دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 جمادى الآخرة 1431هـ/8-06-2010م, 11:54 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 120: قصيدة علقمة بن عبدة: هل ما علمتَ وما استودعتَ مكتُومُ = أَم حبْلها إِذْ نَأتْكَ اليومَ مصرومُ

قال علقمة بن عبدة أيضاً:

هل ما عَلِمْتَ وما اسْتَودِعْتَ مَكْتُومُ = أَم حَبْلُها إِذْ نَأَتْكَ اليومَ مَصْرُومُ
أَمْ هل كَبِيرٌ بَكَى لم يَقْضِ عَبْرَتَهُ = إِثْرَ الأَحِبَّةِ يومَ البَيْنِ مَشْكُومُ
لم أَدْرِ بالبيْنِ حتَّى أَزْمَعُوا ظَعَناً = كُلُّ الجِمَالِ قُبَيْلَ الصُّبْحِ مَزْمُومُ
رَدَّ الإِماءُ جِمَالَ الحَيِّ فاحْتَمَلُوا = فَكُلُّها بالتَّزِيدِيَّاتِ مَعْكُومُ
عَقْلاً ورَقْماً تَظَلُّ الطَّيْرُ تَخْطَفُه = كأَنَّهُ من دَمِ الأَجْوافِ مَدْمومُ
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً نَضْجُ العَبيرِ بها = كأَنَّ تَطْيابَها في الأَنْفِ مَشْمُومُ
كأَنَّ فَأَرَةَ مِسْكٍ في مَفَارِقِها = لِلْباسِطِ المُتَعَاطِي وهْوَ مَزْكُومُ
فالعَيْنُ مِنِّي كأَنْ غَرْبٌ تَحُطُّ بهِ = دَهْمَاءُ حَارِكُها بالقِتْبِ مَحْزُومُ
قد عُرِّيَتْ زَمناً حتَّى اسْتَطَفَّ لها = كِتْرٌ كَحَافَةِ كِيرِ القَيْنِ مَلْمُومُ
قد أَدْبرَ العَرُّ عنها وهْيَ شَامِلُها = من ناصِع القَطِرانِ الصِّرْفِ تَدْسِيمُ
تَسْقِي مَذَانِبَ قد زَالَتْ عَصِيفَتُها = حَدُورُها مِنْ أَتِيِّ الماءِ مَطْمُومُ
من ذِكْرِ سَلْمَى وما ذِكْرِى الأَوَانَ بها = إِلاَّ السَّفَاهُ، وظَنُّ الغَيْبِ تَرْجِيمُ
صِفْرُ الوِشَاحَيْنِ مِلْءُ الدِّرْعِ خَرْعبَةٌ = كأَنَّها رَشَأُ في البَيْتِ مَلْزُومُ
هل تُلْحِقَنِّي بأُخْرَى الحَيّ إِذْ شَحِطُوا = جُلْذِيَّةٌ كأَتَان الضَّحْل عُلْكُومُ
كأَنَّ غِسْلَةً خَطْمِيٍّ بِمِشْفَرِها = في الخَدِّ منها وفي اللَّحْيَينِ تَلْغِيمُ
بِمِثْلِها تُقْطَعُ المُوْماةُ عنْ عُرُضٍ = إِذَا تَبَغَّمَ في ظَلْمَائِهِ البُومُ
تُلاحِظُ السَّوْط شَزْراً وهْيَ ضَامِرَةٌ = كما تَوَجَّسَ طَاوِي الكَشْحِ مَوْشُومُ
كأَنَّها خاصِبٌ زُعْرٌ قَوَادِمُهُ = أَجْنَى لهُ بِاللِّوَى شَرْيٌ وتَنُّومُ
يَظَلُّ في الحَنْظَلِ الخُطْبَانِ يَنْفُقُهُ = وما اسْتَطَفَّ منَ التَّنُّومِ مَخْذُومُ
فُوهُ كَشَقِّ العَصَا لأَياً تَبَيَّنُهُ = أَسَكُّ ما يَسْمَعُ الأَصْوَاتَ مَصْلُومُ
حتَّى تَذَكَّرَ بَيْضَاتٍ وهَيَّجَهُ = يَوْمُ رَذَاذٍ عليهِ الرِّيحُ مَغْيُومُ
فَلا تَزَيُّدُهُ في مَشْيِهِ نَفِقٌ = وَلا الزَّفِيفُ دُوَيْنَ الشَّدِّ مَسْؤُومُ
يَكَادُ مَنْسِمُهُ يَخْتَلُّ مَقْتَلَهُ = كأَنَّهُ حاذِرٌ لِلنَّخْسِ مَشْهُومُ
وَضَّاعةٌ كَعِصِيِّ الِّشْرِع جُؤْجُؤُهُ = كأَنَّهُ بِتَنَاهِي الرَّوْضِ عُلْجُومُ
يَأْوِي إِلى حِسْكِلٍ زُعْرٍ حَوَاصِلُهُ = كأَنَّهُنَّ إِذَا بَرَّكْنَ جُرْثُومُ
فَطَافَ طَوْفَيْنِ بالأُدْحِىِّ يَقْفُرُهُ = كأَنَّهُ حاذِرٌ لِلنَّخْسِ مَشْهُومُ
حتَّى تَلافى وقَرْنُ الشمسِ مُرْتَفِعٌ = أُدْحِيَّ عِرْسَيْنِ فِيهِ البيْضُ مُرْكُومُ
يُوحِي إِليها بِإِنْقَاضٍ ونَقْنَقَةٍ = كما تَرَاطَنُ في أَفْدَانِها الرُّومُ
صَعْلٌ كأَنَّ جنَاحَيْهِ وجُؤْجُؤَهُ = بْيٌت أَطافَتْ به خَرْقاءُ، مَهْجُومُ
تَحُفُّهُ هِقْلَةٌ سَطْعَاءُ خاضِعَةٌ = تُجيبُهُ بِزِمَارٍ فيه تَرْنِيمُ
بَلْ كلُّ قَوْمٍ وإِنْ عزُّوا وإِنْ كثُرُوا = عَرِيفُهُمْ بأَثَافِي الشَّرِّ مَرْجُومُ
والحمْدُ لا يُشْتَرَى إِلاَّ لهُ ثَمَنٌ = ممَّا يَضِنُّ به الأَقوامُ مَعْلُومُ
والجودُ نافِيةٌ لِلْمَالِ مَهْلِكَةٌ = والبُخْلُ باقٍ لأَِهْلِيهِ ومذْمومُ
والمالُ صُوفُ قَرارٍ يَلْعَبُونَ بهِ = عل نِقَادَتِه وَافٍ ومَجْلُومُ
ومُطْعَمُ الغُنْمِ يومَ الغُنْم مُطْعَمُهُ = أَنَّى تَوَجَّهَ، والمحْرومُ مَحْرُومُ
والجهلُ ذُو عَرَضٍ لا يُسْتَرادُ له = والْحِلْمُ آوِنَةً في الناسِ مَعْدُومُ
ومَنْ تَعَرَّضَ لِلْغِرْبانِ يَزْجُرُها = على سلاَمَتهِ لا بُدَّ مَشْؤُومُ
وكل حصن وإن طالت سلامته = على دائمه لابد مهدوم
قد أَشْهَدُ الشَّرْبَ فيهمْ مِزْهَرٌ رَنِمٌ = والقومُ تَصْرَعُهُمْ صَهْباءُ خُرْطُومُ
كأْسُ عزيز من الأعناب عتقها = لبعض أحيانها حانية حوم
تشفي الصُّدَاعَ ولا يُؤْذِيكَ صالبُها = ولا يُخالِطُها في الرأَسِ تَدْويمُ
عَانِيَّهٌ قَرْقَفٌ لم تُطَّلَعْ سَنَةً = يُجُنُّها مُدْمَجٌ بالطِّينِ مَخْتُومُ
ظَلَّتْ تَرَقْرَقُ في النَّاجُودِ يَصْفِقُها = وَليدُ أَعْجَمَ بالكَتَّانِ مَفْدُومُ
كأَنَّ إِبْريقَهُمْ ظَبْيٌ علَى شَرَفٍ = مُفَدَّمٌ بِسَبَا الكَتَّانِ مَرْثُومُ
أَبْيَضُ أَبْرَزَهُ لِلضِّحِّ رَاقِبُهُ = مُقَلَّدٌ قُضُبَ الرَّيْحَانِ مَفْغُومُ
وقد غَدوْتُ على قِرْنِي يُشيِّعُنِي = ماضٍ أَخُو ثِقَةٍ بِالخَيْرِ مَوْسُومُ
وقد يَسَرْتُ إِذَا ما الْجُوعُ كَلَّفَهُ = مُعَقَّبٌ مِنْ قِدَاحِ النَّبْعِ مَقْرُومُ
لو يَيْسِرُونَ بِخَيْلٍ قد يَسَرْتُ بها = وكلُّ ما يَسَرَ الأَقْوَامُ مَغْرُومُ
وقد أُصاحِبُ فِتْيَاناً طعامُهُمُ = خُضْرُ المَزَادِ ولَحْمٌ فِيهِ تَنْشِيمُ
وقد عَلَوْتُ قُتُودُ الرَّحْلِ يَسْفَعُنِي = يومٌ تَجِيءُ به الجَوْزَاءُ مَسْمُومُ
حَامٍ كأَنَّ أُوَار النَّارِ شَامِلُهُ = دُونَ الثِّيابِ ورَأْسُ المَرْءِ مَعْمُومُ
وقد أَقُودُ أَمامَ الحَيِّ سَلْهَبَةً = يَهْدِي بها نَسَبٌ في الحَيِّ مَعْلُومُ
لا فِي شَظَاها ولا أَرْساغِها عَتَبٌ = ولا السَّنابِكُ أَفْنَاهُنَّ تَقْلِيمُ
سُلاَّءَةٌ كَعَصَا النَّهْدِيِّ غُلَّ لها = ذُو فَيْئَةٍ من نَوَى قُرَّانَ مَعْجُومُ
تَتْبَعُ جُوناً إِذَا ما هُيِّجَتْ زَجِلَتْ = كأَنَّ دُفًّا على العَلْيَاءِ مَهْزُومُ
إِذَا تَزَغَّمَ مِنْ حَافاتِها رُبَعٌ = حَنَّتْ شَغَامِيمُ في حَافَاتِها كُومُ
يَهْدِي بها أَكْلَفُ الخَدَّيْنِ مُخْتَبَرٌ = مِنَ الجِمَالِ كَثيرُ اللَّحْم عَيْثُومُ


  #2  
قديم 7 رجب 1432هـ/8-06-2011م, 09:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

120


وقال علقمة بن عبدة أيضا*


1: هل ما علمت وما استودعت مكتوم = أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم
2: أم هل كبير بكى لم يقض عبرته = إث الأحبة يوم البين مشكوم
3: لم أدر بالبين حتى أزمعوا ظعنا = كل الجمال قبيل الصبح مزموم
4: رد الإماء جمال حي فاحتملوا = فكلها بالتزيديات معكوم
5: عقلا ورقما تظل الطير تخطفه = كأنه من دم الأجواف مدموم
6: يحملن أترجة نضخ العبير بها = كأن تطيابها في الأنف مشموم
7: كأن فأرة مسك في مفارقها = للباسط المتعاطي وهو مزكوم
8: فالعين مني كأن غرب تحطبه = دهماء حاركها بالقتب محزوم
9: قد عريت زمنا حتى استطف لها = كتر كحافة كير القين ملموم
10: قد أدبر العر عنها وهي شاملها = من ناصع القطران الصرف تدسيم
11: تسقي مذانب قد زالت عصيفتها = حدورها من أتي الماء مطموم
12: من ذكر سلمى وما ذكرى الأوان بها = إلا السفاه، وظن الغيب ترجيم
13: صفر الوشاحين ملء الدرع خرعبة = كأنها رشأ في البيت ملزوم
14: هل تلحقني بأخرى الحي إذ شحطوا = جلذية كأتان الضحل علكوم
15: كأن غسلة خطمي بمشفرها = في الخد منها وفي اللحيين تلغيم
16: بمثلها تقطع الموماة عن عرض = إذا تبغم في ظلمائه البوم
17: تلاحظ السوط شزرا وهي ضامزة = كما توجس طاوي الكشح موشوم
18: كأنها خاصب زعر قوادمه = أجنى له باللوى شري وتنوم
19: يظل في الحنظل الخطبان ينقفه = وما استطف من التنوم محذوم
20: فوه كشق العصا لأيا تبينه = أسك ما يسمع الأصوات مصلوم
21: حتى تذكر بيضات وهيجه = يوم رذاذ عليه الريح مغيوم
22: فلا تزيده في مشيه نفق = ولا الزفيف دوين الشد مسؤوم
23: يكاد منسمه يختل مقلته = كأنه حاذر للنخس مشهوم
24: وضاعة كعصي الشرع جؤجؤه = كأنه بتناهي الروض علجوم
25: يأوي إلى حسكل زعر حواصله = كأنهن إذا بركن جرثوم
26: فطاف طوفين بالأدحي يقفره = كأنه حاذر للنخس مشهوم
27: حتى تلافى وقرن الشمس مرتفع = أدحى عرسين فيه البيض مركوم
28: يوحي إليها بإنقاض ونقنقة = كما تراطن في أفدانها الروم
29: صعل كأن جناحيه وجؤجؤه = بيت أطافت به خرقاء، مهجوم
30: تحفه هقلة سطعاء خاضعة = تجيبه بزمار فيه ترنيم
31: بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا = عريفهم بأثافي الشر مرجوم
32: والحمد لا يشترى إلا له ثمن = مما يضن به الأقوام معلوم
33: والجود نافية للمال مهلكة = والبخل باق لأهليه ومذموم
34: والمال صوف قرار يلعبون به = على نقادته واف ومجلوم
35: ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه = أنى توجه، والمحروم محروم
36: والجهل ذو عرض لا يستراد له = والحلم آونة في الناس معدوم
37: ومن تعرض للغربان يزجرها = على سلامته لا بد مشؤوم
38: وكل حصن وإن طالت سلامته = على دعائمه لا بد مهدوم
39: قد أشهد الشرب فيهم مزهر رنم = والقوم تصرعهم صهباء خرطوم
40: كأس عزيز من الأعناب عتقها = لبعض أحيانها حانية حوم
41: تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبها = ولا يخالطها في الرأس تدويم
42: عانية قرقف لم تطلع سنة = يجنها مدمج بالطين مختوم
43: ظلت ترقرق في الناجود يصفقها = وليد أعجم بالكتان مفدوم
44: كأن إبريقهم ظبي على شرف = مفدم بسبا الكتان مرثوم
45: أبيض أبرزه للضح راقبه = مقلد قضب الريحان مفغوم
46: وقد غدوت على قرني يشيعني = ماض أخو ثقة بالخير موسوم
47: وقد يسرت إذا ما الجوع كلفه = معقب من قداح النبع مقروم
48: لو ييسرون بخيل قد يسرت بها = وكل ما يسر الأقوام مغروم
49: وقد أصاحب فتيانا طعامهم = خضر المزاد ولحم فيه تنشيم
50: وقد علوت قتود الرحل يسفعني = يوم تجيء به الجوزاء مسموم
51: حام كأن أوار النار شامله = دون الثياب ورأس المرء معموم
52: وقد أقود أمام الحي سلهبة = يهدي بها نسب في الحي معلوم
53: لا في شظاها ولا أرساغها عتب = ولا السنابك أفناهن تقليم
54: سلاءة كعصا النهدي غل لها = ذو فيئة من نوى قران معجوم
55: تتبع جونا إذا ما هيجت زجلت = كأن دفا على العلياء مهزوم
56: إذا تزغم من حافاتها ربع = حنت شغاميم في حافاتها كوم
57: يهدي بها أكلف الخدين مختبر = من الجمال كثير اللحم عيثوم


* جو القصيدة: تحدث عن نأي الحبيبة، وبكى لفراقها، ووصف الظعن، ونعت صاحبته. ثم وصف دمعه وشبهه بما يفيض من الدلو العظيمة تسرع بها ناقة، ونعت هذه الناقة في استطراد عجيب ثم عاد إلى وصف الحبيبة. وتمنى أن تلحقه بها ناقة جعل لها وصفا مسهبا في الأبيات 14-30 ويشبهها في أثناء ذلك بالظليم ويصفه هو ونعامته أما الأبيات 31-38 فهي مجموعة صالحة من الحكمة والأدب ثم يفخر بحضوره مجلس الشراب وينعت الخمر والإبريق ويفخر بغلبته الأقران واشتراكه في الميسر واختراقه المفاوز، وصبره على رديء الطعام والشراب، وبسيره في الهواجر، ويأنه يقود فرسه أمام الحي، ثم يصف هذه الفرس والإبل التي تسقى من ألبانها.
تخريجها: منها في ديوانه المخطوط الأبيات 1-9، 15، 10-14، 37-46، 50-52. وهي فيه طبعة الوهبية عدا البيت 26. وفي منتهى الطلب 1: 27-29 عدا الأبيات 10، 12، 15، 21، 23، 27، 30، 36، 41، 43. وفي شعراء الجاهلية 498-502 عدا البيتين 16، 26 والأبيات 1، 2، 6، 7، 44، 39 في الأغاني 21: 111 والبيت 1 فيه 21: 112 والأبيات 1، 2، 19-22 في العيني 4: 576. والبيتان 8، 9 في سمط اللآلي 885 والبيت 9 في الكنز اللغوي 93 والبيت 13 في ديوان المعاني 1: 250 والبيت 20 في السمط 146، 848 وعجزه في الفصول والغايات 415. والبيتان 28، 29 فيه 870-871. والبيت 34 فيه 937 والبيت 37 في الحيوان 3: 449، ونسبه خطأ لسلامة بن جندل والبيتان 39، 40 في ابن السكيت 217 والفصول والغايات 444 والبيت 43 فيه 229 والبيت 44 في الموشح 234 وابن السكيت 607 السمط 13 وصدره في الشعر والشعراء 183 غير منسوب والبيت 49 في ابن السكيت 499 والسمط 348 والبيت 54 في البيان للجاحظ 3: 81 وصفة جزيرة العرب 162. والبيت 57 في الكنز اللغوي 103. وانظر الشرح 786-823.
(1) حبلها: وصلها. مصروم: مقطوع.
(2) لم يقض عبرته: لم يشتف من البكاء، لأن في ذلك راحة له. مشكوم: مثاب مكافأ.
(3) أزمعوا: عزموا. الظعن: الارتحال. مزموم: شد بالزمام.
(4) رددن الجمال من الرعي للارتحال، وخص الجمال دون النوق، لأن الظعائن يحملن على الذكور، لأنها أشد وأذل نفسا. التزيديات: ثياب منسوبة إلى تزيد بن حيدان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. المعكوم: المشدود بثوب.
(5) العقل والرقم: ضربان من الوشي فيهما حمرة، جللوا بهما هوادجهم، فالطير تضربها تحسبها من حمرتها لحما. مدموم: مطلي.
(6) شبه المرأة بالأترجة، وهي فاكهة طيبة الرائحة. النضخ، بالخاء المعجمة: ما كان رشا. التعبير: أخلاط الطيب تجمع بالزعفران. التطياب: تفعال من الطيب. المشموم: المسك، أو كأن ريحها لا يفارق الأنف فهو أبدا مشموم.
(7) فأرة المسك: دابة صغيرة أشبه بالخشف يؤخذ منها المسك، أو هي نافجة المسك، وانظر اللسان. الباسط: الذي يبسط يده إليها. والمتعاطي مثله، ولكن لما اختلف لفظاهما جمع بينهما.
(8) الغرب: جلد ثور يتخذ دلوا. تحط به: تعتمد في جذبها إياه على أحد شقيها. دهماء: ناقة، وإنما جعلها دهماء لأن الدهم أقوى الإبل. الحارك: ملتقى الكتفين. القتب: الإكاف الصغير على سنام البعير. يقول: كأن عيني من كثرة دموعهما لسيلانها غرب هذه حاله.
(9) عريت: أي من رحلها فلم تركب برهة من الزمان، فهو أقوى لها. استطف: ارتفع الكتر، بفتح الكاف وكسرها: السنام قال الأصمعي: "لم أسمع الكتر إلا في هذا البيت". كير القين: موقد نار الحداد. الملموم: المجتمع.
(10) العر: الجرب. الناصع: الخالص من كل شيء. التدسيم: الأثر يعني ذهب عنها الجرب وبقي أثر طلائه يشملها.
(11) تسقي: يعني هذه الناقة. المذانب: مدافع الماء إلى الرياض. العصيفة: ورق الزرع، وزوال عصيفتها: تفرقها وانفتاحها من الري. حدورها: ما انحدر منها واطمأن. الأتي: السيل. مطموم: مملوء.
(12) يقول: كثرة بكائي التي ذكرت من ذكر سلمى. الأوان: الآن. بها: أراد لها. السفاه: الطيش والخفة في العقل. يقول: ذكري إياها الآن وقد بانت سفه مني، وظني بها أنها تدوم على العهد أمر لا أحقه.
(13) صفر الوشاحين: موضع وشاحيها خميص لا يملأ درعها لضمر بطنها. ملء الدرع: تملأ قميصها لعظم عجيزتها وأوراكها. الخرعبة: الناعمة، وهو من العيدان الضعيف. الرشأ: الظبي الصغير. ملزوم: مربى في البيوت، وهو أحسن له.
(14) أخرى الحي: الفرقة التي هي آخرهم. شحطوا: بعدوا. الجلذية: الشديدة القوية الصلبة، يعني ناقة. الضحل: الماء القليل. أتان الضحل: الصخرة يجرفها السيل فتبقى في الماء، شبه الناقة بها، لصلابتها، لأن الصخرة إذا كانت في الماء املاست وصلبت. العلكوم: الغليظة.
(15) الغسلة: ما غسل به الرأس. الخطمي: نبات يغسل به. التلغيم: تفعيل من "اللغام" وهو زبد تخلطه خضرة مما رعت، وهذا المشتق لم يذكر في المعاجم يقول: قد رعت البقل وكأن بمشفرها خطميا من خضرته.
(16) الموماة: الفلاة. عن عرض: أي يعترضها، أي يعتسفها يسير فيها على غير قصد. تبغم: صوت صوتا يختلسه.
(17) الشزر: النظر بمؤخر العين من حدتها. الضامزة: التي لا ترغو من ضجر. توجس: تسمع. طاوي الكشح: ضامر الخاصرتين. موشوم: في قوائمه نقط يود. يقول: تقلب آذانها إلى السوط والزجر كما يتوجس هذا الثور، فشبهها في نشاطها به.
(18) الخاضب: الظليم قد احمر جلده وساقاه، والظليم ذكر النعام وشبه الناقة بالخاضب لسرعته، فإن الخيل لا تطلبه. القوادم: ريشات في مقدم الجناح. أجنى النبات: أدرك أن يجتنى. اللوى: ما انعطف من الرمل. الشري: شجر الحنظل، والظليم يأكله. التنوم: شجر ورقه يشبه ورق الآس، ينحت ورقه في القيظ ويرب في الشتاء.
(19) الخطبان: الحنظل فيه خطوط تضرب إلى السواد، وهو أشد ما يكون مرارة. ينفقه: يستخرج حبه. استطف: ارتفع وأمكن. مخذوم: مقطوع، ليأكله.
(20) لأيا: بطيئا. تبينه: تتبينه. أي فوه لاصق ليس بمفتوح، لا تستبينه إلا بعد بطء. أسك: أصم، أو صغير الأذن لاصقها بالرأس. المصلوم: المقطوع الأذنين.
(21) يقول: هذا الظليم يرعى الخطبان والتنوم، ثم تذكر بيضه في أدحية، وهيجه المطر الخفيف، فراح إلى بيضه قبل أوان الرواح. مغيوم: فيه غيم، أخرجه على أصله، وأكثر ما يجيء هذا معلا.
(22) التزيد: سير سريع. النفق، بكسر الفاء: السريع الذهاب. الزفيف: دون الشد قليلا: مسؤوم: من السأم، يعني أنه لا يسأم الزفيف.
(23) منسمه: ظفره يقول: يزج برجليه زجا شديدا ويخفض عنقه فيكاد منسمه يشك عينه. المشهوم: الفزع المروع وهذا البيت لم يروه أبو عكرمة ولم يذكر في المرزوقي ولا منتهى الطلب ولا الديوان، ونرى أنه رواية أخرى للبيت 26.
(24) الوضع عدو سريع من عدو الإبل، والتاء في وضاعة للمبالغة كعلامة ونسابة وصف به الظليم. الجؤجؤ: الصدر. الشرع: الأوتار، واحدها شرعة. وعصيها: البربط، أي عود الغناء شبه صدر الظليم بالبربط في تقوسه. التناهي: جمع تنهية. وهي الأماكن المطمئنة ينتهي إليها الماء. العلجوم: البعير الطويل المطلي بالقطران، ولم يذكر هذاالمعنى في المعاجم.
(25) الحسكل: الفراخ. جرثوم: جمع جرثومة وهي أصول الشجر.
(26) الأدحي: مبيض النعام. يقفره: ينظر إليه هل يرى به أثرا وانظر البيت 23.
(27) تلافى: تدارك. عرسين: أي: هو ونعامته.
(28) يوحي إليها: يصوت لها فتفهم عنه. الإنقاض: التصويت. النقنقة: صوت الظليم. الأفدان: القصور، جمع فدن.
(29) الصعل: الخفيف الرأس والعنق يقول: يرفع جناحيه في عدوه ويحطمها فكأنه بيت شعر أو صوف ترفعه امرأة خرقاء غير صناع. فمتى ترفعه يسقط. مهجوم: ساقط مهدوم، صفة للبيت.
(30) تحفه: تحف الظليم. الهقلة: النعامة. السطعاء: الطويلة العنق. الخاضعة: التي تميل رأسها للرعي. الزمار: صوت أنثى النعام، والعرار صوت الذكر.
(31) عريفهم: رئيسهم ومعروفهم. الأثافي: الحجارة التي تنصب عليها القدر، جعلها مثلا للرمي. يقول: كل قوم وإن كانت لهم منعة فتصيبهم نوائب الدهر.
(34) القرار: غنم صغار الأجسام لطائف الآذان، الواحدة قرارة يلعبون به: يتداولونه ويعبثون فيه. على نقادته: على صغر أجسامه، وأصل النقادة جمع نقد، بفتحتين، والنقد جمع نقدة، وهو صغار الغنم. الوافي: التام الكثير. المجلوم: المجزوز يعني أن الناس مختلفون، منهم الغني المكثر، ومنهم الفقير الذي لا مال له، كالقرار على صغر أجسامه، منا ما هو وافي الصوف، ومنه ما لا صوف عليه.
(35) يقول: الذي جعل الغنم له طعمة فسيطعمه في يوم الغنم أينما توجه، ومن حرمه فليس يناله.
(36) لا يستراد له: لا يراد ولا يطلب أي يعرض لك وأنت لا تريده.
(37) يقول: من يزجر الطير وإن سلم فلا بد أن يصيبه شؤم.
(39) الشرب: جمع شارب. المزهر: العود. الرنم: المترنم. الصهباء: خمر من عصير عنب أبيض. الخرطوم: أو ما ينزل منها صافية.
(40) العزيز: الملك. لبعض أحيانها: يقول أعدها لفصح أو عيد أو نحو ذلك. حانية: قوم خمارون نسبوا إلى الحانة، الواحد حاني. الحوم، بضم الحاء: الكثير، وهو لغة في الحوم بفتح الحاء، مثل شهد وشهد، نص عليه الأصمعي أو الحوم جمع حائم مثل "صبر" جمع صابر، فأصل الواو مضمومة فخففت ويكون من "حام يحوم" إذا طاف حولها.
(41) الصالب: وجع في الرأس يدور منه. التدويم: الدوار.
(42) عانية: منسوبة إلى عانة، قرية من قرى الجزيرة. القرقف: التي تأخذ شاربها منها رعدة. لم تطلع سنة: مكثت سنة في دنها لم ينظر إليها. يجنها: يسترها. مدمج: يعني الدن أدمج بالطين، أي طين به. مختوم: معلم عليه.
(43) ترقرق: تذهب وتجيء. الناجود: الباطية العظيمة أو الرواق. يصفقها: يمزجها. وليد أعجم: يريد خادم ملك أعجم. مفدوم: من الفدام، وهو الخرقة يشدها الغلام على فيه إذا أراد أن يسقي القوم، وهذا من زي الفرس، إذا أراد الساقي أن يسقي القوم شد على فيه بخرفة، لئلا يخرج من فيه شيء فيصل إلى القدح.
(44) شبه انتصاب الإبريق وبياضه بظبي على مكان مرتفع. مفدم: من وصف الإبريق على الاستئناف. بسبا الكتان: أراد "بسبائب الكتان" فحذف باقي الكلمة، وشواهد هذا كثيرة، والسبائب: جمع سبيبة وهي الشقة. المرثوم: الذي قد رثم أنفه أي كسر.
(45) أبرزه: أخرجه لتصيبه الريح. الضح: الشمس. راقبه: حافظه وحارسه. مفغوم بالغين المعجمة: كأنه مسدود بكثرة ريح الطيب. يقال فغمتني ريح طيبة، إذا دخلت في أنفك فسدت خياشيمك وانظر في نحو هذا المعنى 26: 74.
(46) يشيعني: يجرئني. الماضي: القاطع، أراد سيفه.
(47) معقب: يعني قدحا قد شد بالعقب علامة، والعقب: العصب. النبع: شجر تتخذ منه القسي والقداح. مقروم: معضوض ليكون علامة له يقول: قد أخذت في الميسر في الوقت الذي يكلف دفع الجوع فيه القداح، ليس معول على لبن ولا طعام غير الضرب بها.
(48) يقول: إنما يكون الميسر بالإبل، وإنما يأخذ في الميسر كبارهم، فلو صاروا إلى أن ييسروا بالخيل ليسرت بها. مغروم: يقول: إذا خرج عليه شيء غرمه.
(49) يريد أنه طال سفرهم فاخضر مزادهم وصار عليه شبيه بالطحلب. التنشيم: بدء تغير اللحم وأراد بالطعام الطعام والشراب، فاكتفى بأحدهما.
(50) قتود الرحل: عيدانه. يسفعني: يصيبني حره. الجوزاء: من بروج السماء. مسموم: فيه السموم.
(51) أوار النار: لهبها. دون الثياب: أن يصل الحر من شدته دون الثياب والعمامة، أي يتجاوز ذلك في البدن.
(52) السلهبة: الطويلة من الخيل. يهدي بها: يقدمها، أي يقودها نسب لا ينقطع، لأنها ذات عرق كريم.
(53) الشظا: عظم لاصق بالركبة. العتب: العيب. السنابك: مقاديم الحوافر. يقول: هي وافية السنبك لم تأكه الأرض.
(54) السلاءة: شوكة النخل، شبه فرسه بها لإرهاف صدرها وتمام عجزها وكذلك خلقة الشوكة. النهدي: أراد شيخا من نهد قد كبر وطال عمره واملاست عصاه. غل: أدخل. ذو فيئة: ذو رجوع. يريد أن النوى علفته الإبل، ثم بعرته فهو أصلب. قران: قرية باليمامة لبني حنيفة كثيرة النخل نوى تمرها صلب. معجوم: معضوض. يريد أنه أدخل جوف فرسه هذا النوى حتى اشتد لحمها، أو أنها خلق لها في بطن حوافرها نسور صلاب كأنها النوى ذو الفيئة.
(55) الجون: الإبل السود. أي تتبع هذه الفرس الإبل لتسقى من ألبانها. الزجل: ارتفاع الصوت. مهزوم: مشقوق، فهو أبح للصوت يعني إذا هيجت الإبل للورد سمعت لها صوتا عاليا لكثرتها كأنه صوت دف مشقوق على مكان مرتفع.
(56) تزغم: حن حنينا خفيا، أي تزغم لأمه لترضعه. حافاتها: نواحيها، الربع: ما نتج في الربيع. الشغاميم: المسان التوام. الكوم: العظام الأسنمة.
(57) يهدي بها: يهديها، أي يتقدمها. أكلف الخدين: يعني فحلها، والكلفة: حمرة فيها سواد. مختبر، بكسر الباء: مجرب، وبفتحها: معروف بالنجابة. العيثوم: الضخم الجرم الكثير اللحم.


  #3  
قديم 12 شعبان 1432هـ/13-07-2011م, 10:04 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

وقال علقمة بن عبدة أيضًا

1: هل ما علمت وما استودعت مكتوم.......أم حبلها إذ نأتك اليوم مضروم
قال الضبي: أي (هل ما علمت وما استودعت) من حبها مكتوم عندها أم منتشر. و(حبلها): وصلها. و(نأتك) بعدت منك. ومصروم: منقطع. قال الرستمي: قال يعقوب: يقال علمت الشيء علمًا ويقال اعلم كذا وكذا وتعلم كذا وكذا بمعنىً واحد.
ويقال رجل أعلم بين العلم والإبل كلها علم. فإذا كان الشق في الشفة السفلى فذاك الفلح رجل أفلح وامرأة فلحاء: قال الشاعر:
وعنترة الفلحاء جاء ملأمًا.......كأنك فند من عماية أسود
فسماه بالفلحاء لشقٍ كان في شفته السفلى وملأمًا لابس لأمة وهي الدرع. وقوله (وما استودعت) أي: استكتمت والوديعة كل ما صين عن البذلة والامتهان. والموادع من الثياب كل ما امتهن عند العمل كأنها يصان بها الفاخر من الثياب وواحد الموادع ميدع. و(المكتوم) المستور يقال كتمت كتمًا وكتمانًا. ويقال قوس كتوم إذا لم يكن فيها صدع وأقواس كتم وناقة كتوم إذا كانت لا ترغو وأينق كتم ومزادة كتوم وقد كتمت المزادة إذا قل سيلانها وقطرها. ووصلها وحبلها مودتها.
ويقال نأى عني فلان وناء عني واحد. والمعنى هل تكتم السر الذي علمت وما كان بينها وبينك وتكتم ما استودعتك من حبها إرادة الوفاء لها أم تصرمها إذا نأت عنك. وقال غيره: معناه هل ما علمت مما كان بينك وبينها وما استودعت من حبها مكتوم عندها فهي على الوفاء أم قد تصرمت.
2: أم هل كبير بكى لم يقض عبرته.......إثر الأحبة يوم البين مشكوم
قال الضبي: (لم يقض عبرته) أي: لم يشتف من البكاء لأن في ذلك راحة، كما قال امرؤ القيس:
وإن شفائي عبرة إن سفحتها.......فهل عند رسمٍ دارسٍ من معول
ويروى مهراقة. و(العبرة): الدمعة والعبر والعبر سخنة العين ويقال امرأة عبرى وعابر ويقال خرجت على إثره وأثره بفتح الهمزة وكسرها والمشكوم المجزي وقد شكمته أشكمه شكمًا والاسم (الشكم): قال كثير:
أويت لعاشقٍ لم تشكميه.......نوافذه تلذع بالزناد
ويروى مشتوم. قال الرستمي: قال يعقوب: الكبير واحد الكبار وكبر الشيء وكبره معظمه. قال الشاعر (وهو قيس بن الخطيم ولم يسمه الرستمي):
تنام عن كبر شأنها فإذا.......قامت رويدًا تكاد تنغرف
أي: عن معظمه لم يقض عبرته أي: لم ينفد ماء شؤونه ولم ينفد ماء عيونه كله لأنه إذا لم يخرجه كان أشد لأسفه واحتراق قلبه وحكي عن أبي بكر بن عياش أنه كان يشتد حزنه حتى يكاد يحترق قلبه ولا يقدر على إظهار قطرة من دموعه فوقف ذو الرمة بكناسة الكوفة ينشد وحضره أبو بكر وهو ينشد:
لعل انحدار الدمع يعقب راحةً.......من الوجد أو يشفي نجي البلابل
فتعاطى البكاء بعد ذلك، فكان إذا حزن واشتد حزنه يتعاطى البكاء فيبكي ويسيل فيستريح لذلك.
و(العبرة): الدمعة والجمع عبرات والعبر سخنة العين والعبر شاطئ النهر. وإثر الأحبة أي عند فراق الأحبة وقد خرجت في إثره وأثره.
والبين الفراق يقال بان الرجل يبين بينًا وبينونةً وقد بنت الرجل وبنت منه.
قال الشاعر:
كأن عيني وقد بانوني.......غربان في منحاة منجنون
و(مشكوم) مثاب مكافأ وقد شكمته أشكمه كافأته بحسن صنيعه.
قال خالد بن جعفر بن كلاب للحارث ابن ظالم: قتلت عنك زهير بن جذيمة سيد غطفان حتى جعلتك سيدهم (ولم يكن الحارث سيدًا حتى قتل زهير): فقال له الحارث سأشكمك شكم ذلك أي سأقتلك به. فيقول هل كبير بكى على أثر أحبابٍ بعد خروجهم ومباينتهم إياه مكافأ على بكاه مجازى بفعله. ومشتوم مسبوب.
3: لم أدر بالبين حتى أزمعوا ظعنًا.......كل الجمال قبيل الصبح مزموم
قال الضبي: (أزمعوا): أجمعوا على ذلك والزماع الاسم. و(الظعن): الارتحال وقد ظعن يظعن إذا كان كثير الظعن. و(مزموم) عليه زمامه. قال الرستمي: قال يعقوب: لم أدر لم أشعر ولم أعرف وقد دريت بالشيء دراية. وقد أزمعوا على الأمر وأجمعوا وعزموا بمعنىً واحد. و(الجمال) جمع جمل والجمل بمنزلة الرجل اسم له والجمالة أصحاب الجمال. و(قبيل الصبح) عند إقباله قبله بيسير. و(مزموم) قد شد زمامه في برته. فيقول قربت بليل وجعل عليها أزمتها، ويقال هذا أمر قد فرغ منه بليلٍ كقول عنترة:
إن كنت أزمعت الفراق فإنما.......زمت ركابكم بليلٍ مظلم
فيقول لم أشعر بفراقهم حتى فاجؤوني به مفاجأة قد أحكموا ما أرادوا إحكامه من أمر رحلتهم.
4: رد الإماء جمال الحي فاحتملوا.......فكلها بالتزيديات معكوم
ويروى رد القيان والقيان (الإماء) الواحدة قينة وكل أمة قينة بيضاء كانت أو سوداء مغنيةً كانت أو غير مغنية وأنشد الأصمعي:
إذا شئت غناني على رجل قينةٍ.......حضجر يداوى بالبرود كبير
يصف الوطب إذا جعلته الأمة على رجلها لتمخضه، وقوله بالبرود أي يرش عليه الماء البارد ليجتمع زبده. ويقال أمة وأمتان وإماء وإموان وأموان وآم، قال الشاعر:
أما الإماء فلن يدعونني ولدًا.......إذا تداعى بنو الإموان بالعار
وقوله (رد الإماء) أي رددن الجمال دون النوق لأن الظعائن يحملن على الذكور لأنها أشد وأذل نفسًا من الإناث. قال ومثله قول امرئ القيس: عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل، قال الأصمعي بهذا القول. وقال أبو عبيدة: البعير يكون جملاً وناقةً وحكى قولهم، اسقني من لبن بعيرك، وأنشد:
لا تسقني لبن البعير وعندنا.......عرق الزجاجة واكف المعصار
و(التزيديات): هوادج يجاء بها من شق بلاد قضاعة. وقال الرستمي: قال يعقوب: ردوا الجمال من الرعي للارتحال، يقال قد جاء الرداد بالرد والرد هي الإبل المردودة. و(التزيديات): ثياب منسوبة إلى تزيد بن حيدان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. و(المعكوم): المشدود بالعكم وهو العدل.
5: عقلاً ورقمًا تظل الطير تخطفه.......كأنه من دم الأجواف مدموم
قال الضبي: (العقل والرقم) ضربان من الوشي فيهما حمرة. وقال الأصمعي: (العقل) خيط يعتقل بخيطٍ آخر يدخل فيه من تحته ثم يرفع على خيط.
فيقول جللوا هوادجهم بالعقل والرقم. و(تخطفه) تضربه تحسبه من حمرته لحمًا. ويروى تتبعه والمعنى واحد. و(مدموم) مطلي يقال قد دمه يدمه دمًا إذا طلاه بالشيء.
قال الرستمي عن يعقوب أراد معكوم عقلاً ورقمًا وسمي عقلاً لأن الناسج إذا أراد أن ينسجه عقله بخيطٍ آخر يدخله تحته. والرقم ما نقش بالدارات. وقوله تظل الطير تتبعه يقول لحمرته تظن أنه لحم، يقال ظللت أفعل ذلك وظلت وظلت إذا كنت تفعله نهارًا. ويقال تبعته وأتبعته واتبعته بمعنىً واحد. و(مدموم): مطلي بالدم يقال دم قدرك بالطحال إذا كانت جديدةً وقد دمت الجارية جيبها بالزعفران أي طلته.
6: يحملن أترجةً نضخ العبير بها.......كأن تطيابها في الأنف مشموم
شبه المرأة بأترجة. و(العبير) أخلاط من الطيب تجمع بالزعفران. وقال أبو عبيدة: العبير عند أهل الجاهلية الخلوق وحكي: جاء فلان معبرًا أي مخلقًا. والتطياب التفعال من الطيب وهو نحو التمشاء من المشي والتعداء من العدو والتأكال من الأكل والترداد والتشراب، والمصادر إذا جاءت على هذا المثال كانت مفتوحة إلا حرفًا جاء نادرًا وهو التبيان، وإذا أتت الأسماء على هذا المثال كانت مكسورة نحو تجفاف وتمساح وتقصار.
وقوله( كأن تطيابها في الأنف) يريد كأن ريحها في الأنف أي أنه باقٍ من طيبها ليس مما إذا شم ثم ترك ذهبت رائحته ولكنه يعبق أي: ريحها لا يفارق الأنف. قال الرستمي: يقول كأنها أترجة من طيب رائحتها.
و(النضخ) ما كان رشا. والعبير الزعفران. و(مشموم): شامل. وكأن حشو من طريق من جعل الظن يقينًا ومعنى الظن وكأن واحد، وعسى ولعل واحد.
وقوله (في الأنف) أي في شم الأنف فيقول طيبها شمل أنف شامها إذا شمها. وقال غيره: يقول كأن طيبها لا يفارق الأنف.
وفيه قول آخر يقال (المشموم) ههنا المسك وقال أحمد: كأن طيبها في أنفها من طيب أنفها فأنت تشمه من أنفها إذا قبلتها.
وجعلها أترجة يصف أن كل شيء منها طيب ليس بها عيب من بخرٍ ولا تفلٍ، لأن البخر قد يكون في الأنف كما قال ذو الرمة:
تريك سنة وجه غير مقرفةٍ.......غراء مارنها بالمسك مرثوم
ويكون في الفرج: قال النابغة:
وإذا طعنت طعنت في مستهدفٍ.......رابي المجسة بالعبير مقرمد
ولا يقال نضح بالحاء هاهنا غير معجمة لأنه معتمد: هذا قول أحمد.
7: كأن فأرة مسكٍ في مفارقها.......للباسط المتعاطي وهو مزكوم
قال الضبي: (الباسط) المتناول. والمتعاطي: المتطاول لينال الشيء وقوله (وهو مزكوم) يقول الذي به زكام لا تمنعه زكمته أن يجد ريحها لطيبها وذكائها فكيف هي في أنف غيره، وإنما ذكر المزكوم لأنه لا يجد ريحًا وكذا قول اللآخر:
وتظل تنصفنا بها قروية.......إبريقنا بختامه ملثوم
وإذا تعاورت الأكف زجاجها.......نفحت فنال رياحها المزكوم
فيقول إذا نال رياحها المزكوم فغيره أحرى أن ينالها: قال آخر:
وأدكن عاتقٍ حجلٍ سبحلٍ.......صبحت براحه شربًا كراما
من اللائي حملن على الروايا.......كريح المسك تستل الزكاما
قال الرستمي: قال يعقوب: قوله (كأن فأرة مسكٍ) هي دابة طيبة الريح: قال الراجز:
كأن بين فكها والفك.......فأرة مسكٍ ذبحت في سك
وجمع (فأرة) فأر، ويقال أرض فئرة إذا كانت كثيرة الفأر وذبحت شقت: قال الشاعر:
نام الخلي وبت الليل مشتجرًا.......كأن عيني فيها الصاب مذبوح
وقوله (في مفارقها) أي: في رأسها وشعرها وإنما لها مفرق فجمعه بما حوله كما يقال: ألقاه في لهواته، وإنه للين الأجياد. وإنها لعظيمة الأوراك. وإنما له لهاة واحدة وجيد واحد ووركان: وجاء هذا عن العرب نادرًا وكان القياس أن يقول في مفرقها.
و(الباسط): الذي يبسط يده إليها و(المتعاطي) مثله ولكن لما اختلف لفظاهما جمع بينهما. ويقال قد عطت الظبية تعطو عطوًا إذا وضعت يديها على ساق الشجرة ومدت عنقها فتناولت الأغصان.
قال الشاعر: كأن ظبية تعطو إلى يانع السلم. و(المزكوم) والمأروض والمملوء والمضوود والمضنوك بمعنىً واحد، فيقول يجد متناولها رائحة المسك وإن كان مزكومًا لا يمنعه زكامه أن يجد ذلك منها.
8: فالعين مني كأن غرب تحط به.......دهماء حاركها بالقتب محزوم
قال الضبي: يقول عيني يكثر سيل دموعها فكأنما يسيل من غربٍ يتسنى به تسرع به السانية فهو أكثر لسيلانه. و(الغرب) مسك ثورٍ. و(تحط به) أي تحدر به وتعتمد. ودهماء ناقة وإنما جعلها دهماء لأن الدهم أقوى الإبل وأضلعها وأجفرها، وهي أرسع الإبل جلودًا. و(الحارك): ما التقى عليه الكتفان فيقال حركت الرجل بالسيف إذا ضربته عند منشب الرقبة في الكتفين. و(القتب) قتب السانية لا يقال قتب إلا للسانية فإذا كان لغيرها فهو قتب. (محزوم) مشدد. وقال الرستمي: فالعين مني يريد عينه. و(الغرب) مسك ثورٍ يتخذ دلوًا يسنوا بها البعير والجمع أغرب وغروب فيقول كأن عيني من كثرة دموعها لسيلانها غرب هذه حاله ومثله قول زهير:
كأن عيني في غربي مقتلةٍ.......من النواضح تسقي جنةٍ سحقا
وقال أحمد: أراد كأن غربي مقتلةٍ أي ناقةٍ مذللةٍ في عيني. تحط به تعتمد في جذبها إياه على أحد شقيها والانحطاط: الاعتماد في السير. قال الراجز: بسلجمٍ يحط في السفار، أي يعتمد في سيره على سفاره والسفار حديدة تأخذ خطم البعير كالحديدة التي تكون لإبل الجصاصين، قال ابن أحمر وذكر فرسًا:
حطت ولو علمت علمي لقد عرفت.......حتى تلين وآة كرها يسر
أي: اعتمدت على أحد شقيها والوآة الشديدة والذكر وأي: قال الأسعر الجعفي:
حملوا بصائرهم على أكتافهم.......وبصيرتي يعدو بها عتد وأى
و(دهماء): ناقة سوداء و(الحارك): ملتقى الكتفين وهو مقدم السنام وهو من الفرس الحارك: قال تميم بن مقبل:
يثني على حامييه ظل حاركه.......يوم توقده الجوزاء مسموم
و(القتب) رحل السانية والقتب للأحمال ويقال هما واحد يقال قتب وقتب، ويقال قد قتبت البعير إذا وضعت القتب على ظهره وأقتبته إذا جعلت له قتبًا.
9: قد عريت زمنًا حتى استطف لها.......كتر كحافة كير القبين ملموم
ويروى: (كحافة) عس القين. و(الحافة) الجانب وقوله (عريت) أي أطلقت لا يحمل عليها ولا تسني تركت حتى ترعى لا تركب. و(استطف لها) ارتفع يقال خذ ما طف لك أي أشرف. و(الكتر) السنام وليس بمعروف ٍ فاشٍ شبهه بكير الحداد. والقين الحداد والجمع أقيان وقيون ويقال قد قان القين الإناء يقينه قينًا إذا شعبه وأنشدني أبو الغمر الكلابي:
ولي كبد مجروحة قد بدا بها.......صدوع الهوى لو أن قينًا يقينها
ويقال قن إناءك عند القين. و(الملموم) المجموع المدار ويقال قد لممت الشيء إذا جمعته يقال لم علينا غنمنا وإبلنا، ومنه لم الله شعثك أي: جمع الله ما تفرق من أمرك. قال: وسمعت أبا مهدي الكلابي يقول كتري منزلك، وهو أن يحملوا بطحاء فيجعلوها في وسط البيت ويديروا حولها الحجارة تحبسها حتى لا تزل فتسمى تلك الحجارة الكتر. ويقال زمن وأزمنة وأزمان. ورواها أحمد بن عبيد كتر بفتح الكاف. قال الرستمي: قال يعقوب: قال الأصمعي وأبو عمرو بن العلاء: قوله عريت أي تركت لم تركب. قال: ورواها غيره: قد عزبت حقبةً، أي: أقامت عازبةً في المرعى. يقال مال عزيب وعازب إذا كان مقيمًا في المرعى لا يراح إلى أهله ويقال عزب حلم فلان أي غاب عنه ويقال رجل عزب إذا كان لا زوج له وامرأة عزبة وعزب. قال الرستمي: وأنشدنا التوزي:
يا من يدل عزبًا على عزب.......على ابنة الحمارس الشيخ الأزب
والحقبة: الدهر والحين وجمع حقبة: حقب. والحقب في التفسير ثمانون سنةً وجمعه أحقاب. والكتر ما ارتفع من سنامها. وقال أبو عمرو: الكتر القبر من قبور عادٍ فشبه سنامها به. وحافته وحفافه جانبه والجمع حافات وأحفة. وكير القين موقد ناره وهو الكور أيضًا. ويقال الكير الزق الذي ينفخ فيه والكور هو الطين الذي توقد النار فيه. والقين الحداد وكل عاملٍ بحديدة قين ويقال قد قان الحديدة يقينها قينًا، ومطلها يمطلها مطلاً إذا طولها. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعيذه من السامة والهامة ومن كل عين لامة)). أي: من كل عينٍ جامعة إليه الشر. وقال بعضهم: هو من ألممت بالرجل إذا أتيته وكان القياس أن يقول ملمة وإنما قال لامة لمكان السامة والهامة لمزواجة الكلام والإتباع. فيقول تركت هذه الناقة من الركوب حت سمنت وصار لها سنام. وقال أحمد بن عبيد: استطف لها امتد وارتفع واستوى كالطف من الوادي والمعنى استوى سنامها مع جنبها من شدة امتلاء سنامها امتد على الجنبين حتى صار ظهرها مستويًا. قال: والسامة الخاصة يقول أعيذه من خاصة الناس وعامتهم ولامة عين تلم إليه بالنظر الرديء ولم يعرف عزبت.
10: قد أدبر العر عنها وهي شاملها.......من ناصع القطران الصرف تدسيم
قال الضبي: (أدبر) ولى وما كان من الأزمان قيل فيه أدبر ودبر، وقد أدبر الرجل وأقبل بالألف لا غير. والعر الجرب يقال بعير أعر وبعير معرور وإبل معرورة ويقال للعر عرة وأنشد:
ألا ليتنا يا عز من غير ريبةٍ.......بعيران نرعى القفر مؤتلفان
يطردنا الرعيان من كل تلعةٍ.......يقال بعيرًا عرةٍ جربان
و(شاملها) أي قد عمها. و(ناصع القطران) خالصه. و(الصرف) الذي لا مزاج له لم يخلط بغيره. و(التدسيم) الأثر. هذا بمنزلة قولهم: أرني دسمًا من حقي: أي: أثرًا أتبعه. وقال أحمد: يقول قد أدبر الجرب عنها وبقي أثر الهناء عليها. وقال الرستمي: العر الجرب والعر بثر يخرج بمشافر الإبل يسيل منه ماء أصفر والعر آثار زرق الطائر. وإدباره ذهابه ونقصانه وقوله وهي شاملها أي: وهي شاملها تدسيم والدسم آثار القطران: والدسم: أثر خفي ويقال أرني من ذلك الأمر دسمًا أي: أثرًا وأمرًا أستدل به على أنه كما وصفت، ويقال: إذا رأيت دسم الطريق فالزمه، ودسام القارورة سدادها، والدسمة: الصوفة يحشى بها الجرح. والباب: المدسوم والمطسوم المسدود. و(الدسمة) الإصلاح بين القوم. ويقال رجل دسم الثياب ودنس الثياب إذا كان غادرًا: قال الراجز:
يا رب شيخٍ من لكيزٍ قحم.......أوذم حجًا في ثياب دسم
والنصوع: خلوص الألوان. و(الصرف) أيضًا الخالص. يقول ذهب جربها عنها وأثر القطران فيها. وأنشد في الدسم:
ولكنني أنفي عن الذم والدي.......وبعضهم للغدر في ثوبه دسم
11: تسقي مذانب قد زالت عصيفتها.......حدورها من أتي الماء مطموم
قال الضبي: قال الأصمعي: (المذانب) مدافع الماء إلى الرياض واحدها مذنب. وأصل ذلك أن المذانب المغارف فأراد أنها تغرف الماء إلى الرياض فجعل مسائل الماء إلى الزرع مذانب. و(العصيفة): الورق وأكثر ما يتكلم به عصافة وقد عصفت الزرع إذا جززت ورقه. وقوله زالت عصيفتها قال الأصمعي: قال ناس: حصدت وقال آخرون: جز أعلى الزرع جزةً ثم سقي ليعود: ويقال قد أعصف زرعكم فأعصفوه وحدورها مطمئناتها: وقال أبو عمرو: (الحدر) من الأرض الناشز. وروي: حدورها: وهي حروف المشارات وقال أبو عمرو: الزبير حجاز ما بين الدبار والجماعة الزبر والدبار هي القصب بلغة أهل مكة والواحدة قصبة وأهل المدينة يسمونه الجدول ويقال للمشارة دبرة وجدول ويقال لها أيضًا جربة.
وروى أحمد حدورها وقال: يريد أن ما حول النخل قد اندفن. قال: وقوله قد زالت عصيفتها أي: مالت من ريها ونعمتها وطولها كما قال أبو النجم: حتى تحنى وهو لنا يذبل، أي: لم ينحن لذبول إنما انحنى لنعمته وطوله. والعصيفة ورق الزرع رطبًا ويابسًا وإنما زالت لأن مجراها صعودها إلى فوق فزالت عن مصعدها فمالت فلذلك قال زالت. قال الرستمي: قوله تسقي يعني هذه السانية التي وصف. والمذانب الدبار ههنا وأصل المذانب مجاري الماء إلى الرياض الواحد مذنب والمذانب أيضًا المغارف وهي المقادح. قال: وزالت عصيفتها تفرقت وتفتحت من ريها، ويقال زل ذا من ذا ومز ذا من ذا يقال زلته فلم يزل ومزته فلم يمز. قال: ويروى: قد طالت عصيفتها ويروى: قد مالت. فيقول من ريه وكثرة مائه وطوله قد تمايل. وقال أبو عبيدة: العصيفة والعصافة ورق الزرع ومنه قول الله عز وجل: {والحب ذو العصف والريحان} وحدورها قال الأصمعي: منحدرها وما اطمأن منها. ويروى: جدورها وهو جمع جدار فكأنه ذهب إلى كل جدارٍ منها فلذلك قال مطموم. كقول الأسود بن يعفر:
وجفنةٍ كنضيح الحوض متأقةٍ.......تروي جوانبها بالشحم مفتوقا
وكان ينبغي أن يقول مفتوقةً ولكنه أراد أن كل جانب منها مفتوق. والمفتوق: المملوء ويكون المفتوق المخلوط ويقال افتق الطيب بالمسك أي اخلطه حتى تطيب رائحته وهو مستعار من فتق الطيب. وأتي الماء سيله والأتي السيل والأتي النهر أيضًا. يقال أت لمائك أتيًا أي هيئ طريقًا. ومطموم مملوء.
وقال أحمد: ويروى حدورها يريد أصول النخل وهي الشربات. يقول قد طمها الماء من كثرة ما تسقيها هذه الناقة. وحدورها جمع حدرٍ وهو ما حولها يحبس الماء يشبه الدموع به. ويروى جدورها وحدورها وحدورها وقد فسرها.
12: من ذكر سلمى وما ذكري الأوان بها.......إلا السفاه وظن الغيب ترجيم
ويروى: وما ذكري الأوان لها. يقول وما ذكرك هذا الوقت لسلمى بعدما نأت. وقوله (وظن الغيب ترجيم)
أي: (من ظن بالغيب رجم بالظن). فيقول أنا منها ناءٍ إنما أرجم بالظن. وقال الرستمي: قال يعقوب: يقول كثرة بكائي الذي ذكرت من ذكر سلمى. وحكى الكسائي أوان وإوان. وقوله بها أراد لها. و(السفاه) الطيش والخفة في العقل يقال رجل سفيه من قوم سفهاء وقد سفه الرجل يسفه سفاهةً وسفهًا وسفه يسفه لغة وهو رجل سفيه وسفي. والغيب ما غاب عنك. فيقول ذكري إياها الآن وقد بانت لمحاضرها سفه مني وظني بها أنها تدوم على العهد والوصل أمر لا أحقه.
13: صفر الوشاحين ملء الدرع خرعبة.......كأنها رشأ في البيت ملزوم
قال الضبي: ويروى: بهكنة: وهي الضخمة و(الخرعبة) الطويلة القصب اللينة المس. و(الرشأ) الظبي الصغير. و(ملزوم) مربى في البيوت وهو أحسن له. يقال قد ربب وربي وربت. ويروى: ملء المرط وهو الإزار من الخز. وقوله (صفر الوشاحين) يقول موضع وشاحيها خميص لا يملأ درعها لكنه يملأ لضخم عجيزتها وأوراكها وأفخاذها ومثله قول الأعشى:
صفر الوشاحين ملء الدرع بهكنة.......إذا تأتى يكاد الخصر ينخزل
قال الرستمي: قال يعقوب: (الصفر) الخالي فيقول هي ضامة البطن ليست بثجلاء وإذا كانت كذلك قيل امرأة هيفاء وقباء وسيفانة وخمصانة ومبطنة وهضيم. وقدم أعرابي البصرة فامتدح رجلاً يكنى أبا الهياج وكان نبطيًا فقال:
إن أبا الهياج أريحي.......للريح في أثوابه دوي
أي أنه ضامر البطن. وقيل لبعض العرب: صف لنا النساء فقال: خذها بيضاء جعدةً لا يصيب قميصها منها إذا قامت إلا مشاشة منكبيها وحلمتي ثدييها ورانفتي أليتيها. وقيل لآخر صف لنا فلانة فقال: اقطع رأسها وانتعت أي وجهها قبيح وخلقها حسن. ويقال ملأت الإناء فأنا أملؤه ملأً وهو إناء ملآن ومملوء والملء ما يأخذه الإناء من الماء. يقال أعطني ملء القدح وملأيه وثلاثة أملائه. ويروى: ملء المرط وهو الإزار فيقول هي خالية الوشاحين لضمر بطنها وهي تملأ إزارها لعظم عجيزتها وضخم أوراكها. والخرعبة الناعمة وهو من العيدان الضعيف والرشأ الظبي الصغير. وملزوم أي مربى في البيوت.
14: هل تلحقني بأخرى الحي إذ شحطوا.......جلذية كأتان الضحل علكوم
قال الضبي: أخرى الحي الفرقة التي هي آخرهم. و(شحطوا) بعدوا يقال شحطت داره تشحط شحطًا ويقال شحط في السوم إذا أفرط فيه وباعد ويقال لبن مشحوط إذا كثر ماؤه والجلذية: الشديدة الصلبة قال الأصمعي: هي مشتقة من الجلذاءة وهي الأرض المصلبة. و(أتان الضحل) الصخرة يجرفها السيل فتبقى في الماء. ويقال لها أيضًا أتان الثميل: شبه الناقة بها لصلابتها لأن الصخرة إذا كانت في الماء املاست وصلبت.
و(الضحل) الماء القليل والجمع الضحال وقد ضحل النهر والغدير إذا قل ماؤه.
و(العلكوم) الغليظة. قال الرستمي: قال يعقوب: يقال لحقته وألحقته بمعنىً واحدٍ ومنه قوله: إن عذابك بالكفار ملحق. أي: لاحق، وأولى القوم أولهم وكذلك روي. قال ويروى بأخرى القوم وشحطوا بعدوا ويقال قد أشحط في السوم إذا بالغ فيه. وزاد وقد شحطت داره ونآءت ونأت وتزحزحت وتراخت وتنعنعت وشطرت وشطنت.
15: كأن غسلة خطمي بمشفرها.......في الخد منها وفي اللحيين تلغيم
قال الضبي: الغسل و(الغسلة) والغسول ما غسل به الرأس. و(التلغيم) تفعيل من اللغام وهو زبد تخلطه خضرة مما رعت، فأراد أنها تعمي باللغام من نشاطها وإنما سمي لغامًا لأنه يكون على الملاغم وهي ما حول الفم واحدها ملغم. وقال أحمد بن عبيد: إنما سميت الملاغم لمر اللغام عليها واللغام اسم بنفسه قائم. قال: ومن قال سمي لغامًا لأنه يكون على الملاغم لم يصب. وقال: الغسل والغسل الاغتسال. وقال الرستمي: الغسل والغسل ما غسل الرأس به من خطمي وغيره ومنه غسلة المرأة والغسل مصدر غسلت الشيء غسلاً. والمشفر للناقة كالجحفلة للفرس والمقمة والمرمة للشاة والبقرة والفقم للحية والفنطيسة للخنزير والمنقار للطائر والمنسر والمناسر لسباع الطير. والتلغيم اللغام وهو الزبد والملاغم ما حول الفم واحدها ملغم. فيقول قد رعت البقل وكأن بمشفرها خطميًا من خضرته.
16: بمثلها تقطع الموماة عن عرضٍ.......إذا تبغم في ظلمائه البوم
أي بمثل هذه الناقة و(الموماة) الفلاة والجمع موام. وقوله (عن عرضٍ) أي يعترضها أي يعتسفها يسير فيها على غير قصدٍ وذلك قوله: يضربون الناس على عرضٍ أي: يعترضون الناس بالضرب لا يبالون من ضربوا. وتبغم صوت صوتًا يختلسه. يقال بغمت الظبية والناقة وتبغمت فهي تبغم وهو البغام.
17: تلاحظ السوط شزرًا وهي ضامزة.......كما توجس طاوي الكشح موشوم
(الشزر): النظر بمؤخر العين من حدتها يقال شزر إليه طرفه يشزره شزرًا. و(الضامزة) التي لا ترغو من ضجرٍ ولا تجتر وهي عاضة على أنيابها وذلك ممدوح منها كقول الأعشى:
كتوم الرغاء إذا هجرت.......وكانت بقية ذودٍ كتم
ومثله قوله: والضامزات تحت الرحال، والضامز أيضًا العير الممسك فاه عن النعيق والعلف: قال بشر:
وقد ضمزت بجرتها سليم.......مخافتنا كما ضمز الحمار
وقال الشماخ:
جمالية لو يجعل السيف غرضها.......على حده لاستكبرت أن تضورا
قال الأصمعي: وغلط النابغة في قوله: لها صريف صريف القعو بالمسد. وقوله كما توجس يقول تقلب آذانها إلى السوط والزجر تتسمع كما يتوجس هذا الثور فهو أحد له إذا سمع شيئًا وإنما شبهها به وجعلها تتفزع ليكون أخف لها لأن المذعور أخف من غيره لخوفه على نفسه. وأنف الوحش أصدق من أذنه وأذنه أصدق من عينه وهو لا يسمع إلا من قريب وهو يشم الشيء من مكان بعيد تأتيه به الريح. وقوله (طاوي الكشح) أي: ضامر الجنبين والبطن ليس بمحلٍ قد طواه. ويقال رجل طيان ورجل طاوٍ والطوى ضمر البطن. وقوله (موشوم) أي: بقوائمه خطط سود. وقال أحمد قوله طاوٍ طواه العشب أضمره.
وقال الرستمي: تلاحظ السوط من حدة نفسها تنظر إليه بمؤخر عينها. وجمع سوط سياط وأسواط. والضامزة: التي لا ترغو. وقوله كما توجس طاوي الكشح أراد كثور طاو الكشح. توجس تسمع. والكشح الخاصرة وما انضمت عليه الأضلاع. وموشوم في قوائمه نقط سود. فشبهها في نشاطها بثور وحشي: ومثله قول الراعي:
وعينان حر مآقيهما.......كما نظر العدوة الجؤذر
العدوة: جانب الوادي: والجؤذر ولد البقرة تضم الذال وتفتح وهو الفز أيضًا وهو الذرع والبرغز.
18: كأنها خاضب زعر قوادمه.......أجنى له باللوى شري وتنوم
أي: كأن الناقة في سرعتها الظليم. وللأصمعي في خاضب قولان فقوله الأول الخاضب الذي أكل الربيع فاحمرت ساقاه وأطراف زفه: والقول الثاني اخضرت له الأرض: وأنشد: العارد الشوك الذي لم يخضب. وقوله زعر قوادمه أي قد أسن فتحاص ريشه. وقال أبي: الخاضب الظليم يخضب في الشتاء وهو أن يحمر جلده وساقاه ويظهر عليه جلد أحمر ويكثر لحمه ويشتد عصبه ويعفو ريشه: قال: ولا تطلب الخيل الظليم إذا خضب في الشتاء: فإذا قاظ استرخى فانتثر. ريشه وسمن بطنه فطلبته الخيل. وقال آخر: بل يخضب أيام الصفرية. والقوادم والقداميات الريشات المتقدمات في أول الجناح. وأجنى: أدرك أن يجتنى يقال قد أجنى الشجر. والشري شجر الحنظل واحدته شرية والظليم يأكل حب الحنظل والتنوم شجر ينبت في بلاد دمثة يطول ذراعا ورقه أغيبر يشبه ورق الآس وله ثمر مثل الشهدانج وتحبل عليه الظباء (أي تصاد في الحبالة) لأنها تألفه وورقه ينحت في القيظ ويرب في الشتاء. قال الرستمي: ويروى: أجأى أي في لونه [جؤوة]. وقال: الخاضب الظليم الذي قد رعى الربيع فاحمرت قوائمه وأطراف ريشه وهو في معنى مخضوب. والزعر القليلة الريش والاسم الزعر. والقوادم العشر الريشات في مقدم الجناح الواحدة قادمة والجمع قوادم وقداميات وقدامى: قال رؤبة:
خلقت من جناحك الغدافي.......من القدامى لا من الخوافي
وإنما أراد موضع القدامى من جناحه ولم يرد القوادم بعينها. ويروى: زعر قوائمه. والمعنى أنه لا ريش بقوائمه وقوله أجنى له أي: أدرك له وبلغ أن يجتنى: ويقال قد أجنت النخلة والشجرة إذا أدرك ثمرها وآن له أن يجتنى واللوى مسترق الرمل يقال قد ألويتم فانزلوا أي بلغتم لوى الرمل. والشري شجر الحنظل الواحدة شرية والتنوم الشهدانج البري الواحدة تنومة.
19: يظل في الحنظل الخطبان ينقفه.......وما استطف من التنوم مخذوم
قال الضبي: قال الأصمعي: إذا صار الحنظل فيه خطوط تضرب إلى السواد ولم يدخله بياض ولا صفرة فهو الخطبان الواحدة خطبانة يقال قد أخطب الحنظل. و(ينقفه) يخرج ما في جوفه من حب فيأكله. قال الرستمي: (الخطبان) من الحنظل إذا صار فيه خطوط خضر وصفر وهو أشد ما يكون مرارة: وقيل للصرد أخطب لخضرة لونه. و(ينقفه) يستخرج حبه يقال نقفت الحنظل أنقفه إذا كسرته واستخرجت حبه: والنقاف في غير هذا السائل وجمعه نقافون. وقوله (وما استطف) أي ما ارتفع وأمكن. و(مخذوم) مقطوع ومأكول يقال خذمت الدلو إذا انقطعت عراها ووذمت إذا انقطعت أوذامها: قال الراجز ووصف دلوا:
أخذمت أم وذمت أم ما لها.......أم صادفت في قعرها حبالها
وقال أحمد بن عبيد: التنوم يشبه الشهدانج البري وليس به.
20: فوه كشق العصا لأيا تبينه.......أسك ما يسمع الأصوات مصلوم
قال الضبي: أي فوه لاصق ليس بمفتوح لا تكاد ترى شدقه. و(لأيا) بطيئا يقال فعل ذلك بعد لأي وقد التأت علي الحاجة أي: أبطأت. يقول (فوه) لا تستبينه إلا بعد بطء. ومثله قول ذي الرمة:
أشداقها كصدوع النبع في قلل.......مثل الدحاريج لم ينبت لها زغب
و(أسك) كأنه قال أسك ما يسمع به كقولك حسن ما بين العينين وموضع ما خفض: وقد يكون رفعا على إرادة الذي يسمع الأصوات به مصلوم وهو الآذان. والنعام كلها صلخ والأصلخ الأصم الذي لا يسمع ولا يشرب الماء قال أبو محمد: وبهذا توصف النعام يقال إنه لا يطلب الماء ولا يريده وأما قول بشر بن أبي خازم في بيت ذكره:
وأما بنو عامر بالنسار.......غداة لقونا فكانوا نعاما
نعاما بخطمة صعر الخدو.......د لا تطعم الماء إلا قياما
فلم يرد أنها تشرب الماء إذا قامت ولكن أراد أنها لا تشرب الماء ولكنها قائمة. ومن كلام العرب: لا يذكرون الله إلا دسما: فلم يرد أنهم يذكرون الله في هذه الحال ولكن لا يذكرون الله البتة إلا أنهم يأكلون وهو كالاستثناء المنقطع. (رجع التفسير إلى قول أبي عكرمة) قال أبو عكرمة: وقال الفراء: كان الكميت الشاعر أصم أصلخ لا يسمع شيئا والسكك صغر الآذان ولصوقها بالرأس. والمصلوم المقطوع الأذنين يقال صلم أذنه واصطلمها إذا استأصل قطعها ورجل أصلم: ومنه قولهم اصطلم القوم إذا قتلوا وأخذت أموالهم. وقال أحمد بن عبيد: معناه أسك السمع أي ما يسمع به الأصوات. وقال الرستمي: قوله كشق العصا أي لا يستبين ما بين منقاريه ولا يرى خرقهما إذا ضمهما كأنه من خفائه شق في عصا: والشق مصدر شققت العصا والشيء شقا والشق النصف والشق المشقة أيضا: قال الله عز وجل: {لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس}. وقد بان الشيء واستبان وتبين وأبان والأسك الصغير الأذن يقال بئر سك إذا كانت ضيقة الجراب وقوله (أسك) ما موضع خفض: وإن شئت ابتدأت ما وكانت رفعا فكأنك قلت الذي يسمع به الصوت مصلوم وهر الأذن بعينها: وإن شئت كانت ما جحدا لا موضع لها. والنعام كلها صلخ.
21: حتى تذكر بياض وهيجه.......يوم رذاذ عليه الريح مغيوم
قال الضبي: يقول هذا الظليم يرعى الخطبان والتنوم ثم تذكر بيضه في أدحيه: (وهيجه) أي: هيجه الرذاذ فراح إلى بيضه قبل أوان الرواح. و(الرذاذ): المطر الخفيف يقال أرذ المطر إرذاذا وأرض مرذ عليها ولا يقال أرض مرذة. وقوله (عليه الريح) أي: على اليوم أي فيه الريح. و(مغيوم) فيه غيم يقال غامت السماء وأغامت وغيمت وهو الغيم والغين. ويروى علته الريح أي: غلبت عليه. وقال أحمد بن عبيد: معناه ذكر بيضه فبادر إليه وقال الرستمي: يعني الظليم أنه ذكر بيضه فبادر إليه وهو أشد لعدوه. وكل ما كان ثانيه ياء ثم جمعته بالألف والتاء خفقته كقولك بيضة وبيضات ولا يجوز فيه التثقيل. (وهيجه) يعني الظليم أي: استخفه. وقد أرذ يومنا وأرض مرذ عليها ولا يقال مرذوذة فيما قال أبو سعيد. ويروى: يوم رذاذ: فتنعت اليوم بالرذاذ ويجعل اليوم رذاذا لما كان الرذاذ فيه. وقال: علته الريح أي علته بشدتها فزاد ذلك الظليم سرعة في عدوه ويروى: عليه الدجن والدجن إلباس الغيم وظلمته. وأنشد في غامت السماء:
وكنا يوم قاربنا نواها.......كيوم غام آخره مطير
وأخرج مغيوما على أصله كما قال الآخر:
قد كان قومك يحسبونك سيدا.......وإخال أنك سيد معيون
وأكثر ما يجي هذا معلا مغيما معينا: وربما خرج في الواو أيضًا على الأصل وذلك قليل: قال الشاعر: والمسك في عنبره المدووف، فأخرجه على الأصل ولو أعله لقال المدوف لأنه يقال دفت الدواء فهو مدوف وصغت الخاتم فهو مصوغ: قال لبيد:
كأن دماءهم تجرى كميتا.......ووردا قانئا شقر مدوف
شقر مغرة: وكميت أحمر: وورد أقل حمرة منه: وقانئ شديد الحمرة. ومن الياء يقال بعت الطعام فهو مبيع وكلته فهو مكيل وخروجه على الأصل قليل.
22: فلا تزيده في مشيه نفق.......ولا الزفيف دوين الشد مسؤوم
قال الضبي: يقال سئمت سأما وسآمة وهي (السأمة): ومثل هذا يحرك ويسكن وقد جاء في القرآن محركا ومسكنا قال الله عز وجل: {قال تزرعون سبع سنين دَأْبا} ودَأَبا: وكأبة وكآبة ورأفه ورآفة. و(التزيد) المشي في العنق. و(النفق) السريع الذهاب والنفق السرعة. و(الزفيف) دون الشد قليلا. وقال الرستمي عن يعقوب: (النفق) الناقص المنقطع يقال نفق المال والزاد إذا نفد ونفقت الدابة والإنسان بفتح الفاء إذا هلكا.
23: يكاد منسمه يختل مقلته.......كأنه حاذر للنحس مشهوم
لم يرو هذا البيت الضبي هكذا ويجيئ بعد. ورواه الرستمي عن يعقوب ورواه أحمد بن عبيد. قال الرستمي: (منسمه) ظفره. يقول يزج برجليه زجا شديدا ويخفض عنقه فيكاد منسمه يشك عينه. ويروى: يطير (مقلته): والمقلة شحمة العين بياضها وسوادها و(المشهوم) الفزع المروع والشهم من الرجال و(المشهوم) الذكي كأنه قد فزع من ذكائه.
24: وضاعة كعصي الشرع جؤجؤه.......كأنه بتناهي الروض علجوم
قال الضبي: أي عدوه الوضع كما يقال علامة ونسابة: و(الوضع) عدو سريع من عدو الإبل. وقوله (كعصي الشرع جؤجؤه) أراد البربط فشبه (جؤجؤه) به و(الشرع) الأوتار واحدتها شرعة. و(العلجوم) البعير الطويل المطلي بالقطران. و(التناهي) جمع تنهية وهي الأماكن المطمئنة لها من جوانبها ما يمنع الماء أن يخرج منها. و(الروض) جمع روضة: قال الأصمعي: لا يكون روضة إلا وفيها شجر: وقال أحمد: ولا يكون روضة إلا باجتماع ماء ونبت فإن كان أحدهما دون الآخر فليس بروضة. وقال الرستمي عن يعقوب: (وضاعة) يعني الظليم يضع في سيره أي يسرع كما يضع البعير يقال وضع البعير وأوضعه راكبه. وقال: شبه صدره بالبربط كقول لبيد: وكأن (جؤجؤه) عصي كران، وجمع جؤجؤ جآجئ. و(الشرع) جمع شرعة كقولهم تمرة وتمر فالتمر أكثر من التمرات ويقال سدرة وسدر وسدر أكثر من السدر. وقال أحمد: شرعة وشرع وشرع: وشراع جمع شرع: وأنشد لكثير:
كما استلعبت رأد الضحى حميرية.......ضروب بكفيها الشراع سمود
استلعبت من اللعب وسمود لاهية ورأد الضحى ارتفاعه. ويقال نهي ونهي والجمع أنهاء والكثرة النهاء. والروض جمع روضة وهو موضع مطمئن يجتمع فيه الماء ويكثر نبته ولا يقال لموضع الشجر روضة وقد أراض هذا واستروض إذا كثرت رياضه: وقال أبو عمرو: الروضة أيضًا البقية تبقى من الحوض: وأنشد للراجز:
وروضة في الحوض قد سقيتها.......نضوي وأرضا قفرة طويتها
و(العلجوم) ههنا طائر الماء وهو أبيض: ويقال هو الليل فشبه سواد الظليم بسواد الليل. و(العلجوم) الجمل الضخم و(العلجوم) الآدم من الظباء و(العلجوم) الرجل الضخم والجمع علاجيم: وأنشدني لأبي ذؤيب:
إذا ما العلاجيم الخلاجيم نكلوا.......وطال عليهم حميها وسعارها
[شرح المفضليات: 786-805]


  #4  
قديم 12 شعبان 1432هـ/13-07-2011م, 10:06 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تابع شرح المفضليات لابن الأنباري

25: يأوي إلى حسكل زعر حواصله.......كأنهن إذا بركن جرثوم
قال الضبي: (الحسكل) الفراخ الواحد حسكلة وجمع الحساكل وكذلك هو من صغار الصبيان والغنم قال الراجز:
إن القبور تنكح الأيامى.......الصبية الحسكلة اليتامى
المرء لا ينقي له سلامى
ويروى: (يأوي) إلى دردق. وقوله (زعر حواصله) يريد صغرهن: يقال رجل أزعر إذا كان قليل الشعر. و(جرثوم): جمع جرثومة وهي أصول الشجر تسفي عليها الرياح التراب ويجتمع إليها السفى وحطام النبت حتى يغيبها فتكون أشد إشرافا مما حولها كأنها الروابي: فشبه الفراخ بها لاجتماعها. ورواها الرستمي عن يعقوب: يأوي إلى خرق زعر قوادمها: وكذلك رواها أحمد بن عبيد. ورواها بندار الكرخي:
إلى خرق. قوله (يأوي) يصير إليها فيأتها يقال أويت إلى المكان فأنا آوي إليه وآويت غيري أوويه إيواء: وأويت له رحمته ورققت عليه مأوية وإية: ومنه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الصلاة حتى نأوي له أي: نرق له من طول قيامه: وأنشدني أحمد وعامر وغيرهما:
أراني ولا كفران لله إية.......لنفسي لقد حاولت غير منيل
أي رحمة لنفسي. ووأيت الرجل وأيا وعدته. والخرق فراخه ورئاله وهي اللواصق ويقال للشيء إذا فزع ولصق بالأرض قد خرق. والدردق أيضًا الصغار من الرئال وجمع دردق درادق. ويروى: يأوي إلى حزق: وهي الجماعات الواحدة حزقة والجمع حزق: ويقال حزيقة والجمع حزائق. وزعر قوادمها لا ريش عليها والزعر والزمر قلة الشعر ومنه فلان زمر المروءة: ومنه قول عمرو بن أحمر يصف فرخ قطاة:
مطلنفئا لون الحصى لونه.......يحجز عنه الذر ريش زمر
أي: قليل. و(حواصل) جمع حوصلة وحوصلاء.
26: فطاف طوفين بالأدحي يقفره.......كأنه حاذر للنخس مشهوم
قال الضبي: أي طاف الظليم بالأدحي طوفين يستأنس هل يرى أثرا سبق صاحبه إلى البيض. و(الأدحي) مبيض النعام وهو أفعول من دحوت وذلك أنها تدحو برجلها موضعا للبيض ليتسع لها ويلين وهو للقطاة الأفحوص. وقوله (يقفره) أي ينظر إليه هل يرى به أثرا و(القفر) اتباع الأثر: قال عمرو ابن أحمر:
وإنما العيش بربانه.......وأنت من أفنانه مقتفر
وقوله (حاذر للنخس) يقول يحذر أن ينخس. و(المشهوم) المفزع يقال شهنته إذا أفزعته ومنه رجل شهم أي: ذكي كأنه مرتاع فهو ينظر ويخاف.
27: حتى تلافى وقرن الشمس مرتفع.......أدحي عرسين فيه البيض مركوم
قال الضبي: قرن الشمس جانب من جوانبها. وقوله (مرتفع) أي: وعليه نهار. و(تلافى) تدارك. وقوله (عرسين) أي هو والنعامة [هو] عرس لها وهي عرس له.
28: يوحي إليها بإنقاض ونقنقة.......كما تراطن في أفدانها الروم
يوحي اليها يصوت لها فتفهم عنه. و(النقنقة) صوت الظليم وبه سمي نقنقا. و(الإنقاض) الصوت مثل النقر بالشاة والبكارة من الإبل: قال الراجز:
رب عجوز من أناس شهبره.......علمتها الإنقاض بعد القرقره
و(الأفدان) جمع فدن وهي القصور. ويروى: كما تنآءم في أفدانها الروم، من النئيم وهو الصوت. قال الرستمي: أصل الوحي الكلام يقال أوحيت إليه إيحاء ووحيت وحيا. ويقال أنقض إنقاضا كما تنقض الدجاجة: قال الراجز: أنفض إنفاضا الدجاج المخض. ومثله نقنق نقنقة. ويقال لصوت الظليم العرار ولصوت النعامة الزمار، وقال لبيد:
متى ما أشأ أسمع عرارا بقفرة.......يجيب زمارا كاليراع المثقب
وقال الآخر:
نبيط ما مطوا جملا بنسع.......ولا شدوا لصاهلة عذارا
ولا حلت ظعائنهم غداة.......ولا سمعوا النزيب ولا العرارا
النزيب من أصوات الظباء والعرار من أصوات الظلمان. ويقال نقع الظليم ينقع إذا صاح: وقد يستعار في الناس قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما على نساء بني المغيرة أن يهرقن من أدمعهن على أبي سليمان سجلا أو سجلين ما لم يكن نقع ولا لقلقة. وقال تميم بن أبي مقبل العجلاني يصف ناقة:
وكأن نابيها بأخطب ضالة.......مستنقعان على فضول المشفر
و(التراطن )كل كلام تسمعه ولا تفهم معناه ككلام العجم. ويقال: أسكت الله نأمته ونامته: والنأمة من الصوت والنامة من النعيم ما ينم عليه من حركاته.
29: صعل كأن جناحيه وجؤجؤه.......بيت أطافت به خرقاء مهجوم
قال الضبي: (الصعل) الخفيف الرأس والعنق. فيقول يرفع جناحيه في عدوه ويحطهما وكذلك يفعل الظليم فكأنه بيت شعر أو صوف ترفعه امرأة خرقاء غير صناع فمتى ترفعه يسقط. وقال الرستمي: الصعل الصغير الرأس الدقيق العنق. والجؤجؤ: الصدر والجمع الجئآجئ. قال: وقوله بيت أطافت به يعني بيتا من شعر: وبيوت العرب بيت من شعر وخباء من وبر وخيمة من شجر وأقنة من حجر. و(الخرقاء): المرأة التي ليست بصناع رفيقة والذكر أخرق. و(المهجوم): الساقط المصروع. وأنشد يصف الظليم وسقوطه على بيضه:
وبيض رفعنا في الدجى عن متونها.......سماوة جون كالخباء المقوض
هجوم عليها نفسه غير أنه.......متى يرم في عينيه بالشخص ينهض
يعني بالبيض بيض النعام: وسماوة كل شيء شخصه. ويقال قد هجم بيته إذا نقضه وأسقطه: ولما قتل بسطام بن قيس ما ترك بسفوان بيت إلا هجم إعظاما لقتل بسطام. ويقال هاجرة هجوم أي: حلوب للعرق: ويقال هجم الحالب ما في ضرع الناقة من اللبن واهتجم أي: حلبه أجمع، قال الراجز:
فاهتجم العبدان من أخصامها.......غمامة تبرق من غمامها
ويقال أطافت به أتته هذه الخرقاء لتصلحه فلم تحسن فاسترخت عيدانه وأطنابه: فشبه الظليم باسترخاء جناحيه ونشره إياهما ببيت مهجوم. وقال أحمد: المعنى أن هذا الظلم جاء فسقط على بيضه فشبهه في سقوطه عليه ببيت ضربته خرقاء فلم تحسن أن تستوثق منه فسقط. وقال أحمد: أخصامها مخارج اللبن منها الواحد خصم شبهه بأخصام المزادة وهي زواياها التي يخرج الماء منها كل زاوية خصم وشبه الناقة في غزرها وبياضها به.
30: تحفه هقلة سطعاء خاضعة.......تجيبه بزمار فيه ترنيم
(سطعاء) طويلة العنق. و(الزمار): صوت الأنثى والعرار صوت الذكر يقال عار الظليم النعامة. والترنيم تطريب في الصوت. قال الرستمي: تحفه الهاء للظليم والفعل للنعامة أي: تأتيه من حافته وتحيط به وحافاته جوانبه وجوانب كل شيء حافاته الواحدة حافة. و(الهقلة): النعامة والذكر هقل وهي الهيقة والذكر هيق وهي الصعونة والصعون الذكر والظليم والظليمة والهجف والهجفة الجافيان. والزأجل ماء الظليم والرئال فراخه قال الشاعر:
فما بياض ذي لبد هجف.......شربن بزأجل حتى روينا
وواحد الرئال رأل: قال امرؤ القيس: كأن مكان الردف منه على رال: لا يجوز همزه في البيت لأن الألف ردف ولو همزت لفسد البناء. وهو الحفان أيضًا والواحدة حفانة. وسطعاء: طويلة العنق كأن عنقها سطاع وهو عمود وسط البيت: وقد سطع إذا مد عنقه ورفعه في السماء. و(الخاضعة): الطويلة العنق ويقال هي التي أمالت رأسها للرعي.
31: بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا.......عريفهم بأثافي الشر مرجوم
يقول كل قوم وإن كانت لهم منعة فتصيبهم نوائب الدهر. و(عريفهم) سيدهم. و(الأثافي) الحجارة التي تنصب عليها القدر جعلها مثلا جعلها مثلا للرمي. وقال أحمد بن عبيد: العريف ههنا سيدهم ومعروفهم: قال الآخر:
أو كلما وردت عكاظ قبيلة.......يعلو إلي عريفهم يتوسم
فتوسموني إنني أنا ذاكم.......شاك سلاحي في الحوادث معلم
قال أحمد: و(أثافي الشر) ههنا عظائمه وإنما أراد الدواهي أي: هي كأمثال الجبال: وأنشدني هو والضبي:
فلما أن طغوا وبغوا علينا.......رميناهم بثالثة الأثافي
أي: بجيش كأنه جبل: وإنما معناه رميناهم بداهية مثل الجبل تذهب بعزهم وخيرهم المذكور حتى تهلكهم وتميت ذكرهم. قال الرستمي: وجعل للشر أثافي كأثافي القدر وهي الأحجار التي تنصب القدر عليها: قال: والمعنى أنهم وإن كانوا أعزاء فيصيبهم الدهر بدواهي شره.
32: والحمد لا يشترى إلا له ثمن.......مما يضن به الأقوام معلوم
قال الضبي: إلا له ثمن يشق على مشتريه: يقال ضننت بالشيء أضن به ضنا وضنانة وضننت أضن لغة وهو رجل ضنين من قوم أضناء. وقال الرستمي: يقول لا يحمد المرء إلا ببذل المضنون [به] من ماله. قال أحمد: معناه أنه لا يشترى الحمد إلا بأثمان تضن بها النفوس: أي يغالى به فيبذل فيه المضمون به.
33: والجود نافية للمال مهلكة.......والبخل باق لأهليه ومذموم
ويروى: (مبق لأهليه). يقول الجود ينفي المال ويهلكه والبخل يوفره وأهله مذمومون. وأدخل الهاء في نافية على المبالغة مثل علامة ونسابة.
34: والمال صوف قرار يلعبون به.......على نقادته واف ومجلوم
قال الضبي: (القرار) النقد وهو صغار الغنم حمر صغار الأجرام قصار الواحدة نقدة. وقوله (يلعبون به) أي يتداولونه ويعبثون فيه. و(واف) كثير ومجلوم مجزوز بالجلم وهذا مثل: يريد منهم من يعطي القليل ومنهم من يعطي الكثير كما أن الصوف على النقد قليل وكثير فاللفظ على الصوف والمعنى على المال. قال أحمد بن عبيد: جعل المال كصوف قرار يلعبون به: وقوله (واف ومجلوم) أي: كثير وقليل: كثير عند البخلاء لمنعهم إياه وقليل عند الأسخياء لبذلهم له. وقال الرستمي: قال يعقوب: قال أبو عمرو: (القرار) غنم صغار الأجسام لطاف الآذان الواحدة قرارة. وقوله (على نقادته) أي: على صغر أجسامه وواحد النقادة نقد وواحد النقد نقدة: ويقال في مثل أذل من نقدة. و(الوافي): التام الكثير. (والمجلوم) المجزوز. والمعنى: الناس مختلفون منهم الغني المكثر ومنهم الفقير الذي لا مال له كالقرار على صغر أجسامه منه ما هو وافي الصوف أي كثيره ومنه ما لا صوف عليه.
35: ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه.......أنى توجه والمحروم محروم
قال الضبي: يقول الذي جعل الغنم له طعمة فسيطعمه في يوم الغنم أينما توجه ومن حرمه فليس يناله. وقال الرستمي: فيه شبيها بهذا وقال: المعنى أن قضاء الله عز وجل كائن لا محالة.
36: والجهل ذو عرض لا يستراد له.......والحلم آونة في الناس معدوم
قال الضبي: (لا يستراد له) أي لا يراد ولا يطلب أي يعرض لك وأنت لا تريده ولا تطلبه. و(آونة) أحيانا الواحد أوان وإوان بالكسر والفتح حكاه الكسائي عن أبي جابر (يعني: الكسر). وقال أحمد: المعنى يقول الناس يسرعون إلى الشر فمتى ما أرادوه وجدوه.
37: ومن تعرض للغربان يزجرها.......على سلامته لا بد مشؤوم
قال الضبي: هذا الإيمان بالطيرة: يقول من يزجر الطير وإن سلم فلا بد أن يصيبه شؤم: وأنشد:
أقام كأن لقمان بن عاد.......أشار له بحكمته مشير
تعلم أنه لا طير إلا.......على متطير وهو الثبور
بلى شيء يوافق بعض شيء.......أحايينا وباطله كثير
قال الرستمي: يقول (الغربان) يتشاءم بها فمن تعرض لها يزجرها ويطردها خوفا أن يصيبه الشؤم فلا بد أن يقع بما يخاف ويحذر.
38: وكل حصن وإن طالت سلامته.......على دعائمه لا بد مهدوم
قال الضبي: ويروى: على إقامته يقول وكل حصن دامت سلامة أهله فيه فإنه لا بد أن يهلكوا ويخرب الحصن ودعائمه أركانه التي يقوم بها.
39: قد أشهد الشرب فيهم مزهر رنم.......والقوم تصرعهم صهباء خرطوم
قال الضبي: (الشرب) جمع شارب يقال شارب وشرب وراكب وركب وصاحب وصحب. والمزهر البربط و(الرنم): المترنم الذي له صوت يطرب فيه. و(الصهباء): خمر من عصير عنبٍ أبيض. والخرطوم أول ما ينزل منها صافية. قال الرستمي: الشرب القوم يشربون والمزهر العود.
40: كأس عزيزٍ من الأعناب عتقها.......لبعض أحيانها حانية حوم
قال الضبي: قوله (لبعض أحيانها) يقول أعدها لفصحٍ أو عيد. (حانية) نسبها إلى الحانة وبعضهم يقول للحانوت حانة والحاني صاحب الحانوت. و(الحوم) الكثير يقال نعم حوم أي كثير وحومة الماء معظمه وحومة القتال معظمه وأصله الفتح ولكن ضمه للروي، قالت الأخيلية:
أبعد عثمان ترجو الخير أمته.......وكان أيمن من يمشي على ساق
خليفة الله أعطاهم وخولهم.......ما كان من ذهبٍ حومٍ وأوراق
قال الرستمي: العزيز الملك. والأعناب: جمع عنبٍ يقال هو العنب والعنباء والوين. قال الراجز: كأنه الوين إذا يجنى الوين، وقال أحمد بن عبيد: فارسي معرب. وعتقها أطال حبسها. ويروي: لبعض أربابها: يقول لمن أراد شراها. والحانية والحواني نسبها إلى الحانة يقول رجل حاني وحانوي وحانوت. وكان سيار حانوتًا أي صاحب حانوت. وحوم سود: فأراد عتقها حانية حوم. قال: وقال الأصمعي: حوم كثير وأراد حومًا وهو مثل شهدٍ وشهدٍ. ويقال الحانية قوم نسبهم إلى الحوانيت. وهم الخمارون. وحوم أصله ضم الواو جمع حائم مثل صبر جمع صابر فخفف والمعنى من حام يحوم إذا طاف حولها.
41: تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبها.......ولا يخالطها في الرأس تدويم
قال الضبي: (صالبها) وجع في الرأس يدور منه. و(التدويم) الدوار يقال قد أخذه دوام وقد ديم به وأديم به ودير به وأدير به وهو الدوام والدوار. قال الرستمي: شفيته أشفيه، ويقال أشفني عسلاً أي اجعله لي شفاءً كقولك أخلقني ثوبك أي أعطنيه إذا أخلق وأنضني بعيرك، ويقال أشفى على كذا وكذا وأشاف أي أشرف. قال الأصمعي: هذه الأدواء لا تأتي إلا مضمومة مثل الصداع والنحاز والركاع والقلاب. قال أبو عمرو: وقد تأتي بغير الضم. ويقال أذيت به آذى آذىً شديدًا وآذاني هو يؤذيني. وأنشد أبو عمرو:
لقد أذوا بك ودوا لو تفارقهم.......أذى الهراسة بين النعل والقدم
و(صالبها) حمياها وسؤرتها وهو ما صلب منها، ويقال رجل صلب وصليب ويقال أتاني بتمرةٍ مصلبةٍ أي يابسة.
تقول العرب: أطيب مضغةٍ أكلها الناس صيحانية مصلبة، وأخبث الذئاب ذئب الغضا، وأخبث الأفاعي أفعى الحدب، وأشد الناس الأعجف الضخم (أي: قليل اللحم كثير العصب) وأسرع الأرانب أرنبة الخلة (وذلك أن الخلة تطويها وتلقي وبرها والحمض يفتقها ويكثر وبرها): وأجمل النساء الفخيمة الأسيلة وأقبحهن الجهمة القفرة. وأغلظ المواطئ الحصى على الصفا: وأسرع التيوس تيس الحلب (وذلك أنه يطويه): وأطيب الإبل لحامًا آكل السعدان. وأطيب الغنم لحامًا آكل الحربث. وآكل الدواب دابة رغوث.
قال: وقيل لأعرابي ما أمطر السحاب؟ قال: إذا رأيتها كأنها بطن أتان قمراء فهي أمطر ما يكون. و(التدويم) الدوار يقال دوم الطائر تدويمًا إذا طار وتحلق في السماء: قال ذو الرمة:
حتى إذا دومت في الأرض أدركه.......كبر ولو شاء نجى نفسه الهرب
ويروى: راجعه كبر. قال الأصمعي: قد أخطأ ذو الرمة في هذا لأن التدويم لا يكون إلا في السماء. قال: وأصاب الآخر:
تأتي المنايا على أسامة في الـ.......ـخيس عليه الطرفاء والأسل
وتصرع الطائر المدوم في الـ.......ـجو ويشقى بريبها الوعل
42: عانية قرقف لم تطلع سنةً.......يجنها مدمج بالطين مختوم
الضبي: (عانية) منسوبة إلى عانة قريةٍ من قرى الجزيرة، و(القرقف) التي تأخذ شاربها منها رعدة. وقوله (لم تطلع سنةً) أي: مكثت سنة في دنها لم ينظر إليها. ويجنها يسترها وسمي الجنين جنينًا لاستتاره في بطن أمه وسمي الترس مجنًا لأنه يستتر به وسميت الجن جنًا لاستتارهم عن أعين الناس. ومدمج يعني الدن أدمج بالطين أي طين به. ومختوم معلم عليه يقال ختمته إذا أعلمت عليه فهو مختوم ويقال رجل متختم إذا كان ذا خاتمٍ والخاتم والخاتم والخيتام والخاتام. ويقال محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين. وقول الله عز وجل: {ختامه مسك} أي: آخر ما تجد من طعمه إذا أنت قطعته عن فيك رائحة المسك وطعمه ومنه قول تميم بن أبي بن مقبل:
صرف ترقرق في الناجود ناطفها.......بالفلفل الجون والرمان مختوم
ناطفها ما نطف منها ويروى نأطلها وهو المكيال والمعنى آخر ما تجد من طعمها طعم الفلفل والرمان ويقال رجل متختم أي معتم: قال الراعي:
متختمين على معارفهم.......تثنى لهن حواشي العصب
ويروى: متلثمين. ومعارفهم وجوههم ولهن الهاء والنون للمعارف والعصب ضرب من البرد وحواشيه: جوانبه ويروى: متلثمين على معارفنا.
43: ظلت ترقرق في الناجود يصفقها.......وليد أعجم بالكتان مفدوم
قال الضبي: (ترقرق) تذهب وتجيء و(الناجود): أول ما يخرج من البزال: قال: وأراه فارسيًا معربًا وأنشد:
كأنما المسك نهبى بين أرحلنا.......مما تضوع من ناجودها الجاري
ويقال أيضًا هو ما سال من المصفاة، وقال أبو عمرو: (الناجود) الباطية العظيمة والإجانة يجعل فيها النبيذ ثم يغرف منها. و(الأعجم) العجم وأنشد: بحضرموت وبلاد الأعجم، ويقال لما جعل على الفم الفدام. ورواها الرستمي ترقرق: أي تحول من إناء إلى إناء لتصفو. و(يصفقها) يمزجها يقال صفقتها وصفقتها إذا مزجتها.
ويروى ترقرق: أي تصفو وترق. قال: و(الناجود) الباطية. قال: وقال غير الأصمعي: الكأس. وقوله (وليد أعجم) يريد خادم ملكٍ أعجم. وجمع أعجم عجم كقولك أحمر وحمر والأعجم الذي في لسانه عجمة وإذا نسبت إليه قلت رجل أعجمي. ويقال قوم عجم وهو اسم قبيلةٍ كقولك قوم عرب فإذا نسبت قلت رجل عربي وعجمي.
ومفدوم مفعول من الفدام وهو الخرقة يشدها الغلام على فيه إذا أراد أن يسقي القوم يقال مفدوم ومفدم، ويقال فدمت الإناء وفدمته إذا شددت على فيه بخرقة والخرقة هي الفدام. وقال أحمد بن عبيد: هذا من زي الفرس إذا أراد الساقي أن يسقي القوم شد على فيه بخرقة لئلا يخرج من فيه شيء فيصل إلى القدح.
44: كأن إبريقهم ظبي على شرفٍ.......مفدم بسبا الكتان مرثوم
قال الضبي: ويروى: ملثوم. شبه انتصابه وبياضه بظبيٍ على شرفٍ وهو المكان المرتفع و(المفدم) الذي يجعل على فمه خرقة. وقوله (بسبا) أراد السبيبة. وقال غيره: أراد السبائب فحذف وهي الشقاق كما قال لبيد: درس المنا بمتالعٍ فأبان، أراد المنازل فحذف، وقولهم هم بين حاذفٍ وقاذفٍ أراد بين حاذفٍ بالعصا وقاذفٍ بالحجر. و(المرثوم) الذي قد رثم أنفه مثل كسر يقال رثمت أنفه إذا كسرته ورثمته إذا أسلت دمه حكى لي هذين الحرفين أحمد بن يحيى أبو العباس. وقال الرستمي: الأباريق جمع إبريق من الآنية. و(الإبريق) أيضًا في غير هذا الموضع السيف، قال الشاعر:
قد جئتمونا بأباريقكم.......كأننا دون بني الأسلع
أي: بسيوفكم و(الإبريق) البراقة من النساء و(الشرف) المكان المرتفع فشبه الإبريق بظبيٍ على مكانٍ مرتفع وإذا كان كذلك كان أبين لحسنه وأشد لانتصابه. و(مفدم) من نعت الإبريق ورفعه على الاستئناف أراد كأن إبريقهم وهو مفدم ظبي. وقوله (بسبا الكتان) أراد السبني من الثياب. قال: ويقال أراد السبائب فحذف وأنشد للعجاج: أوالفًا مكة من ورق الحمي، أراد الحمام. وقال الفرزدق: فأطرق إطراق الكرا من أحاربه، أراد الكروان وهو طائر وجمعه كروان. وإطراقه أنه إذا رأى العقاب لبد بالأرض وسكن. ومفدوم وملثوم واحد وهو مأخوذ من قولك تلثم الرجل إذا شد عمامته على فمه وتلفم مثلها، وقال بعضهم: لا يكون التلفم إلا على الأنف.
45: أبيض أبرزه للضح راقبه.......مقلد قضب الريحان مفغوم
قال الضبي: (الضح) الشمس. أبرزه أخرجه لتصيبه الريح: يقال جاء فلان بالضح والريح أي بالشيء الكثير أي جاء بما طلعت عليه الشمس وبما جرت عليه الريح: قال: وحدثني إسحاق ابن إبراهيم قال رجل منا كان تبع إذا كتب قال: باسم إلاه السماء ملك برٍ وبحرٍ وضحٍ وريحٍ. وراقبه الذي يرصد صلاحه وإدراكه يعني الخمار. (مفغوم) تقول فغم سد كما تقول فغمتني منه رائحة إذا سدت أنفك يكون ذلك للطيب والنتن. و(الفغمة) نفحة من طيب. قال الرستمي: تقول العرب ضحيت للشمس فأنا أضحى. قال: وقال ابن عمر رحمه الله تعالى ورأى محرمًا قد استظل: أضح لمن أحرمت له أي أبرز للشمس. والمحدثون يقولون أضح وهو خطأ. وضواحي الروم ما برز من بلادهم ويقال مكان مضحاة إذا كان مكانًا لا تفارقه الشمس.
ومكان مقنأة إذا كان مكانًا لا تقربه الشمس ولا تطلع عليه، ويقال سمين الضواحي أي: ما برز من بدنه عن ثيابه ورأيته سمينًا: قال الشاعر:
سمين الضواحي لم تؤرقه ليلةً.......وأنعم أبكار الهموم وعونها
أراد لم تؤرقه أبكار الهموم وعونها ليلةً وأنعم أي زاد على هذه الصفة ومنه الحديث في المتحابين في الله عز وجل وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما أي زادا على هذا. ومنه: دق الدواء نعمًا أي بالغ في دقه.
وراقبه حافظه وحارسه. ومفعوم طيب الرائحة يقال فغمتني ريح طيبة إذا دخلت في أنفك فسدت خياشيمك والفغمة في الفم والأنف ويقال فاغم الرجل المرأة إذا وضع أنفه على أنفها والاسم الفغام، والمفاقمة أن يضع الرجل شفتيه على شفتيها: والفقمان الشفتان يقال أخذ الحواء بفقمي الحية ففتح فاها: قال الراجز: ولا الفغام دون أن تفاقما، والفغمة الريح الطيبة والقنمة الريح المنتنة. ويقال فغمتني ريح طيبة ولا يقال قنمتني ريح منتنة ويقال وجدت قنمة ويجوز أن يكون مفغوم في تأويل فاغم والعرب قد تجعل المفعول فاعلاً والفاعل مفعولاً: قال الله عز وجل: {خلق من ماءٍ دافقٍ} بمعنى مدفوقٍ. وقال جل وعز: {في عيشةٍ راضية} بمعنى مرضيةٍ. قالت أم ناشرة:
لقد عيل الأقوام طعنة ناشره.......أناشر لا زالت يمينك آشره
ويروى الأيتام مكان الأقوام وآشرة أي مأشورة. وقال أحمد بن عبيد: المفاغمة أن يضع أنفه وفمه على أنفها وفمها والمفاقمة أن يدخل شفتيه على شفتيها وشفتاها بين شفتيه.
46: وقد غدوت على قرني يشيعني.......ماضٍ أخو ثقةٍ بالخير موسوم
ويروى: وقد غدوت إلى الحانوت يصحبني * برز (أخو ثقةٍ). الحانوت بيت الخمار. والبرز العفيف. قال العجاج: برز وذو العفافة البرزي، و(موسوم) عليه سمة. وقال أحمد بن عبيد: البرز الكامل في كل شيء من دين وأصلٍ وحسبٍ: وكذلك المرأة يقال امرأة برزة إذا كانت كذلك. وقال الرستمي: القرن الذي يقارنك في قتال أو علمٍ أو شدةٍ، وقرنك لدتك وسنك. و(يشيعني) يجرئني يقال رجل مشيع إذا كان جريئًا كأن معه شيعةٍ وأعوانًا. وعنى ههنا بالماضي قلبه فيقول يشيعني ويجرئني على أقراني قلبي.
وقوله أخو ثقةٍ يقول أنا واثق بجرأة قلبي. و(موسوم) أي معروف عليه ميسم يقال فلان موسوم بالخير و(موسوم) بالشر. ويقال إنه عنى بالماضي سيفه أي هو ماضٍ في ضريبته يوثق بذلك منه، كقول طرفة:
أخو ثقةٍ لا ينثني عن ضريبةٍ.......إذا قيل مهلاً قال حاجزه قد
47: وقد يسرت إذا ما الجوع كلفه.......معقب من قداح النبع مقروم
قال الضبي: (يسرت) أخذت في الميسر. وقوله (إذا ما الجوع كلفه معقب) يقول اشتدت الحال حتى صار لا يأخذ في الميسر إلا للقوت فذلك مما حمله عليه شدة الحال فكلف الجوع القدح. وفسره مرةً أخرى فقال: يقول قد أخذت في الميسر في الوقت الذي يكلف الجوع فيه القداح ليس معول على لبنٍ ولا طعام غير الضرب بها. ومثله لابن قميئة:
بأيديهم مقرومة ومغالق.......تعود بأرزاق العيال منيحها
(معقب) مشدود بالعقب. (مقروم) معضوض عليه علامة قد عض بالأسنان. وأنشد: به علمان من عقب وضرس. قال الرستمي: (يسرت) ضربت بالقداح وقامرت واليسر والياسر واليسير واحد الأيسار وهم الذين يضربون بالقداح. ومعقب يعني قدحًا قد شد بالعقب. ويروى معقب أي يفوز اليوم ويعقب غدًا فيفوز. والتعقيب في شهر رمضان أن يصلي الرجل أول الليل وآخره.
ومقروم محزز معلم والحزة يقال لها القرمة والقرمة. وقال أحمد بن عبيد: مقروم معلم بعض أو بنارٍ أو بغير ذلك. ومعقب قال يشد بالعقب علامةً. ومن كسر القاف أراد أنه يفوز فوزًا بعد فوزٍ.
48: لو ييسرون بخيلٍ قد يسرت بها.......وكل ما يسر الأقوام مغروم
قال الضبي: يقول إنما يكون الميسر بالإبل وإنما يأخذ في الميسر كبارهم يقول فلو صاروا إلى أن ييسروا بالخيل ليسرت بها قال أبو عكرمة: وأخبرني من سمع الأصمعي يقول: هذا البيت بعد صفة الفرس وذلك أنه وصفه بما وصف ثم قال: لو ييسرون بالخيل ليسرت بهذه الفرس التي حالها على ما وصفت. لم ينكر أن يكون في هذا الموضع غير أنه قال سمعناه في ذلك الموضع وهو أجود المعنيين وقوله (كل ما يسر الأقوام مغروم) يقول إذا خرج عليه شيء غرمه لأنه يستحيي أن يدفع حقًا وجب عليه. قال الرستمي: ويروى: (وكل ما ييسر الأقوام). يقول لو يسروا بخيلٍ فذبحوها على نفاستها لقامرت بها.
49: وقد أصاحب فتيانًا طعامهم.......خضر المزاد ولحم فيه تنشيم
قال الضبي: (خضر المزاد) يعني المزاد المطحلبة التي قد اخضرت مما يحمل فيها الماء وقال بعضهم: بل كروش كانوا يحملون فيها الماء. و(التنشيم) بدء تغير الريح يقال قد نشم اللحم إذا بدأ فيه التغير وقد نشم الرجل في الحاجة إذا بدأ فيها ومنه الحديث: لما نشم الناس في عثمان رحمه الله تعالى: أي ابتدؤوا في الطعن عليه ويقال قد نشم فلان في فعل سوء والمعنى إذا غزوا كان هذا طعامهم. قال الأصمعي: كان ينبغي أن يقول شرابهم خضر المزاد فجمع اللحم والشرب كقول العجاج:
قرقور ساجٍ ساجه مطلي.......بالقيرٍ والضبات زنبري
يريد مقيرا بالقير مشدود بالضبات وقال آخر:
إذا ما دعت شيبٍ بجنبي عنيزةٍ.......مشافرها في ماء مزنٍ وباقل
خفض شيبٍ على الحكاية حكى أصوات مشافرها شاربةً للماء ولم يدخل باقلاً في الحكاية. قال: وسأل الحجاج رجلاً قدم عليه من السند عن ابن عمٍ له كان واليًا فقال: كيف رأيتم فلانًا. فأثنى عليه: ثم قال: إلا أنه قال يومًا على المنبر: أطعموني ماءً. يعيبه بذلك. فقال الحجاج: قال الله جل وعز: {فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني}.
وقال الرستمي: فتىً وفتيان وفتو وفتية ومن قال فتو بناه على المصدر والمصدر الفتوة وإنما قيل بالواو لأن مصادر ذوات الواو على الفعولة قليلة فحملت مصادر ذوات الياء على مصادر ذوات الواو.
وقوله (طعامهم خضر المزاد) يقول طال سفرهم فاخضر مزادهم وصار عليه شبيه بالطحلب. وإنما كان ينبغي أن يقول شرابهم خضر المزاد فقال: (طعامهم) والطعام ههنا الشرب بعينه يقال طعمت ماءً أي شربته قال الله عز وجل: {من لم يطعمه فإنه مني}. أي من لم يشربه فجمع بين الطعام والشراب كقول العجاج وقد تقدم. ويقال خضر المزاد ماء الكرش. يفتظونها فيشربون ماءها من العطش.
50: وقد علوت قتود الرحل يسفعني.......يوم تجيء به الجوراء مسموم
قال الضبي: (قتود الرحل) وأقتاده عيدانه. (يسفعني) يصيبني حره. و(مسموم) فيه سموم. وقال أبو عبيدة: السموم تكون بالنهار وقد تكون بالليل والحرور: بالليل وقد تكون بالنهار.
51: حامٍ كأن أوار النار شامله.......دون الثياب ورأس المرء معموم
قال الضبي: (أوار النار) لهبها وأوار الظهيرة أشدها. (شامله) أي صار فيه أجمع. و(دون الثياب) أن يصل الحر من شدته دون الثياب و(العمامة) أي يتجاوز ذلك في البدن. قال الرستمي: حام شديد الحر. و(أوار النار) حرها.
و(شامله) مخالط بدنه. ويروى: كأن أوار النار شاملة. فأنث شاملة والأوار مذكر. كما قال الأعشى:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته.......كما أشرقت صدر القناة من الدم
وإنما أراد كما أشرقت القناة من الدم لأن صدر القناة من القناة. وكقولهم: كل ذي لحيةٍ تخضب. وكل ذي نفسٍ تموت. فأنث تموت وهو خبر لكل لتأنيث النفس.
ويقال نار وأنوار ونيرة ويروى: كأن أوار الشمس. ومعموم ومعتم ومتختم واحد. فيقول أوار النار وهو شدة حرها قد شمل بدن هذا الراكب المعتم على أنه معتم فذاك أشد الحر.
52: وقد أقود أمام الحي سلهبةً.......يهدي بها نسب في الحي معلوم
قال الضبي: (السلهبة) الطويلة. (يهدي بها) يقدمها أخذ من الهوادي وهي المتقدمات أي: يقودها نسب لا ينقطع أي أنها ذات عرقٍ كريم. قال الرستمي: (السلهبة) الطويلة من الخيل وكذلك الرجل السلهب الطويل والجمع السلاهب.
ويروى: ينمي بها نسب ويهدي وينمي واحد أي يتبين فيها وإذا رآها الناظر قال: هذه من ولد الغراب. والغراب فرس لغني كما قال طفيل:
بنات الغراب والوجيه ولاحقٍ.......وأعوج تنمي نسبة المتنسب
ومعلوم معروف.
53: لا في شظاها ولا أرساغها عتب.......ولا السنابك أفناهن تقليم
(الشظا): عظم دقيق مثل المخرز فإذا تحرك ذلك العظم شظي الدابة كأنه فسخ، وقال آخرون: هو انشقاق العصب، يقال شظي يشظى شظىً وقد تشظى العود إذا تشقق و(العتب) العيب من قولك فلان لا يتعتب عليه في شيء. ويروى عنت. تقليم أي: سنابكها صلبة لم تأكلها الأرض. و(السنابك): مقاديم الحوافر. قال الرستمي: يروى عتب وعنت جميعًا. يقول لم تشظ فتعتل لذلك. و(الأرساغ): جمع رسغ وهو موصل الوظيف في الحافر.
والعنت الكسر والضعف والعتب العيب. والحوامي ما عن يمين السنبك وشماله والدوابر مآخير الحوافر، والنسور ما غمض في باطن الحافر تراه كالنوى وقطع الأوتار.
والأشعر الشعر المحيط بالحافر والجبة مدخل الحوشب في الحافر، والحوشب عظيم دقيق في طرف الوظيف داخل في الجبة. فيقول هي وافية السنبك لم تأكله الأرض.
54: سلاءة كعصا النهدي غل لها.......ذو فيئةٍ من نوى قران معجوم
ويروى: منظم من نوى قران. (سلاءة) يعني فرسه وشبهها بشوكة النخلة لإرهاف صدرها وتمام عجزها وكذلك خلقة الشوكة وقد يستحب في الإناث ويستحب للذكور أن تتم صدورها وتستخف أعجازها وهذا مثل قوله:
إذا أقبلت قلت دباءة.......من الخضر مغموسة في الغدر
يقول خلقتها خلقة الشوكة. وقوله (كعصا النهدي) أي كأنها عصا نبعٍ في اندماجها وملاستها وإنما خص نهدًا لأن النبع ينبت في بلادها وقوله (غل لها) أي أدخل لها إدخالاً في باطن حافرها في موضع النسور: شبه النسور بالنوى لأنها صلاب وأنها لا تمس الأرض لأن الحافر مقعر. وقوله: (ذو فيئة) أي: ذو رجعةٍ يقول له رجوع لا يكون ذلك إلا من صلابته. وهو أن يؤكل النوى ثم يفت البعر فيستخرج منه النوى فتعلفه الإبل مرةً أخرى فلا يكون ذلك إلا من صلابته. وقران قرية باليمامة لبني حنيفة كثيرة النخل ونخلها معطش جوازئ وذلك أصلب لنواها. وقوله معجوم أي نوى الفم وهو أجود ما يكون من النوى وأصلبه والمعجوم المعضوض.
وقال أحمد بن عبيد: لم يخص النهدي لمعنىً إنما كان له راعٍ نهدي فرأى عصاه فوصفها.
قال: وقوله (ذو فيئة) أي رجوعٍ يريد تمرًا أكل ولم يطبخ فهو أصلب لنواه وأنشد أحمد:
مفج الحوامي عن نسورٍ كأنها.......نوى القسبٍ ترت عن جريمٍ ملجلج
وقال فيه الرستمي شبيهًا بقول الضبي غير أنه زاد عليه: إنما خص النهدي لأنه أراد شيخًا من نهدٍ قد كبر وطال عمره واملاست عصاه فلانت. ويقال: نعم غلول الشيخ هذا: للشيء الحار يدخله جوفه: هذا في قوله غل لها.
وقال في قوله (ذو فيئةٍ) أي: ذو رجعةٍ يعني نوىً قد أكلته الإبل فلم تقدر على اجتراره لصلابته فبعرته صحاحًا.
ثم غسل ثانيةً فعلفته، وهو مأخوذ من قولهم فاء يفيء إذا رجع، فشبه نسورها في صلابتها بهذا النوى الذي هذه حاله.
ومن روى منظم أي أدخل في مفاصلها المنظم وهو أصلب لها. وروى عمارة محطم، يقال حطم لها النوى مع القت وخلط فأكلته فصلبت عليه.
والقت العض والعض علف الأمصار. وقران قرية باليمن وخص قران لأنها معطشة لا ماء لها وهو أصلب لنواها.
ومعجوم قد عض بالفم يقال عجمت العود أعجمه عجمًا إذا عضضته لتنظر أصلب هو أم رخو. فيقول ليس هذا النوى من نوى النبيذ هو من نوى الفم وهو أصلب.
55: تتبع جونًا إذا ما هيجت زجلت.......كأن دفًا على العلياء مهزوم
أي تتبع هذه الفرس إبلاً جونًا تسقى من ألبانها فإن أغير على الإبل فزع عليها.
و(الجون) أقل سوادًا من الدهم والجون أغزر الإبل. وقوله (إذا ما هيجت) يعني إذا ما الإبل هيجت للورد سمعت لها زجلاً لكثرتها و(الزجل): ارتفاع الصوت و(المهزوم) المشقوق. قال الرستمي: الجون الأسود والجون الأبيض ويقال للنهار جون وأنشد للراجز:
غير يا ابنة الحليس لوني.......مر الليالي اختلاف الجون
وسفر كان قليل الأون
أي: قليل الرفق. يقال أن على نفسك أي ارفق بها. وهيجت أي للحلب. فتحانت وارتفعت أصواتها. و(الزجل): اختلاط الصوت. فيقول كأن حفيفها صوت دفٍ على مكان مرتفع. و(مهزوم) مخروق فهو أبح للصوت. ويقال مهزوم ذو صوتٍ يقال سمعت هزمة الرعد أي صوته.
56: إذا تزغم من حافاتها ربع.......حنت شغاميم في حافاتها كوم
قال الضبي: (تزغم) حن حنينًا خفيًا أي تزغم لأمه لترضعه. و(حافاتها) نواحيها. و(الربع) ما نتج في الربيع.
و(الشغاميم) المسان التوأم الواحدة شغموم. الرستمي: (الربع) ما نتج في الربيع والأم مربع، والهبع الصيفي نتج في آخر النتاج وهو أضعف النتاج، وروي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: كنت بحضرة سليمان بن عبد الملك وهو على رمقٍ فقال:
إن بني صبية صيفيون.......أفلح من كان له ربعيون
فقال عمر: بل أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى. وحنت صوتت. و(الشغاميم) الحسان الطوال الواحد شغموم. و(الكوم) العظام الأسنمة الواحد أكوم والأنثى كوماء. قال: وإنما يريد الربع يجيء إلى أمه يريد اللبن فتنحيه أمه.
57: يهدي بها أكلف الخدين مختبر.......من الجمال كثير اللحم عيثوم
ورواها أحمد: كنيز اللحم ويهديها يكون هاديها تتبعه. و(أكلف الخدين) يعني فحلها و(الكلفة) حمرة فيها سواد وهو يستحب. مختبر مجرب. و(العيثوم): الضخم الجرم الكثير اللحم. قال الأخطل: وطئت عليك بخفها العيثوم، قال الرستمي: (يهدي بها) أي يهديها ومعناه يتقدمها يقال: جاءت الحمر يهدي بها فحلها أي يقدمها: قال ربيعة بن مقروم الضبي:
إذا لم يجتزر لبنيه لحمًا.......غريضًا من هوادي الوحش جاعوا
و(الكلفة) السواد. ومختبر معروف بالنجابة ويقال رجل خبير وخابر ويقال من أين خبرت هذا أي: من أين علمته. ويقال اشتر من مجهولات الإبل ولا تشتر من مخبوراتها والمخبورة التي عرف غزرها فلا تباع إلا بغلاء ويروى: أكلف الخدين مختبر، والمختبر الكثير اللحم والوبر ويقال للوبر الخبير: قال الراجز: حتى إذا ما طار من خبيرها، أي من وبرها. وقال الراجز: مختبر النحض عريض الكشح، والعيثوم قال أبو عمرو: هو عظيم الخف وقال غيره: الكثير اللحم الغليظ. وقال غيره: الفيلة عيثوم شبه الفحل بها. قال أحمد: ومن روى مختبر أراد فحلاً عالما بلقاح الإبل ما لم يلقح منها وما لقح إذا رآها عرفها و(العيثوم) الناقة الضخمة ومن زعم أنها الفيلة فليس بشيء.
[شرح المفضليات: 805-823]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
120, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir