دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > لامية العرب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 05:13 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي شرح لامية العرب (2/10) [وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ... بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل]


8- وإنْ مُدَّت الأيدِي إلى الزادِ لمْ أكُنْ = بأعجَلِهِم إذْ أجشعُ القومُ أعْجَلُ
9- وما ذاكَ إلاَّ بَسْطَةٌ عنْ تفضُّلٍ = عليهم وكانَ الأفضلَ المُتَفَضِّلُ
10- وإنِّي كفَانِي فَقْدَ مَنْ ليسَ جازياً = بحُسْنَى ولا في قُرْبِهِ مُتَعَلَّلُ
11- ثلاثةٌ أصحابٌ: فؤادٌ مُشَيَّعٌ = وأبيضُ إِصْلِيتٌ وصفراءُ عَيْطَلُ
12- هَتُوفٌ من المُلْسِ المُتُونِ يَزِينُها = رَصَائِعُ قدْ نِيطَتْ عليها ومِحْمَلُ
13- إذا زالَ عنها السهمُ حَنَّتْ كأنَّها = مُرَزَّأَةٌ عَجْلَى تَرِنُّ وتُعْوِلُ


  #2  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 06:36 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي شرح أبي فيد مؤرج بن عمرو السدوسي


13 - هَتُوفٌ مِن الْمُلْسِ الْمُتُونِ يَزِينُها = رَصَائِعُ قَدْ نِيطَتْ إليها ومِحْمَلُ

ويُرْوَى: نِيطَتْ عليها.
هَتوفٌ: إذا أُنْبِضَ عنها سَمِعْتَ لها صَوْتًا، يَقولُ: هِي مِن عُودٍ أمْلَسَ لم تَكْثُرْ فيها العُقَدُ.
والرَّصائِعُ سُيورٌ تُضْفَرُ وتُحَسَّنُ بها القَوْسُ، والْمِحْمَلُ: العِلاَقَةُ.


14 - إذا زلَّ عنها السهمُ حَنَّتْ كأنها = مُرَزَّأَةٌ عَجْلَى تُرِنُّ وتُعْوِلُ
ويُرْوَى: ثَكْلَى.
زَلَّ عنها: خَرَجَ مِن الرميةِ، وحَنينُها: صوتُ وَتَرِها، والْمُرَزَّأَةُ: الكثيرةُ الرَّزَايَا وهي الْمَصائبُ، تُرِنُّ وتُعْوِلُ – لِمَصائبِها – إِلَيَّ.
والرَّزايَا: جَمْعُ رُزْءٍ وهي الْمَصائِبُ، والرَّنِينُ: البُكاءُ.
وعَجْلَى: سَريعةٌ؛ لأنها وَالِهٌ، والعَويلُ: الصُّراخُ قالَ أبو مُحَمَّدٍ: تُرِنُّ وتَرِنُّ.


  #3  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 09:48 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تفريج الكرب للشيخ: محمد بن القاسم ابن زاكور الفاسي



8- وإنْ مُدَّت الأيدِي إلى الزادِ لمْ أكُنْ = بأعجَلِهِم إذْ أجشعُ القومِ أعْجَلُ

الأجشعُ، بتقديمِ الجيمِ على الشينِ: الأكثرُ جَشَعاً، بالتحريكِ، وهوَ أشدُّ الحِرْصِ وأسَوَءُهُ، وأنْ يأخذَ الإنسانُ نصيبَهُ وعيْنُهُ في نصيبِ غيْرِهِ.
يقولُ: إذا اجتمعَ الناسُ على زَادِهِم، ومدُّوا أيدِيَهُم لتناوُلِهِ، لمْ أكُنْ أنا أكثرَهم عَجَلاً إليهِ بأنْ أَسْبِقَهُم إلى ذلكَ جميعَهُم، أمَّا سَبْقُ بعْضِهِم فقطْ، كما إذا كانَ سبقُ بعضِ الآكلينَ الجميعَ فَتَلاهُ بعْضُهم على الفورِ قبْلَ غيْرِهِ، فإنَّ ذلكَ قدْ لا يكونُ عَيْباً، بلْ رُبَّمَا كانَ منْ مكارمِ الأخلاقِ، لِمَا فيهِ منْ رفعِ الحشمةِ عن السابقِ بما يُنَاسِبُهُ بذلكَ، ولذلكَ نفى عنهُ الأعجلِيَّةَ دونَ مُطْلَقِ العَجَلِ، فإنَّهُ لا يكونُ من الزَّلَلِ، ولا يُعَدُّ صاحِبُهُ مُخْطِئاً، فيُدْعَى على أُمِّهِ بالهَبَلِ.
ويدلُّ لِمَا قلناهُ قولُهُ: إذْ أجشعُ القومِ أعْجَلُ، أيْ: أشدُّ القومِ حِرْصاً على الطعامِ لشِدَّةِ نَهَمِهِ أشدُّهُم عَجَلاً إلى مدِّ اليدِ إلى الزادِ.
ووجهُ الدلالةِ منهُ أنَّهُ عَلَّلَ نفيَ كونِهِ أعجلَ بأنَّ سببَهُ شدَّةُ الجشعِ في الخارجِ، فيستدلُّ بالأعجلِيَّةِ على الجشعِ فيُذَمُّ بذلكَ مِنْ حيثُ إنَّهُ عُنوانٌ على شدَّةِ النَّهَمِ، فالذمُّ في الحقيقةِ إنَّما هوَ بالجشعِ، أمَّا إذا كانَ سببُ العجلةِ ما قُلْنَا فلا ذمَّ، واللَّهُ أعلمُ سُبْحَانَهُ. ثمَّ قالَ:


9- وما ذاكَ إلاَّ بَسْطَةٌ عنْ تفضُّلٍ = عليهم وكانَ الأفضلَ المُتَفَضِّلُ

البسطةُ هنا: السماحةُ والسَّعَةُ في الكرمِ، والتَّفَضُّلُ كالإِفْضَالِ: الإحسانُ، يُقَالُ: أَفْضَلَ علينا وتَفَضَّلَ.
والمعنى: وليسَ انقباضُ يدِي عنْ تناولِ الزادِ قبْلَهُم لعِلَّةٍ سِوَى ( 3/ب) سماحةٍ ناشئةٍ عنْ إحسانٍ إليهم، أوْ سِوَى سَعَةٍ في إحسانٍ إليهم.
فَـ(عَنْ) بمعنى (في) على هذا التقديرِ الأخيرِ، وكانَ المُتَفَضِّلُ، أي: المحسنُ، الأفضلَ بالنَّصْبِ على أنَّهُ خبرُ (كانَ) مُقَدَّماً على اسْمِهَا. وجملةُ (وكانَ الأفضلَ... إلخ) أكَّدَتْ ما أفهَمَتْهُ التي قبْلَها بمعونةِ المقامِ مِنْ كونِ المُتَفَضِّلِ أكثرَ فَضْلاً منْ غيْرِهِ، وهذا يُسَمَّى تَذْيِيلاً، وقدْ تكونُ الجملةُ المُذَيَّلَةُ مُؤَكِّدَةً لمنطوقِ ما قَبْلَهَا، وهيَ على كلِّ حالٍ لا محلَّ لها من الإعرابِ.
ومن الناسِ مَنْ يُسَمِّي مثلَ هذهِ الجملةِ اعتراضاً، وإنْ كانَ في آخرِ الكلامِ؛ بِنَاءً على أنَّهُ عندَهُ لا يختصُّ بأثناءِ الكلامِ الواحدِ، أوْ ما في معناهُ من الكلامَيْنِ المُتَّصِلَيْنِ معنًى، ولا مُشَاحَّةَ في الاصطلاحِ. ونُكْتَةُ هذا التذييلِ أو الاعتراضِ الحثُّ على التفضُّلِ.


10- وإنِّي كفَانِي فَقْدَ مَنْ ليسَ جازياً = بحُسْنَى ولا في قُرْبِهِ مُتَعَلَّلُ

كَفَانِي كذا: أيْ أحسَبَنِي ووجدتُ فيهِ الكفايَةَ. والحُسْنَى: ضدُّ السَّوْأَى، والمُتَعَلَّلُ: موضعُ التعَلُّلِ، أي: التلهِّي والتجزِّي.
يقولُ: لا أُبالي بفقدِ الشخصِ الذي ليسَ مُكافئاً على الفِعلةِ الحسنى وليسَ في قُرْبهِ - أي: القُرْبِ منهُ - ما يتعَلَّلُ بهِ مَنْ قَرُبَ منهُ، أيْ: لا خيرَ فيهِ فتتلَهَّى بهِ نفسُ مَنْ قرُبَ، وتتكلَّفُ الاجتزاءَ بهِ لقِلَّتِهِ، فقدْ كفاني فَقْدَ هذا المذكورِ، أيْ: خوفُ فقْدِهِ.


11- ثلاثةٌ أصحابٌ: فؤادٌ مُشَيَّعٌ = وأبيضُ إِصْلِيتٌ وصفراءُ عَيْطَلُ

ومَنْ لا يُخَافُ فقْدُهُ لأجلِ وجودِ هذهِ الثلاثةِ، يكونُ وجودُهُ مساوياً لعدَمِهِ، منْ أجلِ عدمِ الانتفاعِ بهِ. والفؤادُ المُشَيَّعُ، بضمِّ الميمِ وفتحِ الشينِ المعجمةِ والياءِ المُشدَّدةِ: الشجاعُ الجريءُ، كأنَّهُ شُيِّعَ بغيْرِهِ، أوْ بقُوَّةٍ أودعَها اللَّهُ فيهِ. والأبيضُ الإِصْلِيتُ بكسرِ الهمزةِ: السيفُ الصَّقِيلُ الماضي، وفي معناهُ: الصَّلْتُ والمُنْصَلِتُ. والصفراءُ العَيْطَلُ، بالعينِ المهملةِ: القوسُ الطويلةُ.
فـ(فُؤَادٌ) وما عُطِفَ عليهِ تفصيلٌ لإجمالِ (ثلاثةُ أصحابٍ): فؤادٌ قويٌّ، وسيفٌ صقيلٌ ماضٍ، وقوسٌ صفراءُ طويلةٌ، ولعلَّهَا أجودُ القِسِيِّ عُوداً وأبعَدَهَا مرْمًى.
ثمَّ وصفَ القوسَ بما يدلُّ على جودَتِهَا فقالَ:


12- هَتُوفٌ من المُلْسِ المُتُونِ يَزِينُها = رَصَائِعُ قدْ نِيطَتْ عليها ومِحْمَلُ
13- إذا زالَ عنها السهمُ حَنَّتْ كأنَّها = مُرَزَّأَةٌ عَجْلَى تَرِنُّ وتُعْوِلُ

الهَتوفُ من القِسِيِّ: المُصَوِّتَةُ بكثرةٍ، ومِثْلُهُ الهَتَّافَةُ والهَتَفَى كالجَمَزَى في التحريكةِ. والمُتُونُ: الظهورُ، واحدُها مَتْنٌ. والرَّصَائِعُ جمعُ رصِيعَةٍ، وهيَ: كلُّ حلقةٍ مستديرةٍ، فلَعَلَّ القِسِيَّ العرَبِيَّةَ كانتْ تُزَيَّنُ بالحَلَقِ المستديرةِ.
ومن الناسِ مَنْ فسَّرَ الرصائعَ هنا بسُيورٍ مضفورةٍ، وليسَ ذلكَ في القاموسِ، ولا خيرَ فيما لا يوجدُ فيهِ إنْ شاءَ اللَّهُ. والمِحْمَلُ: العِلاقَةُ.
وحنينُ القَوْسِ: تَصْوِيَتُها. والمُرَزَّأَةُ: الكثيرةُ الرَّزَايَا، أي: المصائبِ، والرنينُ: التصويتُ، رنَّت القوسُ تَرِنُّ. وعَجْلَى صفةُ مُرَزَّأَةٍ، فهيَ بمعنى عَجُولٍ بفتحِ العينِ، وهيَ: الوَالِهُ من النساءِ لفَقْدِ وَلَدِهَا، والإِعْوَالُ رفعُ الصوتِ بالبُكَاءِ، وجملةُ تَرِنُّ في موضعِ نصبٍ على الحالِ منْ (مُرَزَّأَةٍ).
والمعنى: أشْبَهَت القوسُ بتصْوِيَتِهَا عندَ مفارقةِ السهمِ لها امرأةً كثُرَتْ أرْزَاؤُهَا، والِهاً، في حالِ كوْنِهَا تُرِنُّ وترفعُ صوْتَها بالبكاءِ.


  #4  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 09:50 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي أعجب العجب لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


وإنْ مُدَّتِ الأَيْدِي إلى الزادِ لم أَكُنْ = بأَعْجَلِهِم إذْ أَجْشَعُ القومِ أَعْجَلُ

الْجَشَعُ أشَدُّ الْحِرْصِ، والماضِي جَشِعَ بكسْرِ الشينِ، ويَجْشِعُ كذلك، ورَجُلٌ جَشِعٌ وقومٌ جَشِعونَ, وهذا مِن جِنْسِ قولِ حاتمٍ:

أَكُفُّ يَدِي مِن أنْ تَنالَ أَكُفَّهُمْ = إذا نحن أَهْوَيْنَا وحاجَاتُنا مَعَا
إنْ حَرْفُ شَرْطٍ، وهي أُمُّ أَدواتِ الشرْطِ؛ لأنها حرْفٌ وغيرُها مِن أدواتِه اسمٌ، والأصْلُ في إفادةِ المعاني الحروفُ، كهمزةِ الاستفهامِ والنفْيِ والاستثناءِ وغيرِ ذلك.
وحرْفُ الشرْطِ إذا دَخَلَ على "لم" أَقَرَّ معنى الاستقبالِ؛ لأن الشرْطَ لا معنى له إلاَّ في المستقبَلِ، و"لم" إذا دَخَلَتْ على الفعْلِ المستقْبَلِ رَدَّتْ مَعناهُ إلى الْمُضِيِّ، كقولِك: لم أَقُمْ، والماضي هنا لا مَعْنَى له في جوابِ الشرْطِ، فتَقَرَّرَ أنَّ "لم" لها مَعنيانِ: النفيُ ورَدُّ المضارِعِ إلى الماضِي، وَرَدُّ المضارِعِ هنا إلى الماضي مُمْتَنِعٌ؛ لوجودِ "إن" الشرطيَّةِ، فأَبْطَلَتْ أَحَدَ مَعْنَيَيْ "لم" وهو رَدُّ المضارِعِ إلى الْمُضِيِّ، وبَقِيَ المعنى الآخَرُ وهو النَّفْيُ.
ويَدُلُّكَ على هذا، أنَّ لم إذا وَلِيَتْ حرْفَ الشرْطِ قَرَّرَتْ معنى الاستقبالِ، فكذلك في جوابِ الشرْطِ، لِمَا بينَ الشرْطِ وجوابِه مِن التعلُّقِ، وأيضاً "لم" هنا بمعنى لا, و"لا" تَقَعُ في جَوابِ الشرْطِ، ومعنى الاستقبالِ باقٍ, وأيضاً فإنَّ الشرْطَ والجوابَ هنا لحكايةِ الحالِ، ولا يُرادُ به الاستقبالُ في المعنى. فلذلك وَقَعَتْ "لم" في جَوابِ الشرْطِ، وإنما عَمِلَتْ "إن" الشرطيَّةُ؛ لأنها اقتَضَتْ فِعلينِ، كلُّ فعْلٍ يَلزَمُ فاعلَه، فصارَ الكلامُ جُملتينِ، ولا يَتِمُّ بدونِهما، فإنْ الشرطيَّةُ لفَّتِ الجملتينِ فصَيَّرَتْهُما كالجملةِ الواحدةِ.
وذا طُولٌ يُناسبُه التخفيفُ والحذْفُ، ولا تَخفيفَ أقَلُّ مِن حذْفِ الحركةِ؛ لأنه سكونٌ فلهذا كان عمَلُها الْجَزْمَ، والأصْلُ في أَكُنْ أكونُ، فالمحذوفُ بـ "لم" حركةُ النونِ فلما سُكِّنَتْ، وكانت الواوُ ساكنةً حُذِفَتِ الواوُ لالتقاءِ الساكنينِ، وكانَتْ أَوْلَى بالحذْفِ، لكونِها مِن حُروفِ العلَّةِ، والباءُ في بأَعْجَلِهِم للتوكيدِ زائدةٌ، غيرُ متَعَلِّقَةٍ بشيءٍ، وهو نَظيرُ اللامِ في خَبَرِ إنَّ، وإنما زِيدَتِ الباءُ دونَ غيرِها لأنها للإلصاقِ، ومُلاصَقَةُ الشيءِ بالشيءِ، تَدُلُّ على تأكيدِ العَلَقَةِ بينَهما، وهذه الباءُ لا تَتعلَّقُ بشيءٍ؛ لأنها لم تَأتِ بالتعْدِيَةِ، فهي كباءِ خبرِ ليس، وإذ ظَرْفُ زمانٍ، العامِلُ فيها أعْجَلُهم أيْ لم أكُنْ عَجِلاً في وَقْتِ مَدِّ الأَيْدِي, وهذا حِكايةٌ عن حالِه الواقعةِ لا أنه يُخْبِرُ أنَّ هذا يُوجَدُ فيما يَأتِي، وهو مؤَكِّدٌ لِمَا قِيلَ مِن الوجهِ الثالثِ مِن الكلامِ على لم؛ لأنه لو أَرادَ حقيقةَ الاستقبالِ لأتى بإذا دُونَ إذ. وأَجْشَعُ مُبتدأٌ وخبرُه أَعْجَلُ، ومَوْضِعُ هذه الجملةِ جَرٌّ بالإضافةِ إلى إذ، والتقديرُ لم أَكُنْ بأَعْجَلِهم وقتَ عَجَلَةٍ.

وما ذاك إلاَّ بَسْطَةً عن تَفَضُّلٍ = عليهم وكانَ الأفضَلَ المتفَضِّلُ

البَسطةُ السَّعَةُ. والتفَضُّلُ الإحسانُ، والأفضَلُ الذي يَفْضُلُ غيرَه والمتفَضِّلُ الذي يَدَّعِي الفضْلَ على أَقرانِه.
والمعنَى فَحواهُ أنَّ ما ذَكَرَ مِن أخلاقِه وأحوالِه التي شَرَحَها لم يكنْ يَمنَعُنِي مِن الإتيانِ بضِدِّها إلا السَّعَةُ والإفضالُ على الغيرِ لأني مَصروفٌ عنه مِن جِهةٍ أُخرى.
وما هنا نَافيةٌ، وأهْلُ الحجازِ وإنْ أَعْمَلُوها لضرْبٍ مِن الشبَهِ بينَها وبينَ ليس، إلا أنهم اشتَرَطوا لعَمَلِها شَرطينِ: أحدُهما أنْ يَستمِرَّ الاسمُ بعدَها والخبرُ بعدَه، والآخَرُ ألاَّ يُبْطَلَ النفيُ، فإنْ وُجِدَ شيءٌ مِن ذلك فقد اتَّفَقَتِ اللغتانِ على إلغائِها، وكانَ الاسمانِ بعدَها مُبتدأً وخبراً، كقولِك: ما قائمٌ زيدٌ وما زيدٌ, إلا قائمٌ، والعِلَّةُ في ذلك أنَّ الأصْلَ في "ما" ألاَّ تَعملَ، وإنما عَمِلَتْ عندَ مَن أَعْمَلَها للشَّبَهِ المتقَدِّمِ، فإذا زالَ زالَ المقتضَى للعمَلِ، فبَطَلَ العمَلُ، وأمَّا تقديمُ الخبرِ فالنفيُ باقٍ معه، غيرَ أنَّ ما حَرْفٌ، فلم تَقْوَ قُوَّةَ ما أَشْبَهَتْ وهو ليس، وقد حُكِيَ عنهم: ما مُسِيئًا مَن أَعْتَبَ، ولغةُ الحجازِيِّينَ فيما يُرَى أفْصَحُ، وهي المقدَّمَةُ لأنَّ التنزيلَ وَرَدَ بها، ولُغةُ التَّمِيمِيِّينَ أَقْيَسُ، لأنها جاريةٌ على أصْلٍ كثيرِ النظائرِ في اللغةِ، وهو تَرْكُ إعمالِ المشتَرَكِ.
قولُه: ذاك، إشارةٌ إلى مجموعِ ما مَدَحَ به نفْسَه، ومَوْضِعُ ذا مُبتدأٌ، وبَسطَة خَبَرُه، ولا مَوْضِعَ للكافِ مِن الإعرابِ وإنما هي حَرْفٌ للخِطابِ، وليستِ اسماً، إذ لو كانَتِ اسْماً، لكانتْ إمَّا مرفوعةً أو منصوبةً، ولا رافعَ ولا ناصبَ، وليست مَجرورةً؛ لأن ذا مُبْهَمٌ، والمبْهَمَاتُ لا تُضافُ، وعن تَفَضُّلٍ مَوْضِعُه نصْبٌ ببَسطةٍ، وعليهم في موضِعِ نصْبٍ بتَفَضُّلٍ، والأفضَلُ خبرُ كانَ, والمتفَضِّلُ اسْمُها.
والمعنى أنَّ المتفَضِّلَ هو الأفضَلُ، لا أنه الذي يَدَّعِي الفضْلَ فقط، بل هو في نفْسِ الأمرِ كذلك.

وإِنِّي كَفانِي فقْدَ مَن ليس جَازِياً = بحُسْنَي ولا في قُرْبِه مُتَعَلَّلُ

التَّعَلُّلُ التَّلَهِّي بالشيءِ يُقالُ: فُلانٌ يَتعلَّلُ بكذا أيْ يَتلَهَّى به ويَجتزئُ, والْمُتَعَلَّلُ هو الشيءُ الذي يُتعلَّلُ به، وإني مُستأْنَفٌ، وكفانِي خَبَرُ إنَّ.
وكَفَى يَتعدَّى إلى مَفعولينِ، الثاني غيرُ الأوَّلِ، والياءُ مِن "ني" هو المفعولُ الأوَّلُ، والنونُ مِن كفاني للوِقايةِ، سُمِّيَتْ ذلك لأنها تَقِي الفعْلَ مِن الكسْرِ، إذا الفعْلُ لا كَسْرَ فيه، وفَقْدَ المفعولُ الثاني.
وهو مَصدرٌ مضافٌ إلى المفعولِ والفاعلُ مُقَدَّرٌ، وتقديرُ الكلامِ: إنْ فَقَدْتُ، وهذا النوعُ مِن الْمَصادِرِ الْمُعْمَلَةِ بغيرِ خِلافٍ، وهو المضافُ. ويَلِي الْمُنَوَّنَ في قُوَّةِ العمَلِ؛ لأنَّ الإضافةَ وإنِ اخْتُصَّتْ بالأسماءِ، غيرَ أنها قد تُوجَدُ مع انتفاءِ التعريفِ، وعندَ التعريفِ بها، فالتعريفُ سارٍ مِن الثانِي إلى الأوَّلِ، بعدَ أنْ مَضَى لفْظُ الأوَّلِ على التنكيرِ، بخِلافِ ما فيه الألِفُ واللامُ، وهو يَعملُ عَمَلَ فعْلِه؛ لأنه أصْلُ الفعْلِ، وفيه حروفُ الفعْلِ, ويكونُ للأزْمِنَةِ الثلاثةِ، الحالِ والاستقبالِ والماضِي، ولِقُوَّةِ هذه المشابَهَةِ عَمِلَ وإنْ لم يَعتمِدْ على شيءٍ، وهذه المشابَهَةُ والعمَلُ لا يَحْصُلُ إلا أنْ يَحْسُنَ تقديرُه بأنْ والفعْلِ، فإنْ لم يَحْسُنْ تقديرُه بهما بَقِيَ على ما كان مِن عدَمِ العملِ؛ لأنه أصْلٌ فيه، و"مَن" يَجُوزُ جَعْلُها بمعنى الذي والصِّلَةُ والعائدُ ليس واسْمُها, ومَوْضِعُ "مَن" جَرٌّ بإضافةِ فَقْدٍ إليه، ويَجوزُ جَعْلُها نَكِرَةً موصوفةً، أيْ (إنسانٌ غيرُ مُجازٍ بالخيرِ) ويكونُ مَوْضِعُ ليس واسْمِها جَرًّا صفةً لِمَن، وفَقْد مضافٌ إلى المفعولِ. والباءُ في بِحُسْنَى تَتعلَّقُ بـ "جَازياً"؛ لأنه اسمُ فاعِلٍ يَعملُ عمَلَ فِعْلِه، لكونِه جارياً على فِعْلِه حركةً وسُكوناً في غالِبِ أحوالِه، فجَازِي مِثْلُ يَجْزِي، ويَضْرِبُ مِثْلُ ضارِبٍ، ولأنَّ لامَ الابتداءِ تَدخُلُ على الفعْلِ واسمِ الفاعلِ، ويَتقدَّمُ على كلٍّ منهما مَعمولُه، ويَجِبُ بوُجوبِ فِعْلِه، ويَجِبُ إذا عَمِلَ أنْ يكونَ بمعنى الحالِ أو الاستقبالِ, إذ الأَصْلُ في الأسماءِ ألا تَعملَ كما أنَّ الأصلَ في الأفعالِ ألا تُعْرَبَ، فالمضارِعُ أُعْرِبَ لشَبَهِه بالاسمِ، فلا يَعملُ مِن أسماءِ الفاعلينَ إلا ما أَشْبَهَ المضارِعَ في إِحدَى صِفَتَيْهِ الحالِ أو الاستقبالِ، وإذا كان للحالِ أو للاستقبالِ لم يَتَعَرَّفْ بالإضافةِ، كقولِه تعالى: {هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} وكقولِ الشاعِرِ:

يا رُبَّ غابِطِنَا لو كان يَطْلُبُكُم = لاقَى مُباعَدَةً منكم وحِرمانًا
فرُبَّ لا يَدخُلُ على مَعرِفَةٍ، وإنما يَعملُ إذا اعتَمَدَ على شيءٍ قبلَه؛ لأنه يَقْوَى بذلك، مِثلُ أنْ يكونَ خبراً، كقولِك: هذا ضاربٌ زيداً. أو وصْفاً مثلَ: هذا رجُلٌ بارعٌ أدَبُه. أو حالاً مثلَ: جاءَ زيدٌ راكباً فرسَاً. أو كان قبلَه حرْفُ استفهامٍ مثلُ: أَضارِبٌ زيدا.ً أو حرْفُ نفيٍ نحوَ: ما ذاهِبٌ أخوكَ.
ومُتَعَلَّلٌ يَجوزُ أنْ يكونَ اسمَ ليس الْمُقَدَّرَةِ أيْ وليس مُتَعَلَّلٌ في قُرْبِه، وفي قُرْبِه خبرُ ليسَ هذه، ويَجوزُ أنْ يكونَ متَعَلَّلٌ مَعطوفاً على اسمِ ليس الْمُتَقَدِّمَةِ، وفي قُرْبِه يَجوزُ أنْ يكونَ صِفةً لِمُتَعَلَّلٍ قُدِّمَ فصارَ حالاً، ويَجوزُ أنْ يَتعلَّقَ بِمُتَعَلَّلٍ، أيْ لا يُتَعَلَّلُ في قُرْبِه.

ثلاثةُ أصحابٍ فُؤادٌ مُشَيَّعٌ = وأَبيضُ إِصليتٌ وصَفراءُ عَيْطَلُ

الْمُشَيَّعُ الشجاعُ الْمِقْدامُ، كأنه في شِيعةٍ، وإِصليتٌ أيْ صَقيلٌ، ويَجوزُ أنْ يكونَ في مَعنى مُصْلَتٍ، ولهذا يُقالُ: سَيفٌ مُصلَتٌ، أيْ مُجَرَّدٌ مِن غِمْدِه، والصفراءُ اسمٌ للقَوْسِ، ذَكَرَه الْجَوْهَرِيُّ، وقالَ غيرُه: قوسٌ مِن نَبْعٍ، والعَيْطَلُ الطويلةُ العُنُقِ، وكذلك هي مِن النُّوقِ والخيلِ.
وإنما ثَبَتَتِ الهاءُ في الْمُذَكَّرِ مِن الثلاثةِ إلى العشرةِ دونَ المؤنَّثِ، واللغةُ تَقتضِي أنْ تَكونَ مع المؤنَّثِ؛ لأنها دالَّةٌ عليه لأنَّ المذكَّرَ الأصلُ، والمؤنَّثَ فرْعٌ عليه, والعدَدُ جماعةٌ والجماعةُ مؤنَّثَةٌ، والأصْلُ إلحاقُها في كلِّ جَماعةٍ، إلا أنهم لَمَّا أَرَادُوا الفَرْقَ بينَ المذكَّرِ والمؤنَّثِ أَلْحَقُوهَا فيما هو الأَصْلُ دونَ الفرْعِ، ولأنَّ المذكَّرَ أخَفُّ مِن المؤنَّثِ، وإلحاقُ العلامةِ زِيادةٌ, فاحْتَمَلَها الأَخَفُّ وهو المذَكَّرُ؛ لأنَّ التأنيثَ ثَقيلٌ، وهو أحَدُ موانِعِ الصرْفِ، وثلاثةُ فاعلُ كفانِي, وإضافةُ أصحابٍ بمعنى مِن، وفؤادٌ وما بعدَه مِن المعطوفاتِ يَجوزُ أنْ يكونَ كلُّ واحدٍ منها خبرَ مبتدأٍ محذوفٍ، وتقديرُ المبتدأِ "أَحَدُها", وكذلك باقِيهَا، وإنْ شِئْتَ جَعَلْتَه وما بعدَه مِن المعطوفاتِ بَدَلاً مِن ثلاثةٍ، وهو بَدَلُ الكلِّ مِن الكلِّ، لأنَّ الفؤادَ وما بعدَه مِن المعطوفاتِ هي جملةُ الثلاثةِ.

هَتُوفٌ مِنَ الْمُلْسِ الْمَتونِ يَزِينُها = رَصائعُ قد نِيطَتْ إليها ومِحْمَلُ

الْهَتَفُ الصوتُ، يقالُ: هَتَفَتِ الحمامةُ، أيْ صَوَّتَتْ وصاحَتْ. وقَوْسٌ هَتَّافَةٌ وهَتْفَى، أيْ ذاتُ صوتٍ، والْمَلاَسَةُ ضِدُّ الْخُشونةِ، أيْ هذه القَوْسُ مَلساءُ لا عَقْدَ فيها ولا خُشونةَ، وتَمْتِينُ القوْسِ صَلابتُها، ومَتُنَ الشيءُ صَلُبَ، والْمَتُونُ الصلْبَةُ ونِيطَتْ عُلِّقَتْ، والْمِحْمَلُ مِثالُ الْمِرْجَلِ: عِلاقةُ السيفِ، وهو السيرُ الذي يُقَلِّدُهُ الْمُتَقَلِّدُ، وقد سُمِّيَ عِرْقُ الشجَرِ بذلك، والرصائعُ ما يُرَصَّعُ به من جَوْهَرٍ وغيرِه. يقالُ: تاجٌ مرَصَّعٌ، وسيفٌ مُرَصَّعٌ، أيْ مُحَلًّى بالرصائعِ، وهي حَلَقٌ يُحَلَّى بها. الواحدةُ رَصيعةٌ. وقيلَ المرادُ بالرصائعِ هنا السُّيُورُ التي يُزَيَّنُ بها القَوْسُ.
هَتُوفٌ يَجوزُ أنْ يكونَ خَبراً لِمُبتدأٍ محذوفٍ، أيْ هي هَتوفٌ، ويَجوزُ أنْ يكونَ نَعتاً لصَفراءَ، ومِن الْمُلْسِ: "مِن" يَقَعُ في الكلامِ على أَوْجُهٍ: ابتداءُ الغايةِ، كقولِك: سِرْتُ مِن دِمشقَ إلى مكةَ، والتبعيضُ كقولِك: شَرِبْتُ مِن الماءِ، وتكونُ للبَدَلِ كقولِه تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَلاَئِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} أيْ بَدَلاً مِنكم. وكذلك قولُه: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} وكقولِ الشاعرِ:

فلَيْتَ لَنا مِن ماءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً = مُبَرَّدَةً باتَتْ على طَهَيَانِ

وتُزادُ في النفيِ، كقولِك: ما جاءني مِن أحَدٍ، وتُكْسَرُ نُونُ مِن في كلِّ مَوْضِعٍ لَقِيَها ساكنٌ، إلا مع لامِ التعريفِ أينَ وُجِدَتْ كهذا البيتِ، ومنه قولُه عزَّ مِن قائلٍ: {وَمِنَ النَّاسِ} {وَمِنَ اللَّيْلِ} {وَمِنَ الْإِبِلِ} إلى غيرِ ذلك، والغرَضُ مِن ذلك تحريكُ الساكنِ تَوَصُّلاً إلى النطْقِ بالساكنِ الآخَرِ، والقياسُ يَقتضِي التحريكَ بأيِّ حركةٍ كانت، وإنما فُتِحَتْ هنا فِراراً مِن تَوَالِي كَسرتينِ فيما يَكْثُرُ استعمالُه كيَاءَيْنِ، والياءانِ إذا تَوَالَتَا تُقْلَبانِ، ولهذا لم تَقَعَا أوَّلَ كلمةٍ أصْلِيَّتَيْنِ فاءً وعيناً، إلا شاذًّا لا يُعْتَدُّ به، مِثلُ يَيْسَرُ والماضِي يَسِرَ، وإحداهما زائدةٌ للمضارَعَةِ، والغرَضُ يَحْصُلُ بالفتْحِ مع خِفَّتِه، فحَرَّكُوهُ بالفتْحِ ليَكْثُرَ في كلامِهم ما كانَ خَفِيفاً، ويَقِلَّ ما كان ثَقيلاً، ولم يُجِيزُوا في نونِ "مِن" معَ الألفِ واللامِ إلاَّ الفتْحَ، إلا شاذًّا، فإنْ دَخَلَتْ على ما أوَّلُه هَمْزَةُ وَصْلٍ، وليس في المصاحَبَةِ لامُ التعريفِ كُسِرَتْ فتقولُ: مِنِ ابْنِكَ بكسْرِ النونِ، وفي الحديثِ: ((وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنِ اسْمِي)) بكَسْرِ نونِ مِن، وهذه الروايةُ هي المحفوظةُ، وهي التي يَنبغِي ألاَّ يُعْدَلَ عنها.
وكُسِرَتْ نونُ عن مع الألِفِ واللامِ، كقولِه تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} و {عَنِ الْيَتَامَى} {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى} إلى نظائِرِه لأنه لم يَتوالَ كَسرتانِ، ولم يُحْفَظْ فتْحُ نونِ مِن مع غيرِ الألفِ إلاَّ نَادِراً، كما جاءَ كسْرُ نونِ مِن مع الألِفِ واللامِ نَادِراً.
ومَوْضِعُ مِن الْمُلْسِ رفْعٌ نَعْتٌ لِهَتوفٍ، أيْ هَتوفٌ مَلساءُ، ويَجوزُ أنْ يكونَ حالاً مِن الضميرِ في هَتوفٍ، والْمَتون جَرٌّ بالإضافةِ والإضافةُ لفْظِيَّةٌ، أي مِن الْمُلْسِ مُتُونُها، إنْ لم يُرِدْ بالْمُتونِ القوَّةَ، ويَزِينُها رَصائعُ جُملةٌ نَعْتٌ لصَفراءَ، ويَجوزُ جَعْلُها حَالاً مِن الضميرِ في الجارِّ والمجرورِ، ويَجوزُ أنْ يكونَ حالاً مِن الضميرِ في الْمُتونِ، ورَصائِعُ غيرُ مُنْصَرِفٍ؛ لأنه جَمْعٌ، والجمْعُ مِن حيثُ هو جَمْعٌ عِلَّةٌ، وكونُه لا نَظيرَ له في الآحادِ عِلَّةٌ أُخرى فيُؤَكِّدُ ذلك معنى الجمْعِ فيه، فقامَ مَقامَ عِلَّةٍ ثانيةٍ، وقد نِيطَتْ في مَوْضِعِ رفْعٍ، صِفةٌ لرصائعَ، أيْ معَلَّقَةٌ عليها، ومِحْمَل معطوفٌ على رَصائعَ.

إذا زَلَّ عنها السهْمُ حَنَّتْ كَأَنَّهَا = مُرَزَّأَةٌ عَجْلَى تَرِنُّ وتُعْوِلُ

زَلَّ السهْمُ خَرَجَ منها. وحَنَّتْ صَوَّتَتْ، وكذلك حَنَّتِ الناقةُ إلى وَلَدِهَا أيْ صَوَّتَتْ في نِزَاعِها إليه، والْمُرَزَّأَةُ التي تَعتادُها الرَّزَايَا.
والمعنى أنَّ هذه القَوْسَ كَثيرةُ التصويتِ، لكثرةِ الرمْيِ عنها، هذا مرادُه إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
وعَجْلَى مُسْرِعَةٌ، وتَرِنُّ تُصَوِّتُ، مأخوذٌ مِن الرَّنَّةِ، وهي الصوتُ، وتُعْوِلُ تَرْفَعُ صوتَها بالبكاءِ، ويُقالُ: ما له مِن القومِ مُعْوِلٌ، والاسمُ العِوَلُ, قالَ تَأَبَّطَ شَرًّا:

لَكِنَّمَا عِوَلِي إنْ كنتُ ذا عِوَلٍ عَلَى = بَصيرٍ بكَسْبِ الحمْدِ سَبَّاقِ

وإذ مَنصوبةٌ على الظَّرْفِ والعاملُ فيها جوابُها, أيْ:
حَنَّتْ وقْتَ خُروجِ السهْمِ عنها، ولا يَعْمَلُ فيها زَلَّ؛ لأنه في مَوْضِعِ جَرٍّ بإضافةِ إذا إليه، ولا يُجازَى بها في الاختيارِ؛ لأنها تُستعمَلُ فيما يَتَحَتَّمُ وُقوعُه، كقولِك: إذا طَلَعَتِ الشمْسُ أَكْرَمْتُكَ، لأنَّ طُلوعَ الشمْسِ لا بُدَّ منه، وبابُ الشرْطِ مُخْتَصٌّ بما يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ وألا يكونَ، وتُقامُ إذا التي للمفاجأةِ مَقامَ الفاءِ في جوابِ الشرْطِ، كقولِهِ تعالى: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} لأنَّ المفاجأةَ تَعقيبٌ، وكأنَّها في مَوْضِعِ نَصْبٍ على الحالِ، مِن الضميرِ في حَنَّتْ، وعَجْلَى صِفةٌ لِمُرَزَّأَةٍ، وكذلك تَرِنُّ وتُعْوِلُ، ويَجوزُ أنْ تكونَ عَجْلَى حالاً مِن الضميرِ في تَرِنُّ، ومَجموعُ البيتِ صفةٌ لصَفراءَ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لامية, شرح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir