تفسير قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) }
تفسير قوله تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (الغاشية من أسماء يوم القيامة، قاله ابن عبّاسٍ وقتادة وابن زيدٍ؛ لأنّها تغشى النّاس وتعمّهم.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسيّ، حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، قال: مرّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على امرأةٍ تقرأ: {هل أتاك حديث الغاشية}. فقام يستمع ويقول: ((نعم، قد جاءني)) ). [تفسير القرآن العظيم: 8/384]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (يذكرُ تعالى أحوالَ يومِ القيامةِ وما فيها من الأهوالِ الطامَّةِ، وأنَّها تغشى الخلائقَ بشدائدها، فيجازونَ بأعمالهمْ، ويتميزونَ فريقينِ: فريقاً في الجنةِ، وفريقاً في السعيرِ). [تيسير الكريم الرحمن: 921]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (1-{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ أَيْ: قَدْ جَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ، وَهِيَ الْقِيَامَةُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الغاشيةَ؛ لأَنَّهَا تَغْشَى الخلائقَ بِأَهْوَالِهَا). [زبدة التفسير: 592]
تفسير قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وجوهٌ يومئذٍ خاشعةٌ} أي: ذليلةٌ، قاله قتادة. وقال ابن عبّاسٍ: تخشع، ولا ينفعها عملها). [تفسير القرآن العظيم: 8/384]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (... فأخبرَ عنْ وصفِ كلا الفريقينِ، فقالَ في أهلِ النارِ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ} أي: يومَ القيامةِ {خَاشِعَةٌ} من الذلِّ والفضيحةِ والخزي). [تيسير الكريم الرحمن: 922]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (2-{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ}؛ أَيْ: إِنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرِيقَيْنِ: الأَوَّلُ وُجُوهُهُمْ ذَلِيلَةٌ خاضِعَةٌ؛ لِمَا هِيَ فِيهِ من الْعَذَابِ، وَقِيلَ: أَرَادَ وُجُوهَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى الخُصوصِ). [زبدة التفسير: 592]
تفسير قوله تعالى: (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {عاملةٌ ناصبةٌ}. أي: قد عملت عملاً كثيراً، ونصبت فيه، وصليت يوم القيامة ناراً حاميةً.
قال الحافظ أبو بكر البرقانيّ: حدّثنا إبراهيم بن محمّدٍ المزكّي، حدّثنا محمّد بن إسحاق السّرّاج، حدّثنا هارون بن عبد اللّه، حدّثنا سيّارٌ، حدّثنا جعفرٌ قال: سمعت أبا عمران الجونيّ يقول: مرّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه بدير راهبٍ، قال: فناداه، يا راهب، يا راهب. فأشرف، قال: فجعل عمر ينظر إليه ويبكي، فقيل له: يا أمير المؤمنين ما يبكيك من هذا؟ قال: ذكرت قول اللّه عزّ وجلّ في كتابه: {عاملةٌ ناصبةٌ تصلى ناراً حاميةً}. فذاك الذي أبكاني.
وقال البخاريّ: قال ابن عبّاسٍ: {عاملةٌ ناصبةٌ}: النّصارى. وعن عكرمة والسّدّيّ: {عاملةٌ} في الدّنيا بالمعاصي، {ناصبةٌ} في النار بالعذاب والأغلال). [تفسير القرآن العظيم: 8/384-385]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}أي: تاعبةٌ في العذابِ، تُجرُّ على وجوههَا، وتغشى وجوههم النارُ). [تيسير الكريم الرحمن: 922]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ويحتملُ أنَّ المرادَ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} في الدنيا لكونهم في الدنيا أهلَ عباداتٍ وعملٍ، ولكنَّهُ لما عدمَ شرطهُ وهوَ الإيمانُ، صارَ يومَ القيامةِ هباءً منثوراً، وهذا الاحتمالُ وإنْ كانَ صحيحاً منْ حيثُ المعنى، فلا يدلُّ عليهِ سياقُ الكلامِ، بلِ الصوابُ المقطوعُ بهِ هو الاحتمالُ الأولُ:
-لأنَّهُ قيدَهُ بالظرفِ، وهوَ يومُ القيامةِ.
-ولأنَّ المقصودَ هنا بيانُ وصفِ أهلِ النارِ عموماً، وذلكَ الاحتمالُ جزءٌ قليلٌ منْ أهلِ النارِ بالنسبةِ إلى أهلهَا.
-ولأنَّ الكلامَ في بيانِ حالِ الناسِ عندَ غشيانِ الغاشيةِ، فليسَ فيه تعرضٌ لأحوالهم في الدنيا). [تيسير الكريم الرحمن: 922]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (3- {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}: كَانُوا يُتْعِبُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي العبادةِ وَيُنْصِبُونَهَا، وَلا أَجْرَ لَهُمْ عَلَيْهَا؛لِمَا هُمْ عَلَيْهِ من الْكُفْرِ والضلالِ). [زبدة التفسير: 592]
تفسير قوله تعالى: (تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال ابن عبّاسٍ والحسن وقتادة: {تصلى ناراً حاميةً}. أي: حارّةً شديدة الحرّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/385]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (وقولهُ: {تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً} أي: شديداً حرُّها، تُحيطُ بهمْ من كلِّ مكانٍ). [تيسير الكريم الرحمن: 922]
تفسير قوله تعالى: (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ (5) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({تسقى من عينٍ آنيةٍ}. أي: قد انتهى حرّها وغليانها، قاله ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ والحسن والسّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/385]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} أي: حارةٍ شديدةِ الحرارةِ {وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} فهذا شرابهُم). [تيسير الكريم الرحمن: 922]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (5-{تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ أَيْ: يَشْرَبُونَ منْ مَائِهَا، وَالْمَاءُ الآنِي: هُوَ المُتَنَاهِي فِي الحَرِّ). [زبدة التفسير: 592]
تفسير قوله تعالى: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ}. قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: شجرٌ من نارٍ. وقال سعيد بن جبيرٍ: هو الزّقّوم. وعنه أنّها الحجارة. وقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وعكرمة وأبو الجوزاء وقتادة: هو الشّبرق. قال قتادة: قريشٌ تسمّيه في الرّبيع الشّبرق، وفي الصّيف الضّريع.
قال عكرمة: وهو شجرةٌ ذات شوكٍ، لاطئةٌ بالأرض.
وقال البخاريّ: قال مجاهدٌ: الضّريع: نبتٌ يقال له: الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز الضّريع إذا يبس. وهو سمٌّ. وقال معمرٌ، عن قتادة: {إلاّ من ضريعٍ}. هو الشّبرق إذا يبس، سمّي الضّريع. وقال سعيدٌ، عن قتادة: {ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ}: من شرّ الطّعام وأبشعه وأخبثه). [تفسير القرآن العظيم: 8/385]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (وأما طعامُهُم، فـ{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ (6)} ). [تيسير الكريم الرحمن: 922]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (6-{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}: هُوَ نَوْعٌ من الشوكِ يُقَالُ لَهُ: الشِّبْرِقُ فِي لسانِ قُرَيْشٍ إِذَا كَانَ رَطْباً، فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ الضَّرِيعُ). [زبدة التفسير: 592]
تفسير قوله تعالى: (لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا يسمن ولا يغني من جوعٍ}. يعني: لا يحصل به مقصودٌ، ولا يندفع به محذورٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/385]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ} وذلكَ أنَّ المقصودَ مِنَ الطعامِ أحدُ أمرينِ:
-إمَّا أنْ يسدَّ جوعَ صاحبهِ ويزيلَ عنهُ ألمَهُ.
-وإمَّا أنْ يسمنَ بدنَهُ من الهزالِ.
وهذا الطعامُ ليسَ فيهِ شيءٌ منْ هذينِ الأمرينِ، بلْ هوَ طعامٌ في غايةِ المرارةِ والنتنِ والخسةِ، نسألُ اللهَ العافيةَ). [تيسير الكريم الرحمن: 922]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (7-{لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}؛ أَيْ: لا يُسْمِنُ الضَّرِيعُ آكِلَهُ، وَلا يَدْفَعُ عَنْهُ مَا بِهِ من الجُوعِ). [زبدة التفسير: 592]
* للاستزادة ينظر: هنا