دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:01 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الأداء والقضاء والإعادة

وَالْأَدَاءُ فِعْلُ بَعْضٍ، وَقِيلَ كُلُّ مَا دَخَلَ وَقْتُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ، وَالْمُؤَدَّى مَا فُعِلَ، والوقت الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ لَهُ شَرْعًا مُطْلَقًا، وَالْقَضَاءُ فِعْلُ كُلِّ، وَقِيلَ بَعْضِ مَا خَرَجَ وَقْتُ أَدَائِهِ اسْتِدْرَاكًا لِمَا سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى لِلْفِعْلِ مُطْلَقًا، وَالْمَقْضِيُّ الْمَفْعُولُ، وَالْإِعَادَةُ فِعْلُهُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ قِيلَ لِخَلَلٍ وَقِيلَ لِعُذْرٍ، فَالصَّلَاةُ الْمُكَرَّرَةُ مُعَادَةٌ.

  #2  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 03:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي منع الموانع للقاضي: عبد الوهاب السبكي


السابع: ما شرح تعريفكم الأداء والقضاء؟ فإنكم نحوتم فيه نحواً عسر فهمه، ولم نجده في شرحكم للمختصر.
. . .
تعريف الأداء والقضاء:
وأما تعريف الأداء والقضاء، فقد قلنا في (جمع الجوامع) ما نصه: (والأداء فعل بعض، وقيل: كل ما دخل وقته قبل خروجه، والمؤدى: ما فعل، والوقت: الزمان المقدر له شرعاً مطلقاً. والقضاء: فعل كل، وقيل: بعض ما خرج وقت أدائه استدراكاً لما سبق له مقتضى للفعل مطلقاً، والمقضي المفعول انتهى).
وشرحه: أما الأداء، فقولنا: (فعل بعض ما دخل وقته) جنس يدخل فيه فعل بعض ما دخل وقته بعد خروجه، وما دخل ولم يخرج. وقولنا: (قبل خروجه) فصل يخرج فعله بعد خروجه. وإنما قلنا (بعض) لأن الأصح عندنا فيمن فعل بعض العبادة في الوقت وبعضها خارجه أنها تكون أداء كلها. وصححه الرافعي، والنووي، ولكن بشرط كون المأتي به في الوقت ركعة.
ولا يفهم من لفظ (بعض): أنه للتقييد: فيقال: فيلزم أنه إذا فعل الكل لا يكون أداءً لأن من فعل الكل فقد فعل البعض وزاد، إذ فاعل البعض صادق على الصورتين.
وإنما كان يلزم أن لو قلنا: (فعل بعض): بقيد البعضية، وليس الأمر كذلك مع أن كون فعل الكل في الوقت أداء في غاية الوضوح وأولى من كونها أداءً بفعل البعض: ونظير لفظ البعض في كلامنا هنا، قول ابن الحاجب في الإيراد على حد الفقه (وأورد إن كان المراد البعض لم يطرد) فإن مراده بالبعض أعم من الجميع، ولذلك فسرناه في (شرح المختصر) بقولنا: (أي لم يكن المراد الجميع). وأشرنا بقولنا: (وقيل كل) إلى الوجه المقابل له وهو أنها لا تكون أداءً.
ومن قال بعضها أداء، وبعضها قضاء، فقد قال ليست أداءً لأن حديثنا عن العبادة بتمامها.
وقولنا: (كل وبعض) في كلامنا مضافان، وفصلنا بين المضاف إليه وهو ما دخل وقته قبل خروجه، وبين المضاف وهو بعض. بقولنا (وقيل) اختصاراً وهو على حد قولك مررت بغلام إما زيد أو عمرو، إذا تحققت أنه غلام أحدهما وشككت في عينه.
ومثله: (قطع الله يد ورجل من قالها).
وإنما عدلنا عن مثل قول ابن الحاجب وغيره (الأداء ما فعل في وقته المقدر له شرعاً أولاً) لأنك إذا تأملته وجدته مع فساده حداً للعبادة المؤداة لا للأداء؛ لأن (ما) في قولهم (ما فعل) إما موصولة بمعنى الذي أو نكرة موصوفة، والمعنى شيء فعل في وقته إلى آخره، وذلك الشيء الذي فعل هو المؤدى لا الأداء، وفرق بين المصدر واسم المفعول، والكلام في الأول دون الثاني (واللفظ يخص الثاني) دون الأول ونحن عرفنا المصدر بما عرفت، ثم عرفنا اسم المفعول فقلنا: (والمؤدى ما فعل) أي في وقته المقدر له شرعاً، وإنما عرفناه ليستفاد، ولننبه به على مكان الاعتراض، على من عرف الأداء بما لا يصح إلاَّ تعريفاً للمؤدى.
ولذلك قلنا: (ما فعل) ولم نقل: (المفعول)، وإن كان لفظ المفعول أخصر من لفظ ما فعل، لأنا أردنا أن نحكي لفظ ابن الحاجب رحمه الله تعالى أو بعضه ليتيقظ له الذهن.
وإن جاز جعل ما في كلامه مصدرية.
ولذلك لما تكلمنا في القضاء قلنا: (والمقضي المفعول)، ولم نقل (ما فعل) لاستغنائنا بما تقدم في تعريف الأداء.
وقد كان ابن الحاجب رحمه الله إماماً مقدماً في الأصول والفقه، والنحو والتصريف، أمسكته البلاغة زمامها، وألقت إليه الفصاحة مقاليدها، وأعطاه الإيجاز كله، ومن بحر علمه اغترفنا، وبكثير علمه اعترفنا، فلا يظنن أنا أردنا في هذا الكتاب مطاولته، فأين الثريا من يد المتطاول؟! وإنما أردنا الاقتداء به والسير على سننه رحمه الله، ورضي عنه، ما أكثر فائدته وأجزل عائدته.
وأنت إذا تأملت ما شرحنا به الأداء والمؤدى في (هذا الكتاب) عرفت به شرح كلامنا في القضاء والمقضي فلا نطيل، ونحن من رأس القلم نكتب حيث لا كتاب ولا وقت متسع لإرخاء عنان الكلام.

  #3  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 03:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


(وَالْأَدَاءُ فِعْلُ بَعْضٍ وَقِيلَ كُلُّ مَا دَخَلَ وَقْتُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ) وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا وَقَوْلُهُ فِعْلُ بَعْضٍ يُغْنِي عَنْ فِعْلِ الْبَعْضِ الْآخَرِ فِي الْوَقْتِ أَيْضًا صَلَاةً كَانَ أَوْ صَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَفْعُولُ فِيهِ مِنْهَا رَكْعَةً كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَحَلِّهِ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ} وَقَوْلُهُ بَعْضُ بِلَا تَنْوِينٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى مِثْلِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْمَعْطُوفُ حُذِفَ اخْتِصَارًا كَقَوْلِهِمْ نِصْفُ وَرُبْعُ دِرْهَمٍ وَكَذَا قَوْلُهُ كُلٌّ فِي تَعْرِيفِ الْقَضَاءِ (وَالْمُؤَدَّى مَا فُعِلَ) مِنْ كُلِّ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَوْ فِيهِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْوَقْتُ لِمَا فُعِلَ كُلُّهُ فِيهِ أَوْ فِيهِ وَبَعْدَهُ أَدَاءٌ أَيْ لِلْمُؤَدَّى (الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ لَهُ شَرْعًا مُطْلَقًا) أَيْ مُوَسَّعًا كَزَمَانِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَسُنَنِهَا وَالضُّحَى وَالْعِيدِ أَوْ مُضَيَّقًا كَزَمَانِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَأَيَّامِ الْبِيضِ فَمَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ زَمَانٌ فِي الشَّرْعِ كَالنَّفْلِ وَالنَّذْرِ الْمُطْلَقَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ فَوْرِيًّا كَالْإِيمَانِ لَا يُسَمَّى فِعْلُهُ أَدَاءً وَلَا قَضَاءً وَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ ضَرُورِيًّا لِفِعْلِهِ.
(وَالْقَضَاءُ فِعْلُ كُلِّ - وَقِيلَ بَعْضِ - مَا خَرَجَ وَقْتُ أَدَائِهِ) مِنْ الزَّمَانِ الْمَذْكُورِ مَعَ فِعْلِ بَعْضِهِ الْآخَرِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَيْضًا صَلَاةً كَانَ أَوْ صَوْمًا أَوْ قَبْلَهُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ فِيهَا فِيمَنْ زَالَ عُذْرُهُ كَالْجُنُونِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً فَتَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَلَوْ قَالَ وَقْتَهُ كَمَا قَالَ فِي الْأَدَاءِ كَفَى (اسْتِدْرَاكًا) بِذَلِكَ الْفِعْلِ (لِمَا) أَيْ لِشَيْءٍ (سَبَقَ لَهُ مُقْتَضًى لِلْفِعْلِ) أَيْ لِأَنْ يُفْعَلَ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْدُوبَةَ تُقْضَى فِي الْأَظْهَرِ وَيُقَاسُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ الْمَنْدُوبُ فَقَوْلُهُ مُقْتَضِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ وُجُوبٌ: لَكِنْ لَوْ قَالَ لِمَا سَبَقَ لِفِعْلِهِ مُقْتَضِي كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ كَمَا فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ بِلَا عُذْرٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي قَضَاءِ النَّائِمِ الصَّلَاةَ وَالْحَائِضِ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ سَبَقَ مُقْتَضًى لِفِعْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ غَيْرِ النَّائِمِ وَالْحَائِضِ لَا مِنْهُمَا وَإِنْ انْعَقَدَ سَبَبُ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ فِي حَقِّهِمَا لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا أَوْ نَدْبِهِ لَهُمَا وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاسْتِدْرَاكِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَهُ فِي جَمَاعَةٍ مَثَلًا وَلَمَّا أَطْلَقَ الْبَعْضَ فِي تَعْرِيفِ الْأَدَاءِ لِلْعِلْمِ الْمُتَقَدِّمِ اقْتَصَرَ عَلَى الْكُلِّ فِي الْقَضَاءِ فَيُضَمُّ إلَيْهِ مَا خَرَجَ بِالْقَيْدِ مِنْ أَنَّ فِعْلَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ قَضَاءٌ وَلِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ ذِي الرَّكْعَةِ أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إذْ مُعْظَمُ الْبَاقِي كَالتَّكْرِيرِ لَهَا فَجُعِلَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا دُونَهَا. (وَالْمَقْضِيُّ الْمَفْعُولُ) مِنْ كُلِّ الْعِبَادَةِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عَلَى الثَّانِي وَإِنَّمَا عَرَّفَ الْمَصْدَرَ وَالْمَفْعُولَ الْمُسْتَغْنِيَ بِأَحَدِهِمَا قَائِلًا فِي الْمُؤَدَّى مَا فُعِلَ، الَّذِي صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ تَعْرِيفَ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِعَادَةِ قَالَ إشَارَةً إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَيْ الْمُحْوِجِ لِتَصْحِيحِهِ إلَى تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ بِالْمَفْعُولِ وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ شَائِعًا وَعَدَلَ فِي الْمَقْضِيِّ عَمَّا فَعَلَ إلَى الْمَفْعُولِ قَالَ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ مِنْهُ أَيْ بِكَلِمَةٍ إذْ لَامُ التَّعْرِيفِ كَالْجُزْءِ مِنْ مَدْخُولِهَا فَلَا تُعَدُّ فِيهِ كَلِمَةً وَزَادَ مَسْأَلَةَ الْبَعْضِ عَلَى الْأُصُولِيِّينَ فِي تَعْرِيفَيْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ الْوَاصِفِينَ لِذَاتِ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ بِهِمَا وَإِنْ كَانَ وَصْفُهَا بِهِمَا فِي التَّحْقِيقِ الْمَلْحُوظِ لِلْأُصُولِيِّينَ بِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ وَالْعَكْسِ، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ حَقَّقَ فَوَصَفَ مَا فِي الْوَقْتِ مِنْهَا بِالْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ بِالْقَضَاءِ وَلَمْ يُبَالِ بِتَبْعِيضِ الْعِبَادَةِ فِي الْوَصْفِ بِذَلِكَ الَّذِي فَرَّ مِنْهُ غَيْرُهُ وَعَلَى هَذَا وَالْقَضَاءِ يَأْثَمُ الْمُصَلِّي بِالتَّأْخِيرِ وَكَذَا عَلَى الْأَدَاءِ نَظَرًا لِلتَّحْقِيقِ وَقِيلَ لَا نَظَرًا لِلظَّاهِرِ الْمُسْتَنِدِ لِلْحَدِيثِ.
(وَالْإِعَادَةُ فِعْلُهُ) أَيْ الْمُعَادِ أَيْ فِعْلُ الشَّيْءِ ثَانِيًا (فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ) لَهُ (قِيلَ لِخَلَلٍ) فِي فِعْلِهِ أَوْ لَا مِنْ فَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍكَالصَّلَاةِ مَعَ النَّجَاسَةِ أَوْ بِدُونِ الْفَاتِحَةِ سَهْوًا (وَقِيلَ لِعُذْرٍ) مِنْ خَلَلٍ فِي فِعْلِهِ أَوْ لَا أَوْ حُصُولِ فَضِيلَةٍ لَمْ تَكُنْ فِي فِعْلِهِ أَوْ لَا (فَالصَّلَاةُ الْمُكَرَّرَةُ) وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْمَفْعُولَةُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ فِي جَمَاعَةٍ بَعْدَ الِانْفِرَادِ مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ (مُعَادَةٌ) عَلَى الثَّانِي لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْأَوَّلِ لِانْتِفَاءِ الْخَلَلِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِقِيلَ نَظَرًا لِاسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ الْأَوْفَقَ لَهُ الثَّانِيَ وَلَمْ يُرَجِّحْ الثَّانِيَ لِتَرَدُّدِهِ فِي شُمُولِهِ لِأَحَدِ قِسْمَيْ مَا أَطْلَقُوا عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ فِي جَمَاعَةٍ بَعْدَ أُخْرَى الَّذِي هُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الصَّحِيحِ اسْتَوَتْ الْجَمَاعَتَانِ أَمْ زَادَتْ الثَّانِيَةُ بِفَضِيلَةٍ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ أَوْ الْجَمْعِ أَكْثَرَ أَوْ الْمَكَانِ أَشْرَفَ فَقَسَّمَ اسْتِوَاءَهَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ الْمُحْتَمِلِ لِاشْتِمَالِ الثَّانِيَةِ فِيهِ عَلَى فَضِيلَةٍ هِيَ حِكْمَةُ الِاسْتِحْبَابِ وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا، قَدْ يُقَالُ يُعْتَبَرُ احْتِمَالُهُ فَيَتَنَاوَلُهُ التَّعْرِيفُ وَقَدْ يُقَالُ لَا فَلَا وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ الشَّامِلُ حِينَئِذٍ فِعْلُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِ أَدَائِهَا ثَانِيًا لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. أَنَّ الْإِعَادَةَ قِسْمٌ مِنْ الْأَدَاءِ وَهُوَ كَمَا قَالَ مُصْطَلَحُ الْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ إنَّهَا قَسِيمٌ لَهُ كَمَا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ الْعِبَادَةُ إنْ وَقَعَتْ فِي وَقْتِهَا الْمُعَيَّنِ وَلَمْ تُسْبَقْ بِأَدَاءٍ مُخْتَلٍّ فَأَدَاءٌ وَإِلَّا فَإِعَادَةٌ.

  #4  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 03:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


(ص): (وَالأَدَاءُ فِعْلُ بعضٍ ـ وَقِيلَ:=[كُلُّ] ـمَا دَخَلَ وَقْتُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ).
(ش): قَوْلُهُ: فِعْلُ بَعْضٍ مَا دَخَلَ وَقْتُهُ، جِنْسٌ يَدْخُلُ فِيهِ بعضُ مَا دَخَلَ وقتُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ، وَمَا دَخَلَ وَلَمْ يَخْرُجْ.
وَقَوْلُهُ: قَبْلَ خُرُوجِهِ، فَصْلٌ، يُخْرِجُ فِعْلَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ، وهو القضاءُ، وَإِنَّمَا قَالَ: بَعْضٍ لأَنَّ الأَصَّحَ عِنْدَنَا فَيمَنْ فَعَلَ بعضَ العبادةِ في الوقتِ، وبعضُهَا خَارِجَهُ ـ أَنَّهَا تَكُونُ أداءً كُلُّهَا، لَكِنْ بشرطِ أَنْ يَكُونَ المَأْتِيُّ بِهِ فِي الوقتِ رَكْعَةٌ. ولاَ يُفْهَمُ مِنْ لفظِ: بعضٍ، أَنَّهُ للتقييدِ، حَتَّى يَلْزَمَ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَ الكُلَّ لاَ يَكُونُ أَدَاءً؛ لأَنَّ مَنْ فَعَلَ الكُلَّ فَقَدْ فَعَلَ البعضَ وَزَادَ .
إِذَنْ فاعلُ البعضِ صادقٌ على الصورتَينِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُ السؤالُ أَنَّ لَوْ قَالَ: فِعْلُ البعضِ يُفِيدُ البعضيةَ، وليسَ الأمرُ كذلكَ، مَعَ أَنَّ كَوْنَ فِعْلُ الكُلِّ في الوقتِ أداءً في غَايَةِ الوضوحِ، وَأَوْلَى بِكَونِهَا أداءً مِنْ فِعْلِ البعضِ، واعْلَمْ أَنَّ كلامَهُ إِنْ سَلِمَ مِنْ هذه الحيثيةِ، فهو خارجٌ عَنْ صناعةِ الحدودِ، فَإِنَّ المفعولَ جميعَهُ في الوقتِ هو المقصودُ، فَجَعْلُهُ مُسْتَفَاداً مِنَ المفهومِ، أَوْ مِنْ أمرٍ خارجٍ عَنِ اللفظِ ـ إجحافٌ لاَ حاجةَ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَطْلَقَ البعضَ، فَشَمَلَ مَا دُونَ رَكْعَةٍ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إَنُّهُ إذا أَتَمَّ، إِنَّمَا هَذَا إِنَّمَا يَأْتِي فِي الصلاةِ، وكلامُهُ في العبادةِ مِنْ حَيْثُ هي، فكيفَ يُعْرَّفُ العَامُّ بالخاصِّ، وَأَشَارَ بقولِهِ: (وَقِيلَ: كُلُّ ) إلى الوجهِ المقابلِ لَهُ وهو أَنَّهَا لاَ تَكُونُ أَدَاءً، وَمَنْ قَالَ: بَعْضُهَا أَدَاءٌ وَبَعْضُهَا قَضَاءٌ، فهو قائلٌ بِأَنَّهَا ليست أَدَاءً، والكلامُ عَنِ العبادةِ بِتَمَامِهَا، وقولُهُ: كُلُّ وبعضُ مضافانِ، وَفَصَلَ بَيْنَ المضافِ إِلَيْهِ، وهو مَا دَخَلَ وَقْتُهُ قَبْلَ خروجِهِ، وَبَيْنَ المضافِ وهو: بَعْضُ ـ بَقَوْلِهِ: وَقِيلَ: اختصاراًَ، وهو على حَدِّ قَوْلِكَ: مَرَرْتُ بِغُلاَمِ إِمَّا زَيْدٍ وَإِمَّا عَمْرٍو، إِذَا تَحَقَّقْتَ أَنَّهُ غُلاَمُ أَحَدِهِمَا وَشَكَكْتَ فِي عَيْنِهِ، ومِثْلُهُ: قَطَعَ اللَّهُ يَدَ وَرِجْلَ مَنْ قَالَهَا، تَقْدِيرُهُ: يَدَ مَنْ قَالَهَا وَرِجْلَ مَنْ قَالَهَا .
قَالَ الفَرَّاءُ: لاَ يَجُوزُ حَذْفَ المضافِ إليهِ فِي مِثْلِ هَذَا إِلاَّ في الْمُصْطَحَبَيْنِ، كاليدِ والرجلِ، والنصفِ والربعِ، وقبلَ وبعدَ، وَأَمَّا نَحْوَ: دَارٍ وغلامٍ فَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ فَيِهَا، لَوْ قُلْتَ: اشْتَرَيْتُ دَارَ وَغُلاَم َزَيْدٍ، لَمْ يَجُزْ.
قُلْتُ: وَمِنَ الْمُصْطَحَبَيْنِ: بعضٌ وكلٌّ في كلامِ المصنفِ. إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَهُنَا أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا القيدَ الذِي زَادَهُ الْمُصَنِّفُ على الْمُخْتَصَرَاتِ الأُصُولِيَّةِ ـ إِنَّمَا هُوَ رَأْيُ الفقهاءِ، دَعَاهُمْ إليهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ)) وَلَعَلَّ الأصوليينَ لاَ يُوَافِقُونَهُمْ على تسميتِهِ أَدَاءً، وعبارتُهُمْ طافحةٌ بِذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُ إِنَّمَا يَتِّمُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مُرَادُ الفقهاءِ بقولِهِمْ ـ في مفعولِ البعضِ ـ إِنَّهُ أُدَاءٌ، مَعَ الْحُكْمِ عَلَى الباقِي بخروجِ الوقتِ، وَإِنَّمَا وُصِفَ بِالأَدَاءِ تَبَعاً، وهو أَحَدُ الاحتمالَيْنِ للشيخِ الإمامِ، وَقَالَ: إِنَّهُ المتبادرُ مِنْ كلامِهِمْ، أَمَّا إِذَا قُلْنَا بالاحتمالِ الثانِي، وهو أَنَّ الكُلَّ فِي الوقتِ، فَلاَ يَصِحُّ الاستدراكُ لأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ شيءٌ خارجَ الوقتِ، وهذا هو الذي يَدُلُّ عليه لفظُ الشافعيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي (الْمُخْتَصَرِ) فَإِذَا طَلَعَتْ الشمسُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي مِنْهَا رَكْعَةً، فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهَا، فمفهومُهُ أَنَّهُ إِذَا صَلَّى ركعةً، لاَ يَخْرُجُ وَقْتُهَا، وَأَنَّ الوقتَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بالنسبةِ إِلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَةً.
الثانِي: أَنَّهُ حَيْثُ لاَحَظَ الاصطلاحَ الفقهيَّ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: مَا دَخَلَ وقتُهُ الأصلِيُّ والتبعيُّ، كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الصلاتَيْنِ تأخيراً، فَإِنَّ الْمُؤَخَّرَةَ تَكُونُ أَدَاءً على الصحيحِ مَعَ أَنَّهُ خَرَجَ وَقْتُهَا الأصليُّ، لَكِنَّ وقتَ الثانيةِ وَقْتٌ لَهَا بالتبعِ، وَحَكَى الإِمَامُ وَجْهاً: أَنَّهَا تَكُونُ مَقْضِيَّةً عَلَى القاعدةِ، وفائدةُ الرخصةِ رَفْعُ الإِثْمِ وَتَجْوِيزُ قَصْرِ الظُّهْرِ.
(ص): (وَالْمُؤَدَّى مَا فُعِلَ).
(ش): لَمَّا فَرَغَ مِنْ تعريفِ الأداءِ الذِي هو مصدرٌ، أَخَذَ فِي تعريفِ الْمُؤَدَى الذِي هُو اسمُ المفعولِ، وَإِنَّمَا عَرَّفَهُ، لِيُسْتَفَادَ وَلِيُنَبِّهَ عَلَى مكانِ الاعتراضِ على مَنْ عَرَّفَ الأَدَاءَ بِمَا لاَ يَصِحُّ إِلاَّ تعريفاً لِلْمُؤَدَّى، وَلِهَذَا قَالَ: مَا فُعِلَ، وَلَمْ يَقُلْ المفعولَ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ المفعولِ أَخْصَرُ مِنْ لفظِ مَا فُعِلَ؛ لأَنَّهُ أَرَادَ حِكَايَةَ لفظِ ابْنِ الحَاجِبِ أَوْ بعضِهِ لِيُتَفَطَّنَ لَهُ؛ لأَنَّ (مَا) فِي قَوْلِهِ: مَا فُعِلَ، نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، أَيْ: شيءٌ فُعِلَ. والأداءُ في الحقيقةِ، فِعْلُ مَا دَخَلَ وَقْتُهُ: وَفَرْقٌ بَيْنَ المصدرِ واسمِ المفعولِ فَإِنْ قُلْتَ: يُخَلِّصُهُ مِنْ هَذَا جَعْلُهَا مصدريةً، قُلْتُ: لاَ يَصِحُّ؛ لأَنَّ (مَا) المصدريةَ حَرْفٌ لاَ يَعُودُ عَلَيْهَا ضَمِيرٌ، وَهُنَا ضميرٌ عَائِدٌ إليها، وهو قَوْلُهُ: في وَقْتِهِ، والضميرُ لاَ يَعُودُ إِلاَّ على الأسماءِ.
(ص): (والوقتُ: الزمانُ الْمُقَدَّرُ لَهُ شَرْعاً مُطْلَقاً).
(ش): هذا أَيْضاًً مِنْ زياداتِ الْمُصَنِّفِ على المختصراتِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفْرِدُوا ضَابِطَ الوقتِ في الأداءِ، وَإِنْ كَانَتْ عبارةُ ابْنِ الحَاجِبِ فِي حَدِّ الأداءِ تَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ وَأَخَذَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كلامِ وَالِدِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: الأحسنُ عِنْدَي فِي تفسيرِهِ: أَنَّهُ الزمانُ المنصوصُ عليه للفعلِ مِنْ جِهَةِ الشرعِ، فَإِنَّ المأمورَ بِهِ تَارَةً يُعَيِّنُ الآمِرُ وَقْتَهُ كالصلواتِ الخمسِ وتوابعِهَا، وصيامِ رمضانَ، وزكاةِ الفطرِ، فَإِنَّ جميعَ ذلكَ قُصِدَ فيه زمانٌ مُعَيَّنٌ، وَتَارَةً يَطُلُبُ الفعلَ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ للزمانِ، وَإِنْ كَانَ الأمرُ يَدُلُّ عَلَى الزمانِ بالالتزامِ، وَمِنْ ضَرُورَةِ الفعلِ وُقُوعُهُ في زمانٍ وَلَكِنْ ليسَ مقصوداً للشارعِ، وَلاَ مأموراً بِهِ قَصْداً، فَالْقِسْمُ الأولُ يُسَمَّى مُؤَقَّتاً، والثانِي يُسَمَّى غَيْرَ مُؤَقَّتٍ فَإِنَّ القصدَ مِنْهُ الفعلَمِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ للزمانِ، والقسمُ الأولُ قُصِدَ فيه الفعلُ والزمانُ إِمَّا لمصلحةٍ اقتضَتْ تَعِيينَ ذَلِكَ الزمانِ، وَإِمَّا تَعَبُّداً مَحْضاً.
والقسمُ الثانِي ليسَ فيه إِلاَّ قَصْدُ الفعلِ، فَلاَ يُوصَفُ فِعْلُهُ بِأَدَاءٍ وَلاَ قَضَاءٍ؛ لأَنَّهُمَا فَرْعَا الوقتِ، وَلاَ وَقْتَ لَهُ، وَمِنْ هذا القسمِ: الإيمانُ والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عَنِ المنكرِ، وَعَنْ هَذَا احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بقولِهِ: شَرْعاً وقولِهِ: مُطْلَقاً. أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مُضَيَّقاً كصومِ رمضانَ، أَوْ مُوَسَّعاً كالصلاةِ، وَقَدْ تَكُونُ العبادةُ مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ لاَ نِهَايَةَ لَهُ كالطوافِ للإفاضةِ.
قُلْتُ: وَقَدْ ظَنَّ الْمُصَنِّفُ وغيرُهُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَحْرِيرَاتِ وَالِدِهِ، وَقَدْ سَبَقَهُ إلى ذلكَ الشيخُ عِزُّ الدِّينِ فِي (أَمَالِيهِ) حَيْثُ قَالَ: الوقتُ على قِسْمَيْنِ: وقتٌ يُسْتَفَادُ مِنَ الصيغةِ الدالةِ على المأمورِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ الشرعِ حَدَّ للعبادةِ ذلكَ الوقتَ أَوْ لَمْ يَحُدَّ، ووقتٌ يَحُدُّهُ الشارعُ للعبادةِ مَعَ قَطْعِ النظرِ عَنْ كَوْنِ اللفظِ اقتضاهُ أَمْ لاَ. والمرادُ بالوقتِ فِي حَدِّ الأَدَاءِ هو الثانِي دُونَ الأولِ، وَبُنِيَ على ذَلِكَ أَنَّا إِذَا قُلْنَا بالقولِ فِي الأوامرِ، فَأَخَذَ المأمورُ لاَ يَكُونُ قضاءً لأَنَّهَا إِنَّمَا خَرَجَتْ عَنِ الوقتِ الذِي دَلَّ عليهِ اللفظُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ أَنْ لَوْ خَرَجَتْ عَنِ وَقْتِهَا المضروبُ لَهَا.
(ص): والقضاءُ فِعْلُ كُلِ ـ وَقِيلَ: بعضِ ـ مَا خَرَجَ وَقْتُ أَدَائِهِ، استدراكاً لِمَا سَبَقَ لَهُ مُقْتَضٍ لِلْفِعْلِ مُطْلَقاً).
(ش): مَا سَبَقَ شرحُهُ فِي الأداءِ يَأْتِي بِعَيْنِهِ في القضاءِ فَنَقُولُ: (فِعْلُ كُلِّ)، جنسٌ يَدْخُلُ فِيهِ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ وَمَا لَمْ يَخْرُجْ، وَاسْتَظْهَرَ بِقَوْلِهِ،ـ وَقِيلَ: الوجهَ الصائرَ إلى أَنَّ الواقعَ فِي بعضِ الوقتِ يكونُ قضاءً، وَقَوْلُهُ: خَرَجَ وقتُ أدائِهِ، يُخْرِجُ الأداءَ وَكَذَا الإعادةَ؛ لأَنَّ وَقْتُهَا وَقْتُ الأداءِ، وَقَدْ يُرَدُّ عَلَى هَذَا القيدِ، مَا لَوْ شَرَعَ فِي الصلاةِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ ثَانِياً، فَإِنَّهُ قضاءٌ كَمَا قَالَهُ القاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ، قَالَ الْمُتَوَلِّي في (التَّتِمَّةِ) وَيَتَصَوَّرُ صَلاَةً تَكُونُ فِي الوقتِ قضاءً بهذه الصورةِ . انْتَهَى .
لَكِنَّ الأصوليُونَ لاَ يُوافِقُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ العادمَ لِلْهَدْي يَصُومُ ثلاثةَ أيامٍ قَبْلَ عَرَفَةَ، وَإِذَا تَأَخَّرَ عَنْ أيامِ التشريقِ صَارَ قضاءً، فَلَوْ فَرَضَ أَنَّهُ أَخَّرَ طوافَ الزيارةِ عَنْ أيامِ التشريقِ، بِنَاءً على أَنَّهُ لاَ آخِرَ لوقتِهِ وَصَامَهَا لاَ يَكُونُ أَدَاءً، وَإِنْ بَقِيَ الطوافُ؛ لأَنَّ تأخيرُهُ عَنْ أَيَّامِ التشريقِ مِمَّا يَبْعُدُ وَيَنْدُرُ، فَلاَ يَقَعُ، مُرَاداً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنِ الإمامِ وَغَيْرِهِ،ـ وَقَدْ تَقَعُ الصلاةُ خارجَ الوقتِ وَتَكُونُ أَدَاءً في قَوْلِ بعضِ أصحابِنَا فيما لَوْ صَلَّى بالاجتهادِ، ثُمَّ بَانَ الوقتُ.
وَقَوْلُهُ: (استدراكاً)، احترازاً عَمَّا فُعِلَ بَعْدَ وقتِ الأداءِ لاَ بقصدِ الاستدراكِ، فَإِنَّهُ لاَ يُسَمَّى قضاءً.
وَقَوْلُهُ: (لِمَا سَبَقَ لَهُ مُقْتَضٍ للفعلِ ) دَخَلَ في تعبيرِهِ بالمقتضِي: الواجبُ، والمندوبُ فَإِنَّ القضاءَ يَدْخُلُ فِيهِمَا، ولهذا قَالَ الفقهاءُ: يَقْضِي الرواتبَ، وهو أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ (الْمِنْهَاجِ) وَ (الْمُخْتَصَرِ) بالوجوبِ.
والحاصلُ أَنَّهُ لاَ يُؤْمَرُ بقضاءِ عبادةٍ إِلاَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ سببُ الأمرِ بِأَدَائِهَا وَمَتَى لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ، لَمْ يُؤْمَرْ بالقضاءِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ القضاءِ تَقَدُّمُ الوجوبِ، بَلْ تقدمُ سَبَبِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الإمامُ وغيرُهُ، فَإِنَّ الحائضَ تَقْضِي مَا حُرِّمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ فِي وَقْتِ الحيضِ، والحرامُ لاَ يَتَّصِفُ بالوجوبِ.
وَقَوْلُهُ: مُطْلَقاً. أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ يَجِبُ أَدَاؤُهُ كَالظُّهْرِ المتروكةِ عَمْداً أَمْ لَمْ يَجِبْ وَأَمْكَنَ كصومِ المسافرِ، أَوِ امْتَنَعَ عَقْلاً كصلاةِ النائمِ، أَوْ شرعاً كصومِ الحائضِ، وَهَذَا مِنَ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا انْعَقَدَ سَبَبُ وجوبِهِ وَلَمْ يَجِبْ لِمَانِعٍ أَوْ فَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ تخفيفاً مِنَ الشارعِ سُمِّيَ تَدَارُكُهُ بَعْدَ الوقتِ قضاءً على وجهِ الحقيقةِ، وهي طريقةُ المتأخرِينَ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ : إِنَّ إِطْلاَقَ اسمِ القضاءِ على هذه الصورةِ يَكُونُ على وجهِ المجازِ، لَكِنْ جَزَمَ بذلكَ فِي الحائضِ والمريضِ الذِي كَانَ يَخْشَى الهَلاَكَ في الصومِ وَتَرَدَّدَ في بَقِيَّةِ الصورِ، ثُمَّ رَجَّحَ كَوْنَهُ مَجَازاً .
قِيلَ: والخلافُ في ذلكَ لَفْظِيٌّ.
قُلْتُ: قَدْ تَظْهَرُ فائدتُهُ في النِّيَّةِ، إِذَا شَرَطْنَا التعرضَ لِنِيَّةِ القضاءِ، قَالَ بَعْضُهُمْ والحقُّ أَنَّ الْحَدَّ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِمْ: خَارِجُ وَقْتِهَا، وَلاَ حَاجَةَ إلى قيدٍ آخَرَ؛ لأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَتَقَدَّمْ سببُهَا لاَ يَكُونُ المفعولُ بَعْدَ الوقتِ تِلْكَ العبادةِ بَلْ غَيْرَهَا،ـ والمقضيُّ المفعولُ مَا سَبَقَ في المُؤَدَّى يَأْتِي بِعَيْنِهِ هُنَا حَتَّى يَعْتَرِضَ عَلَى ابْنِ الحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ: القضاءُ مَا فُعِلَ لتعريفِ الْمَقْضِيِّ لاَ القضاءُ الذِي هو المصدرُ، وَعَبَّرَ هُنَا بالمفعولِ لأَنَّهُ الأحسنُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ هُنَاكَ بِمَا فُعِلَ للتنبيهِ على الاعتراضِ، فَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ تَكْرِيرِ العبارةِ هُنَا.
(ص): (والإعادةُ: فِعْلُهُ فِي وَقْتِ الأَدَاءِ، قِيلَ: لِخَلَلٍ، وَقِيلَ: لِعُذْرٍ. فَالصَّلاَةُ الْمُكَرَّرَةُ مُعَادَةٌ).
(ش): إِنَّمَا قَالَ: (فِعْلُهُ) وَلَمْ يَقُلْ (مَا فُعِلَ) كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ ، لِمَا سَبَقَ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَعْدَ تَعْرِيفِ الإعادةِ، وَالمُعَادُ المَفْعُولُ. كَمَا فَعَلَ فِي الأَدَاءِ والقضاءِ، وَكَأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا سَبَقَ، وَلِمَا سَنَذْكُرُهُ أَنَّ الإعادةَ قِسْمٌ مِنَ الأداءِ .
وَقَوْلُهُ: (فِي وَقْتِ الأَدَاءِ) يُخْرِجُ القضاءَ، والمُرَادُ فِعْلُهُ ثَانِياً لِيُخْرِجَ الأَدَاءَ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: (فِعْلُهُ) أَيْ: فِعْلُ المعادِ .
واعتبارُ الْمُصَنِّفِ الوقتَ في الإعادةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا قِسْمٌ مِنَ الأداءِ لاَ قَسِيمُهُ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الآمِدِيُّ خِلاَفاً لِمَا وَقَعَ فِي عبارةِ (الْمِنْهَاجِ) (وَالتَّحْصِيلِ).
وَفِي اعتبارِ الوقتِ فِيهِمَا اختلافُ عباراتِ الْمُصَنِّفِينَ مِنَ الأُصُولِيِّينَ، وَمُقْتَضَى كلامِ الفقهاءِ أَنَّهَا للأعمِّ مِنْ ذَلِكَ الوقتِ وَبَعْدَهُ إِذَا كَانَ مَسْبُوقاً بِأَدَاءٍ مُخْتَلٍّ كصلاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، والْعَارِي، والمحبوسِ في موضعٍ نجسٍ لاُ يُجَدُ غَيْرَهُ، وَمَنْ عليه نَجَاسَةٌ لاَ يَقْدِرُ عَلَى إِزَالَتِهَا، وَالمَرِيضُ لاَ يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ إلى القِبْلَةِ، وَنَحْوَهُ. مَعَ أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ عَلَى الثانِيَةِ لفظَ الإعادةِ وَإِنْ فُعِلَتْ خارجَ الوقتِ، فَعُلِمَ أَنَّ الإعادةَ لاَ يُشْتَرَطُ فِيهَا الوقوعُ فِي الوقتِ، بَلْ هي عبارةٌ عَنْ فَعِلِ مِثْلِ مَا مَضَى، سَوَاءٌ كَانَ المَاضِي صَحِيحاً أَوْ فَاسِداً، وَعَلَى هذا فَبَيْنَ الإعادةِ والأداءِ عمومٌ وخصوصٌ مِنْ وَجْهٍ، فينفردُ الأداءُ فِي الفعلِ الأولِ وتنفردُ الإعادةِ فِيمَا إِذَا قَضَى صلاةً وَأَفْسَدَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا، وَيَجْتَمِعَانِ فِي الصلاةِ الثانيةِ في الوقتِ .
وَقَوْلُهُ: (قِيلَ لِخَلَلٍ) أَيْ: اخْتَلَفُوا، فَقِيلَ: هِيَ فِعْلُ ذلكَ لِخَلَلٍ واقعٍ فِي الأُولَى، وَبِهِ جَزَمَ فِي (الْمِنْهَاجِ) وَرَجَّحَهُ فِي (الْمُخْتَصَرِ) وَأَرَادَ بِالْخَلَلِ فَوَاتَ الرُّكْنِ أَوِ الشرطِ كَمَا في المسائلِ السابقةِ .
وَ (قِيلَ لِعُذْرٍ) عليه والمرادُ بِهِ مَا تَكُونُ الثانيةُ فِيهِ أَكْمَلُ مِنَ الأُولَى وَإِنْ كَانَتِ الأُولَى صحيحةً، وَبُنِيَ عليه الصلاةُ المُكَرَّرَةُ، فعلى الأولِ لَيْسَتْ مُعَادَةً لانْتِفَاءِ الْخَلَلِ، وعلى الثَّانِي بِخِلاَفِهِ، وَإِنَّمَا أَرْسَلَ الْمُصَنِّفُ الخِلاَفَ بِلاَ تَرْجِيحٍ لأَنَّهُ زَيَّفَ في (شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ) القولَيْنِ بِمَا إِذَا تَسَاوَتِ الجماعتَانِ مِنْ كُلِّ وجهٍ، وَاخْتَارَ لِذَلِكَ أَنَّهَا مَا فُعِلَتْ فِي وَقْتِ الأَدَاءِ ثَانِياً مُطْلَقاً، أَيْ: أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لِخَلَلٍ أَوْ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وهو ممنوعٌ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَدْرِي القبولَ في أَيِّهِمَا، فالاحتياطُ الإعادةُ، كَمَا لَوْ تَرَجَّحَتِ الثانيةُ، وَأَوْرَدَ عليه أَنَّهُ يَنْبَغِي زيادةُ المكررةِ بالجماعَةِ؛ لأَنَّ تِلَكَ الصلاةِ تُسَمَّى مُعَادَةً على القولِ الثانِي، لاَ الأولَ؛ لأَنَّ فضيلةَ الجماعةِ عُذْرٌ بِخِلاَفِ مَا إِذَا كَرَّرَ الصلاةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنَّهَا لاَ تُسَمَّى إِعَادَةً،وَأَجَابَ أَوَّلاً بِأَنَّ المرادَ المكررةُ لعذرٍ لاَ مطلقَ المكررةِ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إِنَّ الإعادةَ مُطْلَقُ فِعْلِهِ فِي وقتِ الأَدَاءِ، بَلْ فِعْلُهُ فِيهِ إِمَّا لِخَلَلٍّ وَإِمَّا لِعُذْرٍ،ـ وثانياً: إِنَّا نَمْنَعُ أَنَّ إِعَادَةَ الصلاةِ إِلاَّ لِعُذْرٍ يُسَمَّى إِعَادَةً.

  #5  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 03:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: والأداء فعل بعض ـ وقيل: كل ما دخل وقته قبل خروجه.
ش: عرف المصنف الأداء بأنه فعل بعض ما دخل وقته قبل خروجه، فقوله: (فعل) جنس، وقوله: (بعض) لم يقصد به إخراج الكل، بل التنبيه على دخوله بطريق الأولى، فإنه إذا كان فعل البعض أداء ففعل الكل أولى، لكن فيه إجمال، لأنه ليس كل بعض تصير العبادة بفعله أداء، وإنما خاص بركعة بناء على الأصح أن من صلى ركعة في الوقت وباقيها خارجه كان الجميع أداء، وهذا ماش على أحد احتمالين للسبكي قال: إنه المتبادر من كلامهم: أن الوقت خرج في حق هذا كغيره، وله احتمال آخر أن الوقت لم يخرج في حقه، بل اتسع له إلى فراغ صلاته، وحينئذ فلم يفعل البعض في الوقت، والبعض خارجه، بل الجميع في الوقت، واستشهد لهذا الاحتمال بمفهوم قول الشافعي في (المختصر): فإذا طلعت الشمس قبل أن يصلي منها ركعة فقد خرج وقتها.
وخرج بقوله: (ما دخل وقته) فعله قبل دخول وقته، وهو باطل إلا فيما جوزه الشرع، كزكاة الفطر، فهو تعجيل، والوقت يتناول الأصل والتابع، وهو وقت العصر والعشاء في جمع التأخير، فالصحيح أن المؤخرة أداء.
وقوله: (قبل خروجه) خرج به فعله بعد خروجه، وهو القضاء، ثم حكى في تعريفه قولاً آخر: أنه فعل كل ما دخل وقته قبل خروجه، وهذا على الوجه الذاهب إلى أن الجميع قضاء، وهذا الذي اعتبره في الأداء من فعل البعض لم يعتبره الأصوليون، والظاهر أنهم لا يسمون فعل البعض ولو كان ركعة أداء، وتبع المصنف في ذلك الفقهاء، وما كان ينبغي ذلك في بيان مصطلح أهل الأصول، ولا يلزم من قوله عليه الصلاة والسلام: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) أن تكون أداء، وغايته أن الشارع جعل حكمه كحكم المدرك على طريق الفضل والامتنان، والتوسيع، وإعطائه حكمه لا أنه مؤد حقيقة، كيف وتأخير الصلاة بحيث يخرج بعضها عن الوقت حرام؟ فكيف يساوي فعل هذا المرتكب للحرام فعل المصيب الموقع لجميع الصلاة في وقتها؟ ولعله عليه الصلاة والسلام إنما ذكر هذا الإدراك بالنسبة إلى إلزام الزائل عذره فعل تلك العبادة لا بالنسبة لجعله مؤدياً، ويدل لذلك أن هذا لم يطرده الفقهاء في الجمعة، بل قالوا بامتناع الجمعة بخروج جزء منها عن الوقت، وإنما يكمل ظهراً، والله أعلم.
وقوله: (بعض وكل) غير منونين للإضافة، فإن أحدهما مضاف إلى قوله: (ما) والآخر إلى نظيره تقديراً، وفعل ذلك المصنف اختصاراً، وهو كقوله: (قطع الله يد ورجل من قالها) وجواز مثله خاص بالمصطحبين، كاليد والرجل، والبعض والكل، ولو اجتنب المصنف مثل هذا في التعريفات لكان أولى، فإنها موضوعة للإيضاح والبيان، وهذا ينافيه.
ص: والمؤدى ما فعل.
ش: أي ما فعل بعضه، وقيل: كله، بعد دخول وقته، وقبل خروجه، وإنما عرف المؤدى مع أنه مفهوم من تعريف الأداء لينبه على التنكيت على ابن الحاجب في تعريفه الأداء، بأنه ما فعل... إلى آخره، فأشار إلى أنه إنما ينبغي أن يصدر بهذا تعريف المؤدى لا الأداء، ولا يجوز جعل (ما) في عبارة ابن الحاجب مصدرية، لإعادته الضمير عليها في قوله: (في وقته) ولأن الضمير إنما يعود على الأسماء، والمصدرية حرف.
ص: والوقت: الزمان المقدر له شرعاً مطلقاً.
ش: هذا تعريف للوقت المذكور في تعريف الأداء، فقوله: (الزمان) جنس، وقوله: (المقدر له شرعاً) أي للفعل، خرج به زمان الفعل المأمور به من غير تعرض للزمان، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الشرع لم يقدر له زماناً، وإن كان الأمر يدل على الزمان بالالتزام، ومن ضرورة الفعل وقوعه في زمان، ولكن ليس مقصوداً للشارع، وقوله: (مطلقاً) أي سواء أكان مضيقاً كصوم رمضان، أو موسعاً كالصلوات الخمس.
قال الشارح: وقد توقت العبادة بوقت لا نهاية له، كطواف الإفاضة.
قلت: هذا مردود، فإن طواف الإفاضة لم يحد له الشرع وقتاً معيناً حتى يقال: إنه موقت، والله أعلم.
ولم يتعرض المصنفون لتعريف الوقت، وإن كانت عبارة ابن الحاجب في حد الأداء تستلزم ذلك.
وأخذ المصنف ذلك من كلام والده حيث قال: الأحسن عندي في تفسيره أنه الزمان المنصوص عليه للفعل من جهة الشرع.
وسبقه إلى ذلك الشيخ عز الدين، فقال في أماليه: الوقت على قسمين: مستفاد من الصيغة الدالة على المأمور، ووقت يحده الشارع للعبادة، والمراد بالوقت في حد الأداء هو الثاني، دون الأول، ويترتب على ذلك أنا إذا قلنا بالفور في الأمر، فأخر المأمور به، لا يكون قضاء، لأنها إنما خرجت عن الوقت الذي دل عليه اللفظ لا الوقت الذي قدره الشرع.
ص: والقضاء فعل كل ـ وقيل بعض ـ ما خرج وقت أدائه استدراكاً لما سبق له مقتض للفعل مطلقا.
ش: عرف المصنف القضاء بأنه فعل كل ما خرج وقت أدائه إلى آخره.
فالفعل جنس، وقولنا: (كل) خرج به البعض، فإنه متى فعل البعض في الوقت كان الجميع أداء، وهذا معترض كما تقدم في تعريف الأداء، فإن ذلك مخصوص في بعض، وهو ركعة.
وخرج بقوله: (ما خرج وقت أدائه) الأداء، وقوله: (استدراكاً لما سبق له مقتض للفعل) احتراز عما فعل بعد وقت الأداء، لا بقصد الاستدراك، فإنه لا يسمى قضاء، ودخل في قوله: (مقتض للفعل) أي طالب له ـ الواجب والمندوب، فكلاهما مطلوب شرعاً، وكلاهما يوصف بالقضاء، وهذا أحسن من تعبير ابن الحاجب والبيضاوي بالوجوب، والحق أنه لا يحتاج إلى هذه الزيادة، فإنه متى لم يسبق مقتض للفعل لا يكون المفعول بعد خروج وقت الأداء تلك العبادة بل غيرها.
وقوله: (مطلقاً) أي سواء أكان أداؤه واجباً كالصلاة المتروكة عمداً، أو لم يجب وأمكن كصوم المسافر، أو امتنع عقلاً كصلاة النائم أو شرعاً كصلاة الحائض.
ثم حكى المصنف في تعريف القضاء قولاً آخر: إنه فعل بعض ما خرج وقت أدائه إلى آخره، لأجل القول الآخر.
وقوله: (كل وبعض) غير منونين للإضافة الملفوظة والمنوية كما تقدم في نظيره.
ص: والمقضي المفعول.
ش: عبر هنا بالمفعول، لأنه أحسن وعبر هناك بما فعل إشارة للاستدراك على ابن الحاجب كما تقدم، فلا حاجة إلى تكريره.
ص: والإعادة فعله في وقت الأداء قيل: لخلل وقيل: لعذر، فالصلاة المكررة معادة.
ش: الإعادة نوع من الأداء، وهي فعله، أي فعل الأداء المعاد في وقت الأداء، ويفهم من هذا التعبير أن المراد فعله ثانياً.
وخرج بقوله: (في وقت الأداء) القضاء، ثم حكى خلافاً في أنه هل يعتبر في الإعادة أن يكون فعل الثانية لخلل واقع في الأولى، وهو أن يختل فيها ركن أو شرط أو لعذر، وإن لم تكن مختلة، والمراد به أن تكون الثانية أكمل من الأولى، وإن كانت الأولى صحيحة، وبنى عليهما الصلاة المكررة فهي على الثاني معادة، وعلى الأول ليست معادة، إذ لا خلل في الأولى، وجزم البيضاوي بالأول، ورجحه ابن الحاجب.
وقال السبكي: إن كلام الأصوليين يقتضي الأول، والأقرب إلى إطلاقات الفقهاء الثاني، واللغة تساعد على ذلك، فليكن هو المعتمد، انتهى.
ولم يرجح المصنف واحداً من القولين: لأنه زيفهما في (شرح المختصر) بما إذا تساوت الجماعتان من كل وجه، ثم اختار أنها ما فعل في وقت الأداء ثانياً مطلقًا، أي أعم من أن يكون لخلل أو عذر أو غيرهما.
قال الشارح: وهو ممنوع، لأنه لا يدرى القبول في أيتهما، فالاحتياط الإعادة، كما لو ترجحت الثانية، وقد أشار إليه احتمالاً.
قلت: فيكون العذر لازماً للإعادة، لو لم يكن إلا احتمال عدم القبول، والله أعلم.
وما ذكرناه من أن الإعادة قسم من الأداء، وهو ما صرح به الآمدي وغيره.
وقال السبكي: إنه مقتضى إطلاق الفقهاء، ومقتضى كلام الأصوليين، القاضي أبي بكر في (التقريب)، و(الإرشاد) والغزالي في (المستصفى) والإمام في (المحصول)، ولكن الإمام لما أطلق ذلك ثم قال: إنه إن فعل ثانياً بعد خلل سمي إعادة، ظن صاحبا (الحاصل) و(التحصيل) أن هذا مخصص للإطلاق المتقدم فقيداه، وتبعهما البيضاوي، فجعلوا الإعادة قسيمة للأداء، واعتبروا في حق الأداء ألا يسبق بأداء مختل.
قال: وليس لهم مساعدة من إطلاق الفقهاء، ولا من كلام الأصوليين، فالصواب: أن الأداء اسم لما وقع في الوقت مطلقاً مسبوقاً كان أو سابقاً، أو منفرداً، انتهى.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأداء, والقضاء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:13 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir