دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 11:14 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الفرق بين الرواية والشهادة

مَسْأَلَةُ: الإِخْبَارِ عَنْ عَامٍّ لَا تَرَافُعَ فِيهِ الرِّوَايَةُ وَخِلَافُهُ الشَّهَادَةُ وَأَشْهَدُ إنْشَاء تَضَمَّنَ الإِخْبَارَ، لَا مَحْضَ إخْبَارٍ أَوْ إنْشَاءٍ عَلَى المُخْتَارِ وَصِيَغُ العُقُودِ كَبِعْتُ إنْشَاءً خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ القَاضِي : يَثْبُتُ الجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ بِوَاحِدٍ، وَقِيلَ: فِي الرِّوَايَةِ فَقَطْ، وَقِيلَ: لَا فِيهِمَا وَقَالَ القَاضِي: يَكْفِي الإِطْلَاقُ فِيهِمَا وَقِيلَ: يَذْكُرُ سَبَبَهُمَا وَقِيلَ: سبب التعديل فقط وَعَكَسَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ المُخْتَارُ فِي الشَّهَادَةِ. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فَيَكْفِي الإِطْلَاقُ إذَا عُرِفَ مَذْهَبُ الجَارِحِ وَقَوْلُ الإِمَامَيْنِ يَكْفِي إطْلَاقُهُمَا للعَالِمِ بِسَبَبِهِمَا هُوَ رَأْيُ القَاضِي إذْ لَا تَعْدِيلَ وَجَرْحَ إلَّا مِنْ العَالِمِ وَالجَرْحُ مُقَدَّمٌ إنْ كَانَ عَدَدُ الجَارِحِ أَكْثَرَ مِنْ المُعَدلِ إجْمَاعًا، وَكَذَا إنْ تَسَاوَيَا أَوْ كَانَ الجَارِحُ أَقَلَّ، وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُطْلَبُ التَّرْجِيحُ، وَمِنْ التَّعْدِيلِ حُكْمٌ مُشْتَرَطٌ العَدَالَةِ بِالشَّهَادَةِ، وَكَذَا عَمَلُ العَالِمِ فِي الأَصَحِّ وَرِوَايَةُ مَنْ لَا يَرْوِي إلَّا للعَدْلِ، وَلَيْسَ مِنْ الجَرْحِ تَرْكُ العَمَلِ بِمَرْوِيِّهِ، وَالحُكْمِ بِمَشْهُودِهِ، وَلَا الحَدِّ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا وَنَحْوِ النَّبِيذِ وَلَا التَّدْلِيسِ بِتَسْمِيَةٍ غَيْرِ مَشْهُورَةٍ، قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ لَمْ يُبَيِّنْهُ وَلَا بِإِعْطَاءِ شَخْصٍ اسْمَ آخَرَ تَشْبِيهًا كَقَوْلِنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحَافِظُ يَعْنِي الذَّهَبِيَّ تَشْبِيهًا بِالبَيْهَقِيِّ يَعْنِي الحَاكِمَ، وَلَا بِإِيهَامِ اللُّقَي وَالرِّحْلَةِ، أَمَّا مُدَلِّسُ المُتُونِ فَمَجْرُوحٌ.

  #2  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 10:10 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


(مَسْأَلَةُ: الْإِخْبَارِ عَنْ) شَيْءٍ (عَامٍّ) لِلنَّاسِ (لَا تَرَافُعَ فِيهِ) إلَى الْحُكَّامِ (الرِّوَايَةُ وَخِلَافُهُ)، وَهُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ خَاصٍّ بِبَعْضِ النَّاسِ يُمْكِنُ التَّرَافُعُ فِيهِ إلَى الْحُكَّامِ (الشَّهَادَةُ) وَخَرَجَ بِإِمْكَانِ التَّرَافُعِ الْإِخْبَارُ عَنْ خَوَاصِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ غَالِبًا حَتَّى لَا يَخْرُجَ مِنْهُ الْخَوَاصُّ وَنَفْيُ التَّرَافُعِ فِيهِ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ وَمَا فِي الْمَرْوِيِّ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَنَحْوِهِمَا يَرْجِعُ إلَى الْخَبَرِ بِتَأْوِيلٍ، فَتَأْوِيلُ أُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا مَثَلًا الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ، وَالزِّنَا حَرَامٌ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ (وَأَشْهَدُ إنْشَاءً تَضَمَّنَ الْإِخْبَارَ) بِالْمَشْهُودِ بِهِ (لَا مَحْضَ إخْبَارٍ أَوْ إنْشَاءٍ عَلَى الْمُخْتَارِ)، وَهُوَ نَاظِرٌ إلَى اللَّفْظِ لِوُجُودِ مَضْمُونِهِ فِي الْخَارِجِ بِهِ وَإِلَى مُتَعَلَّقِهِ. وَالثَّانِي: إلَى الْمُتَعَلَّقِ فَقَطْ. وَالثَّالِثُ: إلَى اللَّفْظِ فَقَطْ، وَهُوَ التَّحْقِيقُ فَلَمْ تَتَوَارَدْ الثَّلَاثَةُ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ أَشْهَدُ إنْشَاءً وَكَوْنِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ إخْبَارًا ; لِأَنَّهُ صِيغَةٌ مُؤَدِّيَةٌ لِذَلِكَ الْمَعْنَى بِمُتَعَلَّقِهِ (وَصِيَغُ الْعُقُودِ كَبِعْتُ) وَاشْتَرَيْت وَزَوَّجْت وَتَزَوَّجْت (إنْشَاءً) لِوُجُودِ مَضْمُونِهَا فِي الْخَارِجِ بِهَا (خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ) فِي قَوْلِهِ: إنَّهَا إخْبَارٌ عَلَى أَصْلِهَا بِأَنْ يُقَدِّرَ وُجُودَ مَضْمُونِهَا فِي الْخَارِجِ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهَا. (قَالَ الْقَاضِي) أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ (: يَثْبُتُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ بِوَاحِدٍ) فِي الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ (وَقِيلَ: فِي الرِّوَايَةِ فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ رِعَايَةً لِلتَّنَاسُبِ فِيهِمَا فَإِنَّ الْوَاحِدَ يُقْبَلُ فِي الرِّوَايَةِ دُونَ الشَّهَادَةِ (وَقِيلَ: لَا فِيهِمَا) نَظَرًا إلَى أَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَدِ
(وَقَالَ الْقَاضِي) أَيْضًا (يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ سَبَبِهِمَا فِي الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ اكْتِفَاءً بِعِلْمِ الْجَارِحِ وَالْمُعَدِّلِ بِهِ (وَقِيلَ: يَذْكُرُ سَبَبَهُمَا)، وَلَا يَكْفِي إطْلَاقُهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُجْرَحَ بِمَا لَيْسَ بِجَرْحٍ وَأَنْ يُبَادِرَ إلَى التَّعْدِيلِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَقِيلَ:) يَذْكُرُ سَبَبَ التَّعْدِيلِ فَقَطْ أَيْ دُونَ سَبَبِ الْجَرْحِ ; لِأَنَّ مُطْلَقَ الْجَرْحِ يُبْطِلُ الثِّقَةَ وَمُطْلَقُ التَّعْدِيلِ لَا يُحَصِّلُهَا لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ عَلَى الظَّاهِرِ (وَعَكَسَ الشَّافِعِيُّ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ يَذْكُرُ سَبَبَ الْجَرْحِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ دُونَ سَبَبِ التَّعْدِيلِ (وَهُوَ) أَيْ عَكْسُ الشَّافِعِيُّ (الْمُخْتَارُ فِي الشَّهَادَةِ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ) فِيهَا لِلْجَرْحِ كَالتَّعْدِيلِ (إذَا عُرِفَ مَذْهَبُ الْجَارِحِ) مِنْ أَنَّهُ لَا يَجْرَحُ إلَّا بِقَادِحٍ، وَلَا يُكْتَفَى بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ فِيهَا بِالْمَشْهُودِ لَهُ (وَقَوْلُ الْإِمَامَيْنِ) أَيْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْإِمَامِ الرَّازِيُّ (يَكْفِي إطْلَاقُهُمَا) أَيْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (لِلْعَالِمِ بِسَبَبِهِمَا) أَيْ مِنْهُ، وَلَا يَكْفِي مِنْ غَيْرِهِ (هُوَ رَأْيُ الْقَاضِي) الْمُتَقَدِّمُ (إذْ لَا تَعْدِيلَ وَجَرْحَ إلَّا مِنْ الْعَالِمِ) بِسَبَبِهِمَا فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ ذَكَرَهُ مَعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ.
(وَالْجَرْحُ مُقَدَّمٌ) عِنْدَ التَّعَارُضِ عَلَى التَّعْدِيلِ (إنْ كَانَ عَدَدُ الْجَارِحِ أَكْثَرَ مِنْ) عَدَدِ (الْمُعَادِلِ إجْمَاعًا، وَكَذَا إنْ تَسَاوَيَا) أَيْ عَدَدُ الْجَارِحِ وَعَدَدُ الْمُعَدِّلِ (أَوْ كَانَ الْجَارِحُ أَقَلَّ) عَدَدًا مِنْ الْمُعَدِّلِ لِاطِّلَاعِ الْجَارِحِ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُعَدِّلُ (وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ) مِنْ الْمَالِكِيَّةِ (يُطْلَبُ التَّرْجِيحُ) فِي الْقِسْمَيْنِ كَمَا هُوَ حَاصِلٌ فِي الْأَوَّلِ بِكَثْرَةِ عَدَدِ الْجَارِحِ وَعَلَى وِزَانِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ التَّعْدِيلَ فِي الثَّالِثِ مُقَدَّمٌ (وَمِنْ التَّعْدِيلِ) لِشَخْصٍ (حُكْمٌ مُشْتَرَطٌ لِلْعَدَالَةِ) فِي الشَّاهِدِ (بِالشَّهَادَةِ) مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا عِنْدَهُ لَمَا حَكَمَ بِشَهَادَتِهِ (وَكَذَا عَمَلُ الْعَالِمِ) الْمُشْتَرِطِ لِلْعَدَالَةِ فِي الرَّاوِي بِرِوَايَةِ شَخْصٍ تَعْدِيلًا لَهُ (فِي الْأَصَحِّ)، وَإِلَّا لَمَا عُمِلَ بِرِوَايَتِهِ، وَقِيلَ: لَيْسَ تَعْدِيلًا لَهُ وَالْعَمَلُ بِرِوَايَتِهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ احْتِيَاطًا (وَرِوَايَةُ مَنْ لَا يَرْوِي إلَّا لِلْعَدْلِ) أَيْ عَنْهُ بِأَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَوْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ عَنْ شَخْصٍ تَعْدِيلٌ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ هُوَ عَدْلٌ، وَقِيلَ: لَا لِجَوَازِ أَنْ يَتْرُكَ عَادَتَهُ (وَلَيْسَ مِنْ الْجَرْحِ) لِشَخْصٍ (تَرْكُ الْعَمَلِ بِمَرْوِيِّهِ وَ) تَرْكُ (الْحُكْمِ بِمَشْهُودِهِ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ التَّرْكُ لِمُعَارِضٍ
(وَلَا الْحَدِّ) لَهُ (فِي شَهَادَةِ الزِّنَا) بِأَنْ لَمْ يَكْمُلْ نِصَابُهَا ; لِأَنَّهُ لِانْتِفَاءِ النِّصَابِ (وَ) لَا فِي (نَحْوِ) شُرْبِ (النَّبِيذِ) مِنْ الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ ; لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ إبَاحَةَ ذَلِكَ (وَلَا التَّدْلِيسِ) فِيمَنْ رُوِيَ عَنْهُ (بِتَسْمِيَةٍ غَيْرِ مَشْهُورَةٍ) لَهُ حَتَّى لَا يُعْرَفَ إذْ لَا خَلَلَ فِي ذَلِكَ (قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ) عَنْهُ (لَمْ يُبَيِّنْهُ) فَإِنَّ صَنِيعَهُ حِينَئِذٍ جَرْحٌ لَهُ لِظُهُورِ الْكَذِبِ فِيهِ. وَأُجِيبَ بِمَنْعِ ذَلِكَ فَتَرْكُ الِاسْتِثْنَاءِ أَظْهَرُ مِنْهُ (وَلَا) التَّدْلِيسِ (بِإِعْطَاءِ شَخْصٍ اسْمَ آخَرَ تَشْبِيهًا كَقَوْلِنَا) أَخْبَرَنَا (أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ يَعْنِي الذَّهَبِيَّ تَشْبِيهًا بِالْبَيْهَقِيِّ) فِي قَوْلِهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (يَعْنِي) بِهِ (الْحَاكِمَ) لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ (وَلَا) التَّدْلِيسِ (بِإِيهَامِ اللُّقَى وَالرِّحْلَةِ) الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ مَنْ عَاصَرَ الزُّهْرِيَّ مَثَلًا، وَلَمْ يَلْقَهُ قَالَ الزُّهْرِيُّ مُوهِمًا أَيْ مُوقِعًا فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَالثَّانِي نَحْوُ أَنْ يُقَالَ حَدَّثَنَا وَرَاءَ النَّهَرِ مُوهِمًا جَيْحُونَ وَالْمُرَادُ أَنْهُرُ مِصْرَ كَأَنْ يَكُونَ بِالْجِيزَةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَارِيضِ لَا كَذِبَ فِيهِ (أَمَّا مُدَلِّسُ الْمُتُونِ)، وَهُوَ مَنْ يُدْرِجُ كَلَامَهُ مَعَهَا بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ (فَمَجْرُوحٌ) لِإِيقَاعِهِ غَيْرَهُ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

  #3  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 10:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


(ص): مسألة: الإخبار عن عام لا ترافع فيه الرواية، وخلافه الشهادة.
(ش): الفرق بين الرواية والشهادة من مهمات هذا العلم وقد خاض فيه المتأخرون وغاية ما فرقوا بينهما باختلافها في بعض الأحكام كاشتراط العدد والحرية والذكورة، وغيرها، وذلك لا يوجب تخالفهما في الحقيقة، وقال القرافي: وأقمت مدة أتطلب الفرق بينهما حتى ظفرت به في كلام المازري فذكر ما حاصله: أنهما خبران غير أن المخبر عنه إن كان عاما لا يختص بمعين، ولا ترافع فيه إلى الحكام فهو الرواية، وإن كان خاصا بمعين والترافع فيه ممكن فهو الشهادة وإذا لاح الفرق بينهما وصح مناسبة اعتبار العدد في الشهادة استظهاراً دون الرواية – فإنه يدخل من التهمة في إثبات الحقوق المعينة ما لا يدخل في إثباتها في الجملة، فجاز أن تؤكد الشهادة بما لا تؤكد الرواية، فلهذا أكدت بالعدد وعدم العداوة وغيرها، لكن قد يعارض هذا بأن الخبر وإن لم يتضمن إثبات الحق على أحد معين، لكن يقتضي إثبات شرع في حق جميع المكلفين، إلى يوم القيامة فالاحتياط فيه أجدر من الاحتياط في إثبات الحق على واحد معين في شيء معين. ويحقق المناسبة وجوه، ذكرها الشيخ عز الدين:
أحدها: أن الغالب من المسلمين مهابة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف شهادة الزور، فاحتيج إلى الاستظهار فيها.
والثاني: أنه قد ينفرد بالحديث النبوي شاهد واحد، فلو لم يقبل لفات على أهل الإسلام تلك المصلحة العامة، بخلاف فوات حق واحد على شخص واحد في المحاكمات.
والثالث: أن بين كثير من الناس والمسلمين إحنا وعداوات تحملهم على شهادة الزور، بخلاف الأخبار النبوية.
(ص): وأشهد إنشاء تضمن الإخبار لا محض إخبار أو إنشاء على المختار.
(ش): تضمن ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنه إخبار محض وهو ظاهر كلام اللغويين، قال ابن فارس في (المجمل): الشهادة خبر عن علم، وقال الإمام فخر الدين في تفسير قوله تعالى: {وما شهدنا إلا بما علمنا} فيه دلالة على أن الشهادة، مغايرة للعلم، قال: وليست الشهادة عبارة عن قوله: أشهد، لأن أشهد إخبار عن الشهادة، والإخبار عن الشهادة غير الشهادة، بل الشهادة عبارة عن الحكم الذهني، وهو الذي يسميه المتكلمون كلام النفس.
والثاني: أنه إنشاء وإليه مال القرافي لأنه لا يدخله تكذيب شرعا وأما قوله تعالى: {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} – فعائد إلى تسميتهم ذلك شهادة لأن الإخبار إذا خلا عن مواطأة القلب اللسان لم يكن ذلك حقيقة.
والثالث: أنه إنشاء تضمن الخبر عما في النفس، وفي هذا ما يجمع القولين.
واعلم أن نقل المذاهب هكذا في هذه المسألة لا يوجد مجموعا وإنما يوجد متفرقا في كلام الأئمة بالتلويح، نعم اختلف أصحابنا في قول الملاعن: أشهد بالله هل هو يمين مؤكد بلفظ الشهادة، أو يمين فيها شوب شهادة؟ والصحيح الأول.
(ص): وصيغ العقود كبعث إنشاء، خلافا لأبي حنيفة.
(ش): اختلف في صياغ الخبر المستعملة في الإنشاء كبعث= واشتريت التي قصد بها إيقاع هذه العقود: هل هي على ما كانت عليه من الخبرية، أو نقلت عن الخبرية بالكلية وصارت إنشاء؟ على قولين، قال في (المحصول): ولا شك أنها في اللغة موضوعة للإخبار وقد يستعمل في الشرع لذلك أيضا، وفي استحداث الأحكام، وإنما النزاع أنها حيث استعملت لاستحداث أحكام لم تكن من قبل، فهل هي إخبارات باقية على الوضع اللغوي أو إنشاءات؟ الأقرب الثاني. انتهى. وعزاه الهندي للأكثرين وكذلك الأصفهاني، وعزا مقابله للحنفية، قال: وهو اختيار أئمة النظر من علم الخلاف، قال: وهذا تفريع على القول بالنقل الشرعي، إما مطلقا كقول المعتزلة، أو إلى مجازاتها اللغوية، ولا يتأتى هذا التفريع على رأي القاضي، انتهى. وأما المصنف فنسبه إلى أبي حنيفة وفيه نظر، لأنه لا يعرف لأبي حنيفة فيه نص وغاية ما وقع في كلام المتأخرين نسبته للحنفية، وقد أنكر ذلك القاضي شمس الدين السروجي وكان من أئمة الحنفية العارفين بمذهبه: فقال في (كتاب النكاح من الغاية): وقد حكي عن القرافي أنه نسب ذلك إلى الحنفية، وهذا لا أعرفه لأصحابنا بل المعروف عندهم أنها إنشاءات استعملت، ولهذا قال صاحب (البديع): الحق أنها إنشاء، ولهذا يسأل المطلق رجعيا عن قوله: طلقتك ثانيا وكذا قال غيره من الحنفية، قالوا: وليس معنى كونها إنشاء، في الشرع أنها نقلت عن معنى الإخبار بالكلية ووضعها لإيقاع هذه الأمور بل معناه أنها صيغ تتوقف صحة مدلولاتها اللغوية على ثبوت هذه الأمور، من جهة المتكلم، فاعتبر الشرع إيقاعها من جهته بطريق الاقتضاء تصحيحا لهذه الأمور من حيث إن هذه الأمور لم تكن ثابتة ولهذا كان جعله إنشاء للضرورة، حتى لو أمكن العمل بكونه إخبارا لم يجعل إنشاء بأن يقول للمطلقة المنكوحة: إحداكما طالق، لا يقع الطلاق، قلت: وكذلك عندنا، إذا قصد الأجنبية وقال بعض المتأخرين: الحق أنها إن جردت عن الخبرية صارت إنشاء لأنها لا تحتمل الصدق والكذب، ولكان العاقد مخبرا عن سابق فلا ينعقد بها، وإن أريد بها إيقاع الفعل كانت إنشاء، وإن أريد بها الإخبار، كانت خبرا. واحتج القائلون بأنها إخبارات في ثبوت الأحكام فإن معنى قولك: (بعت) الإخبار عما في قلبك، فإن أصل البيع هو التراضي ووضعت لفظة (بعت) دلالة على الرضا، فكأنه أخبر بها عما في ضميره ورد بأنه لا يقصد بهذه الصيغ الحكم بنسبة خارجية، فلا تدل (بعت) على بيع آخر غير البيع الذي يقع به ولا معنى للإنشاء إلا هذا، وأيضا لا يوجد فيها خاصية الإخبار أعني احتمال الصدق والكذب للقطع بتخطئة من يحكم عليها بأحدهما.
تنبيه: لا يختص الخلاف في العقد بل يجري في الحلول، كفسخت وطلقت فالطلاق إنشاء ولا يقوم الإقرار مقامه، ولكن يؤاخذ بما أقر به، وبعضهم يجعل الإقرار على صيغته وقرينته إنشاء، فإذا أقر بالطلاق نفذ ظاهرا ولا ينفذ باطنا، وحكي وجه أنه يصير إنشاء حتى تحرم باطنا، قال إمام الحرمين: وهو ملتبس فإن الإقرار والإنشاء يتنافيان فذلك إخبار عن ماض، وهذا إحداث في الحال، وذلك يدخله الصدق والكذب، وهذا بخلافه.
(ص): وقال القاضي: يثبت الجرح والتعديل بواحد، وقيل: في الرواية فقط، وقيل: لا فيهما.
(ش): في الاكتفاء بجرح الواحد، وتعديله في الرواية والشهادة - مذاهب:
أحدها: الاكتفاء به فيهما، وبه قال القاضي أبو بكر، وعبارته في (التقريب): هذا القول قريب، لا شيء عندنا يفسده، وإن كان الأحوط ألا يقبل في تزكية الشاهد خاصة أقل من اثنين والمخبر قريب من بابه. انتهى.
والثاني: يعتبر العدد فيهما وهو رأي بعض المحدثين ووهاه الإمام.
والثالث: يكتفى به في الرواية دون الشهادة ونسب للأكثر، لأن شرط الشيء لا يزيد على أصله، بل قد ينقص كالإحصان يثبت باثنين وإن لم يثبت الزنا إلا بأربعة فإذا قبلت رواية الواحد فلا تقبل تزكية الواحد أو جرحه فيها أولى، لأن غاية مرتبة الشرط أن يلحق بمشروطه فإذا لم يقبل في الشهادة إلا اثنين لم يقبل في تزكيتها أقل من اثنين.
(ص): وقال القاضي: يكفي الإطلاق فيهما، وقيل: بذكر سببهما، وقيل: سبب التعديل فقط، وعكس الشافعي وهو المختار في الشهادة، وأما الرواية فيكفي الإطلاق إذا عرف مذهب الجارح.
(ش): ينبغي أن تكون الواو في قوله: وقال القاضي – بمعني ثم، لأنه دخول منه في مسألة أخرى، والضمير في قوله: فيهما عائد للجرح والتعديل وحاصله أن في التعرض لسبب الجرح والتعديل مذاهب:
أحدها: أنه يكفي الإطلاق فيهما، ولا يجب ذكر السبب لأنه إن لم يكن بصيرا بهذا الشأن لم يصلح للتزكية، وإن كان بصيرا به فلا معنى للسؤال وهذا ما نص عليه في (التقريب) ونقل عنه إمام الحرمين التفصيل الآتي في الثالث.
والثاني: يجب ذكر سببهما للاختلاف في أسباب الجرح والمبادرة إلى التعديل بالظاهر.
والثالث: يذكر سبب التعديل دون الحرج، لأن مطلق الجرح يبطل الثقة ومطلق التعديل لا يحصل الثقة، لتسارع الناس إلى الثناء اعتمادا على الظاهر، فلا بد من سبب قال إمام الحرمين: وهذا أوقع في مأخذ الأصول.
والرابع: عكسه يجب في الجرح دون التعديل، وهو قول الشافعي رضي الله عنه، إذ قد يجرح بما لا يكون جارحا، لاختلاف المذاهب فيه، بخلاف العدالة، إذ ليس لها إلا سبب واحد.
والخامس: التفصيل بين الشهادة والرواية، ففي الشهادة يجب السبب في الجرح فقط، وفي الرواية يكفئ= الإطلاق إذا علم أن مذهب الجارح أنه لا يجرح إلا بالمؤثر، لكن أطلق النووي في شرح مسلم أن معنى عدم قبول الجرح المطلق في الراوي أنه يجب التوقف عن العمل بروايته إلى أن يبحث عن السبب.
(ص): وقول الإمامين: يكفي إطلاقهما للعالم بسببهما، هو رأى القاضي إذ لا تعديل وجرح إلا من العالم.
(ش): ذهب إمام الحرمين والرازي إلى تفصيل في المسألة: وهو أنا إن علمنا علم الراوي بأسبابهما، لم يجب ذكر السبب فيهما إذ الراوي يصير عدلا، وإلا أوجبناه ونبه المصنف على أن هذا ليس بمذهب، خلاف ما تقدم، بل هو راجع إلى كلام القاضي، لأنه إذا لم يكن عارفا بشروط العدالة، لم يصلح للتزكية، فقوله: (للعالم) أي: بأسباب الجرح والتعديل فإن العالم المتقن لا يجرح بأمر مختلف فيه.
(ص): والجرح مقدم إن كان عدد الجارح أكثر من المعدل إجماعا، وكذا إن تساويا أو كان الجارح أقل، وقال ابن شعبان: يطلب الترجيح.
(ش): إذا تعارض الجرح والتعديل، فإما أن يكون عدد الجارح أقل من المعدل أو أكثر أو يتساويا، فإن كان الجارح أكثر قدم بالإجماع، كذا قال المازري والباجي وغيرهما، لاطلاعه على زيادة لم ينفها المعدل، وإن تساويا فكذلك وحكى القاضي في (مختصر التقريب) الإجماع عليه أيضا، لكن ابن الحاجب حكى قولا أنهما يتعارضان ولا يترجح أحدهما إلا بمرجح، وإن كان الجارح أقل فالجمهور على تقديم الجرح أيضا لما سبق، وقيل: يقدم المعدل بزيادة عدده وقال ابن شعبان المالكي: يطلب الترجيح، حكاه عنه المازري واعلم أن القول بتقديم الجرح إنما يصح بشرطين ذكرهما ابن دقيق العيد:
أحدهما: مع اعتقاد المذهب الآخر، وهو أن الجرح لا يقبل إلا مفسرا.
والثاني: أن يكون الجرح بناء على أمر مجزوم به، أي: بكونه جارحا لا بطريق اجتهادي كما اصطلح عليه أهل الحديث في الاعتماد في الجرح على اعتبار حديث الراوي مع اعتبار حديث غيره، والنظر إلى كثرة الموافقة والمخالفة والتفرد والشذوذ.
(ص): ومن التعديل حكم مشترط العدالة بالشهادة، وكذا عمل العالم في الأصح، ورواية من لا يروي إلا للعدل.
(ش): التعديل يحصل بالتزكية الصريحة، بأن يقول: هو عدل ويذكر سببه، فيقول: لأني رأيت منه كذا، أو لا يذكره إن لم توجبه، وكذا السماع المتواتر والمستفيض بالعدالة، قال القرافي: وقد نص الفقهاء على أن من عرف بالعدالة لا تطلب له تزكية وسكت عنه المصنف لوضوحه، ويحصل بالضمني وهو الذي ذكره المصنف لغموضه وله مراتب:
أحدها: وهو أعلاها: أن يحكم الحاكم بشهادته لأنه لو لم يكن عدلا لما جاز بناء الحاكم على شهادته وهذا إذا كان الحاكم مستوفى العدالة، وهذا القيد ذكره الآمدي وغيره، ولا بد منه، وأهمله في (المنهاج)، ثم فيه شيئان:
أحدهما: أن هذا إنما يقدح إذا منعنا حكم الحاكم بعلمه، فإن جوزناه فحكمه بالشهادة ظاهر، أيقوم معه احتمال أنه حكم بعلمه باطنا، وهذا يقدح في جعل الغزالي هذه المرتبة أقوى من التعديل بالقول، وحينئذ يتجه التفصيل الآتي في التي بعدها، فإن علم يقينا أنه حكم بشهادته فتعديل، وإن لم يعلم يقينا فلا، وهو ما اقتصر عليه العبدري في (شرح المستصفى).
الثاني: أن هذه المرتبة من خواص الشهادة دون الرواية، لكنهم ذكروها في تعديل الراوي بالاستلزام.
ثانيها: عمل العالم بروايته تعديل إذا علم منه أنه عمل بها لا على وجه الاحتياط ونقل الآمدي فيه الاتفاق لكن الخلاف محكي في (البرهان) و(المحصول) وغيرهما فلهذا عبر المصنف بالأصح، قال إمام الحرمين: عمل الراوي بما رواه مع ظهور إسناده العمل إلى الرواية قال قائلون: إنه تعديل، وقال آخرون: ليس بتعديل والذي أراه: إذا ظهر أن مستند فعله ما رواه ولم يكن ذلك من مسالك الاحتياط – فهو تعديل، وإن كان ذلك في سبيل الاحتياط فليس بتعديل، لأن المجرح يتوقى الشبهات كما يتوقى الجليات وفصل الشيخ تقي الدين ابن تيمية بين أن يعمل بذلك في الترغيب والترهيب دون غيرهما.
وثالثها: وهو أدناها: رواية العدل عنه، قيل: تعديل مطلقا، وقيل: عكسه والأصح: التفصيل: إن علم عادته أنه لا يروي إلا من عدل كيحيى بن سعيد القطان، وشعبة، ومالك - فهو تعديل وإلا فلا قال المازري: وهو قول الحذاق وهو المختار في (الإحكام).
ثم هنا أمران:
أحدهما: أن هذا تفريع على جواز تعديل الراوي لمن روى عنه، وفي باب الأقضية من (الحاوي) حكاية وجهين في أنه هل يجوز للراوي تعديل من روى عنه كالخلاف في تزكية شهود الفرع للأصل.
الثاني: النظر في الطريق التي يعرف بها كونه لا يروي إلا عن عدل، فإن كان ذلك بتصريحه فهو الغاية، وإن كان ذلك باعتبارنا بحاله في الرواية، ونظرنا إلى أنه لم يرو عمن عرفناه إلا عن عدل، فهذا دون الدرجة الأولى ذكره ابن دقيق العيد قال: وهل يكتفى بذلك في قبول روايته عمن لا يعرفه؟ فيه وقفة لبعض أصحاب الحديث من المعاصرين وفيه تشديد.
(ص) وليس من الجرح ترك العمل بمرويه والحكم بمشهوده.
(ش) أي: لأنه يتوقف في رواية العدل وشهادته، لأسباب أخر غير الجرح وقال القاضي: إن تحقق تركه له مع ارتفاع الموانع كان جرحا، وإن لم يثبت قصده إلى مخالفته لم يكن جرحا (واعلم أن مرادهم ليس جرحا، أي: ليس دليلا على الفسق وإن كان دليلا على عدم اعتبار شهادته وروايته وإلا لفسق التارك بذلك).
(ص): ولا الحد في شهادة الزنا ونحو النبيذ.
(ش): فيه مسألتان:
إحداهما: ليس من الجرح الحد في الشهادة بالزنا، إذا لم يكمل النصاب، لأن الحد لأجل نقص العدد، لا لمعنى في الشاهد وهذا بناء على أظهر قولي الشافعي رضي الله عنه، فيما إذا شهد ثلاثة بالزنا، أنهم يحدون، لقصة المغيرة، وألحق الرافعي به جارح الراوي بذكر الزنا إذا لم يوافقه غيره حتى يكون قاذفا على الأصح، وخالفه النووي وقال المختار أو الصواب: أنه لا يجعل قاذفا لأنه معذور في شهادته بالجرح فإنه مسؤول عنها، وهي في حقه فرض كفاية أو متعينة بخلاف شهود الزنا فإنهم مندوبون إلى الستر فهم مقصرون، وما قاله النووي هو الذي قطع به الشيخ أبو حامد والقاضي الحسين، وغيرهما، ولم يخرجوه على الخلاف في شهود الزنا.
الثانية: ليس من الجرح ارتكاب ما اختلف فيه، وقال بحله بعض العلماء في مسألة اجتهادية كشرب النبيذ الذي لا يسكر، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه، في الحنفي: أحده، وأقبل شهادته، لما سبق في الكلام على المفسق المظنون، وكذلك قال: لا أرد شهادة المستحل لنكاح المتعة والمفتي به والعامل به وهذا بناء على أنه فسقه مظنون كما سبق وخالف مالك، واعتقد أنه مقطوع، فقال: أحده للمعصية، وأرد شهادته لفسقه وقال القرافي: وهو أوجه من قول الشافعي رضي الله عنه، لسلامته من التناقض ولأن هذا منع التقليد فيه، فمن قلد فيه بمثابة من لم يقلد فيكون عاصيا فيفسق وليس كما قال فإن مأخذ الحد ورد الشهادة مختلف فالحد للزجر، فلم يراع فيه مذهب المخالف، والرد لارتكاب الكبيرة عند فاعلها وهذا متأول في شربه فعذر بتأويله واعلم أن هذه المسألة مكررة مع قوله: فيما سبق ويقبل من أقدم على مفسق مظنون.
(ص) ولا التدليس بتسمية غير مشهورة قال ابن السمعاني: إلا أن يكون بحيث لو سئل لم يبينه.
(ش) أي: ليس من الجرح التدليس بالتسمية الغريبة لوقوعه من الأكابر كسفيان وغيره، لأنه محقق في نفس الأمر، واستثنى ابن السمعاني ما إذا لم ينبه عليه لو سئل عنه، لأنه تزوير وإيهام لما لا حقيقة له، وذلك يؤثر في صدقه بخلاف ما لو كان إذا (سئل عنه أخبر باسمه، أو أضاف الحديث إلى ناقله فقد كان سفيان ابن عيينة يدلس فإذا) سئل عمن حدثه بالخبر نص على اسمه ولم يكتمه، وفصل الآمدي بين أن يكون تغيير الاسم لضعف المروي عنه فيكون مجروحا، وإن كان لصغر سن المروي عنه، أو لأن المروي عنه اختلف في قبول روايته وهو يعتقد قبولها كأهل البدع، فلم يذكر باسمه المشهور حتى لا يقدح فيه فلا يكون جرحا، وهذا هو الظاهر لأن الأول يوجب العمل بخبر غير الثقة بخلاف الثاني، وسكت عما إذا لم يعلم تغييره لماذا وهو محتمل.
(ص) ولا باعطاء شخص اسم آخر تشبيها كقولنا: أبو عبد الله الحافظ يعني: الذهبي، تشبيها بالبيهقي يعني: الحاكم.
(ش) عادة البيهقي فيما يرويه عن شيخه الحاكم أن يقول: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، والمصنف رحمه الله يقول في بعض مصنفاته: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ يعني: به الذهبي نبه على أن هذا ليس من التدليس، للعلم بالمقصود وظهوره.
(ص) ولا بإيهام اللقى والرحلة.
(ش) كقولنا: حدثنا وراء النهر موهما جيحون ويشير إلى نهر عيسى ببغداد، أو الجيزة بمصر، لأن ذلك من المعاريض لا من الكذب، قاله في (الإحكام).
(ص): أما مدلس المتون فمجروح.
(ش) قال الأستاذ أبو منصور: وهو الذي يسميه المحدثون بالمدرج، أي أنه أدرج كلامه مع كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يميز بينهما فيظن أن جميعه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وهو عكس رواية بعض الحديث.

  #4  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 10:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: مسألة: الإخبار عن عام لا ترافع فيه الرواية وخلافه الشهادة.
ش: مما يحتاج إليه الفرق بين الرواية والشهادة واختلافهما في بعض الأحكام، كاشتراط العدد والحرية والذكورة في الشهادة دون الرواية، لا يدل على اختلاف حقيقتيهما.
وقال القرافي: أقمت مدة أطلب الفرق بينهما حتى ظفرت به في كلام الماوردي، وهو أن المخبر عنه إن كان عاما لا يختص بمعين ولا ترافع فيه إلى الحكام، فهو الرواية.
وإن اختص بمعين والترافع فيه ممكن فهو الشهادة، ولذلك استظهر في الشهادة باشتراط العدد فيها لما فيها من التهمة لتعلقها بمعين، ويعارضه أن الرواية شرع عام لجميع المكلفين، فهي أجدر بالاحتياط من إثبات على معين لكن فرق الشيخ عز الدين بوجوه:
أحدها: هيبة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف غيره.
ثانيها: أنه لو لم يقبل رواية واحد لفات على أهل الإسلام تلك المصلحة العامة، بخلاف فوات حق واحد.
ثالثها: كثرة العداوة بين الناس، وهي حاملة لهم على شهادة الزور، بخلاف الأحاديث النبوية.
قلت: وكون الرواية لا تختص بمعين هو الغالب، فإن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره كإجزاء العناق عن أبي بردة بن نيار في الأضحية مختصة بمعين.
ص: وأشهد إنشاء تضمن الإخبار لا محض إخبار أو إنشاء على المختار.
ش: في قول الشاهد: أشهد بكذا – ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنه إخبار محض وهو ظاهر كلام أهل اللغة، قال ابن فارس في (المجمل): الشهادة خبر عن علم، وقال الإمام فخر الدين: قوله: أشهد، إخبار عن الشهادة وهي الحكم الذهني المسمى كلام النفس.
الثاني: أنه إنشاء، وإليه مال القرافي لأنه لا يدخله تكذيب شرعا وأما قوله تعالى: {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} راجع إلى تسميتهم ذلك شهادة، لأنها ما واطأ فيه القلب اللسان.
الثالث – وهو المختار -: أنها إنشاء تضمن الخبر عما في النفس.
قال الشارح: واعلم أن نقل المذاهب في هذه المسألة هكذا لا يوجد مجموعا، وإنما هو مفرق في كلام الأئمة بالتلويح.
ص: وصيغ العقود كبعت إنشاء خلافا لأبي حنيفة.
ش: صيغ العقود كـ (بعت واشتريت) وكذا الفسوخ نحو: (فسخت وطلقت وأعتقت) اختلفوا في أنها في الشرع باقية على مدلولها اللغوي، وهو الإخبار، أو نقلت عنه إلى الإنشاء؟
فذهب أصحابنا إلى الثاني، وفي (المحصول) أنه الأقرب، وعزاه الصفي الهندي والأصفهاني للأكثرين، وحكي الأول عن الحنفية وفي حكاية المصنف ذلك عن أبي حنيفة نظر، فإنه لا يعلم له فيه نص.
وقد أنكره القاضي شمس الدين السروجي وقال: لا أعرفه لأصحابنا والمعروف عندهم أنه إنشاء.
ص: فقال القاضي: يثبت الجرح والتعديل بواحد وقيل: في الرواية فقط وقيل: لا فيهما.
ش: اختلف في اشتراط العدد في الجرح والتعديل على مذاهب:
أحدها: أنه يكتفى فيهما بواحد سواء أكان في الرواية أو الشهادة، وهو اختيار القاضي أبي بكر، قال: هذا القول قريب لا شيء عندنا يفسده وإن كان الأحوط أنه لا يقبل في تزكية الشاهد خاصة أقل من اثنين.
الثاني: أنه لا يقبل فيهما إلا اثنان، حكاه القاضي أبو بكر عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم.
الثالث: الفرق بينهما فيكفي في الرواية واحد ويشترط في الشهادة اثنان، حكاه الآمدي وابن الحاجب عن الأكثرين ورجحه الإمام والآمدي وأتباعهما.
ص: وقال القاضي: يكفي الإطلاق فيهما، وقيل: يذكر سببهما وقيل: سبب التعديل فقط، وعكس الشافعي وهو المختار في الشهادة وأما الرواية: فالمختار: يكفي الإطلاق إذا عرف مذهب الجارح، وقول الإمامين: يكفي إطلاقهما للعالم بسببهما هو رأي القاضي إذ لا تعديل وجرح إلا من العالم.
ش: اختلف في اشتراط بيان السبب في الجرح والتعديل على مذاهب:
أحدها: أنه لا يشترط ذلك بل يكتفى بالإطلاق.
الثاني: لا بد من بيان سببهما.
الثالث: أنه يشترط ذكر سبب التعديل دون الجرح لكثرة التصنع في أسباب العدالة.
الرابع: عكسه أنه يشترط بيان سبب الجرح دون التعديل لاحتياجه في ذكر سبب التعديل إلى تفصيل جميع الأوامر والنواهي بخلاف الجرح فإنه يحصل بخصلة واحدة، وهو قول الشافعي رحمه الله.
وتبع المصنف في نقله القول الأول عن القاضي أبي بكر – الإمام فخر الدين والآمدي، ونقل عنه إمام الحرمين والغزالي في (المنخول) القول الثالث: وهو بيان سبب التعديل دون الجرح، والموجود في (مختصر التقريب) له القول الرابع وهو ذكر سبب الجرح دون التعديل.
ورواه الخطيب البغدادي في (الكفاية) بسنده إليه، ونقله على الصواب الغزالي في (المستصفى) واختار المصنف في ذلك التفصيل وهو الاحتياج إلى ذكر سبب الجرح دون التعديل في الشهادة، والاكتفاء بالإطلاق في الرواية، إذا علم أن مذهب الجارح أنه لا يجرح إلا بقادح
ثم نبه المصنف على أن قول الإمامين – إمام الحرمين والإمام فخر الدين الرازي، أنه يكفي إطلاقهما أي الجرح والتعديل من العالم بأسبابهما دون غيره، ليس مذهبا خارجا عما سبق، بل هو رأي القاضي أبي بكر الذي بدأنا بذكره، لأن الجرح والتعديل إنما يعتبران من العالم بأسبابهما، فالجاهل بذلك لا يعتد بقوله والله أعلم.
تنبيه:
قال الشارح: ينبغي أن يكون الواو في قوله: (وقال القاضي) بمعنى (ثم) لأنه دخول منه في مسألة أخرى.
قلت: وليس كما قال، بل الواو على بابها، ولو كان دخولا في مسألة أخرى، وإنما يحسن الإتيان بـ (ثم) لو تفرعت هذه المسألة على التي قبلها، وليس كذلك بل هما مسألتان مستقلتان ليست إحداهما مفرعة على الأخرى، والله أعلم.
ص: والجرح مقدم إن كان عدد الجارح أكثر من المعدل إجماعا وكذا إن تساويا أو كان الجارح أقل، وقال ابن شعبان: يطلب الترجيح.
ش: إذا تعارض الجرح والتعديل فإما أن يكون عدد الجارح أقل من المعدل أو أكثر أو يتساويا فإن كان الجارح أكثر قدم بالإجماع كما حكاه غير واحد وإن تساويا فكذلك، وحكى القاضي في (مختصر التقريب) الإجماع عليه أيضا، لكن حكى ابن الحاجب قولا: إنهما يتعارضان ولا يرجح أحدهما إلا بمرجح.
وإن كان الجارح أقل فكذلك أيضا عند الجمهور، وقيل: يقدم التعديل لزيادة عدده، وقال ابن شعبان من المالكية: يطلب الترجيح بينهما وقال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: إنما يقوى تقديم الجرح بشرطين:
أحدهما: مع التفريع على أن الجرح لا يقبل إلا مفسرا.
ثانيهما: أن يبنى على أمر مجزوم به، لا بطريق اجتهادي، كما اصطلح أهل الحديث في الاعتماد في الجرح على اعتبار حديث الراوي بحديث غيره والنظر إلى كثرة الموافقة والمخالفة.
قلت: لم يعتمد أهل الحديث على ذلك في معرفة العدالة والجرح، وإنما اعتمدوا عليه في معرفة الضبط والتغفل والله أعلم.
ويستثنى من ذلك صورتان:
إحداهما: إذا عين الجارح سببا فنفاه المعدل بطريق معتبر بأن قال: (قتل فلانا ظلما يوم كذا) فقال المعدل: (رأيته حيا بعد ذلك) أو: (كان القاتل في ذلك الوقت عندي) فإنهما يتعارضان.
الثانية: إذا عين الجارح سببا فقال المعدل: تاب عنه، وحسنت توبته، فيقدم التعديل، لأن معه هنا زيادة علم، كما حكاه الرافعي عن جماعة منهم ابن الصباغ، وجزم به الرافعي في (المحرر) والنووي في (المنهاج).
ص: ومن التعديل حكم مشترط العدالة بالشهادة، وكذا عمل العالم في الأصح، ورواية من لا يروي إلا للعدل.
ش: قد يكون التعديل بالتصريح بعدالته وقد يكون بالتضمن، وذلك في صور.
الأولى – وهي أعلاها -: أن يحكم بشهادته من يشترط العدالة في قبول الشهادة: وتقييد الحاكم بكونه يشترط العدالة في قبول الشهادة ذكره الآمدي وغيره ولا بد منه، وهذه من خواص الشهادة ولكن إذا قبلت شهادته قبلت روايته.
الثانية: أن يعمل عالم بروايته إذا لم يعلم منه أنه إنما عمل بها احتياطا ونقل الآمدي فيه الاتفاق لكن الخلاف فيها محكي في (البرهان) و(المنخول) وغيرهما، ولذلك عبر فيه المصنف بالأصح.
الثالثة: أن يروي عنه من عرف منه أنه لا يروي إلا عن عدل، إما بتصريحه بذلك، وإما بالاستقراء من حاله كشعبة ومالك ويحيى القطان وقيل الرواية عنه تعديل له مطلقا، وقيل: لا، مطلقا.
وعبر المصنف باللام في قوله: (للعدل) دون (عن) للإعلام بأنه لا ينحصر ذلك في الرواية عنه، بل روايته له في كتاب التزم فيه أن لا يروي فيه إلا للعدل – تعديل له، وذلك كصحيحي (البخاري) و(مسلم) ويلتحق بهما المستخرجات عليهما وصحيح (ابن خزيمة) و(ابن حبان) وكذلك (مستدرك) الحاكم، لولا ما شانه به من التساهل في تمشية حال الرواة والله أعلم.
ص: وليس من الجرح ترك العمل بمرويه والحكم بمشهوده، ولا الحد في شهادة الزنا، ونحو النبيذ ولا التدليس بتسمية غير مشهورة، قال ابن السمعاني: إلا أن يكون بحيث لو سئل لم يبينه ولا بإعطاء شخص اسم آخر تشبيها كقولنا: أبو عبد الله الحافظ يعني الذهبي، تشبيها بالبيهقي يعني الحاكم، ولا بإيهام اللقي والرحلة، أما مدلس المتون فمجروح.
ش: ثم ذكر أمورا قد يتوهم أنها تقتضي جرح الراوي وليس كذلك.
أحدها: ترك العمل بحديث قد رواه، أو ترك الحكم بشهادة قد أداها، فإنه لم يتعين أن يكون ذلك يجرحه، فقد يكون ذلك لمعارض وقال القاضي أبو بكر: إن تحقق تركه له مع ارتفاع الموانع كان جرحا، وإن لم يثبت قصده إلى مخالفته لم يكن جرحا.
الثاني: أن يقام عليه حد القذف لشهادته على شخص بالزنا إذا لم يكمل النصاب، لأن الحد لنقص العدد لا لمعني في الشاهد وهذا مبني على الأظهر في إقامة الحد على شهود الزنا إذا لم يكمل النصاب، وألحق به الرافعي الجارح للراوي بذكر الزنا إذا لم يكمل النصاب حتى يكون قاذفا على الأصح، وقال النووي: المختار أو الصواب أنه لا يجعل قاذفا لأنه معذور في شهادته بالجرح، فإنه مسؤول عنها وهي في حقه فرض الكفاية، أو متعينة بخلاف شهود الزنا فإنهم مندوبون إلى الستر فهم مقصرون.
الثالث: ارتكاب مختلف فيه كشرب قدر من النبيذ لا يسكر، ولهذا قال الشافعي: (أحده وأقبل شهادته)، وقد تقدم هذا في قول المصنف: (ويقبل من أقدم على مفسق مظنون).
وقال مالك في المستحل لنكاح المتعة: أحده للمعصية وأرد شهادته لفسقه.
الرابع: أن يستعمل الإنسان تدليس الشيوخ بأن يسمي الراوي بتسمية غير مشهورة لأنه صادق في نفس الأمر، وقد فعله غير واحد من الأئمة، واستثنى منه ابن السمعاني ما إذا كان لو سئل عنه لم يفصح عنه ولم يسمه باسمه المشهور، لأنه تزوير وإيهام لما لا حقيقة له، وذلك يؤثر في صدقه، وفصل الآمدي بين أن يكون سبب تدليسه ضعفه فهو جرح، وإن كان لصغر سنه أو للاختلاف في قبول روايته كالمبتدع، وهو يرى قبولها فليس جرحا.
قلت: ويلتحق بالقسم الثاني ما إذا فعل ذلك إيهاما لكثرة الشيوخ كما حكي عن الخطيب البغدادي.
ثم نبه المصنف أيضا على أن مما لا يقدح وصف الإنسان بصفة اشتهر بها غيره للتشبيه به، إذا لم يحصل بذلك التباس كما كان المصنف رحمه الله يقول في بعض مصنفاته: أنا أبو عبد الله الحافظ، يريد به الذهبي ومما حكي عن الشارح أنه قال في بعض تصانيفه: أنا أبو عبد الله الحافظ يريد به مغلطاي تشبيها بقول البيهقي فيما يرويه عن شيخه الحاكم: حدثنا أبو عبد الله الحافظ.
وكذلك مما لا يقدح استعمال الراوي لفظا يوهم الرحلة ولقي المشايخ الذين تباعدت أقطارهم كقوله: حدثنا فلان بما وراء النهر، موهما نهر جيحون وإنما أراد نهر عيسى ببغداد، أو الجيزة بمصر، ومن ذلك قول القائل: حدثنا فلان بحلب، يوهم إرادة البلدة المعروفة وإنما يريد محلة بظاهر القاهرة.
أما تدليس المتون فهو جرح، قال الأستاذ أبو منصور: وهو الذي يسميه المحدثون بالمدرج، أي أنه أدرج كلامه مع كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يميز بينهما فظن أن جميعه كلام النبي صلى الله عليه وسلم
تنبيه:
سكت المصنف عن تدليس الإسناد، والمراد به أن يسقط الراوي اسم شيخه ويرتقي إلى شيخ شيخه بلفظ محتمل للاتصال كـ (عن) ونحوها مع إيهام أنه سمعه منه لكونه عاصره أما لو أتى بصيغة صريحة في الاتصال كسمعت، فهذا كذب وإن لم يدرك شيخ شيخه فليس بتدليس وإنما هو إرسال، والحكم في هذا النوع من التدليس قبول رواية فاعله إذا صرح بالسماع كحدثنا وأخبرنا، فإن عنعن فروايته مردودة، فليس حينئذ جرحا.
وقالت طائفة: بل هو جرح ترد به رواية فاعله مطلقا، والله أعلم.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفرق, بين

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir