دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > الوجوه والنظائر > تحصيل الوجوه والنظائر للحكيم الترمذي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ربيع الثاني 1432هـ/11-03-2011م, 11:21 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي الفتنة

26- الفتنة

وأما قوله «الفتنة» على كذا وجه: فالفتن «الحرق» وهو قوله تعالى:
{إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات}.
أي أحرقوا المؤمنين... وقوله أيضا.
{يومهم على النار يفتنون}.
أي يحرقون، ثم يقول لهم:
{ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون}.
[تحصيل نظائر القرآن: 91]
أي حريقكم الذي كنتم به تستعجلون.
وبدو هذه الفتنة التي في نفوس الآدميين: أن الله تبارك اسمه، خلق حول النار- عند باب النار- زينة وأفراحا ونعيما من النار، فهي نار في صورة الزينة والأفراح والنعيم، ووضع منها في جوف كل آدمي نصيبا، فسميت تلك الزينة والأفراح والنعيم: شهوات، لأن النفس لما أحست: اهتشت إليها، فالاهتشاش والاشتهاء بمعنى واحد، وهو قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:
«حفت النار بالشهوات».
فإنما تجد النفس لذة الأشياء في الدنيا بتلك الحرارة الموضوعة في جوف الآدمي التي قد حفت النار بها، وذاك الذي بباب النار: هو نصيب العدو، وجعلت في الأجواف هذه النفوس مقرونة بالأرواح، وهي التي تخرج في المنام، وترى الرؤيا، وتبقى الروح في الجسد، وهو قوله وتعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها}
فهذه النفوس مهتشة إلى تلك الأفراح والزينة، فتلك أفراح خلقت بلوى للعباد، ومن هناك يدفع العدو، فيصير به إلى جوف الآدمي حتى يهيج ما وضع جوفه، ومن أجل ما أعطى العدو من ذلك: قال:
[تحصيل نظائر القرآن: 92]
{لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين}.
فإنما يزين للآدمي بتلك الزينة التي يدفعها من هناك، فيمازج بها ما وضع منها في خلقة الآدمي حتى يهتاج ما في جوفه بما جاء به العدو حتى يغويه، فلذلك احتاج المؤمن إلى أن يحارب، لأن العدو إنما جاء بتلك الزينة والأفراح فزينها في صدره ليدعوه إلى ذلك، ويضله عن الله، فإنما سميت «فتنة»: لأنه حريق، وإن الخلق إذا كثرت معاصيهم ارتجت الأرض منها، وجرى سلطان الله إلى النار ليحميها ويزيد في حرها وحدتها، وكانت النار نيرة، فإنما اسودت لدخول السلطان هناك فضاعفها حدة وحرا وسودها، فازدادت هذه الزينة والأفراح والنعيم التي بباب حدة وحرا بمجيء السلطان، ثم نقلها العدو إلى أجواف الآدميين مع الزيادة التي ازدادت، فقويت وتضاعفت، فلذلك تكون شهوات الخلق في وقت هيج الفتنة: أغلب والمعاصي أكثر، لازدياد الحريق، وحرارة الأجواف، وقوة الشهوات، ويجرى السلطان فيهيج غبار ذلك النور- نور السلطان- كهيئة غبار الجند: إذا مرت العساكر، فيكون لمرورهم غبار، فكذلك الغبار- غبار السلطان- وفورته، فإذا كان ذلك مطرت من ذلك الغبار على قلوب الموحدين، فتصير القلوب في غيرة من فوران ذلك السلطان، كأنها في غيم، فيتحير القلب ولا يهتدي لرشده، ومما يحقق ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[تحصيل نظائر القرآن: 93]
{إذا وقعت الفتنة تحيرت العقول}.
فلو كان فيهم أنبياء لتحيروا، فإذا انجلت رد إلى كل ذي عقل عقله، فإنما تتحير الأنبياء: لأن القلوب منهم صارت في الغبار الذي أمطر عليهم بمجيء السلطان إلى النار ليحميها ويزيد في حرها ويحددها، ولذلك قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:
« سيكون من بعدي أقوام يلبسون للناس جلود الضأن- أي من اللين والرفق- وقلوب- أي لا رحمة فيها، ولا تستحي من الفساد والخراب- وألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم أمر من الصبر، فبي حلفت لأبعثن على أولئك فتنة تدع الحليم فيهم حيرانا».
فإنما يبعث السلطان ليحدد النيران ويحميها ويسجر سخونها لمثل أهل هذه الصفة: انتقاما لحق الله، ونصرة له، فإذا جرى السلطان: هاج الغبار، بمنزلة الغبار الذي يقع في الكوة، فترى ذلك الغبار المنبث في ذلك النور الذي وقع في البيت يفور وينبث، فهو بمنزلة ذاك، فإذا أمطر على القلوب من الغبار: تركت الحليم حيران، لأن قلبه وقع في ذلك الغبار، شبه الغيم، فلم ينتفع بإشراق العقل في صدره، بمنزلة يوم مصح، والشمس مشرقة، فهاج الغبار لهيج لرياح، فانقطعت عنك منفعة إشراق الشمس أن ترى الحسن من القبيح، وأن تميز بين الأمور وأن تهتدي لصواب الأمور وحقائق الحق؛ فصار الحليم بهذه الصفة،
[تحصيل نظائر القرآن: 94]
وازداد السفيه حرارة في شهواته، وغلبت حدته، فإنما تقع هذه الفتنة على القلوب مطرا، كوقوع الوباء على الطبائع والأجساد، وإنما قيل «مطر» لأن المطر يصيب بقطره بعضا دون بعض، فكذلك ذلك المطر، فإذا هاجت الفتنة من الأجواف ظهرت الكبائر والدماء ونهب الأموال وهتك المحارم؛ فهذا تفسير الفتنة؛ ولذلك قال تعالى:
{إنما أموالكم وأولادكم فتنة}.
لأن حريقهما في الجوف موجود، وإنما هما حريقان للمال والولد، حرقة الحب والرأفة، فإن صرفت تلك الحرقة إلى رؤية ذلك من المنعم صارت تلك الحرفة: شكرا، وإن صرفت إلى الشهوات واللذة: صار متهوما محجوبا عن الله، فصارت فتنة.
1- الشرك: فإنما صارت الفتنة في هذا «الشرك»: لأن الشرك أعظم المعاصي، وفي الشرك: أفراح وزينة للمشركين، قد زين لهم العدو عيادة الأوثان، وأعطاهم من ذلك الفرح، وقد قال تعالى: {كل حزب بما لديهم فرحون}.
فالمشرك بعبادة الأوثان في قلبه، لأنه يعبدها رجاء أن تشفع له إلى ربه، ألا ترى إلى قوله تعالى:
[تحصيل نظائر القرآن: 95]
{ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}.
فحلاوة فرح المشرك في صدره مترددة، قد زين له الشيطان تلك الزينة التي جاء بها من النار.
2- الهلاك: وإنما صارت الفتنة «الهلاك» في مكان آخر: لما وصفنا.
3- الابتلاء: وإنما صارت الفتنة «الابتلاء» في مكان آخر: لأنه وضع هذا في العباد ثم ابتلاهم ليستخرج سرائرهم؛ وينظر هل يتبعون الفتنة التي هاجت منهم، أو يفزعون إلى الله ويتعلقون به. ويستغيثون به مما هجت في نفوسهم بهذا الحادث الذي حدث من نقص مال، أو مرض، أو ذل أو خوف، أو عارض شهوة، فإنما يبتلى الرب عباده ليبرز حقائق إيمانهم.
4- العذاب: وإنما صارت الفتنة «العذاب» في مكان آخر.
[تحصيل نظائر القرآن: 96]
5- القتل: وفي مكان «القتل».
6- الخسران: وفي مكان «الخسران» لما قلنا بديا، أن الله تبارك اسمه يعرض عبيده لما ذكرنا من هذه الأشياء، لنظر أيرجع العبد إلى إيمانه بالهم عند تلظى تلك الحرقة، أو يهمل أمره ويعصيه؟؟ لأن الحرق قد عمل فيه، وأخذ بمجامع قلبه: فتلك فتنة.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفتنة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir