دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 10:54 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي سنن الإمامة

ويُسَنُّ لإمامٍ التخفيفُ مع الإتمامِ وتطويلُ الركعةِ الأُولى أَكْثَرَ من الثانيةِ ، ويُسْتَحَبُّ انتظارُ داخلٍ ما لم يَشُقَّ على مأمومٍ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 07:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 07:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ويُسَنُّ لإمامٍ التَّخْفِيفُ معَ الإتْمَامِ)؛ لقَوْلِه صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ: ((إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ)). قالَ في (المُبْدِعِ): ومَعْنَاهُ أنْ يَقْتَصِرَ على أَدْنَى الكَمَالِ مِن التَّسْبِيحِ وسَائِرِ أَجْزَاءِ الصَّلاةِ إلا أَنْ يُؤْثِرَ المَأْمُومُ التَّطْوِيلَ وعَدَدُهُم يَنْحَصِرُ، وهو عَامٌّ في الصَّلَوَاتِ معَ أنَّهُ سَبَقَ يُسْتَحَبُّ أنْ يَقْرَأَ في الفَجْرِ بطِوَالِ المُفَصَّلِ، وتُكْرَهُ سُرْعَةٌ تَمْنَعُ المَأْمُومَ فِعْلَ مَا يُسَنُّ.
(و) يُسَنُّ (تَطْوِيلُ الرَّكْعَةِ الأُولَى أَكْثَرَ مِن الثَّانِيَةِ)؛ لقَوْلِ أَبِي قَتَادَةَ: (كانَ النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ يُطَوِّلُ في الرَّكْعَةِ الأُولَى). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. إلاَّ في صَلاةِ خَوْفٍ في الوَجْهِ الثَّانِي، وبيَسِيرٍ كسَبِّحِ والغَاشِيَةِ.
(ويُسْتَحَبُّ) للإمامِ (انتِظَارُ دَاخِلٍ إن لم يَشُقَّ على مَأْمُومٍ)؛ لأنَّ حُرْمَةَ الذي معَهُ أَعْظَمُ من حُرْمَةِ الذي لم يَدْخُلْ معَهُ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 06:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ويسن للإمام التخفيف مع الإتمام) لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف»([1]) قال في المبدع: ومعناه أن يقتصر على أدنى الكمال، من التسبيح وسائر أجزاء الصلاة([2]) إلا أن يؤثر المأموم التطويل، وعددهم ينحصر([3]) وهو عام في كل الصلوات([4]) مع أنه سبق أنه يستحب أن يقرأ في الفجر بطوال المفصل([5]).وتكره سرعة تمنع المأموم فعل ما يسن([6]) (و) يسن (تطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية) لقول أبي قتادة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يطول في الركعة الأولى، متفق عليه([7]). إلا في صلاة خوف في الوجه الثاني([8]) وبيسير كسبح والغاشية([9]) (ويستحب) للإمام (انتظار داخل([10]) إن لم يشق على مأموم) لأن حرمة الذي معه أعظم من حرمة الذي لم يدخل معه([11]).




([1]) فإن فيهم السقيم والضعيف وذا الحاجة، وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء، رواه الجماعة من حديث أبي هريرة، وفيه أن الحاجة من أمور الدنيا عذر في تخفيف الصلاة، وفي الصحيح من حديث أبي مسعود «أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة»، وذلك لما قال له رجل: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان، مما يطيل بنا، وفي الصحيحين أيضا عن أنس أنه كان يكملها وفي رواية لهما، ما صليت خلف إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن عمر: كان يأمر بالتخفيف، ويؤمنا بالصافات، فالذي فعله هو الذي أمر به، وقال الحافظ: من سلك طريق النبي صلى الله عليه وسلم في الإيجاز والإتمام لا يشتكى منه تطويل وتقدم صفة صلاته صلى الله عليه وسلم فالتخفيف المأمور به أمر نسبي، يرجع إلى ما فعله صلى الله عليه وسلم وواظب عليه، وأمر به، لا إلى شهوة المأمومين فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمرهم بأمر ثم يخالفه.

([2]) مراده أن لا يزيد على ثلاث تسبيحات، على ما تقدم وكذا لا يزيد في سائر أجزاء الصلاة على الواجب.

([3]) بمسجد غير مطروق، لم يطرأ غيرهم، فإن آثروا كلهم استحب لزوال علة الكراهة، وهي التنفير، ومقتضى الأمر بالتخفيف، وقال الحجاوي: إن كان الجمع قليلا، فإن كان كثيرا، لم يخل ممن له عذر، أو لم يمكن أن يجيء من يتصف بأحدها، وقال اليعمري: إنما تناط بالغالب، لا بالصورة النادرة فينبغي التخفيف مطلقا، كما شرع القصر، وقال ابن عبد البر: التخفيف للأئمة أمر مجمع عليه، مندوب عند العلماء إليه، لا خلاف في استحبابه على ما شرطنا من الإتمام وحكى النووي وغيره عن أهل العلم نحو ذلك، وقال ابن دقيق: قول الفقهاء: لا يزيد الإمام في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات، لا يخالف ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يزيد على ذلك، لأن رغبة الصحابة في الخير، تقتضي أن لا يكون ذلك تطويلا، ولأبي داود وغيره عن عثمان بن أبي العاص أنه قال: «أنت إمام قومك، وأقدر القوم بأضعفهم»، وإسناده حسن، وأصله في صحيح مسلم.

([4]) يعني الخمس، ومراده قول صاحب المبدع في الاقتصار على أدنى الكمال.

([5]) متعلق بعام، وهذا تنظير على قول صاحب المبدع، إن أدنى الكمال ثلاث، وقد حرزوا صلاته صلى الله عليه وسلم فكان سجوده قدر ما يقول: سبحان
ربي الأعلى، عشر مرات، وركوعه كذلك، وقال «صـلوا كمــا رأيتموني أصلي».
قال شيخ الإسلام ليس له أن يزيد على قدر المشروع، وينبغي أن يفعل غالبا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله غالبا، ويزيد وينقص للمصلحة، كما كان صلى الله عليه وسلم يزيد وينقص أحيانًا للمصلحة، وقال: ويلزم الإمام مراعاة المأموم إن تضرر بالصلاة أول الوقت أو آخره ونحوه، وقال النووي: قال العلماء: واختلاف قدر القراءة في الأحاديث كان بحسب الأحوال، وكان صلى الله عليه وسلم يعلم من حال المأمومين في وقت أنهم يؤثرون التطويل فيطول بهم، وفي وقت لا يؤثرونه لعذر ونحوه فيخفف، وفي وقت يريد إطالتها فيسمع بكاء الصبي فيخفف كما ثبت ذلك في الصحيح.

([6]) له فعله، كقراءة السورة، وما زاد على مرة في تسبيح ركوع وسجود ونحوه، ويسن أن يرتل القراءة والتسبيح والتشهد بقدر ما يرى أن من يثقل عليه ممن خلفه قد أتى به، وأن يتمكن في ركوعه وسجوده قدر ما يرى أن الكبير والثقيل وغيرهما قد أتى عليه، لما في ذلك من تفويت المأموم ما يستحب له فعله، ولأنه المشروع، وأن يخفف لنحو بكاء صبي ونحوه، لقوله صلى الله عليه وسلم «إني لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز فيها مخافة أن أشق على أمه» راواه أبو داود.

([7]) وفي رواية: «كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب، وكان يطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية»، وهكذا في صلاة العصر، وهكذا في صلاة الصبح، زاد أبو داود، فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى، وقال أبو سعيدكانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يتوضأ ثم يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى، مما يطولها، رواه مسلم، وليلحقه القاصد إليها، لئلا يفوته من الجماعة شيء، فإن عكس أجزأه لكن لا ينبغي أن يفعل خلاف السنة، وذلك في كل صلاة.

([8]) بأن كان العدو في غير جهة القبلة، وقسم المأموم طائفتين، فالثانية أطول من الأولى للتم الطائفة الأولى صلاتها، ثم تذهب لتحرس ثم تأتي الأخرى فتدخل معه.

([9]) و«كالجمعة» «والمنافقين»، «والفلق» «والناس»، فقد صلى الله عليه وسلم بذلك.

([10]) أحس به في ركوع، قال الذهبي: لا سيما في الجمعة اهـ وكذا قيام وقيل: وتشهد لا في سجود إعانة له على إدراك الركعة ونحوها، وهو مذهب الشافعي وغيره، لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف، ولما رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن أبي أوفى: كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم، وقوله: «إني لأدخل في الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي»، وقوله للنساء، «لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا»، ولأنه تحصيل مصلحة بلا مضرة.

([11]) فلا يشق عليه لأجل الداخل، ولو كان من ذوي الهيئات وكانت الجماعة كثيرة، لأنه يبعد أن لا يكون فيهم من يشق عليه.


  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 11:51 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَيُسَنُّ للإِمَامِ التَّخْفِيفُ مَعَ الإِتْمَامِ،...........
قوله: «ويسنّ للإِمام التخفيف» إذا قال أهلُ العِلمِ «يُسَنُّ» فالمراد: أنَّه مِن الأشياء التي إنْ فَعَلَها الإنسانُ أُثِيبَ، وإنْ تَرَكها لم يُعاقبْ؛ لأنَّ الأحكامَ عند أهلِ العِلمِ خمسةٌ:
1 ـ واجبٌ.
2 ـ وضدُّه المحرَّم.
3 ـ سُنَّةٌ.
4 ـ وضدُّها المكروه.
5 ـ مباحٌ.
فالإِمامُ يُسَنُّ له التخفيفُ، أي: أنْ يُخفِّفَ للناسِ، والتَّخفيفُ المطلوبُ مِن الإِمامِ ينقسم إلى قسمين:
1 ـ تخفيفٍ لازم.
2 ـ تخفيفٍ عارضٍ، وكلاهما مِن السُّنَّةِ.
أما التَّخفيفُ اللازمُ، فألا يتجاوز الإنسانُ ما جاءتْ به السُّنَّةُ، فإن جاوزَ ما جاءت به السُّنَّةُ، فهو مُطوِّلٌ.
وأما العارض، فهو أن يكون هناك سببٌ يقتضي الإِيجازَ عمَّا جاءت به السُّنَّةُ، أي: أن يُخفِّفَ أكثر مما جاءت به السُّنَّةُ.
ودليلُ التَّخفيف اللازم: قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «صَلُّوا كما رأيتُموني أُصَلِّي»، وقال أنسٌ رضي الله عنه: «ما صَلَّيتُ وراءَ إِمامٍ قَطُّ أخفَّ صلاةً ولا أَتَمَّ مِن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم».
وقولُه صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أمَّ أحدُكم النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ»، والمرادُ بالتَّخفيف: ما طابق السُّنَّةُ.
ودليل التخفيف العارض قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنِّي لأدخُلُ في الصَّلاةِ، وأنا أُريد أنْ أُطَوِّلَ فيها؛ فأسمعُ بكاءَ الصَّبيِّ؛ فأتجوَّزُ في صلاتي؛ كراهيةَ أنْ أَشُقَّ على أُمِّهِ» ، وفي رواية: «... مَخَافةَ أنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ».
قوله: «مع الإِتمام» .
ظاهره: أن الإِتمام سنّة في حق الإِمام، والإِتمام هو: موافقة السنّة، وليس المراد بالإِتمام أن يقتصر على أدنى الواجب، بل موافقة السنّة هو الإِتمام، ولكن إذا نظرنا في الأدلة تبين لنا أن التخفيف الموافق للسنة في حق الإمام واجب.
ودليل ذلك: أن معاذ بن جبل رضي الله عنه: لما أطال بأصحابه قال له النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «أتريدُ يا معاذُ أنْ تكون فَتَّاناً» يعني: صادًّا للنَّاسِ عن سبيل الله؛ لأنَّ الفِتنةَ هنا بمعنى الصَّدِّ عن سبيل الله، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ *} [البروج] .
ويؤيدُ ذلك: أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم شكا إليه رَجُلٌ فقال: إنِّي لَأَتأخَّرُ عن صلاةِ الصُّبحِ مِن أجْلِ فُلانٍ، مما يُطيلُ بنا. قال الرَّاوي: فما رأيتُ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم غَضِب في موعظةٍ قَطُّ أشدَّ ما غَضِبَ يومئذٍ. فقال: «يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ منكم منفِّرِين، فأيُّكم أمَّ النَّاسَ فليُوجِزْ، فإنَّ مِنْ ورائِه الكبيرَ والضعيفَ وذا الحاجة» والمراد بالإيجاز ما وافق السُّنَّةَ.
وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام غضب في هذه الموعظة من أجل الإطالة فكيف نقتصر على السنية في التخفيف.
ولهذا؛ فإنَّ القولَ الذي تؤيُّده الأدلَّة: أنَّ التطويلَ الزائدَ على السُّنَّةِ حرامٌ؛ لأنَّ الرسولَ عليه الصلاة والسلام غَضِبَ لذلك.
وأيضاً: كلامُ المؤلِّفِ يدلُّ على أن الإِتمامَ سُنَّةٌ، وفي هذا شيء مِن النَّظرِ؛ وذلك لأَنَّ الإِمامَ يتصرَّفُ لغيره، والواجبُ على مَن تصرَّفَ لغيره أن يفعلَ ما هو أحسنُ، أمّا مَن تصرَّفَ لنفسهِ فيفعل ما يشاء مما يُباح له.
فمثلاً: لو كان لي كتابٌ قيمتُه عشرة ريالات؛ فبعتُه بثمانية، فإنَّه جائزٌ؛ لأنِّي لو وهبتُه مجَّاناً فهو جائزٌ، لكن لو وكلني شخصٌ في بيعِهِ وكان يساوي عشرة؛ فبعتُه بثمانية فلا يجوزُ، لأنَّ هناكَ فَرْقاً بين مَن يتصرَّفُ لنفسِه وبين مَن يتصرَّفُ لغيرِه، والإِمامُ مؤتَمَنٌ على الصَّلاةِ فكيف نقول: إنَّ للإِمامِ أن ينقص الصَّلاةَ، وأنَّ الإِتمامَ في حَقِّه سُنَّةٌ؟!
فإذا كنتُ أصلِّي لنفسي، واقتصرتُ على الواجبِ في الأركان والواجبات، فإنَّ لي ذلك، لكن إذا كنتُ إماماً فليس لي ذلك؛ لأنَّه يجب أن أصلِّي الصَّلاةَ المطابقةَ للسُّنَّةِ بقَدْرِ المستطاعِ؛ لأنني لا أتصرَّفُ لنفسي، لكن لو فُرِضَ أنَّ المأمومين محصورون، وقالوا: يا فلان، عَجِّلْ بنا؛ لنا شُغلٌ، فحينئذٍ له أن يقتصرَ على أدنى الواجبِ؛ لأنَّ المأمومين أذِنوا له في ذلك، فكما أنَّه لو صَلَّى كلُّ واحدٍ منهم على انفرادٍ لكان له أن يقتصرَ على الواجبِ، فكذلك إذا أذِنوا لإِمامِهم، فالتخفيف الذي يُؤذن به ما وافقَ السُّنَّة، لا ما وافقَ أهواءَ النّاسِ.
فلو قرأ الإِمامُ في صلاةِ الجُمعةِ بسورة (الجُمعة) و(المنافقين) فليس مطوِّلاً؛ لأنَّه موافقٌ للسُّنَّة، وكذلك أيضاً لو قرأ في صلاةِ الصُّبح مِن يومِ الجُمعةِ بـ { ك ژ ـ! ! ل } السجدة، في الرَّكعةِ الأُولى وبـ { ه و ى ي } في الرَّكعةِ الثانية فهذه هي السُّنَّةُ.
وقد قال أنس بن مالك: «ما صَلَّيتُ وراءَ إمامٍ قَطُّ أخفَّ صلاةٍ ولا أتمَّ مِن رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم» .إذاً؛ الصَّلاةُ الموافقةُ للسُّنَّةِ هي أخفُّ الصَّلاةِ وأتمُّ الصَّلاةِ، فلا ينبغي للإِمام أنْ يطيعَ بعضَ المأمومين في مخالفة السُّنَّةِ، لأنَّ اتِّباعَ السُّنَّةِ رحمة، إنما لو حصل عارضٌ يقتضي التَّخفيفَ فحينئذٍ يُخفِّفُ؛ لأنَّ هذا مِن السُّنَّةِ، أما الشيءُ اللازمُ الدائمُ فإننا نفعلُ فيه السُّنَّةَ.

وَتَطْوِيلُ الرَّكْعَةِ الأُوْلَى أَكْثَرَ مِنَ الثَّانِيَةِ ..........
قوله: «وتطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية» ، أي: ويُسَنُّ أيضاً أنْ يطوِّلَ الركعةَ الأُولى أكثر مِن الثانيةِ؛ لأنَّ هذا هو السُّنَّةُ كما في حديث أبي قتادة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: «كان يُطوِّلُ الرَّكعةَ الأُولى أكثر مِن الثانية» ، وكما أنَّ هذا هو السُّنَّةُ فهو الموافقُ للطبيعة؛ لأنَّ الإنسانَ أول ما يدخل في الصَّلاةِ يكون أنشط، فكان مِن المناسبِ أن تكون الركعة الأُولى أطول مِن الثانية؛ ولأنَّ في ذلك مراعاةٌ للمأموم الدَّاخل بعدَ إقامةِ الصَّلاةِ.
إلا أنَّ العُلماءَ استثنوا مسألتين:
المسألة الأولى : إذا كان الفرقُ يسيراً، فلا حَرج مثل «سبح» و«الغاشية» في يوم الجمعة وفي يوم العيد، فإن «الغاشية» أطول، لكن الطُّولَ يسير.
المسألة الثانية : الوجه الثاني في صلاة الخوف.
فصلاةُ الخوف وردت عن النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام على أوجهٍ متعدِّدةٍ حسب ما تقتضيه الحال، ومِن الأوجه التي وَرَدتْ عليها: أنَّ الإِمام يقسم الجيشَ إلى قسمين؛ قِسمٍ يبقون أمام العدو، وقِسمٍ يدخل مع الإِمام يصلّي، فإذا قامَ إلى الركعةِ الثانيةِ انفردَ الذين يصلّون معه وأتمّوا صلاتَهم؛ والإِمامُ واقفٌ، ثم انصرفوا إلى مكان الطائفةِ الباقيةِ تجاه العدو، وجاءت الطائفةُ الباقيةُ ودخلوا مع الإِمامِ؛ والإِمامُ واقفٌ، وصلّوا معه الركعةَ التي بقيت، فإذا جلسَ للتشهدِ قاموا وأتموا صلاتَهم قبل أن يُسلِّمَ الإِمامُ، ثم جلسوا للتشهد وسلّموا معه.
فالإِمامُ في الركعةِ الثانيةِ كان وقوفُه أطول مِن وقوفِه في الركعةِ الأُولى، لكن هكذا جاءت به السُّنَّةُ مِن أجل مراعاةِ الطائفةِ الثانيةِ.

وَيُسْتَحَبُّ انْتِظَارُ دَاخِلٍ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأْمُومٍ ...........
قوله: «ويستحبُّ انتظار داخل ما لم يشق على مأموم» أي: يستحبُّ للإِمامِ أن ينتظرَ الداخلَ معه في الصَّلاةِ، بشرط أنْ لا يَشُقَّ على مأمومٍ، فإن شَقَّ على المأموم الذي معه كُرِهَ له ذلك؛ إنْ لم يحرمْ.
والانتظارُ يشمَلُ ثلاثةَ أشياء:
1 ـ انتظار قبل الدُّخولِ في الصَّلاةِ.
2 ـ انتظار في الرُّكوعِ، ولا سيَّما في آخر ركعة.
3 ـ انتظار فيما لا تُدرك فيه الركعة، مثل: السُّجود.
أما الأول : وهو انتظارُ الدَّاخلِ قبل الشروعِ في الصَّلاةِ، فهذا ليس بسُنَّة، بل السُّنّةُ تقديمُ الصَّلاةِ التي يُسَنُّ تقديمُها، وأما ما يُسَنُّ تأخيرُه مِن الصَّلوات وهي العشاء؛ فهنا يُراعي الدَّاخلين؛ لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان في صلاةِ العشاءِ؛ إذا رآهم اجتمعوا عَجَّلَ، وإذا رآهم أبطأوا أخَّرَ.لأنَّ الصَّلاةَ هنا لا يُسنُّ تقديمُها، ولذلك كان الرَّسولُ عليه الصلاة والسَّلام يستحبُّ يُؤخِّرَ من العشاءِ، ولكنهم إذا اجتمعوا لا يُحِبُّ أن يُؤخِّرَ مِن أجلِ أنْ لا يَشُقَّ عليهم، أما غيرُها مِن الصَّلوات فلا يؤخِّرُها ولا ينتظر، بل يُصلِّي الصَّلاة في أولِ وقتِها.
وذهبَ بعضُ أهلِ العِلمِ ـ استحساناً منهم ـ إلى أنَّه إذا كان الرَّجلُ ذا شَـرَفٍ وإمـامـةٍ فـي الدِّين، أو إمارةٍ في الدُّنيا، فإنه يُستحبُّ انتظارُه، كمَنْ يُصلِّي في هذا المسجدِ دائماً؛ بشرط ألا يَشُقَّ على المأمومين؛ مِن أجلِ ما يُرجى مِن مصلحةٍ في انتظاره. كذلك لو كان هذا المسجدُ يُصلِّي به أميرٌ أو وَليُ أمْرٍ، وانتظرَه الإنسانُ مِن أجلِ تأليفِهِ على صلاةِ الجماعةِ، فإنَّ هذا أيضاً مِن الأمورِ المستحبَّةِ.
وقالوا: لأنَّ ذلك مِن المصلحةِ؛ لأنَّ ذوي الهيئات والشَّرَفِ والجاهِ إذا راعيتَهم نِلْتَ منهم مقصوداً كبيراً، وإذا لم تُراعِهم رُبَّما يفلتُ الزِّمامُ مِن يدِكِ بالنسبة إليهم.
وهذه المسألةُ؛ في الحقيقة على إطلاقِها لا تنبغي؛ لأنَّ دينَ الله لا يُراعى فيه أحدٌ، ولكن إذا رأى الإنسانُ مصلحةً محقّقةً، وأنَّ في عدمِ المراعاةِ مفسدةً، بحيث إذا لم نُراعِه لم يتقدَّمْ إلى المسجد أو رُبَّما لم يُصلِّ مع الجماعةِ، وهو شخصٌ يُقتدى به إما في دِيْنِهِ وإما في ولايتِهِ، فهنا يترجَّحُ انتظارُه بشرط أن لا يَشُقَّ على الموجودين في المسجدِ، فإنْ شَقَّ فهم أَولى بالمراعاة.
الثاني : انتظاره في الرُّكوع، مثل: أن يكون الإِمامُ راكعاً، فأحسَّ بداخلٍ في المسجدِ، فلينتظرْ قليلاً حتى يُدركَ هذا الدَّاخلُ الرَّكعةَ، فهنا يكون للقولِ باستحبابِ الانتظارِ وَجْهٌ، ولا سيما إذا كانت الرَّكعةُ هي الأخيرةُ، مِن أجل أنْ يدركَ الجماعةَ. لكن؛ بشرطِ أن لا يَشُقَّ على المأمومين، مثل: لو سَمِعَ إنساناً ثقيلَ المشيِ لكِبَرٍ؛ وبابُ المسجدِ بعيدٌ عن الصَّفِّ، فهذا يستغرقُ بِضْعَ دقائق في الوصول إلى الصَّفِّ، فهنا لا ينتظرُه؛ لأن يَشُقُّ على المأمومين، ولكن الانتظار اليسير لا بأس به.
فإذا قال قائلٌ : ما الدليلُ على هذه المسألةِ؛ لأنَّ تطويلَ الصَّلاةِ وتقصيرَها عبادةٌ، لا بُدَّ مِن دليلٍ على هذا؟
قلنا: يمكن أن يؤخذَ الدَّليلُ مما يلي:
أولاً : «أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سَمِعَ بكاءَ الصَّبيِ أوجزَ في صلاتِهِ، مخافةَ أن تُفْتَنَ أُمُّهُ»فهنا غَيَّرَ هيئةَ الصَّلاةِ مِن أجلِ مصلحةِ شخصٍ «حتى لا تُفْتَنَ أُمُّهُ» وينشغلَ قلبُها بابنِها.
ثانياً : مِن إطالةِ النَّبي صلّى الله عليه وسلّم الرَّكعةَ الأُولى في الصَّلاةِ، حتى إن الرَّجُلَ يسمعُ الإِقامةَ؛ ويذهبُ إلى البَقيع، فيقضي حاجَتَهُ، ثم يتوضَّأُ، ثم يأتي ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الرَّكعةِ الأُولى.فإنَّ المقصودَ بهذا أن يدركَ النَّاسُ الركعةَ الأُولى.
ثالثاً : من إطالةِ الرَّكعةِ الثانيةِ في صلاةِ الخَوْفِ؛ من أجلِ إدراكِ الطَّائفةِ الثانيةِ للصَّلاةِ.
فهذه الأصولُ الثلاثةُ رُبَّما يُبنى عليها القولُ باستحبابِ انتظارِ الدَّاخلِ في الرُّكوعِ، بشرطِ أنْ لا يَشُقَّ على مأمومٍ، ولأنه يُحْسِنُ إلى الدَّاخلِ مع عدم المشقَّةِ على الذي معه.
الثالث : انتظار الدَّاخلِ في رُكنٍ غيرِ الرُّكوعِ، أي: في رُكنٍ لا يُدركُ فيه الرَّكعةَ ولا يُحسبُ له، فهذا نوعان:
النوع الأول : ما تحصُلُ به فائدةٌ.
النوع الثاني : ما ليس فيه فائدةٌ، إلا أن يشاركَ الإِمامُ فيما اجتمع معه فيه.
مثال النوع الأول : إذا دخلَ في التشهُّدِ الأخيرِ، فهنا الانتظارُ حَسَنٌ؛ لأنَّ فيه فائدةً، وهي: أنه يدركُ صلاةَ الجماعةِ عند بعضِ أهلِ العِلمِ، فقد مرَّ بنا قولُ المؤلِّفِ: «مَن كبَّرَ قبل سلامِ إمامِهِ لَحِقَ الجماعةَ».
وأيضاً: فيه فائدة؛ حتى على القولِ بعدمِ إدراكِ الجماعةِ؛ لأنَّ إدراكَ هذا الجُزءِ خيرٌ مِن عدمِهِ فهو مستفيدٌ.
ومثال النوع الثاني : ما ليس فيه فائدة في إدراكِ الجماعةِ؛ إلا مجرد المتابعة للإِمام، مثل: أن يكون ساجداً في الرَّكعةِ الثالثة في الرُّباعيةِ فأحسَّ بداخلٍ، فهنا لا يُستحبُّ الانتظار؛ لأنَّ المأمومَ الداخلَ لا يستفيدُ بهذا الانتظارِ شيئاً في إدراكِ الجماعةِ، إذ سيدركُ الرَّكعةَ الأخيرةَ، ولو قلنا بالانتظارِ لاستلزم شيئين:
الأول : أنَّه قد يَشُقُّ على بعضِ المأمومين، ولو نفسيًّا؛ لأنَّ بعضَ الناسِ ليس عنده مروءةً، ولا يحبُّ الخيرَ للغير.
الثاني : أنه يغيِّرُ هيئةَ الصلاَّةِ؛ لأنَّه سوف يُطيلُ هذا الرُّكنَ أكثر مما سبقه، وهذا خِلافُ هيئةِ الصَّلاةِ؛ لأنَّ هيئةَ الصلاةِ: أنْ يكون آخرُها أقصرُ مِن أوَّلِها.
وذهبَ بعضُ أهلِ العِلمِ: إلى أنَّه لا ينتظرُ الدَّاخلَ مطلقاً، حتى وإنْ كان دخولُه في الرُّكوعِ في الركعةِ الأخيرةِ الذي تُدركُ به الجماعةُ، قال: لأنَّ الصلاةَ لها هيئةٌ معلومةٌ في الشَّرعِ، فلا ينبغي أن تُغَيَّرَ مِن أجلِ مراعاةِ أحدٍ.
ولكن؛ الصحيحُ: ما سَبَقَ تفصيلُه.
وقوله: «ما لم يشق على مأموم» وهذا قيدُ المسألةِ السَّابقةِ، وهو: أنَّه إذا شَقَّ على مأموم فإنَّه لا ينتظرُ، ولكن؛ هل نقولُ: إنَّه يكون مكروهاً، أو يكون ممنوعاً؟
الجواب : ظاهرُ السُّنةِ أنَّه يكون ممنوعاً؛ لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أنكرَ على مُعاذحينما أطالَ إطالةً غيرَ مشروعةٍ، وهذا الذي انتظرَ وأطالَ الانتظارَ قد أطالَه في حالٍ لا يُشرعُ له فيه ذلك، مثل مَن أطالَ القراءةَ في حالٍ لا تُشرعُ فيها، فإنَّه حرامٌ عليه.
ويؤخذُ مِن كلامِ المؤلِّفِ رحمه الله: أنَّ السابقَ أَولى بالمُراعاةِ مِن اللاحقِ، ولهذا فَوَّتنا مصلحةَ الدَّاخلِ مراعاةً للسابقِ، وهو كذلك.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإمامة, سنن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir