دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الوقف

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 جمادى الأولى 1431هـ/19-04-2010م, 09:28 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الوقف الذُّرِّي

وإن وَقَفَ على وَلَدِه أو وَلَدِ غيرِه ثم على المساكينِ فهو لوَلَدِه الذكورِ والإناثِ بالسوِيَّةِ , ثم وَلَدَ بُنَيَّةٍ دونَ بناتِه، كما لو قالَ على وَلَدِ وَلَدِه وذُرِّيَّتِه لصُلْبِه، ولو قالَ على بَنِيهِ أو بَنِي فُلانٍ اخْتُصَّ بذُكورِهم إلا أن يكونوا قَبيلةً فيَدخلُ فيه النساءُ دونَ أولادِهنَّ من غيرِهم، والقَرابةُ وأَهلُ بيتِه وقَوْمِه يَشْمَلُ الذَّكَرَ والأُنثَى من أولادِه وأولادِ أبيه وجَدِّه وجَدِّ أبيهِ، وإن وُجِدَتْ قَرينةٌ تَقتَضِي إرادةَ الإناثِ أو حِرْمَانَهُنَّ عُمِلَ بها، وإن وَقَفَ على جماعةٍ يُمكِنُ حَصْرُهم وَجَبَ تعميمُهم والتساوي وإلا جازَ التفضيلُ والاقتصارُ على أَحَدِهم.


  #2  
قديم 27 جمادى الأولى 1431هـ/10-05-2010م, 12:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..............................

  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1431هـ/10-05-2010م, 12:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وإنْ وَقَفَ على ولدِهِ) أو أولادِهِ (أو ولدِ غَيْرِه،ثمَّ على المساكينِ، فهو لِوَلَدِهِ) الموجودِ حينَ الوقفِ، (الذكورِ والإنَاثِ) والخَنَاثَى؛لأنَّ اللفظَ يَشْمَلُهم (بالسَّوِيَّةِ)؛لأنَّه شَرَّكَ بينَهم،وإطلاقُها يَقْتَضِي التسوِيَةَ؛ كما لو أَقَرَّ لهم بشيءٍ. ولا يدخُلُ فيهم الولدُ المَنْفِيُّ باللِّعَانِ؛ لأنَّه لا يُسَمَّى وَلَدَه،(ثم) بعدَ أولادِه لـ َلَدِ بَنِيهِ)،وإنِ سَفَلُوا؛لأنَّه وَلَدُه،ويَسْتَحِقُّونَه مُرَتَّباً،وُجِدُوا حِينَ الوَقْفِ أو لا،ُونَ) ولدِ َنَاتِه)،فلا يَدْخُلُ ولدُ البناتِ في الوقفِ على الأولادِ إلاَّ بنصٍّ أو قرينةٍ؛ لِعَدَمِ دُخُولِهِم في قَوْلِهِ تعالَى: ُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}،(كما لو قالَ: على وَلَدِ وَلَدِهِ وذُرِّيَّتِهِ لِصُلْبِهِ) أو عَقِبِه أو نَسْلِهِ،فيَدْخُلُ وَلَدُ البَنِينَ؛وُجِدُوا حالةَ الوقفِ أولا، دُونَ ولدِ البناتِ، إلاَّ بِنَصٍّ أو قرينةٍ،والعطفُ بِثُمَّ للترتيبِ، فلا يَسْتَحِقُّ البَطْنُ الثانِي شيئاً حتَّى يَنْقَرِضَ الأوَّلُ، إلاَّ أنْ يقولَ: مَن مَاتَ عن ولدٍ فنَصِيبُه لِوَلَدِهِ.والعطفُ بالواوِ للتَّشْرِيكِ، (ولو قالَ: على بَنِيهِ أو بني فُلانٍ. اخْتَصَّ بِذَكَرِهِم)؛ لأنَّ لفظَ البنينَ وُضِعَ لذلك حقيقةً، قالَ تعالَى: َمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ}،(إلاَّأنْ يَكُونُوا قبيلةً) كبَنِي هاشمٍ وتَمِيمٍ وقُضَاعَةَ،(فيَدْخُلُ فيه النساءُلأنَّ اسمَ القبيلةِ يَشْمَلُ ذَكَرَها وأُنْثَاها،(دونَ أولادِهِنَّ مِن غَيرِهِم)؛لأنَّهم لا يَنْتَسِبُونَ إلى القبيلةِ الموقوفِ عليها،(والقَرَابَةِ) إذا وَقَفَ على قَرابةِ زيدٍ (وأهلِ بيتِه وقومِه) ونسائِه، َشْمَلُ الذَّكَرَ والأُنْثَى مِن أولادِه و) أولادِ (أَبِيهِ و) أولادِ َدِّهِ و) أولادِ َدِّ أبيه) فقطْ؛لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُجَاوِزْ بني هاشمٍ بِسَهْمِ ذوي القُرْبَى،ولم يُعْطِ قَرابَةَ أُمِّهِ،وهم بنو زُهْرَةَ شيئاً،ويَسْتَوِي فيه الذكرُ والأُنْثَى،والكبيرُ والصغيرُ، والقريبُ والبعيدُ، والغنِيُّ والفقيرُ؛لِشُمُولِ اللفظِ لهم،ولا يَدْخُلُ فيهم مَن يُخَالِفُ دِينَه.وإنْ وَقَفَ على ذَوِي رَحِمِهِ، شَمِلَ كلَّ قرابةٍ له مِن جِهَةِ الآباءِ والأمَّهاتِ والأولادِ؛ لأنَّ الرحمَ يَشْمَلُهُم،والموالِيَ يَتَنَاوَلُ المولَى مِن فوقُ وأسفلُ، (وإنْ وُجِدَتْ قرينةٌ تَقْتَضِي إرادةَ الإناثِ أو) تَقْتَضِي ِرْمَانَهُنَّ، عُمِلَ بها)؛أي: بالقرينةِ؛ لأنَّ دَلاَلَتَها كدَلالةِ اللفظِ.
(وإذا وَقَفَ على جماعةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهم)؛كأولادِهِ أو أولادِ زيدٍ، ولَيْسُوا قبيلةً، َجَبَ تَعْمِيمُهم والتساوِي) بينَهم؛لأنَّ اللفظَ يَقْتَضِي ذلك،وقد أَمْكَنَ الوفاءُ به،فوَجَبَ العملُ بمُقْتَضَاهُ،فإنْ كانَ الوقفُ على ابتدائِهِ على مَن يُمْكِنُ استيعابُه، فصارَ مِمَّا لا يُمْكِنُ استيعابُه؛كوَقْفِ عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَجَبَ تعميمُ مَن أَمْكَنَ مِنهم والتساوي بينَهم،(وإلاَّ) يُمْكِنْ حَصْرُهم واستيعابُهم؛كبَنِي هاشمٍ وتَمِيمٍ،لم يَجِبْ تَعْمِيمُهم؛لأنَّه غيرُ ممكنٍ، و (جازَ التفضيلُ) لِبَعْضِهم على بعضٍ؛ لأنَّه إذا جازَ حِرْمَانُه، جازَ تفضيلُ غيرِهِ عليه،(والاقتصارُ على أحدِهم)؛لأنَّ مقصودَ الواقفِ بِرُّ ذلك الجنسِ، وذلك يَحْصُلُ بالدفعِ إلى واحدٍ مِنهم.وإنْ وَقَفَ مدرسةً أو رِبَاطاً ونحوَهما على طائفةٍ، اخْتَصَّتْ بهم،وإنْ عَيَّنَ إماماً أو نحوَه، تَعَيَّنَ.والوصيَّةُ في ذلك كالوقفِ.


  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1431هـ/10-05-2010م, 12:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وإن وقف على ولده) أو أولاده (أو ولد غيره ثم على المساكين فهو لولده) الموجود حين الوقف (الذكور والإناث) والخناثى، لأن اللفظ يشملهم (بالسوية) لأنه شرك بينهم وإطلاقها يقتضي التسوية، كما لو أقر لهم بشيء ولا يدخل فيهم الولد المنفي باللعان، لأنه لا يسمى ولده (ثم) بعد أولاده لـ(ـولد بنيه) وإن سفلوا، لأنه ولده ويستحقونه مرتبًا وجدوا حين الوقف أو لا .
(دون) ولد (بناته)فلا يدخل ولد البنات في الوقف على الأولاد إلا بنص أو قرينة لعدم دخولهم في قوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ} (كما لو قال: على ولد ولده، وذريته لصلبه)أو عقبه أو نسله، فيدخل ولد البنين، وجدوا حالة الوقف أو لا .
دون ولد البنات إلا بنص أو قرينة والعطـف بـثم للترتيب .
فلا يستحق البطن الثاني شيئًا حتى ينقرض الأول إلا أن يقول: من مات عن ولد فنصيبه لولده والعطف بالواو للتشريك(ولو قال: على بنيه، أو: بني فلان. اختص بذكورهم).
لأن لفظ البنين وضع لذلك حقيقة قال تعالى{أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} (إلا أن يكونوا قبيلة) كبني هاشم، وتميم، وقضاعة(فيدخل فيه النساء)لأن اسم القبيلة يشمل ذكرها وأُنثاها (دون أولادهن من غيرهم)لأنهم لا ينتسبون إلى القبيلة الموقوف عليها.
(والقرابة) إذا وقف على قرابته أو قرابة زيد (وأهل بيته، وقومه). ونسباؤه (يشمل الذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه و) أولاد (جده و) أولاد (جد أبيه) فقط لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجاوز بني هاشم بسهم ذوي القربى ولم يعط قرابة أمه وهم بنو زهرة شيئًا ويستوي فيه الذكر والأنثى، والكبير والصغير، والقريب والبعيد، والغني والفقير لشمول اللفظ لهم ولا يدخل فيهم من يخالف دينه .
وإن وقف على ذوي رحمه شمل كل قرابة له من جهة الآباء، والأمهات، والأولاد لأن الرحم يشملهم والموالي يتناول المولى من فوق وأسفل (وإن وجدت قرينة تقتضي إرادة الإناث أو) تقتضي (حرمانهن عمل بها) أي بالقرينة لأن دلالتها كدلالة اللفظ .
(وإذا وقف على جماعة يمكن حصرهم)كأولاده، أو أولاد زيد وليسوا قبيلة(وجب تعميمهم والتساوي) بينهم لأن اللفظ يقتضي ذلك، وقد أمكن الوفاء به، فوجب العمل بمقتضاه فإن كان الوقف في ابتدائه على من يمكن استيعابه فصار ممن لا يمكن استيعابه كوقف علي رضي الله عنه وجب تعميم من أمكن منهم، والتسوية بينهم (وإلا) يمكن حصرهم واستيعابهم، كبني هاشم وتميم .
لم يجب تعميمهم لأنه غير ممكن و(جاز التفضيل) لبعضهم على بعض لأنه إذا جاز حرمانه جاز تفضيل غيره عليه (والاقتصار على أحدهم) لأن مقصود الواقف بر ذلك الجنس وذلك يحصل بالدفع إلى واحد منهم وإن وقف مدرسة أو رباطا ونحوهما على طائفة اختصت بهم
وإن عين إماما ونحوه تعين والوصية في ذلك كالوقف.



([1]) ففي المصباح: "الوَلَد" بفتحتين كل ما ولده شيء، ويطلق على الذكر والأنثى والمثنى والمجموع، فعل بمعنى مفعول، وهو مذكر وجمعه أولاد. اهـ. ويأتي بيانهم واستحقاقهم (*).
([2]) قال الوزير: اتفقوا على أنه إذا أوصى لولد فلان، كان للذكور والإناث من ولده، وكان بينهم بالسوية.
([3]) أي فإنه يكون المقر به بين المقر لهم بالسوية، وكولد الأم في الميراث؛ واختار الموفق وغيره: للذكر مثل حظ الأنثيين، كالميراث، وإن فضل بعضهم لمقصود شرعي، جاز، وإلا كره.
([4]) فلا يجوز أن ينسب إليه، ولا يرثه، فلا يدخل في أولاده في الوقف من باب أولى، ولا فرق بين صفة الولد والأولاد، في استقلال الموجود منهم بالوقف واحدا كان أو اثنين، أو أكثر، لأن علم الواقف بوجود ما دون الجمع، دليل إرادته من الصيغة.
([5]) لأن كل موضع ذكر الله فيه الولد، دخل فيه ولد البنين، فالمطلق من كلام الآدمي إذا خلا عن قرينة، يحمل على كلام الله، ويفسر بما يفسر به، فولد ابنه ولد له، لقوله تعالى{يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ} فدخل فيه ولد البنين وإن سفلوا، ولقوله{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ}وقوله صلى الله عليه وسلم ((ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميًا)) والقبائل كلها تنسب إلى جدودها.
([6]) أي ويستحق أولاد البنين الوقف مرتبا، بعد آبائهم، كقوله: بطنًا بعد بطن، أو الأقرب فالأقرب، قال الشيخ وإذا زرع البطن الأول من أهل الوقف، في الأرض الموقوفة، ثم مات، وانتقل إلى البطن الثاني كان مبقّى إلى أوان جداده بأجرة.
وقال: تجعل مزارعة بين الزارع، ورب الأرض، لنموه من أرض أحدهما، وبذر الآخر وإن غرسه البطن الأول من مال الوقف، ولم يدرك إلا بعد انتقاله إلى البطن الثاني، فهو لهم، وليس لورثة الأول فيه شيء.
([7]) وإن سفلوا، ويستحق ولد الولد، وإن لم يستحق أبوه شيئًا. قال الشيخ ومن ظن أن الوقف كالإرث، فإن لم يكن والده أخذ شيئًا، لم يأخذ هو، فلم يقله أحد من الأئمة، ولم يدر ما يقول، ولهذا لو انتفت الشروط في الطبقة الأولى، أو بعضها، لم تحرم الثانية، مع وجود الشروط فيهم إجماعًا، ولا فرق.
([8]) وأولاد بنات بنيه وبنات بني بنيه.
([9]) لأنهم من رجل آخر، فينسبون إلى آبائهم.
([10]) كقوله: وقفت على ولدي، وأولادهم، على أن لولد الإناث سهما، ولولد الذكور سهمين، ونحوه. أو من مات عن ولد، فنصيبه لولده، أو على أولادي فلان وفلان وفلانة، ثم أولادهم، ونحو ذلك، كما لو وقف على أولاده، وفيهم بنات. وقال: من مات عن ولد فنصيبه لولده، قال الشارح: ودخول ولد البنات هو الأصح، والأقوى دليلاً.
([11]) {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ}من بنيه وبناته، وبني بنيه وبناتهم وإن سفلوا، فكذا الوقف.
([12]) أي يدخل ولد البنين، دون ولد البنات في الوقف على الأولاد، كما لو قال: على ولده لصلبه، وذريته لصلبه، أو من ينتسب إليه. بلا خلاف، حكاه الحارثي.
([13]) فيستحق ولد الولد، وإن لم يستحق أبوه شيئًا، كما تقدم.
([14]) كمن مات عن ولد، فنصيبه لولده. ونحوه، وتقدم. وقال الشارح: وممن قال: لا يدخل ولد البنات – في الوقف الذي على أولاده، وأولاد أولاده – مالك ومحمد بن الحسن. وكذلك إذا قال: على ذريته ونسله. وروي عن أحمد أنهم يدخلون في الوصية، وذهب إليه بعض أصحابنا، وهذا مثله. وقال أبو بكر وابن حامد: يدخل فيه ولد البنات، وهو مذهب الشافعي وأبي يوسف، لأن البنات أولاده، فأولادهن أولاد أولاده حقيقة.
فيجب أن يدخلوا في اللفظ المتناول لهم، بدليل قوله{وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ}إلى قوله{وَعِيسَى}وهو ولد بنته، فجعله من ذريته، ولذلك ذكر الله قصة عيسى وإبراهيم وموسى، ثم قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ}الآية، وعيسى معهم، ودخل أبناء البنات في الحلائل، وقال صلى الله عليه وسلم ((إن ابني هذا سيد)) ثم قال: والقول بأنهم يدخلون، أصح وأقوى دليلاً، وقدمه في المحرر، واختاره أبو الخطاب، وأفتى به حمد بن عبد العزيز، وقال إنه الراجح في الدليل، من الكتاب والسنة، وأن قول المتأخرين: لا يدخلون في الذرية مخالف للدليل، وهذا قول شيخ الإسلام، وقدماء الأصحاب، وهو الذي يفتي به شيخنا، عبد الرحمن ابن حسن.
([15]) كما هو معروف، وصفات ترتيب الاستحقاق ثلاث: ترتيب جملة، كون البطن الأول ينفرد بالوقف عمن دونه، ما دام منهم واحد، ثم البطن الثاني، وهكذا. وترتيب أفراد، كون الشخص من أهل الوقف، لا يشاركه ولده، ولا يتناول من الوقف شيئًا، ما دام أبوه حيا، فإذا مات انتقل ما بيده إلى ولده، والثالث استحقاق جميع الموجودين من البطون، من غير توقف على شيء، بل هم على حد سواء، فيشارك الولد والده، وكذا ولد الولد.
([16]) وذلك فيما إذا وقف على ولده أو ولد غيره، أو ذريته أو نسله، كقوله: وقفت على أولادي، بطنا بعد بطن. وقال الشيخ: الأظهر فيمن وقف على ولديه، بطنا بعد بطن، ثم على أولادهما وأولاد أولادهما، وعقبهما بعدهما، بطنا بعد بطن، أنه ينتقل نصيب كل إلى ولده، وإن لم ينقرض جميع البطن الأول، وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد.
([17]) استحق كل ولد بعد أبيه نصيبه، لأنه صريح في ترتيب الأفراد، ويدخل فيه أولاد بناته، كما تقدم. قال الشيخ: وقول الواقف: من مات عن ولد فنصيبه لولده، يشمل الأصلي لا العائد، والمذهب: يشمل الأصلي والعائد؛ قال الشيخ: أحد الوجهين في المذهب؛ وإذا مات شخص من مستحقي الوقف، وجهل شرط الواقف، صرف إلى جميع المستحقين بالسوية.
([18]) قال في الاختيارات: "الواو" كما لا تقتضي الترتيب، فلا تنفيه، فهي ساكتة عنه، نفيا وإثباتا، ولكن تدل على التشريك، وهو الجمع المطلق، فإن كان في الوقف ما يدل على الترتيب، مثل أن رتب أو لا عمل به، ولم يكن ذلك منافيا لمقتضى الواو، لأنها لمطلق الجمع، فيشتركون فيه بلا تفضيل، ولأنه دل على الترتيب بلا قرينة.
([19]) دون الأناثي والخناثى، قال الموفق: عند الجمهور. وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي.
([20]) قالوا: فاختص الوقف بهم، وتقدم رجحان دخولهم، وإن وقف على بناته دخل فيهن البنات، دون غيرهن، لا الخنثى المشكل، قال الشارح: لا نعلم في ذلك خلافًا.
([21]) وقال{أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ}وقال{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}وتقدم أن عيسى من ذرية آدم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن ((إن ابني هذا سيد)) الحديث.
([22]) إلا أن يكون من وقف عليهم – من بنيه أو بني فلان – قبيلة كما مثل.
([23]) أي يدخل النساء في الوقف، مع الذكور والخناثى، لقوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}.
([24]) وإنما دخلوا في الاسم إذا صاروا قبيلة، لأن الاسم نقل فيهم عن الحقيقة إلى العرف، ولهذا تقول المرأة – إذا انتسبت – أنا من بني فلان. وقلن:
نحن جوار من بني النجار

يا حبذا محمدًا من جار

([25]) أي غير قبيلة بني فلان الموقوف عليهم، فلا يدخلون في الوقت.
([26]) وإنما ينسبون لآبائهم، ويدخل أولادهن منهم، لوجود الانتساب حقيقة وتقدم القول بدخولهم بدليله ولا يدخل مواليهم لأنهم ليسوا منهم.
([27]) وآله وعترته، وهم عشيرته الأدنون، وأهل البيت عند العرب، كما قال ثعلب، آباء الرجال وآباؤهم كالأجداد، والأعمام وأولادهم، وقوم الرجل قبيلته، وهم نسباؤه، ويقال: هم بمثابة أهل بيته.
([28]) هذا المذهب، اختاره الموفق وغيره.
([29]) فلم يعط منه من هو أبعد، كبني عبد شمس، وبني نوفل.
([30]) وعنه: يعطى كل من يعرف بقرابته، وهو مذهب الشافعي، ووقف أبي طلحة مشهور، دخل فيه حسان، وأبي، وبين أبي وأبي طلحة ستة أجداد، ولما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}قال «يا بني كعب بن لؤي، يا بني مرة ...» الخ، فجميع من ناداهم يطلق عليهم لفظ الأقربين، ولأنهم قرابة، فيتناولهم الاسم، ويدخلون في عمومه، ويقويه أيضًا إذا كان عرف أهل البلد.
([31]) وعموم القرابة، ولا يفضل أعلى، ولا فقيرا، ولا ذكرا على من سواه.
([32]) أي الواقف، فإن كان الواقف مسلمًا، لم يدخل في قرابته كافرهم، وإن كان كافرا، لم يدخل المسلم في قرابته إلا بقرينة.
([33]) كأن يقول: وقف على رحمي أو أرحامي.
([34]) أما جهة الآباء، فكالآباء، والأعمام وبنيهم، وكالعمات، وبنات العم، وأما الأمهات، فكأمه وأبيها وأخواله وخالاته، وأما الأولاد فكابنه وبنته وأولادهم.
([35]) ولو جاوزوا أربعة آباء، فيصرف إلى كل من يرث بفرض أو تعصيب أو برحم.
([36]) أي وإذا وقف على الموالي، وله موال من فوق أعتقوه، وموال من أسفل أعتقهم، تناول اللفظ المولى من فوق، والمولى من أسفل، واستووا في الاستحقاق إن لم يفضل بعضهم على بعض، وإن لم يكن له إلا أحدهما أخذه، ومتى عدم مواليه فلعصبتهم، وإن لم يكن له موال فلموالي عصبته.
([37]) كمن مات عن ولد، فنصيبه لولده، أو على أولادي فلان وفلان، ثم على أولادهم، أو على أولاده وفيهم بنات. وقال: من مات عن ولد فنصيبه لولده.
([38]) كقوله: أولادي لصلبي أو من ينتسب إلي.
([39]) أي لأن دلالة القرينة، كدلالة اللفظ، كما لو قال: وقف على بناتي وأولادهن. أو قال: على أبنائي وأبنائهم دون البنات.
([40]) واستيعابهم بالوقف.
([41]) أو مواليه، أو موالي غيره.
([42]) أي وجب تعميمهم بالوقف، والتساوي بينهم فيه، ذكرهم وأنثاهم، صغيرهم وكبيرهم.
([43]) كما لو أقر لهم بشيء، يوضحه قوله تعالى {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ} أي من اثنين {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ}.
([44]) كرجل وقف على ولده، وولد ولده، ونسله.
([45]) أي فصاروا قبيلة كثيرة، تخرج عن الحصر، لا يمكن استيعابهم، بالوقف كوقف علي رضي الله عنه على ولده ونسله، صاروا قبيلة كثيرة لا يمكن استيعابهم.
([46]) لأن التعميم والتسوية واجبان في الجميع، فإذا تعذرا في بعض، وجبا فيما لم يتعذرا فيه، كواجب عجز عن بعضه.
([47]) والقبيلة الكبيرة، والمساكين، وأهل إقليم أو مدينة.
([48]) لتعذره بكثرة أهله، وحكاه الموفق إجماعًا.
([49]) ويراعى الأحق به.
([50]) وأولى من الحرمان، قال تعالى{فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.
([51]) ويحتمل أن لا يجزئه أقل من ثلاثة، وهو مذهب الشافعي.
([52]) من القبيلة، أو أهل المدينة.
([53]) وإن كان على الفقراء أو المساكين، أو على أي صنف من أصناف أهل الزكاة، لم يدفع إليه أكثر مما يدفع منها، وما يأخذه الفقهاء منه، كرزق من بيت المال، قال الشيخ: ما أخذ من بيت المال فليس عوضا وأجرة، بل رزق للإعانة على الطاعة، وكذلك المال الوقف على أعمال البر، والموصى به والمنذور له، ليس كالأجرة والجعل.
([54]) كأهل بلد، أو أهل مذهب، أو قبيلة.
([55]) أي اختصت المدرسة أو الرباط أو نحوهما، كالخانات بأهل البلد، أو أهل المذهب أو القبيلة. وإن وقف على العلماء فهم حملة الشرع أهل التفسير والحديث والفقه، أو على المتفقهة فهم طلبة الفقه، أو أهل الحديث، فهم من اشتغل بالحديث.
([56]) كأن يشترط أن لا يؤم في مسجد وقفه إلا فلان، أو الأهل من أولاده، وكذا شرط الخطابة ونحو ذلك، وكذا لو عين الإمامة بمذهب، ما لم يكن في شيء من أحكام الصلاة، مخالفًا لصريح السنة. وقال الشيخ: يجب أن يولى في الوظائف وإمامة المساجد الأحق شرعا، وأن يعمل ما قدر عليه من عمل الواجب، وليس للناس أن يولوا عليهم الفاسق، وإن نفذ حكمه، وصحت الصلاة خلفه. واتفق الأئمة على كراهة الصلاة خلفه، واختلفوا في صحتها، ولم يتنازعوا في أنه لا ينبغي توليته، ومن لم يقم بوظيفته فلمن له الولاية أن يولي من يقوم بها، إلى أن يتوب الأول، ويلتزم بالواجب، والنيابة في مثل هذه الأعمال المشروطة جائزة، ولو عينه الواقف، إذا كان مثل مستنيبه.
قال: ومن وقف على مدرس وفقهاء، فللناظر، ثم الحاكم تقدير أعطيتهم، ولو زاد النماء فهو لهم، ولو عطل وقف مسجد سنة تقسط الأجرة المستقبلة عليها، وعلى السنة الأخرى، لأنه خير من التعطيل، ولا ينقص الإمام بسبب تعطيل الزرع بعض العام، والأرزاق التي يقدرها الواقفون ثم يتغير النقد، يعطى المستحق من نقد البلد ما قيمته قيمة المشروط، وله أن يفرض له على عمله بما يستحقه مثله. وقال: ممن أكل المال بالباطل، قوم لهم رواتب أضعاف حاجاتهم، وقوم لهم جهات معلومها كثير، يأخذونه ويستنيبون بيسير.
([57]) فيما ذكر، لأن مبناها على لفظ الموصي، أشبهت الوقف. وفي الإنصاف هي أعم من الوقف.
(*) هذا آخر ما كتبنا.



  #5  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 07:16 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

وإن وَقَفَ على وَلَدِه أو وَلَدِ غيرِه ثم على المساكينِ فهو لوَلَدِه الذكورِ والإناثِ بالسوِيَّةِ, ثم وَلَدَ بُنَيَّةٍ دونَ بناتِه، كما لو قالَ على وَلَدِ وَلَدِه وذُرِّيَّتِه لصُلْبِه، ولو قالَ على بَنِيهِ أو بَنِي فُلانٍ اخْتُصَّ بذُكورِهم إلا أن يكونوا قَبيلةً فيَدخلُ فيه النساءُ دونَ أولادِهنَّ من غيرِهم، والقَرابةُ وأَهلُ بيتِه وقَوْمِه يَشْمَلُ الذَّكَرَ والأُنثَى من أولادِه وأولادِ أبيه وجَدِّه وجَدِّ أبيهِ، وإن وُجِدَتْ قَرينةٌ تَقتَضِي إرادةَ الإناثِ أو حِرْمَانَهُنَّ عُمِلَ بها، وإن وَقَفَ على جماعةٍ يُمكِنُ حَصْرُهم وَجَبَ تعميمُهم والتساوي وإلا جازَ التفضيلُ والاقتصارُ على أَحَدِهم.

(1) لأنه شرك بينهم وإطلاق التشريك يقتضي التسوية .
(2) أي : ثم بعد أولاده يكون الوقف لولد بنيه ؛ لأﻧﻬم يدخلون في ولده .
(3) أي : دون ولد بناته فلا يدخلون في الوقف على الأولاد لعدم دخولهم في قوله تعالى { يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ } .
(4) فيدخل في هذا الوقف ولد البنين دون ولد البنات ، لأﻧﻬم من رجل آخرفينسبون إلى آبائهم ، والصحيح أﻧﻬم يدخلون في الأولاد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو رواية عن أحمد .
(5) لأن لفظ البنين وضع للذكور قال تعالى َمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} .
(6) لأن اسم القبيلة يشمل ذكرهم وأنثاهم .
(7) لأﻧﻬم لا ينسبون إلى القبيلة الموقوف عليها وإنما ينسبون لآبائهم .
(8) إذا وقف على قرابته أو أهل بيته أو على قومه فلا يتجاوز أولاد جد أبيه وذكرهم وأنثاهم سواء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتجاوز بني هاشم بسهم ذوي القربى .
(9) أي : بالقرينة لأن دلالتها كدلالة اللفظ .
(10) أي : التسوية بينهم لأن اللفظ يقتضي ذلك وقد أمكن الوفاء به فوجب العمل بمقتضاه .
(11) أي : إذا لم يمكن تعميمهم والتسوية بينهم لأن مقصود الواقف بر ذلك الجنس وذلك يحصل بالدفع إلى واحد منهم .


  #6  
قديم 23 ربيع الثاني 1432هـ/28-03-2011م, 12:04 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ عَلَى المَسَاكِينِ فَهُوَ لِوَلَدِهِ، الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ بِالسَّوِيَّةِ،
قوله: «وإن وقَف على ولده أو ولد غيره ثم على المساكين فهو لولده، الذكور والإناث بالسوية» ، أما الذكور فواضح أن اسم الولد يطلق عليهم، وأما الإناث فيطلق عليهم ـ أيضاً ـ اسم الولد، ودليل ذلك قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ، فجعل الأنثى من الأولاد، فإذا قال: هذا وقف على ولدي، وله ذكور وإناث صار الوقف بين الذكور والإناث بالسوية، فإذا قال الولد للأنثى: أنتِ لستِ بولد بل بنت، والولد أنا، فنقول له: مدلول (ولد) في اللغة العربية يشمل الذكر والأنثى، فيكون الذكور والإناث على حد سواء.
فإن انقرض أولاده بأن ماتوا ولم يخلفوا أحداً، فلمن يكون الوقف؟
يقول المؤلف: «ثم على المساكين» ، فيكون الوقف للمساكين؛ لأن الولد انقرض ولم يبق له نسل، وإذا انتقل للمساكين يكون النظر للحاكم إذا لم يعين الواقف ناظراً.
وقوله: «أو ولد غيره» ، فإذا وقف على ولد فلان فهو لأولاده البنين والبنات بالسوية، فإن انقرضوا فعلى المساكين.
ولو قال: وقفت على ولدي ثم المساجد، فيكون الوقف لولده، فإن انقرضوا فللمساجد.

ثُمَّ وَلَدِ بَنِيهِ، دُونَ بَنَاتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ لِصُلْبِهِ وَلَوْ قَالَ: عَلَى بَنِيهِ أَوْ بَنِي فُلانٍ اخْتَصَّ بِذُكُورِهِمْ، ...........
قوله: «ثم ولد بنيه» ، قال المؤلف: (ثم)، إذاً لو قال: وقفت على ولدي فيستحقه الأولاد بطناً بعد بطن؛ لكن المؤلف قال: «ثم ولد بنيه» فهو ترتيب، مع أن اللفظ مجمل ليس فيه ترتيب ولا جمع، فنقول: الأصل الترتيب، والقاعدة المعروفة أن من استحق بوصف فإنه يقدم من كان أقوى في هذا الوصف، ومعلوم أن الولادة بالنسبة للأولاد أقوى وصفاً في الأولاد من أولاد البنين، وعليه فنقول: إذا قال: وقف على أولادي فهو لأولاده، ثم إذا انقرض الأولاد كلهم يكون لأولاد بنيه.
وإذا وقف على أولاده وهم ثلاثة، ثم مات أحدهم عن بنين، فلا يستحقون مع أعمامهم؛ لأن هذا ترتيب بطن على بطن.
لكن لو قال: من مات عن ولد فنصيبه لولده، فيستحق أولاد الولد الذي مات ويكونون محل أبيهم، ويُعمَل في أولاد الذي مات كما يعمل في أولاد الصلب، فيقال: هو لأولاد الابن الذي مات، الذكور والإناث بالسوية.
قوله: «دون بناته» ، أي: دون ولد بناته، فإن أولاد البنات لا يدخلون في الولد، فإذا قال: هذا وقف على أولادي، وله ثلاثة ذكور وبنت، ومات هؤلاء الأربعة، الذكور والبنت وخلفوا أبناءً فيستحقه أولاد البنين، وأما أولاد البنت فليس لهم حق، ودليل ذلك في القرآن الكريم، قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ، وأجمع العلماء على أن أولاد البنات لا يدخلون في الأولاد؛ لأن أولاد البنات من ذوي الأرحام وليسوا من أولاده، فكذلك إذا قال: وقف على أولادي، وكان له أولاد أبناء وأولاد بنات، فأولاد البنات لا يستحقون شيئاً؛ لأنهم لا يدخلون في اسم الأولاد وهو في القرآن ظاهر، وكذلك هو مقتضى العرف واللغة، يقول الشاعر:
بنونا بنو أبنائِنا وبناتُنا
بنوهن أبناءُ الرجالِ الأباعدِ
وحتى في العاقلة ـ مثلاً ـ أي: عند تحمل الدية ـ فإن أولاد البنات لا يتحملون، وحتى في ولاية النكاح، أولاد البنات ليس لهم ولاية، وعلى هذا فنقول: أولاد البنات لا يدخلون في الوقف على الأولاد، والدليل من القرآن ومن اللغة.
فإن قال قائل: ألم يقل الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ *}[الأنعام] ، فذكر عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ، وعيسى ولد بنت، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الحسن:((إن ابني هذا سيد)) .
فالجواب عن الآية أن عيسى ابن مريم ـ عليهما الصلاة والسلام ـ أمه أبوه، فليس له أب حتى ينتسب إليه، ولا دليل فيه على أن أولاد البنات يدخلون في مطلق الأولاد أو مطلق الذرية، والأمر واضح.
وأما الحديث: فالجواب: أن كل مؤمن ابن للرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولكن ليس ابن النسب، قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] ، وقرأ بعض السلف: «وهو أب لهم» ، وهذا مقتضى القياس إذا كانت زوجاته أمهات فهو أب، ولكن ليس أب النسب، ولهذا يشرف أولاد علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهم ـ بنسبتهم للرسول صلّى الله عليه وسلّم فهو من خصائصهم.
لكن هذا عند مطلق الوقف، أما إذا دلت القرينة على أن أولاد البنات أرادهم الواقف، أو صرح بذلك فإنه يعمل بها، تبعاً لشرط الواقف.
فلو قال: هذا وقف على أولادي ثم أولادهم، وليس له إلا بنات، فإن أولاد البنات يدخلون للقرينة؛ لأنه ليس عنده ذكور، فهنا يتعين دخول أولاد البنات.
ولو قال: هذا وقف على أولادي، ويُفَضَّل أولاد الأبناء فإنهم يدخلون للقرينة؛ لأن قوله: يفضل أولاد الأبناء، يدل على أنه أراد أولاد الأبناء والبنات.
ولو قال: وقف على أولادي ومن مات عن ولد فنصيبه لولده فإنهم يدخلون؛ لأنه صرح فقال: من مات عن ولد، والبنت تموت عن أولادها فيدخلون، ويكون نصيبها لهم.
ولو قال: هذا وقف على أولادي، أولاد البنين وأولاد البنات، فهذا نص وتصريح، إذاً أولاد البنات لا يدخلون في الأولاد إلا بنص أو قرينة، هذه هي القاعدة.
قوله: «كما لو قال على ولد ولده» فإنه يدخل أولاد بنيه فقط دون أولاد البنات، ولكن الصحيح أنه إذا قال: على ولد ولده، فإنه يدخل أولاد البنين وأولاد البنات دون أولاد بنات البنات؛ لأن كلمة «ولده» الثانية تشمل الذكور والإناث.
قوله: «وذريته لصلبه» يعني إذا نص على التقييد بالصلب فإن أولاد البنات لا يدخلون بلا إشكال.
فلو قال: هذا وقف على ولد ولدي لصلبي، فلا يدخل أولاد البنات؛ لأن أولاد البنات ليسوا ذرية لصلبه بل ذرية لبطنه، فالولد يكون في بطن الأنثى وفي صلب الرجل، فمن ينسب إليه عن طريق البنات لا ينسب إليه لصلبه بل لبطنه، وهو قيدها بصلبه.
إذاً الواقف بالنسبة لأولاد بناته لا يخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن ينص على عدم الدخول بأن يقول: أولادي وأولادهم لصلبي، فهنا لا يدخلون بلا إشكال.
الثانية: أن ينص على الدخول أو توجد القرينة فهنا يدخلون.
الثالثة: أن يطلق، فلا يدخلون.
وإذا قال: على ذريته، وذرية فعيلة بمعنى مفعولة، أي: من ذرأهم الله منه، والذين ذرأهم الله منه هم أولاد الصلب، فإذا قال: هذا وقف على ذريتي دخل الأولاد من بنين وبنات، ودخل بعد ذلك أولاد البنين، دون أولاد البنات؛ لأنهم ليسوا من ذريته.
وهنا يرد علينا الإشكال الذي أجبنا عنه أولاً، وهو أن عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ من ذرية إبراهيم، فكيف كان ذلك؟ والجواب أن عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ أبوه أمه؛ لأنه خلق من دون أب، ولهذا لو أن شخصاً انتفى من ولده، وقال: هذا الولد ليس مني، وقُبِل انتفاؤه بالشروط المعروفة، صار هذا الولد أبوه أمه، ولهذا إذا مات عنها ترثه هي ميراث أم وأب، فيقال: إذا لم يكن له أبناء ولا إخوة، فأمه لها الثلث بالفرض والباقي بالتعصيب؛ لأنها هي أبوه وأمه.
قوله: «ولو قال على بنيه أو بني فلان اختص بذكورهم» ، فإذا قال: على بنيه أو بني فلان فإنه للذكور دون الإناث، وهنا نتكلم عن كلمة «بنيه» من حيث مدلول اللفظ، ومن حيث جواز هذا الوقف، فإذا قال: على بنيه، فمدلول اللفظ أن البنات لا يدخلن؛ لأن البنت لا تسمى ابناً، ولكن هل يجوز للإنسان أن يوقف على بنيه دون بناته؟ الجواب: لا.
والفقهاء ـ رحمهم الله ـ إنما يتكلمون على مدلول الألفاظ دون حكم الوقف، فهنا إذا قال: هذا وقف على بنيَّ فيدخل الذكور فقط، وأما الإناث فلا يدخلن؛ لأنه يقال: بنون وبنات، ولكن لا يجوز له أن يخص الوقف ببنيه؛ لأنه إذا فعل ذلك دخل في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:
((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) فيكون بهذا العمل غير متقٍ لله تعالى، وسمى النبي صلّى الله عليه وسلّم تخصيص بعض الأبناء جَوْراً، فقال: ((لا أشهد على جَوْر))، ولا شك أن من وقف على بنيه دون بناته أنه جَور.
وعلى هذا، فلو وجدنا شخصاً وقف على بنيه ومات، فعلى المذهب نجري الوقف على ما كان عليه؛ لأن هذا ليس عطية تامة؛ لأن الوقف لا يتصرف فيه الموقوف عليه لا ببيع ولا شراء، نقول: لكن الموقوف عليه ينتفع بغلَّته.
فالقول الراجح أننا نلغي هذا الوقف ولا نصححه، ويعود هذا الموقوف ملكاً للورثة؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، وقد يقال: يبقى وقفاً على البنين والبنات؛ لأن المُوقف أخرجه عن ملكه إلى ملك هؤلاء، ولكن الاحتمال الأول أقرب، وهو إبطال الوقف؛ لأنه عمل ليس عليه أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، بل هو مخالف لأمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
وقوله: «أو بني فلان» ، أي: دون بناته، فإنه يجوز ولا يجب أن يعدل بينهم وهذا بالإجماع، فإذا قال: هذا وقف على بني عبد الله فيختص بالذكور؛ لأنه يقال: عبد الله له بنون وبنات، فيفرق الناس بين البنين والبنات، فإذا قال: هذا وقف على بني عبد الله وهو شخص، فإنه يكون للذكور دون الإناث، وهذا مدلول اللفظ، وينفذ؛ لأن العطية الآن ليست لأولاده بل لأولاد غيره فينفذ، ويعطى الوقف بني عبد الله دون بنات عبد الله.

إِلاَّ أَنْ يَكُونُوا قَبِيلَةً فَيَدْخُلَ فِيهِ النِّسَاءُ دُونَ أَوْلادِهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ، والقَرَابَةُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَقَوْمُهُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى مِنْ أَوْلاَدِهِ وَأَوْلاَدِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدِّ أَبِيهِ، ......
قوله: «إلا أن يكونوا قبيلة فيدخل فيه النساء دون أولادهن من غيرهم» مثل بني تميم، فإذا قال: هذا وقف على بني تميم، دخل فيه الذكور والإناث، ودليل ذلك قول الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 27] ، فقوله: {يَابَنِي آدَمَ} يخاطب الذكور والإناث، وليس يخاطب الذكور فقط، وقوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 40] يشمل الذكور والإناث، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((يا بني عبد مناف)) ، يشمل الذكور والإناث.
فإذا وقف شخص على بني تميم فهو لذكورهم وإناثهم، ولكن هل يدخل أولاد الإناث؟ ينظر إن كان أولاد الإناث من بني تميم دخلوا أصلاً؛ لأنهم من بني تميم، وإن كان أولاد البنات التميميات ليس آباؤهم من بني تميم، فإنهم لا يدخلون، ولهذا قال: ((دون أولادهن من غيرهم)) ، أي: من غير أبناء القبيلة، فلا يعطون من الوقف على بني تميم.
قوله: «والقرابةُ وأهلُ بيتِهِ وقومُهُ» ، هذه ثلاثة ألفاظ، ما الذي يدخل في مدلولها؟ يقول المؤلف:
«يشمل الذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجدِّه وجدِ أبيه» ، فإذا قال: هذا وقف على قرابتي، دخل فيه هؤلاء الأربعة، أولاده، وأولاد أبيه، وأولاد جده، وأولاد جد أبيه، فيشمل الذكر والأنثى من الفروع إلى يوم القيامة، ومن الأصول إلى الأب الثالث فقط، فيشمل فروعه وفروع أبيه وفروع جده وفروع جد أبيه، ولكن هل يستحق الجميع أو لا يستحق؟ نذكره إن شاء الله.
وعلى هذا فإذا لم يبق من هؤلاء أربعة البطون إلا واحد، استحق الوقف كله، والدليل على أن القرابة تختص بهؤلاء أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يعطِ من خمس الغنيمة إلا من كان من بني هاشم وبني المطلب، وهاشم بالنسبة للرسول صلّى الله عليه وسلّم هو الأب الثالث، والله ـ عزّ وجل ـ يقول: {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] ، فدل ذلك على أن القرابة تختص بهؤلاء، هذا ما ذهب إليه المؤلف، وهذا دليله.
وبعض العلماء أخرج الأولاد من القرابة، لكن الصحيح أنهم لا يخرجون؛ لأن أولاده أشد لصوقاً به من آبائه، إذ إنهم بضعة منه، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في فاطمة ـ رضي الله عنها ـ: ((إنها بضعة مني)) .
وقال بعض أهل العلم: إن القرابة تشمل كل من اجتمع به في جده الذي ينتمي إليه، ومعلوم أن القبائل فيها شعوب، فَأَوَّلُ جَدٍّ ينتمي إليه هذا الشِّعب من القبيلة، فإن ذريته هم القرابة، وعلى هذا فلا يتقيد بالأب الثالث، فقد يكون في الرابع، أو الخامس.
وقال بعض أهل العلم: القرابة ليس لها حد محدود، فما تعارف الناس عليه أنه قريب فهو قريب ولا نحدده بحدٍّ، لكن القول الأول هو أقرب الأقوال: أنهم من كانوا من ذرية أبيه الثالث، ويليه قول من قال: إنهم من يجتمعون به في أول جد ينتسبون إليه، أما القول الأخير فهو ضعيف.
وفهم من قولنا: إنه يشمل هؤلاء، أنه لا يشمل الأقارب من جهة أمه، فلا يدخل في ذلك أبو أمه، ولا أخو أمه، ولا عمها، ولا جدها، ولا أمها؛ ووجه ذلك أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يعط أخواله من بني زُهْرَة، فلم يدخلهم في قوله: {وَلِذِي الْقُرْبَى}.
وقال بعض أهل العلم: إذا كان من عادته أنه يصل قرابة أمه دخلوا في لفظ القرابة؛ لأن كونه قد اعتاد أن يصلهم يدل على أنه أراد أن ينتفعوا بهذا الوقف، وهذا قول قوي، والعجيب أن بعض العلماء قال بعكسه، قال: إذا كان من عادته أنه يصل أقارب أمه فإنهم لا يدخلون؛ لأن تخصيصهم بصلة خارج الوقف يدل على أنه لا يريد أن ينتفعوا من هذا الوقف بشيء، لكن القول الذي قبله أقرب إلى الصواب، أنه إذا كان من عادته أنه يصل أقارب أمه دخلوا في الوقف الذي قال: إنه على أقاربه.
وقوله: «وأهل بيته» يشمل الذكر والأنثى من أولاده، وأولاد أبيه، وأولاد جده، وأولاد جد أبيه.
وهل يشمل الزوجات؟
المذهب أنهن لا يدخلن؛ لأن أهل بيته مثل القرابة تماماً، والصحيح أن زوجاته إذا لم يطلقهن يدخلن في أهل بيته، ولا شك في هذا، لقوله تعالى في نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي))، بل لو قيل: إن أهل بيته هم زوجاته ومن يعولهم فقط، لكان قولاً قوياً؛ لأن هذا هو عرف الناس، فالآن عمك وأخوك إذا انفردا في بيت، لا يقول الناس: إنهما أهل بيتك، فأهل البيت عرفاً هم الذين يعولهم من الزوجات والبنين والبنات، لكن مهما كان الأمر فإن الزوجات بلا شك إذا لم يطلقهن يدخلن في أهل البيت، ولا يدخلن في القرابة.
وقوله: «وقومه» جعلها المؤلف كلفظ القرابة وأهل البيت، لكن هذا القول بعيد من الصواب؛ لأن القوم في عرف الناس وفي اللغة ـ أيضاً ـ أوسع من القرابة، اللهم إلا على قول من يقول: إن القرابة تشمل كل من يجتمع معه في الاسم الأول، فالفخذ من القبيلة قرابة، فهنا ربما نقول: إن القوم والقرابة بمعنى واحد، أما إذا قلنا: إن القرابة هم أولاده، وأولاد أبيه، وجده، وجد أبيه، فإن القوم بلا شك أوسع، ولهذا يرسل الله الرسل إلى أقوامهم وهم ليسوا من قراباتهم، فإذا كان للقوم معنًى مطرد عرفاً لا ينصرف الإطلاق إلا إليه وجب أن يتبع؛ لأن القول الراجح في أقوال الواقفين والبائعين والراهنين وغيرهم أن المرجع في ذلك إلى العُرف.
وقوله: «يشمل الذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجَدِّه وجدِّ أبيه» ، يتعين في قوله: «جَدِّه» الجر، يعني من أولاده، وأولاد أبيه الذين هم إخوانه، وأولاد جده الذين هم أعمامه، وأولاد جد أبيه الذين هم أعمام أبيه.
ولكن هل هؤلاء كلهم يستحقون؟
الجواب: نعم يستحقون لكن يقدم بعضهم على بعض، فكل من كان أقرب فهو بالوقف أحق، فإذا قدر أن أهل بيته خمسمائة والوقف خمسمائة درهم فهنا لا يمكن أن نعطي الجميع؛ لأن إعطاء كل واحد درهماً لا يفيد شيئاً، بل هنا ينبغي أن ننظر إلى الأقرب فالأقرب، أو إلى الأحوج فالأحوج.
لكن مراد المؤلف ـ رحمه الله ـ: أن كل هؤلاء من ذوي الاستحقاق، أما ترتيبهم فهذا يرجع إلى الناظر على الوقف.
وَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي إِرَادَةَ الإِنَاثِ أَوْ حِرْمَانَهُنَّ عُمِلَ بِهَا، وَإِذَا وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَالتَّسَاوِي، وَإِلاَّ جَازَ التَّفْضِيلُ وَالاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمْ.
قوله: «وإن وجدت قرينة تقتضي إرادة الإناث أو حرمانهن عُمل بها» ، يعني إذا وجدت قرينة تقتضي إرادة الإناث فيما يدل اللفظ على إخراجهن، أو حرمانهن فيما يدل اللفظ على دخولهن فإنه يعمل بها؛ وذلك لأن الألفاظ تتحدد معانيها بحسب السياق والقرائن، فلذلك إذا وجدت قرينة تدل على أن الإناث داخلات في الوقف دخلن، وإن كان اللفظ لا يقتضي دخولهن، وإذا وجدت قرينة تدل على حرمانهن فإنهن لا يدخلن، وإن كان اللفظ يشملهن.
فإذا قال: هذا وقف على أولادي الذكور والإناث، فهنا تصريح وليس قرينة بأن الإناث داخلات، فيدخلن.
وإذا قال: هذا وقف على أولادي الذين يجاهدون في سبيل الله، فهنا القرينة تدل على أن المراد الذكور؛ لأن الجهاد يختص بالرجال، فالمهم أننا نعمل بالقرائن في شمول اللفظ للإناث أو عدمه.
قوله: «وإذا وقف على جماعة يمكن حصرهم وجب تعميمهم والتساوي» ، إذا وقف على جماعة يمكن حصرهم، وجب شيئان: التعميم، والتساوي.
مثاله: إذا وقف على أولاد فلان وهم عشرة، فهنا يمكن حصرهم، فيجب أن يُعمَّموا ويعطى كل واحد، ويجب أن يساوى بينهم، الذكور والإناث سواء، والغني والفقير سواء، والضعيف والقوي سواء، والشيخ والصغير سواء؛ لأنه يمكن حصرهم، وإن كان لا يمكن كبني تميم مثلاً يقول المؤلف:
«وإلا جاز التفضيل والاقتصار على أحدهم» ، فإن كان لا يمكن حصرهم فله أن يفضل بعضهم على بعض، وله أن يعطي بعضاً ويحرم بعضاً؛ وذلك لأنه جرت العادة أن من لا يمكن حصره لا تمكن الإحاطة به، وإذا لم تمكن الإحاطة به لم يجب أن نعطيهم، وإذا وقف على ثلاثين فيمكن حصرهم، ويجب أن يعمَّموا، فإن كثر هؤلاء وصاروا قبيلة لا يمكن حصرهم، فلا يجب تعميمهم ولا التساوي، بل يجوز الاقتصار على واحد منهم وأن يفضل بعضهم على بعض، وبالعكس، لو قال: على بني فلان وهم قبيلة، لكن هذه القبيلة انقرضت ولم يبقَ إلا عشرة، فإنه يجب التعميم والتساوي؛ لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
ودليل ذلك قول الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] ، فهل يجب علينا أن نعمم الزكاة على الفقراء جميعاً؟
الجواب: لا، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لقَبيصة ـ رضي الله عنه ـ: ((أقم عندنا حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها)) ، فلا يجب أن نسوي بين عشرة فقراء أمامنا الآن في الزكاة، فيجوز أن نعطي واحداً ونحرم التسعة، أو نعطيهم متفاضلاً؛ لأن الأصل أنه لا يجب التعميم ولا التساوي.
قوله: «والوقف عقد لازم لا يجوز فسخه» يعني ثابتاً لا يمكن تغييره، ولا يجوز فسخه؛ لأنه مما أخرج لله ـ تعالى ـ فلا يجوز أن يرجع فيه كالصدقة، فمن حين أن يقول الرجل: وقفت بيتي، أو وقفت سيارتي، أو وقفت كتابي فإنه يلزم، وليس فيه خيار مجلس بخلاف الوصية، فالوصية ليست عقداً لازماً في الحال، بل لا تكون إلا بعد الموت.
أما الوقف المعلق بالموت كما لو قال: هذا وقف بعد موتي، فالمذهب أنه لازم من حين قوله ولا يمكن فسخه، لكن مع ذلك لا ينفذ منه إلا ما كان من ثلث المال فأقل، فيجعلونه وصية من وجه ووقفاً من وجه، وهذا غير صحيح، فلا يمكن أن نعطي عقداً حكمين مختلفين، فإما أن نقول: إنه يلزم في الحال ونلغي التعليق، وإذا قلنا بأنه يلزم في الحال لزم، سواء كان الثلث أو أكثر أو أقل، وإما أن نقول: لا يلزم إلا بعد الموت، وحينئذٍ يكون من الثلث فأقل، وهذا هو الصحيح؛ لأن الرجل علق الوقف بشرط وهو الموت، فلا يمكن أن ينفذ قبل وجود الشرط، فلا ينفذ إلا بعد الموت ويكون من الثلث فأقل.
مثال ذلك: قال رجل: إذا مت فبيتي وقف، أو إذا مت فمكتبتي وقف، فالمذهب أنه ينفذ من الآن ولا يمكن أن يبيع شيئاً من هذا؛ لأنه نفذ، لكن إذا مات فإن أجاز الورثة الوقف نفذ، وإن لم يجيزوه لم ينفذ منه إلا مقدار ثلث التركة.
والصواب: أنه لا ينفذ إلا بعد الموت، وأنه ما دام حياً فله التغيير والتبديل والإلغاء، فإذا مات فإن أجازه الورثة نفذ، وإن لم يجيزوه نفذ منه قدر ثلث التركة فقط.




[1] أخرجه البخاري في الهبة/ باب الإشهاد في الهبة (2587)؛ ومسلم في الهبات/ باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة (1623) عن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ.
[2] أخرجه البخاري في الصلح/ باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم للحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ ((ابني هذا سيد...)) عن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ.
[3] عزاها ابن كثير في تفسيره (3/451) لأبي بن كعب وابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ.
[4] سبق تخريجه ص(36).
[5] أخرجه البخاري في الشهادات/ باب لا يشهد على شهادة جور... (2650)؛ ومسلم في الهبات/ باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة (1623).
[6] أخرجه مسلم في الأقضية/ باب نقض الأحكام الباطلة (1718) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
[7] أخرجه البخاري في الوصايا/ باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟ (2753)؛ ومسلم في الإيمان/ باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ *} (204) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[8] أخرجه البخاري في فرض الخمس/ باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام... (3140) عن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ.
[9] أخرجه البخاري في المناقب/ باب مناقب قرابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (3714)؛ ومسلم في فضائل الصحابة/ باب فضائل فاطمة بنت النبي صلّى الله عليه وسلّم (2449) عن المسور بن مخرمة ـ رضي الله عنه ـ.
[10] أخرجه الترمذي في المناقب/ باب فضل أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم (3895)؛ والدارمي في النكاح/ باب حسن معاشرة النساء (2260) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ، قال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح؛ وأخرجه ابن ماجه في النكاح/ باب حسن معاشرة النساء (1977) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، وصححه ابن حبان (4177) و(4186) وحسنه الحافظ ابن حجر في مختصر زوائد البزار (1039) من رواية عائشة ـ رضي الله عنها ـ بلفظ: «خيركم خيركم لأهله».
[11] أخرجه مسلم في الزكاة/ باب من تحل له المسألة (1044) عن قبيصة ـ رضي الله عنه ـ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الذُّرِّي, الوقف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir