دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الوقف

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 جمادى الأولى 1431هـ/19-04-2010م, 09:37 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي العدل بين الأولاد في العطية

( فصلٌ ) يَجِبُ التعديلُ في عَطِيَّةِ أولادِه بقَدْرِ إرْثِهم، فإن فَضَّلَ بعضَهم سَوَّى برجوعٍ أو زيادةٍ، فإن ماتَ قبلَه ثَبَتَتْ.


  #2  
قديم 27 جمادى الأولى 1431هـ/10-05-2010م, 01:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.........................

  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1431هـ/10-05-2010م, 01:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فصلٌ

(يَجِبُ التعديلُ في عَطِيَّةِ أَوْلادِهِ بِقَدْرِ إِرْثِهِم) للذكرِ مثلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ؛ اقْتِدَاءً بِقِسْمَةِ اللَّهِ تعالَى وقِياساً لحالِ الحياةِ على حالِ الموتِ، قالَ عَطَاءٌ: ما كانوا يَقْتَسِمُونَ إلاَّ على كتابِ اللَّهِ تعالَى.
وسائرُ الأقاربِ في ذلك كالأولادِ،(فإن فَضَّلَ بَعْضَهم) بأنْ أَعْطَاهُ فوقَ إِرْثِهِ أو حِصَّتِهِ، (سَوَّى) وُجُوباً (برجوعٍ) حيثُ أَمْكَنَ،(أو زِيَادَةِ) المفضولِ لِيُسَاوِيَ الفاضِلَ، أو إعطاءٍ لِيَسْتَوُوا؛لقولِهِ عليه السلامُ: ((اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مُخْتَصَراً.
وتَحْرُمُ الشهادةُ على التخصيصِ أو التفضيلِ تَحَمُّلاً وأداءً إن عَلِمَ، وكذا كلُّ عقدٍ فاسدٍ عندَه مُخْتَلَفٍ فيه،(فإنْ ماتَ) الواهبُ (قبلَه)؛أي: قبلَ الرجوعِ أو الزيادةِ (ثَبَتَتْ) للمُعْطَى،فليسَلبَقِيَّةِ الورثةِ الرجوعُ، إلاَّ أنْ يكونَ بِمَرَضِ الموتِ، فيَقِفُ على إجازةِ الباقينَ.


  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1431هـ/10-05-2010م, 01:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل

(يجب التعديل في عطيته أَولاده بقدر إرثهم) للذكر مثل حظ الأُنثيين اقتداء بقسمة الله تعالى وقياسا لحال الحياة على حال الموت.
قال عطاء: ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى.وسائر الأَقارب في ذلك كالأَولاد(فإن فضل بعضهم) بأَن أَعطاه فوق إِرثه، أَو خصه(سوَّى) وجوبا(برجوع) حيث أَمكن (أَو زيادة) لمفضول ليساوي الفاضل.
أَو إعطاء ليستووا لقوله عليه السلام ((اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم)) متفق عليه مختصرًا.
وتحرم الشهادة على التخصيص، أَو التفضيل، تحملا وأَداءً إن علم.
وكذا كل عقد فاسد عنده، مختلف فيه(فإن مات) الواهب (قبله) أي قبل الرجوع أَو الزيادة (ثبتت) للمعطى فليس لبقية الورثة الرجوع.إلا أَن يكون بمرض الموت فيقف على إجازة الباقين.


(1) أي في بيان أحكام العطية، ووجوب تعديل الوالد بين أولاده فيها، وقيل: وورثته، قال الحارثي: هي تمليك عين مالية موجودة، مقدور على تسليمها، معلومة، أو مجهولة تعذر علمها، في الحياة بلا عوض، فهي مصدر، وليس عند أهل اللغة كذلك، بل نفس الشيء المعطى، والجمع عطايا، وأما المصدر فالإعطاء، والاسم العطا، وأكثر ما يراد بها هنا الهبة في مرض الموت.
(2) أي يجب على واهب ذكر أو أنثى التعديل في عطيته أولاده ذكرًا وأنثى بقدر إرثهم، لا نفقة فتجب الكفاية دون التعديل، لأنها لدفع الحاجة، وقال أحمد: لا ينبغيى أن يفضل أحدا من أولاده، لا في طعام ولا غيره. وقال إبراهيم: كانوا يستحبون التسوية بينهم حتى في القبل.
(3) قال ابن القيم: عطية الأولاد المشروع أن يكون على قدر ميراثهم، لأن الله منع مما يؤدي إلى القطيعة، والتسوية بين الذكر والأنثى مخالفة لما وضعه الشرع من التفضيل، فيفضي ذلك إلى العداوة، ولأن الشرع أعلم بمصالحنا.
(4) في ميراث الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين، وأولى ما اقتدي به قسمة الله تعالى.
(5) لأن العطية في الحياة إحدى حالتي العطية، فيجعل للذكر منها مثل حظ الأنثيين كالميراث.
(6) وقال الموفق: وهذا خبر عن جميعهم، ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية بينهم، وكراهية التفضيل، قال الشيخ: ويتوجه في ولد البنين التسوية كآبائهم.
(7) قاله أبو الخطاب وغيره، وقال الموفق وغيره: ليس عليه التسوية بين سائر أقاربه، ولا إعطاؤهم على قدر ميراثهم، لأنها عطية لغير الأولاد في صحته، فلم تجب عليه التسوية كما لو كانوا غير وارثين، ولأن الأصل إباحة الإنسان التصرف في ماله كيف شاء، ولا يصح قياسهم على الأولاد، ولم يأمر بشيرا بإعطاء الزوجة. قال الحارثي: وجوب التعديل مختص بالأولاد، وهو المذهب، وعليه المتقدمون. وقال الشيخ: لا تجب التسوية بين سائر الأقارب الذين لا يرثون، ولا بين أولاده أهل الذمة، لأنهم غير وارثين.
(8) بلا إذن الباقين، أثم إذا لم يختص بمعنى يبيح التفضيل.
(9) ولو في مرض الموت، تداركا للواجب، وقال الشيخ: ينبغي أن يكون على الفور.
(10) أي الرجوع فيما فضل به بعضهم أو خصه.
(11) كما لو أعطى أحد ابنيه عشرة، والآخر خمسة، زاده خمسة ليتساويا في الهبة.
(12) أي أو إعطاء المفضول ولو في مرض الموت، ليستووا بمن فضل أو خص كما لو زوج أحد ابنيه في صحته وأدى عنه الصداق، ثم مرض الأب فإنه يعطي ابنه الآخر كما أعطى الأول، ليحصل التعديل بينهما، ولا يحسبه من الثلث، لأنه تدارك للواجب، أشبه قضاء الدين.
(13) من حديث النعمان بن بشير أن أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، ومن حديث جابر عند مسلم: أن امرأة بشير قالت: انحل ابنى غلاما، وأشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بشير: إنى نحلت ابني هذا غلاما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أكل ولدك نحلته مثل هذا))؟ فقال: لا؛ قال ((فارجعه)) ولمسلم ((اردده)) وفي رواية ((أفعلت هذا بولدك كلهم)) قال: لا، قال ((فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم)) ولأحمد وغيره: فرجع أبي في تلك العطية. وله ألفاظ كثيرة، فدل على وجوب العدل بين الأولاد في العطية، وهو قول جمهور العلماء، وقال ابن القيم - بعد أن ساق ألفاظ الحديث ـ: وكل هذه ألفاظ صحيحة صريحة في التحريم والبطلان من عشرة أوجه، تؤخذ من الحديث.
قال الشيخ: والحديث والآثار تدل على وجوب التعديل بينهم في غير التمليك، وهو في ماله ومنفعته التي ملكهم، والذي أباحهم، كالمسكن، والطعام، قال: ثم هنا نوعان، نوع يحتاجون إليه من النفقة في الصحة والمرض، ونحو ذلك، فتعديله فيه أن يعطي كل واحد ما يحتاج إليه، ولا فرق بين محتاج قليل أو كثير، ونوع تشترك حاجتهم إليه من عطية، أو نفقة، أو تزويج، فهذا لا ريب في تحريم التفاضل فيه، وينشأ من بينهما نوع ثالث، وهو أن ينفرد أحدهما بحاجة غير معتادة مثل أن يقضي عن أحدهما ما وجب عليه من أرش جناية، أو يعطي عنه المهر، أو يعطيه نفقة الزوجية، ونحو ذلك، ففي وجوب إعطاء الآخر مثل ذلك نظر، وتجهيز البنات بالنحل أشبه، والأشبه في هذا أن يكون بالمعروف، فلو كان أحدهما محتاجا دون الآخر أنفق عليه قدر كفايته، وأما الزيادة فمن
النحل.

قال الموفق وغيره: وإن أعطاه لمعنى فيه، من حاجة أو زمانة، أو عمى أو كثرة عائلة، أو لاشتغاله بالعلم، ونحوه كصلاحه، أو منع بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يعصى الله بما يأخذه ونحوه جاز التخصيص، والتفضيل، وبدون معنى، تجب التسوية برجوع أو زيادة.
(14) أي الشاهد به، لقوله صلى الله عليه وسلم لبشير ((لا تشهدني على جور)) ولمسلم ((إنى لا أشهد إلا على حق)).
(15) كنكاح بلا ولي، وبيع غير مرئي ولا موصوف، ونحوه إن لم يحكم به من يراه، حرم على الحنبلي أن يشهد به.
(16) أي في الهبة، ثبت ذلك للموهوب له ولزم.
(17) أي أو مات الواهب قبل الزيادة للتسوية ثبتت الهبة للمعطى.
(18) قال الموفق: هو قول أكثر أهل العلم، وفي رواية: إن لباقي الورثة أن يرتجعوا ما وهبه. اختاره طائفة من أهل العلم، وقال أحمد: ذهب عروة إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم يرد في حياة الرجل وبعد موته، لقوله «لا تشهدني على جور» والجور لا يحل للفاعل فعله، ولا للمعطى تناوله، فيجب رده، ولأن أبا بكر وعمر أمرا قيس بن سعد برد قسمة أبيه حين ولد له ولد ولم يعلم به، ولا أعطاه شيئا، وكان ذلك بعد موت سعد، ولا ريب أن هذا القول أحوط، وأقرب إلى ظواهر الأدلة، وقال الشيخ: لو مات الوالد قبل التسوية، فللباقين الرجوع، وهو رواية عن أحمد، واختيار ابن بطة، وأبي حفص، وأما المفضل فينبغي له الرد قولا واحدا بعد الموت.
(19) أي إلا أن يكون الواهب وهب بمرض الموت فحكمها كالوصية، لا تصح فيقف على إجازة الباقين من الورثة، فإن أجازوا صح، وإلا فلا.



  #5  
قديم 12 جمادى الآخرة 1431هـ/25-05-2010م, 06:15 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

( فصلٌ ) يَجِبُ التعديلُ في عَطِيَّةِ أولادِه بقَدْرِ إرْثِهم، فإن فَضَّلَ بعضَهم سَوَّى برجوعٍ أو زيادةٍ ، فإن ماتَ قبلَه ثَبَتَتْ.

(14) أي : يجوز اقتناؤه لصيد أو حرث أو ماشية فتجوز هبته لأن ذلك من باب التبرع ونقل اليد عنها .
(15)يبحث في هذا الفصل أحكام العطية ، ووجوب تعديل الوالد بين أولاده فيها .
(16) بأن يعطي الذكر منهم مثل ما يعطي الأنثيين اقتداء بقسمة الله تعالى ,وقياساً لحالة الحياة على حالة الموت .
(17) أي : بعض أولاده بأن أعطاه فوق إرثه أو خصه دون غيره .
(18) أي : وجب عليه أن يسوي بينهم بأحد أمرين ؛ إما أن يسترجع ما فضل به أحدهم أو خصه به ، وإما أن يزيد المفضول ليساوي الفاضل لقوله صلى الله عليه وسلم (( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )) متفق عليه .


  #6  
قديم 23 ربيع الثاني 1432هـ/28-03-2011م, 12:48 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ

يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلاَدِهِ بِقَدْرِ إِرْثِهِمْ، ......
قوله: «يجب» ، الواجب هو الذي يثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقاب تاركه.
قوله: «التعديل» ، بمعنى أن يعاملهم بالعدل.
قوله: «في عطية أولاده» ، يشمل الذكر والأنثى، والمراد بالعطية هنا الهبة، فهي أعم من العطية في مرض الموت.
ودليل الوجوب حديث النعمان بن بشير بن سعد ـ رضي الله عنهما ـ أن أباه نحله نِحلة، فقالت أم النعمان ـ رضي الله عنها ـ: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذهب بشير بن سعد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخبره ليشهده على ذلك، فقال له: ألك بنون ؟ قال: نعم، قال: أنحلتهم مثل هذا ؟ قال: لا، قال: ((لا أشهدُ، أَشْهِدْ على هذا غيري، فإني لا أشهد على جَوْر)) ، ثم قال: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، أتحب أن يكونوا لك في البر سواءً؟)) ، قال: نعم، فرجع بشير بن سعد في هبته لولده النعمان.
قوله: «بقدر إرثهم» ، يعني أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين وهذا في العطية المحضة، فلو أعطاهم بالسوية لكان هذا جَوْراً، لأنه زاد الأنثى ونقص الذكر، أما ما كان لدفع الحاجة فإن يتقدر بقدرها.
وما ذكره المؤلف ـ رحمه الله ـ هو القول الراجح، أن الأولاد يعطون على حسب ما ذكر الله ـ عزّ وجل ـ في كتابه في إرثهم: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ولا شك أنه لا أعدل من قسمة الله ـ عزّ وجل ـ، ومن قال: إن هناك فرقاً بين الحياة والممات، فإنه يحتاج إلى دليل على ذلك، فنقول: هم في الحياة وبعد الممات سواء.
وأفادنا المؤلف ـ رحمه الله ـ بقوله: «في عطية» أنه بالنسبة للنفقة لا يكون التعديل بينهم بقدر إرثهم، بل بقدر حاجتهم، فيجب التعديل في الإنفاق على ولده بقدر الحاجة، فإذا قدر أن الأنثى فقيرة، والذكر غني، فهنا ينفق على الأنثى ولا يعطي ما يقابل ذلك للذكر؛ لأن الإنفاق لدفع حاجة، فالتعديل بين الأولاد في النفقة أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاج، فإذا فرضنا أن أحدهم في المدارس يحتاج إلى نفقة للمدرسة، من كتب ودفاتر وأقلام وحبر وما أشبه ذلك، والآخر هو أكبر منه لكنه لا يدرس، فإذا أعطى الأول لم يجب عليه أن يعطي الثاني مثله.
ولو احتاج الذكر إلى غترة وطاقية قيمتهما مائة ريال مثلاً، واحتاجت الأنثى إلى خرصان في الآذان قيمتها ألف ريال، فالعدل أن يشتري لهذا الغترة والطاقية بمائة ريال، ويشتري للأنثى الخرصان بألف ريال، وهي أضعاف الذكر عشر مرات، فهذا هو التعديل.
ولو احتاج أحدهم إلى تزويج والآخر لا يحتاج، فالعدل أن يعطي من يحتاج إلى التزويج ولا يعطي الآخر، ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج، ويكون له أولاد صغار، فيكتب في وصيته: إني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا، أن يُزَوج كل واحد منهم من الثلث، فهذا لا يجوز؛ لأن التزويج من باب دفع الحاجات، وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج، فالوصية لهم حرام، ولا يجوز للورثة ـ أيضاً ـ أن ينفذوها إلا البالغ الرشيد منهم إذا سمح بذلك، فلا بأس بالنسبة لحقه من التركة.
وهنا مسائل:
الأولى : هل يفضِّل بينهم باعتبار البِرِّ؟ يعني إذا كان أحدهما أبر من الآخر، فقال: سأعطي البار أكثر مما أعطي العاق؛ تشجيعاً للبار وحثاً للعاق؟ فهذا لا يجوز؛ لأن البر ثوابه أعظم من دراهم تعطيه إياها، فالبر ثوابه عند الله ـ عزّ وجل ـ، ولا تدري فلعل البار اليوم يكون عاقاً بالغد، والعاق اليوم يكون باراً بالغد، فلا يجوز أن تفضله من أجل برِّه.
الثانية : إذا كان أحد الأولاد يعمل معه في متجره أو مزرعته، فهل يجوز أن يعطيه زيادة على الآخر الذي لم ينتفع منه بشيء؟ فيه تفصيل: إن كان الذي يُعِين أباه يريد بذلك وجه الله فإنه لا يعطيه شيئاً؛ لأنه يدخل في البر، وإن كان يريد عوضاً على ذلك، أو أن أباه فرض له العوض قبل أن يعمل فلا بأس، ولكن يُعطى مثل أجرته لو كان أجنبياً.
الثالثة: إذا كان أحد الأبناء كافراً بردة، أو من الأصل لم يدخل في الإسلام، فبعض العلماء يقول: لا يجب التعديل؛ لأن الله تعالى قال: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ *} [القلم] .
وبعض العلماء قال: بل يجب التعديل؛ لأن هذا حق سببه الولادة، وهي ثابتة في الكافر كما هي ثابتة في المسلم، وينبغي أن يقال: ينظر للمصلحة إذا كان إعطاؤه للمسلم دون الكافر يقتضي أن يقرب الكافر للإسلام فيدخل في الإسلام، فهذا يعطي المسلم، وإن لم يكن مصلحة فلا يجوز، بل يجب التعديل.
وقوله: «في عطية أولاده» هل يقاس عليهم بقية الورثة؟ يعني لو كان للإنسان أخوان شقيقان، فهل يجوز أن يعطي أحدهما دون الآخر؟
ظاهر كلام المؤلف: يجوز؛ لأنه خص وجوب التعديل بالأولاد فقط، وهذا هو الحق؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم))، ولم يقل: «بين ورَّاثكم»، والنبي صلّى الله عليه وسلّم أعطي جوامع الكلم، ولو كان التعديل واجباً بين جميع الورثة لبينه النبي صلّى الله عليه وسلّم.
لكن إذا كان له أخوان، وخاف إذا أعطى أحدهما كان ذلك سبباً للقطيعة بالنسبة للآخر، فهنا له أن يعطيه، لكن يجب أن يجعل العطاء سرًّا؛ حتى لا تحصل القطيعة من الأخ الثاني، وهنا الواجب ليس هو التعديل، بل الواجب هو دفع ما يخشى منه من قطيعة الرحم، وهذا يحصل بالإسرار.
وما قاله المؤلف من أن التعديل يكون بقدر إرثهم هو القول الراجح، ودليله قسمة الله ـ تبارك وتعالى ـ للأولاد أن للذكر مثل حظ الأنثيين.
وقال بعض العلماء: إن التعديل يكون بالتسوية، أي أن يعطي الأنثى كما يعطي الذكر، واحتجوا بظاهر عموم حديث النعمان ـ رضي الله عنه ـ: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» ، و«أولاد» صالحة للذكر والأنثى، وبقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((أتحب أن يكونوا لك في البر سواء؟))، فظاهره أنهم يعطون بالسوية ليكون البر بالسوية، ولكن لا دلالة في ذلك.
أما الأول: فإن قوله: ((اعدلوا بين أولادكم)) ، ولم يقل سوّوا، بل قال: ((اعدلوا)) ، ولا نرى أعدل من الله ـ عزّ وجل ـ وقد قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ، فالعدل أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين.
ثانياً: أنه في بعض ألفاظ الحديث قال: ((ألك بنون؟)) قال: نعم، قال: ((هل أعطيتهم مثله؟)) قال: لا، قال: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) ، فقوله: ((ألك بنون)) يفيد أن القضية بين النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ وإخوانه وهم ذكور، وأنه ليس هناك أخوات فإذا كانوا ذكوراً فإنه يجب التسوية.
ثالثاً: أن قوله: «أتريد أن يكونوا لك في البر سواء؟» نقول: هم إذا علموا أن أباهم أعطاهم على حسب قسمة الله، لم يكن في قلب أحدهم حقد ولا غل على الأب، فيبرُّونه على السواء، فالصواب ما ذهب إليه المؤلف ـ رحمه الله ـ أن التعديل يكون بقدر إرثهم.

فَإِنْ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ سَوَّى بِرُجُوعٍ أَوْ زِيَادَةٍ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ ثَبَتَتْ
قوله: «فإن فضَّل بعضهم» يعني أعطاه أكثر من الآخر أو خصَّه بعطاء.
قوله: «سوَّى» أي بينهم، ولو قال المؤلف: (عَدَّل) لكان أولى؛ لأن أول كلامه يقول: «يجب التعديل» ولم يقل: التسوية، ثم إن قوله: «سوَّى» ليس على إطلاقه؛ لأنه لو قلنا: «سوَّى» للزم أن نعود إلى مشكلة، وهي أن يكون الذكر والأنثى سواء، وليس ذلك مراداً، وعلى كل حال فمراده بالتسوية هنا التعديل.
قوله: «برجوع» على من فُضِّل ليساوي الناقص.
قوله: «أو زيادة» لمن فُضِّل عليه، فمثلاً إذا أعطى أحدهم ألف ريال، وأعطى الثاني ألفين، فطريق التسوية، إما أن يأخذ من الذي أعطاه ألفين ألفاً، وهذا هو قوله: «برجوع» ، وإما أن يضيف إلى الذي أعطي ألفاً ألفاً أخرى، وهذا معنى قوله: «أو زيادة» .
وهناك طريق ثالث: وهي أن يأخذ من الجميع، فيأخذ ممن أعطاه ألفين وممن أعطاه ألفاً، فيكون راجعاً في الهبة، ورجوع الوالد في الهبة جائز كما سيأتي إن شاء الله.
فإن قال قائل: هل هذا الحكم يشمل الأم والأب؟
فالجواب: نعم، يشمل الأم والأب؛ لأن العلة واحدة، فإذا أعطت الأم أحد أولادها شيئاً فلتعطِ الآخر مثله، ويكون للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن قال قائل: وهل يشمل ذلك الجد، يعني لو كان له أولادُ أولادٍ، فهل يجب أن يُعَدِّل بينهم؟
الجواب: الظاهر أنه لا يجب؛ لأن قوة الصلة بين الأب وابنه، أقوى من قوة الصلة بين الجد وأبناء أبنائه، لكن لو كان هناك خوف من قطيعة رحم، فيتجه مراعاتهم بأن يعطي من يعطي على وجه السر.
قوله: «فإن مات قبله» أي: قبل التسوية.
قوله: «ثبتت» أي: ثبتت العطية، يعني إذا مات الأب الذي فضل بعض الأولاد قبل أن يسوي ثبتت العطية، فإذا أعطى أحدهم ـ مثلاً ـ عشرة آلاف ريال تبرعاً لا نفقة ثم مات، فهذا العطاء يعتبر ملكاً للآخذ ويثبت؛ لأنه لم يتمكن من الرجوع أو تمكن ولكنه فرط، فالمطالب بالرجوع هو الأب وقد مات، فسقط عنه التكليف بموته، والابن الذي فُضِّل مَلَكه ملكاً تاماً، هذا المذهب وهو قول ضعيف؛ لأنه لا يجوز أن نمكن هذا الابن من أَخْذِ مالٍ لا يجوز له أخذه.
والصواب: أنه إذا مات وجب على المفضَّل أن يرد ما فضِّل به في التركة، فإن لم يفعل خصم من نصيبه إن كان له نصيب؛ لأنه لما وجب على الأب الذي مات أن يسوي، فمات قبل أن يفعل صار كالمدين، والدين يجب أن يؤدى، وعلى هذا نقول للمفضَّل: إن كنت تريد بر والدك فرد ما أعطاك في التركة.
ولكن هل للورثة الرجوع، أو الهبة لم تصح من الأصل؟
فيها قولان: قيل: إن العطية لم تصح من الأصل.
وقيل: إنها صحت، لكن إذا مات وهو لم يسوِ فللورثة الرجوع، ويجب على المفضل أن يردها في التركة.
والفرق بين القولين: أننا إذا قلنا: إنها لم تصح من الأصل، فإن ما حصل من نماء بين العطية والموت يكون للورثة؛ لأن العطية لم تصح أصلاً، وإذا قلنا بالصحة ولكن لهم الرجوع، فما حصل من نماء منفصل فهو للموهوب له.
لكن على كل حال القول بأنها تثبت قول ضعيف، والصواب أنه يجب على المفَضَّل أن يرد الزيادة في التركة، أو تخصم من نصيبه.
فإن قال قائل: إذا كان أحدهم يحتاج إلى سيارة والآخرون لا يحتاجون؛ لأن الأول مدرسته بعيدة والآخرون مدرستهم قريبة، فهل يجوز أن يشتري للذي يحتاج السيارة سيارة؛ لأنه يحتاجها؟
لا يجوز؛ لأنه إنما يحتاج للنفع فقط، وهو ركوبها إلى المدرسة ورجوعه، وهذا يحصل بأن تكتب السيارة باسم الوالد، ويبقى الانتفاع للولد، بحيث إذا مات الوالد ترجع هذه السيارة في التركة، ولا يجوز للإنسان أن يُملِّك الولد السيارة؛ لأن المقصود دفع الحاجة، ودفع الحاجة يحصل بدون تمليك؛ لأنه ربما يعطيه السيارة بستين ألفاً اليوم ويموت الأب غداً.
فلذلك نقول: هذه مسألة يجب التفطن لها، إذا كان أحد الأبناء يحتاج إلى سيارة والآخرون لا يحتاجون، فإننا لا نعطي المحتاج سيارة باسمه، ولكن تكون السيارة باسم الأب، وهذا يدفع حاجته بانتفاعه بها، وإذا مات الأب ترجع في التركة.
إذاً القول الراجح: أنه إذا مات فإنها لا تثبت العطية، ويجب ردها في التركة.


[1] سبق تخريجه ص(36).
[2] سبق تخريجه ص(36).
[3] سبق تخريجه ص(36).
[4] أخرجه مسلم في الهبات/ باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة (1623) (15).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العدل, بين

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir