دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > منظومة الآداب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 محرم 1430هـ/3-01-2009م, 03:27 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي خاتمة منظومة الآداب


256- وَهَا قَدْ بَذَلْتُ النُّصْحَ جَهْدِي، وَإِنَّنِي = مُقِرٌّ بِتَقْصِيْرِي، وَبِاللَّهِ أَهْتَدِيْ
257- (تَقَضَّتْ) بِحَمْدِ اللَّهِ لَيْسَتْ ذَمِيْمَةً = وَلَكِنَّهَا كَالدُّرِّ فِي عِقْدِ خُرَّدِ
258- يَحِيْرُ لَهَا قَلْبُ اللَّبِيْبِ وَعَارِفٍ = كَرِيْمَانِ، إِنْ جَالاَ بِفِكْرِ مُنَضَّدِ
259- فَمَا رَوْضَةٌ حُفَّتْ بِنَوْرِ رَبِيْعِهَا = بِسَلْسَالِهَا الْعَذْبِ الزُّلاَلِ الْمُبَرَّدِ
260- بِأَحْسَنَ مِنْ أَبْيَاتِهَا، وَمَسَائِلٍ = أَحَاطَتْ بِهَا يَوْمًا بِغَيْرِ تَرَدُّدِ
261- فَخُذْهَا بِدَرْسٍ، لَيْسَ بِالنَّوْمِ تُدْرِكَنْ = لأَهْلِ النُّهَى وَالْفَضْلِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
262- وَقَدْ كَمُلَتْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ = عَلَى كُلِّ حَالٍ دَائِمًا لَمْ يُصَدِّدِ

  #2  
قديم 7 محرم 1430هـ/3-01-2009م, 03:29 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي غذاء الألباب شرح منظومة الآداب /السفاريني

ثم إن الناظم رحمه الله تعالى أخبر عن نفسه أنه بذل جهده في النصح إيفاء بما وعد في أول منظومته حيث قال هناك سأبذلها جهدي البيت ، فقال :


وها قد بذلت النصح جهدي = وإنني مقر بتقصيري وبالله أهتدي

( وها ) قال في القاموس : كلمة تنبيه ، وتدخل في ذا وذي ، تقول هذا وهذي ، وها تكون اسما لفعل وهو " خذ " ويمد ، ويستعملان بكاف الخطاب ، ويجوز في الممدودة أن يستغنى عن الكاف بتصريف همزتها تصاريف الكاف ، هاء للمذكر ، وهاء للمؤنث ، وهاؤما وهاؤم وهاؤن . ومنه قوله تعالى { هاؤم اقرءوا كتابيه } وفي كلام الناظم كذلك اسم فعل بمعنى خذ ، وتقديرها وهاك أيها المستمع لنظامي ، المتهيئ لحفظ كلامي ( قد بذلت ) لك ( النصح ) من نفسي بحسب ( جهدي ) . قال في القاموس : الجهد الطاقة ويضم ( و ) مع بذل جهدي وطاقتي في النصح ( إنني مقر ) ومعترف ( بتقصيري ) فإني لم أستقص جميع الآداب الشرعية ، ولم يتسع الوقت والزمان للإحاطة والشمول ، سيما وباب النظم أضيق من النثر ، مع ملل أبناء الزمان ، وعدم ميلهم للإطالة ، والفهم الكسل والملالة ( وبالله ) سبحانه لا بغيره ( أهتدي ) لاقتناص المعاني الشاردة ، والنوادر النادرة فإنه جواد كريم ، لا يخيب من ترجاه ، ولا يضل من استهداه . ثم أخذ يثني على منظومته ببعض ما هي أهله وجميل بعض أوصافها فقال :

تقضت بحمد الله ليست ذميمة = ولكنها كالدر في عقد خرد

( تقضت ) هذه المنظومة الفائقة بالمعاني الرائقة ( بحمد الله ) سبحانه وتعالى ( ليست ) هي ( ذميمة ) الذم بالذال المعجمة ضد المدح ، يقال ذمه ذما ومذمة فهو مذموم وذميم ، وبئر ذميمة قليلة الماء وغزيرة من باب الأضداد ، ويحتمل أن تكون بالدال المهملة أي ليست حقيرة ( لكنها ) ممدوحة المعاني ، فائقة المباني كل من تحلى بحفظها وإدراك معانيها زانته وأكسبته بهجة ورونقا ( كالدر ) النفيس ( في عقد ) نساء غيد حسان ( خرد ) جمع خريدة وهي البكر التي لم تمسس ، أو الخفرة الطويلة السكوت ، الخافضة الصوت ، فكما تزداد الخرد بالدر جمالا على جمالها . وكمالا على كمالها ، فمن تحلى بهذه المنظومة يزداد بها كمالا . أو أن نظمها في الحسن والاتساق والجودة والاتفاق كنظم الدر الذي أحكمت الخرد نظمه وتأليفه وأجادت تنفيذه وترصيفه . والعقد بالكسر : القلادة والجمع : عقود .

يحير لها قلب اللبيب وعارف = كريمان إن جالا بفكر منضد

( يحير لها ) أي لهذه المنظومة . يقال تحير واستحار إذا نظر إلى الشيء فغشي ولم يهتد لسبيله فهو حيران وحائر وهي حيرى وهم حيارى ويضم ، وحار الماء تردد ، والحائر مجتمع الماء وحوض ينسب إليه مسيل ماء الأمطار . يعني أن هذه المنظومة لا تنساق مبانيها ، وبلاغة معانيها ، إذا نظر إليها الإنسان دهش وحار ، وإنما يدرك ذلك فيحير لها ( قلب اللبيب ) العاقل ( و ) يحير لها أيضا قلب رجل ( عارف ) بالنظم وللفصاحة والبلاغة ، ومعاني الكلام ، ومفهوم النظام ، والمعرفة ترادف العلم إلا أنها مسبوقة بجهل ، ولا يلزم ذلك في العلم ويخصها بعض الناس بالبسائط أو الجزئيات ، ولهذا لا تطلق على الله جل شأنه بخلاف العلم فإنه سبحانه عالم ولا يقال له عارف . وقال بعض العلماء : المعرفة في اللغة بمعنى العلم . وفي الاصطلاح : هي العلم بأسماء الله وصفاته مع الصدق لله في معاملاته . وفي شرح مختصر التحرير : يطلق العلم ويراد به معنى المعرفة ويراد بها العلم ، وهي من حيث إنها علم مستحدث أو انكشاف بعد لبس أخص منه ؛ لأنه يشمل غير المستحدث وهو علم الله تعالى ، ويشمل المستحدث وهو علم العباد . ومن حيث إنها يقين وظن أعم من العلم لاختصاصه حقيقة باليقين . قال ولا يوصف بأنه عارف سبحانه وتعالى . حكاه القاضي إجماعا والله أعلم . هما يعني اللبيب والعارف ( كريمان ) لا لئيمان فإن الكريم واسع الخلق صفوح عن الزلل ، غير متتبع للخلل ، واللئيم بضد ذلك كله ( إن جالا ) من جال في الحرب جولة وفي الطواف . والمراد هنا إن أمعنا ( بفكر ) بالكسر ويفتح هو إعمال النظر في الشيء كالفكرة والفكرى ، والجمع أفكار وتقدم ( منضد ) متتابع يقال نضد متاعه ينضده جعل بعضه فوق بعض كنضده فهو منضود ونضيد ومنضد ، أو أراد بفكر مقيم محكم ، يقال انتضد بالمكان أقام به ، وهذا أنسب ، أو بفكر غزير متراكم ، فإن النضد من السحاب ما تراكم وتراكب . وعلى كل فالمراد أن هذين الرجلين اللذين هما اللبيب والعارف يحيران ويدهشان لما اشتملت عليه هذه المنظومة من المعاني الدقيقة . والمسائل الأنيقة ، والأحكام الوثيقة ، والأخبار الصحيحة ، والآثار الصريحة ، والكلمات الفصيحة ، مع وجازة لفظها ، وانسجام نظمها ، وعذوبة كلماتها ، وسهولة أبياتها . وإذا كانت هذه المنظومة بهذه المثابة فلن تعدم من هذين الكريمين أحد أمرين إمساكا بمعروف أو تسريحا بإحسان ؛ لأن هذا شأن الكرماء ، والله الموفق .

فما روضة حفت بنور ربيعها = بسلسالها العذب الزلال المبرد

( فما ) نافية حجازية و ( روضة ) اسمها وبأحسن خبرها . والروضة والريضة بالكسر من الرمل والقشب مستنقع الماء فيهما كما في القاموس . وقال في المطالع في قوله صلى الله عليه وسلم { روضة من رياض الجنة } كل مكان فيه نبات مجتمع . قال أبو عبيدة : ولا يكون إلا في ارتفاع . وقال غيره : ولا بد فيها من ماء ، وهذا موافق لقول الناظم ( حفت ) هي ( بنور ) بالفتح وكرمان هو الزهر مطلقا أو الأبيض منه ، وأما الأصفر فزهر والجمع أنوار ، يقال نور الشجر تنويرا خرج نوره . أي فما روضة يانعة حفت بمعنى مطبق ومحيط نور ( ربيعها ) أي الروضة بأحفتها . ومنه قوله تعالى { وحففناهما بنخل } أي جعلنا النخل مطبقة بأحفتها { حافين من حول العرش } محدقين بأحفته أي جوانبه { وحفت بهم الملائكة } ، أي أحدقوا بهم وصاروا أحفتهم أي جوانبهم ، وفي الحديث الآخر { حفت الجنة بالمكاره } أي أحدقت بها ( بسلسالها ) أي مائها العذب البارد . قال في القاموس : سلسل كجعفر وخلخال الماء البارد أو العذب كالسلاسل بالضم ، وسلسل الماء جرى في حدور ومن ثم قال ( العذب ) أي المستساغ واستعذب أي استسقى عذبا ( الزلال ) كغراب ( المبرد ) أي البارد ضد الحار ، والزلال والزليل كأمير ، والزلول كصبور هو السريع المر في الحلق أي البارد والعذب الصافي السهل السلس ، ويقال زلائل كعلابط . قاله في القاموس . وفي حياة الحيوان للدميري : الزلال بضم الزاي دود يتربى في الثلج وهو منقط بصفرة يقرب من الأصبع يأخذه الناس من أماكنه ليشربوا ما في جوفه لشدة برده ولذلك يشبه الناس الماء البارد بالزلال ، لكن في الصحاح ماء زلال أي عذب . قال أبو الفتح العجلي من علمائنا في شرح الوجيز : الماء الذي في دود الثلج طهور . وهذا ويوافق أنه الدود . نعم المشهور على الألسنة أن الزلال هو الماء البارد . قال زيد بن عمرو بن نفيل بن سعيد بن زيد أحد العشرة المشهود لهم بالجنة الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم إنه يبعث أمة وحده : وأسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا وما أحسن قول أبي الفراس بن حمدان :

قد كنت عدتي التي أسطو بها = ويدي إذا اشتد الزمان وساعدي
فرميت منك بضد ما أملته = والمرء يشرق بالزلال البارد
وقال آخر :

ومن يك ذا فم مريض = يجد مرا به الماء الزلالا

وما أحسن قول وجيه الدولة أبي المطاع بن حمدان رحمه الله تعالى :

قالت لطيف خيال زارني = ومضى بالله صفه ولا تنقص ولا تزد
فقلت أبصرته لو مات من ظمأ = وقلت قف عن ورود الماء لم يرد
قالت صدقت الوفا في الحب عادته = يا برد ذاك الذي قالت على كبدي
فهذا وأضعاف أضعافه يشهد أنه الماء ، وقد اقتصر عليه في القاموس كما علمت ، والله أعلم .
فما هذه الروضة بهذه الأزهار والنوار والمياه العذبة الزلال : بأحسن من أبياتها ومسائل أحاطت بها يوما بغير تردد
( بأحسن ) منظرا ، وأبهج مرأى ، وأتم رونقا ( من أبياتها ) أي أبيات هذه المنظومة التي هي مشبهة بالروضة المعلومة . ( و ) لا زهرها ونورها وماؤها العذب الزلال وسلسالها الذي أربى على الجريال بأحسن لونا وأعذب مساغا وألذ طعما وأسهل وصولا وأسلس انحدارا في الحلق من ( مسائل ) جمع مسألة وهي ما يبرهن عنه لإفادة العلم ( أحاطت ) هذه المنظومة ( بها ) أي بالمسائل المخدومة ، والأحكام المعلومة ، والآثار المأثورة ، والأخبار المشهورة ، والآداب المطلوبة ، والمعاني المجلوبة ، والمخدرات المخطوبة ، والخرائد المحبوبة ( يوما ) أي لم تكن الروضة بأزهارها ونوارها ومائها يوما من الأيام أحسن ولا أبهج ولا ألطف من هذه المنظومة بمسائلها وآدابها وأخبارها وأسرارها ( بغير تردد ) في ذلك . بل المنظومة وما اشتملت عليه من المعاني والأسرار ، والأحكام والآثار ، أتم حسنا وأبهج منظرا من الروضة المذكورة . عند ذوي الألباب المخبورة ، والعقول المشهورة والآراء المنصورة . كيف لا وتلك عن قريب يصوع نورها ، ويذهب حبورها ، وتنطمس أنهارها ، وتندرس آثارها . وهذه كلما مضى عليها زمان ازداد جمالها وعذب سلسالها ، وراقت معانيها ، وزهت مبانيها . وبهجة تلك مديدة وتنقضي ، والسعادة بهذه لا تزول ولا تمضي . فإن معنى تلك فرحة ساعة وتزول ، ومعنى هذه في الدنيا معرفة آداب الرسول ، وفي الآخرة المقام في دار الخلد في سرور وحبور لا يحول ، إذا علمت هذا : فخذها بدرس ليس بالنوم تدركن لأهل النهى والفضل في كل مشهد ( فخذها ) أيها الطالب الذي في علم الآداب راغب ( بدرس ) أي بقراءة ورياضة نفس وتمرين . يقال درس الكتاب يدرسه درسا ودراسة قرأه ( ليس ) أنت ( بالنوم تدركن ) فعل مضارع مؤكد بالنون الخفيفة ( ل ) مقام ( أهل النهى ) بالضم أي أهل العقول والعلم جمع نهية بالضم أيضا ، سمي بذلك لأنه ينهى عن القبائح ( والفضل في كل مشهد ) أي محضر الناس ومجمعهم . ثم إن الناظم رحمه الله تعالى ختم منظومته بما بدأها به وهو حمد الله سبحانه وتعالى فقال : وقد كملت والحمد لله وحده على كل حال دائما لم يصدد ( وقد كملت ) هذه المنظومة ، التي بمنظومة الآداب موسومة ( والحمد ) أي الثناء الحسن على الجميل الاختياري ( لله ) سبحانه وتعالى ( وحده ) لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ( على كل حال ) من الأحوال من يسر وعسر ، وسعة وضيق ، ورخاء وشدة ، وسراء وضراء ؛ لأنه سبحانه يستحق الحمد على كل حال من هذه الأحوال ، حال كون الحمد له سبحانه ( دائما ) مستمرا في جميع الأزمان على جميع الأحوال والشؤون ( لم يصدد ) أي لم يمنع ولم يصرف . يقال صد زيد فلانا عن كذا منعه وصرفه كأصده ، وهذا لأنه سبحانه وتعالى حين بسط بساط الوجود على ممكنات لا تحصى ، ووضع عليها موائد كرمه التي لا تتناهى ، وأفاض على الموجودات من عظيم كرمه . وباهي فضله ونعمه ، ما أذعنت الألباب المستقيمة ، والقلوب السليمة ، والنفوس المطمئنة ، بالعجز عن القيام بالثناء والحمد اللائق بعظيم جلاله وجماله ، أطلق الحمد ولم يقيده ، ولهذا قال المصطفى وهو خلاصة العالم وصفوة بني آدم صلى الله عليه وسلم ، معترفا ومذعنا { لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك } فالعبد وإن أنفق جميع عمره ، ورزق أعمارا متتابعة ، فصرفها جميعا في الثناء على ربه لا يحصي ثناء عليه سبحانه وتعالى . وقد قدمنا من هذا ما فيه كفاية . ( وقد آن ) أوان قط عنان القلم عن الانبساط في الكلام على هذه المنظومة البديعة ، والقصيدة الرفيعة ، ولقد بذلت جهدي في تنقيح مسائلها ، وتوضيح دلائلها ، واستخراج معانيها ، واستدماج مبانيها ، وحسن إدراجها ، ولطف إنتاجها . وتشقيق أحكامها ، وترصيف انتظامها ، وعزو أخبارها ، وكشف أسرارها ، فجاء هذا الشرح كما أملته . وأعظم مما تخيلته ، وقد سهرت الليالي في جمع مسائله ، وبذلت مجهودي في تهذيب دلائله ، ولم آل جهدا في زيادة تبيينه ، وتوضيحه وتمكينه ، وجمعه وتأليفه ، وتحريره وتصنيفه ، وعزوت غالبا كل قول لقائله ، لأخرج من معرة تبعة مسائله . وإذا لم يستغرب الحكم لم أعزه اعتمادا على شهرته . ومن تأمله بالإنصاف ظهر له أنه نسيج وحده في معناه . وفريد عقده في معناه . فهناك كتابا جمع فأوعى ، وسفرا حوى من العلوم فصلا ونوعا . لو سافرت إلى صنعاء اليمن في تحصيله لما خابت سفرتك ، ولو تاجرت فيه بأعلى بضاعتك لما خسرت تجارتك . وقد جلبت إليك فيه نفائس في مثلها يتنافس المتنافسون ، وجليت عليك فيه عرائس إلى مثلها يبادر الخاطبون . فإن شئت اقتبست منه آدابا شرعية ، وإن أحببت تناولت منه آثارا نبوية ، وإن شئت وجدت فيه نكات أدبية ، وإن رمت معرفة تهذيب النفس وجدت أدلة ذلك فيه وفية ، أو معرفة أخبار الناس ظفرت فيه بشذرة علية . فيا أيها الناظر فيه ، والمقتبس من معانيه ، أحسن بجامعه الظن ، وإن لم يكن من أهل هذا الفن ، فإنه قد زف بنات أفكاره إليك ، وعرض بضاعته عليك ، فلك من تأليفه غنمه ، وعليه غرمه ولك صفوه ، وعليه عهدته وهفوه . فلا يعدم عنك أحد أمرين : إما إمساكا بمعروف ، أو تسريحا بإحسان . فإن المؤمنين كالبنيان ، والكريم في نظره منصف ، واللئيم متبجح ومتعسف . والله سبحانه يأبى العصمة لغير كتابه . والسعيد من عدت هفواته في جنب صوابه ، والمنصف الكريم يعادل بالسيئات الحسنات ، ويقضي على كل بحسبه من الأحوال والمقامات . وقد نبه المصطفى على أن كفران الإحسان لؤم ، وأخبر أن أكثر أهل النار النساء لكفرهن النعم . فإن المرأة تحفظ السيئات ، وتنسى الحسنات . ولهذا مثل حالهن بحامل خرج على كتفه أحد شقتيه صحيحة جعلها أمامه ، والأخرى مخرقة جعلها خلفه . فإذا عمل الزوج معها حسنة جعلتها في الشقة التي إلى خلف ، وهي مخروقة فتسقط منها فلا تراها بعد ذلك ، وإذا عمل سيئة جعلتها بالتي أمامها وهي محروزة مضبوطة ، كلما نظرت رأتها . وهذه حال جميع اللؤماء ، يحفظون السيئات ، ولا يذكرون الحسنات . فنبتهل إلى الله سبحانه وتعالى أن يصون كتابنا هذا عمن هذه صفته ، وهذا النعت نعته ، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، وسببا للفوز بدار الخلد والنعيم ، وأن ينفع به من قرأه أو كتبه ونظر فيه ، ودعا إلي بقلبه ولسانه وفيه : إنه جواد كريم ، رءوف رحيم . وصلى الله على نبيه محمد الكريم ، وعلى آله وأصحابه أجمعين . ( وكان الخلاص ) من تسويده ضحى نهار السبت لست بقيت من ربيع الثاني سنة 1154 هجرية على يد مؤلفه رحمه الله ، وجعل الجنة متقلبه ومثواه ، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير آمين .


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
منظومة, خاتمة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir