دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 شوال 1435هـ/12-08-2014م, 03:47 PM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي صفحة الطالبة كوثر التايه للقراءة المنظمة

السلام عليكم
جزاكم الله خيرا


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 شوال 1435هـ/24-08-2014م, 05:16 PM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي

تلخيص مقدمة ابن كثير

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت:774 هـ): (قال الشيخ الإمام العالم الأوحد، البارع الحافظ المتقن، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن الخطيب أبي حفص عمر بن كثير الشافعي، رحمه الله تعالى، ورضي عنه: الحمد لله الذي افتتح كتابه بالحمد فقال: {الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين} [الفاتحة: 2- 4]
فله الحمد في الأولى والآخرة، أي في جميع ما خلق وما هو خالق، هو المحمود في ذلك كله
والحمد لله الذي أرسل رسله {مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [النساء: 165]، وختمهم بالنبي الأمي العربي المكي الهادي لأوضح السبل، أرسله إلى جميع خلقه من الإنس والجن، من لدن بعثته إلى قيام الساعة، كما قال تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} [الأعراف: 158
وأيده بالقرآن المعجز ، فمن بلغه القرآن وقعت عليه الحجة
وقد أعلمهم فيه عن الله تعالى أنه ندبهم إلى تفهمه، فقال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} [ النساء: 82
فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله، وتفسير ذلك، وطلبه من مظانه، وتعلم ذلك وتعليمه، كما قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون} [آل عمران: 187
فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير ؟
فالجواب: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، رحمه الله تعالى: كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن. قال الله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} [ النساء: 105]، وقال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [ النحل: 44]، وقال تعالى: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} [النحل: 64].
إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين المهديين، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنه. والحبر البحر عبد الله بن عباس رضي الله عنه
وقد ينقل عنهم أحاديث من الإسرائيليات
ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد، لا للاعتضاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني؛ ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرا
أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته
إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين، كمجاهد بن جبر فإنه كان آية في التفسير، كما قال محمد بن إسحاق: ثنا أبان بن صالح، عن مجاهد، قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها.
فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام، لما رواه محمد بن جرير، رحمه الله تعالى، حيث قال: ثنا محمد بن بشار، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا سفيان، حدثني عبد الأعلى، هو ابن عامر الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه، -أو بما لا يعلم-، فليتبوأ مقعده من النار)).
وفي لفظ لهم: ((من قال في كتاب الله برأيه، فأصاب، فقد أخطأ)) أي: لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه
ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، كما روى شعبة، عن سليمان، عن عبد الله بن مرة، عن أبي معمر، قال: قال أبو بكر الصديق، رضي الله عنه: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني؟ إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم.عن أنس؛ أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر: {وفاكهة وأبا} [عبس: 31]، فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأب؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر ، وروي مثله عن أبي بكر رضي الله عنه
وهذا كله محمول على أنهما، رضي الله عنهما، إنما أرادا استكشاف علم كيفية الأب، وإلا فكونه نبتا من الأرض ظاهر لا يجهل، لقوله تعالى: {فأنبتنا فيها حبا * وعنبا} الآية [عبس: 27، 28].
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به؛ فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا، فلا حرج عليه؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه} [آل عمران: 187]
على أربعة أحرف: حلال وحرام، لا يعذر أحد بالجهالة به. وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسره العلماء. ومتشابه لا يعلمه إلا الله عز وجل، ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب

كتاب فضائل القرآن
أفرد البخاري رحمه الله كتابا في فضائل القرآن بعد كتاب التفسير ، وقدم ابن كثير الفضائل على التفسير والتفسير أهم
وقول ابن عباس في تفسير المهيمن إنما يريد به البخاري قوله تعالى في المائدة بعد ذكر التوراة والإنجيل: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} [المائدة: 48
قال ابن عباس: المهيمن الأمين القرآن، أمين على كل كتاب قبله ، وقيل : شهيد ، وقيل المؤتمن
عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، ثم قرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} [الإسراء: 106]. هذا إسناد صحيح. أما إقامته بالمدينة عشرا فهذا مما لا خلاف فيه، وأما إقامته بمكة بعد النبوة فالمشهور ثلاث عشرة سنة؛ لأنه، عليه الصلاة والسلام، أوحي إليه وهو ابن أربعين سنة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح، ويحتمل أنه حذف ما زاد على العشرة اختصارا في الكلام؛ لأن العرب كثيرا ما يحذفون الكسور في كلامهم.
ووجه مناسبة هذا الحديث بفضائل القرآن: أنه ابتدئ بنزوله في مكان شريف، وهو البلد الحرام، كما أنه كان في زمن شريف وهو شهر رمضان، فاجتمع له شرف الزمان والمكان؛ ولهذا يستحب إكثار تلاوة القرآن في شهر رمضان؛ لأنه ابتدئ نزوله فيه؛ ولهذا كان جبريل يعارض به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل سنة في شهر رمضان، فلما كان في السنة التي توفي فيها عارضه به مرتين تأكيدا وتثبيتا. وبيان أن فيه المكي والمدني
ومن فضائله أيضاً أن السفير بين الله ورسوله هو الملك جبريل الذي له وجاهته ومكانته العالية عند الله ، وفي هذا قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا معتمر قال: سمعت أبي عن أبي عثمان قال: أنبئت أن جبريل، عليه السلام، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة، فجعل يتحدث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من هذا؟)) أو كما قال، قالت: هذا دحية الكلبي، فلما قام قالت: والله ما حسبته إلا إياه، حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبر جبريل. أو كما قال
وفيه فضيلة دحية الكلبي. ام سلمة رضي الله عنهما
ومن فضائله ما ذكره البخاري : عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)).
فمعجزة النبي صلى الله عليه وسلم باقية إلى يوم القيامة بخلاف معجزات الأنبياء التي ذهبت مع رحيل الأنبياء ورسالاتهم ، وأنه صلى الله عليه وسلم أكثر أتباعا ،ورسالته عامة باقية الى قيام الساعة
روى الترمذي: ، عن الحارث الأعور، قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال: أوقد فعلوها؟ قلت: نعم. قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنها ستكون فتنة)) فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به} [الجن: 1، 2]، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)). خذها إليك يا أعور ، وقال البخاري هذا من كلام علي رضي الله عنه
عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله عز وجل، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، لا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر)). ويبدو أنه من كلام ابن مسعود وليس بمرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم
ومن الفضائل في كتاب البخاري :
الحديث الرابع: قال البخاري: عن أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد.
ومعناه: أن الله تعالى تابع نزول الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه، ولم تقع فترة بعد الفترة الأولى التي كانت بعد نزول الملك أول مرة بقوله: {اقرأ باسم ربك} [العلق: 1] فإنه استلبث الوحي بعدها حينا يقال: قريبا من سنتين أو أكثر، ثم حمي الوحي وتتابع، وكان أول شيء نزل بعد تلك الفترة {يا أيها المدثر * قم فأنذر} [المدثر: 1، 2].
ومن الفضائل : عن الأسود بن قيس قال: سمعت جندبا يقول: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا تركك، فأنزل الله تعالى: {والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى} [ الضحى: 1- 3].
والمناسبة في ذكر هذا الحديث والذي قبله في فضائل القرآن: أن الله تعالى له برسوله عناية عظيمة ومحبة شديدة، حيث جعل الوحي متتابعا عليه ولم يقطعه عنه؛ ولهذا إنما أنزل عليه القرآن مفرقا ليكون ذلك أبلغ في العناية والإكرام.
قال البخاري، رحمه الله: نزل القرآن بلسان قريش والعرب، قرآنا عربيا، بلسان عربي مبين، ولسان قريش خلاصة العرب ، ولهذا امر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ( وهم الذين نسخوا القرآن في المصاحف ) وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم، ففعلوا.
هذا الحديث قطعة من حديث سيأتي قريبا والكلام عليه ومقصود البخاري منه ظاهر، وهو أن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش خلاصة العرب؛ وقد قال الله تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} [الزمر: 28]، وقال تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين} [الشعراء: 192 -195]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك

جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه
قال المؤلف، رحمه الله فائدة جليلة حسنة: ثبت في الصحيحين عن أنس قال: جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، كلهم من الأنصار؛ أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. فقيل له: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. وفي لفظ للبخاري عن أنس قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة؛ أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، ونحن ورثناه.- وقول أنس يعني ممن جمعه من الأنصار وإلا فإن هناك كثيرا من المهاجرين ممن جمعه ومنهم الخلفاء الأربعة .
وأما جمعه في عهد أبي بكر رضي الله عنه 'قال البخاري :أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز} [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، رضي الله عنهم.
وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق، رضي الله عنه، فإنه أقامه الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد بعده، فجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله، وكان هذا من سر قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] فجمع الصديق الخير وكف الشرور، رضي الله عنه وأرضاه.
وفي قول زيد بن ثابت: وجدت آخر سورة التوبة، يعني قوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين [التوبة: 128، 129]، مع أبي خزيمة الأنصاري، وفي رواية: مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين لم أجدها مع غيره فكتبوها عنه لأنه جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين في قصة الفرس التي ابتاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعرابي، فأنكر الأعرابي البيع، فشهد خزيمة هذا بتصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمضى شهادته وقبض الفرس من الأعرابي.
وهذا فيه تحريهم في ضبط المصحف وجمعه رضي الله عنهم
وكانوا أحرص شيء على أداء الأمانات وهذا من أعظم الأمانة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أودعهم ذلك ليبلغوه إلى من بعده كما قال الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} [المائدة: 67]، ففعل، صلوات الله وسلامه عليه، ما أمر به؛ ولهذا سألهم في حجة الوداع يوم عرفة على رؤوس الأشهاد، والصحابة أوفر ما كانوا مجتمعين، فقال: ((إنكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟)). فقالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يشير بأصبعه إلى السماء، وينكبها عليهم ويقول: ((اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد)). وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب وقال: ((بلغوا عني ولو آية)) يعني: ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة فليؤدها إلى من وراءه، فبلغوا عنه ما أمرهم به، فأدوا القرآن قرآنا، والسنة سنة، لم يلبسوا هذا بهذا
فلهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن مما أداه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم إلا وقد بلغوه إلينا، ولله الحمد والمنة، فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، من أكبر المصالح الدينية وأعظمها، من حفظهما كتاب الله في الصحف، وبقيت هذه الصحف عند أبي بكر ثم عمر ثم عند أم المؤمنين حفصة رضي الله عنهم ، حتى أخذها عثمان رضي الله عنه

عثمان رضي الله عنه وجمعه للقرآن
قال البخاري، رحمه الله: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق
وهذا -أيضا- من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن، ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر أصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق حتى قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا. فاتفق الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، على أن ذلك من مصالح الدين، وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)).
وما دعى إلى هذا الجمع الاختلاف الذي رآه حذيفة رضي الله عنه بين الناس وتعصبهم فخشي أن يقترق المسلمون ويختلفوا كما الأمم السابقة ، وأفزع هذا الخليفة الراشد رضي الله عنه فجمع القرآن
وأمر الناس به وترك ما سواه، ومن جمع القرآن في هذه المرحلة :هم زيد بن ثابت الأنصاري، أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، وما اختلفوا في كتابته كتبوه على لغة قريش لأنه نزل بلغتهم .
وكان عثمان -والله أعلم- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛.
ونفهم من هذا أن ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما ترتيب السور فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ ومن المستحب الاقتداء به ، والأولى قراءته متواليا كما قرأ، عليه الصلاة والسلام، في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{هل أتاك حديث الغاشية}، فإن فرق جاز، كما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بقاف و{اقتربت الساعة}، رواه مسلم عن أبي واقد في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة، و{هل أتى على الإنسان}.
وإن قدم بعض السور على بعض جاز أيضا..
ثم إن عثمان رد الصحف إلى حفصة، فلم يزل عندها حتى أرسل إليها مروان بن الحكم يطلبها فلم تعطه حتى ماتت، فأخذها من عبد الله بن عمر فحرقها لئلا يكون فيها شيء يخالف المصاحف الأئمة التي نفذها عثمان إلى الآفاق، مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا، ، وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم، حتى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقد رجع إلى اجماعهم
:. ووضعه على العرضة الأخيرة التي عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره، عليه الصلاة والسلام، فإنه عارضه به عامئذ مرتين؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته لما مرض: ((وما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي)). أخرجاه في الصحيحين.
وكان علي رضي الله عنه هو أول من أسس علم النحو ، حيث طلب من أبا الأسود الدؤلي أن يكتب كتابا يضع فيه أساسيات علم النحو .
ويقال أن الكتابة لم تكن في العرب حتى نقلوها إليهم من أهل الأنبار .
والذي كان يغلب على زمان السلف الكتابة المكتوفة ثم هذبها أبو علي بن مقلة الوزير، وصار له في ذلك منهج وأسلوب في الكتابة، ثم قربها علي بن هلال البغدادي المعروف بابن البواب وسلك الناس وراءه. وطريقته في ذلك واضحة جيدة. والغرض أن الكتابة لما كانت في ذلك الزمان لم تحكم جيدا، وقع في كتابة المصاحف اختلاف في وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة لا من حيث المعنى، وصنف الناس في ذلك، واعتنى بذلك الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله، في كتابه فضائل القرآنولهذا نص الإمام مالك، رحمه الله، على أنه لا توضع المصاحف إلا على وضع كتابة الإمام، ورخص في ذلك غيره، واختلفوا في الشكل والنقط فمن مرخص ومن مانع، فأما كتابة السور وآياتها والتعشير والأجزاء والأحزاب فكثير في مصاحف زماننا، والأولى اتباع السلف الصالح

قال البخاري: ذكر كتاب النبي صلى الله عليه وسلم.
عن زيد ابن ثابت، أن أبا بكر الصديق قال له: وكنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ....ولم يذكر البخاري أحدا من الكتاب في هذا الباب سوى زيد بن ثابت، وهذا عجب، وكأنه لم يقع له حديث يورده سوى هذا، والله أعلم. وموضع هذا في كتاب السيرة عند ذكر كتابه عليه السلام

ثم قال البخاري، رحمه الله :أنزل القرآن على سبعة أحرف
أن عبد الله بن عباس حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).
ورواه ابن جرير من حديث الزهري به ثم قال الزهري: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا تختلف في حلال ولا في حرام.
وهذا مبسوط في الحديث الذي رواه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام حيث روي عن أنس بن مالك ، عن أبي بن كعب قال : :
ما حاك في صدري شيء منذ أسلمت، إلا أنني قرأت آية وقرأها آخر غير قراءتي فقلت: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أقرأتني آية كذا وكذا؟ قال: ((نعم))، وقال الآخر: أليس تقرأني آية كذا وكذا؟ قال: ((نعم)). فقال: ((إن جبريل وميكائيل أتياني فقعد جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف وكل حرف شاف كاف)).
وقال الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله: حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد، حدثني عبد الله بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب، قال: كنت في المسجد فدخل رجل فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فقمنا جميعا، فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل هذا فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرآ))، فقرآ، فقال: ((أصبتما)). فلما قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال، كبر علي ولا إذا كنت في الجاهلية، فلما رأى الذي غشيني ضرب في صدري ففضضت عرقا، وكأنما أنظر إلى رسول الله فرقا فقال: ((يا أبي، إن ربي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي، فأرسل إلي أن اقرأه على حرفين، فرددت إليه أن هون على أمتي، فأرسل إلي أن اقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة تسألنيها)). قال: ((قلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق حتى إبراهيم عليه السلام)). وهكذا رواه مسلم.
قلت: وهذا الشك الذي حصل لأبي في تلك الساعة هو، والله أعلم، السبب الذي لأجله قرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة إبلاغ وإعلام ودواء لما كان حصل له سورة {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} إلى آخرها لاشتمالها على قوله تعالى: {رسول من الله يتلو صحفا مطهرة * فيها كتب قيمة} [البينة: 2، 3]، وهذا نظير تلاوته سورة الفتح حين أنزلت مرجعه، عليه السلام، من الحديبية على عمر بن الخطاب، وذلك لما كان تقدم له من الأسئلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأبي بكر الصديق، رضي الله عنهما، في قوله تعالى: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} [الفتح: 27].
وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن أبي قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: ((إني بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ الفاني، والعجوز الكبيرة، والغلام، فقال: مرهم فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف

فصل
قال أبو عبيد: قد تواترت هذه الأحاديث كلها عن الأحرف السبعة
قال أبو عبيد: ولا نرى المحفوظ إلا السبعة لأنها المشهورة، وليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، وهذا شيء غير موجود، ولكنه عندنا أنه نزل سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف الواحد منها بلغة قبيلة والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة، وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض، وذلك بين في أحاديث تترى.
حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كنت لا أدري ما {فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1]، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها. يقول: أنا ابتدأتها. إسناد جيد أيضا.
وقال الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري، رحمه الله، بعد ما أورد طرفا من الأحاديث الذي ذكرت نزول القرآن على سبعة أحرف - : وصح وثبت أن الذي نزل به القرآن من ألسن العرب البعض منها دون الجميع إذ كان معلوما أن ألسنتها ولغاتها أكثر من سبع بما يعجز عن إحصائه ثم قال: وما برهانك على ما قلته دون أن يكون معناه ما قاله مخالفوك، من أنه نزل بأمر وزجر، وترغيب وترهيب، وقصص ومثل، ونحو ذلك من الأقوال فقد علمت قائل ذلك من سلف الأمة وخيار الأئمة؟ قيل له: إن الذين قالوا ذلك لم يدعوا أن تأويل الأخبار التي تقدم ذكرها، هو ما زعمت أنهم قالوه في الأحرف السبعة، التي نزل بها القرآن دون غيره فيكون ذلك لقولنا مخالفا، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف، يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجه، والذي قالوا من ذلك كما قالوا، وقد روينا بمثل الذي قالوا من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من الصحابة، من أنه نزل من سبعة أبواب الجنة، كما تقدم. يعني كما تقدم في رواية عن أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود: أن القرآن نزل من سبعة أبواب الجنة.
قال ابن جرير: والأبواب السبعة من الجنة هي المعاني التي فيها من الأمر والنهي، والترغيب والترهيب، والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العامل وانتهى إلى حدودها المنتهي، استوجب بها الجنة.
ثم بسط القول في هذا بما حاصله: أن الشارع رخص للأمة التلاوة على سبعة أحرف، ثم لما رأى الإمام أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، اختلاف الناس في القراءة، وخاف من تفرق كلمتهم -جمعهم على حرف واحد، وهو هذا المصحف الإمام، قال: واستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعله من ذلك الرشد والهداية، وتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعة منها له، ونظر منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها، فلا سبيل اليوم لأحد إلى القراءة بها لدثورها وعفو آثارها. إلى أن قال: فإن قال من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرهم بقراءتها؟ قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة؛ لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة عند من يقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر، ويزيل الشك من قراءة الأمة، وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين. إلى أن قال: فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف ونصبه وجره وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف)) بمعزل؛ لأن المراء في مثل هذا ليس بكفر، في قول أحد من علماء الأمة، وقد أوجب صلى الله عليه وسلم بالمراء في الأحرف السبعة الكفر، كما تقدم.
و قال البخاري، رحمه الله: فيما روي أن عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرسله، اقرأ يا هشام))، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت))، ثم قال: ((اقرأ يا عمر))، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت. إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه)).
وقد اختلف العلماء في معنى هذه السبعة الأحرف وما أريد منها على أقوال:: وقد اختلف العلماء في المراء بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا ، ونحن نذكر منها خمسة أقوال.
فالأول- وهو قول أكثر أهل العلم: أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو: أقبل وتعال وهلم.
قال الطحاوي. وغيره: وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبع لغات، وذلك لما كان يتعسر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش، وقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ وقد ادعى الطحاوي والقاضي الباقلاني والشيخ أبو عمر بن عبد البر أن ذلك كان رخصة في أول الأمر، ثم نسخ بزوال العذر وتيسير الحفظ وكثرة الضبط وتعلم الكتابة.
قلت: وقال بعضهم: إنما كان الذي جمعهم على قراءة واحدة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، أحد الخلفاء الراشدين المهديين المأمور باتباعهم، وإنما جمعهم عليها لما رأى من اختلافهم في القراءة المفضية إلى تفرق الأمة وتكفير بعضهم بعضا، فرتب لهم المصاحف الأئمة على العرضة الأخيرة التي عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره، عليه الصلاة والسلام، وعزم عليهم ألا يقرؤوا بغيرها، وألا يتعاطوا الرخصة التي كانت لهم فيها سعة، ولكنها أدت إلى الفرقة والاختلاف.
القول الثاني: أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر. قال الخطابي: وقد يقرأ بعضه بالسبع لغات كما في قوله: {وعبد الطاغوت} [المائدة: 60] و{يرتع ويلعب} [يوسف: 12]. قال القرطبي: ذهب إلى هذا القول أبو عبيد، واختاره ابن عطية. قال أبو عبيد: وبعض اللغات أسعد به من بعض، وقال القاضي الباقلاني: ومعنى قول عثمان: إنه نزل بلسان قريش، أي: معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى: {قرآنا عربيا} [يوسف: 2]، ولم يقل: قرشيا. قال: واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولا واحدا..
القول الثالث: أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره.
القول الرابع: وحكاه الباقلاني عن بعض العلماء- : أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل: {ويضيقُ صدري} [الشعراء: 13] و "يضيقَ"، ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل: {فقالوا ربنا باعِد بين أسفارنا} [سبأ: 19] و "باعَد بين أسفارنا"، وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: {ننشزها} [البقرة: 259]، و"ننشرها" أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5]، أو "كالصوف المنفوش" أو باختلاف الكلمة واختلاف المعنى مثل: {وطلح منضود} "وطلع منضود" أو بالتقدم والتأخر مثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19]، أو "سكرة الحق بالموت"، أو بالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين". "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم".
القول الخامس: أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي: أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال. قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفا، وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني، وقد أورد القاضي الباقلاني في هذا حديثا، ثم قال: وليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها.
فصل
قال القرطبي: هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف. ذكره ابن النحاس وغيره.
قال القرطبي: وقد سوغ كل واحد من القراء السبعة قراءة الآخر وأجازها، وإنما اختار القراءة المنسوبة إليه لأنه رآها أحسن والأولى عنده. قال: وقد أجمع المسلمون في هذه الأمصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة فيما رووه ورأوه من القراءات، وكتبوا في ذلك مصنفات واستمر الإجماع على الصواب وحصل ما وعد الله به من حفظ الكتاب

قال البخاري، رحمه الله:
تأليف القرآن
أن ابن جريج أخبرهم قال: وأخبرني يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك، قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء: ولا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور.
وهذا العراقي سأل أولا عن أي الكفن خير، أي: أفضل، فأخبرته عائشة، رضي الله عنها، أن هذا لا ينبغي أن يعتني بالسؤال عنه ولا القصد له ولا الاستعداد، فإن في هذا تكلفا لا طائل تحته، وكانوا في ذلك الزمان يصفون أهل العراق بالتعنت في الأسئلة..
وفي الصحيحين عن عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة. وهذا محرر في باب الكفن من كتاب الجنائز.
ثم سألها عن ترتيب القرآن فانتقل إلى سؤال كبير، وأخبرها أنه يقرأ غير مؤلف، أي: غير مرتب السور. وكأن هذا قبل أن يبعث أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنه، إلى الآفاق بالمصاحف الأئمة المؤلفة على هذا الترتيب المشهور اليوم، وقبل الإلزام به، والله أعلم.
ولهذا أخبرته: إنه لا يضرك بأي سورة بدأت..
فأما ترتيب الآيات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمر توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم تقرير ذلك؛ ولهذا لم ترخص له في ذلك، بل أخرجت له مصحفها، فأملت عليه آي السور، والله أعلم. وقول عائشة: لا يضرك بأي سورة بدأت، يدل على أنه لو قدم بعض السور أو أخر، كما دل عليه حديث حذيفة وابن مسعود، وهو في الصحيح أنه، عليه السلام، قرأ في قيام الليل بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران.
وقد حكى القرطبي عن أبي بكر بن الأنباري في كتاب الرد أنه قال: فمن أخر سورة مقدمة أو قدم أخرى مؤخرة كمن أفسد نظم الآيات وغير الحروف والآيات وكان مستنده اتباع مصحف عثمان، رضي الله عنه، فإنه مرتب على هذا النحو المشهور، والظاهر أن ترتيب السور فيه منه ما هو راجع إلى رأي عثمان رضي الله عنه،.
ثم قال البخاري: حدثنا آدم، عن شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد قال: سمعت ابن مسعود يقول في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي. انفرد البخاري بإخراجه والمراد منه ذكر ترتيب هذه السور في مصحف ابن مسعود كالمصاحف العثمانية، وقوله: "من العتاق الأول" أي: من قديم ما نزل، وقوله: "وهن من تلادى" أي: من قديم ما قنيت وحفظت. والتالد في لغتهم: قديم المال والمتاع، والطارف حديثه وجديده، والله أعلم.
وحدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، حدثنا أبو إسحاق: سمع البراء بن عازب رضي الله عنه يقول: تعلمت {سبح اسم ربك الأعلى} قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا متفق عليه، وهو قطعة من حديث الهجرة، والمراد منه أن {سبح اسم ربك الأعلى} سورة مكية نزلت قبل الهجرة، والله أعلم.
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي عن جده أوس بن حذيفة قال: كنت في الوفد الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمر معهم بعد العشاء فمكث عنا ليلة لم يأتنا، حتى طال ذلك علينا بعد العشاء. قال: قلنا: ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: ((طرأ علي حزب من القرآن، فأردت ألا أخرج حتى أقضيه)). قال: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصل من قاف حتى يختم

فصل
فأما نقط المصحف وشكله، فيقال: إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك، ويقال: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وذكروا أنه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم.
وأما كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضا، وقيل: بل أول من فعله المأمون، وحكى أبو عمرو الداني عن ابن مسعود أنه كره التعشير في المصحف، وكان يحكه وكره مجاهد ذلك أيضا.
وقال مالك: لا بأس به بالحبر، فأما بالألوان المصبغة فلا. وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا.
قال أبو عمرو الداني: ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في الأمهات وغيرها.


و قال البخاري، رحمه الله:
• كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم
فعن فاطمة، رضي الله عنها، أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي..
عن ابن عباس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة.
و عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: "كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه".
والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة: مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى، ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا؛ ولهذا عرضه في السنة الأخيرة من عمره، عليه السلام اقتراب أجله، على جبريل مرتين، وعارضه به جبريل كذلك؛ ولهذا فهم، عليه السلام، اقتراب أجله، وعثمان، رضي الله عنه، جمع المصحف الإمام على العرضة الأخيرة، رضي الله عنه وأرضاه وخص بذلك رمضان من بين الشهور؛ لأن ابتداء الإيحاء كان فيه؛ ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه، ومن ثم كثر اجتهاد الأئمة فيه في تلاوة القرآن، كما تقدم ذكرنا لذلك

القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
عن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
وقد أخرجه البخاري في المناقب في غير موضع، ومسلم والنسائي.
فهؤلاء الأربعة اثنان من المهاجرين الأولين عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وقد كان سالم هذا من سادات المسلمين وكان يؤم الناس قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، واثنان من الأنصار معاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وهما سيدان كبيران، رضي الله عنهم أجمعين.
وعن شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك.
و عن مسروق قال: قال عبد الله: والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه.
وهذا كله حق وصدق، وهو من إخبار الرجل بما يعلم عن نفسه مما قد يجهله غيره، فيجوز ذلك للحاجة، ويكفيه مدحا وثناء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استقرئوا القرآن من أربعة))، فبدأ به.
و قال البخاري: عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. ورواه مسلم من حديث همام.
وعن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه – ولعله قصد من جمهه من الأنصار ، وإلا فقد جمعه غير واحد من المهاجرين.


.
. وتابع البخاري في باب التفسير : فضل فاتحة الكتاب وغيرها.
وفضل ابن كثير رحمه الله ذكر فضل كل سورة غند تفسيرها .

نزول السكينة والملائكة عند القراءة
عن أسيد بن الحضير قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأ يابن حضير، اقرأ يابن حضير)). قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: ((أو تدري ما ذاك؟)). قال: لا قال: (( تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم))..
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير قال: "قلت: يا رسول الله، بينما أنا أقرأ البارحة بسورة، فلما انتهيت إلى آخرها سمعت وجبة من خلفي، حتى ظننت أن فرسي تطلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ أبا عتيك)) مرتين قال: فالتفت إلى أمثال المصابيح ملء بين السماء والأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ أبا عتيك)). فقال: والله ما استطعت أن أمضي فقال: ((تلك الملائكة تنزلت لقراءة القرآن، أما إنك لو مضيت لرأيت الأعاجيب)) ".
وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق سمع البراء يقول: بينما رجل يقرأ سورة الكهف ليلة إذ رأى دابته تركض، أو قال: فرسه يركض، فنظر فإذا مثل الضبابة أو مثل الغمامة، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((تلك السكينة تنزلت للقرآن، أو تنزلت على القرآن)).. والظاهر أن هذا هو أسيد بن الحضير، رضي الله عنه.
وفي الحديث المشهور الصحيح: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) رواه مسلم عن أبي هريرة.
ولهذا قال الله تبارك وتعالى: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} [الإسراء: 78]، وجاء في بعض التفاسير: أن الملائكة تشهده. وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون

من قال: لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدفتين
عن عبد العزيز بن رفيع قال: دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس، فقال له شداد بن معقل: أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين. قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال: ما ترك إلا ما بين الدفتين.
تفرد به البخاري ومعناه: أنه، عليه السلام، ما ترك مالا ولا شيئا يورث عنه، كما قال عمرو بن الحارث أخو جويرية بنت الحارث: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا. وفي حديث أبي الدرداء: ((إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)). ولهذا قال ابن عباس: وإنما ترك ما بين الدفتين يعني: القرآن، والسنة مفسرة له ومبينة وموضحة له، فهي تابعة له، والمقصود الأعظم كتاب الله تعالى، كما قال تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} الآية [فاطر: 32]، فالأنبياء، عليهم السلام، لم يخلقوا للدنيا يجمعونها ويورثونها، إنما خلقوا للآخرة يدعون إليها ويرغبون فيها؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا نورث ما تركنا فهو صدقة)) وكان أول من أظهر هذه المحاسن من هذا الوجه أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، لما سئل عن ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبر عنه بذلك

فضل القرآن على سائر الكلام
عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها)). وهكذا رواه في مواضع أخر مع بقية الجماعة من طرق عن قتادة به.
ووجه مناسبة الباب لهذا الحديث: أن طيب الرائحة دار مع القرآن وجودا وعدما، فدل على شرفه على ما سواه من الكلام الصادر من البر والفاجر.
وعن عبد الله بن دينار، قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس، ومثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استعمل عمالا فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود فقال: من يعمل لي من نصف النهار إلى العصر؟ فعملت النصارى، ثم أنتم تعملون من العصر إلى المغرب بقيراطين قيراطين، قالوا: نحن أكثر عملا وأقل عطاء! قال: هل ظلمتكم من حقكم؟ قالوا: لا. قال: فذلك فضلي أوتيه من شئت)).
ومناسبته للترجمة: أن هذه الأمة مع قصر مدتها فضلت الأمم الماضية مع طول مدتها، كما قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: 110].
وفي المسند والسنن عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنتم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله)). وإنما فازوا بهذا ببركة الكتاب العظيم الذي شرفه الله تعالى على كل كتاب أنزله، جعله مهيمنا عليه، وناسخا له، وخاتما له؛ لأن كل الكتب المتقدمة نزلت إلى الأرض جملة واحدة، وهذا القرآن نزل منجما بحسب الوقائع لشدة الاعتناء به وبمن أنزله عليه، فكل مرة كنزول كتاب من الكتب المتقدمة، وأعظم الأمم المتقدمة هم اليهود والنصارى، فاليهود استعملهم الله من لدن موسى إلى زمان عيسى، والنصارى من ثم إلى أن بعث محمد صلى الله عليه وسلم، ثم استعمل أمته إلى قيام الساعة، وهو المشبه بآخر النهار، وأعطى الله المتقدمين قيراطا قيراطا، وأعطى هؤلاء قيراطين قيراطين، ضعفي ما أعطى أولئك، فقالوا: أي ربنا، ما لنا أكثر عملا وأقل أجرا؟ فقال: هل ظلمتكم شيئا؟ قالوا: لا قال: فذلك فضلي أي: الزائد على ما أعطيتكم أؤتيه من أشاء كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم * لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [الحديد: 28، 29].


الوصايا بكتاب الله
عن طلحة بن مصرف قال: "سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. فقلت: فكيف كتب على الناس الوصية، أمروا بها ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب الله، عز وجل".
وقد ورد عن ابن عباس: "ما ترك إلا ما بين الدفتين"، وذلك أن الناس كتب عليهم الوصية في أموالهم كما قال تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين} [البقرة: 180]. وأما هو صلى الله عليه وسلم فلم يترك شيئا يورث عنه، وإنما ترك ماله صدقة جارية من بعده، فلم يحتج إلى وصية في ذلك ولم يوص إلى خليفة يكون بعده على التنصيص؛ لأن الأمر كان ظاهرا من إشارته وإيمائه إلى الصديق؛ ولهذا لما هم بالوصية إلى أبي بكر ثم عدل عن ذلك فقال: ((يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)) وكان كذلك، وإنما أوصى الناس باتباع كتاب الله تعالى.


من لم يتغن بالقرآن وقول الله تعالى:
{أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} [العنكبوت: 51].
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، وقال صاحب له: يريد يجهر به فرد من هذا الوجه. ومعناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك.
ثم استماعه لقراءة أنبيائه أبلغ كما دل عليه هذا الحديث العظيم
و عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته)).
وقال ابن كثير :على هذا فتصدير البخاري الباب بقوله تعالى: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون} [العنكبوت: 51]، فيه نظر؛ لأن هذه الآية الكريمة ذكرت ردا على الذين سألوا عن آيات تدل على صدقه، حيث قال: {وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين * أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} الآية [العنكبوت: 50، 51]. ومعنى ذلك: أو لم يكفهم آية دالة على صدقك إنزالنا القرآن عليك وأنت رجل أمي {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون} [العنكبوت: 48] أي: وقد جئت فيه بخبر الأولين والآخرين فأين هذا من التغني بالقرآن وهو تحسين الصوت به أو الاستغناء به عما عداه من أمور الدنيا، فعلى كل تقدير، تصدير الباب بهذه الآية الكريمة فيه نظر
فصل
• أحكام التلاوة بالأصوات
عن عقبة بن عامر قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن في المسجد نتدارس القرآن، فقال: ((تعلموا كتاب الله واقتنوه)). قال: وحسبت أنه قال: ((وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتا من المخاض من العقل)).
و عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك إلا أنه قال: ((واقتنوه وتغنوا به)) ولم يشك،
و عن المهاصر بن حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته آناء الليل والنهار، وتغنوه واقتنوه، واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون)) وهذا مرسل.
ثم قال أبو عبيد: قوله: ((تغنوه)): يعني: اجعلوه غناءكم من الفقر، ولا تعدوا الإقلال منه فقرا. وقوله: ((واقتنوه))، يقول: اقتنوه، كما تقتنون الأموال: اجعلوه مالكم.
و عن ابن أبي مليكة، حدثنا القاسم بن محمد، حدثنا السائب قال: قال لي سعد: يابن أخي، هل قرأت القرآن؟ قلت: نعم. قال: غن به، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((غنوا بالقرآن، ليس منا من لم يغن بالقرآن، وابكوا، فإن لم تقدروا على البكاء فتباكوا)).
فقد فهم من هذا أن السلف، رضي الله عنهم، إنما فهموا من التغني بالقرآن: إنما هو تحسين الصوت به، وتحزينه، كما قاله الأئمة، رحمهم الله، ويدل على ذلك -أيضا- ما رواه أبو داود حيث قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن طلحة، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)).
والمراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه وتحزينه والتخشع به.
وقال ابن ماجة: عن عائشة قالت: "أبطأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بعد العشاء، ثم جئت فقال: ((أين كنت؟)). قلت: كنت أستمع قراءة رجل من أصحابك لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحد، قالت: فقام فقمت معه حتى استمع له، ثم التفت إلي فقال: ((هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا)) ". إسناد جيد.
وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قال: قراءة منه. وفي بعض ألفاظه: فلما سمعته قرأ: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [الطور: 35]، خلت أن فؤادي قد انصدع. وكان جبير لما سمع هذا بعد مشركا على دين قومه، وإنما كان قدم في فداء الأسارى بعد بدر، وناهيك بمن تؤثر قراءته في المشرك المصر على الكفر! وكان هذا سبب هدايته ولهذا كان أحسن القراءة ما كان عن خشوع القلب، كما قال أبو عبيد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ليث، عن طاوس قال: أحسن الناس صوتا بالقرآن أخشاهم لله.
وحدثنا قبيصة، عن سفيان، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: أحسن الناس صوتا بالقرآن أخشاهم لله.
وعن الحسن بن مسلم، عن طاوس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الناس أحسن صوتا بالقرآن؟ فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله)) ".
والغرض أن المطلوب شرعا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي، فالقرآن ينزه عن هذا ويجل ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب، وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك، كما قال الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله:
حدثنا نعيم بن حماد، عن بقية بن الوليد، عن حصين بن مالك الفزاري: سمعت شيخا يكنى أبا محمد يحدث عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابيين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)).
وحدثنا يزيد، عن شريك، عن أبي اليقظان عثمان بن عمير، عن زاذان أبي عمر، عن عليم قال: "كنا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: عابس الغفاري، فرأى الناس يخرجون في الطاعون فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: يفرون من الطاعون، فقال: يا طاعون خذني، فقالوا: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتمنين أحدكم الموت))؟ فقال: إني أبادر خصالا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوفهن على أمته: بيع الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعة الرحم، وقوم يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم به غناء" وذكر خلتين أخرتين.
هذه طرق حسنة في باب الترهيب، وهذا يدل على أنه محذور كبير، وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة، رحمهم الله، على النهي عنه، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفا أو ينقص حرفا، فقد اتفق العلماء على تحريمه، والله أعلم.


اغتباط صاحب القرآن
عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار)).
وعن ذكوان، عن أبي هريرة؛ "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار))، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ((ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق))، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل".
ومضمون هذين الحديثين: أن صاحب القرآن في غبطة وهو حسن الحال، فينبغي أن يكون شديد الاغتباط بما هو فيه، ويستحب تغبيطه بذلك، وهذا بخلاف الحسد المذموم وهو تمني زوال نعمة المحسود عنه، سواء حصلت لذلك الحاسد أو لا وهذا مذموم شرعا، مهلك، وهو أول معاصي إبليس حين حسد آدم، عليه السلام، على ما منحه الله تعالى من الكرامة والاحترام والإعظام. وفي الحديث ذكر النعمة القاصرة وهي تلاوة القرآن آناء الليل والنهار، والنعمة المتعدية وهي إنفاق المال بالليل والنهار "، كما قال تعالى: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور} [فاطر: 29
عن يزيد بن الأخنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تنافس بينكم إلا في اثنتين: رجل أعطاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ويتبع ما فيه، فيقول رجل: لو أن الله أعطاني مثل ما أعطى فلانا فأقوم كما يقوم به، ورجل أعطاه الله مالا فهو ينفق ويتصدق، فيقول رجل: لو أن الله أعطاني مثل ما أعطى فلانا فأتصدق به)).
عن أبي كبشة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ثلاث أقسم عليهن، وأحدثكم حديثا فاحفظوه، فأما الثلاث التي أقسم عليهن: فإنه ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فيصبر عليها إلا زاده الله بها عزا، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله له باب فقر، وأما الذي أحدثكم حديثا فاحفظوه))، فإنه قال: ((إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه، ويعلم لله فيه حقه))، قال: ((فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو يقول: لو كان لي مال عملت بعمل فلان)) قال: ((فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقه، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول: لو كان لي مال لفعلت بعمل فلان)). قال: ((هي نيته فوزرهما فيه سواء)).
خيركم من تعلم القرآن وعلمه
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).
و عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).
والغرض أنه، عليه الصلاة والسلام، قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) وهذه من صفات المؤمنين المتبعين للرسل، وهم الكمل في أنفسهم، المكملون لغيرهم، وذلك جمع النفع القاصر والمتعدي، وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون، ولا يتركون أحدا ممن أمكنهم أن ينتفع، كما قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب} [النحل: 88]، وكما قال تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه} [الأنعام: 26]، في أصح قولي المفسرين في هذا، وهو أنهم ينهون الناس عن اتباع القرآن مع نأيهم وبعدهم عنه أيضا، فجمعوا بين التكذيب والصد، كما قال تعالى: {فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها} [الأنعام: 157]، فهذا شأن الكفار، كما أن شأن خيار الأبرار أن يكمل في نفسه وأن يسعى في تكميل غيره كما قال عليه السلام: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))، وقد كان أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي -أحد أئمة الإسلام ومشايخهم- من رغب في هذا المقام، فقعد يعلم الناس من إمارة عثمان إلى أيام الحجاج قالوا: وكان مقدار ذلك الذي مكث فيه يعلم القرآن سبعين سنة، رحمه الله، وآتاه الله ما طلبه ودامه. آمين.
قال البخاري، رحمه الله: وعن سهل بن سعد قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ورسوله، فقال: ((ما لي في النساء من حاجة)). فقال رجل: زوجنيها قال: ((أعطها ثوبا))، قال: لا أجد، قال: ((أعطها ولو خاتما من حديد))، فاعتل له، فقال: ((ما معك من القرآن؟)). قال: كذا وكذا. فقال: ((قد زوجتكها بما معك من القرآن)).
والغرض منه أن الذي قصده البخاري أن هذا الرجل تعلم الذي تعلمه من القرآن، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه تلك المرأة، ويكون ذلك صداقا لها على ذلك

القراءة عن ظهر قلب
إنما أفرد البخاري في هذه الترجمة الحديث الذي تقدم الآن، وفيه أنه، عليه السلام، قال لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).
وهذه الترجمة من البخاري، رحمه الله، مشعرة بأن قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل، والله أعلم. ولكن الذي صرح به كثيرون من العلماء أن قراءة القرآن من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهو عبادة، كما صرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفهواستدلوا ببعض الآثار ..
فهذه الآثار تدل على أن هذا أمر مطلوب لئلا يعطل المصحف فلا يقرأ منه، ولعله قد يقع لبعض الحفظة نسيان فيستذكر منه، أو تحريف كلمة أو آية أو تقديم أو تأخير، فالاستثبات أولى، والرجوع إلى المصحف أثبت من أفواه الرجال، فأما تلقين القرآن فمن فم الملقن أحسن؛ لأن الكتابة لا تدل على كمال الأداء، كما أن المشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه، وإذا أدى الحال إلى هذا منع منه إذا وجد شيخا يوقفه على لفظ القرآن، فأما عند العجز عمن يلقن فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فإذا قرأ في المصحف -والحالة هذه- فلا حرج عليه، ولو فرض أنه قد يحرف بعض الكلمات عن لفظها على لغته ولفظه، فقد قال الإمام أبو عبيد:
أن رجلا صحبهم في سفر قال: فحدثنا حديثا ما أعلمه إلا رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل)).
وقال بعض العلماء: المدار في هذه المسألة على الخشوع في القراءة، فإن كان الخشوع عند القراءة على ظهر القلب فهو أفضل، وإن كان عند النظر في المصحف فهو أفضل فإن استويا فالقراءة نظرا أولى؛ لأنها أثبت وتمتاز بالنظر في المصحف قال الشيخ أبو زكريا النووي رحمه الله، في التبيان: والظاهر أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل.
تنبيه:
إن كان البخاري، رحمه الله، أراد بذكر حديث سهل للدلالة على أن تلاوة القرآن عن ظهر قلب أفضل منها في المصحف، ففيه نظر؛ لأنها قضية عين، فيحتمل أن ذلك الرجل كان لا يحسن الكتابة ويعلم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، فلا يدل على أن التلاوة عن ظهر قلب أفضل مطلقا في حق من يحسن ومن لا يحسن، إذ لو دل هذا لكان ذكر حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلاوته عن ظهر قلب -لأنه أمي لا يدري الكتابة- أولى من ذكر هذا الحديث بمفرده.
الثاني: أن سياق الحديث إنما هو لأجل استثبات أنه يحفظ تلك السور عن ظهر قلب؛ ليمكنه تعليمها لزوجته، وليس المراد هاهنا: أن هذا أفضل من التلاوة نظرا، ولا عدمه والله سبحانه وتعالى أعلم

استذكار القرآن وتعاهده
عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل القرآن إذا عاهد عليه صاحبه فقرأه بالليل والنهار، كمثل رجل له إبل، فإن عقلها حفظها، وإن أطلق عقالها ذهبت، فكذلك صاحب القرآن)). و عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل نسي، واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم)).
.و عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها)). وهكذا رواه مسلم.
وقال الإمام أحمد: عن عقبة بن عامر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعلموا كتاب الله، وتعاهدوه وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتا من المخاض في العقل)).
ومضمون هذه الأحاديث الترغيب في كثرة تلاوة القرآن واستذكاره وتعاهده؛ لئلا يعرضه حافظه للنسيان فإن ذلك خطر كبير، نسأل الله العافية منه، فإنه قال الإمام أحمد:
وقد أدخل بعض المفسرين هذا المعنى في قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [طه: 124- 126]، وهذا الذي قاله هذا -وإن لم يكن هو المراد جميعه- فهو بعضه، فإن الإعراض عن تلاوة القرآن وتعريضه للنسيان وعدم الاعتناء به فيه تهاون كثير وتفريط شديد، نعوذ بالله منه؛ ولهذا قال عليه السلام: ((تعاهدوا القرآن))، وفي لفظ: ((استذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم)).
التفصي: التخلص يقال: تفصى فلان من البلية: إذا تخلص منها، ومنه: تفصى النوى من التمرة: إذا تخلص منها، أي: إن القرآن أشد تفلتا من الصدور من النعم إذا أرسلت من غير عقال.
قال عبد الله -يعني ابن مسعود- : إني لأمقت القارئ أن أراه سمينا نسيا للقرآن.
عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول: ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه؛ لأن الله تعالى يقول: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} [الشورى: 30]، وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب.
ولهذا قال إسحاق بن راهويه وغيره: يكره لرجل أن يمر عليه أربعون يوما لا يقرأ فيها القرآن، كما أنه يكره له أن يقرأ في أقل من ثلاثة أيام،

قال البخاري رحمه الله : القراءة على الدابة
عن عبد الله بن مغفل، رضي الله عنه، قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح".
وهذا له تعلق بما تقدم من تعاهد القرآن وتلاوته سفرا وحضرا، ولا يكره ذلك عند أكثر العلماء إذا لم يتله القارئ في الطري ، وعن الإمام مالك أنه كره ذلك، كما قال ابن أبي داود: وحدثني أبو الربيع، أخبرنا ابن وهب قال سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل، فيخرج إلى المسجد، وقد بقي من السورة التي كان يقرأ منها شيء، فقال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق.
وقال الشعبي: تكره قراءة القرآن في ثلاثة مواطن: في الحمام، وفي الحشوش، وفي بيت الرحى وهي تدور. وخالفه في القراءة في الحمام كثير من السلف: أنها لا تكره، ويحكى عن أبي حنيفة، رحمهالله، أن القراءة في الحمام تكره وأما القراءة في الحشوش فكراهتها ظاهرة، ولو قيل بتحريم ذلك صيانة لشرف القرآن لكان مذهبا، وأما القراءة في بيت الرحى وهي تدور فلئلا يعلو غير القرآن عليه، والحق يعلو ولا يعلى، والله أعلم.
تعليم الصبيان القرآن
عن سعيد بن جبير قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم، قال: وقال ابن عباس: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم.
عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمعت المحكم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: وما المحكم؟ قال: "المفصل".
انفرد بإخراجه البخاري، وفيه دلالة على جواز تعلم الصبيان القرآن؛ لأن ابن عباس أخبر عن سنه حين موت الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان جمع المفصل، وهو من الحجرات، كما تقدم ذلك، وعمره آنذاك عشر سنين. وقد روى البخاري أنه قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مختون. وكانوا لا يختنون الغلام حتى يحتلم، فيحتمل أنه تجوز في هذه الرواية بذكر العشر، وترك ما زاد عليها من الكسر، والله أعلم.
وعلى كل تقدير، ففيه دلالة على جواز تعليمهم القرآن في الصبا، وهو ظاهر، بل قد يكون مستحبا أو واجبا؛ لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهو يعرف ما يصلي به، وحفظه في الصغر أولى من حفظه كبيرا، وأشد علوقا بخاطره وأرسخ وأثبت، كما هو المعهود من حال الناس، وقد استحب بعض السلف أن يترك الصبي في ابتداء عمره قليلا للعب، ثم توفر همته على القراءة، لئلا يلزم أولا بالقراءة فيملها ويعدل عنها إلى اللعب، وكره بعضهم تعليمه القرآن وهو لا يعقل ما يقال له، ولكن يترك حتى إذا عقل وميز علم قليلا قليلا بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه، واستحب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن يلقن خمس آيات خمس آيات..


نسيان القرآن
• وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا، وقول الله تعالى:
{سنقرئك فلا تنسى * إلا ما شاء الله} [الأعلى:6، 7]
عن عائشة قالت: لقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا من سورة كذا)). انفرد به.
و عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: "سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في سورة بالليل فقال: ((يرحمه الله، فقد أذكرني آية كذا وكذا كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا)). ورواه مسلم.
و عن عبد الله، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)) بالتخفيف، هذا لفظه.
وفي هذا الحديث -والذي قبله- دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص، وفي حديث ابن مسعود أدب في التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت آية كذا، فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد يصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك، فأما النسيان نفسه فليس بفعله؛ ولهذا قال: ((بل هو نسي))، مبني لما لم يسم فاعله، وأدب -أيضا- في ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيان إلى العبد في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24] وهو، والله أعلم، من باب المجاز السائغ بذكر المسبب وإرادة السبب؛ لأن النسيان إنما يكون عن سبب قد يكون ذنبا. والله أعلم.
من لم ير بأسا أن يقول:
• سورة البقرة، وسورة كذا وكذا
عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأ بهما في ليلة كفتاه)).
عن عروة، عن المسور وعبد الرحمن بن عبد القارئ، كلاهما عن عمر قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان... وذكر الحديث بطوله.
عن عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قارئا يقرأ من الليل في المسجد، فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية، كنت أسقطتهن من سورة كذا وكذا)).
وهكذا في الصحيحين عن ابن مسعود: أنه كان يرمي الجمرة من الوادي ويقول: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة. وكره بعض السلف ذلك، ولم يروا إلا أن يقال: السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، عن عثمان أنه قال: إذا نزل شيء من القرآن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجعلوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، ولا شك أن هذا أحوط وأولى، ولكن قد صحت الأحاديث بالرخصة في الآخر، وعليه عمل الناس اليوم في ترجمة السور في مصاحفهم، وبالله التوفيق.


الترتيل في القراءة
وقول الله عز وجل: {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4]، وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} [الإسراء: 106]، يكره أن يهذ كهذ الشعر، يفرق: يفصل، قال ابن عباس: {فرقناه}: فصلناه.
عن عبد الله قال: غدونا على عبد الله، فقال رجل: قرأت المفصل البارحة، فقال: هذا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القراءات التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم ثمان عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم.
عن عائشة أنه ذكر لها أن ناسا يقرؤون القرآن في الليل مرة أو مرتين، فقالت: أولئك قرؤوا ولم يقرؤوا، كنت أقوم مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها تخوف إلا دعا الله واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله ورغب إليه.
عن ابن عباس في قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه. وذكر تمام الحديث كما سيأتي، وهو متفق عليه، وفيه وفي الذي قبله دليل على استحباب ترتيل القراءة والترسل فيها من غير هذرمة ولا سرعة مفرطة، بل بتأمل وتفكر، قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته} [ص: 29].
وقال الإمام أحمد: عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها)).
وقال أبو عبيد: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: قرأ علقمة على عبد الله، فكأنه عجل، فقال عبد الله: فداك أبي وأمي، رتل فإنه زين القرآن. قال: وكان علقمة حسن الصوت بالقرآن.
ثم قال البخاري، رحمه الله:
مد القراء
عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان يمد مدا.
وعن قتادة قال: سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. يمد بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم.
و عن يعلى بن مملك، عن أم سلمة: أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا.
الترجيع
حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا أبو إياس قال: سمعت عبد الله بن مغفل قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته -أو جمله- وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح قراءة لينة وهو يرجع.
وقد تقدم هذا الحديث في القراءة على الدابة وأنه من المتفق عليه، وفيه أن ذلك كان يوم الفتح، وأما الترجيع: فهو الترديد في الصوت كما جاء -أيضا- في البخاري أنه جعل يقول: (آ آ آ)، وكأن ذلك صدر من حركة الدابة تحته، فدل على جواز التلاوة عليها، وإن أفضى إلى ذلك ولا يكون ذلك من باب الزيادة في الحروف، بل ذلك مغتفر للحاجة، كما يصلي على الدابة حيث توجهت به، مع إمكان تأخير ذلك والصلاة إلى القبلة، والله أعلم.
حسن الصوت بالقراءة
عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أبا موسى، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود)).
من أحب أن يسمع القرآن من غيره
عن عبد الله قال: "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي القرآن)). قلت: عليك أقرأ وعليك أنزل؟! قال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري)) ".
و عن أبي بردة، عن أبي موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا أبا موسى، لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة)). فقال: أما والله لو أعلم أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا.
و عن عبيدة، عن عبد الله قال: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). فقلت: يا رسول الله، آقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: ((نعم))، فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال: ((حسبك الآن)) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.
في كم يقرأ القرآن
وقول الله تعالى: {فاقرءوا ما تيسر منه} [المزمل: 20]
حدثنا علي، حدثنا سفيان، قال: قال لي ابن شبرمة: نظرت كم يكفي الرجل من القرآن فلم أجد سورة أقل من ثلاث آيات. فقلت: لا ينبغي لأحد أن يقرأ أقل من ثلاث آيات. قال سفيان: أخبرنا منصور، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، أخبره علقمة عن أبي مسعود، فلقيته وهو يطوف بالبيت، فذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم أن من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه.
وقد جاء في حديث في السنن: ((لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وثلاث آيات)).
والحديث الثاني أظهر في المناسبة وهو قوله: عن عبد الله بن عمرو قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كنته فيسألها عن بعلها فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا، ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ((ألقني به))، فلقيته بعد، فقال: ((كيف تصوم؟)). قلت: كل يوم. قال: ((وكيف تختم؟)). قال: كل ليلة. قال: ((صم كل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كل شهر)): قال: قلت: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: ((صم ثلاثة أيام في الجمعة)). قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: ((أفطر يومين وصوم يوما)). قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: ((صم أفضل الصوم صوم داود، صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كل سبع ليال مرة))، فليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم! وذلك أني كبرت وضعفت، فكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار والذي يقرأ يعرضه بالنهار ليكون أخف عليه بالليل، وإذا أراد أن يتقوى أفطر أياما وأحصى وصام مثلهن، كراهية أن يترك شيئا فارق عليه النبي صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: في ثلاث وفي خمس وأكثرهم على سبع ".
ثم روى البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي سلمة: قال: وأحسبني قال: سمعت أنا من أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو قال: "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم:. ((اقرأ القرآن في شهر)). قلت: إني أجد قوة. قال: ((فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك)) ". فهذا السياق ظاهره يقتضي المنع من قراءة القرآن في أقل من سبع، وهكذا الحديث الذي رواه أبو عبيد:
عن قيس بن أبي صعصعة؛ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، في كم أقرأ القرآن؟ فقال: ((في كل خمس عشرة)). قال: إني أجدني أقوى من ذلك، قال: ((ففي كل جمعة)).
وحدثنا حجاج عن شعبة، عن محمد بن ذكوان -رجل من أهل الكوفة- قال: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يقول: كان عبد الله بن مسعود يقرأ القرآن في غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة.
وعن حجاج، عن شعبة، عن أيوب: سمعت أبا قلابة، عن أبي المهلب قال: كان أبي بن كعب يختم القرآن في كل ثمان.
وحدثنا علي بن عاصم، عن خالد، عن أبي قلابة قال: كان أبي بن كعب يختم القرآن في كل ثمان.
وكان تميم الداري يختمه في كل سبع، وحدثنا هشيم، عن الأعمش، عن إبراهيم: أنه كان يختم القرآن في كل سبع.
وحدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: كان الأسود يختم القرآن في كل ست، وكان علقمة يختمه في كل خمس.
فلو تركنا ومجرد هذا لكان الأمر في ذلك جليا، ولكن دلت أحاديث أخرجوها على جواز قراءته فيما دون ذلك، عن سعد بن المنذر الأنصاري؛ أنه قال: يا رسول الله، أقرأ القرآن في ثلاث؟ قال: ((نعم)). قال: فكان يقرؤه حتى توفي.
حديث آخر: عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث)).
وقد كره غير واحد من السلف قراءة القرآن في أقل من ثلاث، كما هو مذهب أبي عبيد وإسحاق وابن راهويه وغيرهما من الخلف -أيضا- قال أبو عبيد: حدثنا يزيد، عن هشام بن حسان، عن حفصة، عن أبي العالية، عن معاذ بن جبل أنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث. صحيح.
وفي المسند عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعا: ((اقرؤوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به)).
فقوله: ((لا تغلوا فيه)) أي: لا تبالغوا في تلاوته بسرعة في أقصر مدة، فإن ذلك ينافي التدبر غالبا؛ ولهذا قابله بقوله: ((ولا تجفوا عنه)) أي: لا تتركوا تلاوته
فصل
وقد ترخص جماعة من السلف في تلاوة القرآن في أقل من ذلك؛ منهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه.
قال أبو عبيد: أن رجلا سأل عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن صلاة طلحة بن عبيد فقال: إن شئت أخبرتك عن صلاة عثمان، رضي الله عنه، فقال: نعم. قال: قلت: لأعلين الليلة على الحجر، فقمت، فلما قمت إذا أنا برجل مقنع يزحمني، فنظرت فإذا عثمان بن عفان، فتأخرت عنه، فصلى فإذا هو يسجد سجود القرآن، حتى إذا قلت: هذه هوادي الفجر، أوتر بركعة لم يصل غيرها..
قال وحدثنا هشيم، أن منصور، عن ابن سيرين قال: قالت نائلة بنت الفرافصة الكلبية حيث دخلوا على عثمان ليقتلوه: إن يقتلوه أو يدعوه، فقد كان يحيي الليل كله بركعة يجمع فيها القرآن. وهذا حسن أيضا.
وقال -أيضا- : حدثنا أبو معاوية، عن عاصم بن سليمان، عن ابن سيرين: إن تميما الداري قرأ القرآن في ركعة.
حدثنا حجاج بن شعبة، عن حماد، عن سعيد بن جبير: أنه قال: قرأت القرآن في ركعة في البيت -يعني الكعبة.
وحدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة أنه قرأ القرآن في ليلة، طاف بالبيت أسبوعا، ثم أتى المقام فصلى عنده فقرأ بالطول، ثم طاف بالبيت أسبوعا، ثم أتى المقام فصلى عنده فقرأ بالمئين، ثم طاف أسبوعا، ثم أتى المقام فصلى عنده فقرأ بالمثاني، ثم طاف بالبيت أسبوعا ثم أتى المقام فصلى عنده فقرأ بقية القرآن.
ومن أغرب ما هاهنا: ما رواه أبو عبيد رحمه الله: حدثنا سعيد بن عفير، عن بكر بن مضر، أن سليم بن عتر التجيبي كان يختم القرآن في ليلة ثلاث مرات، ويجامع ثلاث مرات. قال: فلما مات قالت امرأته: رحمك الله، إن كنت لترضي ربك وترضي أهلك، قالوا: وكيف ذلك؟ قالت: كان يقوم من الليل فيختم القرآن، ثم يلم بأهله ثم يغتسل، ويعود فيقرأ حتى يختم ثم يلم بأهله، ثم يغتسل، ويعود فيقرأ حتى يختم، ثم يلم بأهله ثم يغتسل، ويخرج إلى صلاة الصبح.
وقد روى ابن أبي داود عن مجاهد أنه كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء.
وعن منصور قال: كان علي الأزدي يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة من رمضان.
وعن إبراهيم بن سعد قال: كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حتى يختم القرآن.
قلت: وروي عن منصور بن زاذان: أنه كان يختم فيما بين الظهر والعصر، ويختم أخرى فيما بين المغرب والعشاء، وكانوا يؤخرونها قليلا.
وعن الإمام الشافعي، رحمه الله: أنه كان يختم في اليوم والليلة من شهر رمضان ختمتين، وفي غيره ختمة.
وعن أبي عبد الله البخاري -صاحب الصحيح- : أنه كان يختم في الليلة ويومها من رمضان ختمة.
ومن غريب هذا وبديعه ما ذكره الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي قال: سمعت الشيخ أبا عثمان المغربي يقول: كان ابن الكاتب يختم بالنهار أربع ختمات، وبالليل أربع ختمات.
وهذا نادر جدا. فهذا وأمثالة من الصحيح عن السلف محمول إما على أنه ما بلغهم في ذلك حديث مما تقدم، أو أنهم كانوا يفهمون ويتفكرون فيما يقرؤونه مع هذه السرعة، والله أعلم.
قال الشيخ أبو زكريا النووي في كتابه التبيان بعد ذكر طرف مما تقدم: (والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له كمال فهم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له، وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة

ثم قال البخاري، رحمه الله:
• البكاء عند القراءة
عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: ((إني أشتهي أن أسمعه من غيري)). قال: فقرأت النساء، حتى إذا بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال لي: ((كف أو أمسك))، فرأيت عيناه تذرفان ".
من راءى بقراءة القرآن
• أو تأكل به أو فجر به
قال علي، رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)).
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يرى شيئا، وينظر في القدح فلا يرى شيئا، وينظر في الريش فلا يرى شيئا، ويتمارى في الفوق)).
وعن قتادة، عن أنس بن مالك، عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر)).
ومضمون هذه الأحاديث التحذير من المراءاة بتلاوة القرآن التي هي من أعظم القرب، كما جاء في الحديث: ((واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بأعظم مما خرج منه)) يعني: القرآن.
والمذكورون هم الخوارج، وهم الذين لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، وقد قال في الرواية الأخرى: ((يحقر أحدكم قراءته مع قراءتهم، وصلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم)). ومع هذا أمر بقتلهم لأنهم مراؤون في أعمالهم في نفس الأمر، وإن كان بعضهم قد لا يقصد ذلك، إلا أنهم أسسوا أعمالهم على اعتقاد غير صالح، فكانوا في ذلك كالمذمومين في قوله: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين} [التوبة: 109]، وقد اختلف العلماء في تكفير الخوارج وتفسيقهم ورد رواياتهم،.
والمنافق المشبه بالريحانة التي لها ريح ظاهر وطعمها مر هو المرائي بتلاوته، كما قال تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا} [النساء: 142].
اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم
عن أبي عمران الجوني، عن جندب بن عبد الله، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه)).
ومعنى الحديث أنه، عليه السلام، أرشد وحض أمته على تلاوة القرآن إذا كانت القلوب مجتمعة على تلاوته، متفكرة فيه، متدبرة له، لا في حال شغلها وملالها، فإنه لا يحصل المقصود من التلاوة بذلك كما ثبت في الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) وقال: ((أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل))، وفي اللفظ الآخر: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)).
ثم قال البخاري: عن النزال بن سبرة، عن عبد الله -هو ابن مسعود- "أنه سمع رجلا يقرأ آية سمع النبي صلى الله عليه وسلم قرأ خلافها، فأخذت بيده فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((كلاكما محسن فاقرآ)) أكبر علمي قال: ((فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم الله عز وجل)) ".
وقريب من هذا ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه: قال عبد الله بن مسعود: تمارينا في سورة من القرآن فقلنا: خمس وثلاثون آية، ست وثلاثون آية قال: فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدنا عليا يناجيه فقلنا له: اختلفنا في القراءة، فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرؤوا كما قد علمتم.
وهذا آخر ما أورده البخاري، رحمه الله، في كتاب فضائل القرآن، جل منزله، وتعالى قائله، ولله الحمد والمنة

كتاب الجامع لأحاديث شتى تتعلق بتلاوة القرآن وفضائله وفضل أهله
• فصل
عن أبي سعيد قال: قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: ((يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه)).
عن أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون خلف من بعد الستين سنة، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا، ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر)).
ما هؤلاء الثلاثة: المنافق كافر به، والفاجر يتأكل به، والمؤمن يؤمن به.
عن أبي سعيد أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك خطب الناس وهو مسند ظهره إلى نخلة فقال: ((ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس؛ إن من خير الناس رجلا عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب الله، ولا يرعوي إلى شيء منه)).
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: من شغله قراءة القرآن عن دعائي أعطيته أفضل ثواب السائلين)).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه))،
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس)). قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)) ".
وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه: كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده فدعا لهم.
و عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره)).
وقال الإمام أحمد: عن جابر بن عبد الله قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل، ثم قال: ((أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أفضل الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) ثم يرفع صوته وتحمر وجنتاه، ويشتد غضبه إذا ذكر الساعة، كأنه منذر جيش. قال: ثم يقول: ((أتتكم الساعة بعثت أنا والساعة هكذا -وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى- صبحتكم الساعة ومستكم، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي)).
قال أحمد -أيضا- عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن، وفينا العجمي والأعرابي قال: فاستمع فقال: ((اقرؤوا فكل حسن، وسيأتي قوم يقيمونه كما يقام القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)).
وقال أبو بكر البزار: عن عبد الله بن مسعود قال: ((إن هذا القرآن شافع مشفع، من اتبعه قاده إلى الجنة، ومن تركه أو أعرض عنه -أو كلمة نحوها- زج في قفاه إلى النار))..
قال الحافظ أبو يعلى: عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ ألف آية كتب الله له قنطارا، والقنطار مائة رطل، والرطل اثنتا عشرة أوقية، والأوقية ستة دنانير، والدينار أربعة وعشرون قيراطا، والقيراط مثل أحد، ومن قرأ ثلاثمائة آية قال الله لملائكته: نصب عبدي لي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له، ومن بلغه عن الله فضيلة فعمل بها إيمانا به ورجاء ثوابه، أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك)).
وقال أحمد: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)).
وروى -أيضا- بسنده إلى الضحاك عن ابن عباس مرفوعا: ((أشرف أمتي حملة القرآن)).
ما جاء من أقوال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
: قال ابن مسعود: كل آية في كتاب الله خير مما في السماء والأرض.
قال ابن مسعود: من أراد العلم فليثور من القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين.
عن عبد الله قال: إن هذا القرآن ليس فيه حرف إلا له حد، ولكل حد مطلع.
عن ابن مسعود أنه قال: أعربوا هذا القرآن فإنه عربي، وسيجيء قوم يثقفونه وليسوا بخياركم.
عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف، وإذا اختلفتم في ياء أو تاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن فإنه مذكر.
وعنه يقول: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة، وليصلين قوم لا خلاق لهم، ولينزعن القرآن من بين أظهركم. قالوا: يا أبا عبد الرحمن، ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يسرى على القرآن ليلا فيذهب به من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شيء -وفي رواية: لا يبقى في مصحف منه شيء- ويصبح الناس فقراء كالبهائم. ثم قرأ عبد الله: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا} [الإسراء: 86].
وكان عبد الله بن مسعود يقل الصوم، فيقال له في ذلك، فيقول: إني إذا صمت ضعفت عن القراءة والصلاة، والقراءة والصلاة أحب إلي

مقدمة مفيدة تذكر في أول التفسير قبل الفاتحة
قال أبو بكر بن الأنباري: عن قتادة قال: نزل في المدينة من القرآن البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وبراءة، والرعد، والنحل، والحج، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والرحمن، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والصف، والجمعة والمنافقون، والتغابن، والطلاق، ويا أيها النبي لم تحرم، إلى رأس العشر، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله. هؤلاء السور نزلت بالمدينة، وسائر السور نزل بمكة.
فأما عدد آيات القرآن العظيم فستة آلاف آية، ثم اختلف فيما زاد على ذلك على أقوال، فمنهم من لم يزد على ذلك، ومنهم من قال: ومائتا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة آية، وقيل: ومائتان وتسع عشرة، وقيل: ومائتان وخمس وعشرون آية، أو ست وعشرون آية، وقيل: مائتان وست وثلاثون آية. حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتابه البيان.
وأما كلماته، فقال الفضل بن شاذان، عن عطاء بن يسار: سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة.
وأما حروفه، فقال عبد الله بن كثير، عن مجاهد: هذا ما أحصينا من القرآن وهو ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا.
وقال الفضل، عن عطاء بن يسار: ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا.
وقال سلام أبو محمد الحماني: إن الحجاج جمع القراء والحفاظ والكتاب فقال: أخبروني عن القرآن كله كم من حرف هو؟ قال: فحسبنا فأجمعوا أنه ثلاثمائة ألف وأربعون ألفا وسبعمائة وأربعون حرفا. قال: فأخبروني عن نصفه. فإذا هو إلى الفاء من قوله في الكهف: {وليتلطف} [الكهف: 19]، وثلثه الأول عند رأس مائة آية من براءة، والثاني على رأس مائة أو إحدى ومائة من الشعراء، والثالث إلى آخره. وسبعه الأول إلى الدال من قوله تعالى: {فمنهم من آمن به ومنهم من صد} [النساء: 55]. والسبع الثاني إلى الياء من قوله تعالى في سورة الأعراف: {أولئك حبطت} [الأعراف: 147]، والثالث إلى الألف الثانية من قوله تعالى في الرعد: {أكلها} [الرعد: 35]، والرابع إلى الألف في الحج من قوله: {جعلنا منسكا} [الحج: 67]، والخامس إلى الهاء من قوله في الأحزاب: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة} [الأحزاب: 36]، والسادس إلى الواو من قوله تعالى في الفتح: {الظانين بالله ظن السوء} [الفتح: 6]، والسابع إلى آخر القرآن. قال سلام أبو محمد: عملنا ذلك في أربعة أشهر.
قالوا: وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربع القرآن، فالأول إلى آخر الأنعام، والثاني إلى {وليتلطف} من سورة الكهف، والثالث إلى آخر الزمر، والرابع إلى آخر القرآن. وقد حكى الشيخ أبو عمرو الداني في كتابه البيان خلافا في هذا كله، والله أعلم.
وأما التحزيب والتجزئة فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين كما في الربعات بالمدارس وغيرها، وقد ذكرنا فيما تقدم الحديث الوارد في تحزيب الصحابة للقرآن، والحديث في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وابن ماجه وغيرهم عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلث وخمس وسبع وتسع وأحد عشرة وثلاث عشرة، وحزب المفصل حتى تختم.


: في معنى ( السورة ) والآية: فصل
واختلف في معنى السورة: مم هي مشتقة؟ فقيل: من الإبانة والارتفاع. قال النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن القارئ يتنقل بها من منزلة إلى منزلة. وقيل: لشرفها وارتفاعها كسور البلدان. وقيل: سميت سورة لكونها قطعة من القرآن وجزءا منه، مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية، وعلى هذا فيكون أصلها مهموزا، وإنما خففت الهمزة فأبدلت الهمزة واوا لانضمام ما قبلها. وقيل: لتمامها وكمالها لأن العرب يسمون الناقة التامة سورة.
قلت: ويحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما يسمى سور البلد لإحاطته بمنازله ودوره.
وجمع السورة سور بفتح الواو، وقد تجمع على سورات وسورات.
وأما الآية فمن العلامة على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصالها، أي: هي بائنة عن أختها ومنفردة. قال الله تعالى: {إن آية ملكه} [البقرة: 248]، وقال النابغة:
توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع
وقيل: لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه، كما يقال: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم. قال الشاعر:
خرجنا من النقبين لا حي مثلنا بآيتنا نزجي اللقاح المطافلا
وقيل: سميت آية لأنها عجب يعجز البشر عن التكلم بمثلها.
قال سيبويه: وأصلها أيية مثل أكمة وشجرة، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت آية، بهمزة بعدها مدة. وقال الكسائي: أصلها آيية على وزن آمنة، فقلبت ألفا، ثم حذفت لالتباسها.
وقال الفراء: أصلها أيّة -بتشديد الياء- الأولى فقلبت ألفا، كراهة التشديد فصارت آية، وجمعها: آي وآياي وآيات.
وأما الكلمة فهي اللفظة الواحدة، وقد تكون على حرفين مثل: ما ولا وله ونحو ذلك، وقد تكون أكثر. وأكثر ما تكون عشرة أحرف مثل: {ليستخلفنهم} [النور: 55]، و {أنلزمكموها} [هود: 28]، {فأسقيناكموه} [الحجر: 22]، وقد تكون الكلمة الواحدة آية، مثل: والفجر، والضحى، والعصر، وكذلك: الم، وطه، ويس، وحم -في قول الكوفيين- وحم، عسق عندهم كلمتان. وغيرهم لا يسمي هذه آيات بل يقول: هي فواتح السور. وقال أبو عمرو الداني: لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله تعالى: {مدهامتان} بسورة الرحمن.
قال القرطبي: أجمعوا على أنه ليس في القرآن شيء من التراكيب الأعجمية وأجمعوا أن فيه أعلاما من الأعجمية كإبراهيم ونوح، ولوط، واختلفوا: هل فيه شيء من غير ذلك بالأعجمية؟ فأنكر ذلك الباقلاني والطبري وقالا ما وقع فيه مما يوافق الأعجمية، فهو من باب ما توافقت فيه اللغات

مقاصد مقدمة ابن كثير – رحمه الله –
كتب الشيخ العلامة ، البارع الحافظ ، عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن الخطيب أبي حفص عمر بن كثير الشافعي – رحمه الله – مقدمة لكتابه ( عمدة التفسير) بدأ فيها
- بالحمد لله والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم
- - بين معنى التفسير وأهميته ووجب كشف معانيه للناس ، وذلك للعلماء المحققين
- بين أن أصح طرق تفسير القران : أولا : بالقرآن
ثانيا : بالسنة الصحيحة
ثالثا : ما ورد من تفسير الصحابة ، فهم أعلم الأمة بالدين واللغة وشاهدو التنزيل ، وتجاوز عن بعض الاسرائليات التي هي للاستشهاد فقط وليست للتأسيس، ومن أراد ذكر أوجه الاختلاف في الروايات فعليه أن يستوعبها كلها ويرجح بدليل
رابعا : من أقوال التابعين
وتفسيره بمجرد الرأي فحرام ، ومن تكلم في التفسير لعلمه الشرعي وعلمه باللغة اللذان يؤهلانه فهذا جائز
- ثم نقل ما ورد في صحيح البخاري : في باب التفسير لأنه يرى شدة ارتباطه بالتفسير، وزاد عليه ما وصله من كتب السنة الأخرى وخرّج الآثار، وكان مهتما بما ورد عن مسند الامام أحمد ، وذلك لأنه يرى أهميتة هذه المواضيع لتعلقها المباشر بالقرآن ، ووما ذكر :
- فضائل القرآن
- جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه وجمع عثمان رضي الله للقرآن وذكر كتاب الوحي الذين كتبوا للرسول صلى الله عليه وسلم
- نزول القرآن على سبعة أحرف تيسيرا على الأمة ، ومعنى الأحرف السبعة للعلماء حصرها في خمسة أقوال ، وأكثر ما عليه أهل العلم أنها المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة
- - تأليف القرآن : من حيث ترتيب الآيات قهو توقيفي لا مجال للرأي فيه ، ومن حيث السور فالأولى الاعتماد على ماذهب إليه جمع عثمان رضي الله عنه
- نقط المصحف : أول من بدأ نقط المصحف هو أبو الأسود الدؤلي رحمه الله وذلك للتسهيل على الناس ومحاربة العجمة التي بدأت تتفشى
- عرض جبريل عليه السلام للقرآن مرة كل عام على الرسول صلى الله عليه وسلم ، إلا العام الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم عرضه مرتان ، وهذا يبين شدة العناية بهذا الكتاب العظيم
- القراء من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم : وذكر منهم عبد الله بن مسعود وغيره رضي الله عنهم أجمعين
- وذكر البخاري في ( كتاب التفسير ) فضائل بعض السور ، وأرجأها ابن كثير رحمه الله عند الحديث في تفسير السور كل سورة على حدة
- نزول السكينة عند قراءته
- القرآن الكريم والسنة النبوية هما ميراث النبوة
- فضل القرآن على سائر الكلام
- فضل التغني بالقرآن وتحسين الصوت به وأحكام التلاوة بالأصوات
- اغتباط صاحب القرآن ، وبيان فضل الخيرية في تعلمه وتعليمه
- القراءة عن ظهر قلب ، وبعض أهل العلم يرى أن يتعاهد المسلم النظر إلى القرآن
- ضرورة تعاهد القرآن واستذكاره
- في جواز قراءة القرآن على الدابة وما كان من النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح
- تعليم الصبيان للقرآن والسن الذي يبدأ به حتى يعتادوه ويعيشوا عليه
- فصل في نسيان القرآن ولا يقول نسيت كذا وكذا بل نُسيت
- الترتيل في القرآن ومد القرآن والترجيع وتحسين الصوت
- المدة التي يقرأ فيها القرآن وأقوال أهل العلم ولكل قول دليله وترجيحه
- سماع القرآن من الآخرين
- البكاء عند قراءة القرآن وتحريم الرياء فيه وقراءته عند اجتماع القلب عليه
- وإلى هنا يكون انتهى ما أخذ من ( كتاب التفسير ) من صحيح البخاري ثم زاد
- الجامع لأحاديث فضل القرآن
- أقوال ابن مسعود في القرآن وفضائله
- فائدة : عدد السور المكية والمدنية وعدد كلمات القرآن وعدد حروفه والحزيب والتجزئة
- فصل في معاني ( السورة ) و ( الآية) وهل فيه أعجمي ؟؟ ورأي العلما ء في ذلك
-

وأرجو أنني فهمت المطلوب من تلخيص المقاصد


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 ذو الحجة 1435هـ/30-09-2014م, 06:53 AM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي

سأعيد بإذن الله تخليص المقاصد لأنني لم أكن أدركت الأمر ، فقد كتبت اجابتي قبل محاضرة الشيخ التوضيحية - جزاه الله خيرا -

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 ذو الحجة 1435هـ/1-10-2014م, 01:33 AM
محمود بن عبد العزيز محمود بن عبد العزيز غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: مصر، خلَّصها الله من كل ظلوم
المشاركات: 802
Lightbulb

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوثر التايه مشاهدة المشاركة
سأعيد بإذن الله تخليص المقاصد لأنني لم أكن أدركت الأمر ، فقد كتبت اجابتي قبل محاضرة الشيخ التوضيحية - جزاه الله خيرا -
أحسن الله إليكِ، إذا لم تكوني بدأتِ فالمطلوب منكِ فقط تلخيص المقصد الثالث «جمع القرآن وكتابة المصاحف»، تجمعين تحته كل المسائل المتعلقة به مستخلصةً من كلام ابن كثير، وتجعلين لكل مسألة عنوانها، وتقومين بترتيب هذه المسائل ترتيبًا منطقيًّا ملائمًا داخل المقصد.
على أن يتم احتساب الدرجات النهائية وفق المعايير الخمسة التالية: الشمول (30) ، والترتيب (20)، والتحرير (20)، وحسن الصياغة (15) ، وحسن العرض (15).

زادك الله توفيقًا وسدادًا

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو الحجة 1435هـ/10-10-2014م, 01:21 PM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي

قال البخاري، رحمه الله:
كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم
والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة: مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى، ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا؛ ولهذا عرضه في السنة الأخيرة من عمره عليه السلام اقتراب أجله، على جبريل مرتين، وعارضه به جبريل كذلك؛ ولهذا فهم، عليه السلام، اقتراب أجله، وعثمان رضي الله عنه، جمع المصحف الإمام على العرضة الأخيرة، رضي الله عنه وأرضاه وخص بذلك رمضان من بين الشهور؛ لأن ابتداء الإيحاء كان فيه
عن ابن عباس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة"، وهذا الحديث متفق عليه
عن أبي هريرة قال: "كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه
قال مسروق عن عائشة، عن فاطمة، رضي الله عنها: أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي. هكذا ذكره معلقا وقد أسنده في موضع آخر

القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
عن مسروق قال: قال عبد الله بن مسعود: والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه
وعن شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك.
وهذا كله حق وصدق، وهو من إخبار الرجل بما يعلم عن نفسه مما قد يجهله غيره، فيجوز ذلك للحاجة، ويكفيه مدحا وثناء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استقرئوا القرآن من أربعة))، فبدأ به
فعن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
فهؤلاء الأربعة اثنان من المهاجرين الأولين عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وقد كان سالم هذا من سادات المسلمين وكان يؤم الناس قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، واثنان من الأنصار معاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وهما سيدان كبيران، رضي الله عنهم أجمعين.
و قال البخاري: عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. ورواه مسلم.
وعن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه – ولعله قصد من جمعه من الأنصار ، وإلا فقد جمعه غير واحد من المهاجرين
لأن أنسا قال: ونحن ورثناه، وهم من الخزرج، وفي بعض ألفاظه وكان أحد عمومتي. وقال قتادة عن أنس قال: افتخر الحيان الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر، ومنا الذي حمته الدبر عاصم بن ثابت، ومنا الذي اهتز لموته العرش سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت.
فقالت الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد

جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه
وأما جمعه في عهد أبي بكر رضي الله عنه 'قال البخاري :أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز} [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، رضي الله عنهم.
وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق، رضي الله عنه، فإنه أقامه الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد بعده، فجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله، وكان هذا من سر قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] فجمع الصديق الخير وكف الشرور، رضي الله عنه وأرضاه..
وهذا فيه تحريهم في ضبط المصحف وجمعه رضي الله عنهم

قال البخاري رحمه الله: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك، حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23]، فألحقناها في سورتها في المصحف.
وهذا -أيضا- من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن كما اختلفت اليهود والنصارى ، ووافقه على ذلك جميع الصحابة.
قال أبو داود الطيالسي وابن مهدي وغندر عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن رجل، عن سويد بن غفلة، قال علي حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هو لصنعته.
وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد. وهذا إسناد صحيح.
وقال أيضا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف، حدثنا يحيى بن كثير، حدثنا ثابت بن عمارة الحنفي، قال: سمعت غنيم بن قيس المازني قال: قرأت القرآن على الحرفين جميعا، والله ما يسرني أن عثمان لم يكتب المصحف، وأنه ولد لكل مسلم كلما أصبح غلام، فأصبح له مثل ما له. قال: قلنا له: يا أبا العنبر، ولم؟ قال: لو لم يكتب عثمان المصحف لطفق الناس يقرؤون الشعر.
وحدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثني عمران بن حدير، عن أبي مجلز قال: لولا أن عثمان كتب القرآن لألفيت الناس يقرؤون الشعر.
وأمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت الأنصاري، أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون القرآن نسخا، وإذا اختلفوا في وضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.
وكان عثمان -والله أعلم- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.
ففهم من هذا الحديث أن ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما ترتيب السور فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا. وأما ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان، رضي الله عنه،
وأما عثمان، رضي الله عنه، فما يعرف أنه كتب بخطه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت في أيامه، ربما وغيره، فنسبت إلى عثمان لأنها بأمره وإشارته، ثم قرئت على الصحابة بين يدي عثمان، ثم نفذت إلى الآفاق، رضي الله عنه، وقد قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا علي بن حرب الطائي، حدثنا قريش بن أنس، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مولى بني أسيد، قال: لما دخل المصريون على عثمان ضربوه بالسيف على يده فوقعت على: {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [البقرة: 137]، فمد يده وقال: والله إنها لأول يد خطت المفصل

تأليف القرآن
أن ابن جريج أخبرهم قال: وأخبرني يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك، قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء: ولا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور. .
ثم سألها عن ترتيب القرآن فانتقل إلى سؤال كبير، وأخبرها أنه يقرأ غير مؤلف، أي: غير مرتب السور. وكأن هذا قبل أن يبعث أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنه، إلى الآفاق بالمصاحف الأئمة المؤلفة على هذا الترتيب المشهور اليوم، وقبل الإلزام به، والله أعلم.
ولهذا أخبرته: إنه لا يضرك بأي سورة بدأت
والظاهر أن ترتيب السور فيه منه ما هو راجع إلى رأي عثمان رضي الله عنه، وذلك ظاهر في سؤال ابن عباس له عن ترك البسملة في أول براءة، وذكره الأنفال من الطول،
فأما ترتيب الآيات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمر توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم تقرير ذلك؛ ولهذا لم ترخص له في ذلك، بل أخرجت له مصحفها، فأملت عليه آي السور، والله أعلم. وقول عائشة: لا يضرك بأي سورة بدأت، يدل على أنه لو قدم بعض السور أو أخر،
فقرأ، عليه الصلاة والسلام، في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{هل أتاك حديث الغاشية}، فإن فرق جاز، كما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بقاف و{اقتربت الساعة}، رواه مسلم عن أبي واقد في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة، و{هل أتى على الإنسان}.
وإن قدم بعض السور على بعض جاز أيضا، فقد روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم. وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.
قال أبو الحسن بن بطال: إنما يجب تأليف سوره في الرسم والخط خاصة ولا يعلم أن أحدا منهم قال: إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة وفي قراءة القرآن ودرسه، وأنه لا يحل لأحد أن يقرأ الكهف قبل البقرة، ولا الحج قبل الكهف، ألا ترى إلى قول عائشة: ولا يضرك أيه قرأت قبل. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة السورة في ركعة، ثم يقرأ في الركعة الأخرى بغير السورة التي تليها.
قال: وأما ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا. وقالا إنما ذلك منكوس القلب، فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة فيبتدئ بآخرها إلى أولها، فإن ذلك حرام محذور.
ثم قال البخاري: حدثنا آدم، عن شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد قال: سمعت ابن مسعود يقول في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي. انفرد البخاري بإخراجه والمراد منه ذكر ترتيب هذه السور في مصحف ابن مسعود كالمصاحف العثمانية
عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي عن جده أوس بن حذيفة قال: كنت في الوفد الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمر معهم بعد العشاء فمكث عنا ليلة لم يأتنا، حتى طال ذلك علينا بعد العشاء. قال: قلنا: ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: ((طرأ علي حزب من القرآن، فأردت ألا أخرج حتى أقضيه)). قال: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصل من قاف حتى يختم.
ورواه أبو داود وابن ماجة من حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي به وهذا إسناد حسن

فأما نقط المصحف وشكله
فأما نقط المصحف وشكله، فيقال: إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك، ويقال: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وذكروا أنه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم.
وأما كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضا، وقيل: بل أول من فعله المأمون،
وقال مالك: لا بأس به بالحبر، فأما بالألوان المصبغة فلا. وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا.
وقال قتادة: بدؤوا فنقطوا، ثم خمسوا، ثم عشروا. وقال يحيى بن أبي كثير: أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء، وقالوا: لا بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم.
وكره بعضهم هذا ، ولكن قال أبو عمرو الداني: ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في الأمهات وغيرها.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو الحجة 1435هـ/10-10-2014م, 03:26 PM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي

التبيان في آداب حملة القرآن
للإمام أبي زكريا يحي بن شرف النووي
مقدمة
بدأ المصنف - رحمه الله - بالحمد والثناء على الله ، والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم . وبين أن مصنفه من باب النصيحة لكتاب الله عز وجل ، ليبين آداب حملته وطلابه ، وآثر فيه الاختصار ، والاقتصار في كل باب على طرف من أطرافه ، وذلك ليسهل حفظه وانتشاره ، وشرط على نفسه الاقتصا. على ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يذكر الضعيف الا في بعض الأحوال
وفهرس كتابه في تسعة أبواب :
الباب الأول : في أطراف من فضيلة تلاوة القرآن الكريم :
قال تعالى : إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور ) – فاطر
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خيركم من تعلم القرآن وعلمه .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : * مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها طيب حلو
رواه البخاري ومسلم وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين رواه مسلم وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول صلى الله عليه وسلم : يقول
اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه رواه مسلم وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال لا حسد إلا في إثنتين 1 - رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار 2 - ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار رواه البخاري ومسلم وروينا أيضا من رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بلفظ لا حسد إلا في اثنتين 1 - رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق 2 - ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف

الباب الثاني في ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما
ثبت عن ابن مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى رواه مسلم
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا رواه البخاري في صحيحه وسيأتي في الباب بعد هذا أحاديث تدخل في هذا الباب واعلم أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار وقد تظاهرت الأدلة على ذلك والله أعلم

الباب الثالث في إكرام أهل القرآن والنهي عن أذاهم
قال الله عز وجل (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) وقال الله تعالى (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وقال تعالى (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين وقال تعالى (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنا ت بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط وهو حديث حسن وعن عائشة رضي الله عنها قالت
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ننزل الناس منازلهم ،وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي ص: كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ثم يقول أيهما أكثر أخذا للقرآن فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد
عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما قالا إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي قال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يغشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار

الباب الرابع في آداب معلم القرآن ومتعلمه
قال هذا الباب مع البابين بعده مقصود الكتاب وهو طويل منتشر جدا فإني أشير إلى مقاصده مختصرة في فصول ليسهل حفظه وضبطه إن شاء الله تعالى [ فضل ] أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى قال الله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة أي الملة المستقيمة وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى وهذا الحديث من أصول الإسلام
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إنما يعطى الرجل على قدر نيته وعن غيره إنما يعطى الناس على قدر نياتهم و عن الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى قال الإخلاص إفراد الحق في الطاعة بالقصد وهو أن يريد بطاعته التقرب الى الله تعالى دون شئ آخر من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمدة عند الناس أو محبة أو مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى قال ويصح أن يقال الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين وعن حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى الإخلاص استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن وعن ذي النون رحمه الله تعالى قال ثلاث من علامات الإخلاص 1 - استواء المدح
والذم من العامة 2 - ونسيان رؤية العمل في الأعمال 3 - واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة
وضممت إليها من آداب العالم والمتعلم والفقيه والمتفقه ما لا يستغني عنه طالب العلم والله أعلم [ فصل ] وينبغي أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك * ولا يشوب المقرئ إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه سواء كان الرفق مالا أو خدمة وإن قل ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه قال تعالى (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب) وقال تعالى (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) الآية وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تعلم علما يبتغي به
عن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال
من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار رواه الترمذي من رواية كعب بن مالك وقال أدخله النار إخلاص المعلم له
[ فصل ] وليحذر كل الحذر من قصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته وفساد طويته بل هي حجة فاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم فإنه لو أراد الله بتعليمه لما كره ذلك بل قال لنفسه أنا أردت الطاعة بتعليمه وقد حصلت وقد قصد بقراءته على غيري زيادة علم فلا عتب عليه
و في مسند الإمام المجمع على حفظه وإمامته أبي محمد الدارمي رحمة الله عليه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال يا حملة القرآن أو قال يا حملة العلم اعملوا به فإنما العلم من عمل بما علم ووافق علمه عمله وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم وتخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى
مكارم الاخلاق [ فصل ] وينبغي للمعلم أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده الله إليها من الزهادة في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها والسخاء والجود ومكارم الأخلاق وطلاقة الوجه والحلم والصبر والتنزه عن دنئ المكاسب وملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع واجتناب الضحك والإكثار من المزاح وملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيف وتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها
وليحذر كل الحذر من الحسد والرياء والعجب واحتقار غيره وإن كان دونه وينبغي أن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ونحوهما من الأذكار والدعوات وأن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته
الاحسان للمتعلم [ فصل ] وينبغي له أن يرفق بمن يقرأ عليه وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حاله فقد روينا عن أبي هرون العبدي قال كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فيقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم : قال إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا
إخلاص النصيحة له [ فصل ] وينبغي أن يبذل لهم النصيحة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته والرفق به ومساعدته على طلبه بما أمكن وتأليف قلب الطالب وأن يكون سمحا بتعليمه
وينبغي أن يذكره فضيلة ذلك ليكون سببا في نشاطه وزيادة في رغبته ويزهده في الدنيا ا
ويذكره فضيلة الاشتغال بالقرآن وسائر العلوم الشرعية وهو طريق العارفين وعباد الله الصالحين وأن ذلك رتبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام * وينبغي أن يشفق على الطالب ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه * وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير وأن يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقا فقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قال لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت وفي رواية إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني وينبغي أن لا يتعاظم على المتعلمين بل يلين لهم ويتواضع معهم قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قال لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه وعن أبي أيوب السختياني رحمه الله قال ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل
تأليف المتعلم [ فصل ] وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات ويعرفه أن لذلك تتفتح عليه أنوار المعارف وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف ويبارك له في علمه وحاله ويوفق في أفعاله وأقواله
حكم التعليم [ فصل ] تعليم المتعلمين فرض كفاية فإن لم يكن من يصلح إلا
واحد تعين وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم فإن امتنعوا كلهم أثموا وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين وإن طلب من أحدهم وامتنع فأظهر الوجهين أنه لا يأثم لكن يكره له ذلك إن لم يكن عذر
إخلاص المعلم [ فصل ] يستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية
[ فصل ] ويقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم
[ فصل ] قال العلماء رضي الله عنهم ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية فقد قال سفيان وغيره طلبهم للعلم نية وقالوا طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله معناه كانت غايته أن صار لله تعالى
أدب المعلم [ فصل ] ومن آدابه المتأكدة وما يعتنى به أن يصون يديه في حال الإقراء عن العبث وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار وتكون ثيابه بيضا نظيفة وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجدا أو غيره فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه
[ فصل ] ومن آدابه المتأكدة وما يعتنى بحفظه أن لا يذل العلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة
[ فصل ] وينبغي أن يكون مجلسه واسعا ليتمكن جلساؤه فيه ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : خير المجالس أوسعها رواه أبو داود بإسناد صحيح
في آداب المتعلم [ فصل ] جميع ما ذكرناه من آداب المعلم في نفسه آداب للمتعلم
ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قال ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب
وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق وهذا أولى
[ فصل ] ولا يتعلم إلا ممن تكلمت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشئ وقال اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة
[ فصل ] ويدخل على الشيخ كامل الخصال متصفا بما ذكرناه في المعلم متطهرا مستعملا للسواك فارغ القلب من الأمور الشاغلة * وأن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى * استئذان وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية * وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف كما جاء في الحديث فليست * الأولى أحق من الثانية ولا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم أو يعلم من حالهم إيثار ذلك ولا يقيم أحدا من موضعه فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة * ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما وإن فسحا له قعد وضم نفسه
أدبه مع رفاقه [ فصل ] وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين
ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة بل يكون متوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه أدبه مع شيخه
[ فصل ] ومما يتأكد الاعتناء به أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله واستيفازه سنة وروعه وغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك
وقد قالوا من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما ذللت طالبا فعززت مطلوبا وقد أحسن من قال من لم يذق طعم المذلة ساعة * قطع الزمان بأسره مذلولا حرصه على العلم
[ فصل ] ومن آدابه المتأكدة أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال وإذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف
كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تفقهوا قبل أن تسودوا
[ فصل ] وينبغي أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم بارك لأمتي في بكورها وينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظة وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه في القرب بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب فإن رأى الشيخ المصلحة في الإيثار في بعض الأوقات لمعنى شرعي فأشار إليه فليمتثل

الباب الخامس في آداب حامل القرآن
ومن آدابه أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن وأن يكون مصونا عن دنئ الاكتساب شريف النفس مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار * فقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس مفطرون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائه إذا الناس يضحكون وبصحته إذا الناس يخوضون، ويخسوعه إذا الناس يختالون وعن الحسن بن علي رضي الله عنه قال إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار
وعن الفضيل بن عياض قال ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم وعنه أيضا قال حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن بعده عن التكسب به
[ فصل ] ومن أهم ما يؤمر به أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها
فقد جاء عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد معناه يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها
وأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء
وأجاب المجوزون عن الحديث الذي ذكر ذلك بجوابين 1 - أحدهما أن في إسناده مقالا 2 - والثاني أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا ثم أهدي إليه على سبيل العوض فلم يجز له الأخذ بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم والله أعلم
موقف السلف منه [ فصل ] ينبغي أن يحافظ على تلاوته ويكثر منها وكان السلف رضي الله عنهم لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة وعن بعضهم في كل شهر ختمة * وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة * وعن بعضهم في كل ثمان ليال وعن الأكثرين في كل سبع ليال * وعن بعضهم في كل ست * وعن بعضهم في كل خمس * وعن بعضهم في كل أربع * وعن كثيرين في كل ثلاث * وعن بعضهم في كل ليلتين * وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة * ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين * ومنهم من كان يختم ثلاثا وختم بعضهم ثمان ختمات أربعا بالليل وأربعا بالنهار فمن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون
وحكى الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما [ فصل ] في الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان ثبت عن أبي موسى الأشرعي يا رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها رواه البخاري ومسلم وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت رواه مسلم والبخاري
فيمن نام عن ورده [ فصل ] عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نام عن حزبه من الليل أو عن شئ منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل رواه مسلم وعن سليمان بن يسار قال قال أبو أسيد رضي الله عنه نمت البارحة عن وردي حتى أصبحت فلما أصبحت استرجعت وكان وردي سورة البقرة فرأيت في المنام كأن بقرة تنطحني رواه ابن أبي داود
وروى ابن أبي الدنيا عن بعض حفاظ القرآن أنه نام ليلة عن حزبه فأري في منامه كأن قائلا يقول له * عجبت من جسم ومن صحة * لو ومن فتى نام إلى الفجر * والموت لا يؤمن خطفاته * يكون في ظلم الليل إذا يسري

الباب السادس في آداب القرآن
هذا الباب هو مقصود الكتاب فأول ذلك يجب على القارئ الإخلاص كما قدمناه ومراعاة الأدب مع القرآن فينبغي أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى ويقرأ على حال من يرى الله تعالى فإنه إن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه (1).
استعماله السواك [ فصل ] وينبغي إذا أراد القراءة أن ينظف فاه بالسواك وغيره والاختيار في السواك أن يكون بعود من أراك ويجوز بسائر العيدان وبكل ما ينظف كالخرقة الخشنة والأشنان وغير ذلك وفي حصوله بالأصبع الخشنة ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى 1 - أشهرها أنه لا يحصل 2 - والثاني يحصل 3 - الثالث: يحصل إن لم يجد غيرها ولا يحصل إن وجد * * * ويستاك عرضا مبتدئا بالجانب الأيمن من فمه وينوي به الإتيان بالسنة
[ فصل ] إذا لم يجد الجنب أو الحائض ماء تيمم ويباح له القراءة والصلاة وغيرهما فإن أحدث حرمت عليه الصلاة ولم تحرم القراءة والجلوس في المسجد وغيرهما مما لا يحرم على المحدث كما لو اغتسل ثم أحدث
نظافة المكان [ فصل ] ويستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار ولهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعا للنظافة وشرف البقعة ومحصلا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف فإنه ينبغي لكل جالس في المسجد الاعتكاف سواء أكثر في جلوسه أو قل
وهذا الأدب ينبغي أن يعتني به ويشاع ذكره ويعرفه الصغار والعوام فإنه مما يغفل عنه.
وأما القراءة في الحمام فقد اختلف السلف في كراهيتها
قال الشعبي تكره القراءة في ثلاثة مواضع 1 - في الحمامات 2 - والحشوش 3 - وبيوت الرحى وهي تدور وعن أبي ميسرة قال لا يذكر الله إلا في مكان طيب وأما القراءة في الطريق فالمختار أنها جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها فإن التهى عنها كرهت كما كره النبي صلى الله عليه وسلم : القراءة للناعس مخافة من الخلط وروى أبو داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقرأ في الطريق وروى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أذن فيها
[ فصل ] يستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقل القبلة فقد جاء في الحديث خير المجالس ما استقبل به القبلة ويجلس متخشعا بسكينة ووقار
هو الأكمل ولو قرأ قائما أو مضطجعا أو في فراشه أو على غير ذلك من الأحوال جاز وله أجر ولكن دون الأول قال الله عز وجل (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض) وثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن رواه البخاري ومسلم وفي رواية يقرأ القرآن ورأسه في حجري وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال إني أقرأ القرآن في صلاتي وأقرأ على فراشي وعن عائشة رضي الله عنها قالت إني لا أقرأ حزبي وأنا مضطجعة على السرير
حكم التعوذ [ فصل ] فإن أراد الشروع في القراءة استعاذ فقال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا قال الجمهور من العلماء
لقوله تعالى (فإذا قرأت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) وتقدير الآية عند الجمهور إذا أردت القراءة فاستعذ ثم صيغة التعوذ يقولون أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ولا بأس بهذا ولكن الاختيار هو الأول ثم إن التعوذ مستحب وليس بواجب وهو مستحب لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو في غيرها ويستحب في الصلاة في كل ركعة على الصحيح من الوجهين وينبغي أن يحافظ على قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في أول كل سورة سوى براءة
[ فصل ] فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر عند القراءة والدلائل عليه أكثر من أن تحصر وأشهر وأظهر من أن تذكر فهو المقصود المطلوب وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب قال الله عز
(أفلا يتدبرون القرآن) وقال تعالى (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته) والأحاديث فيه كثيرة وأقاويل السلف فيه مشهورة
وقال السيد الجليل ذو المواهب والمعارف إبراهيم الخواص رضي الله تعالى عنه دواء القلب خمسة أشياء 1 - قراءة القرآن بالتدبر
2 - وخلاء البطن 3 - وقيام الليل 4 - والتضرع عند السحر 5 - ومجالسة الصالحين
[ فصل ] في استحباب ترديد الآية للتدبر وروينا عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال قام النبي صلى الله عليه وسلم : بآية يرددها حتى أصبح والآية إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية رواه النسائي وابن ماجه * وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه أنه كرر هذه الآية حتى أصبح أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومما تهم ساء ما يحكمون) وعن عبادة بن حمزة قال دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو ورويت هذه القصة عن عائشة رضي الله تعالى عنها
[ فصل ] في البكاء عند قراءة القرآن صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين قال الله تعالى (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا) وقد وردت فيه أحاديث كثيرة وآثار السلف فمن ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم : اقرؤوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى بالجماعة الصبح فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته
فصل ) وينبغي أن يرتل القرآن والعلماء على استحباب الترتيل
قال الله تعالى ورتل القرآن ترتيلا وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم : قراءة مفسرة حرفا حرفا وعن معاوية بن قرة رضي الله عنه عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح يرجع في قراءته رواه البخاري ومسلم وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله وعن مجاهد أنه سئل عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل عمران والآخر البقرة وحدها وزمنهما وركوعهما وسجودهما وجلوسهما واحد سواء فقال الذي قرأ البقرة وحدها أفضل
وقد نهي عن الإفراط في الإسراع ويسمى الهذرمة
فثبت عن عبد الله بن مسعود أن رجلا قال له إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة فقال عبد الله بن مسعود هكذا هكذا الشعر إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع القلب فرسخ فيه نفع رواه البخاري ومسلم
[ فصل ] ويستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب أو يقول اللهم إني أسألك العافية أو أسألك المعافاة من كل مكروه أو نحو ذلك وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزه فقال سبحانه وتعالى أو تبارك وتعالى أو جلت عظمة ربنا فقد صح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم: ذات ليلة فافتتح البقرة * فقلت يركع عند المائة ثم مضى * فقلت يصلي بها في ركعة فمضى * فقلت يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ ترسلا
إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ أصحابنا رحمهم الله تعالى ويستحب هذا السؤال والاستعاذة والتسبيح لكل قارئ سواء كان * في الصلاة أو خارجا منها قالوا * ويستحب ذلك في صلاة الإمام والمنفرد والمأموم لأنه دعاء فاستووا فيه كالتأمين عقب الفاتحة وهذا الذي ذكرناه من استحباب السؤال والاستعاذة هو مذهب الشافعي رضي الله عنه وجماهير العلماء رحمهم الله قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى * ولا يستحب ذلك بل يكره في الصلاة والصواب قول الجماهير لما قدمناه احترام القرآن
[ فصل ] ومما يعتنى به ويتأكد الأمر به احترام القرآن من أمور قد يتساهل فيها بعض الغافلين القارئين مجتمعين فمن ذلك اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة إلا كلاما يضطر إليه وليمتثل قد قول الله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون)
وليقتد بما رواه ابن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا قرأ القرآن لا يتكلم حتى يفرغ منه ومن ذلك العبث باليد وغيرها فإنه يناجي ربه سبحانه وتعالى فلا يعبث بين يديه ومن ذلك النظر إلى ما يلهي ويبدد الذهن وأقبح من هذا كله النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه كالأمرد وغيره فإن النظر إلى الأمرد الحسن من غير حاجة حرام سواء كان بشهوة أو بغيرها سواء أمن الفتنة أو لم يأمنها هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء
[ فصل ] لا تجوز قراءة القرآن بالعجمية سواء أحسن العربية أو لم يحسنها سواء كان في الصلاة أم في غيرها فإن قرأ بها في الصلاة لم تصح صلاته * وقال أبو حنيفة يجوز ذلك وتصح به الصلاة * وقال أبو يوسف ومحمد يجوز ذلك لمن لم يحسن العربية
[ فصل ] وتجوز قراءة القرآن بالقراءات السبع المجمع عليها ولا يجوز بغير السبع ولا بالروايات الشاذة المنقولة عن القراء السبعة
[ فصل ] قال العلماء الاختيار أن يقرأ على ترتيب المصحف فيقرأ الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران ثم ما بعدها على الترتيب وسواء قرأ في الصلاة أو في غيرها ويستحب إذا قرأ سورة أن يقرأ بعدها التي تليها إلا فيما ورد المشرع باستثنائه كصلاة الصبح يوم الجمعة يقرأ في الأولى سورة السجدة وفي الثانية هل أتى على الإنسان وصلاة العيد في
الأولى قاف وفي الثانية اقتربت الساعة وركعتين سنة الفجر في الأولى قل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد وركعات الوتر في الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين ولو خالف الموالاة فقرأ سورة لا تلي الأولى أو خالف الترتيب فقرأ سورة ثم قرأ سورة قبلها جاز
[ فصل ] قراءة القرآن من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب لأن النظر في المصحف عبادة مطلوبة فتجتمع القراءة والنظر
[ فصل ] في استحباب قراءة الجماعة مجتمعين وفضل القارئين من الجماعة والسامعين وبيان فضيلة من جمعهم عليها وحرضهم وندبهم إليها ] اعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة وأفعال السلف والخلف المتظاهرة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : من رواية أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنه قال ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده صلى الله عليه وسلم قال الترمذي حديث حسن صحيح وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكره الله فيمن عنده رواه مسلم وأبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم وعن معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : خرج على حلقة من أصحابه فقال ما يجلسكم * قالوا جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده لما هدانا للإسلام ومن علينا به * فقال أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة
[ فصل ] في الإدارة بالقرآن وهو أن يجتمع جماعة يقرأ بعضهم عشرا أو جزءا أو غير ذلك ثم يسكت ويقرأ الأخر من حيث انتهى الأول ثم يقرأ الآخر وهذا جائز حسن وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عنه فقال لا بأس به
[ فصل ] في رفع الصوت بالقراءة
هذا فصل مهم ينبغي أن يعتنى به اعلم أنه جاء أحاديث كثيرة في الصحيح وغيره دالة على استحباب رفع الصوت بالقراءة وجاءت آثار دالة على استحباب الإخفاء وخفض الصوت
قال الإمام أبو حامد الغزالي وغيره من العلماء وطريق الجمع بين الأحاديث والآثار المختلفة في هذا أن الإسرار أبعد من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف ذلك فإن لم يخف الرياء فالجهر ورفع الصوت أفضل لأن العمل فيه أكثر ولأن فائدته تتعدى إلى غيره والمتعدي أفضل من اللازم ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر فيه ويصرف سمعه إليه ويطرد النوم ويزيد في النشاط ويوقظ غيره من نائم وغافل وينشطه قالوا فمهما حضره شئ من هذه النيات فالجهر أفضل فإن اجتمعت هذه النيات تضاعف الأجر ،ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول ما أذن الله لشئ ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به رواه البخاري ومسلم ومعنى أذن استمع وهو إشارة إلى الرضا
[ فصل ] في استحباب تحسين الصوت بالقراءة أجمع العلماء رضي الله عنهم من السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار أئمة المسلمين على استحباب تحسين الصوت بالقرآن وأقوالهم وأفعالهم مشهورة نهاية الشهرة فنحن مستغنون عن نقل شئ من أفرادها ودلائل هذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : مستفيضة عند الخاصة والعامة كحديث زينوا القرآن بأصواتكم وحديث لقد أوتي هذا مزمارا وحديث ما أذن الله وحديث لله أشد أذنا وقد تقدمت
وفي سنن أبي داود قيل لابن أبي مليكة أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت فقال يحسنه ما استطاع في استحباب طلب القراءة الطيبة من حسن الصوت اعلم أن جماعات من السلف كانوا يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرؤوا وهم يستمعون وهذا متفق على استحبابه وهو عادة الأخيار والمتعبدين وعباد الله الصالحين وهى سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقد صح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ علي القرآن فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا جئت إلى هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال حسبك الآن فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان رواه البخاري ومسلم
[ فصل ] ينبغي للقارئ إذا ابتدأ من وسط السورة أو وقف على غير آخرها أن يبتدئ من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض وأن يقف على الكلام المرتبط ولا يتقيد بالأعشار والأجزاء فإنها قد تكون في وسط الكلام المرتبط
ولهذا المعنى قالت العلماء قراءة سورة قصيرة بكاملها أفضل من قراءة بعض سورة طويلة بقدر القصيرة فإنه قد يخفى الارتباط على بعض الناس في بعض الأحوال
[ فصل ] في أحوال تكره فيها القراءة اعلم أن قراءة القرآن على الإطلاق إلا في أحوال مخصوصة جاء الشرع بالنهي عن القراءة فيها وأنا أذكر الآن منها مختصرة بحذف الأدلة فإنها مشهورة 1 - فتكره القراءة في حالة الركوع والسجود والتشهد وغيرها من أحوال الصلاة سوى القيام 2 - وتكره القراءة بما زاد على الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية إذا سمع قراءة الإمام 3 - وتكره حالة القعود على الخلاء 4 - وفي حالة النعاس 5 - وكذا إذا استعجم عليه القرآن 6 - وكذا في حالة الخطبة لمن يسمعها ولا تكره لمن لم يسمعها بل تستحب هذا هو المختار الصحيح وجاء عن طاوس كراهيتها وعن إبراهيم عدم الكراهة فيجوز أن يجمع بين كلاميهما بما قلنا كما ذكره أصحابنا
ولا تكره القراءة في الطواف هذا مذهبنا وبه قال أكثر العلماء
[ فصل ] من البدع المنكرة في القراءة ما يفعله جهلة المصلين بالناس في التراويح من قراءة سورة الأنعام في الركعة الأخيرة في الليلة السابعة معتقدين أنها مستحبة فيجمعون أمورا منكرة 1 - منها اعتقادها مستحبة 2 - ومنها إيهام العوام ذلك 3 - ومنها تطويل الركعة الثانية على الأولى وإنما السنة تطويل الأولى 4 - ومنها التطويل على المأمومين 5 - ومنها هذرمة القراءة ومن البدع المشابهة لهذا قراءة بعض جهلتهم في الصبح يوم الجمعة بسجدة غير سجدة ألم تنزيل قاصدا ذلك وإنما السنة قراءة ألم تنزيل في الركعة الأولى وهل أتى في الثانية
[ فصل ] في مسائل غريبة تدعو الحاجة إليها 1 منها أنه إذا كان يقرأ فعرض له ريح فينبغي أن يمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجها ثم يعود إلى القراءة وهو أدب حسن 2 - ومنها أنه إذا تثاءب أمسك عن القراءة حتى ينقضي التثاؤب ثم يقرأ
قال مجاهد وهو حسن ويدل عليه ما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فإن الشيطان يدخل رواه مسلم 3 - ومنها أنه إذا قرأ قول الله عز وجل (وقال اليهود عزير ابن الله وقالت النصاري المسيح ابن الله وقالت اليهود يد الله مغلولة وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ونحو ذلك من الآيات ينبغي أن يخفض بها صوته كذا كان إبراهيم النخعي رضي الله عنه يفعل 4 - ومنها عن الشعبي أنه قيل
له إذا قرأ الإنسان إن الله وملائكته يصلون على النبي يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم : قال نعم 5 - ومنها أنه يستحب له أن يقول ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال من قرأ والتين والزيتون فقال أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين
[ فصل ] في قراءة يراد بها الكلام ذكر ابن أبي داود في هذا اختلافا وروي عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه كان يكره أن يقال القرآن بشئ يعرض من أمر الدنيا وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ في صلاة المغرب بمكة والتين والزيتون ورفع صوته وقال وهذا البلد الأمين وعن حكيم بضم الحاء بن سعد أن رجلا من المحكمية أتى عليا رضي الله عنه وهو في صلاة الصبح فقال لئن أشركت ليحبطن عملك فأجابه علي في الصلاة (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذي لا يوقنون) قال أصحابنا إذا استأذن إنسان على المصلي فقال المصلي (ادخلوها بسلام آمنين فإن أراد التلاوة وأراد الإعلام لم تبطل صلاته وإن أراد الإعلام ولم يحضره نية بطلت صلاته
حكم القيام [ فصل ] وإذا ورد على القارئ من فيه فضيلة من علم أو شرف أو سن مع صيانة أو له حرمة بولاية أو ولادة أو غيرها فلا بأس بالقيام له على سبيل الاحترام والإكرام لا للرياء والإعظام بل ذلك مستحب وقد ثبت القيام للإكرام من فعل النبي صلى الله عليه وسلم : وفعل أصحابه رضي الله عنهم بحضرته وبأمره ومن فعل التابعين ومن بعدهم من العلماء الصالحين
حكم السلام [ فصل ] إذا كان يقرأ ماشيا فمر على قوم يستحب أن يقطع القراءة ويسلم عليهم ثم يرجع إلى القراءة ولو أعاد التعوذ كان حسنا
و رد السلام واجب بالجملة والله أعلم وأما إذا عطس في حال القراءة فإنه يستحب أن يقول الحمد لله وكذا لو كان في الصلاة ولو عطس غيره وهو يقرأ في غير الصلاة وقال الحمد لله يستحب للقارئ أن يشمته
ولو سمع المؤذن قطع القراءة وأجابه بمتابعته في ألفاظ الأذان والإقامة ثم يعود إلى قراءته وهذا متفق عليه وأما إذا طلبت منه حاجة في حال القراءة وأمكنه جواب السائل بالإشارة المفهمة وعلم أنه لا ينكسر قلبه ولا يحصل عليه شئ من الأذى للأنس الذي بينها بينهما ونحوه فالأولى أن يجيبه بالإشارة ولا يقطع القراءة فإن قطعها جاز
أحكام نفيسة [ فصل ] في أحكام نفيسة تتعلق بالقراءة في الصلاة
منها أنه يجب القراءة في الصلاة المفروضة بإجماع العلماء وجماهير العلماء تتعين قراءة الفاتحة في كل ركعة وقال أبو حنيفة وجماعة لا تتعين الفاتحة أبدا والصواب الأول فقد تظاهرت عليها الأدلة من السنة ويكفي من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : في الحديث الصحيح ولا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن وأجمعوا على استحباب قراءة السورة بعد الفاتحة في ركعتي الصبح والأولتين من باقي الصلوات واختلفوا في استحبابها في الثالثة والرابعة
[ فصل ] لا بأس بالجمع بين سورتين في ركعة واحدة فقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقرن بينهن فذكر عشرين سورة من المفصل كل سورتين في ركعة
[ فصل ] أجمع المسلمون على استحباب الجهر بالقراءة في الصبح والجمعة والعيدين والأولتين من المغرب والعشاء وفي صلاة التراويح والوتر عقيبها
[ فصل ] قال أصحابنا يستحب للإمام في الصلاة الجهرية أن يسكت أربع سكتات في حال القيام 1 - إحداها أن يسكت بعد تكبيرة الإحرام ليقرأ دعاء التوجه وليحرم المأمومون 2 - والثانية عقيب الفاتحة سكتة لطيفة جدا بين آخر الفاتحة وبين آمين لئلا يتوهم أن آمين من الفاتحة 3 - والثالثة بعد آمين سكتة طويلة بحيث يقرأ المأمومون الفاتحة
4 - والرابعة بعد الفراغ من السورة يفصل بها بين القراءة وتكبير الهوي إلى الركوع
التأمين [ فصل ] يستحب لكل قارئ كان في الصلاة أو في غيرها إذا فرغ من الفاتحة أن يقول آمين والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة
[ فصل ] في سجود التلاوة وهو مما يتأكد الاعتناء به فقد أجمع العلماء على الأمر بسجود التلاوة واختلفوا في أنه أمر استحباب أم إيجاب فقال الجماهير ليس بواجب بل مستحب وهذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن عباس وعمران بن حصين ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحق وأبي ثور وداود وغيرهم وقال أبو حنيفة رحمه الله هو واجب
[ فصل ] في بيان عدد السجدات ومحلها أما عددها المختار الذي قاله الشافعي رحمه الله والجماهير أنها أربع عشرة سجدة 1 - في الأعراف 2 - والرعد 3 - والنحل 4 - وسبحان 5 - ومريم
6 - وفي الحج سجدتان 7 - وفي الفرقان 8 - والنمل 9 - وألم 10 - وحم السجدة
11 - والنجم 12 - وإذا السماء انشقت 13 - واقرأ باسم ربك وأما سجدة ص فمستحبة فليست من عزائم السجود
[ فصل ] حكم سجود التلاوة حكم صلاة النافلة في اشتراط الطهارة عن الحدث وعن النجاسة وفي استقباله القبلة وستر العورة فتحرم على من ببدنه أو ثوبه نجاسة غير معفو عنها وعلى المحدث إلا إذا تيمم في موضع يجوز فيه التيمم وتحرم إلى غير القبلة إلا في السفر حيث تجوز النافلة إلى غير القبلة وهذا كله متفق عليه الحديث على سجدة صلى الله عليه وسلم
[ فصل ] فيمن يسن له السجود اعلم أنه يسن للقارئ المطهر بالماء أو التراب حيث يجوز سواء كان في الصلاة أو خارجا منها ويسن للمستمع ويسن أيضا للسامع غير المستمع ولكن قال الشافعي لا أؤكد في حقه كما أؤكد في حق المستمع هذا هو الصحيح
[ فصل ] في اختصار السجود وهو أن يقرأ آية أو آيتين ثم يسجد حكى ابن المنذر عن الشعبي والحسن البصري ومحمد بن سيرين والنخعي وأحمد وإسحق أنهم كرهوا ذلك
[ فصل ] إذا كان مصليا منفردا سجد لقراءة نفسه فلو ترك سجود التلاوة وركع ثم أراد أن يسجد للتلاوة لم يجز
[ فصل ] في وقت السجود للتلاوة قال العلماء ينبغي أن يقع عقيب آية السجدة التي قرأها أو سمعها فإن أخر ولم يطل الفصل سجد وإن طال فقد فات السجود فلا يقضي على المذهب الصحيح المشهور
[ فصل ] إذا قرأ السجدات كلها أو سجدات منها في مجلس واحد سجد لكل سجدة بلا خلاف فإن كرر الآية الواحدة في مجالس سجد لكل مرة بلا خلاف فإن كررها في المجلس الواحد نظر فإن لم يسجد للمرة الأولى كفاه سجدة واحدة عن الجميع وإن سجد للأولى ففيه ثلاثة أوجه 1 - أصحها يسجد لكل مرة سجدة لتجدد السبب بعد توفية حكم الأول 2 - والثاني يكفيه سجدة الأولى عن الجميع
3 - والثالث إن طال الفصل سجد وإلا فتكفيه الأولى أما إذا كرر السجدة الواحدة في الصلاة فإن كان في ركعة فيه
كالمجلس الواحد فيكون فيه الأوجه الثلاثة وإن كان في ركعتين فكالمجلسين فيعيد السجود بلا خلاف
حال الركوب [ فصل ] إذا قرأ السجدة وهو راكب على دابة في السفر سجد بالإيماء
[ فصل ] إذا قرأ آية السجدة في الصلاة قبل الفاتحة سجد بخلاف ما إذا قرأ في الركوع أو السجود فإنه لا يجوز أن يسجد لأن القيام محل القراءة ر [ فصل ] لو قرأ آية السجدة بالفارسية لا يسجد عندنا كما لو فسر آية سجدة وقال أبو حنيفة يسجد [ فصل ] إذا سجد المستمع مع القارئ لا يرتبط به ولا ينوي الاقتداء به وله الرفع من السجود قبله
فائدة [ فصل ] لا تكره قراءة آية السجدة للإمام عندنا سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية ويسجد إذا قرأها وقال مالك يكره ذلك مطلقا وقال أبو حنيفة يكره في السرية دون الجهرية
لطيفة [ فصل ] لا يكره عندنا سجود التلاوة في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها وبه قال الشعبي والحسن البصري وسالم بن عبد الله والقاسم وعطاء وعكرمة وأبو حنيفة وأصحاب الرأي ومالك في إحدى الروايتين
[ فصل ] لا يقوم الركوع مقام سجدة التلاوة في حال الاختيار وهذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء السلف والخلف وقال أبو حنيفة رحمه الله يقوم مقامه ودليل الجمهور القياس على سجود الصلاة وأما العاجز عن السجود فيومئ إليه كما يومئ لسجود الصلاة
[ فصل ] في صفة السجود اعلم أن الساجد للتلاوة له حالان 1 - أحدهما أن يكون خارج الصلاة 2 - والثاني أن يكون فيها أما الأول فإذا أراد السجود نوى سجود التلاوة وكبر للإحرام ورفع يديه حذو منكبيه كما يفعل في تكبيرة الإحرام للصلاة ثم يكبر تكبيرة أخرى للهوي إلى السجود ولا يرفع فيها اليد وهذه التكبيرة الثانية وأما التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام فالأظهر أنها ركن ، وقال بعضهم مستحبة ا
وأما التسبيح في السجود فقال أصحابنا يسبح بما يسبح به في سجود الصلاة
ثم إذا فرغ من التسبيح والدعاء رفع رأسه مكبرا وهل يفتقر إلى السلام فيه قولان منصوصان للشافعي مشهوران 1 - أصحهما عند جماهير أصحابه أنه يفتقر لافتقاره إلى الإحرام ويصير كصلاة الجنارة ويؤيد هذا ما رواه ابن أبي داود بإسناده الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا قرأ السجدة سجد ثم سلم 2 - والثاني لا يفتقر كسجود التلاوة في الصلاة ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم : ذلك فعلى الأول هل يفتقر إلى التشهد ؟ فيه وجهان أصحهما لا يفتقر كما لا يفتقر إلى القيام
وهذا كله في الحال الأول وهو السجود خارج الصلاة والحال الثاني أن يسجد للتلاوة في الصلاة فلا يكبر للإحرام ويستحب أن يكبر للسجود ولا يرفع يديه ويكبر للرفع من السجود هذا هو الصحيح المشهور الذي قاله الجمهور وقال أبو علي بن أبي هريرة من أصحابنا لا يكبر للسجود ولا للرفع والمعروف الأول
[ فصل ] في الأوقات المختارة للقراءة اعلم أن أفضل القراءة ما كان في الصلاة ومذهب الشافعي وغيره أن تطويل القيام في الصلاة أفضل من تطويل السجود وغيره
وأما القراءة في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل والنصف الأخير من الليل أفضل من النصف الأول والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة وأما القراءة في النهار فأفضلها بعد صلاة الصبح ولا كراهية في القراءة في وقت من الأوقات لمعنى فيه ـ ويختار من الأيام الجمعة والاثنين والخميس ويوم عرفة ومن الأعشار العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة ومن الشهور رمضان أدب دقيق
[ فصل ] إذا أرتج على القارئ ولم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه فسأل عنه غيره فينبغي أن يتأدب بما جاء عن عبد الله بن مسعود وإبراهيم النخعي وبشير بن أبي مسعود رضي الله عنهم قالوا إذا سأل أحدكم أخاه عن آية فليقرأ ما قبلها ثم يسكت ولا يقول كيف كذا وكذا فإنه يلبس عليه
[ فصل ] إذا أراد أن يستدل بآية فله أن يقول قال الله تعالى كذا وله أن يقول الله تعالى يقول كذا ولا كراهة في شئ من هذا هذا هو الصحيح المختار الذي عليه عمل السلف والخلف
[ فصل ] في آداب الختم وما يتعلق به فيه مسائل 1 - الأولى في وقته أن الختم للقارئ وحده يستحب أن يكون في الصلاة وأنه قيل يستحب أن يكون في ركعتي سنة الفجر وركعتي سنة المغرب وفي ركعتي الفجر أفضل وأنه يستحب أن يختم ختمة في أول النهار في دور ويختم ختمة أخرى في آخر النهار في دور آخر وأما من يختم في غير الصلاة والجماعة الذين يختمون مجتمعين فيستحب أن تكون ختمتهم يقول أول النهار أو في أول الليل كما تقدم وأول النهار أفضل عند بعض العلماء * 2 - المسألة الثانية يستحب صيام يوم الختم إلا أن يصادف يوما نهى الشرع عن صيامه وقد روى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أن طلحة بن مطرف وحبيب بن أبي ثابت والمسيب بن رافع التابعيين الكوفيين رضي الله عنهم أجمعين كانوا يصبحون في اليوم الذي يختمون فيه القرآن صياما
* 3 - المسألة الثالثة يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحبابا متأكدا فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمر الحيض بالخروج يوم العيد ليشهدن الخير ودعوة المسلمين وروى الدارمي وابن أبي داود بإسنادهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن فإذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس فيشهد ذلك
كانوا يجتمعون عند ختم القرآن يقولون تنزل الرحمة * 4 - المسألة الرابعة الدعاء مستحب عقيب الختم استحبابا متأكدا


الباب السابع في آداب الناس كلهم مع القرآن
ثبت في صحيح مسلم رضي الله عنه عن تميم الداري رضي الله عنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم : قال الدين النصيحة قلنا لمن قال 1 - لله 2 - ولكتابه 3 - ولرسوله 4 - ولأئمة المسلمين 5 - وعامتهم قال العلماء رحمهم الله النصيحة لكتاب الله تعالى هي الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شئ من كلام الخلق ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم ثم تعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه
[ فصل ] أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العزيز على الإطلاق وتنزيهه وصيانته وأجمعوا على أن من جحد منه حرفا مما أجمع عليه أو زاد حرفا لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك فهو كافر
حكم تفسيره [ فصل ] ويحرم تفسيره بغير علم والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها والأحاديث في ذلك كثيرة والإجماع منعقد عليه
وأما تفسيره للعلماء فجائز حسن والإجماع منعقد عليه فمن كان أهلا للتفسير جامعا للأدوات حتى التي يعرف بها معناه وغلب على ظنه المراد فسره إن كان مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل وتفسير الألفاظ اللغوية فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله وأما من كان ليس من أهله لكونه غير جامع لأدواته فحرام عليه التفسير لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله
ثم المفسرون برأيهم من غير دليل صحيح أقسام * 1 - منهم من يحتج بأنه على تصحيح مذهبه وتقوية خاطره مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية وإنما يقصد الظهور على خصمه * 2 - ومنهم من يقصد الدعاء إلى خير ويحتج بآية من غير أن تظهر له دلالة لما قاله * 3 - ومنهم من يفسر ألفاظه العربية من غير وقوف على معانيها عند أهلها وهي مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية وأهل التفسير كبيان معنى اللفظ وإعرابها وما فيها من الحذف والاختصار والإضمار والحقيقة والمجاز والعموم والخصوص والتقديم والتأخير والإجمال والبيان وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر ولا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها بل لا بد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها فقد يكونون مجتمعين على ترك الظاهر أو على إرادة الخصوص أو الإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر وكما إذا كان
اللفظ مشتركا في معان فعلم في موضع أن المراد أحد المعاني ثم فسر كل ما جاء به فهذا كله تفسير بالرأي وهو حرام والله أعلم
حكم المراء [ فصل ] يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق فمن ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شئ يخالف مذهبه ويحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول وأما من لا يظهر له ذلك فهو
أدب السائل عنه [ فصل ] وينبغي لمن أراد السؤال عن تقديم آية على آية في المصحف أو مناسبة هذه الآية في هذا الموضع ونحو ذلك أن يقول ما الحكمة في كذا
أدب الناس معه [ فصل ] يكره أن يقول نسيت آية كذا بل يقول أنسيتها أو أسقطتها فقد ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا يقول أحدكم نسيت آية كذا وكذا بل هو شئ نسي وفي رواية في الصحيحين أيضا بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آية كيت وكيت بل هو نسي وثبت في الصحيحين أيضا عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم : سمع رجلا يقرأ فقال رحمه الله لقد ذكرني آية كنت أسقطتها
فيه حكم إضافة القراءة [ فصل ] يجوز أن يقال سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وسورة الأنعام وكذا الباقي لا كراهة في ذلك وكره بعض المتقدمين هذا
حكم إضافة السورة [ فصل ] ولا يكره أن يقال هذه قراءة أبي عمرو أو قراءة نافع أو حمزة أو الكسائي أو غيرهم هذا هو المختار الذي عليه السلف والخلف من غير إنكار وروى ابن أبي داود عن إبراهيم النخعي أنه قال كانوا يكرهون أن يقال سنة فلان وقراءة فلان والصحيح ما قدمناه حكم سماع الكافر له [ فصل ] لا يمنع الكافر من سماع القرآن لقول الله تعالى وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ويمتنع من مس المصحف وهل يجوز تعليمه القرآن قال أصحابنا إن كان لا يرجى إسلامه لم يجز تعليمه وإن رجي إسلامه فوجهان * أصحهما يجوز رجاء إسلامه * والثاني لا يجوز كما لا يجوز بيع المصحف منه وإن رجي إسلامه وأما إذا رأيناه يتعلم فهل يمنع فيه وجهان
حكم كتبه على الاواني [ فصل ] اختلف العلماء في كتابة القرآن في إناء ثم يغسل ويسقى المريض
* فقال الحسن ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي لا بأس به وكرهه النخعي * قال القاضي حسين والبغوي وغيرهما من أصحابنا ولو كتب القرآن على الحلوى وغيرها من الأطعمة فلا بأس بأكلها قال القاضي ولو كان خشبة كره إحراقها
حكم كتابة الحروي [ فصل ] مذهبنا أنه يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله تعالى قال عطاء لا بأس بكتب القرآن في قبلة المسجد وأما كتابة الحروز من القرآن فقال مالك لا بأس به إذا كان في قصبة أو جلد وخرز عليه وقال بعض أصحابنا إذا كتب في الخرز قرآنا مع غيره فليس بحرام ولكن الأولى تركه لكونه يحمل في حال الحدث وإذا كتب يصان بما قاله الإمام مالك رحمه الله وبهذا أفتى الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله
[ فصل ] في النفث مع القرآن للرقية روى ابن أبي داود عن أبي جحيفة الصحابي رضي الله عنه واسمه وهب بن عبد الله وقيل غير ذلك وعن الحسن البصري وإبراهيم النخعي أنهم كرهوا ذلك والمختار أن ذلك غير مكروه بل هو سنة مستحبة فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم مسح بهما ما استطاع من جسده


الباب الثامن في الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة
اعلم أن هذا الباب واسع جدا لا يمكن حصره لكثرة ما جاء فيه فمن ذلك كثرة الاعتناء بتلاوة القرآن في شهر رمضان وفي العشر آكد، وليالي الوتر منه آكد، ومن ذلك العشر الأول من ذي الحجة ويوم عرفة ويوم الجمعة وبعد الصبح وفي الليل وينبغي أن يحافظ على قراءة يس والواقعة وتبارك الملك
القراءات المسنونة [ فصل ] السنة أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة ألم تنزيل بكمالها وفي الثانية هل أتى على الإنسان بكمالها والسنة أن يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى سورة الجمعة بكمالها وإن شاء سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : وليتجنب الاقتصار على
[ فصل ] ويقرأ في ركعتي سنة الفجر بعد الفاتحة الأولى قل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد وإن شاء قرأ في الأولى (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية وفي الثانية قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) ويقرأ في سنة المغرب قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ويقرأ بهما أيضا في ركعتي الطواف وركعتي الاستخارة
ويقرأ من أوتر بثلاث ركعات في الركعة الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين
[ فصل ] ويستحب أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره فيه قال الإمام الشافعي في الأم ويستحب أن يقرأها أيضا ليلة الجمعة
[ فصل ] ويستحب الإكثار من تلاوة آية الكرسي في جميع المواطن وأن يقرأها كل ليلة إذا أوى إلى فراشه وأن يقرأ المعوذتين عقب كل صلاة فقد صح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن أقرأ المعوذتين دبر كل صلاة
[ فصل ] يستحب أن يقرأ عند النوم آية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين وآخر سورة البقرة فهذا مما يهتم له ويتأكد الاعتناء به فقد ثبت فيه أحاديث صحيحة
الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه قال جماعة من اهل العلم كفتاه عن قيام الليل وقال آخرون كفتاه المكروه في ليلته وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان كل ليلة يقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين
* وعن عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم : لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل رواه الترمذي وقال حسن * ويستحب أن يقرأ إذا استيقظ من النوم كل ليلة آخر آل عمران من قوله تعالى إن في
خلق السماوات والأرض إلى آخرها فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان يقرأ خواتيم آل عمران إذا استيقظ
[ فصل ] فيما يقرأ عند المريض يستحب أن يقرأ عند المريض بالفاتحة لقوله صلى الله عليه وسلم : في الحديث الصحيح فيها وما أدراك أنها رقية * ويستحب أن يقرأ عنده قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس مع النفث في اليدين

الباب التاسع في كتابة القرآن وإكرام المصحف
اعلم أن القرآن العزيز كان مؤلفا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم : على ما هو في المصاحف اليوم ولكن لم يكن مجموعا في مصحف بل كان محفوظا في صدور الرجال فكان طوائف من الصحابة يحفظونه كله وطوائف يحفظون أبعاضا منه فلما كان زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقتل كثير من حملة القرآن فأجمع الصحابة رضي الله عنهم على جمعه في مصحف خشية ضياعه
وجعله في بيت حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها فلما كان في زمن عثمان رضي الله عنه وانتشر الإسلام خاف عثمان وقوع الاختلاف المؤدي إلى ترك شئ من القرآن أو الزيادة فيه فنسخ من ذلك المجموع الذي عند حفصة مصاحف وبعث بها إلى البلدان وأمر بإتلاف ما خالفها وكان فعله هذا باتفاق منه ومن علي بن أبي طالب وسائر الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم وإنما لم يجعله النبي صلى الله عليه وسلم : في مصحف واحد لما كان يتوقع من زيادته ونسخ بعض المتلو ولم يزل ذلك التوقع إلى وفاته صلى الله عليه وسلم : فلما أمن أبو بكر وسائر أصحابه ذلك التوقع واقتضت المصلحة جمعه فعلوه رضي الله عنهم
البدعة الحسنة [ فصل ] اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف وتحسين كتابتها وتبيينها وإيضاحها وتحقق الخط دون مشقة وتعليقه قال العلماء ويستحب نقط المصحف وشكله فإنه صيانة من اللحن فيه وتصحيفه
[ فصل ] لا تجوز كتابة القرآن بشئ نجس وتكره كتابته على الجدران
[ فصل ] أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه قال أصحابنا
[ فصل ] تحرم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم
ويحرم بيع المصحف من
مس المصحف وحمله [ فصل ] يحرم على المحدث مس المصحف وحمله سواء حمله بعلاقته أو بغيرها سواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد ويحرم مس الخريطة والغلاف والصندوق إذا كان فيهن المصحف هذا هو المذهب المختار وقيل لا تحرم
[ فصل ] إذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه ففي جوازه وجهان لأصحابنا 1 - أظهرهما جوازه 2 - والثاني تحريمه لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع وأما إذا لف كمه على يده وقلب الورقة فحرام بلا خلاف
[ فصل ] إذا كتب الجنب أو المحدث مصحكان يحمل الورقة أو جسها حال الكتابة فحرام وإن لم يحملها ولم يمسها ففيه ثلاثة أوجه * 1 - الصحيح جوازه * 2 - والثاني تحريمه * 3 - والثالث يجوز للمحدث ويحرم على الجنب
حمله مع غيره [ فصل ] إذا مس المحدث أو الجنب أو الحائض أو حمل كتابا من كتب الفقه أو غيره من العلوم وفيه آيات من القرآن أو ثوبا مطرزا بالقرآن أو دراهم أو دنانير منقوشة به أو حمل متاعا في جملته مصحف أو لمس الجدار أو الحلوى أو الخبز المنقوش به فالمذهب الصحيح جواز هذا كله لأنه ليس بمصحف
وأما كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن لم يكن فيها آيات من القرآن لم يحرم مسها والأولى أن لا تمس إلا على طهارة
[ فصل ] إذا كان في موضع من بدن المتطهر نجاسة غير معفو عنها حرم عليه مس المصحف بموضع النجاسة بلا خلاف ولا يحرم بغيره على المذهب الصحيح المشهور
[ فصل ] من لم يجد ماء فتيمم حيث يجوز التيمم له مس المصحف سواء كان تيممه للصلاة أو لغيرها مما يجوز له التيمم
[ فصل ] هل يجب على الولي والمعلم تكليف الصبي المميز الطهارة لحمل المصحف واللوح اللذين يقرأ فيهما فيه وجهان مشهوران أصحهما عند الأصحاب لا يجب للمشقة
بيعه وشراؤه [ فصل ] يصح بيع المصحف وشراؤه ولا كراهة في شرائه وفي كراهة بيعه وجهان أصحهما وهو نص الشافعي أنه يكره وذهبت طائفة إلى الترخيص في الشراء وكراهة البيع والله أعلم

الباب العاشر في ضبط الأسماء واللغات المذكورة في الكتاب
على ترتيب وقوعها هي كثيرة ولا فائدة من ذكره واختصاره والله أعلم


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 محرم 1436هـ/8-11-2014م, 10:55 PM
محمود بن عبد العزيز محمود بن عبد العزيز غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: مصر، خلَّصها الله من كل ظلوم
المشاركات: 802
Thumbs up

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوثر التايه مشاهدة المشاركة
قال البخاري، رحمه الله:
كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم
والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة: مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى، ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا؛ ولهذا عرضه في السنة الأخيرة من عمره عليه السلام اقتراب أجله، على جبريل مرتين، وعارضه به جبريل كذلك؛ ولهذا فهم، عليه السلام، اقتراب أجله، وعثمان رضي الله عنه، جمع المصحف الإمام على العرضة الأخيرة، رضي الله عنه وأرضاه وخص بذلك رمضان من بين الشهور؛ لأن ابتداء الإيحاء كان فيه
عن ابن عباس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة"، وهذا الحديث متفق عليه
عن أبي هريرة قال: "كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه
قال مسروق عن عائشة، عن فاطمة، رضي الله عنها: أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي. هكذا ذكره معلقا وقد أسنده في موضع آخر

القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
عن مسروق قال: قال عبد الله بن مسعود: والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه
وعن شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك.
وهذا كله حق وصدق، وهو من إخبار الرجل بما يعلم عن نفسه مما قد يجهله غيره، فيجوز ذلك للحاجة، ويكفيه مدحا وثناء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استقرئوا القرآن من أربعة))، فبدأ به
فعن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
فهؤلاء الأربعة اثنان من المهاجرين الأولين عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وقد كان سالم هذا من سادات المسلمين وكان يؤم الناس قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، واثنان من الأنصار معاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وهما سيدان كبيران، رضي الله عنهم أجمعين.
و قال البخاري: عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. ورواه مسلم.
وعن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه – ولعله قصد من جمعه من الأنصار ، وإلا فقد جمعه غير واحد من المهاجرين
لأن أنسا قال: ونحن ورثناه، وهم من الخزرج، وفي بعض ألفاظه وكان أحد عمومتي. وقال قتادة عن أنس قال: افتخر الحيان الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر، ومنا الذي حمته الدبر عاصم بن ثابت، ومنا الذي اهتز لموته العرش سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت.
فقالت الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد

جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه
وأما جمعه في عهد أبي بكر رضي الله عنه 'قال البخاري :أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز} [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، رضي الله عنهم.
وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق، رضي الله عنه، فإنه أقامه الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد بعده، فجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله، وكان هذا من سر قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] فجمع الصديق الخير وكف الشرور، رضي الله عنه وأرضاه..
وهذا فيه تحريهم في ضبط المصحف وجمعه رضي الله عنهم

قال البخاري رحمه الله: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك، حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23]، فألحقناها في سورتها في المصحف.
وهذا -أيضا- من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن كما اختلفت اليهود والنصارى ، ووافقه على ذلك جميع الصحابة.
قال أبو داود الطيالسي وابن مهدي وغندر عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن رجل، عن سويد بن غفلة، قال علي حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هو لصنعته.
وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد. وهذا إسناد صحيح.
وقال أيضا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف، حدثنا يحيى بن كثير، حدثنا ثابت بن عمارة الحنفي، قال: سمعت غنيم بن قيس المازني قال: قرأت القرآن على الحرفين جميعا، والله ما يسرني أن عثمان لم يكتب المصحف، وأنه ولد لكل مسلم كلما أصبح غلام، فأصبح له مثل ما له. قال: قلنا له: يا أبا العنبر، ولم؟ قال: لو لم يكتب عثمان المصحف لطفق الناس يقرؤون الشعر.
وحدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثني عمران بن حدير، عن أبي مجلز قال: لولا أن عثمان كتب القرآن لألفيت الناس يقرؤون الشعر.
وأمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت الأنصاري، أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون القرآن نسخا، وإذا اختلفوا في وضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.
وكان عثمان -والله أعلم- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.
ففهم من هذا الحديث أن ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما ترتيب السور فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا. وأما ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان، رضي الله عنه،
وأما عثمان، رضي الله عنه، فما يعرف أنه كتب بخطه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت في أيامه، ربما وغيره، فنسبت إلى عثمان لأنها بأمره وإشارته، ثم قرئت على الصحابة بين يدي عثمان، ثم نفذت إلى الآفاق، رضي الله عنه، وقد قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا علي بن حرب الطائي، حدثنا قريش بن أنس، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مولى بني أسيد، قال: لما دخل المصريون على عثمان ضربوه بالسيف على يده فوقعت على: {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [البقرة: 137]، فمد يده وقال: والله إنها لأول يد خطت المفصل

تأليف القرآن
أن ابن جريج أخبرهم قال: وأخبرني يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك، قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء: ولا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور. .
ثم سألها عن ترتيب القرآن فانتقل إلى سؤال كبير، وأخبرها أنه يقرأ غير مؤلف، أي: غير مرتب السور. وكأن هذا قبل أن يبعث أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنه، إلى الآفاق بالمصاحف الأئمة المؤلفة على هذا الترتيب المشهور اليوم، وقبل الإلزام به، والله أعلم.
ولهذا أخبرته: إنه لا يضرك بأي سورة بدأت
والظاهر أن ترتيب السور فيه منه ما هو راجع إلى رأي عثمان رضي الله عنه، وذلك ظاهر في سؤال ابن عباس له عن ترك البسملة في أول براءة، وذكره الأنفال من الطول،
فأما ترتيب الآيات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمر توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم تقرير ذلك؛ ولهذا لم ترخص له في ذلك، بل أخرجت له مصحفها، فأملت عليه آي السور، والله أعلم. وقول عائشة: لا يضرك بأي سورة بدأت، يدل على أنه لو قدم بعض السور أو أخر،
فقرأ، عليه الصلاة والسلام، في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{هل أتاك حديث الغاشية}، فإن فرق جاز، كما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بقاف و{اقتربت الساعة}، رواه مسلم عن أبي واقد في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة، و{هل أتى على الإنسان}.
وإن قدم بعض السور على بعض جاز أيضا، فقد روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم. وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.
قال أبو الحسن بن بطال: إنما يجب تأليف سوره في الرسم والخط خاصة ولا يعلم أن أحدا منهم قال: إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة وفي قراءة القرآن ودرسه، وأنه لا يحل لأحد أن يقرأ الكهف قبل البقرة، ولا الحج قبل الكهف، ألا ترى إلى قول عائشة: ولا يضرك أيه قرأت قبل. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة السورة في ركعة، ثم يقرأ في الركعة الأخرى بغير السورة التي تليها.
قال: وأما ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا. وقالا إنما ذلك منكوس القلب، فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة فيبتدئ بآخرها إلى أولها، فإن ذلك حرام محذور.
ثم قال البخاري: حدثنا آدم، عن شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد قال: سمعت ابن مسعود يقول في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي. انفرد البخاري بإخراجه والمراد منه ذكر ترتيب هذه السور في مصحف ابن مسعود كالمصاحف العثمانية
عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي عن جده أوس بن حذيفة قال: كنت في الوفد الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمر معهم بعد العشاء فمكث عنا ليلة لم يأتنا، حتى طال ذلك علينا بعد العشاء. قال: قلنا: ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: ((طرأ علي حزب من القرآن، فأردت ألا أخرج حتى أقضيه)). قال: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصل من قاف حتى يختم.
ورواه أبو داود وابن ماجة من حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي به وهذا إسناد حسن

فأما نقط المصحف وشكله
فأما نقط المصحف وشكله، فيقال: إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك، ويقال: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وذكروا أنه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم.
وأما كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضا، وقيل: بل أول من فعله المأمون،
وقال مالك: لا بأس به بالحبر، فأما بالألوان المصبغة فلا. وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا.
وقال قتادة: بدؤوا فنقطوا، ثم خمسوا، ثم عشروا. وقال يحيى بن أبي كثير: أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء، وقالوا: لا بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم.
وكره بعضهم هذا ، ولكن قال أبو عمرو الداني: ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في الأمهات وغيرها.
تقييم التلخيص:
الشمول ( شمول التلخيص أهم المسائل ) : 28 / 30
الترتيب ( ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا منطقيًّا ): 17 / 20
التحرير ( اختصار الأقوال الواردة تحت المسائل مع تحريرها علميًّا ) : 15 / 20
الصياغة ( صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم ) : 14 / 15
العرض : ( حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه ليسهل قراءته ومراجعته ) : 13 / 15
التقييم العام: 87 / 100
أحسنتِ، نفع الله بك وسدد خطاكِ
ومتعك بالصحة والعافية

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21 محرم 1436هـ/13-11-2014م, 07:56 AM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي

مسائل الباب الأول :

1: فضل الله تعالى على قارئ القرآن
قال الله عز وجل: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور}.
وروى الدارمي بإسناده أن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال اقرؤوا القرآن فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعي القرآن وإن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن ومن أحب القرآن فليبشر))


2: فضل تعلّم القرآن وتعليمه وأنه أعظم من الجهاد المندوب
وروينا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) رواه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري في صحيحه الذي هو أصح الكتب بعد القرآن.
وعن الحميدي الجمالي قال "سألت سفيان الثوري عن الرجل يغزو أحب إليك أو يقرأ القرآن فقال يقرأ القرآن" لأن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه))

3: فضل الماهر بالقرآن،والذي يتتعتع فيه
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)) رواه البخاري وأبو الحسين مسلم بن مسلم القشيريالنيسابوري في صحيحهما.

4: فضل المؤمن القارئ للقرآن على غيره
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها طيب حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر)) رواه البخاري ومسلم.

5: منزلة أهل القرآن في الدنيا والآخرة
وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين)) رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح


6: شفاعة القرآن لأصحابه يوم القيامة
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم: يقول ((اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)) رواه مسلم

7: حامل القران في نعمة عظيمة
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال لا حسد إلا في إثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)) رواه البخاري ومسلم وروينا أيضا من رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بلفظ ((لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها))

8: أجر تلاوة القرآن والترغيب فيها
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف))
رواه أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي وقال حديث حسن صحيح
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال ((يقول سبحانه وتعالى من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله سبحانه وتعالى عن سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه)) رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب.

10: ذمّ من لا يحمل شيئا من القرآن
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح


12: فضل القران على من عمل به ووعاه
وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال ((من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا فما ظنكم بالذي عمل بهذا)) رواه أبو داود
. وروى الدارمي بإسناده أن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال اقرؤوا القرآن فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعي القرآن وإن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن ومن أحب القرآن فليبشر))


مقاصد الباب :
.
المقصد الأول: فضل القرآن الكريم
المقصد الثاني: فضل تعلّم القرآن وتعليمه والترغيب فيها
المقصد الثالث: فضل تلاوة القرآن والعمل به والحث عليها
المقصد الرابع: بيان فضل صاحب القرآن في الدنيا والآخرة


المقصد الكلي للباب:
بيان فضل القرآن وحامله وتلاوته والعمل به والترغيب في ذلك

مقصد الباب الثاني :
أهلية حامل القران للإمامة والفتوى

مسائل الباب الثالث :
- فضل أهل القرآن عند الله وحفظه لهم
- إكرام أهل القرآن في الدنيا وعند القبر وعدم إيذاءهم

مقصد الباب :
فضل أهل القرآن عند الله والحث على اكرامهم وعدم التعرض لهم

مقاصد الباب الرابع :
- احتساب الأجر عند تعلم القرآن وتعليمه وطلب الآخرة ، والتحذير من قصد التكبر وطلب الدنيا
- علامات الإخلاص لله تعالى
- التعليم فرض كفاية ، والحث عليه وبذل الجهد فيه ووجوب احترامه والتواضع له وعم ذله
- الحث على الترفق عند التعليم والرفق بالمتعلم والتدرج معه ، ويراعي قدراته ويثني عليه ، ولا يحكم على باطنه وأن يكون المعلم قدوة صالحة له.
- على المتعلم أن يتفرغ للقرآن ويصلح ظاهره وباطنه ويختار شيخه، ويوقره ، ويراعي أحواله ويتأدب مع رفقته ، وان يبذل جهده ويحرص على البكور ، ويدفع عن نفسه العجب والحسد

المقصد العام للباب :
الإخلاص في تعلم العلم وتعليمه والتحلي بالأخلاق الفاضلة والآداب العالية في طلب العلم وتعليمه

مقاصد الباب الخامس :

- الإقبال على القرآن وتدبره والعمل به والتأني في طلبه ، وتعاهده كما كان دأب السلف ، والتحذير من نسيانه
- الترغيب في تلاوته ليلاً،ومن نام عن رده كًُتب له
- الأصل عدم طلب الأجرة في القرآن ، جاز عند الاشتراط

المقصد العام للباب :
الاخلاص في الإقبال على القران وتعاهده

مقاصد الباب السادس :

- من آداب تلاوة القرآن ، الإخلاص ، السواك ، الطهارة ، نظافة المكان ، - ويفضل المسجد وينوي الاعتكاف - ،استقبال القبلة ، الاستعاذة، البسملة ، الخشوع،التدبر والتكرار ، والتضرع عند السحر ، مجالسة الصالحين ، الترتيل وتخسين الصوت البكاء عند التلاوة ، تأويل الآيات ، التفرغ للتلاوة ، القراءة بما صح من الروايات ، والأولى القراءة على ترتيب المصحف
ومن المصحف أفضل وكل يقصد الأفضل في حقه ، واستحباب قراءة الجماعة ، وطلب ثواب الله في ذلك ، ورفع الصوت إن كان فيه بعد عن الرياء ، والترغيب في الاستماع على حسن الصوت ومراعاة الوقف والابتداء .
- تكره القراءة في حال الركوع والسجود وعند النعاس وحالة القعود في الخلاء، ويجب تجنب البدع المستحدثة ، وعدم قع القراءة ، وأن لا يتثاءب عند القراءة ، وإن قرأ ماشياً جاز له رد السلام
- في الصلاة : وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة واستحباب سورة بعدها ، ومن لم يحسن الفاتحة أتى ببدلها أو أتى بالتسبيح والتهليل وما شابه
ويستحب الجهر في الصبح والجمعة والعيدين والأولين من المغرب والعشاء ، والتراويح ، ويسن الجهر في الكسوف لا في نوافل النهار ، وللأمام في الصلاة 4 سكتات في الجهرية
- الجمهور على استحباب سجود التلاوة وهم أربع عشرة سكتة ،ولها حكم النافلة ، وسن للقارئ والمستمع ، ويكون عقيب آية السجدة ، و تكفيه سجدة لو كرر الآية ، وله أن يسجد في كل مرة ، ولا يفتقر للسلام ولا التشهد
- عند الاستدلال بالآية يقول : قال - أو يقول - الله ( كذا)
- يستحب حضور مجلس الذكر استحباباً مؤكداً ، ويستحب الدعاء ، وإذا ختم شرع في أخرى

المقصد العام للباب
بيان آداب التلاوة وأحكام قراءة القرآن في الصلاة والجهر به ، وأحكام سجود التلاوة ، واستحباب حضور مجلس ختم القرآن والشروع بأخرى

مقاصد الباب السابع :
- النصيحة لكتاب الله : ومنها - تعظيمه ، وتلاوته ، الخشوع عنده ، تصديقه ، تنزيهه ، لا يتصدى لتفسيره الا من هو أهل له وإلا ينقل عن الموثوقين من أهل العلم ، ولا بأس بذكر السورة باسمها ، ويكره كتابه على الحيطان أو الثياب

- بيان عقاب من كفر بالقرآن أو جحده

- تحريم الجدال في القران بغير حق

- يجوز للكافر سماع القرآن والدعوة به ،ويمنع من مسه

- في القرآن شفاء ورقية

المقصد العام للباب :
وجوب ألنصيحة لكتاب الله ، ويجوز الرقية به ، وتحريم الكفر به ، ويجوز الدعوة بالقرآن

مقاصد الباب الثامن :
- في الصلاة يسن قراءة سورة ( الم تنزيل ) في الأولى من فجر الجمعة ، وفي الثانية ( هل أتى على الإنسان ) ، وفي الأولى من صلاة الجمعة ( الجمعة ) و ( المنافقون ) في الثانية ، وإن شاء في الأولى ( سبح اسم ربك الأعلى ) وفي الثانية ( الغاشية ) .
وفي الأولى في صلاة العيد (ق) وفي الثانية ( اقتربت الساعة ) ، ونافلة الصبح في الأولى ( الكافرون ) والثانية ( قل هو الله أحد ) أو في الأولى ( قولوا آمنا بالله وماأنزل إلينا ) والثانية ( قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ) ، وفي سنة المغرب كما سنة الفجر وركعتي الطواف والاستخارة
ومن أوتر بثلاث قرأ على الترتيب : في الأولى : ( سبح اسم ربك الأعلى ) والثانية ( الكافرون ) وفي الثالثة ( قل هو الله أحد) والمعوذتين

- ويستحب قراءة سورة ( الكهف ) يوم الجمعة أو ليلتها ، والإكثار من قراءة آية الكرسي في جميع الأوقات

- إذا آوى إلى فراشه قرأ آية الكرسي والمعوذتين والآيتين الآخيرتين من سورة ( البقرة ) اللتين تكفياه من ليلته ، ويس قراءة ( الزمر ) و ( إسرائيل. ) ، وإذا استيقظ من نومه في الليل قرأ آخر ( آل عمران )

- عند المريض يقرأ الفاتحة و ( قل هو الله أحد ) والمعوذتين مع النفث

المقصد العام للباب
آيات وسور مستحبة في أوقات مخصوصة

مقاصد الباب التاسع

- جمع أبو بكر الصديق رضي الله عنه للمصحف

- جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه للمصحف توزيعه على الأمصار

- استحباب كتابه المصحف ونقطه ،

- ووجوب احترام المصحف وتعظيمه وصيانته ، فلا يسافر به إلى أرض العدو أو تمكين من لا يحترمه منه

- جواز مس المصحف بحائل للمحدث ، والتيمم رافع كما الوضوء ، ولا يكلف غير المميز بالطهارة


المقصد العام للباب -
عناية الأمة بالمصحف وصيانته

المقصد العام للباب العاشر

فوائد ومعان لغوية لبعض الأسماء المذكورة في الكتاب

مقاصد كتاب : التبيان في آداب حملة القرآن - للإمام ابي زكريا يحي بن شرف النووي

المقصد الأول : بيان فضل القرآن وحامله وتلاوته والعمل به والترغيب في ذلك

المقصد الثاني : أهلية حامل القران للإمامة والفتوى

المقصد الثالث : فضل أهل القرآن عند الله والحث على اكرامهم وعدم التعرض لهم

المقصد الرابع : الإخلاص في تعلم العلم وتعليمه والتحلي بالأخلاق الفاضلة والآداب العالية في طلب العلم وتعليمه

المقصد الخامس : الاخلاص في الإقبال على القرآن وتعاهده

المقصد السادس : بيان آداب التلاوة وأحكام القرآن في الصلاة ، والجهر به ، وأحكام سجود التلاوة ، واستحباب حضور مجلس الختم والشروع بأخرى

المقصد السابع : وجوب النصيحة لكتاب الله ، ويجوز الرقية به وتحريم الكفر به ، ويجب الدعوة بالقرآن

المقصد الثامن : آيات وسور مستحبة في أوقات مخصوصة

المقصد التاسع :عناية الأمة بالمصحف وصيانته

المقصد العاشر : فوائد ومعان لغوية لبعض الأسماء المذكورة في الكتاب


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12 ربيع الأول 1436هـ/2-01-2015م, 04:31 PM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوثر التايه مشاهدة المشاركة

مسائل الباب الأول :

1: فضل الله تعالى على قارئ القرآن
قال الله عز وجل: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور}.
وروى الدارمي بإسناده أن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال اقرؤوا القرآن فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعي القرآن وإن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن ومن أحب القرآن فليبشر)) . [يرجى الانتباه لعلامات الترقيم] .


2: فضل تعلّم القرآن وتعليمه وأنه أعظم من الجهاد المندوب
وروينا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) رواه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري في صحيحه الذي هو أصح الكتب بعد القرآن.
وعن الحميدي الجمالي قال "سألت سفيان الثوري عن الرجل يغزو أحب إليك أو يقرأ القرآن فقال يقرأ القرآن" لأن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه))

3: فضل الماهر بالقرآن،والذي يتتعتع فيه
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)) رواه البخاري وأبو الحسين مسلم بن مسلم القشيريالنيسابوري في صحيحهما. [يرجى الانتباه للأخطاء الكتابية] .

4: فضل المؤمن القارئ للقرآن على غيره
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها طيب حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر)) رواه البخاري ومسلم.

5: منزلة أهل القرآن في الدنيا والآخرة
وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين)) رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح


6: شفاعة القرآن لأصحابه يوم القيامة
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم: يقول ((اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)) رواه مسلم

7: حامل القران في نعمة عظيمة
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال لا حسد إلا في إثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)) رواه البخاري ومسلم وروينا أيضا من رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بلفظ ((لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها))

8: أجر تلاوة القرآن والترغيب فيها
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف))
رواه أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي وقال حديث حسن صحيح
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال ((يقول سبحانه وتعالى من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله سبحانه وتعالى عن سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه)) رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب.

10: ذمّ من لا يحمل شيئا من القرآن
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح


12: فضل القران على من عمل به ووعاه
وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال ((من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا فما ظنكم بالذي عمل بهذا)) رواه أبو داود
. وروى الدارمي بإسناده أن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال اقرؤوا القرآن فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعي القرآن وإن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن ومن أحب القرآن فليبشر))


مقاصد الباب :
.
المقصد الأول: فضل القرآن الكريم
المقصد الثاني: فضل تعلّم القرآن وتعليمه والترغيب فيها
المقصد الثالث: فضل تلاوة القرآن والعمل به والحث عليها
المقصد الرابع: بيان فضل صاحب القرآن في الدنيا والآخرة


المقصد الكلي للباب:
بيان فضل القرآن وحامله وتلاوته والعمل به والترغيب في ذلك


مقصد الباب الثاني :
أهلية حامل القران للإمامة والفتوى
بيان فضل قراءة القرآن على سائر الأذكار



مسائل [لعلكِ أردتِ "مقاصد" ، هكذا درجتِ في الأبواب التالية] الباب الثالث :
- فضل أهل القرآن عند الله وحفظه لهم
- إكرام أهل القرآن في الدنيا وعند القبر وعدم إيذاءهم
- بيان تعظيم شعائر الله وحرماته .

مقصد الباب :
فضل أهل القرآن عند الله والحث على اكرامهم وعدم التعرض لهم

مقاصد الباب الرابع :
- احتساب الأجر عند تعلم القرآن وتعليمه وطلب الآخرة ، والتحذير من قصد التكبر وطلب الدنيا
- علامات الإخلاص لله تعالى
- التعليم فرض كفاية ، والحث عليه وبذل الجهد فيه ووجوب احترامه والتواضع له وعم ذله
- الحث على الترفق عند التعليم والرفق بالمتعلم والتدرج معه ، ويراعي قدراته ويثني عليه ، ولا يحكم على باطنه وأن يكون المعلم قدوة صالحة له.
- على المتعلم أن يتفرغ للقرآن ويصلح ظاهره وباطنه ويختار شيخه، ويوقره ، ويراعي أحواله ويتأدب مع رفقته ، وان يبذل جهده ويحرص على البكور ، ويدفع عن نفسه العجب والحسد
لو حاولت إعادة الصياغة لهذه المقاصد لتناولها أكثر من ذلك من مسائل الباب ، دون التقيّد بألفاظ المؤلف قدر الإمكان لكان أولى .

المقصد العام للباب :
الإخلاص في تعلم العلم وتعليمه والتحلي بالأخلاق الفاضلة والآداب العالية في طلب العلم وتعليمه



مقاصد الباب الخامس :

- الإقبال على القرآن وتدبره والعمل به والتأني في طلبه ، وتعاهده كما كان دأب السلف ، والتحذير من نسيانه
- الترغيب في تلاوته ليلاً ، ومن نام عن رده كًُتب له
- الأصل عدم طلب الأجرة في القرآن ، جاز عند الاشتراط
هذه ليست مقاصد ، هذه صياغة مختصرة لبعض مسائل الباب بألفاظ مقاربة للمصنف ، ومن ثم فقد فاتكِ الإشارة إلى مسائل أخرى ، أما لو ذكرت مقصدا يجمع هذه المسائل وغيرها كان أفضل ، مثل :
  1. ما ينبغي على حامل القرآن فعله .
  2. ما ينبغي على حامل القرآن اجتنابه .
  3. حامل القرآن وورده وليله .
هذه ليست صياغة مشترطة ، ولكنها مجرد اقتراح .


المقصد العام للباب :
الاخلاص في الإقبال على القران وتعاهده

مقاصد الباب السادس :

- من آداب تلاوة القرآن ، الإخلاص ، السواك ، الطهارة ، نظافة المكان ، - ويفضل المسجد وينوي الاعتكاف - ،استقبال القبلة ، الاستعاذة، البسملة ، الخشوع،التدبر والتكرار ، والتضرع عند السحر ، مجالسة الصالحين ، الترتيل وتخسين الصوت البكاء عند التلاوة ، تأويل الآيات ، التفرغ للتلاوة ، القراءة بما صح من الروايات ، والأولى القراءة على ترتيب المصحف
ومن المصحف أفضل وكل يقصد الأفضل في حقه ، واستحباب قراءة الجماعة ، وطلب ثواب الله في ذلك ، ورفع الصوت إن كان فيه بعد عن الرياء ، والترغيب في الاستماع على حسن الصوت ومراعاة الوقف والابتداء .
- تكره القراءة في حال الركوع والسجود وعند النعاس وحالة القعود في الخلاء، ويجب تجنب البدع المستحدثة ، وعدم قع القراءة ، وأن لا يتثاءب عند القراءة ، وإن قرأ ماشياً جاز له رد السلام
- في الصلاة : وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة واستحباب سورة بعدها ، ومن لم يحسن الفاتحة أتى ببدلها أو أتى بالتسبيح والتهليل وما شابه
ويستحب الجهر في الصبح والجمعة والعيدين والأولين من المغرب والعشاء ، والتراويح ، ويسن الجهر في الكسوف لا في نوافل النهار ، وللأمام في الصلاة 4 سكتات في الجهرية
- الجمهور على استحباب سجود التلاوة وهم أربع عشرة سكتة ،ولها حكم النافلة ، وسن للقارئ والمستمع ، ويكون عقيب آية السجدة ، و تكفيه سجدة لو كرر الآية ، وله أن يسجد في كل مرة ، ولا يفتقر للسلام ولا التشهد
- عند الاستدلال بالآية يقول : قال - أو يقول - الله ( كذا)
- يستحب حضور مجلس الذكر استحباباً مؤكداً ، ويستحب الدعاء ، وإذا ختم شرع في أخرى
- أحكام فقهية تتعلق بالقراءة .

المقصد العام للباب
بيان آداب التلاوة وأحكام قراءة القرآن في الصلاة والجهر به ، وأحكام سجود التلاوة ، واستحباب حضور مجلس ختم القرآن والشروع بأخرى

مقاصد الباب السابع :
- النصيحة لكتاب الله : ومنها - تعظيمه ، وتلاوته ، الخشوع عنده ، تصديقه ، تنزيهه ، لا يتصدى لتفسيره الا من هو أهل له وإلا ينقل عن الموثوقين من أهل العلم ، ولا بأس بذكر السورة باسمها ، ويكره كتابه على الحيطان أو الثياب [كم مسألة في هذا السطر ؟ ] .

- بيان عقاب من كفر بالقرآن أو جحده

- تحريم الجدال في القران بغير حق

- يجوز للكافر سماع القرآن والدعوة به ،ويمنع من مسه

- في القرآن شفاء ورقية

المقصد العام للباب :
وجوب ألنصيحة لكتاب الله ، ويجوز الرقية به ، وتحريم الكفر به ، ويجوز الدعوة بالقرآن

مقاصد الباب الثامن :
- في الصلاة يسن قراءة سورة ( الم تنزيل ) في الأولى من فجر الجمعة ، وفي الثانية ( هل أتى على الإنسان ) ، وفي الأولى من صلاة الجمعة ( الجمعة ) و ( المنافقون ) في الثانية ، وإن شاء في الأولى ( سبح اسم ربك الأعلى ) وفي الثانية ( الغاشية ) .
وفي الأولى في صلاة العيد (ق) وفي الثانية ( اقتربت الساعة ) ، ونافلة الصبح في الأولى ( الكافرون ) والثانية ( قل هو الله أحد ) أو في الأولى ( قولوا آمنا بالله وماأنزل إلينا ) والثانية ( قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ) ، وفي سنة المغرب كما سنة الفجر وركعتي الطواف والاستخارة
ومن أوتر بثلاث قرأ على الترتيب : في الأولى : ( سبح اسم ربك الأعلى ) والثانية ( الكافرون ) وفي الثالثة ( قل هو الله أحد) والمعوذتين

- ويستحب قراءة سورة ( الكهف ) يوم الجمعة أو ليلتها ، والإكثار من قراءة آية الكرسي في جميع الأوقات

- إذا آوى إلى فراشه قرأ آية الكرسي والمعوذتين والآيتين الآخيرتين من سورة ( البقرة ) اللتين تكفياه من ليلته ، ويس قراءة ( الزمر ) و ( إسرائيل. ) ، وإذا استيقظ من نومه في الليل قرأ آخر ( آل عمران )

- عند المريض يقرأ الفاتحة و ( قل هو الله أحد ) والمعوذتين مع النفث
[هذه المقاصد أقرب ما تكون نسخ من الكتاب ، فهلا حررتيها بتفصيلها بلا ذكر محتواها ، مثل :
المناسبات والأوقات التي يتأكد فيها قراءة آيات وسور من القرآن .
1. ما يسن قراءته في الصلوات .
2. ما يستحب قراءته يوم الجمعة .
3. ما يستحب قراءته عند النوم .
4. ما يستحب قراءته عند الاستيقاظ .
5. ما يقرأ عند المريض .
6. ما يقرأ عند الميت .]

المقصد العام للباب
آيات وسور مستحبة في أوقات مخصوصة

مقاصد الباب التاسع

بيان جمع القرآن : لو جُعِل مقصد وتحته الجمعان كمسائل كان أفضل .

- جمع أبو بكر الصديق رضي الله عنه للمصحف
- جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه للمصحف توزيعه على الأمصار

- استحباب كتابه المصحف ونقطه ،

- ووجوب احترام المصحف وتعظيمه وصيانته [إلى هنا انتهي المقصد ، وهو كافٍ ، إن أكملتِ أغرى بمقصدك للسرد والاستقصاء ، فأشير إلى عدم إتمام الاستقصاء] ، فلا يسافر به إلى أرض العدو أو تمكين من لا يحترمه منه ، واستحباب القيام له .

- جواز مس المصحف بحائل للمحدث ، والتيمم رافع كما الوضوء ، ولا يكلف غير المميز بالطهارة [وغير هذا من المسائل الفقهية كثير ، فلو ذكرت مقصدا لـ (الأحكام الفقهية المتعلقة بالمصحف) لكان خيرا ] .


المقصد العام للباب -
عناية الأمة بالمصحف وصيانته

المقصد العام للباب العاشر

فوائد ومعان لغوية لبعض الأسماء المذكورة في الكتاب

مقاصد كتاب : التبيان في آداب حملة القرآن - للإمام ابي زكريا يحي بن شرف النووي

المقصد الأول : بيان فضل القرآن وحامله وتلاوته والعمل به والترغيب في ذلك
المقصد الثاني : أهلية حامل القران للإمامة والفتوى
المقصد الثالث : فضل أهل القرآن عند الله والحث على اكرامهم وعدم التعرض لهم
المقصد الرابع : الإخلاص في تعلم العلم وتعليمه والتحلي بالأخلاق الفاضلة والآداب العالية في طلب العلم وتعليمه
المقصد الخامس : الاخلاص في الإقبال على القرآن وتعاهده
المقصد السادس : بيان آداب التلاوة وأحكام القرآن في الصلاة ، والجهر به ، وأحكام سجود التلاوة ، واستحباب حضور مجلس الختم والشروع بأخرى
المقصد السابع : وجوب النصيحة لكتاب الله ، ويجوز الرقية به وتحريم الكفر به ، ويجب الدعوة بالقرآن
المقصد الثامن : آيات وسور مستحبة في أوقات مخصوصة
المقصد التاسع :عناية الأمة بالمصحف وصيانته
المقصد العاشر : فوائد ومعان لغوية لبعض الأسماء المذكورة في الكتاب
.

أحسنتِ ، بارك الله فيكِ ، ونفع بكِ ، أداء جيدٌ ، فقد ذكرت جُلَّ مقاصد الكتاب ، ولم يفتك إلا اليسير ، وتم التنبيه على بعضها أثناء التصحيح ، وهناك ملاحظات يسيرة تمت الإشارة إليها أثناء التصحيح ، من باب الكمال والإتقان ، ومنها :
  • محاولة صياغة المقاصد بأسلوبك دون التقيّد بألفاظ المؤلف قدر الإمكان .
  • يرجى الانتباه لعلامات الترقيم .
  • الانتباه للأخطاء الكتابية .
  • لم تظهر العناوين الجانبية بإبراز المقصد الكلي للباب ، بالتنسيق الملائم من تغيير اللون والحجم للخطوط .

تقييم التلخيص :
الشمول : 8 / 10
الترتيب : 10 / 10
التحرير العلمي : 8 / 10
الصياغة : 4 / 5
العرض : 4 / 5
استخلاص المقاصد الفرعية : 9 / 10
استخلاص المقصد الكلي للكتاب : 10 / 10

إجمالي الدرجات = 53 / 60
بارك الله فيك ، ونفع بك ، وأدام تميزك .
يرجى اختيار أحد الأبواب لتلخيصه كما طلب فضيلة الشيخ عبد العزيز .


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 2 ربيع الثاني 1436هـ/22-01-2015م, 08:55 PM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي

مسائل الباب الخامس :
1-الترغيب في تلاوة القرآن واختيار أفضل الأوقات والامتثال به والاستغناء عن غيره
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصحته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون
ثبت عن أبي موسى الأشرعي يا رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((تعاهدوا هذا القرآن؛ فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)) رواه البخاري ومسلم.
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) رواه مسلم والبخاري.
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود والترمذي وتكلم فيه.
- وعن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم)) رواه أبو داود والدارمي.
- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل)) رواه مسلم.
- وعن سليمان بن يسار، قال: قال أبو أسيد رضي الله عنه: "نمت البارحة عن وردي حتى أصبحت فلما أصبحت استرجعت وكان وردي سورة البقرة فرأيت في المنام كأن بقرة تنطحني" رواه ابن أبي داود.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".
وعن الفضيل بن عياض، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم"، وعنه أيضا، قال: "حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن
فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة، وعن بعضهم في كل شهر ختمة، وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة، وعن بعضهم في كل ثمان ليال، وعن الأكثرين في كل سبع ليال، وعن بعضهم في كل ست، وعن بعضهم في كل خمس، وعن بعضهم في كل أربع، وعن كثيرين في كل ثلاث، وعن بعضهم في كل ليلتين، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة، ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين، ومنهم من كان يختم ثلاثا، وختم بعضهم ثمان ختمات أربعا في الليل وأربعا في النهار
. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، والله أعلم.
وعن طلحة بن مصرف التابعي الجليل، قال: "من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح"، وعن مجاهد نحوه.
وروى الدارمي في مسنده، بإسناده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: "إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي"، قال الدارمي: هذا حسن من سعد
2-الاخلاص في تعلم القرآن وتعليمه
عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه)).
وعن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)) رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد، معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها.
وعن فضيل بن عمرو رضي الله عنه، قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، فلما سلم الإمام، قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه))، وهذا الإسناد منقطع.
بحديث عبادة بن الصامت، أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن، فأهدى له قوسا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها))، وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف
وضعف بعض العلماء الحديث وقالوا في اسناده مقال ورأوا جواز الأخذ إن جلس قاصدا التعليم أو اشترط.
.
3-فضل قراءة الليل
قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}.
- وثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)).
- وفي الحديث الآخر من الصحيح، أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه)).
- وروى الطبراني وغيره، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((شرف المؤمن قيام الليل))، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة.
- وقد جاء عن أبي الأحوص الحبشي، قال: "إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا -أي: يأتيه ليلا- فيسمع لأهله دويا كدوي النحل"، قال: "فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون".
- وعن إبراهيم النخعي، كان يقول: "اقرؤوا من الليل ولو حلب شاة".
- وعن يزيد الرقاشي، قال: "إذا أنا نمت ثم استيقظت ثم نمت فلا نامت عيناي".
كما أن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا، وحديث: ((ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل، فيقول: [هل من داع فأستجيب له])) الحديث.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين)) رواه أبو داود وغيره.
وحكى الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما
".
مقاصد الباب الخامس :
- الإقبال على القرآن وتدبره والعمل به والتأني في طلبه ، وتعاهده كما كان دأب السلف ، والتحذير من نسيانه
- الترغيب في تلاوته ليلا
- الأصل عدم طلب الأجرة في القرآن ، جاز عند الاشتراط
المقصد العام للباب:
الاخلاص في الإقبال على القران وتعاهده

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 2 ربيع الثاني 1436هـ/22-01-2015م, 11:58 PM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوثر التايه مشاهدة المشاركة
مسائل الباب الخامس :
1-الترغيب في تلاوة القرآن واختيار أفضل الأوقات والامتثال به والاستغناء عن غيره
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصحته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون
ثبت عن أبي موسى الأشرعي يا رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((تعاهدوا هذا القرآن؛ فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)) رواه البخاري ومسلم.
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) رواه مسلم والبخاري.
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود والترمذي وتكلم فيه.
- وعن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم)) رواه أبو داود والدارمي.
- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل)) رواه مسلم.
- وعن سليمان بن يسار، قال: قال أبو أسيد رضي الله عنه: "نمت البارحة عن وردي حتى أصبحت فلما أصبحت استرجعت وكان وردي سورة البقرة فرأيت في المنام كأن بقرة تنطحني" رواه ابن أبي داود.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".
وعن الفضيل بن عياض، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم"، وعنه أيضا، قال: "حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن
فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة، وعن بعضهم في كل شهر ختمة، وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة، وعن بعضهم في كل ثمان ليال، وعن الأكثرين في كل سبع ليال، وعن بعضهم في كل ست، وعن بعضهم في كل خمس، وعن بعضهم في كل أربع، وعن كثيرين في كل ثلاث، وعن بعضهم في كل ليلتين، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة، ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين، ومنهم من كان يختم ثلاثا، وختم بعضهم ثمان ختمات أربعا في الليل وأربعا في النهار
. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، والله أعلم.
وعن طلحة بن مصرف التابعي الجليل، قال: "من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح"، وعن مجاهد نحوه.
وروى الدارمي في مسنده، بإسناده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: "إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي"، قال الدارمي: هذا حسن من سعد
2-الاخلاص في تعلم القرآن وتعليمه [يرجى الانتباه للأخطاء الكتابية ، والتفريق بين همزتي القطع والوصل]

عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه)).
وعن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)) رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد، معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها.
وعن فضيل بن عمرو رضي الله عنه، قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، فلما سلم الإمام، قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه))، وهذا الإسناد منقطع.
بحديث عبادة بن الصامت، أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن، فأهدى له قوسا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها))، وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف
وضعف بعض العلماء الحديث وقالوا في اسناده مقال ورأوا جواز الأخذ إن جلس قاصدا التعليم أو اشترط.
.
3-فضل قراءة الليل
قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}.
- وثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)).
- وفي الحديث الآخر من الصحيح، أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه)).
- وروى الطبراني وغيره، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((شرف المؤمن قيام الليل))، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة.
- وقد جاء عن أبي الأحوص الحبشي، قال: "إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا -أي: يأتيه ليلا- فيسمع لأهله دويا كدوي النحل"، قال: "فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون".
- وعن إبراهيم النخعي، كان يقول: "اقرؤوا من الليل ولو حلب شاة".
- وعن يزيد الرقاشي، قال: "إذا أنا نمت ثم استيقظت ثم نمت فلا نامت عيناي".
كما أن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا، وحديث: ((ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل، فيقول: [هل من داع فأستجيب له])) الحديث.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة[يرجى الاهتمام بمراجعة الملخص بعد الانتهاء منه] .

حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين)) رواه أبو داود وغيره.
وحكى الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما
".
مقاصد الباب الخامس : [وددت أن لو استفدنا من التصحيحات السابقة] .

- الإقبال على القرآن وتدبره والعمل به والتأني في طلبه ، وتعاهده كما كان دأب السلف ، والتحذير من نسيانه
- الترغيب في تلاوته ليلا
- الأصل عدم طلب الأجرة في القرآن ، جاز عند الاشتراط
يرجى الانتباه لعلامات الترقيم .

المقصد العام للباب:
الاخلاص في الإقبال على القران وتعاهده
بارك الله فيكِ ، هذا أقرب إلى كونه اختصارا لكلام المصنف بألفاظه ، وليس تلخيص لمقاصد الباب ، وددت أن لو استفدنا من التصحيحات السابقة ، فقد ذكرت لكِ في تصحيح مقاصد الكتاب :
اقتباس:
هذه ليست مقاصد ، هذه صياغة مختصرة لبعض مسائل الباب بألفاظ مقاربة للمصنف ، ومن ثم فقد فاتكِ الإشارة إلى مسائل أخرى ، أما لو ذكرت مقصدا يجمع هذه المسائل وغيرها كان أفضل ، مثل :
  1. ما ينبغي على حامل القرآن فعله .
  2. ما ينبغي على حامل القرآن اجتنابه .
  3. حامل القرآن وورده وليله .
هذه ليست صياغة مشترطة ، ولكنها مجرد اقتراح .

مجهود جيد ، ولو استفدت من الملاحظات لكان الأداء أفضل والتقييم أعلى ، فرجاء الانتباه للملاحظات التي تم التنبيه إليها عند التصحيح ، كما يرجى عدم استخدام اللون الأحمر في التنسيق .


تقييم تلخيص الباب الخامس
الشمول : 8 / 10
الترتيب : 3 / 5
التحرير العلمي : 4 / 5
الصياغة : 4 / 5
العرض : 5 / 5
استخلاص مقصد الباب : 7 / 10

إجمالي الدرجات = 31 / 40
بارك الله ، ونفع بكِ .

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 7 ربيع الثاني 1436هـ/27-01-2015م, 02:30 PM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي

بارك الله فيكم وجزاكم خيرا
أعتذر عن عدم متابعتي لما سبق تصحيحه لضيق وقتي لانجاز المطلوب فلم أكن أملك أكثر من نصف ساعة لأجل اتمامه فقد عملت بعدم قبول تلخيص الباب الأول قبل كتابتي لهذا الواجب بساعتين
وبإذن الله سأحاول جهدي في أيام مقبلة بتوفيق الله وفضله

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:53 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir