دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 03:26 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي [العدل بين الأولاد في العطية]

عن النُّعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا قالَ: تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لاَ أَرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فَانْطَلَقَ أبِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ((أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: ((اتَّقُوا اللهَ، وَاعْدِلُوا في أَوْلاَدِكُمْ)) فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ.
وفي لفظٍ: قَالَ: ((فَلاَ تُشْهِدْنِي إِذًا، فإِنِّي لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ)).
وفي لفظٍ: ((فأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي)).


  #2  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 04:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بابُ العدلِ بينَ الأولادِ في العَطِيَّةِ


الْحَدِيثُ الْخَامِسُ والثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ
عن النُّعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: (( تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ أبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ((اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ)) فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ)).

وفي لفظٍ، قَالَ: ((فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا، فإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ)).
وفي لفظٍ: ((فأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي)).

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: وُجُوبُ العدلِ بينَ الأولادِ، وتحريمُ تَفْضِيلِ بَعْضِهِم على بعضٍ ما لم يَكُنْ للتفضيلِ سَبَبٌ، كأنْ يَكُونَ المُفَضَّلُ ذا عَاهَةٍ أوْ عائِلَةٍ أوْ يُعَانَ على فعلِ الخيرِ كَطَلَبِ العلمِ فلا بَأْسَ.

الثَّانِيَةُ: أنَّ التفضيلَ لغيرِ سببٍ من الجَورِ الذي لا تُقْبَلُ الشهادةُ فِيهِ.


  #3  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 04:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بَابُ العَدْلِ بَيْنَ الأوْلاَدِ في الْعَطِيَّةِ

الحَدِيثُ السَّابِعُ والثَّمَانُونَ بعدَ الْمائَتَيْنِ
287- وعن النُّعْمَانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لاَ أَرْضَى حَتَّى يَشْهَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ:((اتَّقُوا اللهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ)) فَرَجَعَ أَبي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ)).
وفي لفظٍ، قَالَ:((فَلاَ تُشْهِدْنِي إِذًا، فإِنِّي لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ))
وفي لفظٍ:(( فأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي)).(99)




99- المَعْنَى الإِجْمَالِيُّ:

ذَكَرَ النُّعْمَانُ بنُ بشيرٍ الأنصاريُّ أنَّ أباهُ خَصَّهُ بِصَدقةٍ مِن بعضِ مَالِهِ، فَأَرَادَتْ أُمُّهُ أَنْ تُوَثِّقَهَا بِشَهَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ طَلَبَتْ مِن أبيهِ أَنْ يُشْهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا.
فَلَمَّا أَتَى بِهِ أَبُوهُ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَتَحَمَّلَ الشُّهُادَةَ، قالَ لهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَصَدَّقْتَ مِثْلَ هذهِ ِ الصَّدَقَةِ على ولدِكَ كُلِّهِمْ؟ ـ قَالَ: لاَ.
وبِمَا أَنَّ تخصيصَ بعضِ الأولادِ دونَ بعضٍ، أو تفضيلِ بعضِهِمْ على بعضٍ عَمَلٌ مُنَافٍ لِلتَّقْوَى، وأَنَّهُ مِن الْجَوْرِ والظُّلْمِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ المفاسدِ، إذْ يُسَبِّبُ قطيعةَ الْمُفَضَّلِ عليهمْ لأبِيهِمْ وابتعادِهِمْ عنهُ،ويسبِّبُ عداوتَهُمْ وبغضَهُمْ لإخوانِهِم الْمُفَضَّلِينَ.
لَمَّا كانتْ هذهِ بعضَ مَفَاسِدِهِ قالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهُ:((اتَّقُوا اللهَ واعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ، ولاَ تُشْهِدْنِي على جَوْرٍ وَظُلْمٍ)) وَوَبَّخَهُ ونَفَّرَهُ عن هذا الْفِعْلِ بِقَوْلِهِ:((أَشْهِدْ على هذا غَيْرِي)).
فَمَا كانَ مِن بشيرٍ رَضِي اللهُ عنهُ إِلاَّ أَنْ رَجَعَ بِتِلْكَ الصَّدَقَةِ كَعَادَتِهِمْ في الوقوفِ عندَ حدودِ اللهِ تَعَالَى.


اختلافُ العلماءِ:

أجمعَ العلماءُ على مشروعيِّةِ التَّسْوِيَةِ بينَ الأولادِ في الْهِبَةِ، حَتَّى كانَ السَّلَفُ يُسَوُّونَ بينهمْ في الْقُبَلِ لِمَا في ذَلِكَ مِن العدلِ وإِشْعَارِهِمْ جميعاً بالمودَّةِ، وتصفيةِ قُلُوبِهِمْ وإبعادِ البُغْضِ والحقدِ والحسدِ عنهمْ.


ولكن اختلفَ العلماءُ في وجوبِ المساواةِ بينهمْ في الْهِبَةِ.
فذهبَ الإِمَامُ أحمدُ، والْبُخَارِيُّ، وإسحاقُ، والثَّوْرِيُّ، وجماعةٌ إلى وجوبِهَا وتحريمِ التَّفْضِيلِ بينهمْ، أو تخصيصِ بعضِهِمْ دونَ بعضٍ،أخذاً بظاهرِ الحديثِ.
وذهبَ الجمهورِ إلى أنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ فقطْ، وأطالُوا الاعتذارَ عن هذا الحديثِ بِمَا لاَ مُقْنِعَ فيهِ.
والحقُّ الذي لاشَكَّ فيهِ وجوبُ المساواةِ، لظاهرِ الحديثِ، ولِمَا فيهِ مِن المصالحِ، ومَا في ضِدِّهِ مِن الْمَضَارِّ.

كَمَا أنَّ ظاهرَ الحديثِ، التَّسويةُ بينَ الذَّكرِ والأُنثَى، لِقَوْلِهِ لِبَشِيرٍ: ((سَوِّ بَيْنَهُمْ )) ـ وهوَ قولُ الجمهورُ, ومِنُهُم الأَئمَّةُ الثَّلاثةُ،
وروايةٌ عن الإِمَامِ أحمدَ، اختارَهَا مِن أصحابِهِ ((ابْنُ عَقِيلٍ)) والحارثيُّ.

وأَمَّا المشهورُ مِن مذهبِ الإِمَامِ أحمدَ، فهوَ أَنْ يُقَسِّمَ بينهمْ على قدرِ إرْثِهِمْ { للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الإنْثَيَيْنِ } وهوَ اختيارُ شيخِ الإسلامِ ((ابنِ تَيْمِيَّةَ)).

فائدةٌ:
ذِكْرُ وجوبِ العدلِ بينَ الأولادِ في الْهِبَةِ، وتحريمِ التَّخصيصِ أو التَّفْضيلِ، ما لمْ يكنْ ثَمَّ سببٌ موجِبٌ لذَلِكَ.

فإنْ كانَ هناكَ ما يدعُو إلى التَّفْضِيلِ أو التَّخْصِيصِ، فَلاَ بأسَ، كأَنْ يكونَ أحدُهُمْ مريضاً، أو أَعْمَى، أو زَمِناً، أو كانَ ذَا أسرةٍ كبيرةٍ أو طالبَ عِلْمٍ، ونحوَ ذَلِكَ مِن الأسبابِ، فَلاَ بأسَ بِتَفْضِيلِهِ لشيءٍ مِن هذهِ ِ المقاصدِ.

وقد أشارَ إلى ذَلِكَ الإِمَامُ أحمدُ بقولِهِ في تخصيصِ بعضِهِمْ بالْوَقْفِ: لاَ بأسَ إذا كانَ لحاجةٍ، وأَكْرَهُهُ إذا كانَ على سبيلِ الإثَرَةِ.

وقالَ شيخُ الإسلامِ ((ابنُ تَيْمِيَّةَ)):((والحديثُ والآثارُ تَدُلُّ على وجوبِ العدلِ …ثُمَّ هُنَا نوعانِ:
1- نوعٌ يحتاجونَ إليهِ مِن النَّفَقَةِ في الصِّحَّةِ والمرضِ ونحوِ ذَلِكَ، فالعدلُ فيهِ أَنْ يُعْطِيَ كلَّ واحدٍ مَا يحتاجُ إليهِ، ولا فَرْقَ بينَ محتاجٍ قليلٍ أو كثيرٍ.
2- ونوعٌ تشتركُ حَاجَتُهُمْ إليهِ، مِن عَطِيَّةٍ، أو نفقةٍ، أو تزويجٍ. فهذا لا رَيْبَ في تحريمِ التَّفَاضُلِ فيهِ.
وينشأُ مِن بينِهِمَا نوعٌ ثالثٌ، وهوَ أَنْ ينفردَ أحدُهُمْ بحاجةٍ غيرِ معتادةٍ، مِثْلَ أَنْ يَقْضِيَ عن أحدِهِمْ ديناً وجبَ عليهِ مِن أَرْشِ جنايةٍ، أو يُعْطِيَ عنهُ الْمَهْرَ، أو يُعْطِيَه نفقةَ الزَّوْجَةِ، ونحوِ ذَلِكَ، فَفِي وجوبِ إعطاءِ الآخرِ مثلَ ذَلِكَ نظرٌ )) ا.هـ مِن الاختياراتِ.


ما يُؤْخَذُ مِن الأحاديثِ:
1- وجوبُ العدلِ بينَ الأولادِ، وتحريمُ التَّفضيلِ أو التَّخصيصِ. ذَكَرُهُمْ وأُنْثَاهُمْ سواءٌ.
2- أنَّ ذَلِكَ مِن الجورِ والظُّلْمِ، الذي لا تجوزُ فيهِ الشَّهَادَةُ تَحَمُّلاً وأَدَاءً.
3- وجوبُ ردِّ الزَّائِدِ أو إعطاءِ الآخرينَ، حَتَّى يَتَسَاوَوْا.
4- أنَّ الأحكامَ التي تقعُ على خلافِ الشَّرْعِ، تبطُلُ ولا تَنْفُذُ، ولا يُعْتَبَرُ عقدُهَا الصُّوريُّ؛ لأَنَّهُ على خِلافِ المقتضَى الشَّرْعِيِّ.


  #4  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 05:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

- الحديثُ السابعُ: عن النعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: ((تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلاَدِكُمْ، فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ)).
وَفِي لَفظٍ: ((فَلاَ تُشْهِدْنِي إِذًا؛ فَإِنِّي لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ)).
وَفِي لَفظٍ: ((فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي)).


الحديثُ يدلُّ عَلَى طلبِ التسويةِ بَيْنَ الأولادِ فِي الهباتِ،
والحكمةُ فِيهِ أن التفضيلَ يؤدِّي إِلَى الإِيحاشِ والتباغُضِ، وعدمِ البرِّ مِن الولدِ لوالدِهِ، أعني: الولدَ المُفَضَّلَ عَلَيْهِ،

واخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ التسويةِ، هَلْ تَجْرِي مَجْرَى الميراثِ فِي تفضيلِ الذكرِ عَلَى الأنثى أم لاَ؟ فظاهرُ الحديثِ يقتضي التسويةَ مطلقًا،

واخْتَلَفَ الفقهاءُ فِي التفضيلِ، هَلْ هُوَ مُحرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟
فذهبَ بعضُهم إِلَى أَنَّهُ مُحرَّمٌ، لتسميتِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياهُ: ((جَوْراً))، وأَمْرِه بالرجوعِ فِيْهِ، ولاسيَّما إِذَا أَخَذْنَا بظاهرِ الحديثِ أَنَّهُ كَانَ صدقةً، فإن الصدقةَ عَلَى الولدِ لاَ يَجوزُ الرجوعُ فِيْهَا، فإنَّ الرجوعَ ههنا يقتضِي أَنَّهَا وقعتْ عَلَى غيرِ المَوْقِعِ الشرعيِّ، حَتَّى نُقِضَتْ بعدَ لزومِها،
ومذهبُ الشَّافعيِّ وَمَالكٍ أنَّ هَذَا التفضيلَ مكروهٌ لاَ غيرُ، وربَّما اسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بالروايةِ التي قيلَ فِيهَا: ((أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غيري))، فَإِنَّهَا تقتضي إباحةَ إشهادِ الغيرِ، وَلاَ يُبَاحُ إشهادُ الغيرِ إِلاَّ عَلَى أمرٍ جائزٍ، ويكونُ امتناعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشهادةِ عَلَى وجهِ التَّنَزُّهِ.
وَلَيْسَ هَذَا بالقويِّ عندي؛ لأنَّ الصيغةَ - وإن كَانَ ظاهرُها الإِذنُ - إِلاَّ أَنَّهَا مُشْعِرَةٌ بالتنفيرِ الشديدِ عن ذَلِكَ الفعلِ، حَيْثُ امتنعَ الرسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المُبَاشَرَةِ لهذه الشهادةِ، مُعَلِّلاً بأنها جَوْرٌ، فتخرجُ الصيغةُ عن ظاهرِ الإِذنِ بهذِهِ القرائنِ، وَقَدْ اسْتَعْمَلُوا مثلَ هَذَا اللفظِ فِي مقصودِ التنفيرِ.

وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى المنعِ أَيْضًا قولُه: ((اتَّقُوا اللهَ))، فَإِنَّهُ يُؤْذِنُ بأنَّ خلافَ التسويةِ لَيْسَ بِتَقْوَى، وأن التسويةَ تَقْوَى.


  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 05:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

المتن :

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
قال المؤلف ، رحمه الله تعالى ، في
باب الرهن وغيره
وعن النعمان بن بشير ، رضي الله عنهما قال : تصدق على أبي ببعض ماله ، فقالت أمي عمرة بنت رواحة ، : لا أرضى حتى يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلقا بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهد على صدقتي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ )) قال : لا ، قال : (( اتقوا الله ، واعدلوا بين أولادكم )) فرجع أبي فرد تلك الصدقة ، وفي لفظ قال : (( فلا تشهدني إذًا ، فإني لا أشهد على جور )) ، وفي لفظ : (( فأشهد على هذا غيري )) .

وعن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها من تمر أو زرع .
وعن رافع بن خديج قال : كنا أكثر الأنصار حقلا ، وكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ، ولهم هذه ، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه ، فنهانا عن ذلك ، وأما الذهب والورق فلم ينهنا .

ولمسلم عن حنظلة بن قيس ، قال : سألت بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق ، فقال : لا بأس به ، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع ، فيهلك هذا ويسلم هذا ، ويسلم هذا ويهلك هذا ، ولم يكن للناس كراء إلا هذا فلذلك زجر عنه ، وأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به .

الشرح :
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ، أما بعد :

فهذه الأحاديث الثلاثة تتعلق بجملة من الحكام ،
فالأول فيما يتعلق بالعدل بين الأولاد ؛ لأنه لا يجوز للأب ولا للأم أن يفضلا بعضهم على بعض في العطية ،
أما النفقة فينفق عليهم لأنهم صغار ، ينفق عليهم كل بقدر حاجته ، أو لأنهم فقراء ينفق عليهم والدهم ، على قدر حاجتهم ، الصغير له نفقته ، والكبير له نفقته ، أما أن يخص بعضهم دون بعض ، فلا يجوز له

ولهذا لما وهب بشير بن سعد الأنصاري ، رضي الله عنه أبنه غلاماً، وأراد أن يشهد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا ، قال له صلى الله عليه وسلم : (( أكل ولدك أعطيته مثل هذا ؟ )) قال : لا ، قال : (( فارجع )) أي فرده قال : (( أشهد على هذا غيري ، فإني لا أشهد على جور )) ،
فدل ذلك على أن تخصيص بعض الأولاد دون بعض من الجور ، ولا يجوز ، بل إما أن يعطيهم كلهم ، وإما أن يدعهم كلهم ، وإلا إذا كان التخصيص لأجل فقر هذا ، فإنه ينفق عليه قدر حاجته ، أو كان لأجل أنه صغير ماله شيء ، وهذا كبير له أسباب وله نفقة ، فإنه ينفق على الصغير حتى يتيسر له ما يقوم بحاله ؛ لأن الوالد ينفق على عياله ، كما قال عز وجل : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف }
على الوالد الغني أن ينفق على ولده الفقير حتى يجد ما يغنيه ، أما أن يخص بعضهم بعطية ، وهذا يعطيه بيت ، وهذا يعطيه غلام ، وهذا يعطيه سيارة لا يعطيه فهذا لا يجوز (( فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ))


  #6  
قديم 13 محرم 1430هـ/9-01-2009م, 07:42 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

القارئ:بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال المؤلف رحمنا لله تعالى وإياه:
التسوية بين الأولاد في الهبة

عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: تصدق علي أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فانطلقا بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقته , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفعلت هذه بولدك كلهم)) قال: لا , قال: ((اتقوا الله ، واعدلوا في أولادكم)) قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة . وفي لفظ قال: ((فلا تشهدني إذن ؛ فإني لا أشهد على جور)) . وفي لفظ: ((فأشهد على هذا غيري)).

الشيخ:بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على محمد .
يتعلق هذا الحديث بالعطية ، والعطية هي الهبة بلا ثواب , وأكثر ما تكون عطية الرجل لأولادِه أو لأقاربه ؛ يقصد بذلك نفعهم ، أو يقصد بذلك مجازاتهم ، أو نحو ذلك , فالعطيَّة لها أحكام غير أحكام الهبة ، لذلك جاز للأبِ أن يرجع في عطيته .
وأما الواهب فلا يجوز له أن يرجع في هبته كما تقدم في قوله صلى الله عليه وسلم لعمرَ: ((لا تعد في هبتك ؛ فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه)) عرفنا أن الهبة صدقة وتبرع لمستحقها من مسكين أو فقير أو نحو ذلك ، وأما العطية فهي تبرع لا يبتغي بها الأجر الأخروي غالبا ، وإنما يبتغي بها النفع , نفع المهدى لهم أوالمعطين أو مجازاتهم ، أو نفع الولد أو ما أشبه ذلك . فعلى هذا يجوز أن يعطي الأب أولاده ويجوز أن يعطيإخوته , ويجوز أن يرجع في عطيته إذا لم تستلم ولم يكن هناك لها سبب إلا الإتيان بأسباب المودة وما أشبهها .
نعود إلى القصَّة , هذه القصة فيها أن النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري روى لنا هذا الحديث ، وذكر أن أباه بشير بن سعد أعطاه عطية, في بعض الرويات أنها عبد , أنه نحله عبدا يعني مملوكا ، وفي بعض الروايات أطلق وقال: نحلني نحلة ، أو أعطاني عطية , ولم يسمها . ولما خصه بهذه العطية كانت أمه عمرة بنت رواحة ، وهي أخت عبد الله بن رواحة, كانت تحب ولدها النعمان , فأحبت أن يثبت هذا العطاء ، وألا يكون فيه إنكار , أحبت تثبيته فقالت: لا أرضى حتى تُشهد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ حتى يثبت إذا شهد به ويقر ولا يمكن أن ينكر بعد ذلك .
فعل ذلك بشير , فذهب بولده , ولما جاء إلى النبيصلى الله عليه وسلم أخبره بأنه نحل ابنه عطية , وأن أم الابن أرادت أن تشهد على هذه العطية , فلسان حاله يقول: أتيتك لأشهدك على نحلة ابني وعلى عطيتي له , فاشهد أني قد نحلته ، ولما كان في هذا شيء من الجور وعدم التسوية استفصل النبي صلى الله عليه وسلم وسأله ..سأل بشيرا هل لك أولاد غير النعمان ؟ أخبره بأن له أولاد ذكور وإناث , سأله هل نحلتهم مثلما نحلت هذا ؟ هل أعطيتهم كلهم أو خصصت هذا بالعطية وحده ؟ فأخبر بأنه لم ينحلهم وإنما نحل هذا , أن هذه العطية خاصة بالنعمان .
عند ذلك أنكر عليه النبيصلى الله عليه وسلم وقال: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) أي:يحملكم خوف الله , تحملكم التقوى على أن تعدلوا وتسووا بين أولادكم ولا تجوروا فتميلوا مع واحد ميلا يفهم منه تفضيلكم له على غيره , بل عليكم أن تسووا بينهم ولا تفضلوا واحدا على واحد .
كذلك في بعض الروايات أنه قال:((أشهد على هذا غيري)) أي أن هذا جور وظلم ، فلا أشهد على الظلم ، ولا أشهد على الجور , اذهب إلى غيري ، وأشهد عليه غيري؛ فإني لا أشهد عليه . وليس معناه إقرار الشهادة من الغير بل معناه التحذير منه , فلأجل ذلك التزم بشير ورد تلك العطية , لما نهاه النبيصلى الله عليه وسلم .
في بعض الروايات أنه علل فقال:((أتحب أن يكونوا لك في البر سواء))؟ قال: نعم , فقال: فلا إذن مادمت تحب أن يكونوا كلهم يبروك ويطيعوك , فلماذا لا تجعلهم كلهم سواء في برك وفي طاعتك , فسوِّ بينهم في عطيتك حتى يستووا كلهم في طواعيتك وفي برك ,هكذا علل صلى الله عليه وسلم .
فمن هذا الحديث أخذ العلماء استحباب الإشهاد على العطايا والهدايا ونحوها ؛ وذلك لتثبت ما دام أنه ذهب ليشهد النبيصلى الله عليه وسلم ، وأخذوا منه إشهاد ذوي الفضل وذوي العلم وذوي المنزلة الرفيعة , حيث لم ترض عمرة بنت رواحة إلا بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذوا منه أن العطية تثبت بالإقرار وبالإشهاد , وأخذوا منه أن عطية الوالد لولده تمُلكبالقبض إذا تمت شروطها , أو تملك بمجرد الهبة إذا تمكن من قبضها واستلامها, وأخذوا منه وجوب التسوية بين الأولاد لقوله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) .
ولقد كان السلف والعلماء رحمهم الله يعملون بهذا بقدر ما يستطيعون , يعني في العدل بين أولادهم , حتى كانوا يسوون بينهم حتى في القبل , إذا قبل هذا رحمة به قبّل البقية ذكورا وإناثا من باب العدل وباب التسوية ، وفضلا عن التسوية في الأمور الظاهرة , إذا اشترى لهذا ثوبا اشترى للثاني وللثالث مثله ، وكذلك إذا اشترى لهذا طعاما أو فاكهة أو أطعمه سوى به الآخرين ، وأعطاهم مثلما أعطاه .
كل ذلك حرص على العدل الذي أمر به النبيصلى الله عليه وسلم ، كذلك حرص أيضا على البر ؛ وذلك لأنه علله, علل بقوله: ((أتحب أن يكونوا لك في البر سواء)) قال: نعم . فإذن لا شك أن الوالد يحب أن يبره هذا ويبره الثاني ويبره الثالث ، ويكونوا كلهم بارين بأبيهم , ولايرضى أن يكون هذا بارٌّ وهذا عاق ، أو هذا مطيع وهذا عاص ، بل يحب أن يكونوا كلهم بررة له , هذا هو الذي يرضى به , فهذا معنى قوله: ((أتحب أن يكونو لك في البر سواء)) نكمل بعد سماع الأذان .
ذكر العلماء أنه لا يجوز لأحد الرجوع في عطيته إلا الأب ، وقالوافي بعض الآثار: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته إلا الأب فيما وهب لأولاده أو لولده ؛ أخذا من هذا الحديث .
ثم هذا الحديث محمول على ما إذا لم يكن هناك أسباب, أسباب لعطيَّة بعض الأولاد وقت حاجتهم ، فأمَّا إذا كان هناك أسباب فإنها جائزة , معلوم مثلا أن الوالد ينفق على أولاده بقدر حاجتهم ، ويشتري لهم بقدْر حاجتهم ، ولو تفاوتت الحاجات ، ومعلوم وجود التفاوت بين الحاجات تفاوتا مشهورا ظاهرا , فمثلا إذا كان له عدد من الأولاد ذكورا وإناثا, حاجات الذكور غير حاجات الإناث , فحاجة الذكر مثلا أنه يمكنه للدراسة ويعطيه ما يحتاج إليه في الدراسة , إذا إحتاج مثلا إلى سيارة يتنقل عليها ويذهب عليها إلى مدرسته أو جامعته أعطاه سيارة ، وكذلك إذا احتاج إلى زواج زوَّجه ، ولو كان إخوته أطفالا ؛ لأن هذا من الحاجات الضرورية ، فإذا احتاج مثلا إلى سكن سكنه إذا كان قادرا , أسكنه في مكان أو في بيت يناسبه ؛ لأن هذا من حقه عليه , الوالد عادة إنما يجمع أمواله لأولاده لقوله عليه السلام: ((إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) . فالولد مثلا إذا احتاج إلى النفقة وكان فقيرا فإن الوالد ينفق عليه ، ولو كان الولد قادرا على الاكتساب , إذا عجز عن الاكتساب إما لم يجد عملا ، أو مثلا كان منشغلا بدراسة ونحوها وكان الأب واجدا وذا مال ألزم بأن ينفق عليه , فإذا كان أحد أولاده مستغنيا في وظيفة وعمل والآخرون غير مستغنين أنفق على المحتاجين دون غيرهم ، ولا يكون هذا جورا , وإذا كان هذا مضطرا إلى سيارة يتنقل عليها أعطاه , وإن لم يعط الآخرين لصغرهم مثلا أو لوجود حاجتهم , وإذا كان هذا مضطرا إلى الزواج زوجه ولو لم يزوج الآخرين , إما لعدم طلبهم أو لصغرهم ؛ وذلك لأن هذا من تمام حق الولد على أبيه , وله في مال أبيه حق .
كذلك معلوم أن الذكر والأنثى يتفاوتان في الحاجة , فمثلا هو ملزم بكسوة الذكور والإناث , ومعلوم مثلا أنهم يتفاوتون , فقد تكون كسوة الأنثى مثلا بمائتين وكسوة الذكر مثلا بخمسين ، أو نحوها ، فهذا وجه التفاوت , الأنثى مثلا بحاجة إلى الحلي وإلى الجمال فله أن يعطيها كغيرها ما تتجمل به من الحلي ولو كان رفيع الثمن , وليس الذكر بحاجة إلى ذلك ، وهكذا مثلا إذا مرض أحد أولاده فإنه يعالجه ولو صرف عليه أموالا طائلة ولا يقال: أعط أولادك الآخرين مثلما أنفقت عليه ؛ لأنه ما أنفق عليه إلا لحاجته أو لضرورته , فهذا من الأسباب التي تستثنى من ذلك .
كذلك أيضا معلوم أنه قد يحتاج إلى تشجيع بعض أولاده , إلى تشجيعه على أمر يستحق عليه التشجيع , فإذا كان أحد أولاده عاكفا على العلم وعلى الفهم والفقه وعلى التفقه في الدين , والآخرون قد صدوا عن ذلك وعكفوا على اللهو واللعب ، وعكفوا على الباطل ، وأضاعوا حياتهم وأعمالهم , فلا شك أن هذا الذي عكف على العلم الصحيح يستحق أن يشجع ، وأن يرفع من معنويته، وأن يعطى ما يشجعه وما يسبب التفات الآخرين إلى مثله , فإذا قالوا: لماذا لم تعطنا ؟ يقول: لا أعينكم على لهوكم ولعبكم , لا أعينكم على الباطل ، أما هذا فقد قطع حياته في التعلم والتفقه , فهو أهل أن يشجع على ذلك .
وهكذا مثلا إذا كان هؤلاء , إذا كان بعضهم عاصيا , عاصيا لأبويه ، عاصيا لربه, خارجا عن الطاعة متماديا في المعاصي, عاكفا على اللهو واللعب , عاكفا على شرب المسكرات ونحوها , والآخر متطوعا لله بأنواع الطاعات , عاكفا على الطاعة والعبادة , ملازما لعبادة الله , هاديا مهتديا صالحا مصلحا ، لا شك أن هذا الصالح يستحق أن يشجع ، وأن يفضل على ذلك العاصي الذي خرج عن طاعة أبويه ، وخرج عن طاعة الله سبحانه , فكان مستحقا أن يبعد وأن يحرم ؛ لأنه إذا أعطاه والحال هذه فقد أعانه على المعصية , فيعين عاصيا على عصيانه .
ويقال كذلِكَ في ما إذا كان هناك سبب آخر , فإذا قُدِّر مثلا أن أحد الأولاد افتقر لكثرة عياله وركبته الديون ، والآخرون مستغنون , إما لقلة العيال وإما لكثرة الكسب ولكثرة الدخل , وليس عليهم ديون ولا غيرها , لا شك أن الأب له أن يخفف هذا الولد الذي تحمل هذا الدين ، فله أن يساعده ولا يقال: أعط البقية كما أعطيت هذا ؛ لأنه ما أعطاه إلا لسبب , أعطاه لكثرة عياله ، أعطاه لكثرة فقره وفاقته , فهوكحاجة النفقة , يسوي بينهم في النفقة يعني أنه يعطي هذا قدر ما يكفيه وعياله , وهذا قدر ما يكفيه وزوجته ، وهذا قد ما يكفيه وحده إذا كان أعزب وهكذا .
وكذلك أيضا هناك سبب آخر وهو إذا أعطاه مجازاة له أو استحقاقا له ؛ وذلك أنه في هذه الأزمنة بعض من الأولاد يجلس عند أبيه في خدمته وفي العمل بما يأمره به أبوه , فيكون قد قصر نفسه على حاجة أبيه ، تارة يشتغل مع أبيه إذا كان أبوه تاجرا ، فيشتغل معه في تجارته في دكانه أو في متجره أو في معمله ، والبقية الآخرون يكتسبون لأنفسهم , قد انفردوا لأنفسهم وقد استقلوا وصاروا يكتسبون لوحدهم ، أو هذا مثلا قد اشتغل بحرفة أبيه إذا كان أبوه ذا حرفة , إذا كان أبوه مثلا يعمل خياطا أو خرازا أو غسالا مثلا أو بناء ، أو كذلك في بستان , عنده له بستان في زراعة ، أو غراس أو نحو ذلك ، فهو يعمل في تنمية مال أبيه ينمي هذا المال , أو في ماشيته يرعى ماشيته إذا كان له مواشي من إبل أو بقر أو غنم أو نحوها , قد قصر نفسه على تجارة أبيه , ينقل له مثلا إذا كان له ناقلات ، كسيارات ونحوها , أو يبيع له الناتج من ثمره.
الحاصل أنه قد قضى مع أبيه عشر سنين أو عشرين سنة ، وهو لم يتفرغ لشغل نفسه ، ولم يعد لنفسه مالا , بينما إخوته الآخرون كل مستقل بماله وبعياله وبوظيفته وبحرفته منفرد عنه , ألا يكون هذا شريكا ؟ لا شك أنه يستحق أن يشركه أبوه فيجعل له نصيبا من هذا المال الذي يكون هو السبب فيه , ولو كان له أخوات مثلا لا يعملن مثل عمله ، وقد يكون له مرتب فيدخله مع مال أبيه .
فنقول: لابد أنه يجعل له شركة , فلا يقول: إن له أخوات وأخواته لم يعملن مثل عمله ، أو له إخوة أطفال الأطفال هؤلاء لم يعملوا مثل عمله ، وله إخوة مستقلون الإخوة الآخرون المستقلون لم يعملوا مثل عمله , فعلى هذا يجوز أن يفضله , أن يعطيه ما يكون سببا مقابلا لتعبه , فيجعله كشريك أو كأجير أو كعامل عمل عنده فيعطيهقدر ما يستحقه ولا يكون ذلك من الظلم إن شاء الله .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العدل, بين

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir