المقصد العام لرسالة (رسالة في أمراض القلوب وشفائها) لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهالله-هو: ( حياة القلوب وإنارتها بتشخيص أنواع القلوب وأمراضها ، ثم بيان طرائق العلاج وأدويتها ) سناده: قوله في الرسالة (وإنما المقصود هنا ذكر حياة القلوب وإنارتها) .
فيما يلي بعض مقاصد الرسالة العديدة :
1-تشخيص مرض القلب وتعريفه بأنه نوع فساد يحصل له، يفسد به تصوره وإرادته. وقد يفسر المرض تارة بالشك والريب والشهوة. سناده: كما فسر مجاهد وقتادة قوله{في قلوبهم مرض}. وقوله: {فيطمع الذي في قلبه مرض}.
2-بيان أنواع القلوب، سناده: كما في قول علي أو حذيفة -رضي الله عنهما-: " القلوبأربعة. قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف فذاك قلبالكافر، وقلب منكوس فذاك قلب المنافق، وقلب فيه مادتان: مادة تمده الإيمانومادة تمده النفاق فأولئك قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا". اهـ
3-ذكر بعض أمراض القلوب ، ومنها:
- "الحسد" وهو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود وهو نوعان:
أحدهما: كراهة للنعمة عليه مطلقا فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألمويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضا في قلبه.. والنوع الثاني: أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكونمثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة..سناده: قول النبي صلى اللهعليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي اللهعنهما أنه قال: {لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالا وسلطه على هلكته في الحق}هذا لفظ ابن مسعود. ولفظ ابن عمر{رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه في الحق آناء الليل والنهار}رواه البخاري من حديث أبي هريرة ولفظه: {لاحسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه الليل والنهار فسمعهرجل فقال: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا ورجلآتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتيهذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا}.
-"العشق": وهو أصلمحبة النفس لما يضرها وهو من الأمراض التي تفسد دين صاحبها وعرضه ثم قد تفسد عقله ثم جسمه. كالمريض البدن الذي يشتهي ما يضره وإذا لم يطعم ذلكتألم وإن أطعم ذلك قوي به المرض وزاد. كذلك العاشق يضره اتصاله بالمعشوقمشاهدة وملامسة وسماعا بل ويضره التفكر فيه والتخيل له وهو يشتهي ذلك فإنمنع من مشتهاه تألم وتعذب وإن أعطي مشتهاه قوي مرضه وكان سببا لزيادةالألم. سناده: ما ورد في الحديث: {أن الله يحمي عبده المؤمن الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه الطعام والشراب}.وفي مناجاة موسى المأثورة عن وهب التي رواها الإمام أحمد في (كتاب الزهد " {يقول الله تعالى: إني لأذود أوليائي عن نعيم الدنيا ورخائها كما يذودالراعي الشفيق إبله عن مراتع الهلكة. وإني لأجنبهم سكونها وعيشها كما يجنبالراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة وما ذلك لهوانهم علي ولكن ليستكملوانصيبهم من كرامتي سالما موفرا لم تكلمه الدنيا ولم يطفئه الهوى}.
4-بيان طرق علاج و أدواء "أمراض القلوب" وحاصلها:
-التقوى مع الصبر على طاعة الله وعن معصيته. سناده: قوله تعالى{إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}.
-خشية الله تعالى وخوفه. سناده:{وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. فإن الجنة هي المأوى}.
-تغذية القلب بالعلم النافع والعمل الصالح. سناده: كما في حديث ابن مسعود مرفوعا وموقوفا {إن كل آدب يحب أن تؤتى مأدبته وأن مأدبة الله هي القرآن}.
5-وختم الشيخ رسالته بذكر دواء من أعظم العلاج لأمراض القلوب وهو اتخاذ وردا من " الأذكار " في النهار ووقت النوم. و ملازمة قول " لا حول ولا قوة إلا بالله " فإنها بها تحمل الأثقال وتكابد الأهوال وينال رفيع الأحوال.