الله وحده لا شريك له وانحر له إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴿3﴾: شانئك: مبغضك ومبغض ما جئت به من الهدى ، هو الأبتر: هو الأذل الأقل المنقطع ذكره |
تفسير سورة الكافرون:
مكية سبب نزولها: أن كفار مكة قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم نعبد رب كسنة وتعبد آلهتنا سنة قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴿1﴾: تشمل كل كافر ولكن المخاطبين هنا كفار قريش لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴿2﴾ : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتبرأ من دينهم بالكلية فيخبرهم أنه لا يعبد ما يعبدون من الأصنام والأنداد وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿3﴾: وهو الله سبحانه وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ﴿4﴾: أي لا اعبد عبادتكم ولا أسلكها ولا أقتدي بها بل أعبد الله على الوجه الذي يرضاه وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿5﴾: أي لا تقتدون بأوامر الله وشرعه في عبادتكم بل اخترعتم شيئًا من تلقاء أنفسكم وقيل في تفسير هاتين الآيتين: لا أعبد ما تعبدون ، ولا أنا عابدٌ ما عبدتم: - لا أعبد ما تعبدون الآن ، ولا أجيبكم فيما بقي من عمري ، ولا أنتم عابدون ما أعبد - ونقل ابن جرير عن بعض أهل العربية أن ذلك من باب التأكيد - لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } في الماضي ، { وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } في المستقبل. - وثم قول رابع ، نصره أبو العباس بن تَيمية في بعض كتبه ، وهو أن المراد بقوله : { لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } نفى الفعل لأنها جملة فعلية ، { وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ } نفى قبوله لذلك بالكلية ؛ لأن النفي بالجملة الاسمية آكد فكأنه نفى الفعل ، وكونه قابلا لذلك ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضا لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴿6﴾: قال البخاري: لكم دينكم: الإسلام، ولي دين: الكفر |
تفسير سورة النصر:
مدنية وهي آخر سورة نزلت كاملة إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ﴿1﴾: أجل النبي صلى الله عليه وسلم نعي إليه وقيل: قد أمرنا إذا فتح الله علينا المدائن والحصون أن نحمد الله ونشكره ونسبحه ، يعني نصلي ونستغفره - وهو معنى مليح صحيح ، وقد ثبت له شاهد من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقت الضحى ثماني ركعات قيل هي صلاة الفتح. والفتح المقصود هنا: فتح مكة وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا ﴿2﴾: لما كان الفتح بادر كل قوم بإسلامهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت الأحياء تَتَلَوّمُ بإسلامها فتح مكة فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿3﴾: قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في آخر أمره من قول : "سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه". وقال : "إن ربي كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي ، وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره ، إنه كان توابا ، فقد رأيتها : { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا } |
تفسير سورة المسد:
مكية سبب نزولها: لما جمع النبي صلى الله عليه وسلم قريشًا ودعاهم للإسلام قال أبو لهب: تبًا لك ما جمعتنا إلا لهذا فنزلت هذه السورة تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴿1﴾: خابت وخسرت وضل سعيها وهذا دعاء، قد تب : أي تحقق خسرانه وهذا خبر أبو لهب هو عم النبي صلى اللله عليه وسلم وقد كان معاديًا مؤذيًا له ، لقب بأبي لهب لوضاء وجهه واسمه عبد العزى مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴿2﴾:ما كسب: ولده لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم قومه إلى الإيمان ، قال أبو لهب لئن كان ما يقول محمد حقًا لأفتدين من العذاب بمالي وولدي سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ﴿3﴾: ذات حرارة ولهيب وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴿4﴾: كما كانت معينة لزوجها على الأذى في الدنيا فستكون عونًا على عذابه في الآخرة فتحمل الحطب وتلقيه في النار لتأججها به فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ﴿5﴾: من مسد النار روي عن سعيد بن المسيب أنها كانت لها قلادة أنفقتها في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم فأبدلها الله بها حبلًا من مسد في نار جهنم فائدة: في السورة إعجاز حيث أن أبا لهب وزوجته لم يؤمنا لا ظاهرًا ولا باطنا وماتا على الكفر |
تفسير سورة الإخلاص:
مكية سبب النزول: أن المشركين قالوا لللنبي صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك فنزلت هذه السورة فضلها: - تعدل ثلث القرآن كما ورد في الصحيحين - من قرأها عشر مرات بنى الله له بيتًا في الجنة كما ورد في حديث مرسل قال عنه ابن كثير: وهذا مرسل جيد - من قرأها مع المعوذتين ثلاث مرات صباحًا ومساءً كفته - استحباب الدعاء بما تضمنته من الأسماء لأنها تحوي الاسم الأعظم - قراءتها توجب الجنة كما روى الإمام مالك في الموطأ - قيل لأحد الصحابة وكان يحبها ويقرأ بها دائمًا في صلاته: "حبك إياها أدخلك الجنة " قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ﴿1﴾: الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا شبيه ولا ند ولا عديل اللَّـهُ الصَّمَدُ ﴿2﴾:قيل الصمد: - الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم ومسائلهم - السيد الذي قد انتهى سؤدده - وقيل: الذي لا جوف له - وقيل الباقي بعد خلقه - وقيل الذي لم يلد ولم يولد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿3﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿4﴾ : لم يكن له ولد ولا والد ولا صاحبة |
تفسير المعوذتين:
مدنيتان فضلهما: - رقية كما وردت بذلك الأحاديث روى مسلم في صحيحه :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم يُر مثلهن قط : " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ " و " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴿1﴾ : الفلق هو الصبح مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴿2﴾ : من شر جميع المخلوقات وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴿3﴾:غاسق الليل إذا وقب غروب الشمس وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴿4﴾ : النفاثات : الساحرات وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿5﴾ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿1﴾ : بيان صفة الربوبية مَلِكِ النَّاسِ ﴿2﴾: بيان صفة الملك إِلَـٰهِ النَّاسِ ﴿3﴾: بيان صفة الألوهية أمر الله المستعيذ أن يستعيذ بالمتصف بهذه الصفات الثلاث وهو الله سبحانه مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴿4﴾الشيطان الموكل بكل إنسان أي قرينه ، فإذا ذكر الله خنس وإن غفل وسوس الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴿5﴾ : قيل المقصود بالناس هم البشر وقل أنه الناس هنا تشمل الإنس والجن مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴿6﴾: قيل أنها تفصيل وبيان لكلمة الناس في الآية التي قبلها ، وقيل تفسير للذي يوسوس في صدور الناس أنه قد يكون من الجن أو من الإنس |
تفسير جزء تبارك
سورة الملك:
مكية فضلها: روى الإمام أحمد : " إن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له " تَبَارَكَ: يمجد الله ذاته الكريمة الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿1﴾: هو مالك كل شيء المتصرف فيه بعدله وحكمته وقهره الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا : أوجد الخلائق من العدم ليبلوهم ويختبرهم أيهم خير وأفضل عملًا فسمى العدم موتًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴿2﴾ : العزيز العظيم المنيع الجناب وهو مع قدرته عليهم يغفر للمذنب إذا تاب ورجع الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا : متطابقات طبقة فوق طبقة متواصلات بعضهن فوق بعض مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ : بل هو مصطحب مستوٍ ليس فيه اختلاف ولا تنافر ولا مخالفة ولا نقص ولا عيب ولا خلل فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ : من شقوق، وقيل: خلل، وقيل : حروق، وقيل: وُهي ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ: مرتين يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا: يرجع إليك بصرك ذليلًا، وقيل: صاغرًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴿4﴾: كليل، وقيل: هو المنقطع من الإعياء ومعنى الآية : إنك لو كررت البصر ، مهما كررت ، لانقلب إليك ، أي : لرجع إليك البصر ، { خَاسِئًا } عن أن يرى عيبًا أو خللا { وَهُوَ حَسِيرٌ } أي : كليل قد انقطع من الإعياء من كثرة التكرر ، ولا يرى نقصًا. وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ : الكواكب التي وضعت فيها من السيارات والثوابت وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ ۖ: جعلنا جنس الكواكب رجومًا للشياطين وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ﴿5﴾:أعتدنا للشياطين هذا العذاب في الدنيا ولهم عذاب الخزي في الآخرة وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۖ: أي أعتدنا للذين كفروا بربهم عذاب النار وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿6﴾: بئس المآل والمنقلب إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا : الصراخ وَهِيَ تَفُورُ ﴿7﴾:تغلي بهم كما يغلي الحب القليل في الماء الكثير تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ: تكاد تنفصل عن بعضها من شدة غيظها عليهم وحنقها بهم كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ :ألم يأتكم رسول يبين لكم فإن الله بعدله ما كان ليعذب قومًا حتى يقيم الحجة عليهم بإرسال الرسل ﴿8﴾ قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ﴿9﴾: عادوا على أنفسهم بالملامة وندموا حيث لا تنفعهم الندامة وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿10﴾: لو كانت لنا عقول ننتفع بها أو نسمع ما أنزله الله من الحق لما كنا على ما كنا عليه من الكفر بالله والاغترار به ولكن لم يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به الرسل ، ولا كان لنا عقل يرشدنا إلى اتباعهم فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿11﴾ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿12﴾: يقول تعالى مخبرًا عمن يخاف مقام ربه فيما بينه وبينه إذا كان غائبًا عن الناس ، فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات ، حيث لا يراه أحد إلا الله ، بأنه له مغفرة وأجر كبير ، أي : يكفر عنه ذنوبه ، ويجازى بالثواب الجزيل وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿13﴾ : تنبيه من الله على أنه مطلع على الضمائر والسرائر إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ: أي : بما خطر في القلوب. أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴿14﴾ : ألا يعلم الخالق وهو الراجح ، وقيل ألا يعلم الله مخلوقه هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا : مستوية مذللة مستقرة ثابتة لا تميد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال وسلك فيها من السبل وأنبع فيها العيون وهيأها بالزروع والثمار فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ: سافروا حيث شئتم من أقطارها وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات ، واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئًا ، إلا أن ييسره الله لكم قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : { مَنَاكِبِهَا } أطرافها وفجاجها ونواحيها. وقال ابن عباس وقتادة : { مَنَاكِبِهَا } الجبال. وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴿15﴾: المرجع يوم القيامة أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴿16﴾ : تذهب وتجيء وتضطرب أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ : ريحًا فيها حصباء تدمغكم فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴿17﴾ : كيف يكون إنذاري وعاقبة من تخلف عنه وكذب به، وهذا توعد لهم وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ: أي من الأمم السالفة والقرون الماضية فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴿18﴾: كيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم : أي أليمًا شديدًا أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ۚ يبسطن كلا الجناحين تارة ،ويبسطن جناحا ويقبضن الآخرتارة مَا يُمْسِكُهُنَّ: أي في الجو إِلَّا الرَّحْمَـٰنُ ۚ: أي بما سخر لهن من الهواء من رحمته ولطفه إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴿19﴾: بما يصلح كل شيء من مخلوقاته أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَـٰنِ ۚ يقول تعالى للمشركين الذين عبدوا غيره ، يبتغون عندهم نصرًا ورزقًا ، مُنكرًا عليهم فيما اعتقدوه ، ومُخبرا لهم أنه لا يحصل لهم ما أملوه: ليس لكم من دونه من ولي ولا واق ، ولا ناصر لكم غيره ولهذا قال: إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ﴿20﴾ أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ : من هذا الذي يرزقكم إن قطع الله رزقه عنكم أي لا أحد ينصر ويرزق غير الله وهم يعلمون ذلك بَل لَّجُّوا : استمروا في طغيانهم وإفكهم وعنادهم فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴿21﴾ : في معاندة واستكبار ونفور على أدبارهم عن الحق ، أي لا يسمعون له ولا يتبعونه. أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم ﴿22﴾ :هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، أفمن يمشي مكبًا: الكافر يمشي منحنيًا على وجهه لا يدري أين يذهب ولا كيف يسير بل هو ضالٌ حائر تائه ، أهدى: فهل هو أهدى ؟ ، أمَّن يمشي سويًا: مثل للمؤمن يمشي سويًا: أي مستوي القامة ، على صراطٍ مستقيم:على طريق واضح بين وهو في نفسه مستقيم وطريقته مستقيمة وهذا مثلهم في الدنيا وهم كذلك في الأخرة فالمؤمن يحشر يمشي مستقيما على الصراط فيفضي به إلى الجنة والكافر يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ: ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئًا مذكورًا { وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ}: أي العقول والإدراك { قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ{ ﴿23﴾: ما أقل ما تستخدمون القوى التي أنعم الله بها عليكم في شكر نعمته وطاعته وامتثال أوامره وترك زواجره قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ: بثكم ونشركم في أقطار الأرض وأنحائها على اختلاف أشكالكم وألوانكم { وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}﴿24﴾: أي تجمعون بعد هذا التفرق والشتات يجمعكم كما فرقكم وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿25﴾: يقول المكذبين المعاندين لوقوع هذا الجمع : متى يأتينا ما وعدتنا به من الجمع قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّـهِ: لا يعلم وقت ذلك على التعيين إلا الله { وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ{ ﴿26﴾: إنما عليّ البلاغ وقد أبلغتكم فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا: لما قامت القيامة وشاهدها الكفار ، ورأوا أن الأمر كان قريبا ؛ فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك ، لما يعلمون ما لهم هناك من الشر ، أي : فأحاط بهم ذلك وَقِيلَ هَـٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ ﴿27﴾: قيل لهم على وجه التوبيخ والتقريع هذا الذي كنتم به {تدعون}: تستعجلون قُلْ: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الجاحدين بالله ونعمه أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّـهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿28﴾: خَلِّصوا أنفسكم ، فإنه لا منقذ لكم من الله إلا التوبة والإنابة ، والرجوع إلى دينه ، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب والنَّكَال ، فسواء عذبنا الله أو رحمنا ، فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم قُلْ هُوَ الرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ : هو الرحمن الرحيم آمنا به وعليه توكلنا في جميع أمورنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿29﴾ : أي منا ومنكم ولمن ستكون العاقبة في الدنيا والآخرة قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا: أي ذاهبًا في الأرض إلى أسفل فلا تناله الفؤوس الحداد ولا السواعد الشداد فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ ﴿30﴾ : نابع جارٍ على وجه الأرض فلا يقدر على ذلك إلا الله سورة القلم: مدنية بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ن ۚ : قيل هو الحوت الذي يحمل الأرضين السبع فوق ظهره، وقيل: لوحٌ من نور، وقيل: الدواة وَالْقَلَمِ : جنس القلم الذي يكتب به ، قيل: هو القلم الذي خلقه الله أول شيء فقال له : اكتب مقادير الخلائق وَمَا يَسْطُرُونَ ﴿1﴾: قيل: ما يكتبون، وقيل: ما يعملون ، وقيل: الملائكة وما تكتب من أعمال العباد وهذا قسم وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من الكتابة التي بها تحصل العلوم مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ﴿2﴾: أي لست- والحمد لله- بمجنون كما يقول الجهلة من قومك وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ﴿3﴾: غيرممنون: غير مقطوع ، وقيل غير محسوب، أي لك الأجر العظيم الذي لا ينقطع على تبليغك الدين وصبرك وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿4﴾: قيل لعلى أدبٍ عظيم، وقيل : لعلى دين عظيم فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ ﴿5﴾: فستعلم ويعلم مخالفوك، وقيل : ستعلم ويعلمون يوم القيامة بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ ﴿6﴾: أيكم الضال ، وقيل الجنون، وقيل الأولى بالشيطان إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿7﴾: هو يعلم تعالى أي الفريقين منكم ومنهم هو المهتدي ، ويعلم الحزب الضال عن الحق. فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ﴿8﴾: أي كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشرع المستقيم والخلق القويم فلا تطع المكذبين وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴿9﴾: لو تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق، وقيل: لو ترخص فيرخصون وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ ﴿10﴾: كل حلاف مكابر مهين ضعيف. وقيل المهين: الكاذب ، وقيل الضعيف القلب وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته إنما يتقي بأيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على أسماء الله تعالى ، واستعمالها في كل وقت في غير محلها هَمَّازٍ: الذي يغتاب الناس مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴿11﴾: يمشي بين الناس بالنميمة ويسعى للإفساد بينهم مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ: يمنع ما عليه وما لديه من الخير مُعْتَدٍ: متجاوز للحد المشروع فيما أباحه الله أَثِيمٍ﴿12﴾ : مقتحم للمحرمات عُتُلٍّ : الفظ الغليظ الصحيح الجموع المنوع ، وقيل هو الشديد الخَلْق المصحح ، الأكول الشروب ، الواجد للطعام والشراب ، الظلوم للناس ، رحيب الجوف بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ ﴿13﴾: الزنيم قيل هو الدعي الملصق بالقوم ، وقال البخاري: رجل من قريش كانت له زنمة مثل زنمة الشاة ومعنى هذا : أنه مشهور بالشر كشهرة الشاة ذات الزنمة بين أخواتها، وقيل: هو الأخنس بن شريق، وقيل هو ولد الزنا ، وقال أبو رزين: الزنيم علامة الكفر أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ﴿14﴾إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿15﴾: هذا مقابلة ما أنعم الله عليه من المال والبنين ، كفر بآيات الله وأعرض عنها ، وزعم أنها كَذب مأخوذ من أساطير الأولين سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ﴿16﴾: لنبينن أمره بيانًا واضحًا حتى يعرفوه ولا يخفى عليهم كما تعرف السمة على الخراطيم، وقيل: شين لا يفارقه آخر ما عليه، وقيل سيما على أنفه، وقيل: يقاتل يوم بدر فيخطم بالسيف في القتال، وقيل سمة أهل النار: أي نسود وجهه يوم القيامة وعبر عن الوجه بالخرطوم إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ: أي اختبرناهم كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ: البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه ضرب الله لكفار قريش المثل بأصحاب الجنة وكان أبوهم صالحًا يخصص جزءًا من خراج بستانه للفقراء والمساكين إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ﴿17﴾: أي حلفوا أن يقطعونها ويجذونها ليلًا لئلا يعلم بهم سائل ولا مسكين ليتوفر ثمنها عليهم ولا يتصدقوا بشيء منه وَلَا يَسْتَثْنُونَ ﴿18﴾ : لا يقولون إن شاء الله فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴿19﴾: أصابتها ليلًا آفة سماوية فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ﴿20﴾ : كالزرع إذا حصد يابسًا، وقيل كالليل الأسود فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ ﴿21﴾ : لما كان وقت الصبح نادى بعضهم بعضًا ليذهبوا إلى الجذاذ أَنِ اغْدُوا عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ ﴿22﴾: أي تريدون الصرام وقيل كان حرثهم عنبًا فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴿23﴾: يتناجون فيما بينهم بحيث لا يُسمعون أحدًا كلامهم أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ ﴿24﴾: أي يقول بعضهم لبعض لا تمكنوا اليوم فقيرًا يدخلها وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْدٍ حرد قيل: شدة وقوة ، وقيل: جد، وقيل: غيظ ، وقيل : حرد على المساكين، قَادِرِينَ ﴿25﴾: أي فيما يرومون ويزعمون فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ﴿26﴾: فلما وصلوا إليها وأشرفوا عليها وهي على تلك الحالة التي قال الله ظنوا أنهم أخطؤوا الطريق ولهذا قالوا : { إِنَّا لَضَالُّونَ } أي : قد سلكنا إليها غير الطريق فتُهنا عنها بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴿27﴾: بل هذه هي ولكن نحن لا حظ لنا ولا نصيب قَالَ أَوْسَطُهُمْ: أعدلهم وخيرهم أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ﴿28﴾: أي لولا تستثنون قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿29﴾: أتوا بالطاعة حيث لا تنفع ، وندموا واعترفوا حيث لا ينجع واعترفوا أنهم كانوا ظالمين بما أرادوه من منع المساكين ثمر جنتهم فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ ﴿30﴾: يلوم بعضهم بعضًا على ما كانوا أصروا عليه من منع المساكين من حق الجذاذ ، فما كان جواب بعضهم لبعض إلا الاعتراف بالخطيئة والذنب قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ﴿31﴾: اعتدينا وبَغَينا وطغينا وجاوزنا الحد حتى أصابنا ما أصابنا عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ ﴿32﴾: رغبوا في بذلها لهم في الدنيا، وقيل : احتسبوا ثوابها في الدار الآخرة كَذَٰلِكَ الْعَذَابُ ۖ : هكذا عذاب من خالف أمر الله ، وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه ، ومنع حق المسكين والفقراء وذوي الحاجات ، وبدل نعمة الله كفرا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿33﴾: هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم ، وعذاب الآخرة أشق أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ﴿35﴾: أفنساوي بين هؤلاء وهؤلاء في الجزاء ؟ كلا ورب الأرض والسماء مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿36﴾: أي كيف تظنون ذلك أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ﴿37﴾ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ ﴿38﴾:: أفبأيديكم كتاب منزل من السماء تدرسونه وتحفظونه وتتداولونه بنقل الخلف عن السلف ، مُتضمن حكما مؤكدًا كما تدعونه؟ أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۙ: أمعكم عهود منا ومواثيق مؤكدة إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ﴿39﴾: أنه سيحصل لكم ما تريدون وتشتهون سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ﴿40﴾: قل لهم : من هو المتضمن المتكفل بهذا ؟ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ ﴿41﴾: شركاء أي من الأصنام والأنداد يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ: قيل يكشف ربنا عن ساقه ، وقيل المقصود شدة الأمر وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴿42﴾: كما لم يسجدوا لله في الدنيا لا يستطيعون السجود له في الآخرة لأن ظهرهم يعود طبقًا واحدًا خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ﴿43﴾: في الدار الآخرة بإجرامهم وتكبرهم في الدنيا ، فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه. ولما دعوا إلى السجود في الدنيا فامتنعوا منه مع صحتهم وسلامتهم كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ ۖسَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴿44﴾: الحديث أي القرآن وهذا تهديد شديد ، أي : دعني وإياه مني ومنه ، أنا أعلم به كيف أستدرجه ، وأمده في غيه وأنظره ثم آخذه أخذ عزيز مقتدر وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ: أنظرهم وأؤخرهم إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴿45﴾: عظيم لمن خالف أمري ، وكذب رسلي ، واجترأ على معصيتي. أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ﴿46﴾ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ﴿47﴾: أنك يا محمد تدعوهم إلى الله عز وجل بلا أجر تأخذه منهم بل ترجو ثواب ذلك عند الله عز وجل ، وهم يكذبون بما جئتهم به بمجرد الجهل والكفر والعناد. فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ: فاصبر على تكذيبهم إياك فإن الله سيحكم لك عليهم ، ويجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ: يونس عليه السلام إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ ﴿48﴾: مغموم، وقيل : مكروب لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ﴿49﴾ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿50﴾: لما التقم الحوت يونس عليه السلام دعا ربه: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فقالت الملائكة : يا رب ، عبدك الذي لا يزال يرفع له عمل صالح ودعوة مجابة ؟ قال : نعم. قالوا : أفلا ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ فأمر الله الحوت فألقاه بالعراء ؛ ولهذا قال تعالى : { فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ: يعينونك، وقيل: يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم وَيَقُولُونَ إِنَّه لَمَجْنُونٌ ﴿51﴾: أي : لمجيئه بالقرآن ، قال الله تعالى { وَمَا هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ } |
الساعة الآن 05:38 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir