دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الحدود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الآخرة 1431هـ/25-05-2010م, 03:21 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي - انتفاء الشبهة

وأن تَنْتَفِيَ الشبهةُ، فلا يُقْطَعُ بالسرِقَةِ من مالِ أبيه وإن عَلَا، ولا من وَلَدِه وإن سَفَلَ، والأبُ والأمُّ في هذا سواءٌ، ويُقْطَعُ الأخُ وكلُّ قريبٍ بسَرِقَةٍ من مالِ قريبِه , ولا يُقطَعُ أحدٌ من الزوجين بسَرِقَتِه من مالِ الآخَرِ، ولو كان مُحْرِزًا عنه، وإذا سَرَقَ عبدٌ من مالِ سَيِّدِه أو سَيِّدٌ من مالِ مُكاتَبِه , أو مُسلِمٌ حُرٌّ من بيتِ المالِ , أو من غَنيمةٍ لم تُخَمَّسْ , أو فقيرٌ من غَلَّةِ وَقفٍ على الفُقراءِ , أو شخصٌ من مالٍ فيه شَرِكَةٌ له أو لأَحَدٍ مِمَّا لا يُقْطَعُ بالسَّرِقَةِ لم يُقْطَعْ.

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 02:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 02:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


(و) الشرطُ الرابعُ: (أنْ تَنْتَفِيَ الشُّبْهَةُ) عن السارِقِ؛ لحديثِ: ((ادْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَا اسْتَطَعْتُمْ)). (فلا يُقْطَعُ) سارقٌ (بالسَّرِقَةِ مِن مالِ أبيه، وإنْ عَلاَ، ولا) بِسَرِقَةٍ (مِن مالِ وَلَدِهِ وإنْ سَفَلَ)؛ لأنَّ نَفَقَةَ كُلٍّ مِنهما تَجِبُ في مالِ الآخَرِ، (والأبُ والأمُّ في هذا سواءٌ)؛ لِمَا ذَكَرَه. (ويُقْطَعُ الأَخُ) بِسَرِقَةٍ من مالِ أَخِيهِ، (و) يُقْطَعُ (كُلُّ قريبٍ بِسَرِقَةِ مالِ قريبِهِ)؛ لأنَّ القرابةَ هنا لا تَمْنَعُ قَبُولَ الشهادةِ مِن أَحَدِهما للآخَرِ، فلم تَمْنَعِ القَطْعَ، (ولا يُقْطَعُ أحدُ الزوجيْنِ بِسَرِقَةٍ مِن مالِ الآخَرِ، ولو كانَ مُحْرَزاً عنه) رَوَى ذلك سَعِيدٌ عن عُمَرَ بإسنادٍ جَيِّدٍ.
(وإذا سَرَقَ عبدٌ) ولو مُكَاتَباً (مِن مالِ سَيِّدِهِ، أو سَيِّدٌ مِن مالِ مُكَاتَبِهِ)، فلا قَطْعَ، (أو) سَرَقَ (حُرٌّ مُسْلِمٌ) أو قِنٌّ مِن (بيتِ المالِ) فلا قَطْعَ، (أو) سَرَقَ (مِن غَنِيمَةٍ لم تُخَمَّسْ)، فلا قطعَ؛ لأنَّ لِبَيْتِ المالِ فيها خُمُسُ الخُمُسِ، (أو) سَرَقَ (فقيرٌ مِن غَلَّةِ وَقْفٍ على الفقراءِ)، فلا قَطْعَ؛ لدخولِهِ فيهم، (أو) سَرَقَ (شخصٌ مِن مالٍ له فيه شَرِكَةٌ، أو لأحدٍ مِمَّن لا يُقْطَعُ بالسَّرِقَةِ مِنه)؛ كأبيه وابنِهِ وزَوْجِهِ ومُكَاتَبِه،ِ (لم يُقْطَعْ) للشُّبْهَةِ.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 02:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


(و) الشرط الرابع (أن تنتفي الشبهة) عن السارق([1]) لحديث «ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم»([2]) (فلا يقطع) سارق (بالسرقة من مال أبيه وإن علا([3]) ولا) بسرقة (من مال لده وإن سفل)([4]).

لأن نفقة كل منهما تجب في مال الآخر([5]) (والأب والأم في هذا سواء) لما ذكر([6]) (ويقطع الأخ) بسرقة مال أخيه([7]).
(و) يقطع (كل قريب بسرقة مال قريبه)([8]) لأن القرابة هنا، لا تمنع قبول الشهادة من أحدهما للآخر، فلم تمنع القطع([9]).
(ولا يقطع أحد من الزوجين، بسرقته من مال الآخر، ولو كان محرزا عنه)([10]) روي ذلك سعيد، عن عمر بإسناد جيد([11]).

(وإذا سرق عبد) ولو مكاتبا (من مال سيده([12]) أو سيد من مال مكاتبه) فلا قطع([13]) (أو) سرق (حر مسلم) أو قن (من بيت المال) فلا قطع([14]) (أو) سرق (من غنيمة لم تخمس) فلا قطع([15]) لأن لبيت المال فيها خمس الخمس([16])

(أو) سرق (فقير من غلة موقوفة، على الفقراء) فلا قطع لدخوله فيهم([17]).
(أو) سرق (شخص من مال له فيه شركة([18]) أو لأحد ممن لا يقطع بالسرقة منه) كأبيه وابنه وزوجه، ومكاتبه (لم يقطع) للشبهة([19]).


([1]) عند جماهير العلماء، على ما يأتي تفصيله.
([2]) وتقدم فكل ما فيه شبهة مما يأتي، وغيره يدرأ عنه الحد، وهو مذهب الجمهور في الجملة.
([3]) وهو قول الشافعي، وأصحاب الرأي، وتحرم سرقته من مال أبيه.
([4]) قال الموفق وغيره: في قول عامة أهل العلم، منهم مالك والشافعي، وأصحاب الرأي، لقوله صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك، وقوله «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه» وقال الوزير: اتفقوا على أنه لا قطع على الوالدين وإن علوا، فيما سرقوه من مال أولادهم.
([5]) ولأن بينهما قرابة، تمنع قبول شهادة أحدهمالصاحبه، فلا يقطع بسرقته من ماله.
([6]) من تعليله: أن نفقة كل منهما تجب في مال الآخر، قال الموفق وغيره: سواء في ذلك الأب والأم، والابن والبنت، والجد، والجدة، من قبل الأب والأم، هذا قول عامة أهل العلم، لكن مع الحرمة على السارق منهما.
([7]) لأبوين أو لأب، وكذا الأخوات.
([8]) هذا المذهب المنصوص، ومذهب الشافعي.
([9]) ولأن الآية والأخبار: تعم كل سارق، خرج منه عمودا النسب لما تقدم فبقي ما عداهما على الأصل.
([10]) هذا المذهب ومذهب أبي حنيفة وغيره من السلف.
([11]) لما سرق غلام الحضرمي مرآة زوجته، قال: لا قطع عليه، خادمكم أخذ متاعكم قال الموفق: وإذا لم يقطع عبده بسرقة مال زوجته فهو أولى، ولأن كلا منهما يرث صاحبه بغير حجب، ويتبسط في مال الآخر عادة، فأشبه الوالد والولد، وأما إن لم يكن مال أحدهما محرزا، عن الآخر لم يقطع، رواية
واحدة.

([12]) فلا قطع عند الجمهور، لقصة عمر ونحوه عن ابن مسعود، أن رجلا جاءه فقال: عبد لي سرق قباء عبد لي آخر، فقال: لا قطع، مالك سرق مالك، ولابن ماجه مرفوعا: إن عبدا من رقيق الخمس سرق من الخمس، فقال: مال الله، سرق بعضه بعضا، قال الموفق: وهذه قضايا اشتهرت، ولم يخالفها أحد، فتكون إجماعا، وهذا يخص عموم الآية، ولأن هذا إجماع من أهل العلم، لأنه قول من سمينا من الأئمة، ولم يخالفهم في عصرهم أحد، فلا يجوز خلافه بقول من بعدهم، كما لا يجوز ترك إجماع الصحابة، بقول واحد من التابعين، قال: وأم الولد والمدبر، والمكاتب كالقن في هذا، وهو قول أصحاب الرأي.
([13]) لأنه يملك تعجيزه في الجملة، ولأنه عبد ما بقي عليه درهم.
([14]) وهو مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي، لما رواه ابن ماجه وهو قول عمر وعلي وغيرهما ولأن له في المال حقا، فيكون شبهة تمنع وجوب القطع.
([15]) لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم «مال الله سرق بعضه بعضا» وقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي، وبعض أصحاب مالك.
([16]) فكما لو سرق من مال له فيه شركة، هذا إذا كان من أهله، وإلا فقال الوزير وغيره: إذا سرق من المغنم، وهو من غير أهله أنه يقطع.
([17]) كالمسكين يسرق من مال وقف المساكين، أو من قول معينين عليهم وقف، فلا قطع، لأنه شريك، وأسقط عمر القطع زمن المجاعة، وأسقط القطع عن غلمان حاطب، لما سرقوا ناقة لرجل من مزينة، قال: إنكم تستعملونهم، وتجيعونهم وأضعف قيمتها، ووافق أحمد على سقوط الحد في المجاعة، قال ابن القيم، وهو محض القياس، ومقتضى قواعد الشرع، وهي شبهة قوية، تدرأ القطع عن المحتاجين، وأسقط عمر القطع في الغزو.
وقال ابن القيم: نهى أن تقطع الأيدي في الغزو، ورواه أبو داود، خشية أن يترتب عليه ما هو أبغض إلى الله، من تعطيله أو تأخيره من لحوق صاحبه بالمشركين وقد نص العلماء: على أن الحدود لا تقام في أرض العدو، وحكى أبو محمد المقدسي إجماع الصحابة، وكتب عمر إلى الناس: أن لا يجلد أمير جيش ولا سرية، ولا رجل من المسلمين حدا وهو غاز، حتى يقطع الدرب قافلا.
([18]) كالمال المشترك بينه وبين شريكه، لأنه إذا لم يقطع الأب بسرقة، مال ابنه، لكون أن له فيه شبهة، فلأن لا يقطع من مال له فيه شركة، من باب أولى.
([19]) لأن له فيه شركة، ولا يقطع من غنيمة لأحدهم فيها شركة، لأن ذلك شبهة، فيدرأ بها الحد، وإن ادعى السارق أن ما أخذه من الحرز ملكه، بعد قيام البينة، على أنه سرق من حرز نصابا، فقال أحمد، وأبو حنيفة والشافعي لا يقطع
وسماه السارق الظريف، وقال أحمد: إذا لم يكن معروفا بالسرقة وإن ملكه بشراء أو هبة أو غير ذلك، قبل الترافع، أو بعده، فقال مالك والشافعي وأحمد لا يسقط القطع.

  #5  
قديم 11 ربيع الثاني 1432هـ/16-03-2011م, 03:36 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَأَنْ تَنْتَفِيَ الشُّبْهَةُ، فَلاَ قَطْعَ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ وإِنْ عَلاَ، وَلاَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَالأَْبُ وَالأُمُّ فِي هذَا سَوَاءٌ، وَيُقْطَعُ الأَْخُ وَكُلُّ قَرِيبٍ بِسَرِقَةِ مَالِ قَرِيبِهِ، وَلاَ يُقْطَعُ أَحَدٌ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ الآخَرِ، وَلَوْ كَانَ مُحْرَزاً عَنْهُ،.....
قوله: «وَأَنْ تَنْتَفِيَ الشُّبْهَةُ» هذا هو الشرط الخامس، وهو شرط لجميع الحدود، فيشترط فيها انتفاء الشبهة، والشبهة هي كل ما يمكن أن يكون عذراً للسارق في الأخذ، وقد ذكرنا دليله فيما سبق، وهو قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم»[(188)] وقلنا: إن هذا الحديث فيه مقال، ولكن معناه صحيح؛ لأن الأصل في الأعراض والأبدان العصمة والحماية، فلا يمكن أن تنتهك إلا بيقين، فلا يمكن قطع يد السارق إلا بيقين، فإذا كان هناك شبهة فلا قطع، والشبهة أربعة أنواع: شبهة ملك، أو شبهة تملك، أو شبهة تبسط، أو شبهة إنفاق.
قوله: «فَلاَ قَطْعَ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ» أي: لو أن أحداً سرق من مال أبيه فإنه لا يقطع؛ لأنه يوجد شبهة، لا شبهة ملك ولا تملك؛ لأن الابن لا يتملك من مال أبيه، ولكن شبهة إنفاق وشبهة تبسط، أي: يتبسط بماله، وهو الذي نسميه بالعامية الميانة، ولا يرى بأساً بأخذ شيء من ماله، فإذا سرق الابن من مال أبيه ـ ولو كان المال محرزاً وراء الأغلاق الوثيقة ـ فإنه لا يقطع؛ لوجود الشبهة.
قوله: «وَإِنْ عَلاَ» حتى من جده، ومن أبي أمه، ومن أمه أيضاً، والشبهة من أمه ليست الإنفاق، ولكن التبسط، أي: يتبسط من مال أمه.
قوله: «وَلاَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ» أي: الأب والأم، فلو سرق الأب من مال ولده لم يقطع، والشبهة هنا قوية جداً، وهي شبهة التملك، والإنفاق، والتبسط؛ لأن الأب يقول: هذا مال ولدي، وأنا وولدي سواء، وكذلك الأم لا تقطع بالسرقة من مال ولدها.
فالأصول والفروع لا يقطع بعضهم بالسرقة من مال الآخر، والأصول هم الأب وإن علا، والأم وإن علت، والفروع هم الابن وإن نزل، والبنت وإن نزلت.
هذا ما ذهب إليه المؤلف ـ رحمه الله ـ وفي المسألة أقوال نذكرها بعد ذلك إن شاء الله.
قوله: «والأب والأم في هذا سواء» كما قلنا: الأصول والفروع.
قوله: «وَيُقْطَعُ الأَخُ» أي: الشقيق، أو لأب، أو لأم، فيقطع بالسرقة من مال أخيه.
قوله: «وَكُلُّ قَريبٍ بِسَرِقَةِ مَالِ قَرِيبِهِ» فالعم يقطع، وابن الأخ يقطع، ولهذا ذكر عبارة عامة وهي: «كل قريب بسرقة مال قريبه» .
إذاً القرابة لا تمنع إلا في الأصول والفروع فقط، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
وقال بعض العلماء: إنه يقطع كل قريب من قريبه ما عدا الأب فقط، واستدلوا بعموم الأدلة الدالة على وجوب القطع، وقالوا: إن كل مال بالنسبة إلى غير مالكه محترم، لا يجوز أن ننتهكه، أما الأب فلا يقطع؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنت ومالك لأبيك»[(189)]، وهذا أحد القولين في مذهب الإمام أحمد، وهو مذهب الشافعي.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن كل ذي رحم مُحَرَّم، بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى ما صح التزاوج بينهما، فإنه لا يقطع بالسرقة من مال رحمه، وعلى هذا القول فإن الأخ لا يقطع، ولا ابن الأخ، ولا العم، أما ابن العم فيقطع؛ لأنه ليس ذا رحم محرم، وهذا أوسع المذاهب في مسألة القريب.
وهناك قول رابع: إنه إن وجبت النفقة فلا قطع، وإن لم تجب قطع فيما عدا الأب، وهذا له حظ من النظر قوي، وهو أن وجوب النفقة له على هذا الرجل شبهة؛ لأن هذا الرجل الذي تجب عليه النفقة ربما يكون مقصراً في الإنفاق، فذلك يجعل هذا الرجل يسرق من ماله، فأصبحت الأقوال أربعة:
الأول: وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد أن السرقة من الأصول أو الفروع ليس فيها قطع.
الثاني: إن السرقة من جميع الأقارب فيها القطع، إلا الأب من مال ولده.
الثالث: السرقة من مال الأقارب فيها القطع، إلا إذا كان ذا رحم مُحَرِّم.
الرابع: أنه إن وجبت النفقة فلا قطع، وإن لم تجب قطع فيما عدا الأب.
ونحن إذا رجعنا إلى العمومات وجدنا أن أقرب الأقوال القول الثاني الذي يمنع القطع بالنسبة للأب، وما عدا ذلك فإنه يقطع، أو القول الرابع الذي يخصه بوجوب النفقة.
ومع هذا فالمسألة عندي فيها شيء من الثقلِ؛ لأن قوله تعالى: {{لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاَتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ}} [النور: 61] فكل هؤلاء ليس علينا جناح أن نأكل من بيوتهم، وهذا يدل على أننا نتبسط في وجه هؤلاء، إلا أنه يقال: إن الآية الكريمة ليس علينا جناح أن نأكل من هذه البيوت إذا دخلناها، أما إذا كانت مغلقة عنا فإنها محترمة محرزة، فانتهاكها الأصل فيه القطع.
قوله: «وَلاَ يُقْطَعُ أحدٌ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ الآخَرِ وَلَوْ كَانَ مُحْرَزاً عَنْهُ» أي: لا يقطع الزوج بالسرقة من مال زوجته، ولا تقطع الزوجة بالسرقة من مال زوجها، أما سرقة الزوجة من مال زوجها فالشبهة قائمة، وهي وجوب النفقة لها على الزوج، فقد يكون الزوج مقصراً فيؤدي ذلك إلى أن تسرق من ماله، فتكسر الصندوق وتأخذ، أما إذا كان الصندوق مفتوحاً فلها أن تأخذ بفتوى الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لهند امرأة أبي سفيان[(190)] ـ رضي الله عنهما ـ، ولكن في الحقيقة يجب أن نلاحظ مسألة أخرى، وهي الفرق بين أن يكون مال الزوج في نفس البيت، وبين أن يكون في الدكان وشبهه؛ لأن كونه في البيت فيه نوع ائتمان للزوجة، وإذا كان في الخارج فهي وغيرها سواء، فلا يظهر لي أن في ذلك شبهة إذا كان قد قام بما يلزم ولم يقصر في النفقة.
وأما سرقة الزوج من مال زوجته، فالشبهة قالوا: لأن الزوج قوَّام على المرأة، وله سيطرة، فقد يظن بهذه القوامة أن له الحق في أن يسطو على مالها، فيأخذ منه، أو لأن الزوج مع زوجته في الغالب يتبسط بمالها كما تتبسط بماله، وهذا إذا لم يكن محرزاً عنه فالتعليل له وجه، لكن إذا كان محرزاً عنه والمرأة متحفظة، وقد جعلت مالها في الصناديق خوفاً من الزوج، فهل يقطع أو لا؟
المؤلف يقول: «ولو كان محرزاً عنه» فعلى رأي المؤلف لا يقطع، والصحيح أن سرقة الزوج من مال زوجته المحرز توجب القطع.
ولكن هل يمكن للزوجة أن تطالب بقطع يد زوجها إذا سرق من مالها؟ الجواب: إن كانت العلاقة طيبة فلا، أما إذا لم تكن الأمور طيبة فإنها تطالب بقطع يده.
وقوله: «ولو كان محرزاً عنه» إشارة خلاف؛ لأن الغالب أن العلماء إذا أتوا بمثل هذه العبارة أنهم يشيرون إلى خلاف في المسألة، حتى إن بعضهم ـ لكنه غير مطرد ـ قال: إنهم إذا قالوا: «ولو» فالخلاف قوي، وإذا قالوا: «وإن» فالخلاف متوسط، وإذا قالوا: «حتى» فالخلاف ضعيف؛ ولكن هذه القاعدة ليست مطردة.

وَإِذَا سَرَقَ عَبْدٌ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، أَوْ سَيِّدٌ مِنْ مَالِ مُكَاتَبِهِ ،...................
قوله: «وَإِذَا سَرَقَ عَبْدٌ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ» أَي: فإنه لا يقطع، والشبهة هي النفقة والتبسط، والكلام فيما إذا كان المال محرزاً، أما إذا كان غير محرز، كما لو كان هذا العبد بيده مفاتيح الخزائن، وسرق منها فإنه لا قطع؛ لأن لدينا شرطاً سابقاً وهو أن تكون السرقة من حرز، فإذا كان السيد قد أعطاه المفاتيح، فمعنى ذلك أنه سلطه على المال، لكن كلام المؤلف هنا فيما إذا كان محرزاً، هل يقطع أو لا؟
يقول المؤلف: إنه لا يقطع، والشبهة هنا أن العبد له نوع من التبسط في مال سيده، وأنه تجب نفقته على سيده، فقد يكون السيد مقصراً في الإنفاق عليه، فيلجأ ذلك العبد إلى أن يسرق.
وإذا سرق سَيِّدٌ من مال عبده فإنه لا يقطع، على أن المذهب عندنا أن العبد لا يملك ولو مُلِّك؛ لقول الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «من باع عبداً له مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع» [(191)]، قال: «فماله للذي باعه» ، إذاً العبد لا يملك، والمال الذي بيده يتصرف فيه، ليس تصرف مالك، ولكن تصرف اختصاص.
قوله: «أَوْ سَيِّدٌ مِنْ مَالِ مُكَاتَبِهِ» المكاتب هو العبد الذي اشترى نفسه من سيده، مثاله: رجل له عبد، فقال له العبد: أعتقني، قال: ما أعتقك، أنا اشتريتك بألف درهم، قال: كاتبني أي: بع نفسي عليَّ، قال: كاتبتك على أن تعطيني ألف درهم، وأنت حر.
فهذه المكاتبة، وقد أشار الله تعالى إليها في القرآن في قوله: {{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}} [النور: 33] ، أي: صلاحاً في الدين، وكسباً في المال، وهنا الصحيح أن الأمر على سبيل الوجوب، وأن العبد إذا طلب المكاتبة وجب على السيد أن يكاتبه؛ لأن الله أمر بذلك، والأصل في الأمر الوجوب، لكن بهذا الشرط، {{إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}} أي: صلاحاً في دينهم ودنياهم، والصلاح في الدين معروف، والصلاح في الدنيا هو الكسب.
لكن لو جاء العبد يقول: كاتبني، وأنا أعرف أني إذا كاتبته ذهب إلى دور البغايا، ودور السينما، والملهيات وما إلى ذلك، أو ترك الصلاة، فإننا لا نكاتب هذا.
أو قال: كاتبني، وأنا أعرف أنني إذا كاتبته صار عالة على الناس؛ لأنه ليس بمكتسب، فهنا لا نكاتبه.
فالمكاتب يملك، ولهذا يملك التصرف، فإذا كاتبته وقلت: كاتبتك بكذا وكذا درهماً، فله أن يبيع، ويشتري، ويؤجر، ويستأجر، ويصبح كالحر، فإذا سرق السيد من مال مكاتبه، يقول المؤلف: إنه لا يقطع، والشبهة أنه لا زال ملكه عليه، كما جاء في الحديث الذي يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم»[(192)] فهذا المكاتب لا يعتق إلا إذا سَلَّمَ ما عليه.

أَوْ حُرٌّ مُسْلِمٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مِنْ غَنِيمَةٍ لَمْ تُخَمَّسْ، أَوْ فَقِيرٌ مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ شَخْصٌ مِنْ مَالٍ فِيهِ شَرِكَةٌ لَهُ، أَوْ لأَِحَدٍ مِمَّنْ لاَ يُقْطَعُ بالسَّرِقَةِ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ، .........
قوله: «أَوْ حُرٌّ مُسْلِمٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ» أي: إذا سرق فإنه لا يقطع لوجود الشبهة، وهي أن كل مسلم له حق في بيت المال، فإذا كان غنياً ولم يتولَّ مصلحة من مصالح المسلمين فليس له حق في بيت المال، بخلاف الفقير فله الحق في بيت المال، فالذي يتولى مصلحة من مصالح المسلمين، كالتعليم، والإمامة، والأذان، وما أشبهه له حق، لكن إذا كان غنياً ولم يقم بمصلحة من مصالح المسلمين، فما حقه؟!
يقولون: قد يكون في يوم من الأيام من ذوي الحقوق فله شبهة.
لكن هل معنى ذلك أنه يجوز للإنسان المسلم الحر أن يسرق من بيت المال؟
الجواب: لا، وهو حرام عليه، خلافاً لمن قال: إن بيت المال حلال، اكذبْ على الدولة، اسرق من العمل، اعمل ما شئت، فليس هذا حراماً؛ والسبب أنه بيت مال المسلمين، فنقول: بيت مال المسلمين أعظم من ملك واحد معين؛ وذلك لأن سرقته خيانة لكل مسلم، بخلاف سرقةِ أو خيانةِ رجلٍ معينٍ فإنه بإمكانك أن تتحلل منه وتسلم.
وقوله: «حر مسلم» فهم منه أنه لو سرق كافر من بيت المال فإنه يقطع؛ لأنه لا حق له في بيت مال المسلمين.
أو سرق مسلم عبد من بيت المال فإنه يقطع؛ ولكن سيأتينا في آخر العبارة أنه لا يقطع، لأن العبد سرق من مالٍ لا يُقْطَعُ منه سيدُه، فإذا كان العبد المسلم لمسلم وسرق من بيت المال فإنه لا يقطع؛ لأنه سرق من مالٍ لو سرق منه سيده لم يقطع.
الخلاصة في مسألة السرقة من بيت المال: أن الأصل فيها القطع، حتى توجد شبهة بينة، وهي إما فقره، أو قيامه بمصلحة من مصالح المسلمين، كالتدريس، والإمامة، وما أشبهها.
قوله: «أو من غنيمة لم تُخَمَّس» الغنيمة هي المال المأخوذ من الكفار بقتال وما ألحق به، فهذه الغنيمة تقسم خمسة أسهم، أربعة منها للغانمين، وواحد منها يقسم إلى خمسة أسهم أيضاً؛ خمس لبيت المال، وخمس لذوي القربى، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين، وخمس لابن السبيل، قال تعالى: {{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}} [الأنفال: 41] .
فإذا سرق من غنيمة لم تخمس فإنه لا يقطع؛ لأن له شبهة استحقاق، فإنه يستحق من خمس الخمس الذي يصرف في الفيء، وهو ما كان لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فإن خمست الغنيمة، فإن سرق بعد تخميسها من الأخماس الأربعة التي للمقاتلين، فهل يقطع أو لا؟
الجواب: إن كان منهم لم يقطع؛ لأن له حقاً في الأربعة، وإن لم يكن منهم قطع؛ لأنه لا حق له فيها، ولا شبهة، ولا استحقاق، وإن سرق من الخمس الموزع على خمسة نظرنا، إن سرق مما لا حق له فيه قطع، مثل أن نخمس الخمس، ونأخذ ما لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم وخمس اليتامى نجعله وحده، وذوي القربى وحده، وابن السبيل وحده، والمساكين وحده، فإن سرق من حق اليتامى، وهو بالغ عاقل فإنه يقطع؛ لأنه ليس له فيه شبهة، ولو سرق من الفيء الذي لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم فإنه لا يقطع؛ لأن له فيه حقاً؛ لأنه يصرف لبيت المال، وإن سرق من سهم ذوي القربى وهو ليس منهم يقطع.
قوله: «أَوْ فَقِيرٌ مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ عَلَى الفُقَرَاءِ» أي: فإنه لا يقطع، مثاله: عندنا نخل موقوف على الفقراء، جذذنا النخل، ووضعنا الجذاذ ـ المجذوذ ـ في حرزه، فجاء رجل من الفقراء وسرق منه فلا يقطع؛ لأن له شبهة استحقاق؛ فهو من جملة المستحقين.
مثال آخر: طعام معدٌّ للفقراء، فجاء فقير فسرق منه فلا يقطع؛ لأن له فيه شبهة استحقاق.
قوله: «أَوْ شَخْصٌ مِنْ مَالٍ فِيهِ شَرِكَةٌ لَهُ» أي: فإنه لا يقطع؛ لأن هذا الذي سرقه له فيه نصيب.
مثاله: شخص له مال بينه وبين آخر، مائة درهم مثلاً، فسرق من هذا المال المشترك خمسين درهماً فلا يقطع؛ لأن له من الخمسين نصفها.
مثال آخر: رجل له شركة في مال قدرها واحد من مليون، فسرق تسعمائة ألف فلا يقطع؛ لأن نصيبه مشاع، كل درهم اقسمه على مليون، فله منه واحد، فلما كان نصيبه مشاعاً فإنه مهما سرق من المال المشترك فإنه لا يقطع؛ لأن له في كل جزء منه ـ وإن قل ـ نصيباً.
قوله: «أَوْ لأَِحَدٍ مِمَّنْ لاَ يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ» إذا سرق شخص من شيء فيه شركة لأحد ممن لا يقطع بالسرقة منه فإنه لا يقطع، فإذا كان أبوه له مال مشترك بينه وبين عمه، فسرق من المال المشترك فلا يقطع، وإذا كان المال للعم منفرداً عن الشركة فسرق منه فإنه يقطع.
ولم يقطع في الأولى؛ لأن الأب له شركة في المال، وإذا سرق من مال فيه شركة لمن لا يقطع بالسرقة منه فإنه لا يقطع، والشبهة هنا المشاركة، فما دام هذا المال فيه سهم ـ ولو واحداً من مليون ـ لشخص لو سرقتُ من ماله لم أقطع، فإنني لا أقطع بالسرقة من هذا المال المشترك، كما قال المؤلف؛ لأن هذا المال الذي سرقته فيه جزءٌ لا تقطع بالسرقة به، وهو ما يملكه أبوك، وإذا كان فيه جزء لا يمكن أن تقطع به فإن القطع لا يتجزأ، فلو كان للأب خمساه، وللعم ثلاثة أخماسه، فسرق فهل نقطع ثلاثة أصابع؟ لا، ولا يمكن أن نجزئه.



[188] سبق تخريجه ص(249).
[189] أخرجه ابن ماجه في التجارات/ باب ما للرجل من مال ولده (2291) عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ، وصححه البوصيري على شرط البخاري، وصححه ابن حبان (410) إحسان، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
وأخرجه الإمام أحمد (2/179، 204، 214)، وأبو داود في البيوع/ باب الرجل يأكل من مال ولده (3530)، وابن ماجه في التجارات/ باب ما للرجل من مال ولده (2292) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وحسّن إسناده في الإرواء (3/325).
[190] أخرجه البخاري في النفقات باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه (5364)، ومسلم في الأقضية باب قضية هند (1714) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
[191] سبق تخريجه ص(175).
[192] أخرجه أبو داود في العتق باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته... (3926)، والبيهقي (1/324) عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ، انظر: «التلخيص» (2156).

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الشبهة, انتفاء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir