دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الآخرة 1431هـ/7-06-2010م, 03:39 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 27: قصيدة عبدة الطبيب: أَبنيَّ إِنّي قد كَبِرتُ ورابَني = بصَري، وفِي لِمُصلحٍ مسْتمتعُ

قال عبدة أيضاً:

أَبَنِيَّ إِنِّي قد كَبِرْتُ ورَابَنِي = بَصَرِي، وفِيَّ لِمُصْلِحٍ مُسْتَمْتَعُ
فَلَئِنْ هَلَكْتُ لقَدْ بَنَيْتُ مَسَاعِياً = تَبْقَى لكمْ منها مَآثِرُ أَرْبَعُ
ذِكْرٌ إِذا ذُكِرَ الكِرَامُ يَزِينُكمْ = ووِرَاثَةُ الحَسَبِ المُقَدَّمِ تَنْفَعُ
ومَقَامُ أَيامٍ لَهُنَّ فَضِيلةٌ = عندَ الحِفِيظَةِ والمَجامِعُ تَجْمَعُ
ولُهيٍ مِن الكَسْبِ الَّذِي يُغْنِيكُمُ = يوماً إِذا احْتصَرَ النُّفُوسَ المَطْمَعُ
ونَصِيحَةٌ في الصَّدْرِ صَادِرَةٌ لكم = ما دُمْتُ أُبْصِرُ في الرِّجالِ وأَسْمَعُ
أُوصِيكُمُ بِتُقَي الإِلهِ فَإِنَّهُ = يُعْطِي الرَّغائِبِ مَنْ يَشَاءُ ويَمْنَعُ
وبِبِرِّ وَالِدِكُمْ وطاعةِ أَمرِهِ = إِنَّ الأَبَرَّ مِن البَنِينِ الأَطْوَعُ
إِنَّ الكَبِيرَ إِذا عَصَاهُ أَهْلُهُ = ضَاقَتْ يَدَاهُ بأَمرِهِ ما يَصْنَعُ
وَدَعُوا الضَّغينَةَ لا تَكُنْ مِن شأْنِكمْ = إِنَّ الضَّغائنَ لِلْقَرَابَةَ تُوضَعُ
وَاعْصُوا الَّذِي يُزْجِي النَّمَائِمَ بيْنَكم = مُتَنَصِّحاً، ذَاكَ السِّمامُ المُنْقَعُ
يُزْجِي عَقَارِبَهُ لِيَبْعَثَ بَيْنَكم = حَرْباً كما بَعَثَ العُرُوقَ الأَخْدَعُ
حَرَّانَ لا يَشْفِي غَلِيلَ فُؤَادِهِ = عَسَلٌ بماءٍ في الإِنَاءِ مُشَعْشَعُ
لا تأْمَنُوا قَوْماً يَشِبُّ صَبِيُّهُمْ = بَيْنَ القَوَابِل بالعَدَاوَةِ يُنْشَعُ
فَضِلَتْ عَدَاوَتُهُمْ عَلَى أَحْلاَمِهِمْ = وأَبَتْ ضِبَابُ صُدُورِهم لا تُنْزَعُ
قَوْمٌ إِذا دَمَسَ الظَّلاَمُ عليهمُ = حَدَجُوا قَنَافِذَ بالنَّمِيمَةِ تَمْزَعُ
أَمْثَالُ زَيْدٍ حِينَ أَفْسَدَ رَهْطَهُ = حتَّى تَشَتَّتَ أَمْرُهم فَتَصَدَّعُوا
إِنَّ الَّذِينَ تَرَوْنَهُمْ إِخْوَانَكم = يَشْفِي غَلِيلِ صُدُورهم أَنْ تُصْرَعُوا
وثَنيَّةٍ مِن أَمْرِ قَوْمٍ عَزَّةٍ = فَرَجَتْ يَدَايَ فكانَ فيها المَطْلَعُ
ومَقَامِ خَصْمٍ قائِم ظَلِفَاتُهُ = مَنْ زَلَّ طارَ له ثَنَاءٌ أَشْنَعُ
أَصْدَرْتُهُمْ فيهِ أُقَوِّمُ دَرْأَهُمُ = عَضَّ الثِّقَافِ وهُمْ ظِماءٌ جُوَّعُ
فَرَجَعْتُهُمْ شَتَّى كأَنَّ عَمِيدَهُمْ = في المَهْدِ يَمْرُثُ وَدْعَتَيْهِ مُرْضَعُ
ولقد عَلِمْتُ بأَنَّ قَصْرِيَ حُفْرَةٌ = غَبْرَاءُ يَحْمِلني إِليها شَرْجَعُ
فبَكَى بَنَاتِي شَجْوَهُنَّ وزَوْجَتِي = والأَقْرَبُونَ إِليَّ، ثُمَّ تَصدَّعُوا
وتُرِكْتُ في غَبْراءَ يُكْرَهُ وِرْدُها = تَسْفِي عَلَيَّ الرِّيحُ حِينَ أُوَدَّعُ
فإِذا مَضَيْتُ إِلى سَبِيلِي فَابْعَثُوا = رَجُلاً لهُ قَلْبٌ حَدِيدٌ أَصْمَعُ
إِنَّ الحوادثَ يَخْتَرِمْنَ، وإِنَّما = عُمْرُ الفَتَى في أَهلِهِ مُسْتَوْدَعُ
يَسْعَى ويَجْمَعُ جاهِداً مُسْتَهْتِراً = جِدًّا، ولَيْسَ بآكِلٍ ما يَجْمَعُ
حتَّى إِذا وَاقَى الحِمَامُ لِوَقْتِهِ = ولكُلِّ جَنْب لا مَحَالَةَ مَصْرَعُ
نَبَذُوا إِليهِ بالسَّلاَم فلَمْ يُجِبْ = أَحَداً وصَمَّ عنِ الدُّعَاءِ الأَسْمَعُ


  #2  
قديم 19 جمادى الآخرة 1432هـ/22-05-2011م, 06:26 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

27


وقال عبدة أيضاً


1: أَبَنِيَّ إِنِّي قد كَبِرْتُ ورَابَنِي = بَصَرِي، وفِيَّ لِمُصْلِحٍ مُسْتَمْتَعُ
2: فَلَئِنْ هَلَكْتُ لقَدْ بَنَيْتُ مَسَاعِياً = تَبْقَى لكمْ منها مَآثِرُ أَرْبَعُ
3: ذِكْرٌ إِذا ذُكِرَ الكِرَامُ يَزِينُكمْ = ووِرَاثَةُ الحَسَبِ المُقَدَّمِ تَنْفَعُ
4: ومَقَامُ أَيامٍ لَهُنَّ فَضِيلةٌ = عندَ الحِفِيظَةِ والمَجامِعُ تَجْمَعُ
5: ولُهيٍ مِن الكَسْبِ الَّذِي يُغْنِيكُمُ = يوماً إِذا احْتصَرَ النُّفُوسَ المَطْمَعُ
6: ونَصِيحَةٌ في الصَّدْرِ صَادِرَةٌ لكم = ما دُمْتُ أُبْصِرُ في الرِّجالِ وأَسْمَعُ
7: أُوصِيكُمُ بِتُقَى الإِلهِ فَإِنَّهُ = يُعْطِي الرَّغائِبِ مَنْ يَشَاءُ ويَمْنَعُ
8: وبِبِرِّ وَالِدِكُمْ وطاعةِ أَمرِهِ = إِنَّ الأَبَرَّ مِن البَنِينِ الأَطْوَعُ
9: إِنَّ الكَبِيرَ إِذا عَصَاهُ أَهْلُهُ = ضَاقَتْ يَدَاهُ بأَمرِهِ ما يَصْنَعُ
10: وَدَعُوا الضَّغينَةَ لا تَكُنْ مِن شأْنِكمْ = إِنَّ الضَّغائنَ لِلْقَرَابَةَ تُوضَعُ
11: وَاعْصُوا الَّذِي يُزْجِي النَّمَائِمَ بيْنَكم = مُتَنَصِّحاً، ذَاكَ السِّمامُ المُنْقَعُ
12: يُزْجِي عَقَارِبَهُ لِيَبْعَثَ بَيْنَكم = حَرْباً كما بَعَثَ العُرُوقَ الأَخْدَعُ
13: حَرَّانَ لا يَشْفِي غَلِيلَ فُؤَادِهِ = عَسَلٌ بماءٍ في الإِنَاءِ مُشَعْشَعُ
14: لا تأْمَنُوا قَوْماً يَشِبُّ صَبِيُّهُمْ = بَيْنَ القَوَابِل بالعَدَاوَةِ يُنْشَعُ
15: فَضِلَتْ عَدَاوَتُهُمْ عَلَى أَحْلاَمِهِمْ = وأَبَتْ ضِبَابُ صُدُورِهم لا تُنْزَعُ
16: قَوْمٌ إِذا دَمَسَ الظَّلاَمُ عليهمُ = حَدَجُوا قَنَافِذَ بالنَّمِيمَةِ تَمْزَعُ
17: أَمْثَالُ زَيْدٍ حِينَ أَفْسَدَ رَهْطَهُ = حتَّى تَشَتَّتَ أَمْرُهم فَتَصَدَّعُوا
18: إِنَّ الَّذِينَ تَرَوْنَهُمْ إِخْوَانَكم = يَشْفِي غَلِيلِ صُدُورهم أَنْ تُصْرَعُوا
19: وثَنيَّةٍ مِن أَمْرِ قَوْمٍ عَزَّةٍ = فَرَجَتْ يَدَايَ فكانَ فيها المَطْلَعُ
20: ومَقَامِ خَصْمٍ قائِم ظَلِفَاتُهُ = مَنْ زَلَّ طارَ له ثَنَاءٌ أَشْنَعُ
21: أَصْدَرْتُهُمْ فيهِ أُقَوِّمُ دَرْأَهُمُ = عَضَّ الثِّقَافِ وهُمْ ظِماءٌ جُوَّعُ
22: فَرَجَعْتُهُمْ شَتَّى كأَنَّ عَمِيدَهُمْ = في المَهْدِ يَمْرُثُ وَدْعَتَيْهِ مُرْضَعُ
23: ولقد عَلِمْتُ بأَنَّ قَصْرِيَ حُفْرَةٌ = غَبْرَاءُ يَحْمِلني إِليها شَرْجَعُ
24: فبَكَى بَنَاتِي شَجْوَهُنَّ وزَوْجَتِي = والأَقْرَبُونَ إِليَّ، ثُمَّ تَصدَّعُوا
25: وتُرِكْتُ في غَبْراءَ يُكْرَهُ وِرْدُها = تَسْفِي عَلَيَّ الرِّيحُ حِينَ أُوَدَّعُ
26: فإِذا مَضَيْتُ إِلى سَبِيلِي فَابْعَثُوا = رَجُلاً لهُ قَلْبٌ حَدِيدٌ أَصْمَعُ
27: إِنَّ الحوادثَ يَخْتَرِمْنَ، وإِنَّما = عُمْرُ الفَتَى في أَهلِهِ مُسْتَوْدَعُ
28: يَسْعَى ويَجْمَعُ جاهِداً مُسْتَهْتِراً = جِدًّا، ولَيْسَ بآكِلٍ ما يَجْمَعُ
29: حتَّى إِذا وَاقَى الحِمَامُ لِوَقْتِهِ = ولكُلِّ جَنْب لا مَحَالَةَ مَصْرَعُ
30: نَبَذُوا إِليهِ بالسَّلاَم فلَمْ يُجِبْ = أَحَداً وصَمَّ عنِ الدُّعَاءِ الأَسْمَعُ


ترجمته: مضت في القصيدة قبلها.
جو القصيدة: لما أسن ورابه بصره جمع بنيه يوصيهم في هذه القصيدة. فأنشأ يسرد لهم ما خلف من مآثر باقية. ثم نصحهم بتقوى الله وبر الوالد، والاتحاد وترك التنابذ، والحذر من النمام والمنافق. ثم نوه بحسن رأيه في المعضلات وغلبته في المفاخرة. ثم صور يومه الأخير، وذكر البكاء والقبر، وقدم لبنيه عزاء بأن الموت غاية كل حي.
تخريجها: منتهى الطلب 1: 193-194 عدا الأبيات 6، 29، 30. والأبيات 11-14، 18، 15، 16 في الشعراء 456-457. و11-13، 18، 15، 16 في حماسة البحتري 155. و16 في ديوان المعاني 2: 144. و23-25 في النوادر 23. والأبيات 11-14 في الحيوان 4: 166-167، والبيتان 18، 16 فيه 4: 167-168، وقال: (وهذا الشعر من غرر الأشعار، وهو مما يحفظ. والبيتان 18 و15 في الصداقة لأبي حيان 77-78. وانظر الشرح 294-302.
(1) يقال رابني الشيء: إذا تيقنت منه الريبة، وأرابني: إذا شككت فيه. لمصلح: لمن استصلحني فاستمتع بعقلي ورأيي.
(2) المساعي: المكارم.
(3) الذكر: الشرف والصيت.
(4) المقام، بفتح الميم: مقام ساعة في خطبة أو خصومة أو نحوه ذلك. الحفيظة: الغضب.
(5) اللهى، بضم اللام: العطايا، واحدتها لهوة، وأصلها الحفنة من الطعام تطرح في الرحى.
(7) الرغائب: جمع رغيبة، وهي الشيء الواسع الكثير، والشيء النفيس.
(10) توضع: من قولهم أوضعت البعير: إذا حملته على العدو. أراد أن الضغائن في القرابة سريعة التفشي.
(11) يزجي: يسوق. المتنصح: المتشبه بالنصحاء. السمام: جمع سم. منقع: معتق، من قولهم أنقع السم: عتقه، وأنقعته الحية: جمعته.
(12) الأخدع: عرق في العنق إذا ضرب أجابته العروق.
(13) الحران: الشديد التلهب، يغلي جوفه من حرارة الغيظ، والأنثى حرى، وأصله العطشان. الغليل: لهبان في الجوف من الغيظ ومن العطش، والغلة، بضم: شدة العطش. والمراد شدة الغيظ. مشعشع: ممزوح.
(14) القوابل: جمع قابلة، وهي التي تستقبل المولود. ينشع: من النشوع، بفتح النون، وهو الوجور، بفتح الواو، يوجر به الصبي أو المريض. ويقال أيضا للسعوط، والنشوغ بالغين المعجمة مثله.
(15) فضلت: زادت. يريد أنهم باحوا بعداوتهم. لم تضبطها قلوبهم لإفراطها وتقصير الحلم عنها. قال الأنباري: فضل، بكسر الضاد، يفضل بضمها، وليس في الكلام على فعل يفعل غيره وفي حاشية بعض النسخ: (قال أبو عمرو: قد جاء نعم ينعم وحضر يحضر، بهذا السالم، وفي المعتل دام يدوم ومات يموت). وفي اللسان في مادة (فضل) نحو هذا، وزاد (كاد يكود) وذهب بعضهم إلى أن مثل هذا مركب من وزنين. الضباب: الأحقاد، الواحد ضب، بفتح الضاد وكسرها.
(16) دمس: ألبس واشتدت ظلمته. حدجوا: وضعوا. الحدج على البعير، والحدج، بكسر فسكون: مركب من مراكب النساء. تمزع: تمر مرا سريعا. أراد أنهم يسهرون بالنميمة والاحتيال في الشر، كما يسهر القنفذ، لأنه ليله أجمع يسير ولا ينام.
(17) زيد، هو ابن مالك الأصغر بن حنظلة بن مالك الأكبر.
(19) الثنية: العقبة. العزة، بفتح العين: الصعبة، نعت للثنية. وهذا الحرف لم يذكر في المعاجم. والعزة، بكسر العين: الأعزة. نعت القوم. يقول: جئت إلى أمر ليس فيه مسلك ففرجته برأيي وحذقي في الأمور.
(20) الخصم: الخصوم، يقال للواحد وغيره. الظلفات، بكسر اللام: الخشبات التي تلي جنب البعير من الرحل، قال الأصمعي: (يقال للرجل إذا قام بالأمر وعني به واشتد فيه: قام في ظلفاته) يقول: حضرت خصومة ومنازعة وافتخارا من لم يقم فيه بحجة طار له صيت شنيع.
(21) الدرة: العوج. الثقاف: ما تقوم به الرماح. يقول: حبستهم عن الطعام والشراب، لما هم فيه من الجدال، حتى صدروا عن رأيي.
(22) عميدهم: سيدهم الذي يعتمدون عليه. يمرث: يمص. الودعة، بسكون الدال: خرزة تعلق لدفع العين.
(23) قصري: آخر أمري. الشرجع: خشب بعضه إلى بعض كالسرير يحمل عليه الموتى.
(24) الشجو: الحزن. تصدعوا: تفرقوا.
(26) الأصمع: الحديد المجتمع ليس بمنتشر. يقول: إذا مت فافتقدوا عميدا مثلي.
(27) يخترمن: يقتطعن ويستأصلن.
(28) المستهتر: المولع بالشيء الذاهب العقل فيه من حرصه عليه. وضبط بكسر التاء على وزن اسم الفاعل، في أصول المتن والشرح أربع مرات، والذي في المعاجم ضبطه بفتحها بوزن اسم المفعول، وضبط فعله (استهتر) بالبناء للمفعول. فما لبث هنا لغة لم ينص عليها.
(29) الحمام، بكسر: المنية. لا محالة: لا حيلة لأحد في دفعها عنه.


  #3  
قديم 11 شعبان 1432هـ/12-07-2011م, 07:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

وقال عبدة أيضًا

1: أبني إني قد كبرت ورابني.......بصري وفي لمصلحٍ مستمتع
يقال (رابني) الشيء إذا تيقنت منه الريبة وأرابني إذا شككت فيه، و(المصلح) ههنا القابل منه، غيره: يقول عندي رأي وعقل (لمصلحٍ) أي لمن استصلحني فاستمتع بعقلي ورأيي، وقوله (رابني بصري) أي كل ونقص وارتبت به كما قال حميد بن ثور:
أرى بصري قد رابني بعد صحةٍ.......وحسبك داءً أن تصح وتسلما
أي: ذلك يؤديك إلى الضعف والهرم، مستمتع استمتاع.
2: فلئن هلكت لقد بنيت مساعيًا.......تبقى لكم منها مآثر أربع
واحدة (المآثر) مأثرة وهو ما يتحدث به من الأخلاق، يقول فلئن هلكت لقد تركت لكم بهذه المأثرة، ويروى:
فلئن بليت لقد دنوت من البلى.......وخلت لكم مني مناق أربع
أي (فلئن) بليت هرمًا لقد أنى لي، وخلت لكم أي مضت لكم مني مناقب، وواحدة المناقب منقبة وهي المأثرة والقدم والشرف.
3: ذكر إذا ذكر الكرام يزينكم.......ووراثة الحسب المقدم تنفع
و يروى: (ووراثة الحسب) المتلد تنفع، ويروى: (ووراثة الحسب) المؤثل فأما المتلد فالقديم مأخوذ من قولهم مال تلاد إذا ولد عند أصحابه وكان أصل التاء ههنا الواو فأبدلت تاءً كما أبدلت في تخمة وتصلة وهما من الوخامة والوصلة والمؤثل المجموع، ومنه قول امرئ القيس:
ولكنما أسعى لمجدٍ مؤثل.......وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
وقال يعقوب بن السكيت: المؤثل: المثمر المثبت، يقال: قد تأثل فلان بأرض كذا وكذا أي ثبت فيها، وقال: قال أبو عبيدة: يقال مجد مؤثل قديم له أصل، والتأثل: اتخاذ أصل مال والأثلة الأصل، قال الأعشى:
ألست منتهيًا عن نحت أثلتنا.......ولست ضائرها ما أطت الإبل
ونثًا إذا ذكر السراة، النثا مقصور في الشر والثناء ممدود في الخير والشر، والسراة جمع سري.
4: ومقام أيام لهن فضيلة.......عند الحفيظة والمجامع تجمع
ويروى لهن (حفيظة)، يقال قام الرجل (مقامًا) محمودًا، وأقاء بالموضع إقامة ومقامًا ومنه دار المقامة أي دار الإقامة، والمقام مقام ساعةٍ في خطبةٍ أو خصومةٍ أو نحو ذلك، و(المقام) بالضم الإقامة، و(الحفيظة) الغضب يقال أحفظني الأمر إذا أغضبني قال القطامي:
أخوك الذي لا تملك الحس نفسه.......وترفض يوم المحفظات الكتائف
الحس: الرقة والكتائف: الأحقاد والواحدة كتيفة، يقول أخوك الذي إذا رأى من يعاديك ذهب حقده وأعانك، يقال حسست له أحس أي رققت له وحسست أحس قال الكميت:
هل من بكى الدار راجٍ أن تحس له.......أو يبكي الدار ماء العبرة الخضل
ويروى أن تحس له، ومثل بيت القطامي قول الآخر:
إذا المرء ذو القربى وذو الدين أجحفت.......به سنة حلت رزيئته حقدي
يقول: إذا كان له قرابة وأنا واجد عليه ثم نزلت به شدة زال ما كان في قلبي من الغلظة عليه ورققت له.
ومثله قول الآخر:
نخلت له نفسي النصيحة إنه.......عند الشدائد تذهب الأحقاد
وكان قائل هذا وهو مالك بن أسماء بن خارجة بن حذيفة واجدًا على أخيه عيينة بن أسماء موجدة تفاقم الحال فيها بينهما وعظم، فأخذ الحجاج عيينة أخاه فعذبه وضيق عليه لجنايات كانت له، وبعث إليه يعلمه ذلك لما علم من موجدته عليه وظن أنه يسره ذلك، فقال لما بلغه ذلك أبياتًا هذا البيت فيها وأولها:

ذهب الرقاد فما يحس رقاد = مما أتاك وحفت العواد
خبر أتاني عن عيينة مفظع = كادت تقطع عنده الأكباد
لما أتاني عن عيينة أنه = أمسى عليه تظاهر الأقياد
نخلت له نفسي النصيحة إنه = عند الشدائد تذهب الأحقاد
وعلمت أني إن قعدت مكانه = ذهب البعاد فصار فيه بعاد
ورأيت في وجه العدو شكاسة = وتغيرت لي أوجه وبلاد
أم من يهين لنا كرائم ماله = ولنا إذا عدنا إليه معاد
قال: فتذمم الحجاج فأطلقه له، رواه أبو محلم وغيره.
5: ولهى من الكسب الذي يغنيكم.......يومًا إذا احتضر النفوس المطمع
ويروى: ثخن من المال، أي كثافة وكثرة، واحدة (اللهى) لهوة، و(اللهى): العطايا وأصل اللهوة الحفنة من الطعام تطرح في الرحى، قال عمرو بن كلثوم:
يكون ثفالها شرقي نجد.......ولهوتها قضاعة أجمعينا
وزاد غير أبي عكرمة ورواه أبو محلم وغيره.
6: ونصيحة في الصدر صادرة لكم.......ما دمت أبصر في الرجال وأسمع
7: أوصيكم بتــــــــــــــــــــــــــــقى الإلاه فإنه.......يعطي الرغائب من يشاء ويمنع
(الرغائب): جمع رغيبة وهو الشيء الواسع الكثير والشيء النفيس، يقول الله عز وجل {يعطي من يشاء ويمنع من يشاء} وهو مقتدر على ذلك.
8: وببر والدكم وطاعة أمره.......إن الأبر من البنين أطوع
أي (أوصيكم ببر والدكم وبطاعة أمره فإن أبركم به أطوعكم له).
9: إن الكبير إذا عصاه أهله.......ضاقت يداه بأمره ما يصنع
يقول: (إذا عصى) الشيخ (أهله ضاقت يداه بأمره) لم يدر (ما يصنع) ولم يمكنه أن ينفذ أمره ولم يتسع، ضاق عن أمره.
10: ودعوا الضغينة لا تكن من شأنكم.......إن الضغائن للقرابة توضع
ويروى (فدعوا الضغينة)، ويروى (للقرابة تودع)، الضغينة والحقد والحسيفة والحسيكة والضب واحد، يقال في صدره ضغينة ووحر وإحنة وحسكة وحسيكة وحسيفة وغمر وحقد ودمنة وسخيمة وضب وهو الغل في الصدر ويقال بينهم نائرة وهو شر يكون بين الناس وبينهم مئرة أي عداوة.
11: واعصوا الذي يزجي النمائم بينكم.......متنصحًا ذاك السمام المنقع
(يزجي): يسوق و(النمائم): جمع نميمة، وهو ما يبلغ الناس بعضهم عن بعض يحرض به بعضهم على بعض على طريق التنصح، و(السمام): جمع سم ويروى واعصوا الذي يسدي ويروى وهو السمام ويروى إن الذي يسدي.
12: يزجي عقاربه ليبعث بينكم.......حربًا كما بعث العروق الأخدع
ويروى: يهدي (عقاربه ليبعث بينكم) * داء، الأخدع عرق في العنق إذا ضرب أجابته (العروق) فيريد أن الشيء يجيب بعضه بعضًا بنميمة كما تجيب (العروق الأخدع) بالدم. عقاربه شروره ونمائمه، وبعثها بالدم كأنه لما خرج الدم من الأخدع أجابته العروق بالدم، والأخدع: موضع الحجامة.
13: حران لا يشفي غليل فؤاده.......عسل بماءٍ في الإناء مشعشع
ويروى: (لا يشفي غليل فؤاده عسل) بذوب، رجل (حران) وامرأة حرى إذا كانت مغمومة ثكلى، (الغلة): شدة العطش، (الحران): الشديد التلهب، يغلي جوفه من حرارة الغيظ، وأصل الغلة حرارة العطش و(المشعشع): المرقق السهل، يقول يجد في صدره تلهبًا من شدة الحسد، و(غليل) حرارة من شدة الغيظ، (مشعشع): ممزوج، والشعشاع من الرجال الخفيف اللحم.
14: لا تأمنوا قومًا يشب صبيهم.......بين القوابل بالعداوة ينشع
ويروى (يشب) وليدهم، ويروى صغيرهم والنشوع والنشوغ بالعين والغين جميعًا السعوط، والسعوط في الأنف والوجور في الفم.
15: فضلت عداوتهم على أحلامهم.......وأبت ضباب صدورهم لا تنزع
ويروى:
فضلت عداوتهم على أرحامهم.......فأبت ضباب كشوحهم لا تنزع
(فضل) بكسر الضاد يفضل بضم الضاد وليس في الكلام على فعل يفعل غيره ويقول: باحوا بعداوتهم لم تضبطها قلوبهم لإفراطها وتقصير الحلم عنها، و(الضباب): الأحقاد الواحد ضب، قال كثير:
فما زالت رقاك تسل ضغني.......وتخرج من مضائبها ضبابي
ويرقيني لك الحاوون حتى.......أجابك حية دون الحجاب
16: قوم إذا دمس الظلام عليهم.......حدجوا قنافذ بالنميمة تمزع
ويروى:
فهم إذا دمس الظلام عليهم.......حدج القنافذ بالنميمة تمزع
نصب حدج على المصدر يقول يحدجون حدج القنافذ، تمزع تسرع وأنشد:
والخيل تمرع قبا في أعنتها.......كالطير تنجو من الشؤبوب ذي البرد
(دمس) ألبس واشتدت ظلمته، و(حدجوا) رحلوا مأخوذ من الحدج وهو مركب من مراكب النساء.
وإنما شبههم بالقنافذ لأنها لا تنام بالليل تسري، يقال في مثل: أسرى من أنقد وهو القنفذ.
فيريد أنهم لا ينامون الليل يسهرون في الاحتيال، و(المزع): المر السريع يقال مزع الفرس مزعًا إذا أسرع، وكذلك القزع، هذا مثل، وإنما أراد أنهم يسهرون بالنميمة والاحتيال في الشر كما يسهر القنفذ، لأنه ليله أجمع يسير ولا ينام.
17: أمثال زيدٍ حين أفسد رهطه.......حتى تشتت أمرهم فتصدعوا
لم يقل فيه أبو عكرمة شيئًا، قال أحمد بن عبيد: هو زيد بن مالك الأصغر بن حنظلة بن مالك الأكبر، قال وهو الذي ذكره الأسود بن يعفر:
في آل غرف لو بغيت لي الأسى.......لوجدت فيهم أسوة العداد
مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــا بعد زيد في فتاة فرقوا.......قتــــلاً ونفيًا بعد حسن تآدي ـ
غرف هذا هو مالك الأصغر وزيد ابنه، وقال أبو عبيدة: كان المنذر خطب على رجل من اليمن من أصحابه امرأة من بني زيد بن مالك بن حنظلة فأبوا أن يزوجوه فنفاهم وفرقهم فنزلوا مكة، وقوله بعد حسن تآدي أي أخذ أداة للزمن، ويقال تآدى تفاعل من الآد والأيد وهما القوة.
18: إن الذين ترونهم إخوانكم.......يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا
يقول تظنون أنهم (إخوانكم) وهم أعدائكم و(الغليل): لهبان في الجوف من الغيظ ومن العطش أي هم عطاش إلى قتلكم.
19: وثنية من أمر قوم عزة.......فرجت يداي فكان فيها المطلع
قال الأصمعي: هذا مثل، يقول جئت إلى أمر ليس فيه مسلك مستغلق فأصلحته فصار فيه مخرج لأهله، قال أحمد: عزة نعت للثنية والمعنى للخطة الصعبة، يقول صعبت على غيري ففرجتها برأيي وحذقي في الأمور.
20: ومقام خصم قائم ظلفاته.......من زل طار له ثناء أشنع
(الخصم) ههنا الجماعة، يقول حضرت خصومة ومنازعة وافتخارًا من لم يقم فيه بحجة ويبر في خصومة تحمل عنه أمر (أشنع)، وهو القبيح الشنع، وأصل الشناعة الوقيعة ومنه قولهم شنع عليه بكذا وكذا إذا رفع به عليه القول، وقوله (قائم ظلفاته)، قال الأصمعي: يقال للرجل إذا قام بالأمر وعني به واشتد فيه قام في ظلفاته، وأصل الظلفات الخشبات التي تلي جنب البعير من الرحل قال الشاعر يصف ناقة:
كأن مواقع الظلفات منها.......مواقع مضرحيات بقار
القار: جمع قارة وهو ما صلب من الأرض وارتفع، ومثل قوله من زل طار له ثناء أشنع قول الشماخ:
ومرتبة لا يستقال بها الردى.......تلافى بها حلمي عن الجهل حاجز
ومثله قول أبي مجيب: من كل شيء تحفظ أخاك حتى يأخذ العصا، أي ترد ما كان من زلـله حتى يقوم خطيبًا، فما تكلم به في خطبته من زلل، فما يمكنك رده لأن الناس يحملونه وإنما قال حتى يأخذ العصا لأنهم كانوا يختصرون في خطبهم بالعصا تكون مع أحدهم، غيره: يقال فلان خصمي وفلانة خصمي والرجال خصمي والنساء خصمي يكون في الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث على حالة واحدة، وقد يثنى فيقال خصمان وخصوم، قال الله جل ذكره: {هذان خصمان}، يقال والله تعالى أعلم إنهما كانا طائفتين وقال: {خصمان بغى بعضنا على بعض} يريد اثنين والله تعالى أعلم.
21: أصدرتهم فيه أقوام درأهم.......عض الثقاف وهم ظمأ جوع
يقول حبستهم عن الطعام والشراب لما هم فيه من الجدال والخصام حتى صدروا عن رأيي و(الدرء): العوج، و(الثقاف) ما تقوم به القنا وتسدد أي تقوم، غيره: أي قومتهم فيه وسددتهم للصواب ورددتهم له كما يقوم عوج الرماح بالثقاف حتى تستوي.
22: فرجعتهم شتى كأن عميدهم.......في المهد يمرث ودعتيه مرضع
(عميدهم): سيدهم الذي يعتمدون عليه، و(يمرث) يمص يقول تركتهم كأن سيدهم صبي (في المهد) يريد أنه أبر عليهم وغلبهم وأنشد لأمية بن أبي الصلت:
أحلام صبيان إذا ما قلدوا.......سخبًا فهم يتعلقون بمضغها
ويروى: فهم يتعللون بمضغها، والسخب جمع سخاب وهي القلادة، غيره: شتى متفرقين قد تحيروا في أمرهم لأن عميدهم وهو الذي يعتمدون عليه إذا تحير فغيره أحرى أن يتحير ويذهب عقله.
23: ولقد علمت بأن قصري حفرة.......غبراء يحملني إليها شرجع
(قصري): آخر أمري و(الشرجع): خشب يشد بعضه إلى بعض كالسرير يحمل عليه الموتى، يقال قصرك أن تفعل كذا وقصارك وقصارك وقصاراك وأنشد:
عش ما بدا لك قصرك الموت.......لا مهرب منه ولا فوت
بينـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا غنى بيت وبهجته.......زال الغنى وتقوض البيت
يقول أنا أعلم أن آخر أمري الموت.
24: فبكى بناتي شجوهن وزوجتي.......والأقربون إلي ثم تصدعوا
(تصدعوا): تفرقوا، و(الشجو): الحزن يقال شجاه الأمر يشجوه شجوًا وأشجاه يشجيه أغصه، يقول بكوا علي ساعة مت ثم تفرقوا لشأنهم ونسوني.
25: وتركت في غبراء يكره وردها.......تسفي على الريح حين أودع
ويروى: (يسفي) علي الترب حين أودع، (غبراء) أرض غبراء فيها قبره وتكون حفرته، و(يكره وردها) أي يكره الناس أن يصيروا إلى مثلها لوحشتها.
26: فإذا مضيت إلى سبيلي فابعثوا.......رجلاً له قلب حديد أصمع
(الأصمع): (الحديد) المجتمع ليس بمنتشر، أي اطلبوا لكم رجلاً على هذه الصفة يقوم لكم مقامي ويقال ينظر إلي وما صرت إليه.
27: إن الحوادث يخترمن وإنما.......عمر الفتى في أهله مستودع
ويروى (إن الحوادث يجترفن)، أي يجترفن الخلق مأخوذ من السيل الجارف.
28: يسعى ويجمع جاهدًا مستهترًا.......جدًا وليس بآكل ما يجمع
وروى أحمد: والمرء يجمع ماله مستهترًا * كدحًا، وقال: مستهترًا مولعًا موكلاً بذلك، كدحًا كدًا، مستهترا ذاهب العقل فيه من حرصه عليه. وهو الولع بالشيء.
29: حتى إذا وافى الحمام لوقته.......ولكل جنبٍ لا محالة مصرع
(الحمام): المنية، (لا محالة) لاحيلة لأحد في دفعها عنه، ويقال ما له محالة ولا حويل ولا حيلة ولا محتال وكله بمعنى واحد.
30: نبذوا إليه بالسلام فلم يجب.......أحدًا وصم عن الدعاء الأسمع
[شرح المفضليات: 294-302]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
27, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir