59: قصيدة المرقش الأصغر: آذنت جارتي بِوشك رحِيلِ = باكراً جاهرت بخطب جليلِ

[علي بن عمر]

وقال الأصغر أيضاً:

آذَنَتْ جارَتِي بِوَشْكِ رَحِيلِ = بَاكِراً جاهَرَتْ بخَطْبٍ جَلِيلِ
أَزْمَعَتْ بالفِرَاقِ لَمَّا رَأَتْني = أُتْلِفُ المالَ لا يَذُمُّ دَخِيلِي
اِرْبعِي، إِنَّمَا يَرِيبُكِ مِنِّي = إِرْثُ مجْدٍ وَجِدُّ لُبٍّ أَصِيلِ
عجباً ما عَجِبْتُ لِلْعَاقِدِ المَا = لَ ورَيْبُ الزَّمانِ جَمُّ الخُبُولِ
وَيُضِيعُ الَّذِي يَصِيرُ إِليهِ = مِنْ شَقَاءٍ أَوْ مُلْكِ خُلْدٍ بجِيلِ
أَجْمِلِ العيْشَ إِنَّ رِزْقَكَ آتٍ = لا يَرُدُّ التَّرْقِيحُ شَرْوَى فَتِيلِ

[محمد أبو زيد]

59

وقال الأصغر أيضا*

1: آذنت جارتي بوشك رحيل = باكرا جاهرت بخطب جليل
2: أزمعت بالفراق لما رأتني = أتلف المال لا يذم دخيلي
3: اربعي، إنما يريبك مني = إرث مجد وجد لب أصيل
4: عجبا ما عجبت للعاقد الما = ل وريب الزمان جم الخبول
5: ويضيع الذي يصير إليه = من شقاء أو ملك خلد بجيل
6: أجمل العيش إن رزقك آت = لا يرد الترقيح شروى فتيل

---

*جو القصيدة: يقصد بقوله "جارتي" زوجته. وفي اللسان: "والمرأة جارة زوجها لأنه مؤتمر عليها ..... وصار زوجها جارها لأنه يجيرها ويمنعها ولا يعتدي عليها. وقد سمى الأعشى في الجاهلية امرأته جارة فقال:

أيا جارتا بيني فإنك طالقه.......وموموقة ما دمت فينا ووامقه"

ففي هذه القصيدة يتحدث عن مجاهرة زوجه له بالمفارقة والمغاضبة، وجعل سبب غضبها أنه متلاف للمال. وكذلك كان نساء العرب يلمن أزواجهن على الجود والإنفاق. ثم فخر بمجده وعقله في أسلوب طريف، ونعى على مكتنزي المال، الغافلين عن ريب الزمان، معلنا أن الرزق قدر وتقدير، لا اجتهاد وتثمير.
تخريجها: انظر الشرح 508 -509.
(1) آذنت: أعلمت. الوشك: السرعة.
(2) أزمعت: عزمت. دخيلي: من يدخل إلي. يريد أنه يتلف المال لئلا يذمه الضيف ونحوه.
(3) اربعي: أمسكي واسكني. الإرث: الأصل. الجد، بفتح الجيم: الحظ أو العظمة، وبكسرها: الاجتهاد في الأمور، أو المحقق المبالغ فيه.
(4) ما عجبت: "ما" زائدة. العاقد المال: الذي يجمع المال ويعتقده. الخبول: جمع خبل، وهو الفساد.
(5) بجيل: عظيم. يريد ما يصير إليه من بؤسى ونعمى. وهذا البيت لم يروه أبو عكرمة.
(6) أجمل العيش: أجمل في طلبه، أي اطلبه بتؤدة واعتدال وبعد عن الإفراط. وعدى الفعل بنفسه، ولم يذكر في المعاجم، والذي فيها "أجمل في الطلب" الترقيح: إصلاح المال والقيام عليه. الشروى: المثل. الفتيل: الخيط الذي في شق النواة.

[محمد أبو زيد]

وقال الأصغر أيضًا

1: آذنت جارتي بوشك رحيل.......باكرًا جاهرت بخطبٍ جليل

كذا أملاه أبو عكرمة ورواه أبو جعفر: (أذنت) وروي (بكرًا). غيره: (الخطب): الأمر تقول العرب ما خطبك؟ أي: أمرك، قال الله تعالى: {فما خطبك يا سامري}، وأنشد أبو عبيدة وقرأته على أبي جعفر:

والعبد حيان بن ذات القنب.......يا عجبًا ما خطبه وخطبي

أي: ما أمره وأمري، وجاهرت لم تكاتم به أعلنته، وجليل: عظيم والمعنى جاهرتني بالمفارقة والمغاضبة.

2: أزمعت بالفراق لما رأتني.......أتلف المال لا يذم دخيلي

أي: من يدخل إلي، (أزمعت) وعزمت متقاربة في المعنى، قال الأعشى: أزمعت من آل ليلى ابتكارا، و(أتلف المال) أهلكه و(التلف): الهلاك وإنما أتلفه لئلا يذمه من يدخله.

3: إربعي إنما يريبك مني.......إرث مجدٍ وجد لبٍ أصيل

كذا أنشدنا أبو عكرمة وجد بفتح الجيم وأنشدينه أبو جعفر وجد لب بكسر الجيم إرث أصل الجد بالفتح أبو الأب وأبو الأم والحظ، و{تعالى جد ربنا} أي: عظمته والجد بالكسر الانكماش، قد جد الرجل في الأمر وأجد فهو جاد و(مجد) أي: انكمش، ولقد جددت يا رجل فأنت تجد أي: صرت ذا حظ.
و(اربعي): أمسكي واسكني. يقال رابني الشيء يريبني إذا كنت مستيقنًا منه بالريبة، وأرابني إذا كنت شاكًا فيه غير مستيقن، أنشد أبو عكرمة وقرأته على أبي جعفر:

يا قوم مالي وأبي ذؤيب.......كنت إذا أتيته من غيب
يشم عطفي ويبز ثوبي.......كأنما أربته بريب

كذا أنشدناه أبو عكرمة خفضًا نسق على الياء، وهذا رديء وأنشدينه أبو جعفر أبا ذؤيب نصبًا وأنشدني أيضًا: أتوته من غيب.

4: عجبًا ما عجبت للعاقد الما.......ل وريب الزمان جم الخبول

رواه أبو عكرمة (المال) مخفوضًا وغيره نصب المال، و(جم): كثير و(الخبول): جمع خبل وهو الفساد و(العاقد): الذي يجمع المال ويعتقده ولا ينفقه وما صلة.

5: ويضيع الذي يصير إليه.......من شقاءٍ أو ملك خلدٍ بجيل

كذا أنشدناه أبو عكرمة وقال: بجيلٍ: سريع. غيره: (ويضيع الذي يصير إليه * من شقاء)، كذا روى أبو جعفر.
وروى: أو (خلد ملكٍ) وقال بجيل عظيم ضخم البطن ورجل بجال حسن الجسم كثير اللحم.

6: أجمل العيش إن رزقك آتٍ.......لا يرد الترقيح شروى فتيل

(الترقيح): إصلاح المال والقيام عليه، قال الحرث بن حلزة:

يترك ما رقح من عيشه.......يعيث فيه همج هامج

و(الفتيل) ما ألبس النواة من قشر رقيق بعد اللحاء، و(الشروى): المثل. و(الترقيح): التدبير والتقدير والترفق في الشيء.
وشروى الشيء مثله، ويقال شروى ما يساوي فتيلاً و(الفتيل): الذي يكون في بطن النواة من داخل مثل الخيط. ويقال شروى فلان أي مثله.

[شرح المفضليات: 508-509]