دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 ذو الحجة 1429هـ/27-12-2008م, 07:39 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الوقف [2/2]


في الوَقْفِ تَا تأنيثِ الاسمِ ها جُعِلْ = إنْ لمْ يكُنْ بساكنٍ صَحَّ وُصِلْ
وقَلَّ ذا في جَمْعِ تَصحيحٍ ومَا = ضَاهَى وغيرُ ذَيْنِ بالعكسِ انْتَمَى
وَقِفْ بِهَا السَّكْتِ على الفِعْلِ الْمُعَلّ = بِحَذْفِ آخِرٍ كأَعْطِ مَنْ سَأَلْ
وليسَ حَتْمًا في سِوَى مَا كَعِ أوْ = كَيَعِ مَجْزُومًا فرَاعِ ما رَعَوْا
وما في الاستفهامِ إنْ جُرَّتْ حُذِفْ = أَلِفُهَا وأَوْلِهَا الْهَا إنْ تَقِفْ
وليسَ حَتْمًا في سِوَى ما انْخَفَضَا = باسمٍ كقولِكَ اقْتَضَاءَ ما اقْتَضَى
ووَصْلُ ذي الهاءِ أَجِزْ بكُلِّ مَا = حُرِّكَ تحريكَ بِناءٍ لَزِمَا
ووَصْلُها بغيرِ تحريكٍ بِنَا = أُدِيمَ شَذَّ في الْمُدامِ اسْتُحْسِنَا
ورُبَّمَا أُعْطِيَ لَفْظُ الوَصْلِ ما = للوَقْفِ نَثْرًا وفَشَا مُنْتَظِمَا


  #2  
قديم 1 محرم 1430هـ/28-12-2008م, 11:01 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


فِي الوَقْفِ تَا تَأْنِيثِ الاسمِ هَا جُعِلْ = إِنْ لَمْ يَكُنْ بِسَاكِنٍ صَحَّ وُصِل([1])
وَقَلَّ ذَا فِي جَمْعِ تَصْحِيحٍ وَمَا = ضَاهَى، وَغَيْرُ ذَيْنِ بِالعَكْسِ انْتَمَى([2])
إذا وُقِفَ على ما فيه تَاءُ التأنيثِ، فإنْ كانَ فِعْلاً وُقِفَ عليه بالتاءِ نحو: " هَنْدٌ قَامَتْ " وإنْ كانَ اسمًا فإنْ كانَ مفردًا فلا يخلُو: إما أنْ يكونَ ما قبلَها ساكنًا صحيحًا أو لا، فإنْ كانَ ما قبلَها ساكنًا صحيحًا وُقِفَ عليه بالتاءِ نحوَ: "بِنْتْ، وَأُخْتْ" وإنْ كانَ غيرَ ذلكَ وُقِفَ عليه بالهاءِ نحو: "فاطمهْ وحمزهْ وفتاهْ" وإن كانَ جمعًا أو شِبْهُهُ وُقِفَ عليه بالتاءِ نحوَ: "هِنْدَاتْ وهَيْهَاتْ" وقَلَّ الوقفُ على المفردِ بالتاءِ نحو: "فَاطِمَتْ" وعلى جمعِ التصحيحِ وَشِبْهِهِ بالهاءِ نحوَ: "هِنْدَاهْ وَهَيْهَاهْ".

وَقِفْ بِهَا السَّكْتِ عَلَى الفِعْلِ المُعَلْ = بِحَذْفِ آخِرٍ كَأَعْطِ مَنْ سَأَلْ([3])
وَلَيْسَ حَتْمًا فِي سِوَى مَا كَعِ أَوْ = كَيَعِ مَجْزُومًا فَرَاعِ مَا رَعَوْا([4])
ويجُوزُ الوقفُ بهاءِ السكتِ على كلِّ فِعْلٍ حُذِفَ آخرُه للجزمِ أوِ الوقفِ كقولك في "لمْ يُعْطِ": لمْ يُعْطِهِ، وفي أَعْطِ: "أَعْطِهِ".
ولا يلْزَمُ ذلك إلا إذا كان الفعلُ الذي حُذِفَ آخرُهُ قد بَقِيَ على حرفٍ واحدٍ أو على حرفينِ أحدُهما زائدٌ، فالأوَّلُ كقولك في "ع"ِ و "قِ": "عِهْ وقِهْ".
والثانِي كقولك في "لمْ يعِ" و"لم يقِ": "لم يَعِهْ ولمْ يَقِهْ"([5]).

وَمَا فِي الِاسْتِفْهَامِ إِنْ جُرَّتْ حُذِفْ = أَلِفُهَا وَأَوْلِهَا الْهَا إِنْ تَقِفْ([6])
وَلَيْسَ حَتْمًا فِي سِوَى مَا انْخَفَضَا = بَاسْمٍ كَقَوْلِكَ "اقْتِضَاءَ مَ اقْتَضَى"([7])
إذا دخلَ على ما الاستفهاميَّةِ جارٌّ وَجَبَ حَذْفُ ألفِها نحو: "عَمّ تسألُ؟" و"بمَ جِئْتَ" و"اقْتِضَاءَ مَ اقْتَضَى زَيْدٌ" وإذا وُقِفَ عليها بعدَ دخولِ الجارِّ فإما أنْ يكونَ الجارُّ لها حرفًا أو اسمًا، فإنْ كانَ حرفًا جازَ إلحاقُ هاءِ السكتِ نحو: "عَمَّهْ" و"فِيمَهْ" وإنْ كانَ اسمًا وَجَبَ إلحاقُها نحوَ: "اقْتِضَاءَ مَهْ" و"مَجِيءَ مَهْ".

وَوَصْلُ ذِي الهَاءِ أَجِزْ بِكُلِّ مَا = حُرِّكَ تَحْرِيكَ بِنَاءٍ لَزِمَا([8])
وَوَصْلُهَا بِغَيْرِ تَحْرِيكٍ بِنَا = أُدِيمَ شَذَّ فِي المُدَامِ اسْتَحْسِنَا([9])
يجُوزُ الوقفُ بهاءِ السكتِ على كلِّ متحرِّكٍ بحركةِ بناءٍ لازمةٍ لا تُشْبِهُ حركةَ إعرابٍ، كقولك في "كَيْفَ": و"كَيْفَهْ" ولا يُوقَفُ بها على ما حَرَكَتْهُ إِعْرَابِيَّةٌ نحوَ: "جَاءَ زَيْدٌ" ولا على ما حَرَكَتُهُ مُشْبِهَةٌ للحركةِ الإِعْرَابِيَّةِ كحَرَكَةِ الفِعْلِ الماضيِ، ولا على ما حَرَكَتُهُ البنائيَّةُ غيرُ لازمةٍ نحوَ: "قَبْلُ" و"بَعْدُ" والمنادى المفرُد نحو: "يا زيدُ ويا رَجُلُ" واسمِ "لا" التي لنفيِ الجنسِ نحوَ: "لا رَجُلَ" وشذَّ وصلُها بما حَرَكَتُهُ البنائيَّةُ غيرُ لازمةٍ كقولِهم في "مِنْ عَلُ": "مِنْ عَلُهْ"([10]) واستَحسنَ إلحاقَها بما حركتُه دائمةٌ لازمةٌ.

ورُبَّمَا أُعْطِيَ لَفْظُ الوَصْلِ مَا = لِلوَقْفِ نَثْرًا وَفَشَا مُنْتَظِمَا([11])
قد يُعْطَى الوصلُ حُكْمَ الوقفِ، وذلك كثيرٌ في النَّظْمِ، قليلٌ في النثرِ، ومنه في النثرِ قولُه تعالى: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} ومِنَ النظمِ قولُه:
357- مِثْلُ الحَرِيقِ وَافَقَ القَصَبَّا([12])
فضعَّفَ الباءَ، وهي موصولةٍ بحرفِ الإطلاقِ وهو الألفُ.


([1])(في الوقف) جار ومجرور متعلق بقوله (جعل) الآتي (تا) قصر للضرورة: مبتدأ وتا مضاف و(تأنيث) مضاف إليه، وتأنيث مضاف و(الاسم) مضاف إليه (ها) بالقصر ضرورة: مفعول ثان لجعل تقدم عليه (جعل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل – وهو المفعول الأول – ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تاء التأنيث، والجملة من جعل ونائب فاعله في محل رفع خبر المبتدأ (إن) شرطية (لم) نافية جازمة (يكن) فعل مضارع ناقص، مجزوم بلم، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تاء التأنيث (بساكن) جار ومجرور متعلق بقوله (وصل) الآتي (صح) فعل ماض، وفيه ضمير مستتر فاعل، والجملة في محل جر صفة لساكن (وصل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والجملة في محل نصب خبر يكن، وجملة (يكن) ومعموليه فعل الشرط وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام.

([2])(وقل) فعل ماض (ذا) اسم إشارة: فاعل قل (في جمع) جار ومجرور متعلق بقل، وجمع مضاف و(تصحيح) مضاف إليه (وما) اسم موصول: معطوف على جمع تصحيح (ضاهى) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة والجملة من ضاهى وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول (وغير) مبتدأ وغير مضاف و(ذين) مضاف إليه (بالعكس) جار ومجرور متعلق بقوله انتمى (انتمى) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى غير الواقع مبتدأ، والجملة من انتمى وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ.

([3])(وقف) فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (بها) قصر للضرورة: جار ومجرور متعلق بقف، وها مضاف و(السكت) مضاف إليه (على الفعل) جار ومجرور متعلق بقف (المعل) صفة للفعل (بحذف) جار ومجرور متعلق بقوله (المعل) وحذف مضاف و(آخر) مضاف إليه (كأعط) الكاف جارة لقول محذوف، أعط: فعل أمر، مبني على حذف الياء والكسرة في آخره دليل عليها، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (من) اسم موصول: مفعول به لأعط (سأل) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من الموصولة، والجملة من سأل وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول وجملة فعل الأمر وفاعله ومفعوله في محل نصب مقول القول المحذوف، وتقدير الكلام: كقولك: أعط من سأل.

([4]) و(ليس) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى لحاق هاء السكت (حتما) خبر ليس (في سوى) جار ومجرور متعلق بحتم، وسوى مضاف و(ما) اسم موصول: مضاف إليه (كع) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول (أو) حرف عطف (كيع) معطوف على الجار والمجرور السابق (مجزوما) حال من المجرور الثاني (فراع) راع: فعل أمر مبني على حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (ما) اسم موصول: مفعول به لراع (رعوا) رعى: فعل ماض، وواو الجماعة فاعله، والجملة من (راع) وفاعله لا محل لها صلة الموصول، والعائد ضمير منصوب المحل محذوف والتقدير: راع الذي رعوه.

([5])قد رد ابن هشام ما ذكره الناظم، وتبعه عليه الشارح هنا – من أنه يجب لحاق هاء السكت في الوقف على نحو: "لم يع، ولم يف" – ورد ذلك بإجماع القراء على عدم ذكر الهاء في الوقف على قوله تعالى {ولم أك} وقوله سبحانه {ومن يتق} والقراءة مع كونها سنة متبعة لا تخالف العربية ولا تأتي على وجه يمتنع عربية.

([6]) و(ما) مبتدأ خبره الجملة الشرطية التالية (في الاستفهام) جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لما (إن) شرطية (جرت) جر: فعل ماض مبني للمجهول، فعل الشرط، والتاء للتأنيث ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على ما الاستفهامية (حذف) فعل ماض مبني للمجهول، جواب الشرط (ألفها) ألف: نائب فاعل لحذف، وألف مضاف وها: مضاف إليه (وأولها) أول: فعل أمر مبني على حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وها: مفعول أول لأول (الها) قصر للضرورة: مفعول ثان لأول (إن) شرطية (تقف) فعل مضارع فعل الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام، والتقدير: إن تقف فأولها الهاء.

([7]) و(ليس) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على إيلاء ما الاستفهامية الهاء في الوقف (حتما) خبر ليس (في سوى) جار ومجرور متعلق بقوله (حتما) وسوى مضاف و(ما) اسم موصول: مضاف إليه (انخفضا) انخفض: فعل ماض، والألف للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة من انخفض وفاعله المستتر فيه لا محل لها صلة (باسم) جار ومجرور متعلق بانخفض (كقولك) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كقولك (اقتضاء) مفعول مطلق تقدم على عامله وجوبا لإضافته إلى اسم الاستفهام الذي له صدر الكلام، واقتضاء مضاف و(م) اسم استفهام مضاف إليه (اقتضى) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة في محل نصب مقول القول المحذوف.

([8]) و(وصل) مفعول تقدم على عامله، وهو قوله (أجز) الآتي ووصل مضاف و(ذي) اسم إشارة: مضاف إليه (الهاء) بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه أو نعت له (أجز) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (بكل) جار ومجرور متعلق بقوله أجز، أو بوصل وكل مضاف و(ما) اسم موصول: مضاف إليه (حرك) فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة من حرك ونائب فاعله المستتر فيه لا محل لها صلة الموصول (تحريك) مفعول مطلق مبين للنوع، وتحريك مضاف و(بناء) مضاف إليه (لزما) لزم: فعل ماض، والألف للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بناء، والجملة في محل جر صفة لبناء.

([9]) و(وصلها) وصل: مبتدأ، ووصل مضاف وها: مضاف إليه (بغير) جار ومجرور متعلق بوصل، وغير مضاف و(تحريك) مضاف إليه، وتحريك مضاف و(بنا) قصر للضرورة: مضاف إليه (أديم) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تحريك بناء، والجملة من أديم ونائب فاعله المستتر فيه في محل جر صفة لتحريك بناء (شذ) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وصلها الواقع مبتدأ، والجملة من شذ وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ (في المدام) جار ومجرور متعلق بقوله (استحسن) الآتي (استحسن) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه، وهذه الجملة معطوفة على جملة الخبر بعاطف مقدر، أي: واستحسن في المدام.

([10])وذلك كما في قول الراجز:
يا رب يوم لي لا أظلله = أرمض من تحت وأضحى من عله

([11])(وربما) رب: حرف تقليل، وما: كافة (أعطي) فعل ماض مبني للمجهول (لفظ) نائب فاعل لأعطي، وهو المفعول الأول لأعطي، ولفظ مضاف و(الوصل) مضاف إليه (ما) اسم موصول: مفعول ثان لأعطي (للوقف) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول (نثرا) منصوب على نزع الخافض أو حال على التاويل بمشتق، أي: ذا نثر، أي: واقعا في نثر (وفشا) فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى إعطاء الوصل ما للوقف (منتظما) حال من فاعل (فشا).

([12])357 - هذا بيت من الرجز المشطور، نسب في كتاب سيبويه إلى رؤبة بن العجاج بن رؤبة، ونسبه أبو حاتم في كتاب (الطير) إلى أعرابي ولم يسمه ونسبه الجرمي إلى ربيعة بن صبيح وقبل هذا البيت قوله:
كأنه السيل إذا اسلحبا
ويروى أول بيت الشاهد: أو كالحريق - إلخ.
اللغة: (كأنه) الضمير يعود إلى الجدب الذي خشيه الراجز وتوقعه في أول هذه الكلمة، وذلك في قوله:
لقد خشيت أن أرى جدبا = في عامنا ذا بعد ما أخصبا
(اسلحبا) أي: امتد وانبطح، ويريد ذلك أنه يملأ البطاح، ويعم الأدوية (الحريق) أراد به النار (القصبا) هو كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا.
الإعراب: (مثل) بالرفع: خبر مبتدأ محذوف، أي: هو مثل، ومثل مضاف و(الحريق) مضاف إليه (وافق) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الحريق، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب حال من الحريق (القصبا) مفعول به لوافق.
الشاهد فيه: قوله (القصبا) حيث ضعف الباء مع كونها موصولة بألف الإطلاق.


  #3  
قديم 1 محرم 1430هـ/28-12-2008م, 11:01 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


فصلٌ: وإذا وُقِفَ على تاءِ التأنيثِ الْتُزِمَتِ التاءُ إنْ كانَتْ مُتَّصِلَةً بحرفٍ؛ كثُمَّتْ، أو فِعْلٍ؛ كقَامَتْ، أو باسمٍ وقبلَها ساكنٌ صحيحٌ؛ كأُخْتٍ وبِنْتٍ. وجازَ إبقاؤُها وإبدالُها إنْ كانَ قبلَها حركةٌ، نحوُ: تَمْرَةٍ وشَجَرَةٍ، أو ساكنٌ مُعْتَلٌّ، نحوُ: صلاةٍ ومُسْلِمَاتٍ، لكِنَّ الأرجحَ في جمعِ التصحيحِ؛ كمُسْلِمَاتٍ وفيما أَشْبَهَه؛ وهو اسمُ الجمعِ، وما سُمِّيَ به من الجمعِ تحقيقاً أو تقديراً، فالأَوَّلُ أُولاَتُ، والثاني كعَرَفَاتٍ وأَذْرِعَاتٍ، والثالثُ كهَيْهَاتَ؛ فإنَّها في التقديرِ: جمعُ هَيْهِيَةٍ، ثمَّ سُمِّي بها الفعلُ الوقفُ بالتاءِ، ومِن الوقفِ بالإبدالِ قولُهم: (كيفَ الإخوةُ والأَخَوَاهْ؟)، وقولُهم: (دَفْنُ البَنَاهْ مِنَ الْمَكْرُمَاهْ)، وقَرَأَ الكِسَائِيُّ والبَزِّيُّ: (هَيْهَاهْ)([1])، والأرجحُ في غَيْرِهما الوقفُ بالإبدالِ، ومِن الوقفِ بتَرْكِه قراءةُ نافِعٍ وابنِ عامِرٍ وحَمْزَةَ: (إِنَّ شَجَرَتْ)([2])، وقالَ الشاعِرُ:
556- وَاللهُ أَنْجَاكَ بِكَفَّيْ مَسْلَمَتْ = مِنْ بَعْدِمَا وَبَعْدِمَا وَبَعْدِمَتَ
كَانَتْ نُفُوسُ الْقَوْمِ عِنْدَ الغَلْصَمَتْ = وكَادَتِ الحُرَّةُ أنْ تُدْعَى أَمَتْ([3])
فصلٌ: ومن خصائصِ الوقفِ اجتلابُ هاءِ السَّكْتِ، ولها ثلاثةُ مَوَاضِعُ:
أَحَدُها: الفعلُ المُعَلُّ بحذفِ آخرِه، سواءٌ كانَ الحذفُ للجزمِ، نحوُ: (لم يَغْزُهْ)، و(لم يَخْشَهْ)، و(لم يَرْمِهْ)، ومنه: {لَمْ يَتَسَنَّهْ}([4])، أو لأجلِ البناءِ، نحوُ: (اغْزُهْ)، و(اخْشَهْ)، و(ارْمِهْ)، ومنه: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}([5])، والهاءُ في ذلك كلِّه جائزةٌ، لا واجبةٌ، إلاَّ في مسألةٍ واحدةٍ، وهي أنْ يكونَ الفِعْلُ قد بَقِيَ على حرفٍ واحدٍ؛ كالأمرِ من (وَعَى يَعِي)؛ فإنَّكَ تقولُ: (عِهْ)، قالَ الناظِمُ: (وكذا إذا بَقِيَ على حرفيْنِ، أَحَدُهما زائدٌ نحوُ: يَعِهْ). اهـ، وهذا مردودٌ بإجماعِ المُسلمينَ على وُجُوبِ الوقفِ على نحوِ: {وَلَمْ أَكُ}([6])، {وَمَنْ تَقِ}([7]) بتركِ الهاءِ.
الثاني: (ما) الاستفهاميَّةُ المجرورةُ؛ وذلك أنه يَجِبُ حَذْفُ أَلِفِها إذا جُرَّتْ، نحوُ: عَمَّ وفِيمَ ومَجِيءَ مَ جِئْتَ فَرْقاً بينَهما وبينَ (ما) الخبريَّةِ في مثلِ: (سَأَلْتُ عَمَّا سَأَلْتُ عنه)، فإذا وَقَفْتَ عليها أَلْحَقْتَهَا الهاءَ؛ حِفظاً للفتحةِ الدالَّةِ على الألفِ، ووَجَبَتْ إنْ كانَ الخافِضُ اسماً؛ كقولِكَ في (مَجِيءَ مَ جِئْتَ)، و(اقْتِضَاءَ ما اقْتَضَى): مجيءَ مَهْ واقْتِضَاءَ مَهْ، وتَرَجَّحَتْ إنْ كانَ حَرفاً، نحوُ: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}([8])، وبها قَرَأَ البَزِّيُّ.
الثالِثُ: كلُّ مَبْنِيٍّ على حركةِ بناءٍ دائماً، ولم يُشْبِهِ المعرَبَ، وذلك كَيَاءِ المتكلِّمِ، وكهِيَ، وهو فيمَن فَتَحَهُنَّ، وفي التنزيلِ: {مَا هِيَهْ}([9])، و{مَالِيَهْ}([10])، و{سُلْطَانِيَهْ}([11])، وقالَ الشاعِرُ:
557- فما إنْ يُقَالُ لَهْ مَنْ هُوَهْ([12])
ولا تَدْخُلُ في نحوِ: (جاءَ زيدٌ)؛ لأنَّه مُعْرَبٌ، ولا في نحوِ: (اضْرِبْ)، و(لم يَضْرِبْ)؛ لأنَّه ساكِنٌ، ولا في نحوِ: (لا رَجُلَ) و(يا زَيْدُ)، و(مِنْ قَبْلُ ومِنْ بَعْدُ)؛ لأنَّ بِنَاءَهُنَّ عارِضٌ، وشَذَّ قَوْلُهُ:
558- أَرْمَضُ مِنْ تَحْتُ وَأَضْحَى مِنْ عَلُهْ([13])
فلَحِقَتْ ما بُنِيَ بِناءً عارِضاً؛ فإنَّ (عَلُ) من بابِ (قبلُ وبعدُ)، قالَه الفَارِسِيُّ والناظِمُ، وفيه بحثٌ مذكورٌ في بابِ الإضافةِ. ولا في الفعلِ الماضي كـ (ضَرَبَ) و(قَعَدَ) لِمُشَابَهَتِهِ للمضارِعِ في وُقُوعِهِ صفةً وصِلَةً وخَبَراً وحالاً وشَرْطاً.
مسألةٌ: قد يُعْطَى الوصلُ حُكْمَ الوقفِ، وذلك قليلٌ في الكلامِ، كثيرٌ في الشعرِ، فمِن الأوَّلِ قِرَاءَةُ غيرِ حَمْزَةَ والكِسَائِيِّ: (لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ)([14])، (فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ)([15]) بإثباتِ هاءِ السكتِ في الدَّرْجِ، ومِن الثاني قولُه:
559- مِثْلُ الْحَرِيقِ وَافَقَ الْقَصَبَّا([16])
أصلُه: القَصَبَ بتخفيفِ الباءِ، فقَدَّرَ الوقفَ عليها فشَدَّدَهَا على حدِّ قولِهِم في الوقفِ: (هذا خالِدّ) بالتشديدِ، ثمَّ أَتَى بحرفِ الإطلاقِ، وهو الألِفُ، وبَقِيَ تضعيفُ الباءِ.


([1]) سورةُ المؤمنون، الآيةُ: 36.

([2]) سورةُ الدُّخَانِ، الآيةُ: 43.

([3]) 556-هذه أربعةُ أبياتٍ مِن الرَّجَزِ المشطورِ، وهذا الشاهدُ من كلامِ أبي النَّجْمِ العِجْلِيِّ، الراجزِ المعروفِ.
اللغةُ: (الغَلْصَمَةُ) طرفُ الحُلْقُومِ
الإعرابُ: (اللهُ) مبتدأٌ، (أَنْجَاكَ) أَنْجَى: فعلٌ ماضٍ، وفاعلُه مُسْتَتِرٌ فيه يعودُ إلى لفظِ الجلالةِ، وضميرُ المخاطَبِ مفعولٌ به، (بِكَفَّيْ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بأَنْجَى، وكَفَّيْ مضافٌ و(مَسْلَمَةْ) مضافٌ إليه، (من بعدِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بأَنْجَى أيضاً، (ما) مصدريَّةٌ، (وبعدِ ما) الواوُ عاطفةٌ، والظرفُ معطوفٌ على الظرفِ قبلَه، وما: مصدريَّةٌ أيضاً، (وَبَعْدِمَتَ) مثلُ سابقِه إلاَّ أنه أَبْدَلَ مِن ألفِ (ما) المصدريَّةِ هاءً، ثمَّ أَبْدَلَ مِن هذه الهاءِ تاءً في الوقفِ، (كانَتْ) كانَ: فعلٌ ماضٍ ناقصٌ، والتاءُ تاءُ التأنيثِ، (نُفُوسُ) اسمُ كانَ، وهو مضافٌ و(القومِ) مضافٌ إليه، (عندَ) ظرفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرُ كانَ، وعندَ مضافٌ و(الغَلْصَمَتْ) مضافٌ إليه مجرورٌ بكسرةٍ مُقَدَّرَةٍ على آخِرِه، مَنَعَ مِن ظُهُورِها سكونُ الوَقْفِ، وكانَ معَ ما دَخَلَتْ عليه في تأويلِ مصدرٍ بواسطةِ ما المصدريَّةِ، وهذا المصدرُ مجرورٌ بإضافةِ بعدِ إليه، وتقديرُ الكلامِ: اللهُ أَنْجَاكَ بِكَفَّيْ مَسْلَمَةَ مِن بعدِ كونِ نُفُوسِ القومِ عندَ الغَلْصَمَةِ، (وكادَتِ) الواوُ حرفُ عطفٍ، كادَ: فعلٌ ماضٍ ناقصٌ، والتاءُ للتأنيثِ، (الحُرَّةُ) اسمُ كادَ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، (أنْ) مصدريَّةٌ، (تُدْعَى) فعلٌ مضارعٌ مبنيٌّ للمجهولِ منصوبٌ بأنْ وعلامةُ نصبِه فتحةٌ مُقَدَّرَةٌ على الألِفِ، ونائبُ فاعلِه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُهُ هي، (أَمَتْ) مفعولٌ ثانٍ لِتُدْعَى منصوبٌ بفتحةٍ مُقَدَّرَةٍ مَنَعَ مِن ظُهُورِها سكونُ الوقفِ، وأنْ معَ ما دَخَلَتْ عليه في تأويلِ مصدرٍ يَقَعُ خبرَ كادَ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (الغَلْصَمَةُ، ومَسْلَمَةٌ، وأَمَةٌ)؛ حيثُ لم يُبْدِلْ تاءَ التأنيثِ في الوَقْفِ هاءً، بل أَبْقَاهَا على حالِها، وأمَّا قولُه: (مَتْ)؛ فإنَّ الأصلَ (ما)، فأَبْدَلَ الألِفَ هاءً، ثمَّ أَبْدَلَ الهاءَ تاءً؛ لِيُوَافِقَ بذلك قَوَافِيَ بَقِيَّةِ الأبياتِ، وقالَ ابنُ جِنِّيٍّ: (أَبْدَلَ الألِفَ هاءً، ثُمَّ الهاءَ تاءً تَشْبِيهاً لها بهاءِ التأنيثِ، فوَقَفَ عليها بالتاءِ)، وذَكَرَ أنه عَرَضَ هذا التخريجَ على شَيْخِه أبي عَلِيٍّ فقَبِلَه وارْتَضَاهُ.

([4]) سورةُ البقرةِ، الآيةُ: 259.

([5]) سورةُ الأنعامِ، الآيةُ: 90.

([6]) سورةُ مَرْيَمَ، الآيةُ: 20.

([7]) سورةُ غافِرٍ، الآيةُ: 9.

([8]) سورةُ النَّبَأِ، الآيةُ: 1.

([9]) سورةُ القارعةِ، الآيةُ: 10.

([10]) سورةُ الحاقَّةِ، الآيةُ: 28.

([11]) سورةُ الحاقَّةِ، الآيةُ: 29.

([12]) 557- هذا الشاهِدُ مِن كلامِ حَسَّانَ بنِ ثَابِتٍ الأنصارِيِّ، شاعرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والذي أَنْشَدَهُ المؤلِّفُ ههنا عَجُزُ بيتٍ مِن المُتَقَارِبِ، وصَدْرُه قولُه:
*إِذَا مَا تَرَعْرَعَ فِينَا الغُلاَمُ*
اللغةُ: (تَرَعْرَعَ) تقولُ: (تَرَعْرَعَ الصَّبِيُّ)؛ أي: تَحَرَّكَ ونَشَأَ، (الغُلامُ) بضمِّ الغَيْنِ، بزِنَةِ الغُرَابِ – الصبِيُّ، والأُنْثَى غُلامَةٌ، وقالَ الشاعِرُ يَصِفُ فَرَساً:
*تُهَانُ لَهَا الغُلاَمَةُ والغُلاَمُ*
ويُجْمَعُ الغلامُ على غِلْمَةٍ وعلى غِلْمَانٍ، مِثْلُ صِبْيَةٍ ومثلُ صِبْيَانٍ، (فما إنْ يُقَالُ له: مَن هُوَهْ) يُرِيدُ أنه لا يَسْأَلُه أحدٌ عن نفسِه؛ لأنَّه يَشْتَهِرُ ويُعْرَفُ شأنُه.
الإعرابُ: (إذا) ظَرْفِيَّةٌ تَضَمَّنَتْ معنى الشرطِ، (ما) زائدةٌ، (تَرَعْرَعَ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، (فِينَا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: تَرَعْرَعَ، (الغُلامُ) فاعلُ تَرَعْرَعَ، (فما) الفاءُ واقعةٌ في جوابِ إذا، وما: حرفُ نَفْيٍ، (إنْ) زائدةٌ، (يُقالُ) فعلٌ مضارِعٌ مبنيٌّ للمجهولِ، (له) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: يُقالُ، (مِن) اسمُ استفهامٍ مبنيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفعٍ مبتدأٌ، (هُوَهْ) هو: ضميرٌ مُنْفَصِلٌ في مَحَلِّ رفعٍ خبرُ المبتدأِ، والجملةُ مِن المبتدأِ وخبرِه في مَحَلِّ رفعٍ نائبُ فاعلِ يُقَالُ، والهاءُ هي هاءُ السَّكْتِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (هُوَهْ)؛ حيثُ أَلْحَقَ هاءَ السكتِ بالضميرِ؛ لكونِه مَبْنِيًّا على حركةٍ، وإنما جِيءَ بالهاءِ معَ المبنيِّ على حركةٍ لِتَبْقَى حركةُ البناءِ – وهي الفتحةُ – بِحَالِها، نظيرُ الإتيانِ بها في قَوْلِهِ تعالى: {سُلْطَانِيَهْ} و{مَالِيَهْ}، وهذا إنما يَجْرِي على لغةِ مَن بَنَى على الفتحِ، فأمَّا مَن لم يَفْتَحْ في ياءِ المتكلِّمِ مثلاً فإنَّه يَقِفُ بالسكونِ، ولا يأتي بهاءِ السكتِ؛ إذ لا فائدةَ في الإتيانِ بها حينَئذٍ.

([13]) 558- هذا الشاهدُ قد نَسَبَه العَيْنِيُّ لأبي ثَرْوَانَ، ووَقَعَ خَطَأً في التصريحِ (لأبي مَرْوَانَ)، وقد وَرَدَ أيضاً في أُرْجُوزَةٍ مَنْسُوبَةٍ لأبي الهَجَنْجَلِ. والذي أَنْشَدَه المؤلِّفُ بيتٌ مِن الرَّجَزِ المشطورِ، وقبلَه قولُه:
*يَا رُبَّ يَوْمٍ لِي لاَ أُظَلَّلُهُ*
اللغةُ: (لا أُظَلَّلُهُ) أَصْلُه: لا أُظَلَّلُ فيه – بالبناءِ للمجهولِ – فحَذَفَ حرفَ الجرِّ وأَوْصَلَ الفعلَ إلى الضميرِ بنفسِه، (أَرْمَضُ) أصلُ هذه المادَّةِ قَوْلُهم: (رَمِضَتْ قَدَمُ فُلانٍ) مِن بابِ فَرِحَ – إذا احْتَرَقَتْ بالرَّمْضَاءِ، وقالوا: (أَرْمَضَ فلانٌ فلاناً) إذا أَحْرَقَه بالرَّمْضَاءِ أيضاً، وقالوا: (أَرْمَضَتْهُ الرَّمْضَاءُ)؛ أي: أَحْرَقَتْه، (وأَضْحَى)؛ أي: أَتَعَرَّضُ للشمسِ في وقتِ الضُّحَى، وقالَ الشيخُ خَالِدٌ – وتَبِعَه الشيخُ يس – هو بالبناءِ للمجهولِ كسابِقَيْهِ، وليسَ بلازِمٍ، بل الأَوْفَقُ فيه أنْ يكونَ مَبْنِيًّا للمعلومِ، نظيرُ ما في قَوْلِهِ تعالى: {وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى}.
الإعرابُ: (يا) حَرْفُ تَنْبِيهٍ، أو حرفُ نِدَاءٍ، والمُنَادَى به محذوفٌ؛ أي: يا هؤلاء، مَثَلاً، (رُبَّ) حرفُ تكثيرٍ وجرٍّ شبيهٌ بالزائدِ، (يومَ) مبتدأٌ مرفوعٌ بضمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على آخِرِهِ مَنَعَ مِن ظُهُورِها اشتغالُ المَحَلِّ بحركةِ حرفِ الجرِّ الزائدِ، (لي) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ صفةٌ لِيَوْمٍ، (لا) حرفُ نفيٍ، (أُظْلَّلُهُ) أُظَلَّلُ: فعلٌ مضارعٌ مَبْنِيٌّ للمجهولِ، ونائبُ فاعلِه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُهُ أنا، والضميرُ المتَّصِلُ به مفعولٌ ثانٍ على التوسُّعِ، أو هو منصوبٌ مَحَلاًّ على نَزْعِ الخافِضِ كما قلنا في لُغَةِ البيتِ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (مِنْ عَلُهْ)؛ حيثُ أَلْحَقَ هاءَ السكتِ كَلِمَةَ (عَلُ)، وهي كَلِمَةُ بناءٍ عَارِضاً، وذلك شاذٌّ؛ لأنَّها إنما تَلْحَقُ ما كانَ مَبْنِيًّا بناءً دَائِماً كالضمائرِ.
وهذا الذي قالَه المؤلِّفُ في هذه الكَلِمَةِ هو ما قالَه فيها ابنُ مالِكٍ تَبَعاً لأبي عليٍّ الفارِسِيِّ، ومِن العُلَمَاءِ مَن قالَ: هذه الهاءُ لَيْسَتْ هاءَ السَّكْتِ، ولكنَّها بَدَلٌ من الواوِ التي هي لامُ الكَلِمَةِ؛ وذلك لأنَّ أصلَ (عَلُ) عَلْوٌ – بفتحِ العينِ وسكونِ اللامِ، وآخِرَها واوٌ، كما جاءَ في قولِ الأعشى البَاهِلِيِّ يُرْثِي أَخَاهُ لأُمِّهِ المُنْتَشِرِ:
إِنِّي أَتَتْنِي لِسَانٌ لا أَسَرُّ بِهَا = مِنْ عَلْوَ لاَ عَجَبٌ مِنْهَا وَلاَ سَخَرٌ
فلَمَّا أرادَ الشاعِرُ هنا أنْ يَقِفَ على (عَلُ) رَدَّ لامَها وقلَبَها هاءً ووَقَفَ على هذه الهاءِ.

([14]) سورةُ البقرةِ، الآيةُ: 259.

([15]) سورةُ الأنعامِ، الآيةُ: 90.

([16]) 559-قد نَسَبُوا هذا الشاهِدَ لِرُؤْبَةَ بنِ العَجَّاجِ، ومِنهم مَن نَسَبَه إلى رَبِيعَةَ بنِ ضَبُعٍ، والذي أَنْشَدَهُ المؤلِّفُ ههنا بيتٌ مِن مشطورِ الرَّجَزِ، وقبلَه قولُه:
لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدْباً = فِي عَامِنَا ذَا بَعْدَ مَا أَخْصَبَّا
إنَّ الدَّبَى فَوْقَ المُتُونِ دَبَّا = كَأَنَّهُ السَّيْلُ إِذَا اسْلَحَبَّا
*أو الحَرِيقُ وَافَقَ القَصَبَّا*
ومن هذه الروايةِ تَعْرِفُ أنَّ روايةَ الشاهدِ على ما في الكتابِ وكثيرٍ مِن كُتُبِ النحاةِ قد أَصَابَها شيءٌ مِن التغييرِ.
اللغةُ: (جَدَبَّا) هو القَحْطُ، وأَصْلُه بفتحِ الجيمِ وسكونِ الدالِ، (اخْصَبَّ): نَمَى فيه الزرعُ وظَهَرَ الخِصْبُ، وأَصْلُهُ بفتحِ الباءِ مُخَفَّفَةً، (الدَبَى) بفتحِ الدالِ مقصوراً بِزِنَةِ الفَتَى – وهو الجرادُ، (المُتُونِ) جمعُ مَتْنٍ، وهو الظَّهْرُ، وأرادَ مُتُونَ الأَوْدِيَةِ، (دَبَّا) مَشَى مَشْياً فيه تُؤَدَةٌ وهِينَةٌ، (اسْلَحَبَّا) امْتَدَّ وانْبَطَحَ، وأرادَ بذلك أنه يَمْلأُ البِطَاحَ ويَعُمُّ الوِدْيَانَ، (الْحَرِيقُ) أرادَ النارَ المُشْتَعِلَةَ، (القَصَبَّا) كلُّ نباتٍ يكونُ سَاقُه أنابيبَ وكُعُوباً.
الإعرابُ: (مِثْلُ) هو على هذه الروايةِ مرفوعٌ على أنه خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ؛ أي: هو مِثْلُ، ومثلُ مضافٌ و(الحَرِيقِ) مضافٌ إليه، مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، (وَافَقَ) فعلٌ ماضٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُهُ هو يعودُ إلى الحَرِيقِ، (القَصَبَّا) مفعولٌ به لقولِهِ: وَافَقَ، وجملةُ الفعلِ الماضي وفاعلِه ومفعولِه في مَحَلِّ جرٍّ صفةٌ للحَرِيقِ، أو في مَحَلِّ نصبٍ حالٌ مِنه؛ وذلك لأنَّه اسمٌ مُقْتَرِنٌ بألِ الجِنْسِيَّةِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (القَصَبَّا)؛ حيثُ شَدَّدَ الباءَ كأنه وَقَفَ عليها بالتضعيفِ، معَ أنَّ حقيقةَ الأمرِ أنه وَقَفَ باجتلابِ ألفِ الوصلِ، فلم تَكُنِ الباءُ حالَ الوقفِ واقعةً في الآخِرِ حتى يُعَامِلَها هذه المعاملةَ، وهذا ضَرْبٌ مِن مُعَامَلَةِ الوصلِ معاملةَ الوَقْفِ، وابنُ مالِكٍ يقولُ في شأنِ هذه المسألةِ: (وفَشَا مُنْتَظِما) يريدُ أنَّ معاملةَ الوصلِ معاملةَ الوقفِ كثيرٌ في الشعرِ ذائعٌ فاشٍ.



  #4  
قديم 1 محرم 1430هـ/28-12-2008م, 11:02 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


891 - (فِي الوَقْفِ تَا تَأْنِيثِ اسمِ هَا جُعِلْ = إِنْ لَمْ يَكُنْ بِسَاكِنٍ صَحَّ وُصِلْ)
892 - وَقَلَّ ذَا فِي جَمْعِ تَصْحِيحٍ وَمَا = ضَاهَى وغَيْرُ ذَيْنِ بالعَكْسِ انْتَمَى
نحوُ: فَاطِمَةَ، وحَمْزَةَ، وقَائِمَةَ.
واحْتُرِزَ بالتأنيثِ مِنْ تَاءٍ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّهَا لَا تُغَيَّرُ، وشَذَّ قولُ بعضِهِمْ: قَعَدْنَا عَلَى الفُرَاهْ، وبالاسْمِ مِنْ تَاءِ الفِعْلِ نحوُ: قَامَتْ، فَإِنَّهَا لاَ تُغَيَّرُ، وبعدمِ اتصالٍ بساكنٍ صحيحٍ مِنْ تَاءِ بِنْتٍ وأُخْتٍ، ونَحْوِهِمَا، فَإِنَّهَا لا تُغَيَّرُ.
وشَمِلَ كلامُهُ مَا قَبْلَهُ مُتَحَرِّكٌ كَمَا مَثَّلَ، ومَا قَبْلَهُ سَاكِنٌ غيرُ صحيحٍ، ولَا يكونُ إِلَّا أَلِفًا نحوُ الحَيَاةِ والفَتَاةِ – والأَعْرَفُ فِي هذيْنِ النوعينِ إِبْدَالُ التاءِ هاءً فِي الوَقْفِ، وإِنَّمَا جُعِلَ حُكْمُ الأَلِفِ حُكْمَ المتحرِّكِ؛ لِأَنَّهَا مُنْقَلِبةٌ عَنْ حَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ.
(وقَلَّ ذَا جَمْعِ تَصْحِيحٍ وَمَا * ضَاهَي) أَيْ: قَلَّ جَعْلُ التاءِ هَاءً فِي جَمْعِ تصحيحِ المؤنثِ، نحوُ: مُسْلِمَاتٍ ومَا ضَاهَاهُ – أَيْ: شَابَهَهُ – وأَرَادَ بِذَلِكَ "هَيْهَاتَ"، و"أُولَات" كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ)، فالأَعْرَفُ فِي هَذَا سَلَامَةُ التاءِ، وقَدْ سُمِعَ إِبْدَالُهَا هَاءً فِي قولِ بعضِهِم: "دَفْنُ البَنَاهْ مِنَ المُكْرَمَاهْ" يُرِيدُ: البناتِ مِنَ المُكْرَمَاتِ، و"كَيْفَ بِالإِخْوَةِ والأَخَوَاهْ"، وسُمِعَ "هَيْهَاهْ" و"أُولَاهْ"، ونَقَلَ بَعْضُهُم أَنَّهَا لُغَةُ طَيِّئٍ، وقَالَ فِي (الإِفْصَاحِ): شَذَّ؛ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ.
تنبيهٌ: إِذَا سُمِّيَ رجلٌ بـ "هَيْهَاتَ" عَلَى لُغَةِ مَنْ أَبْدَلَ، فَهِي كَطَلْحَةَ تُمْنَعُ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ، وإِذَا سُمِّيَ بِهِ عَلَى لُغَةِ مَنْ لَمْ يُبْدِلْ، فَهِي كَعَرَفَاتٍ يَجْرِي فِيهَا وجوهُ جَمْعِ المؤنثِ السالمِ إِذَا سُمِّيَ بِهِ.
(وغَيْرُ ذَيْنِ بالعَكْسِ انْتَمَى) الإِشَارَةُ إِلَى جَمْعِ التصحيح ِومُضَاهِيهِ يَعْنِي أَنَّ غَيْرَهُمَا يَقِلُّ فِيهِ سلامةُ التاءِ بِعَكْسِهِمَا، سَوَاءٌ كَانَ مُفْرَدًا كَمُسْلِمَةٍ أو جَمْعَ تَكْسِيرٍ كَغِلْمَةٍ، ومِنْ إِقْرَارِهَا تَاءً قولُ بعضِهِمْ: "يَا أَهْلَ سُورَةِ البَقَرَتْ"، فَقَالَ مُجْيِبٌ: "مَا أَحْفَظُ مِنْهَا ولَا آيَتْ" وقولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
1200 - اللهُ أَنْجَاكَ بِكَفَيِّ مُسْلِمَتْ = مِنْ بَعْدِ مَا وَبَعْدِ مَا وبَعْدَمَتْ
كَادَتْ نفوسُ القومِ عِنْدَ الغَلْصَمَتْ = وكَادَتْ الحُرَّةُ أَنْ تُدْعَى أَمَتْ
وأكثرُ مَنْ وَقَفَ بالتاءِ يُسَكِّنُهَا، ولو كانتْ مُنَوَّنَةً مَنْصُوبَةً، وعلَى هَذِهِ اللغةِ بِهَا كُتِبَ فِي المُصْحَفِ: {إِنَّ شَجْرَتْ الزَّقُّومِ} و{امْرَأَتْ نْوحٍ وامْرأَتْ لُوطٍ} وأَشْبَاهُ ذلكَ، فوَقَفَ عَلَيْهَا بالتاءِ نَافِعٌ وابْنُ عَامِرٍ وعَاصِمٌ وحَمْزَةُ، ووَقَفَ عَلَيْهَا بالهاءِ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبُو عَمْرٍو والكِسَائِيُّ، ووَقَفَ الكِسَائِيُّ عَلَى "لاتَ" بالهاءِ، ووقفَ الباقُونَ بالتاءِ، قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): ويجوزُ عِنْدِي أَنْ يُوقَفَ بالهاءِ عَلَى "رُبَّتْ" و"ثُمَّتْ" قِيَاسًا عَلَى قولِهِمْ فِي "لَاتْ": لَاهْ.
893 - (وقِفْ بِهَا السَّكْتِ عَلَى الفِعْلِ المُعَلّ = بِحَذْفِ آخِرٍ كَأَعْطِ مَنْ سَأَلْ)
يَعْنِي أَنَّ هاءَ السَّكْتِ مِنْ خَوَاصِ الوَقْفِ، وأَكْثَرُ مَا تُزَادُ بَعْدَ شَيْئَيْنِ:
أحدُهُمَا: الفِعْلُ المُعْتَلُّ، المَحْذَوفُ الآخِرِ جَزْمًا، نحوُ: "لَمْ يُعْطِهِ" أو وَقْفًا نحوُ: "أَعْطِهْ".
والثَّانِي: "مَا" الاسْتِفْهَامِيَّةِ إِذَا جُرَّتْ بحرفٍ نحوُ: "عَلَى مَهْ ولِمَهْ" أو باسِمٍ نحوُ: "اقْتِضَاءُ مَهْ".
ولِحَاقُهَا لِكُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ النوعينِ وَاجِبٌ وجائِزٌ، أَمَّا الفِعْلُ المَحْذُوفُ الآخِرِ فَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ بقولِهِ:
894 - (وَلَيْسَ حَتْمًا فِي سِوَى مَا كَعِ أو = كَيَعِ مَجْزُومًا فَرَاعِ مَا رَاعَوْا)
يَعْنِي أَنَّ الوَقْفَ بِهَاءِ السَّكْتِ عَلَى الفِعْلِ المُعَلِّ بحذفِ الآخِرِ لَيْسَ وَاجِبًا فِي غَيْرِ مَا بَقِيَ عَلَى حرفٍ واحِدٍ أو حَرْفَيْنِ، أَحَدُهُمَا زَائِدٌ، فالأولُ نحوُ: "عِهْ" أَمْرٌ مِنْ وَعَى يَعِي، ونحوُ "رَهْ" أَمْرٌ مِنْ رَأَى يَرَى، والثانِي: لَمْ يَعِهْ و"لَمْ يَرَهْ"؛ لِأَنَّ حرفَ المُضَارَعَةِ زَائِدٌ، فَزِيَادَةُ هاءِ السَّكْتِ فِي ذلكَ وَاجِبَة لِبَقَائِهِ عَلَى أَصْلٍ واحِدٍ، كَذَا قَالَهُ الناظمُ، قَالَ فِي (التَّوْضِيحِ): وهَذَا مَرْدُودٌ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِينَ عَلَى وجوبِ الوَقْفِ عَلَى "لَمْ أَكُ ومَنْ تَقِ" بِتَرْكِ الهاءِ.
تنبيهٌ: مُقْتَضَى تَمْثِيلِهِ أَنَّ ذلكَ إِنَّمَا يَجِبُ فِي المَحْذوفِ الفاءِ، وإِنَّمَا أَرَادَ بالتمثيلِ التنبيهَ عَلَى مَا بَقِي عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ أو حَرْفَيْنِ، أَحَدُهُمَا زَائِدٌ كَمَا سَبَقَ، فَمَحْذُوفُ العَيْنِ كذلكَ كَمَا سَبَقَ فِي التمثيلِ، بنحوِ: "رَهْ ولَمْ يَرَهْ" وفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ لِحَاقِهَا لِمَا بَقِي مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذلكَ، نحوُ: "أَعْطِهْ ولَمْ يُعْطِهْ" جائِزٌ لَا لَازِمٌ.

895 - ومَا فِي الاسْتِفْهَامِ إِنْ جُرَّتْ حُذِفْ = أَلِفُهَا، وأَوْلِهَا الهَا إِنْ تَقِفْ
896 - وَلَيْسَ حَتْمًا فِي سِوَى مَا انْخَفَضَا = باسِمٍ، كَقَوْلِكَ "اقْتِضَاءُ مَ اقْتَضَي"
(ومَا فِي الاستفهامِ إِنْ جُرَّتْ حُذِفْ * أَلِفُهَا) وجوبًا، سواءٌ جُرَّتْ بِحَرفٍ أو اسْمٍ، وأَمَّا قولُهُ [مِنَ الوَافِرِ]:
1201 - عَلَى مَا قَامَ يَشْتِمُنِي لَئِيمٌ = كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي رَمَادِ
فضرورةٌ.
واحْتُرِزَ بالاستفهاميةِ عَنِ المَوْصُولَةِ والشرطيةِ والمصدريةِ، نحوُ: "مَرَرْتُ بِمَا مَرَرْتَ بِهِ" و"بِمَا تَفْرَحُ أَفْرَحُ"، و"عَجِبْتُ مِمَّا تَضْرِبُ" فَلَا يُحْذَفُ أَلِفُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وزَعَمَ المُبَرِّدُ أَنَّ حَذْفَ أَلِفِ مَا الموصُولَةِ بـ "شِئْتَ" لُغَةٌ، ونَقَلَهُ أبُو زَيْدٍ أَيْضًا، قَالَ أَبُو الحَسَنِ فِي (الأَوْسَطِ):
وزَعَمَ أَبُو زَيْدٍ أَنَّ كثَيِرًا مِنَ العَرَبِ يقولونَ: "سَلْ عَمَّ شِئْتَ"، كَأَنَّهُم حَذَفُوا؛ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ إِيَّاهُ.
وفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ "إِنْ جُرَّتْ" أَنَّ المرفوعةَ والمنصوبةَ لَا تُحْذَفُ أَلِفُهَا، وهُو كَذَلِكَ، وأَمَّا قولُهُ [مِنَ الطَّوِيل]:
1202 - أَلَامَ تقولُ النَّاعِيَاتُ أَلَامَهْ = أَلَا فَانْدُبَا أَهْلَ النَّدَى والكَرَامَهْ
فضرورةٌ.
تنبيهاتٌ: الأولُ: أَهْمَلَ المصنفُ مِنْ شروطِ حَذْفِ أَلِفِهَا أَنْ لَا تُرَكَّبَ مَعَ "ذَا"، فَإِنْ رُكِّبَتْ مَعَهُ لَمْ تُحْذَفِ الأَلِفُ، نحوُ: "عَلَى مَاذَا تَلُومُونَنِي" وقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي (التَّسْهِيلِ) نَقَلَهُ المُرَادِيُّ:
الثانِي: سَبَبُ هَذَا الحَذْفِ إِرَادَةُ التفرقةِ بَيْنَهَا، وبَيْنَ المَوْصُولَةِ والشرطيةِ، وكَانَتْ أَوْلَى بالحذفِ لاسْتِقْلَالِهَا بِخِلَافِ الشَّرْطِيَّةِ، فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا بَعْدَهَا، وبِخِلَافِ الموصولةِ، فَإِنَّهَا والصِّلَةُ اسْمٌ وَاحِدٌ.
الثالثُ: وَقَدْ وَرَدَ تَسْكِينُ مِيمِهَا فِي الضرورةِ مَجْرُورَةً بحرفٍ، كقولِهِ [مِنَ الرَّجَزِ]:
1203 - يَا أَسَدِيّا لِمَ أَكَلْتَهُ لِمَهْ؟ = لَوْ خَافَكَ اللهُ عَلَيهِ حَرَّمَهْ
فَمَا قَرِبْتَ لَحْمَهُ وَلَا دَمَهْ
(وأَوْلِهَا الهَا إِنْ تَقِفْ) أَيْ: جَوَازًا إِنْ جُرَّتْ بحرفٍ، نحوُ: "عَمَّهْ" ووجوبًا إِنْ جُرَّتْ باسْمٍ، نحوُ: "اقْتِضَاءُ مَهْ"، ولِهَذَا قَالَ:
(ولَيْسَ حَتْمًا فِي سِوَى مَا انْخَفَضَا = باسْمٍ كَقَولِكَ "اقْتِضَاءُ مَ اقْتَضَى")
أَيْ: ولَيْسَ إِيلَاؤُهَا الهاءُ واجِبًا فِي سِوَى المجرورةِ بالاسْم،ِ وقَدْ مَثَّلَهُ، وعِلَّةُ ذَلكَ: أَنَّ الجَارَّ الحَرْفِيَّ كالجُزْءِ؛ لاتِّصَالِهِ بِهَا لفْظًا وخَطًّا، بِخِلَافِ الاسْمِ، فَوَجَبَ إِلْحَاقُ الهاءِ للمجرورةِ بالاسمِ؛ لِبَقَائِهَا عَلَى حَرْفٍ واحِدٍ.
تنبيهٌ: اتصالُ الهاءِ بالمجرورةِ بالحرفِ – وإِنْ لَمْ يَكُنْ واجِبًا – أَجْوَدُ فِي قِيَاسِ العَرَبِيَّةِ وأَكْثَرُ، وإِنَّمَا وَقَفَ أَكْثَرُ القُرَّاءِ بِغَيْرِ هَاءٍ اتِّبَاعًا للرَّسْمِ.
897 - ووَصْلُ ذِي الهاءِ أَجِزْ بِكُلِّ مَا = حُرِّكَ تَحْرِيكَ بِنَاءٍ لَزِمَا
898 - ووَصْلُهَا بغيرِ تَحْرِيكٍ بِنَا = أُدِيمَ شَذَّ فِي المُدَامِ اسْتُحْسِنَا
يَعْنِي أَنَّ هاءَ السَّكْتِ لَا تَتَّصِلُ بحركةِ إِعْرَابٍ، ولَا شَبِيهَةً بِهَا، فَلِذَلكَ لَا تَلْحَقُ اسْمَ "لَا"، ولَا المُنَادَى المضمومِ، ولَا مَا بُنِيَ؛ لِقَطْعِهِ عَنِ الإضافةِ كَقَبْلُ وبَعْدُ، ولَا العددَ المُرَكَّبَ نحوُ: خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ حركاتِ هَذِهِ الأشياءِ مُشَابِهَةٌ لِحَرَكَةِ الإِعْرَابِ، وأَمَّا قولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
1204 - يَا رُبَّ يَوْمٍ لِي لَا أُظَلِّلُهْ = أَرْمَضُ مِنْ تَحْتُ وأَضْحَى مِنْ عَلُهْ
فَشَاذٌّ؛ لِأَنَّ حَرَكَةَ "عَلُ" حركةُ بِنَاءٍ عَارِضَةٍ؛ لِقَطْعِهِ عَنِ الإِضَافَةِ، فَهِي كَقَبْلُ وبَعْدُ. وإِلَى هَذَا أَشَارَ بقولِهِ: "ووَصْلُهَا بغيرِ تَحْرِيكٍ بِنَا أُدِيمَ شَذّ" فَحَرَكَةُ "عَلُ" غيرُ حركةِ بِنَاءٍ مُدَامٍ، بَلْ حَرَكَةُ بِنَاءٍ غَيْرِ مُدَامٍ، وأَشَارَ بقولِهِ "فِي المُدَامِ اسْتُحْسِنَا" إِلَى أَنَّ وَصْلَ هَاءِ السَّكْتِ بِحَرَكَةِ البِنَاءِ المُدَامِ – أَيْ: المُلْتَزَمُ – جَائِزٌ مُسْتَحْسَنٌ، وذَلِكَ كفتحةِ هُو وهِي وكَيْفَ وثَمَّ، فَيُقَالُ فِي الوَقْفِ: "هُوهْ وهِيَهْ وكَيْفَهْ وثَمَّهْ".
تنبيهانِ: الأولُ: اقْتَضَى قولُهُ "ووَصْلُهَا بغيرِ تَحْرِيكٍ بِنَا أُدِيمَ شَذّ" أَنَّ وصَلْهَاَ بحِرَكَةِ الإعْرَابِ قَدْ شَذَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كلامَهُ يَشْمَلُ نَوْعَيْنِ: أحدُهُمَا تَحْرِيكُ البِنَاءِ غَيْرُ المُدَامِ، والآخَرُ تَحْرِيكُ الإِعْرَابِ، ولَيْسَ ذلكَ إِلَّا فِي الأولِ.
الثانِي: قولُهُ "فِي المُدَامِ اسْتُحْسِنَا" يَقْتَضِي جَوَازَ اتِّصَالِهَا بحركةِ المَاضِي؛ لِأَنَّهَا مِنَ التحريكِ المُدَامِ، وفِي ذلكَ ثلاثةُ أَقْوَالٍ، الأولُ: المَنْعُ مُطْلَقًا، والثانِي: الجوازُ مُطْلَقًا والثالثُ: الجَوَازُ إِنْ أُمِنَ اللَّبْسُ، نحوُ: "قَعَدَهُ"، والمَنْعُ إِنْ خِيفَ اللَّبْسُ نحوُ: ضَرَبَهْ، والصحيحُ الأولُ، وهُو مَذْهَبُ سِيبَوَيهِ والجمهورِ، واخْتَارَهُ المُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ حَرَكَتَهُ وإِنْ كَانَتْ لَازِمَةً فهِيَ شَبِيهَةٌ بِحَرَكَةِ الإِعْرَابِ؛ لِأَنَّ المَاضِي إِنَّمَا بُنِيَ عَلَى حركةٍ؛ لِشَبَهِهِ بالمُضَارِعِ المُعْرَبِ فِي وُجُوهٍ تَقَدَّمَتْ فِي مَوْضِعِهَا، فَكَانَ مِنْ حَقِّ المُصَنِّفِ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ كَمَا فَعَلَ فِي (الكَافِيَةِ) فقالَ فِيهَا:
وَوَصْلُ ذِي الهَاءِ أَجِزْ بِكُلِّ مَا = حُرِّكَ تَحْرِيكَ بِنَاءٍ لَزِمَا
مَا لَمْ يَكُنْ ذَلكَ فِعْلًا مَاضِيَا.
899 - وُرَّبَما أُعْطِي لَفْظُ الوَصْلِ مَا = لِلْوَقْفِ نَثْرًا، وفَشَا مُنْتَظِمَا
أيْ: قَدْ يُحْكَمُ لِلْوَصْلِ بِحُكْمِ الوَقْفِ، وذلكَ فِي النَّثْرِ قَلِيلٌ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقولِهِ: "وُرُبَّمَا"، ومِنْهُ قِرَاءَةُ غَيْرِ حَمْزَةَ والكِسَائِيِّ {لَمْ يَتَسَنَّهْ وانْظُرْ}، {فَبِهُدَاهُم اقْتَدِهْ قُلْ)، ومِنْهُ أَيْضًا {مَا لِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ خُذُوهُ}، {مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَهْ} ومِنْهُ قولُ بعضِ طَيِّئٍ "هَذِهِ حُبْلَوْ يَا فَتَى"؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا تُبْدَلُ هَذِهِ الأَلِفُ واوًا فِي الوَقْفِ، فَأُجْرِىَ الوَصْلُ مَجْرَاهُ، وهُو فِي النظمِ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ قَولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
1205 - كَأَنَّهُ السَّيْلُ إِذَا اسْلَحَبَّا = مِثْلُ الحَرِيقِ وَافَقَ القَصَبَّا
فَشَدَّدَ الباءَ مَعَ وَصْلِهَا بحرفِ الإِطْلَاقِ، وقولُهُ [مِنَ الوَافِر]:
أَتَوْا نَارِي فَقُلْتُ: مَنُونَ أَنْتُمْ؟ = فَقَالُوا: الجِنُّ، قُلْتُ: عِمُوا ظَلَامَا
وقَدْ تَقَدَّمَ فِي الحِكَايَةِ.
خَاتِمَةٌ:
وقَفَ قَوْمٌ بِتَسْكِينِ الرَّوِيِّ الموصولِ بِمَدَّةٍ، كقولِهِ [مِنَ الوَافِرِ]:
أَقِلِّي اللَّوْمَ عَاذِلَ والعِتَابْ = وقُولِي إِنْ أُصِبْتُ لَقَدْ أَصَابْ
وأَثْبَتَهَا الحِجَازِيُّونَ مُطْلَقًا، فيقولونَ العِتَابَا، وإِنْ تَرَنَّمَ التَّمِيمِيُّونَ فكذلكَ، وإِلَّاَ عَوَّضُوا مِنْهَا التنوينَ مُطْلَقًا، كقولِهِ [مِنَ الوَافِرِ]:
1206 - مَتَي كَانَ الخِيَامُ بِذِي طَلُوحٍ = سُقِيتِ الغَيْثَ أَيَّتُهَا الخِيَامُنْ
وكقولِهِ [مِنَ الرَّجَزِ]:
1207 - يَا صَاحِ مَا هَاجَ العيونَ الذُّرَّفَنْ = مِنْ طَلَلٍ أَمْسَى يُحَاكِي المُصْحَفَنْ
وكقولِهِ [مِنَ الكَامِلِ]:
لَمَّا تَزُلْ بِرَحَالِنَا وكَأَنْ قَدِنْ
واللهُ أَعْلَمُ.

  #5  
قديم 1 محرم 1430هـ/28-12-2008م, 11:03 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


الوقْفُ على ما آخِرُهُ تاءُ التأنيثِ
892- في الْوَقْفِ تَا تَأْنِيثِ الاسْمِ هَا جُعِلْ = إنْ لَمْ يَكُنْ بِسَاكِنٍ صَحَّ وَصِلْ
893- وَقَلَّ ذَا فِي جَمْعِ تَصْحِيحٍ وَمَا = ضَاهَى وَغَيْرُ ذَيْنِ بِالْعَكْسِ انْتَمَى
إذا وُقِفَ على ما فيهِ تاءُ التأنيثِ، فإنْ كانَ فِعْلاً وُقِفَ عليهِ بالثاءِ نحوُ: بِالْعِلْمِ نَهَضَت الأُمَمُ وَسَادَتْ. وإنْ كانَ اسماً فإمَّا أنْ يكونَ مُفْرَداً أوْ جَمْعاً أوْ شِبْهَهُ.
فإنْ كانَ مُفْرَداً وكانَ ما قبلَ التاءِ صحيحاً ساكناً وُقِفَ عليهِ بالتاءِ؛ نحوُ: بِأُمِّهَا تَقْتَدِي كُلُّ بِنْتْ. وإنْ كانَ مُتَحَرِّكاً، أوْ ساكناً مُعْتَلاًّ - ولا يكونُ إلاَّ ألِفاً - وُقِفَ عليهِ بالهاءِ، فالأوَّلُ نحوُ: ما أَشْبَهَ الليلةَ بالبَارِحَهْ. وهذا هوَ الأَفْصَحُ، ويَجوزُ بِقِلَّةٍ: بالبَارِحَتْ، بإثباتِ التاءِ. والثاني نحوُ: قدْ قامَت الصلاهْ.
وإن كانَ جَمْعاً، أوْ ما أَشْبَهَهُ - وهوَ ما دَلَّ على مُتَعَدِّدٍ في الحالِ؛ مثلُ: أُولاتِ، أوْ في الأَصْلِ، مثلُ: عرفاتٍ، أوْ في التقديرِ مِثْلُ: هَيْهَاتَ - وُقِفَ عليهِ بالتاءِ، فالأوَّلُ نحوُ: رُبَّ أَكْلَةٍ مَنَعَتْ أَكْلاتْ، والثاني نحوُ: هَيْهَاتَ تَلْقَى كقَلْبِ الأُمِّ هَيْهَاتْ. فـ(هَيْهَاتْ) في التقديرِ جَمْعُ (هَيْهَةٍ)، ثمَّ سُمِّيَ بها الفعْلُ، ويَجوزُ الوقْفُ بقلَّةٍ بالهاءِ وقدْ سُمِعَ منهُ: كيفَ الإِخوةُ والأَخْوَاهْ؟
وهذا معنى قولِهِ: (في الوقْفِ تا تأنيثِ الاسمِ ها جُعِلْ.. إلخ)؛ أيْ: جُعِلَ تاءُ التأنيثِ في الاسمِ هاءً عندَ الوقْفِ بشَرْطِ ألاَّ يكونَ مُتَّصِلاً بساكنٍ صحيحٍ قَبْلَهُ، ومنطوقُهُ مرادٌ بهِ أنْ يكونَ ما قبلَ التاءِ مُتَحَرِّكاً، أوْ ساكناً معْتَلاًّ كما مَضَى، واحْتَرَزَ بذلكَ مِنْ تاءِ (بِنْتٍ، وأُخْتٍ) كما تَقَدَّمَ؛ فإنَّها لا تُغَيَّرُ.
ومفهومُ قولِهِ: (الاسمِ) أنَّ الفعْلَ يُوقَفُ عليهِ بالتاءِ، وكذا مفهومُ قولِهِ: (بسَاكِنٍ صَحَّ وُصِلْ)، أنَّهُ إنْ كانَ ما قَبْلَها ساكناً مُعْتَلاًّ، أوْ كانَ مُتَحَرِكاً، أنَّهُ يُوقَفُ بالهاءِ.
ثمَّ ذَكَرَ أنَّ الوَقْفَ بالهاءِ قليلٌ في جَمْعِ التصحيحِ وما شابَهَهُ. وقولُهُ: (وغيرُ ذَيْنِ بالعكْسِ انْتَمَى)؛ أيْ: غيرُ الجمْعِ وشِبْهِهِ يَكْثُرُ الوقْفُ بالهاءِ وتَقِلُّ سلامةُ التاءِ. ومعنى (انْتَمَى): انتسَبَ إلى العربِ بالعكْسِ أوْ مَعكوساً، على أنَّ قولَهُ: (بالعَكْسِ) متَعَلِّقٌ بـ(انْتَمَى) أوْ حالٌ مِنْ فاعِلِهِ.
الوقْفُ بهاءِ السكْتِ على الفعْلِ المحذوفِ الآخِرِ
894- وَقِفْ بِهَا السَّكْتِ عَلَى الفِعْلِ الْمُعَلّ = بِحَذْفِ آخِرٍ كَأَعْطِ مَنْ سَألْ
895 - وَلَيْسَ حَتْماً فِي سِوَى مَاكَعِ أَوْ = كَيَعِ مَجْزُوماً فَرَاعِ مَا رَعَوْا
مِنْ خصائصِ الوَقْفِ اجتلابُ هاءِ السكْتِ، والغرَضُ منها التوصُّلُ إلى بقاءِ الحركةِ في الوَقْفِ، وسُمِّيَتْ هاءُ السكْتِ؛ لأنَّهُ يُسْكَتُ عليها، ولها ثلاثةُ مَوَاضِعَ:
الأوَّلُ: الفعلُ الْمُعْتَلُّ الآخِرِ الذي حُذِفَ حَرْفُ عِلَّتِهِ لبناءِ الأمْرِ، أوْ لِجَزْمِ المضارِعِ، فإذا بَقِيَ مِن الفعْلِ بَعْدَ الحذْفِ حَرْفٌ أصْلِيٌّ واحدٌ، أوْ حَرفانِ أحَدُهما زائدٌ، وجَبَ الوقْفُ بهاءِ السكْتِ؛ نحوُ: بِوَعْدِكَ فِهْ، اعمَلْ ولا تَنِهْ، فالأوَّلُ أمْرٌ منْ (وَفَى) وسيأتي أصْلُهُ، والثاني: مضارِعُ (وَنَى) بمعنى: ضَعُفَ وفَتَرَ، وأصْلُهُ: ولا تَنِي، فحُذِفَت الياءُ للجازمِ، ثمَّ أُتِيَ بهاءِ السكْتِ.
وإذا بَقِيَ أكثَرُ مِنْ حرفَيْنِ جازَ الوَقْفُ بهاءِ السكْتِ أوْ بالتسكينِ، والأوَّلُ أحسَنُ؛ نحوُ: بالصالحينَ اقْتَدِهْ أو اقْتَدْ، قُلِ الحَقَّ ولا تَخْشَهْ أوْ تَخْشْ، ومنهُ قولُهُ تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.
وهذا معنى قولِهِ: (وقِفْ بِهَا السكْتِ على الفِعْلِ.. إلخ)؛ أيْ: قِفْ بهاءِ السكْتِ على الفعْلِ الْمُعْتَلِّ بحذْفِ آخِرِهِ للجزْمِ أو البناءِ، مثلُ: أَعْطِ مَنْ سَأَلَ، فتقولُ: مَنْ سَأَلَ أَعْطِهْ، ثمَّ بَيَّنَ أنَّهُ ليسَ الإتيانُ بالهاءِ وَاجِباً إلاَّ فيما بَقِيَ على حَرْفٍ واحدٍ؛ مثلُ: عِ، أَمْرٌ مِنْ: وَعَى، والأصْلُ: اوْعِي، حُذِفَت الياءُ للبناءِ، والواوُ حَمْلاً على المضارِعِ، ثمَّ حُذِفَت همزةُ الوصْلِ للاستغناءِ عنها، فتقولُ: النَّصِيحَةَ عِهْ، فـ(النصيحةَ): مفعولٌ مُقَدَّمٌ، و(عِ) فعْلُ أَمْرٍ مَبنيٌّ على حذْفِ حرْفِ العِلَّةِ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ، والهاءُ للسكْتِ. وكذا ما بَقِيَ على حرفَيْنِ أحَدُهما زائدٌ؛ مثلُ: يَعِ؛ مجزوماً، فتقولُ: لم يَعِهْ. وقولُهُ: (فَرَاعِ ما رَعَوْا) فعْلُ أَمْرٍ مِنْ رَاعَى يُرَاعِي، والمراعاةُ: الملاحَظَةُ.
الوقْفُ بهاءِ السكْتِ على (مَا) الاستفهاميَّةِ المجرورةِ
896- وَمَا فِي الاسْتِفْهَامِ إنْ جُرَّتْ حُذِفْ = أَلِفُهَا وَأوْلِهَا أَلْهَا إنْ تَقِفْ
897- وَلَيْسَ حَتْماً فِي سِوَى مَا انْخَفَضَا = بِاسْمٍ كَقَوْلِكَ اقْتِضَاءَ مَ اقْتَضَى
الْمَوضِعُ الثاني: مِنْ مَواضعِ اختلافِ هاءِ السكْتِ: ما الاستفهاميَّةُ، وذلكَ أنَّهُ يَجِبُ حذْفُ ألِفِها إذا جُرَّتْ، فإنْ كانتْ مَجرورةً بالإضافةِ وَجَبَ الوقوفُ عليها بهاءِ السكْتِ؛ نحوُ: غَضِبَ ولا أَدْرِي بِمُقْتَضَى مَهْ، وإنْ كانتْ مَجرورةً بحَرْفِ الجرِّ جازَ الوقوفُ عليها بالتسكينِ، أوْ هاءِ السكْتِ، وهذا أكثَرُ استعمالاً، وأَجْوَدُ قِياساً؛ لِتَكُونَ الهاءُ عِوَضاً عنْ ألِفِها المحذوفةِ؛ نحوُ: إِلامَ التَّوَانِي إِلَى مَهْ، أوْ إِلامْ.
وهذا معنى قولِهِ: (وما في الاستفهامِ إنْ جُرَّتْ.. إلخ): أيْ أَنَّ (مَا) الاستفهاميَّةَ إنْ جُرَّتْ حُذِفَتْ ألِفُها، فإذا وُقِفَ عليها بعدَ الجارِّ لَحِقَتْها هاءُ السكْتِ، وليسَ ذلكَ واجِباً إلاَّ إذا كانَ الخافضُ لها اسْماً؛ كقولِكَ: اقْتَضَى اقْتِضَاءً مَهْ، ومَفْهُومُهُ أنَّهُ إنْ كانَ الخَافِضُ لها حَرْفاً لم يَكُنْ إيلاؤُها الهاءَ واجباً. وقولُهُ: (اقْتِضَاءَ مَ اقْتَضَى) مفعولٌ مُطْلَقٌ تَقَدَّمَ على عامِلِهِ وُجوباً؛ لإضافتِهِ إلى ما لَهُ الصدارةُ، وتقديرُهُ: اقْتِضَاءَ أَيِّ شيءٍ اقْتَضَى؟ وجوابُهُ: اقتضاءَ يُسْرٍ أوْ تَعجيلٍ، ونَحْوِهِما.
(3) الوقْفُ بهاءِ السكْتِ على المتحَرِّكِ
898- وَوَصْلَ ذِي الْهَاءِ أَجِزْ بِكُلِّ مَا = حُرِّكَ تَحْرِيكَ بِنَاءٍ لَزِمَا
899- وَوَصْلُهَا بِغَيْرِ تَحْرِيكِ بِنَا = أُدِيمَ شَذَّ فِي الْمُدَامِ اسْتُحْسِنَا
الْمَوضِعُ الثالثُ مِنْ مَواضِعِ اجتلابِ هاءِ السكْتِ في الوقوفِ على المتحرِّكِ، وذلكَ بثلاثةِ شُروطٍ:
1- أنْ تكونَ الحرَكَةُ حركةَ بِناءٍ.
2- أنْ تكونَ الحركةُ لازِمَةً.
3- ألاَّ تُشْبِهَ حركةَ الإعرابِ.
فإذا استَوْفَيْتَ جازَ إلحاقُ هاءِ السكْتِ، وذلكَ في كلِّ اسمٍ مَبْنِيٍّ على غيرِ السكونِ مِن الضمائرِ وأسماءِ الاستفهامِ ونَحْوِها، تقولُ: رَضِيتُ بِنَصيبِيَهْ أوْ بنَصِيبِي، أضَعْتُ الكتابَ ولا أَعْلَمُ أَيْنَهْ؟ أوْ أَيْنْ؟ ومنهُ قولُهُ تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَهْ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}، وقولُهُ تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ}.
فـ (كِتَابِيَهْ): مفعولٌ بهِ منصوبٌ، وعلامةُ نَصْبِهِ فتحةٌ مُقَدَّرَةٌ على ما قَبْلَ ياءِ المتكلِّمِ، والياءُ: مضافٌ إليهِ، والهاءُ: للسَّكْتِ حَرْفٌ لا مَحَلَّ لهُ مِن الإعرابِ. وقولُهُ: (مَا هِيَهْ)، ما: اسمُ استفهامٍ مُبتدأٌ، وَ(هِيَهْ) خبرُ المبتدأِ، والهاءُ للسكْتِ.
ولا تَدْخُلُ الهاءُ في نَحْوِ: جاءَ خالدٌ؛ لأنَّهُ مُعْرَبٌ بالحركاتِ. ولا في نَحْوِ: يا خَالِدُ، ولا طَالِبَ؛ لأنَّ الحركةَ البِنائيَّةَ فيهما عارِضَةٌ غيرُ لازِمَةٍ، فأَشْبَهَتْ حركةَ الإعرابِ. ولا في نحوِ: كَتَبَ؛ لأنَّ حَرَكَتَهُ تُشْبِهُ حركةَ الإعرابِ؛ فإنَّ الماضيَ إنَّما بُنِيَ على حركةٍ؛ لِشِبْهِهِ بالمضارِعِ المعرَبِ في وُجوهٍ؛ منها: وُقُوعُهُ صِفَةً وحالاً وخَبَراً وشَرْطاً.
وهذا معنى قولِهِ: (ووَصْلَ ذِي الْهَا أَجِزْ.. إلخ)؛ أيْ: أَجِزْ وَصْلَ هذهِ الهاءَ - وهيَ هاءُ السكْتِ - بكلِّ اسمٍ مُتَحَرِّكٍ بحركةِ بناءٍ لازمةٍ لا تُشْبِهُ حركةَ الإعرابِ، وشَذَّ وَصْلُها بما حَرَكَتُهُ بِنائيَّةٌ غيرُ دائمةٍ، كقَوْلِهم في (سَقَطَ مِنْ عَلُ): مِنْ عَلُهْ، وقولُهُ: (اسْتُحْسِنَا) فيهِ بيانُ أَحْسَنِيَّةِ الاتِّصالِ، فلا يُعَدُّ تَكراراً معَ قولِهِ: (ووَصْلَ ذِي الْهَا أَجِزْ). وقولُهُ: (في الْمُدَامِ) بضَمِّ الميمِ، بمعنى: دَائِمِ البِناءِ.
إعطاءُ الوصْلِ حُكْمَ الوقْفِ
ورُبَّمَا أُعْطِيَ لَفْظُ الْوَصْلِ مَا = لِلْوَقْفِ نَثْراً وَفَشَا مُنْتَظِمَا
قدْ يُعْطَى الوَصْلُ حُكْمَ الوقْفِ مِنْ إِسْكَانٍ أو اجتلابِ هاءِ السكْتِ ونحوِ ذلكَ، وهذا قليلٌ في الكلامِ، كثيرٌ في الشعْرِ.
ومنهُ في الكلامِ قولُهُ تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً}؛ فقدْ قَرأَ حمزةُ والكِسائيُّ بغيرِ هاءِ السكْتِ في حالةِ الوصْلِ في قولِهِ: (اقْتَدِهْ)، وقرأَ بقيَّةُ السبعةِ بإثباتِها في الوصْلِ على نِيَّةِ الوقْفِ، لا على نِيَّةِ الإدارجِ، اتِّباعاً لثباتِها في الْخَطِّ.
ومنهُ أيضاً قولُهُ تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ}؛ فقدْ قَرأَ حمزةُ والكِسائيُّ أيضاً بغيرِ هاءِ السكْتِ في حالةِ الوصْلِ في قولِهِ: (لَمْ يَتَسَنَّهْ)، وقرأَ الباقونَ بإثباتِها في الوصْلِ لِمَا تَقَدَّمَ، ولأنَّهُ يَحْتَمِلُ أنْ تكونَ الهاءُ فيهِ أصليَّةً، وسكونُها للجزْمِ، وعلى هذا فلا بُدَّ مِنْ إثباتِها، ومنهُ في الشِّعْرِ قولُ رُؤْبَةَ بنِ العجَّاجِ:
أوِ الْحَرِيقُ وافَقَ القَصَبَّا
فإنَّ الشاعِرَ شدَّدَ الباءَ كأنَّهُ وَقَفَ عليها بالتضعيفِ، معَ أنَّهُ وَصَلَها بألِفِ الإطلاقِ، والتضعيفُ لا يكونُ إلاَّ في حالةِ الوقْفِ، فأَعْطَى الوصْلَ حُكْمَ الوَقْفِ.
وهذا معنى قولِهِ: (ورُبَّما أُعْطِيَ لفْظُ الوَصْلِ.. إلخ)؛ أيْ: قدْ يُعطَى اللفظُ في حالةِ الوصْلِ ما يُعطَى في حالةِ الوقْفِ مِن الأحكامِ السابقةِ، وهذا قليلٌ في النثْرِ، كما يُستفادُ مِنْ قولِهِ: (ورُبَّما)، وهوَ في الشعْرِ كثيرٌ، ومعنى (فَشَا): كَثُرَ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
2 or 2, الوقف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir