دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > البرامج الخاصة > البرامج الخاصة > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 صفر 1435هـ/10-12-2013م, 07:38 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي ملخصات الطالبة أم حمد

بســــــــــم الله

رب يســـــر وأعــــن يا كريم


ملخصات الدورة الأولى:

1: تفسير سورة الفاتحة وجزء عّم
2: معالم الدين
3: حلية طالب العلم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 9 صفر 1435هـ/12-12-2013م, 10:03 AM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي مادة معالم الدين

الدرس الاول:

أوَّلُ ما يَجِبُ تَعلُّمُه من أُمورِ الدينِ ما تَضَمَّنَه حديثُ جبريلَ الذي سأل فيه النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن مَرَاتِبِ الدِّينِ: الإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ، ثم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه كما في آخِرِ الحديثِ: (( هذا جِبْريلُ أتاكم يُعلِّمُكم دِينَكُم )).*

وأوَّلُ مرتبة من مراتب الدين مرتبة الإسلام: *
وقد جُمعت مراتب الإسلام في الحديث الذي رواه عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّم أنه قال: ((بُنِي الإسلامُ على خَمْسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ وأن مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وحَجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)). متفق عليه.*

وأول ركن من أركان الإسلام: الشهادتانِ؛*فهما أصلُ دينِ الإسلامِ ورُكْنُه الأولُ الذي به يَدْخُلُ العبدُ في دينِ الإسلامِ، فمَن لم يَشْهدِ الشهادتين فليسَ بمُسْلمٍ.*

بيانُ معنَى شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ:*

مما يدل على عِظم هذه الكلمة الجليلة:*
ماروي في الصحيحين عن ابن المسيب عن أبيه , قال : ( لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل , فقال له : (( يا عم قل : لا إله إلا الله . كلمة أحاج لك بها عند الله )) فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟! فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا , فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب . وأبى أن يقول لا إله إلا الله , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لأ ستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك )) فأنزل الله عزوجل : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم }[ التوبة / 113 ] وانزل في أبي طالب : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء }[ القصص / 56 ] ) .
فشهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ : هي*كلمة التوحيد ؛ وهي كلمة الإخلاص , وشهادة الحق , ودعوة الرسل , وبراءة من الشرك , ونجاة العبد , ورأس هذا الأمر , ولأجلها خُلق الخلق كما قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }[ الذاريات / 56 ] ولأجلها أرسلت الرسل , وأُنزلت الكتب كما قال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }[ الأنبياء / 25 ] ومن أجلها أفترق الناس إلى فريقين , فريق في الجنة وفريق في السعير , ومن أجلها حقت الحاقة , ووقعة الواقعة , ومن أجلها سُلت سيوف الجهاد , وفارق الابن أباه , والزوج زوجته فلا يدخل الإنسان في الإسلام إلا بعد أن يشهد هذه الشهادة , شهادة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فإن أبى فلا يكون من أهل الإسلام والتوحيد , بل هو من أهل الكفر والشرك , ولذا هي الركن الأول من أركان الإسلام , وهي مفتاح الجنة .
فعم النبي - صلى الله عليه وسلم - مات على ملة الشرك , ملة أبيه عبد المطلب بسبب عدم نطقه لهذه الكلمة العظيمة .*

ومعنى هذه الكلمة أي : لا معبود بحق إلا الله . فهي جامعة للنفي والإثبات , فـ( لا إله ) نفي لجميع ما يعبد من دون الله - كالأصنام والأوثان والملائكة والأنبياء والأولياء والجن الذين عُبدوا من دون الله - و ( إلا الله ) إثبات العبادة لله وحدة لا شريك له في العبادة دون غيره من المعبودات

وأما ( محمد رسول الله ) فمعناها : طاعته فيما أمر , وتصديقه فيما أخبر , واجتناب ما نهى عنه وزجر , وأن لا يعبد الله إلا بما شرع . وهذا التعريف لمعنى شهادة محمد رسول الله شامل لها , لأن العبادة لابد أن تكون موافقة لما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلا يُعبد الله بالبدع , والخرافات , وما يستحسنه الناس من عند أنفسهم .*
ويدل على ذلك*قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: 7].
وهذه الآية قاعدة قرآنية محكمة*تدل دلالة واضحة ـ كما يقول أبو نعيم: في بيان شيء من خصائصه صلى الله عليه وسلم ـ على:*"أن الله تعالى فرض طاعته على العالم فرضاً مطلقاً لا شرط فيه، ولا استثناء، فقال: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وقال: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} وإن الله تعالى أوجب على الناس التأسي به قولاً وفعلاً مطلقاً بلا استثناء، فقال: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} .
*
ولقد دأب العلماء على الاستدلال بهذه القاعدة في جميع أبواب العلم والدين:*
فالمصنفون في العقائد يجعلونها أصلاً في باب التسليم والانقياد للنصوص الشرعية، وإن خفي معناها، أو عسر فهمها على المكلف، قال الإمام أحمد رحمه الله: إذا لم نقر بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم رددنا على الله أمره، قال الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} .

وفي أبواب الفقه: يعمد كثير من المفتين من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم إلى النزع بهذه القاعدة في إيجاب شيء أو تحريمه، وإن شئت فقل: في الأمر بشيء أو النهي عنه، والقصة التي رواها الشيخان من حديث ابن مسعود رضي الله عنه فيها دليل على ذلك؛ فإنه حينما حدّث وقال: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله! قال: فبلغ ذلك امرأةً من بني أسد يقال لها: أم يعقوب! ـ وكانت تقرأ القرآن ـ فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك؟ أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله؟ فقال عبدالله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله؟ فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته! فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}!*
فقالت المرأة: فإني أرى شيئاً من هذا على امرأتك الآن قال اذهبي فانظري قال فدخلت على امرأة عبدالله فلم تر شيئاً! فجاءت إليه، فقالت: ما رأيت شيئاً! فقال ابن مسعود رضي الله عنه: أما لو كان ذلك لم نجامعها(1)
وهذه قصة أخرى تؤكد وضوح هذا المعنى عند سلف الأمة رحمهم الله:
يقول عبد الله بن محمد الفريابي: سمعت الشافعي ببيت المقدس يقول: سلوني عما شئتم أخبركم عن *كتاب الله، وسنة رسوله! فقلت: إن هذا لجرئ! ما تقول أصلحك الله في المحرم يقتل الزنبور؟ فقال: نعم :
بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله عز وجل: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }(2)
*
ومن أعظم دلالات هذه القاعدة ـ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ـ أنها ترد على أولئك الذين يزعمون الاكتفاء بالقرآن فقط في تطبيق أحكام الشريعة، فهاهو القرآن ذاته يأمر باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولن يكون ذلك إلا باتباع سنته، بل كيف يتأتى للإنسان أن يصلي، أو يزكي، أو يصوم، أو يحج بمجرد الاقتصار على القرآن؟!

وقوله صلّى الله عليه وسلّم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، فهذه الأدلة وأشباهها تدل على أنه لا يتم الإسلام إلا بالشهادتين ؛ فمَن لم يَشْهدِ الشهادتين فليسَ بمُسْلمٍ. أ.هـ
____________________________________

(1) البخاري (4604)، مسلم (2125).
(2) *تاريخ دمشق (51 /271).

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 صفر 1435هـ/12-12-2013م, 10:20 AM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي تفسير سورة الفاتحة

مذاكرة سورة الفاتحة

أجمع العلماء على أن الاستعاذة ليست من القرآن الكريم؛ ولهذا لم تكتب في المصاحف.
ومعنى “أعوذ بالله”: أستجير، وأتحصن بالله وحده.
“من الشيطان” أي: من كل عات متمرد من الجن والإنس، يصرفني عن طاعة ربي، وتلاوة كتابه.
“الرجيم” أي: الملعون المطرود من رحمة الله.

سورة الفاتحة
من أسماءها :
- أم القرآن : لاشتمالها على أهم موضوعات القرآن والجامعة لأمهات أغراضه
- السبع المثاني :*لأنها سبع آيات تكرر في الصلاة فتقرأ في كل ركعة ؛ وكل ما يكرر على نظام واحد يطلق عليه في العربية مثاني . *
-*الفاتحة ; لأنها تفتتح بها القراءة في الصلاة .*

( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
يعني أبتدئ قراءة القرآن باسم الله مستعينا به.
*(اللهِ) اسم الرب -تبارك وتعالى- ومعناه المعبود بحق دون سواه، وهو أخص أسماء الله تعالى، ولا يسمى به غيره سبحانه.*
( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سيأتي الكلام عليهما ضمن سورة الفاتحة بإذن الله.

*{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
(الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ) الثناء على الله بذكر صفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وفي ضمن هذه الجملة (الحمدلله) أَمْرٌ وتعليم لعباده أن يحمدوه، فهو المستحق للحمد الأكمل وحده، (رب العالمين) يعني هو سبحانه المنشئ للخلق، القائم بأمورهم، المربي لهم جميعاً بنعمه، والمربي لأوليائه بالإيمان والعمل الصالح.

{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }
كلاهما اسم يدل على صفة الرحمة، والرحمن أبلغ من الرحيم، لكن الرحمن يُلحظ فيه كون الرحمة وصفاً له سبحانه، والرحيم يُلحظ فيه كون الرحمة فعلاً له واصلاً إلى خلقه، ( الراحم لعباده ) ولذالك تقرأ في القرآن {وكان بالمؤمنين رحيماً} لكن لا يوجد في القرآن ((وكان بالمؤمنين رحمانا))، فتأمل.

*{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }
*المالك هو الذي يملك التصرف الكامل في الشيء كيفما يشاء .
وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة، والدين يعني الجزاء على الأعمال، خيرها وشرها.
وقراءة المسلم لهذه الآية في كل ركعة من صلواته تذكير له باليوم الآخر، وحثٌّ له على الاستعداد بالعمل الصالح، والكف عن المعاصي والسيئات.
فإن قيل :*
*لماذا قال الله سبحانه {مالك يوم الدين} مع أنَّه مالك ليوم الدين ومالك لغيره من الأيام؟!!
الجواب: لأن في ذلك اليوم، يظهر للخلق تمام الظهور كمال وعظمة ملكه بانقطاع أملاك الخلائق كلها، حتى إنه يستوي في ذلك اليوم، الملوك والرعايا، والأحرار والعبيد ، كلهم مذعنون لعظمته، خاضعون لعزته، منتظرون لمجازاته، فلذلك خص ملكه ليوم الدين هنا، وإلا فهو المالك ليوم الدين ولغيره من الأيام، وتأمل قوله سبحانه: {لمن الملك اليوم، لله الواحد القهار} وقوله تعالى: {يوم لاتملك نفس لنفسٍ شيئاً، والأمر يومئذٍ لله}

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }
إنا نخصك وحدك بالعبادة، ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا، فالأمر كله بيدك، لا يملك منه أحد مثقال ذرة. وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح والطواف إلا لله وحده، وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير الله، ومن أمراض الرياء والعجب، والكبرياء.

*{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }
هذه الدعاء يشمل طلب أمرين:
الأول: دُلَّنا، وأرشدنا، ووفقنا إلى الطريق المستقيم.
الثاني: ثبتنا عليه حتى نلقاك.
والصراط المستقيم هو الإسلام، الذي هو الطريق الواضح الموصل إلى رضوان الله وإلى جنته، الذي دلّ عليه وأرشد إليه خاتم رسله وأنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، فلا سبيل إلى سعادة العبد إلا بالاستقامة عليه.

*{صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}:
يعني: هذا الصراط الذي تطلبون من الله تعالى أن يهديكم إياه في كل ركعة، هو صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، كما ورد في قوله تعالى من سورة النساء {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} . فهم من أنعم الله عليهم بالإيمان به تعالى ومعرفته، ومعرفة ما يحبه، ومايسخطه، ثم وفقهم لطاعته بفعل المحاب وترك المكاره والمساخط.

*{ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ }
يعني: لا تجعلنا ممن سلك طريق المغضوب عليهم، الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به، وهم اليهود، ومن كان على شاكلتهم، ولا الضالين، وهم الذين لم يهتدوا، فضلوا الطريق، وهم النصارى، ومن اتبع سنتهم.
ويستحب للقارئ أن يقول في الصلاة بعد قراءة الفاتحة:(آمين)، ومعناها: اللهم استجب، وليست كلمة (آمين) آية من سورة الفاتحة باتفاق العلماء; ولهذا أجمعوا على عدم كتابتها في المصاحف.

الخلاصة :

- اشتملت سورة الفاتحة على أنواع التوحيد الثلاثة :
1- توحيد الربوبية
2- توحيد الألوهية
3- توحيد الأسماء والصفات*

ومن الفوائد المستنبطة من السورة :

1- في الاستعاذة بالله ما يدل على صفة القدرة ؛ لأن المستعيذ لا يلجأ إلا الى ذي قدرة تحميه ، وفي هذا التعبير عبادة لله عز وجل

2 - علمنا الله أن نقول : باسم الله ... لا أن نقول " بالله " ؛ إشارة إلى أن حظ عقولنا وأفكارنا من الله أن نتفكر في أسمائه وصفاته ؛ لا أن نتفكر في ذاته أو أن نسعى لإدراك شيئ منها ، فبيننا وبين إدراك ذاته تعالى أو شيئ منها " حاجز العجز الكامل " يلخص ما سبق قول الإمام مالك - رحمه الله - عندما سئل عن الاستواء فقال :
الإستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة .

3- نلاحظ أن أسماء الله الحسنى باستثناء لفظ الجلالة الذي هو علم على الذات ، كلها أسماء وصفية ؛ أي هي أسماء تلاحظ فيها الصفات التي تدل عليها الكلمات الأصول التي اشتقت منها كالتالي:

- الرحمن والرحيم. : هما بمعنى ذي الرحمة الكثيرة العظيمة
- *القدير : هو بمعنى ذي القدرة العظيمة
- *السميع : ذي السمع الذي لا يفوته صوت مهما كان خافتاً أو ضئيلاً

فإذا أطلق الأسم كان من الممكن أن يُراد به الوصف .
ووصف أسماء الله بالحسنى ؛ يدل على أن المراد صفاته.
ويمكن أن يُفهم من قوله تعالى : " هل تعلم له سمياً " أي : هل تعلم له شبيها في صفاته ...
وهكذا الى نصوص كثيرة يمكن تفسير الأسم فيها بالوصف ....والله تعالى أعلم

ومنها قوله تعالى : " بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان " أي : بئس الوصف الذي هو الفسوق بعد الوصف بالإيمان بالنسبة للمؤمنين*

4- قيل أن الجمع بين الرحمن الرحيم يكون على طريقة التخصيص بعد التعميم ؛ لأن " الرحمن" تستعمل غالباَ في القرآن للدلالة على شمول رحمته تعالى للمؤمنين والكافرين
و الرحيم تستعمل غالباً للدلالة على خصوص رحمته تعالى المؤمنين
ومما يدل على ذلك أن " رحيم " جاءت في القرآن مقترنة بعبارة " غفور " والمغفرة لا تكون إلا لمن آمن ، وهذا تخصيص في الإصطلاح القرآني . والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 صفر 1435هـ/12-12-2013م, 07:36 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي الخريطة الذهنية لجزء عم 1

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 9 صفر 1435هـ/12-12-2013م, 07:38 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي الخريطة الذهنية لجزء عم 2

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 9 صفر 1435هـ/12-12-2013م, 08:30 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

الفوائد المستنبطة من سورة النبأ


الفوائد المستنبطة من المقطع الأول (1) :
(1) قال تعالى : (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5))
الفائدة الأولى: عظم شأن القرآن، أو البعث، وأنه من أصول الإيمان.
الفائدة الثانية :سَفَه المُنكرين للأمور اليقينية .
الفائدة الثالثة :أن المُخالفين للرسل مختلفون فيما بينهم, فليسوا على قلب واحد, قال الله تعالى: (الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ), وقال سبحانه:{ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } البقرة: ١٧6, فكل من خالف الحق تجدهم فِرقاً وشِيعاً وأحزاباً؛ لأن الحق واحد لا يتعدد, أما الباطل فشعب وظلمات, ولهذا تجد أن الله تعالى دوماً يُوحد الحق فمن ذلك قوله:{ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } يوسف: ١٠٨, فالحق واحد, والسبيل واحدة, والباطل أشلاء.
الفائدة الرابعة: استعمال أسلوب التهديد في الموعظة الإيمانية, وهذه من قوله تعالى: (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)), فلا بأس للداعية في بعض المواقف أن يُهدد المدعو بعقاب الله، وبشؤم صنيعه, وأن يُخوفه باليوم الآخر, ويقول له: ويلك. كما قال الله عز وجل: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} الأحقاف : 17

(2) قال تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا(8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) )
الفوائد المستنبطة من المقطع الثاني :
الفائدة الأولى: أن توحيد الربوبية أساس لتوحيد الألوهية .
الفائدة الثانية: العناية ببيان أدلة الربوبية، وشواهدها في النفس، والآفاق. وبعض الناس يَطيش عنده الميزان, فيقلل من شأن الحديث في توحيد الربوبية، وربما قال : هذا توحيد أبي جهل! لمّا رأى أن المهم هو توحيد العبادة, ظنَّ أن ذلك يقتضي الغض من توحيد الربوبية ! والحق أن توحيد الربوبية هو الأساس الذي يبنى عليه توحيد العبادة. وتأمل قول الله تعالى، في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة: ٢١, فطالبهم بالعبادة مُحتجاً عليهم بأنه خلقهم، والذين من قبلهم, ثم قال: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} البقرة: ٢٢, فابتدأ بالأمر بالعبادة، وختم بالنهي عن الشرك، و ذكر بينهما توحيد الربوبية.
الفائدة الثالثة: إيقاظ العقول البليدة، للتفكر في المشاهد المتكررة: فكما وُوجه به المشركون، فينبغي أن نعظ أنفسنا به, وألا تتحول هذه المشاهد حولنا إلى جُثث هامدة.
الفائدة الرابعة :الاستدلال بالسهل المشاهد، قبل الصعب الخفي: فهذه الآيات المبثوثة في الكون سهلة، مشاهدة, لا نحتاج إلى المحاضرات لإقامة الدليل عليها, فيُدركها الكبير، والصغير, والعالم، والجاهل, والحضري، والبدوي, وكل أطباق الناس. فلا نذهب لإقامة العقيدة، على الطرق الكلامية، والأدلة الفلسفية الغامضة.
الفائدة الخامسة: استعمال أسلوب الاستفهام، والتنويع، والتكثير، في الأدلة: فأسلوب الاستفهام كما في قوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا), وأسلوب التنويع لأنه لم يقتصر على نوع واحد؛ لأن القلوب لها مفاتيح، فقد يتأثر الإنسان بمعنى من المعاني، أو مشهد من المشاهد، ويتأثر غيره بغيره، لأسباب وزّعها الله على بني آدم. وأسلوب التكثير في الأدلة؛ لأن توالي الأدلة، وكثرتها تؤثر في النفس, كتتابع الطّرْق, ومن أدمن الطّرْق أوشك أن يُفتح له. فكل هذه الأساليب التربوية، الإيمانية، ينبغي أن يستفيد منها الداعية إلى الله سبحانه وتعالى في إقناع غيره، وفي التأثير، والموعظة.

المقطع الثالث :

(3) (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30))
ومما يؤخذ من الفوائد من هذا المقطع:
الفائدة الأولى: إثبات البعث، وأهوال القيامة الكبرى.
الفائدة الثانية : إثبات الحساب، والفصل في الحقوق، والله تعالى سماه يوم الفصل.
الفائدة الثالثة :إثبات النار, وذكر أنواع العذاب فيها؛ من عذاب حسي وعذاب معنوي.
الفائدة الرابعة: العدل الإلهي؛ فالجزاء من جنس العمل. ويؤخذ من قوله تعالى: (جَزَاءً وِفَاقًا).

المقطع الرابع والأخير :

(4) ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً (33) وَكَأْسًا دِهَاقاً (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا كِذَّاباً (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً (36) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَباً (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً (40))

الفوائد المستنبطة
1- إثبات البعث , وأهوال القيامة الكبرى.
2- إثبات الحساب, والفصل في الحقوق, والله تعالى سماه يوم الفصل .
3- إثبات النار - أجارنا الله وإياكم من عذابها الحسي والمعنوي
4- العدل الإلهي , فالجزاء من جنس العمل: ( جزاءً وفاقاً ) ، بالنسبة للنار , ( جزاءً من ربك عطاءً حساباً ) , بالنسبة للجنة, فالجزاء من جنس العمل, وإن من معاني ( حساباً ) معنى الكفاية ومنه قول العرب : " أعطاني فاحسبني " يعني : حتى قلت حسبك .
5- إثبات الجنة ونعيمها الحسي والمعنوي جعلنا الله وإياكم من أهلها.
6- الاستئناس باسم الرحمن في تقوية الرجاء, قال تعالى : (الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً) , فمع أن المقام مقام مهول ومخوف, إلا أنه أتى بهذا الاسم الرقيق الذي يدل على الرحمة, ففيه يتنسم المؤمن نسيم الرجاء, ولا ريب أن ذكر الأسماء الحسنى في ذيل الآيات, أو في أثناء الآيات له دلالة, ألم تروا أن الله سبحانه وتعالى قال : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ والله عزيز حكيم) , ثم قال بعدها : (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ) فختمها بقوله: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة/39] , فكل اسم من أسماء الله الحسنى يناسب ذكره في سياق معين.
7- إثبات الملائكة، وخشيتهم لربهم
8- إثبات الشفاعة بشروطها: ( إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ) .
9- إثبات المشيئة الإنسانية, والرد على الجبرية, لقوله : (فمن شاء اتخذ إلى ربه مآباً) , فالإنسان يشاء، وله مشيئة حقيقية , خلافاً للجبرية الذين يقولون العبد مسير، مسلوب المشيئة، مجبور على فعله. والحق أن العبد له مشيئة حقيقية, ولكن هذه المشيئة داخلة تحت مشيئة الله ؛ لقوله تعالى: ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ . وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) .
10- قرب أمر الساعة , ( إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً ) , فقرب العذاب، دليل على قرب الساعة.
11- بيان أعظم الندم، أجارنا الله وإياكم, قال تعالى : ( وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً ) .
_____________
(1) التفسير العقدي لجزء عم /* بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي */

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 9 صفر 1435هـ/12-12-2013م, 08:56 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

الفوائد المستنبطة من سورة النازعات


(1) يقول الله عز وجل : ( وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً (1) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً (2) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً (3) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً (4) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً (5))

أولاً : إقسام الله تعالى بما شاء من مخلوقاته , فلله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته , وليس للمخلوق أن يقسم إلا بالله وحده. فمن حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك , أما الله عز وجل فله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، وآياته الكونية، والشرعية .
ثانياً : إثبات الملائكة، وأعمالهم. والإيمان بالملائكة ركن من أركان الإيمان. والملائكة عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور, وسخرهم لعبادته وطاعته , فهم يسبحون الليل والنهار لا يسئمون , ولا يفترون , ولا يستحسرون. وقد جعل الله تعالى طبيعتهم طبيعة تعبدية، لا ينزعون إلى الشر أبداً، على النقيض من الشياطين الذين جعل الله طبيعتهم طبيعة تمردية. وبين الطائفتين الإنسان؛ فإن الإنسان ليس كالملك لا ينزعه إلا الخير, وليس كالشيطان لا ينزعه إلا الشر, بل هو كما قال الله تعالى : ( ونفس وما سواها , فألهمها فجورها وتقواها , قد أفلح من زكاها , وقد خاب من دساها ) , فالإنسان بين بين , فهو إن زكى نفسه صارت نفسه ملائكية؛ يعني طائعة لله عز وجل لا أنه يكون ملكاً, لكن تصبح نفسه نفساً مطيعة لله عز وجل منقادة كالملائكة, وإن كانت الأخرى صارت نفسه شيطانية .
ثالثاً : أن إخفاء المقسم عليه يكون للتعظيم , أو للشهرة , فالله تعالى قد أخفى المقسم عليه، وهذا يزيد الأمر جلالةً ومهابةً .

(2) (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9) يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ )

هذه الآيات تضمنت العديد من الفوائد منها :
الأولى : إثبات النفختين.
الثانية : عظم شأن الساعة. ولهذا كان من رحمة الله عز وجل أن الساعة، لا تقوم على مؤمن , لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق .
الثالثة : بيان مظاهر الخوف؛ الظاهرة، والباطنة؛ الباطنة في القلوب , والظاهرة في الأعين .
الرابعة: صدمة الكفار يوم القيامة, وشدة ندمهم .

(3) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)

الفوائد المستنبطة :

الفائدة الأولى : عناية القرآن بقصة موسى، عليه السلام، وكثرة تكرارها، وتنوع عرضها .
الفائدة الثانية : إثبات صفة الكلام لله، سبحانه، بصفة المناداة, فهو يتكلم متى شاء كيف شاء بما شاء.
الفائدة الثالثة : أن كلام الله، عز وجل، متعلق بمشيئته؛ لأنه قال : ( هل أتاك حديث موسى , إذ ناداه) , و (إذ) تدل على ظرفية زمنية, فهذا يدل على أن الله يتكلم متى شاء، خلافاً للأشاعرة ، والكلابية، والسالمية ، وغيرهم من فرق الصفاتية، الذين يقولون إن كلامه هو المعنى القديم القائم في ذاته، وليس من صفاته الفعلية, بينما يعتقد أهل السنة إن كلام الله قديم النوع، حادث الآحاد, فهو قديم النوع بمعنى أن الكلام صفة ذاتية له باعتبار أصله , ولكنه يتجدد باعتبار آحاده، وأفراده .
الفائدة الرابعة : فضل موسى، عليه السلام. ولهذا يقال: موسى الكليم .
الفائدة الخامسة : فضل وادي طوى وشرفه ؛ لأن الله طهره فقال : ( بالواد المقدس طوى).
الفائدة السادسة : قبح الطغيان وفاعله , ( اذهب إلى فرعون إنه طغى ) , فالطغيان مرذول، مذموم.
الفائدة السابعة : التلطف في الدعوة, لاسيما مع أهل السلطان , فلكل مقام مقال.
الفائدة الثامنة : بيان غاية الدعوة وثمرتها, (فقل هل لك إلى أن تزكى , وأهديك إلى ربك فتخشى), إذاً غاية الدعوة التزكية, وثمرتها الخشية ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ), إذا أردت أن تقيس حالك فانظر خشية الله في قلبك. العالمون بالله حقاً هم أهل الخشية. لا تنظر إلى ما عندك من كتب, ودفاتر, بل انظر إلى ما في قلبك, فإن كان قلبك مخبتاً، خاشعاً لله عز وجل, فأنت من أهل العلم؛ لأن الخشية ثمرة هذا العلم. وإلا لا فائدة من كثرة المرويات, والمحفوظات، مع قسوة في القلب. وليس في هذا تقليل من أهمية التحصيل, ولكن على طالب العلم أن يوظف علمه في خشية الله, فإن العلم النافع، هو الذي يورث الخشية .
الفائدة التاسعة : تأييد الله تعالى لأنبيائه بالآيات, التي يسميها بعض العلماء المعجزات. فلما علم الله تعالى، أن من الناس من لا يستجيب إلا بآية ظاهرة، خارقة للعادة, أجرى على أيدي رسله هذه الآيات , ولم يكلهم فقط إلى مضمون الدعوة, بل نوَّع دلائل النبوة. وأعظم الأنبياء آية هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الصحيح ( ما من نبي إلا وقد أتاه الله من الآيات ما على مثله يؤمن البشر , وإنما كان الذي أوتيته قرآن يتلى ), فأعظم آيات نبينا، صلى الله عليه وسلم،القرآن العظيم, آية خالدة , وها نحن نقرأ هذه الآيات العظيمة فنعجب، وننبهر، ونندهش من تأثيرها, ومعانيها, وحكمها.
الفائدة العاشرة : غلظ كفر فرعون, وشدة عناده. ولا يعلم أحد من البشر اشتهر بإنكار الربوبية مثل فرعون, فإنه أنكر ربوبية الله، وادعاها لنفسه, أنكرها بقوله : (وما رب العالمين), وادعاها لنفسه في قوله: (أنا ربكم الأعلى) , فلذلك صار مضرب المثل في الكفر، الجبروت، والإلحاد .
الفائدة الحادية عشرة : شدة أخذ الله للظالم الطاغي, ( إن أخذه أليم شديد).
الفائدة الثانية عشرة : وجوب الاعتبار, والاتعاظ بمصارع الظالمين, ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى).
الفائدة الثالثة عشرة : أن الخشية سبب الانتفاع بالمواعظ, لأن صاحب القلب القاسي مهما رأى, ومهما سمع, ومهما وقع له, مقفل على قلبه, أما صاحب القلب اليقظ الواعي , الذي تسري فيه نسائم الخشية يتأثر, تأمل في حال أهل العلم النافع: ( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً , ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً , ويخرون للأذقان يبكون , ويزيدهم خشوعاً ) , ما الذي أبكاهم ؟ مجرد آيات طرقت أسماعهم , لكن هذه الآيات ليست مجرد حروف معجم، بل حروف ذات معاني , لامست أوتاراً حساسة في قلوبهم, فانفعلت تلك القلوب, وهملت تلك العيون, وخرت تلك الأعضاء خروراً، من أعلى إلى أسفل ( يخرون للأذقان سجداً ) يجعلون أذقانهم في الرغام إجلالاً لله, وخشية له,. وتأمل في حال مؤمني أهل الكتاب: ( وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ), وأخبر الله تعالى عنهم في موضع آخر، فقال : ( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق , يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ). فليحرص كل مؤمن على أن يضمخ قلبه بخشية الله, هذه خشية تلين القلب , وتجعله حسن الاستقبال للمواعظ والعبر, والآيات الكونية والشرعية. نسال الله أن يرزقنا خشيته في السر والعلن .

(4) قال الله تعالى : أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا
(27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا
(30)أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33) فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)
الفوائد :
1- الاستدلال على الأخف بالأشد , وذلك في قوله تعالى : ( أأنتم أشد خلقاً أم السماء).
2- بيان دليل من دلائل البعث، والرد على المنكرين, وذلك في قوله تعالى : (أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها) , فإذا كان الله، سبحانه وتعالى، خلق السموات والأرض على عظمهما, فمن باب أولى، وأحرى أن يعيد خلق الإنسان .
3- بديع خلق السموات والأرض .
4- تسخير الله للمخلوقات؛ متاعاً لبني آدم , كما قال الله تعالى : ( متاعاً لكم ولأنعامكم).
5- أن الأصل في الأشياء الإباحة والحل .

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 صفر 1435هـ/13-12-2013م, 07:11 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سورة عبس
المقطع الأول: عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)
الفوائد المستنبطة :
الأولى : تلطف الله بنبيه صلى الله عليه وسلم، في المعاتبة.
الثانية : تلطف الله بالأعمى، بما يعذره في فعله .
الثالثة : الحرص على التزكية، والتطهر، من الشرك، والمعصية .
الرابعة : فضل التذكر (أو يذكر فتنفعه الذكرى).
الخامسة : ضبط المصالح والمفاسد بالضوابط الشرعية, وتقدير المصلحة والمفسدة بالمعايير الدينية. ويتفرع عن ذلك أن من الناس من يتوسع بما يسمى (مصلحة الدعوة) فربما يتقحم بعض المحظورات باسم مصلحة الدعوة. وهذا ليس إليه , فإن الدعوة ليست ملكاً لأحد، لأن الدعوة لله عز وجل، فلابد أن يدعو العبد إلى ربه، وفق مراده، ووفق شرعه، وألا يقدم، ولا يؤخر، ولا يصطفي، ولا ينحي، بناءا على محض رأيه، وتقديره، بل لابد أن يستنير بنور الله .
السادسة : هوان المستغنين عن الهدى، المعرضين عنه، على الله .
السابعة : أن وظيفة الداعية هي البلاغ، وليس عليه الهدى ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ).
الثامنة : حرص المؤمن على الهدى، والعلم, وسعيه في تحصيلهما.
التاسعة : أن الخشية ثمرة الإيمان الصادق.
العاشرة : بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، وإمكان صدور الخطأ منه. فهو بشر يلحقه ما يلحق البشر في الأمور البدنية، والعملية (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) إلا أنه لا يقر على الخطأ. وهذا هو معنى (العصمة) الحقيقي. بينما آحاد الناس يخطئون، وقد يشعرون، وقد لا يشعرون أما النبي صلى الله عليه وسلم، فإن من عصمة الله له أنه إذا أخطأ، بين له خطئه .
وهذا يرد به على الذين يغالون في وصف النبي صلى الله عليه وسلم، بغير ما وصفه الله تعالى به، فقد قال تعالى لنبيه : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) فأثبت له ذنباً، كم أثبت للمؤمنين وللمؤمنات، وأمره أن يستغفر لنفسه، ولهم. وقد استجاب لأمر ربه، فكان يستغفر الله في المجلس مائة مرة, وقال عن نفسه : (فإني استغفر الله سبعين مرة).

المقطع الثاني: كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)
الفوائد المستنبطة :
الأولى: وصف القرءان بالتذكرة .
الثانية : إثبات مشيئة العباد، وأفعالهم ( فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ), وفي هذا رد على الجبرية الذين يسلبون العبد مشيئته، وفعله. فالعبد له مشيئة حقيقية , لكن مشيئته داخلة تحت مشيئة الله ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ.وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
الثالثة : كرامة كلام الله, وكرامة محله، وحملته.
الرابعة : أن القرآن كلام الله، ليس كلام الملائكة، لقوله ( سفرة ) لوصفهم بالسفارة فمهمتهم النقل فقط. ففيه الرد على المعتزلة الذين قالوا إن القرآن كلام محمد، أو جبريل، وليس كلام الله الصادر منه
الخامسة : إثبات الملائكة، ووصفهم بالكرامة وكثرة البر
السادسة : ذم الكافر الجاحد، والتعجيب من حاله .
السابعة : بيان أصل الإنسان المهين.
الثامنة: بيان فضل الله على الإنسان قدراً، وشرعاً، أما قدراً فلقوله ( مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ , ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ , ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ) , وأما شرعاً فلقوله ( ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَه ُ) على القول إن السبيل المراد به طريق الحق والباطل.

المقطع الثالث: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)
الفوائد المستنبطة :
الأولى : فضيلة التفكر في نعم الله وآلائه , والدعوة إلى ذلك.
الثانية : بديع صنع الله في النفس، والآفاق.
الثالثة : كرم هذه الثمرات، والنباتات, لأن الله تعالى ما خصها بالذكر إلا لمزيد مزيتها.
الرابعة : وجوب شكر المنعم وعبادته ؛ لأنه قال ( مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ).
الخامسة : عظم أمر الساعة، وهول أحوال يوم القيامة.
السادسة : تبرؤ الإنسان من أقرب الناس إليه يوم القيامة.
السابعة : أن الجزاء من جنس العمل.
الثامنة : أن الكفر كفران؛ كفر اعتقادي، وكفر عملي ( أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) لأن الموصوف جمع بين فسادين؛ بين فساد القلب، وفساد العمل, فساد القلب دل عليه وصفها بالكفر، وفساد العمل دل عليه وصفها بالفجور..

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 صفر 1435هـ/13-12-2013م, 07:15 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سورة التكوير
المقطع الأول: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)

هذه السورة العظيمة تهدف إلى ثلاثة أمور :

الأمر الأول : تقرير عقيدة اليوم الآخر .
الأمر الثاني : تقرير أن القرآن كلام الله .
الأمر الثالث : تقرير المسؤولية البشرية .

الفوائد المستنبطة

الفائدة الأولى : بيان هول يوم القيامة.
الفائدة الثانية : بيان عظيم قدرة الله تعالى؛ فهذا الكون المنتظم، الرتيب، بأفلاكه العلوية، ومخلوقاته السفلية، يخلفه الله عز وجل، ويغير نمطه.
الفائدة الثالثة : شناعة جريمة الوئد، حيث خصها الله بالذكر في هذا السياق المليء بالآيات الكونية، والأحداث الكبرى.
الفائدة الرابعة : بيان كمال عدل الله .
الفائدة الخامسة : إثبات الجنة والنار، وأنهما مخلوقتان .
الفائدة السادسة : إقرار المرء بعمله يوم القيامة .

المقطع الثاني :فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)

الفوائد المستنبطة :
الفائدة الأولى : بلاغة القرآن، وقوة تأثيره, تأمل قول الله تعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ. الْجَوَارِ الْكُنَّسِ . وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ . وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ), لا تفي العبارات لتصوير الأثر الذي ينقدح بالنفس، من هذه الجمل الرصينة المؤثرة , فهذا مظهر لبلاغة القرآن وجزالته، لاسيما القرآن المكي .
الفائدة الثانية : إقسام الله بما شاء من مخلوقاته, فلله عز وجل أن يقسم بما شاء من مخلوقاته , لكن ليس للمخلوق أن يقسم إلا بالله عز وجل , فمن حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك .
الفائدة الثالثة: التنبيه على أن مهمة جبريل، عليه السلام، هي البلاغ ، أخذاً من قوله : ( رسول).
الفائدة الرابعة : شرف جبريل، عليه السلام، وفضله على سائر الملائكة, حيث وصفه الله بأنه " كريم " وأنه " مطاع " وأنه " أمين " .
الفائدة الخامسة : تبرئة النبي صلى الله عليه وسلم مما نبزه به المشركون بالجنون .
الفائدة السادسة : وفور عقل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن نفي الله تعالى عن نبيه الجنون يتضمن إثبات كمال ضده , فليس المقصود فقط أنه ليس بمجنون، وحسب, بل ليس بمجنون، وفوق ذلك هو وافر العقل، والرأي، والرشد .
الفائدة السابعة : ثبوت اللقيا بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبين جبريل، عليه السلام، واتصال سنده برب العالمين، لقوله : (ولقد رآه بالأفق المبين).
الفائدة الثامنة : الشهادة الربانية للنبي صلى الله عليه وسلم،بكمال البلاغ, لقوله تعالى : ( وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ).
الفائدة التاسعة : عصمة الوحي من إلقاء الشياطين، وتلبيسهم, لقول الله تعالى : ( وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ).
الفائدة العاشرة : عموم دين الإسلام للعالمين, لقوله تعالى :( إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ).
الفائدة الحادية عشرة : كون القرآن ذكراً، يرفع الجهل والغفلة, لقوله : ( إن هو إلا ذكر للعالمين).
الفائدة الثانية عشرة : إثبات مشيئة العباد وأفعالهم , لقوله تعالى : (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ).
الفائدة الثالثة عشرة : الرد على الجبرية الذين ينكرون مشيئة العباد .
الفائدة الرابعة عشرة : أن التزام الدين استقامة، وتركه اعوجاج , لقوله تعالى : (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) ,
فالمعيار في الاستقامة: موافقة الشرع، والوحي,
والمعيار في الوسطية: موافقة الشرع والوحي. وتجد بعض الناس يصنف الآخرين على ما يحلو له؛ فيقول: فلان متشدد ، وفلان متساهل ، وفلان متوسط بناءً على معيار غير دقيق, فإذا رأى من يلتزم بالسنن، ويحافظ على هدي النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه: فلان متشدد, سبحان الله !
هذا ليس معياراً صحيحاً ؟ بل هذا انحراف, فالمستقيم حقاً, والمتوسط حقاً، هو من وافق هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإن زاد فهو متشدد , وإن نقص فهو مفرط .
الفائدة الخامسة عشرة: إثبات عموم مشيئة الله تعالى, لقوله تعالى :( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
الفائدة السادسة عشرة: الرد على القدرية, فإن غلاة القدرية، ينكرون مراتب القدر الأربع كلها، فيقولون لم يعلم، ولم يكتب، ولم يشأ، ولم يخلق أفعال العباد! ومقتصدوهم، وهم المعتزلة، قالوا: علم، وكتب, لكن لم يشأ، ولم يخلق!
الفائدة السابعة عشرة : أنه لا تنافي بين إثبات المشيئتين , لأن مشيئة الله شاملة لمشيئة العبد. والدليل على ذلك، أن العبد إذا شاء، والرب لم يشأ، لم تقع مشيئة العبد, لقوله تعالى : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ),لكن في نفس الوقت العبد له مشيئة حقيقية , ليس مضطراً, ولا مكرهاً، ولا مجبوراً, على أفعاله الاختيارية، بل يأتي الأشياء، ويذرها بمحض اختياره، وسبق إصراره. وهذا أمر مدرك؛ كل إنسان يجده من نفسه، ويفرق بين أعماله الاضطرارية، وأعماله الاختيارية, ولا ينازع في هذا إلا مخبول. فأنت تفرق بين أن تنزل من السطح إلى الأرض درجة درجة, وبين أن تتدحرج حتى تصل القاع. الأولى اختيارية , والثانية اضطرارية.
الفائدة الثامنة عشرة : كمال عدل الله، وعلمه ؛ لأن إثبات مشيئة الله العامة، تدل على إثبات علمه، لوقوع الأشياء وفق معلومه. وكونه سبحانه أعطى العبد مشيئة، وفعلاً، واختياراً، رتب عليه الثواب، والعقاب، يدل على كمال عدله . والله أعلم .

وبهذا كانت هذه السورة العظيمة قد حققت مقاصدها الجليلة. ومن هذه المقاصد :
1-الإيمان بالساعة واليوم الآخر .
2- الإيمان بالقرآن وأنه كلام الله المنزل من عنده .
3- الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
4- إثبات مشيئة العباد وأفعالهم التي يتعلق بها الثواب والعقاب

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10 صفر 1435هـ/13-12-2013م, 07:40 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سورة الانفطار
إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)

الفوائد المستنبطة

الفائدة الأولى : بيان أهوال يوم القيامة.
الفائدة الثانية : إثبات البعث من قوله (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ).
الفائدة الثالثة : إقرار الإنسان بعمله يوم القيامة (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ).
الفائدة الرابعة : وقوع الكافر في الغرور (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ).
الفائدة الخامسة : أن العبادة هي مقتضى الربوبية.
الفائدة السادسة: بديع صنع الله في الإنسان .
الفائدة السابعة : ذم منكري البعث لقوله: (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ).
الفائدة الثامنة: الإشارة إلى أحد دلائل البعث، وهو الدينونة، لأنه يحصل بها إحقاق الحق، وإبطال الباطل, والله تعالى قد خلق السموات والأرض بالحق، فليس من الحق أن يموت الظالم على ظلمه ، والمظلوم على مظلمته ، والمحسن على إحسانه دون ثواب ، والمسيء على إساءته دون عقاب, فلهذا كان الجزاء من دلائل البعث .
الفائدة التاسعة : الإيمان بالملائكة الكرام , وهو أصل من أصول الإيمان.
الفائدة العاشرة : خلود النار، ودوام العذاب على أهلها، من قوله (وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ).
الفائدة الحادية عشر: بطلان الشرك، وكل تعلق بغير الله, وهذا يؤخذ من الجملة الأخيرة من قول الله عز وجل: (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ), ومن تعلق بغير الله وكل إليه, فكل من تعلق بسبب فإنه ينقطع, إلا ما كان سبباً إلى الله عز وجل؛ من خوف , أو رجاء , أو محبة , أو توكل , أو نحو ذلك .

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 10 صفر 1435هـ/13-12-2013م, 08:15 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سورة المطففين
المقطع الأول:
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْأَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)
الفوائد المستنبطة
الفائدة الأولى : ذم التطفيف، وتوعد فاعليه
الفائدة الثانية : منافاته للعدل والإنصاف
الفائدة الثالثة: التهديد، والموعظة باليوم الآخر
الفائدة الرابعة: إثبات البعث والقيامة الكبرى
الفائدة الخامسة: ربوبية الله العامة (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ). فالربوبية نوعان : الربوبية عامة: وهي التي تشمل جميع الخلق (الْعَالَمِينَ)، لأن (عَالَمِينَ) جمع عالم وهو كل من سوى الله من إنس, أو جن, أو طير, أو وحش, أو ملك. فالربوبية العامة معناها أن الله سبحانه وتعالى خلقهم، ورزقهم، ودبر أمورهم.
وأما الربوبية الخاصة: فهي ربوبيته سبحانه وتعالى لأوليائه المؤمنين، وذلك باللطف بهم، وتيسير أمورهم، وحفظهم في دينهم، ودنياهم,ويمكن أن نضيف ربوبية خاصة الخاصة: وهي ربوبيته للأنبياء والمرسلين، وأخصهم نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن ربوبيته لهم أخص ما يكون..
المقطع الثاني:
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)
الفوائد المستنبطة :
الفائدة الأولى: إثبات القدر السابق, وذلك في قوله تعالى : ( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ) فهو كتاب مفروغ منه؛ لأن الله وصفه بأنه مختوم.
الفائدة الثانية: النكير على المكذبين بالبعث.
الفائدة الثالثة: تلازم صفات السوء,فهؤلاء جمعوا أوصافاً سيئة متلازمة؛ وهي الفجور, والتكذيب, والعدوان, والإثم, فأوصاف السوء يمسك بعضها برقاب بعض.
الفائدة الرابعة :تأثير الكسب الحرام على القلب
الفائدة الخامسة: شدة عقوبة الكافرين الحسية والمعنوية .
المقطع الثالث :
(كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)
الفوائد المستنبطة :
الفائدة الأولى: الثناء على أهل الإيمان والخير.
الفائدة الثانية: إثبات الملائكة (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ).
الفائدة الثالثة : إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الجنة (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ) ووجه الاستنباط ما ذكره الشافعي: لما حجب أولئك في السخط، نظر هؤلاء في الرضا.
الفائدة الرابعة : عظم نعيم المؤمنين حسياً،ومعنوياً.
الفائدة الخامسة : التحريض على التنافس في الطاعات.
الفائدة االسادسة : تفاوت درجات أهل الجنة؛ لأنه قال (المقربون)، فثمَّ مقربون, وثم دون ذلك، كما ذكر ذلك مفصلاً في سورة (الواقعة).
المقطع الأخير
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)
الفوائد المستنبطة :
الفائدة الأولى: أذية المجرمين للمؤمنين بالقول والعمل, الفائدة السابعة عشر:الحرب النفسية للصد عن سبيل الله,فإن الحرب حربان حرب حسية, وحرب معنوية أو نفسية, فعلى المؤمن أن يتهيأ لمثل هذا وأن يتجبر بالله ويعتصم به.
الفائدة الثانية: التشويه الإعلامي للحق، وأهله، ودعاته.
الفائدة الثالثة : اشتغال الكفار بما لا يعنيهم, وإفناء أعمارهم بما يرديهم.
الفائدة الرابعة : العاقبة للتقوى.
الفائدة الخامسة : تسلية المؤمنين وطمأنتهم .
الفائدة السادسة : أن الجزاء من جنس العمل .

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 3 جمادى الأولى 1435هـ/4-03-2014م, 07:36 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

سورة الشرح ..
-----------------------------------------------
* سورة الضحى والشرح بينهما ارتباط وثيق جدا ..
فالضحى تتحدث عن النعم الحسيةللنبي صلى الله عليه وسلم ، والشرح تتحدث
عن النعم المعنوية له ..
والمتدبّر لمناسبة مجيء سورة الشرح بعد " الضحى " ينكشف لهُ كثير من المعاني المقررة
في السورة ، و منها ما في قوله تعالى :
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا .
فمجموع السورتين يعطيان مثالاً حياً لتقرير هذه السُّنَّة .
فسورة " الضحى " تُمثِّلُ جوانب العسر التي عانها نبيُّنا عليه الصلاة و السَّلام ؛
ليعقبها جوانب اليسر في " الشرح " حتى إذا انتهى المثل ، يأتي التعقيب بأن مجيء اليسر
بعد العسر سُنَّة لا تتخلَّف .

* سورة الشرح وربما سميت أيضاً بسورة الانشراح ، وربما سُميت سورة
أَلَمْ نَشْرَحْ .
من حيث النزول :
هذه السورة سورة مكية ، وعلى ما سبق يكون نزولها قبل هجرة النبي عليه الصلاة والسلام .
* نوع الاستفهام في قوله تعالى : أَلَمْ نَشْرَحْ .
استفهام تقريري الغرض منه التأكيد ، يعني : قد شرحنا لك صدرك .
معنى الشرح ، الآية تحتمل المعنيين :
- تحتمل الشرح الحسي الذي كان بشق الصدر ، حينما شقه جبريل وأخرج
من قلبه حظ الشيطان وملأ قلبه العلم والحكمة ، على ما ثبت في الحديث .
- وتحتمل الشرح المعنوي الذي كان بانبساطه وسعته وما أشبه ذلك ،فلقد
كان أوسع الناس صدراً عليه الصلاة والسلام مع أنه يأتيه ما يأتيه من المضايقات، ومن المصائب ومن الأمور التي لا يصبر عليها إلا من صبّره الله سبحانه وتعالى عليها .
وشرح الصدر نعمة كبرى ،إذا مَنَّ الله تعالى به على العبد ، لأنه إذا انشرح صدره : فسوف يجد
إقبالاً على طاعة الله عز وجل ، وسوف يجد إقبالاً على مصالحه الدنيوية يقضيها بيسر وسهولة
وعدم كلفة .
وشرح الصدر له أسباب :
فأعظمها كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى : توحيد الله عز وجل .
كلما عَظُمَ التوحيد زاد الانشراح والانبساط .
* اللام في قوله تعالى : لَكَ .
في الآية الأولى والرابعة لام التعليل فتفيد تكريم النبي صلى الله عليه وسلم
بأن الله فعل ذلك لأجله ، وجاءت الضمائر المضافة إلى الله بصيغة التعظيم في
قوله تعالى : وَوَضَعْنَا وَرَفَعْنَا .
ونستفيد منها تشريف الله تعالى للرسول محمد صلى الله عليه وسلم وتكريمه له ، وفيها إرجاع
الفضل والمنة الى الله ، وفيها إشارة إلى بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم وبيان أن العزة لله
يذل من يشاء ويعز من يشاء سبحانه .
* قوله : وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ .
هذه الآية هي قريبة من قوله تعالى : لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ .
الآية تدل بوضوح أن له وزراً عليه الصلاة والسلام وهو بشر ليس بِمَلَك،
بل هو بَشَر مُكلف ربما وقع في شيء من الإثم .
ولكن قوله : الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ
هذا لعظم مقام الله سبحانه وتعالى في قلبه صار الذنب الذي يهون على غيره يعظم عنده عليه
الصلاة والسلام ، فلا يُفهم من الآية أن له ذنوباً كبائر – وتنوع في معاصي وتخبط في محارم -
ليس كذلك .إنما : لما كان مقام الله تعالى عظيماً في قلبه كان الذنب الذي يستهين به غيره كان عظيماً عنده عليه الصلاة والسلام .
فنقول: يعْظُمُ الذنب بمقدار عظم الله سبحانه وتعالى في قلب العبد ..
* عن حفص بن حميد قال : قال لي زياد بن حدير : اقرأ عليَّ ، فقرأتُ عليه :
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) .
فقال : يا بنَ أُمِّ زياد ، أنقضَ ظهرَ رسولِ الله ؟!!!
أي : إذا كان الوزرُ أنقضَ ظهرَ الرسولِ فكيفَ بك ؟!! فجعلَ يبكي كما يبكي الصبيُّ [ حلية الأولياء 4 / 197 ] .
فالمؤمن المتقي يرى ذنوبه كالجبال التي توشك أن تقع عليه .
أما المتساهل والمنافق فكيف يرى ذنوبه؟
كالذباب الذي وقع على أنفه فقال به هكذا ثم طار !!
* قولُهُ تعالى : وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
قال قتادة : رفع اللهُ ذِكْرَهُ في الدُّنيا والآخرة ، فليس خطيب و لا نتشهد و لا صاحب صلاة إلا
ينادي : أشهدُ ألا إله إلا اللهُ ، و أشهدُ أن محمداً رسولُ !!!
فلا نحتاج بعد ذلك إلى إحياء ذكر نبينا بالمولد ولا غيره لأن الله تكفل برفع ذكر نبينا ، فنكتفي بما
شرع الله لنا .
* اعلم أن : رفع الذكر ليس بالأمر الهين ، بل هو نعمة يَمُنُّ الله تعالى بها على عبده ،
وإياك أن تستخف برفع الذكر وتقول: لا يهمني هذا أهم شيء ما يكون بيني وبين الله .
نقول : نعم ؛ أهم شيء ما يكون بينك وبين الله، ولكن الذكر الحسن والسمعة الطيبة للإنسان
في حياته أو بعد مماته ، هذه كما يقول القائلُ : عمرٌ ثانٍ، يمتد عمرك ثانية بهذا الذكر الذي
يهيئه الله تعالى لك.
دعا أبونا إبراهيم عليه السلام في دعواته في سورة الشعراء : وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ
يعني اجعل لي لساناً يذكرونني فيه في الآخرين ، فاستجاب الله دعوته فصار ذكره مشهوراً مُسطراً ومقولاً .
* لو تفحصنا العسر في الآية الكريمة لوجدناه معرفاً بأل التعريف الْعُسْرِ .وتكرر معرفاً بهذه الصيغة مَعَ الْعُسْرِ .
وهذا يدل على أنه واحد ، بينما ورد اليسر في الآية الكريمة منكراً فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ، وتكرر
منكراً أيضاً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ، وهو دلالة واضحة على أنه مكرر بمعنى أنه يسر غير اليسر
الأول .
وفي هذا لا أبلغ ولا أوقع من أن نعود لقول ابن مسعود رضي الله عنه في هذا السياق القرآني
المبارك : فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا .
يقول عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه :[ لو كان العسر في جحر ضب لدخل عليه
اليسر وأخرجه لن يغلب عسرٌ يسرين ] .
* من خلال التدبر والتفكر والتأمل نجد أن الصبر والتقوى والتوكل والدعاء والاستغفار هي
الركائز الأساسية لجلب اليسر بإذن الله تعالى.
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [ الأنفال : 29] .
وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)[ إبراهيم : 12]
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ[ النمل : 62] .
* قوله : فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
آية عظيمة في الجِدِّ وعدم إضاعة الوقت .
فحريٌ بكل مسلم أن يتمثلها وطالب العلم بالدرجة الأولى ، أن يكون متمثلاً بالآية الكريمة فلا
تضيع عليه الأوقات هنا وهناك في أشياء لا يستفيد منها ، بل عليه إذا فرغ من عمل يرجو نفعه
أن ينصب في العمل الآخر ، لأن الأوقات سريعة ، والفرص لا تتكرر .
* الحكمة في تقديم الجار والمجرور وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ .
لإفادة الحصر من أن جميع الأمور والعبادات ينبغي أن تكون رغبتنا وقت أدائها رضا الله عنا
وأن تكون لوجه الله تعالى وهنا بيان أهمية الإخلاص عند أداء العبادات .
فـ إِلَى تفيد الغاية ،بحيث تجعل مطلوباتك تنتهي إلى الله عز وجل لا إلى غيره.
وتكون عُلْقَتُك التامة بربك عز وجل .
* هذه السورة وإن كانت في خطاباتها موجهة بضمير الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام
ولكن هي لكل أحد ، لأن القرآن للناس، وهدىً للمؤمنين، وهدىً للمتقين، فهي سورة عظيمة ..
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وهمومنا ..
_______________________________________
المصدر : تأملات منتقاة من كتب التفاسير ومواقع دينية موثوقة.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 3 جمادى الأولى 1435هـ/4-03-2014م, 07:54 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

سورة الزلزلة :

الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد :
ذكر السيوطي أن سورة الزلزلة من السور التي صحت الأحاديث في فضلها ، ومن تلك الأحاديث ما رواه عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال :
أتى رجلٌ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقالَ : أقرِئني يا رسولَ اللَّهِ ، قالَ لَهُ : اقرَأ ثلاثًا من ذاتِ الر ، فقالَ الرَّجلُ : كبِرَت سنِّي ، واشتدَّ قلبي ، وغلُظَ لساني ، قالَ : فاقرأ مِن ذاتِ حم فقالَ : مِثلَ مقالتِهِ الأولى ، فقالَ : اقرأ ثلاثًا منَ المسبِّحاتِ ، فقالَ : مِثلَ مقالتِهِ ، فقالَ الرَّجلُ : ولَكِن أقرئني يا رسولَ اللَّهِ سورةً جامعةً فأقرأَهُ : إذا زُلْزِلَتِ الأرضُ حتَّى إذا فرغَ منها قالَ الرَّجلُ : والَّذي بعثَكَ بالحقِّ ، لا أزيدُ عليها أبدًا ، ثمَّ أدبرَ الرَّجلُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : أفلحَ الرُّوَيْجلُ ..... الحديث(1)

وقوله ( أقرئني سورة جامعة ) يعنى : سورة جامعة لأنواع الخير ومختصرة ليسهل عليه حفظها .
وقوله : فأقرأه : (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ) أي سورة إذا زلزلت ،
وكانت هذه السورة جامعة لأن أحكام القرآن تنقسم إلى أحكام الدنيا وأحكام الآخرة ،
وهذه السورة تشتمل على أحكام الآخرة إجمالاً .


* بدأ ربنا جل جلاله هذه السورة بالحديث عن واحد من أهوال يوم القيامة،
يقول الله عز وجل: (إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا)[الزلزلة:1].
هذه الجملة شرطية، أداة الشرط (إذا).
وفعل الشرط ( زلزلت) .
وجواب الشرط في قول الله تعالى: (تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) [الزلزلة:4]
يعني: فصل ربنا بين فعل الشرط وجوابه بفاصل طويل .
قال تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) [الزلزلة:1-4].
يقول العلامة ابن عاشور رحمه الله: والفصل بين فعل الشرط وجوابه بهذا الطول؛ من أجل التشويق لمعرفة جواب الشرط .

* الزلزلة: على وزن فعللة ،
هذا البناء في كلام العرب يدل على حركة واضطراب، ومنه قولهم: قلقلة، ونحو ذلك ..
قوله: (( إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ ))
أي: حركت حركة عنيفة، وماجت واضطربت، وتمور الأرض موراً، هذا الهول كرره ربنا في بعض آياته، كقوله في صدر سورة الحج: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) [الحج:1]

² اختلف العلماء متى تكون هذه الزلزلة ؟..
والقول الراجح بأن هذه الزلزلة تكون في القيامة.
²(وأخرجت الأرض أثقالها) روى مسلم في صحيحِه من حديث أبِي هريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((تقيء الأرضُ أفلاذ كبدها، أمثال الأسطوان من الذَّهب والفضَّة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قتلْتُ، ويَجيء القاطع فيقول: في هذا قَطعتُ رحِمي، ويجيء السَّارق فيقول: في هذا قُطعت يدي، ثمَّ يدَعونه فلا يأخذون منْه شيئًا)).

²( وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا ) [الزلزلة:3].
ويمكن أن يقال: لفظ الإنسان ها هنا من العام المخصوص والمركب.
أي: الإنسان الكافر،
أما المؤمن فإنه إذا شاهد هذا الهول يقول: (هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [يس:52]؛ لأنه كان ينتظر ذلك اليوم ويحسب له حساباً.
²(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا)[الزلزلة:4].
وقال ابن عبَّاس: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾، قال: قال ربُّها: قولي؛ أي: تكلَّمي بما حصل عليك
من خير أو شر ..
وجاء في الحديث الذي رواه الترمذي وقال: حسن صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتدرون ما أخبارها؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال:
أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل كذا وكذا فهذه أخبارها) ..

روى البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخُدْري - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: (لا يسمع صوتَ المؤذّن جنٌّ ولا إنس ولا شيء إلاَّ شهِد له يوم القيامة) .
والواجب أيها الإخوان! أن نستحضر هذه الآية دائماً، وذلك بأن نعلم أن الأرض التي نمشي عليها ونقف فوقها ستشهد لنا أو علينا، ستشهد بأن فلاناً قد سجد، وستشهد بأن فلاناً قد جلس فقرأ قرآناً، وأن فلاناً قد جلس فأمر بمعروف أو نهى عن منكر، وستشهد بأن فلاناً جلس عليها فشرب خمراً، وأن فلاناً قد جلس عليها ففعل فاحشة، وأن فلاناً قد وقف عليها يحارب الله ورسوله، ويستهزئ بالشريعة !!..
ولذلك يقول الله عز وجل: ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ) [الدخان:29]
قال علي رضي الله عنه: (إذا مات المؤمن بكى عليه موضع سجوده في الأرض، وموضع صعود عمله الصالح في السماء) .

² (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) [الزلزلة:5].
الباء هنا باء السببية، أي: بسبب أن ربك أوحى لها أمرها، أذن لها بأن تتزلزل، والأرض مطيعة، كما قال الله عز وجل: ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت:11] أي: أوحى لها فأطاعت.
²(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ) [الزلزلة:6].
الصدور ضد الورود،
فالورود هو القدوم،
والصدور هو الرجوع،
ولذلك عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لما كان في طريقه إلى مؤتة خرج المسلمون يودعونه، قالوا له: (يا ابن رواحة ! ردك الله سالماً، فبكى رضي الله عنه وقيل له: ما يبكيك، أتبكي خوف القتل؟
قال: لا والله! لكنني تذكرت آية من كتاب الله: ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا )[مريم:71] فلم أدر كيف الصدور بعد الورود؟!)..
فقوله: ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ ) أي: يرجعون بعدما حشروا.
( أَشْتَاتًا )[الزلزلة:6]
واحدها شت، بفتح الشين وتشديد التاء، أي: يصدرون أنواعاً وأصنافاً، كما قال الله عز وجل: ( يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ )[الروم:14]،
وقال الله عز وجل: ( يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ )[الروم:43]، فمنهم من هو صادر إلى الجنة، ومنهم من هو صادر إلى النار .. ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ) [مريم :86]
قوله: ( لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ )
فمنهم من هو آخذ كتابه بيمينه، ومنهم من هو آخذ كتابه بشماله من وراء ظهره .

²(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) [الزلزلة:7-8].
يقول الله عز وجل: ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء:47]،
وقال سبحانه: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء:40]
يقول المفسرون رحمهم الله في مقدار الذرة: هي نملة حمراء صغيرة لا تكاد ترى، وقال بعض أهل اللغة: الذرة أن تضرب بيدك على الأرض، فما علق بها من الرمل الصغار تسمى واحدتها ذرة .
ومن المعلوم أن من عمل ولو أدنى من الذرة فإنه سوف يجده، لكن لما كانت الذرة مضرب المثل في القلة
قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما في القرآن آية أحكم منها أي: من قوله تعالى: ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)[الزلزلة: 7]
وقال كعب الأحبار رضي الله عنه: لقد أنزل الله في القرآن آية جمعت ما في التوراة والإنجيل والزبور، وقرأ هذه الآية:
( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه)[الزلزلة:7-8]. وفسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : روى البُخاري ومسلم في صحيحَيْهما من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: (الخيل لثلاثةٍ: لرجُلٍ أجْرٌ، ولرجُل ستر، وعلى رجُل وزر) ، ثمَّ سُئِل في آخِر الحديث عن الحمر، قال: (ما أنزل الله عليَّ فيها إلاَّ هذه الآية الفاذَّة الجامعة: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) .
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عائشة - رضي الله عنْها - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: (يا عائشة، إيَّاك ومحقَّرات الذنوب، فإنَّ لها من الله - عزَّ وجلَّ - طالبًا) .
وكذلك الخير لا يحقر المسلم منه شيئًا، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي ذرّ - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ( لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجْه طلق) .
نسأل الله أن يعيننا على أهوال ذلك اليوم العظيم وأن يجعلنا فيه ممن يؤتى كتابه بيمينه .. آمين ..
__________________________
المصدر : تأملات منتقاة من كتب التفاسير ومواقع دينية موثوقة.
1) الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 10/81
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وضعفه الألباني - المصدر: ضعيف أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1399خلاصة حكم المحدث: ضعيف


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 3 جمادى الأولى 1435هـ/4-03-2014م, 08:26 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــورة البينــــــــة

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
* موضوع السورة:
موضوع سورة البينة : في تأسيس التوحيد وتقرير العبودية لله تعالى وإخلاص العمل له .
* روى الإمام أحمد والشيخان البخاري و مسلم من حديث أبي حبة البدري الأنصاري رضي الله عنه:
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب : يا أبي ! إن الله تعالى أمرني أن أقرأ عليك سورة البينة، فقال أبي رضي الله عنه : وقد سماني لك يا رسول الله ؟! قال: نعم ، فبكى أبي رضي الله عنه ..
قال له بعض الصحابة : أفرحت يا أبا المنذر ! قال : ومالي لا أفرح والله عز وجل قد قال :
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58].
قال الإمام القرطبي رحمه الله:
وإنما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أبي ؛ ليعلم الناس التواضع ، ولئلا يأنف العالم عن القراءة على من هو دونه، أو أقل منه .
وقال العلامة العثيمين رحمه الله :
أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ سورة البينة على أبي بن كعب رضي الله عنه ، وذكر هذه السورة بخصوصها لأن أبيا رضي الله عنه كان من أهل الكتاب أولا ، فأراد الله من قراءة نبيه عليه أن يبين حال أهل الكتاب ، وما منَّ الله به على أبي حيث أسلم حين جاءته البينة .


* ذكر المفسرون لسورة البينة ستة أسماء فسموها :
البينة ، والقيمة ، وأهل الكتاب ، ولم يكن ، والانفكاك ، والبرية ..
وهذه كلها من أسمائها، ونحن نعرف من علوم القرآن أن بعض السور لها أكثر من اسم .ولينظر هذا البحث في تسمية سورة القرآن (1)
( من أهل الكتاب) من لبيان الجنس وليست تبعيضية والمعنى : لم يكن الذين كفروا سواء كانوا من أهل الكتاب أو من المشركين ..
ولذلك من الخطأ وقوف البعض عند قوله تعالى ( أهل الكتاب) .فيقرأ ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) فيقف . ثم يستأنف ( والمشركين منفكين) فهذا يفسد المعنى ..
وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، باعتبار أن أصل دينيهما كتاب سماوي: التوراة ، والإنجيل ،
أما المشركون فيدخل فيهم عبدة الأوثان، وعبدة النيران، وعبدة الكواكب والنجوم من العرب وغيرهم .
الكفر اسم جنس يجمع أهل الكتاب مع المشركين ، كما قال الله عز وجل في سورة التوبة :
يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة:30].
قوله: ( مُنفَكِّينَ ) مأخوذة من الانفكاك وهو فصل الشيء عن الآخر .
أي : لم يكونوا مزايلين و مباينين وتاركين ما هم عليه من الكفر ( حتى تأتيهم البينة) حتى غائية وليست تعليلية والبينة هي: كل ما أقيم لإظهار الحق ، وهو الرسول كما بينته الآية التي بعدها .


*( رسول من الله )
وأضاف الرسول هنا إليه – عز وجل – لشرفه ، لأن :( النسبة إلى الشريف يَشرُف بها الإنسان )
أما صفات هذا الرسول ، فقال: ( يتلو صحفاً مطهرة ) .
* قوله : ( صحفا ) هو القرآن وسمي بذلك لأنه مكتوب في الملأ الأعلى في صحف
( مطهرة ) أي: مطهرة من الشك والريبة والباطل والنقص والخلل، ومطهرة من أن تتضارب وتتناقض، ومطهرة من الشرك والكفر.
قوله تعالى: فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ [البينة:3].
قال بعض أهل العلم :
الكتب هي القرآن ، وسمي كتباً باعتباره سوراً وباعتباره موضوعات فيها هذه الأحكام، وهذه القصص، وهذه العقائد، ونحو ذلك. وقال بعض أهل التفسير: بل الكتب القيمة المقصود بها ما كان قبل القرآن ، وكل ما فيها من علوم ومعارف أودعها الله في القرآن ، وهذا هو منطوق القرآن ، يقول الله عز و جل : شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ .
ومعنى قيمة في غاية الاستقامة والعدل .


*قال الله تعالى : وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة:4].
لقد تفرق أهل الكتاب واختلفوا، وتفرق المشركون أيضاً، فمرة يقولون: ساحر، ومرة : كاهن ، ومرة : مجنون ، ومرة : شاعر ، ومرة : يكتب أساطير الأولين ، و مرة : إنما يعلمه بشر.
يقول الله عز و جل : قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ [الذاريات:10] ، أي : الكذابون .
وقال : إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ[الذاريات:8] أي : كل يوم عندكم كلام يختلف عن الذي قبله .
والاختلاف والتنازع يردان في القرآن على سبيل الذم ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ) .
وقد خصَّ الله أهل الكتاب بالذكر في قوله : وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة:4] .
قال أبو السعود رحمه الله في تفسيره :
قصد الآية التشنيع على كلام مسوق لغاية تشنيع أهل الكتاب خاصة ، أي : لأن عندهم كتباً ،
وقد ذُكر رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه ، وصفته ، ومولده ، ومهاجره .
وقد قال الله عز وجل : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [البقرة:146] .
وقال عيسى عليه السلام :وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف:6] ،
فكان الواجب عليهم ألا يختلفوا ، لكنهم عياذاً بالله ما تفرقوا جهلاً ، وإنما عمداً .
والأشياء التي جعلها الله تعالى ارهاصات وتقدمات بين يدي هذا الرسول كلها تعينهم على قبول هذا الحق, وعلى الدخول في الدين.. لكن الذي حصل عكس ذلك..
( وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة )
كانوا قبل ذلك.. غير متفرقين, كانوا مجتمعين ينتظرون هذا الرسول, وكانوا يفتخرون بانتظاره, وكانوا يستفتحون به على الذين كفروا, وكانوا يتوعدون به – أيضاً – أعداءهم ..
لكن :
الذي حصل ما قال الله تعالى به هنا: إنهم ما تفرقوا إلا من بعد ما جاءتهم البيّنة .
إذاً.. الخير الذي بُعث لهم زادهم شرّاً, وزادهم كفراً إلى كفرهم, وهذه أيها الأخوة :
من المصائب والنوازل أن الخير يكون شرّاً على بعض الناس, وأن الهُدى يكون عمىً على آخرين .
الخير لا يأتِ إلا بخير في الغالب .لكن إذا وافق غير محل فإن ؛ الخير يكون شرّاً لأصحابه .

* ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) أي: عبادة لا يخالطها شرك ، ولا رياء ، حنفاء مائلين عن الشرك إلى التوحيد، وعن الضلال إلى الهدى.
والحنيفية :
هي دين إبراهيم عليه السلام، أساسها التوحيد: لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله.
قوله : ( حُنَفَاءَ ) أي: حنفاء لا يعبدون أحباراً ولا رهباناً. قوله : وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ [ البينة:5] .
هذه في دين كل نبي ، ولذلك أثنى الله على إسماعيل بقوله :
إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ
مَرْضِيًّا [مريم:54-55] .
وأثنى الله عز وجل على غيره من الأنبياء ، بل على أهل الكتاب عموماً فقال : لَيْسُوا سَوَاءً
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ [آل عمران:113]

فالصلاة والزكاة أساس في جميع الشرائع والأديان.
قوله : وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5]
أي: هذا هو الدين المستقيم الذي لا عوج فيه ولا ميل ولا انحراف.
ثم خصّ من العمل , عملين :
- خص إقامة الصلاة ؛ لأنها العلاقة بين الإنسان وربه.
- وخص ايتاء الزكاة ؛ لأن بها العلاقة بينه وبين خلق الله عز وجل .
يستفاد من قوله تعالى : إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين
يُستفاد أن الإخلاص في العمل سببٌ لعدم الفُرْقَة .

وهذه الفائدة نفيسة لو تأملتها .
لأن المُخِلص يريد ما عند الله – عز وجل –
والمخلص الثاني يريد ما عند الله عز وجل, والثالث وهكذا..
إذاً لن يَدُبَّ بينهم خلاف .
فالجميع سوف يكونون متوجهين إلى ربّ واحد, إلى خالق واحد..
فالإخلاص : سبب في دفع الفرقة والشقاق والخصام .
إذاً.. إذا دبّ خصام وشقاق وسوء تفاهم بين العاملين في أيّ مجال هم فيه .فاعلم أن هذا يُؤشر إلى شيء في اخلاصهم فلينتبهوا لذلك .



* قال الله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6].
أي : هم في النار ولا أمل لهم في الخروج،
روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي أو نصراي ثم لا يؤمن بي إلا أكبه الله على وجهه في النار) خالداً مخلداً، يبقى فيها لا يخرج منها أبداً .
أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6].
وفي بعض القراءات : أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّئةِ من البرء أي: الخلق ، أولئك هم شر الخليقة ، شر من الدواب والكلاب ، والخنازير ، والثعابين .
قال الله عز وجل :إِنّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ [الأنفال:22] .
وقال سبحانه : إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنفال:55].


* قوله تعالى : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريّة
ذكر الله تعالى وصفهم , قبل أن يذكر جزاءهم لأنه في الأول ذكر الجزاء ثم ذكر الوصف .
وهنا ذكر الوصف وأخرّ الجزاء, ليُبيّن أنهم إنما أخذوا الجزاء بهذا الوصف الذي هو من صفاتهم .
أي: هم خير خلق الله، وهذه الآية استدل بها من يقول: إن المؤمنين أفضل من الملائكة، وهذه المسألة من فضول المسائل التي لا يتعلق بالبحث فيها عمل.
قال تعالى : جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ[البينة:8].
قوله : جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ الله عز وجل يسمي الجنة دار السلام ، ويسميها جنات النعيم ، ويسميها جنات عدن ، وعدن أي : إقامة ، ومنه سمي المعدن معدناً ؛ لأنه مستقر .
يقال : عدن فلان إذا أقام واستقر .
فقوله : جَنَّاتُ عَدْنٍ أي : جنات إقامة أبدية لا يخرجون منها ، ولا ينامون ولا يموتون ولا يسقمون ولا يهرمون .

* خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [البينة:8] .
ورضوان من الله أكبر أي : رضي الله عنهم بأعمالهم .
وَرَضُوا عَنْهُ [البينة:8] ، أي: لما دخلوا الجنة واستقروا فيها رضوا عن الله سبحانه كرضاهم عن الله في الدنيا كما قال أبو قلابة رحمه الله : رضاك عن الله أن تتلقى أوامره من غير ضجر .
وتأبيد الكفار في النار ورد في القرآن ثلاث مرات : في سورة النساء , والأحزاب , والجن .

* ذلك لمن خشي ربهالمسألة مربوطة بسببها .
ذلك الجزاء يناله من خشى ربه والخشية أكمل من الخوف . لأن الخشية مقترنة بالعلم ، وأيضاً نقول:
لأن الخشية خوف وزيادة , لكن:ما هذه الزيادة ؟
الزيادة هي التعظيم .
فالخشية تكون :خوف وزيادة ، والزيادة التي معها هي التعظيم .يعني يُعَظِمون الله عز وجل .

والتعظيم يستدعي العلم لأنك لا تُعَظِم مجهولاً, لا تُعَظِم إلا معلوماً وهو ربك عز وجل .
___________________________________
المصدر : تأملات منتقاة من كتب التفاسير ومواقع دينية موثوقة.
(1) http://www.m.attyyar.net/viewarticle.php?artid=188تسمية سور القرآن

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 3 جمادى الأولى 1435هـ/4-03-2014م, 08:56 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــورة العلــــــق

الحمد لله وحده .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..

^ ثلاث سور هي أول ما أنزل الله عز وجل وهي أركان تربية القرآن للإنسان :
1/ ( سورة اقرأ ) وهي ركن العلم الذي لا حياة ولا نجاة ولا فوز لأحد منا إلا به .
2/ ثم نزلت سورة المدثر، سورة البلاغ والدعوة يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ .
3/ ثم نزلت سورة المزمل ، نزلت لتؤكد على قضية مهمة جدا وهي العبادة .
²²²²²²²²²²²²
× سورة العلق مكية بالإجماع لا خلاف في ذلك.
يقال لها سورة العلق, وربما قيل لها سورة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ .
وربما سميت سورة اقْرَأْ , وكذلك تسمى – وهي قليلة – بسورة القلم, ولكن من سماها سورة القلم يسمي السورة الأخرى التي تسمى بالقلم يسميها نون والقلم, وهذه التسميات الأمر فيها
واسع , إلا أن أشهر الأسامي فيها : سورة العلق .
× نزلت هذه السورة على جزأين:-
الأول:
إلى آخر الآية الخامسة ،إلى قوله تعالى : عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ .
هذا هو أول ما نزل من القرآن على النبي – صلى الله عليه وسلم - .
وبدء الوحي مشهور في ذلك :- فإن النبي – عليه الصلاة والسلام – لما أراد الله تعالى إكرامه بتكليفه بالنبوة ثم الرسالة أرسل إليه جبريل – عليه السلام – في غار حراء ، لما كان يتعبد هناك ، ثم أمر جبريل النبي – عليه الصلاة والسلام – أن يقرأ , ثم قال : ما أنا بقارئ , ثم غطه الغطات الثلاث حتى بلغ منه الجَهْد,ثم أوحى إليه بأول سورة اقرأ ، علمَه الآيات الخمس ، ثم ذهب النبي – عليه الصلاة والسلام – إلى أهله خائفاً وجلاً حتى تتابع عليه الوحي بعد ذلك .
هذا هو نزول أولها.
ثم آخرها نزل بعد ذلك على خلاف في الفترة الزمنية بين أولها وآخرها ، لكن الذي يهمنا أنها لم تنزل مرة واحدة إنما نزل أولها ثم لُحِق آخرها.

²²²²²²²²²²²²
× اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ
هنا أمر له – عليه الصلاة والسلام – بالقراءة ، اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ .
بدأت السورة بأمر الإنسان بالقراءة مما يبين أهمية كرامة الإنسان وعلو شأنه عند خالقه،
فالإنسان المخلوق الوحيد الذي أعطاه الله نعمة القابلية للتعلم والتعليم والتفكير من خلال نعمة العقل، وأعطاه نعمة الإرادة وحرية الاختيار والتمييز، وهو من حمل الأمانة ورضي بها عن باقي المخلوقات، مما يدل على حب الله له وتميزه عن غيره من مخلوقاته ..
وقوله تعالى – هنا – بِاسْمِ الباء هنا للاستعانة يعني ،اقرأ مستعيناً بربك. هذا هو المعنى .
وقال الامام الرازي في تفسيره حول هذه الآية :
[ إن الحكيم سبحانه لما أراد أن يبعثه رسولاً إلى المشركين ، لو قال له :
اقرأ باسم ربك الذي لا شريك له ، لأبوا أن يقبلوا ذلك منه ، لكنه تعالى قدم ذلك مقدمة
تلجئهم إلى الاعتراف به ] .
اقرأ باسم ربك الذي خلق كل شيء .
وهنا قاعدة:-
حذف المعمول هنا ليفيد العموم ، كما هو في قوله تبارك وتعالى : اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ .

²²²²²²²²²²²²
× خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ولما عمم بطريق الحذف، خص بطريق الذكر فقال :
خَلَقَ الْإِنْسَانَ والإنسان هذا المخلوق الذي يرجع أصله إلى أبيه آدم .
وقوله تعالى : عَلَقٍ هذه مادة الخلق , وأن الله تعالى جعله من العلق .
والعلق،هذه المادة تدل على أن هناك تعلقاً والتعلق معروف ، شيء يرتبط بشيء والأمر كذلك .
فإن هذه المادة متعلقة بالرحم .
والمراد بها هي : قطعة الدم الصغيرة جداً ،هذه هي العَلَق ، وسميت هذه القطعة من الدم بعلق
لأنها متعلقة بالرحم .
²²²²²²²²²²²²

× اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * ..
كلما قرأت زادك علما و فقها وذلك من كرمه سبحانه، فأنت إن أقبلت بصدق النية والإخلاص
على الله فلا تخاف عدم الفتح عليك من كرم علمه فهو الأكرم وفوق كل كريم، وإن كنت كريما
على الناس بتعليمهم ما علمك الله فهو الأكرم منك، فهو من كان سببا في ذلك الفضل عليك برزقك إياه ورفع شأنك بين الناس بفضل ذلك العلم .
وهذه الآيات الخمس..التي ابتدأ بها الوحي ، وفيها الموضوع العظيم .
وهو الإشادة بمنّة الله تعالى على عباده في التعليم وفي القراءة على سبيل الأخص..
باعتبارها سبيل العلم..
والكتابة هي سبب من أسباب تقييد العلم ، والكتابة – ليست عيباً في الطالب ، فقد كان السلف الجهابذة الذين هم جبال في الحفظ كانوا يعتنون بالكتابة .
وقد ذكروا أن الإمام أحمد – رحمه الله – أنه لا يُحدِث إلا من كتاب، مع أنه حافظ الدنيا في وقته, والله أعلم ، لكن لا يُحَدِث إلا من كتاب, ولا يعتبر هذا نقصاً فيه, بل يعتبر هذا من ضبطه ومن ثقته.
× كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى
هذه الآية, وإن كان بينها وسابقاتها فاصلٌ زمني لكنها بينها وسابقاتها اتحاد معنوي، بينها ارتباط ، كيف ذلك؟
لما سبق أن الله تعالى.. علم الإنسان وجعله يقرأ وعلمه ما لم يعلم هذه نِعَم, كيف قابل هذا الإنسان هذه النِعَم قال الله تعالى:
كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى وهذا لا يليق ، لأنه الآن كُرِّم وعُلِّم .
فحقُ النعمة أن تُقابل بالشكر لكن تفاجأ الإنسان بهذه الحال ، أنه طغى !!..
ما الذي يمنع الإنسان أن يطغى ويضبط نوازع الشر عنده وينير قلبه للخير ؟..
إنه الإيمان والتقوى والخوف من الله التي اكتسبها بعلمه ومعرفته لله ، وتسخير كل ما تفضل عليه للإصلاح في الأرض ونصرة دين الله .
²²²²²²²²²²²²
× قوله تعالى : أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَىهي من حيث المعنى ، تعليلية.
لماذا يطغى ؟
لأنه رآه ، أو رأى نفسه استغنى عن خالقه !! وهذا منتهى الحماقة في الإنسان .
أن يظن أنه مستغنٍ عن خالقه.. هذا جهل عظيم..
اسْتَغْنَى، والمعنى أن الإنسان رأى أن نفسه إنما نالت الغنى لأنها طلبته وبذلت الجهد في الطلب فنالت الثروة والغنى بسبب ذلك الجهد ، لا أنه نالها بإعطاء الله وتوفيقه ، وهذا جهل وحمق فكم من باذل وسعه في الحرص والطلب وهو يموت جوعاً .
²²²²²²²²²²²²
×قال الله منبهاً هذا المستغني الذي غرّه ما وجد في نفسه : إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى
هل هو في يوم القيامة ، كما هو المتبادر ؟
بمعنى إذا مات الإنسان يُبعث ويُرجع إلى ربه..
أو لنا أن نعممها بما هو أشمل من ذلك ، أرأيتم لو أن إنساناً استغنى .
ثم صار عنده شيئاً من الطغيان ، ثم أصيب بشيء يسير في صحته , أصابه مرض إلى مَنْ يرِجع ؟!
إلى الله عز وجل ،ويبدأ يعيد حساباته ويُقلِب ويندم ويعرف أنه الآن أخطأ .
هذا المرض جعله يرجع إلى ربه .
فقوله تعالى : إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى هي في الرجوع الأكبر الذي في يوم القيامة , وفي الرجوع الذي قبل ذلك ، في رجوعه عندما تحل به كارثة أو مصيبة وما أشبه ذلك وهذا الواقع شاهد بذلك ،
لكن.. انتبه أن يكون رجوعك من باب الضرورة ، من باب الضرورة على حدّ ما يفعله المشركون .
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ
هذا الرجوع لا يُغني كثيراً ، لكن الرجوع الذي يُغني ، الرجوع الذي يكون بالاختيار
وهذا يكون في حال السراء قبل الضراء .
²²²²²²²²²²²²
× ثم تنتقل السورة للتحدث عن أعظم الطغيان والظلم والحرمان للناس، والذي تمثل منذ بداية الدعوة بأبي جهل ومحاربته لرسول الله ودعوة التوحيد التي جاء بها .
قوله تعالى: عَبْدًا .
قلنا هو النبي – عليه الصلاة والسلام – لكن هذا التنكير له فائدة .
لم يقل : أرأيت الذي ينهى عبدنا, أو : أرأيت الذي ينهى النبي إذا صلى .
قال : " عبداً " ،هذا التنكير نقول عنه : إنه للتعظيم فعليه نستفيد هذه الفائدة .
من فوائد التنكير – التعظيم
كما أن من فوائده – أيضاً – التحقير في سياق آخر .
س/ هل نجعل أيضاً من فوائد التنكير هنا.. التعميم؟
نعم كيف ذلك : بحيث قال إنه نهى النبي – عليه الصلاة والسلام – ولكن الحكم ليس مربوطاً به .
الحكم مربوط بهذا الوصف ، وهو وصف العبودية فعليه:
من نهى عبداً.. وإن لم يكن هو النبي – عليه الصلاة والسلام – فإنه داخل في الوعيد الذي سوف يأتي..
إذن نقول:-
عَبْدًا منكرة ، لإفادة ، التعظيم والتعميم ، في كل من يسير على طريق هذا الذي ينهى ، ووعيد من الله لكل من حال دون خير.
²²²²²²²²²²²²
× في قوله تعالى : أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا .

فعل مضارع مع أن القصة وقعت وانقضت بمعنى: ما قيل: أرأيت الذي نهى عبداً.
فيقال:
يَنْهَىهنا أبلغ ، لماذا ينهى أبلغ ؟
لأنها تعطيك التصوير للحال ..
كأنه الآن من شدة فعله ومن قُبح ما أقدم عليه كأنه الآن ينهى .
فجرمه انقضى في الواقع ، لكنه لسوئه وقبحه كأنه مستمر .
فالإتيان بهذا الفعل المضارع لاستحضار الحال السيئة من هذا الشقي .
ومعناه : أعلمت أنه ينهى عبداً إذا صلى وهو على الهدى.. وهو على التقوى ويأمر بالتقوى .
معناهما تقبيح والتشنيع على هذا ، وأنه فعل فعلاً لمن لا يستحقه ، فمثل هذا .
حقه الاحترام والإتباع والتأييد ليس حقه أن يُنهى .
أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى .
يستفاد من هذا أن الصلاة هدى , فالمصلي مَهْدي .
²²²²²²²²²²²²
× أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى وهذه بحدّ ذاتها زجرٌ لكل متهور متسلط على أحدِ من عباد الله .
× في كل شيء تجد رحمة الله تتجلى حتى مع أهل الطغيان والفساد ، فانظر إلى أثار
رحمته كيف يريد الله سبحانه لهؤلاء الطاغين أن يعودوا إلى رشدهم وسلامة عقولهم بالانتهاء
عما يفعلون من محاربه الحق والعودة إلى صفوف الإيمان كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ.

× لَنَسْفَعَنْ الألف التي في آخر الفعل هذه يقولون منقلبة عن نون ،وأصلها :
لنسفعن– ن خفيفة ، وهذه النون الخفيفة هي نون التوكيد .
مثلما تقول :لأضربن , لآكلن نون توكيد .
لكنها كتبت بالألف يقولون: مراعاة للوقف.
²²²²²²²²²²²²
× نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ .
هذا وصفها ، أنها ناصية كاذبة ، وكذلك خاطئة .
يقولون: إن الآية الكريمة هي باعتبار صاحبها .
ناصية – كاذبة – يعني صاحبها ، خاطئة – يعني صاحبها .
لأن الناصية جزء من الإنسان.. فهي ليست محل التهديد, ومحل العقاب بذاتها
لكن المتُوَعَد والمُهَدد هو نفس الإنسان .
إذن: ناصية كاذبة خاطئة – المعني بذلك صاحبها
وهذا معروف ، أن العقاب لن يكون على الناصية وحدها بل سيكون على صاحبها .
أصحاب الاعجاز القرآني العلمي يذكرون شيئاً في قوله : نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ .
ويقولون إن الله تعالى أضاف الكذب والخطيئة إلى الناصية قالوا: لأن الناصية هي محل ذلك.
الناصية التي هي جزء من الرأس هي محل التكذيب ومحل الخطأ, فمركزه في ذلك المكان .
وهذا ليس ببعيد لأن الله – سبحانه وتعالى – جعل لكل شيء قَدْراً، ومكاناً في البدن
فإن كان كذلك فالأمر واضح وإن لم يكن فالمراد على كل حال صاحبها .
والخاطئة عن عمد والمخطئة عن جهل أو عن غير تعمد.
²²²²²²²²²²²²
× نَادِيَهُالنادي هو مكان الاجتماع .
وفيها وعيد الله على من افتخر بجاهه بالباطل .
× والزبانية هم الملائكة والزبانية جمعٌ مفردها زباني .
ولكن:تسمية الملائكة بالزبانية فيها مراعاة للمعنى اللغوي.
لأنا قلنا : مفردها زباني .
إذن هي مشتقة من الزبن ، والزبن هو الدفع [ ليس المنع].
إذن هؤلاء الملائكة فيهم شدة، حتى إنهم يدفعون من يقبضون عليه.
فغلب الوصف عليهم فسمْوا زبانية.
²²²²²²²²²²²²
× كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ
فائدة مهمة :
وهي أن مما تُدفع به أذية أعداء الدين وكيدهم هو العبادة لله – عز وجل –
وعلى الأخص الصلاة التي بعضها سجود .
وهذه الفائدة واضحة في الآية.. التي دل عليها قول النبي عليه الصلاة والسلام "
العبادة في الهرج كهجرة إليّ"
وهذه مسألة قد لا يتصورها الإنسان في بادئ الرأي .
فيقال :
كيف الآن زمن أعداء وزمن فتن وزمن كيد, ثم تندبون الناس للعبادة..
تقولون لهم: صلوا وصوموا وما أشبه ذلك ، لكن نقول : لا غرابة.
لأن حفظ هذا الدين بالسبب الظاهر والسبب الخفي
السبب الخفي هو صلاح الأمة, واستقامة أهلها.
والسبب الظاهر هو بالجهاد ومنازلة الأعداء..
فأحدهما لا يُغني عن الثاني..
ولذلك كان الصحابة – رضي الله عنهم – قبل جهادهم أعدائهم كانوا يتفقدون الجيش فإذا وجدوه على عبادة وقيام ليل وصيام في النهار شرعوا في قتالهم القتال الحسي فهذه مسألة لا تستهن بها.
وهناك ترابط وثيق بين سورة العلق والسورة التي تليها وهي سورة القدر ،
فكأن سائلا يسأل : أن سورة العلق هي أول ما نزل من القرآن ، فمتى نزل ؟
فيأتي الجواب : نزل في ليلة القدر .
نفعنا الله بكتابه العظيم .. وجعله شاهدا لنا لا علينا ..
______________________
المصدر : تأملات منتقاة من كتبالتفاسير ومواقع دينية موثوقة.
²²²²²²²²²²²²

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 3 جمادى الأولى 1435هـ/4-03-2014م, 09:40 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

سـورة القـدر

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .. وبعـد ..

= سميت بسورة القدر , ربما سميت بسورة ليلة القدر..
وهذه السورة المباركة هي واحدة من ثلاث وعشرين سورة في القرآن افتتحت بالجمل الخبرية ،
كقوله سبحانه :
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ [الأنفال:1] .
وقوله تعالى : بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:1]، ونحو ذلك.
= يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم عرضت عليه أعمار أمته ، فتقاصرها فأعطي ليلة القدر
وجعلت هذه الليلة خيرا من ألف شهر ، وهذا من فضل الله تعالى على هذه الأمة بأن خصها ،
وخص نبيها صلى الله عليه وسلم بخصائص لم تكن لمن سبقهم !.


= لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ

قيل : إن ليلة القدر هي ليلة مميزة قبل نزول القرآن فيها وشرّفت أكثر بنزول القرآن في تلك الليلة .
ودليله على ذلك قوله تعالى : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
أي أنها كانت معروفة باسمها ومميزة وسمّيت بليلة القدر قبل نزول القرآن فيها كما جاء في سورة الدخان : إنا أنزلناه في ليلة مباركة والله أعلم .
= قال الله تعالى : إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر:1].
( إنا) ضمير التعظيم ، فالله عز وجل يعظم ذاته العلية، وتكرر هذا في القرآن كثيراً .
كقوله سبحانه : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9].
= قوله تعالى : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ
الضمير في قوله سبحانه : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ بإجماع المفسرين يرجع إلى القرآن ،
أي : أنزلنا القرآن .
قال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :
[ وفي الإتيان بالضمير بدلاً من الاسم الظاهر إيماء إلى أنه مستقر في أذهان المسلمين ؛
لشدة اشتغالهم به وشغفهم بقراءته ]
يعني لم يقل الله عز وجل :
( إنا أنزلنا القرآن في ليلة القدر ) .
وإنما قال :
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ
اكتفى بذكر الضمير ، فقوله : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .
هذه الجملة إشارة إلى أنه من الله سبحانه ، أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ،
وكان المشركون يقولون :
إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ [النحل:103] .
وعود الضمير على ما لم يسبق له ذكرٌ ، اكتفاءً بما في الذهن هذا جائز ،
ولا يُعَدُّ عيباً في الكلام..
وهو أسلوبٌ قرآني لا اشكال فيه وهذا له نظائر..
قال الله تعالى في سورة ص: حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ
ما هي التي توارت ؟
الشمس ، وليس لها سبق ذكر ، لكن الذهن أدرك هذا والسياق – أيضاً – يؤيده..

½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

= ذكروا في تسمية ليلة القدر بهذا الاسم أقوالاً ثلاثة :

1/ قولهم: فلان ذو قدر، أي ذو شرف ومكانة ، فسميت ليلة القدر؛ لشرفها ومكانتها، كما قال مجاهد ؛
لأن الله تعالى أنزل فيها كتاباً ذا قدر، على رسول ذي قدر، على أمة ذات قدر، فأخذت الليلة شرفها من نزول القرآن فيها.
2/ سميت ليلة القدر بهذا الاسم ؛ لأنه تقدر فيها المقادير ، والآجال ، والأرزاق ، والأعمال ،
كما قال ربنا سبحانه :فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4]،
كل شيء يقدر في هذه الليلة ، خلال عام كامل ، يكتب من يولد ومن سيموت ، من سيؤمن ومن
سيكفر، من سيهتدي ومن سيضل .. وغيره .
3/ سميت ليلة القدر بهذا الاسم من القدر الذي هو التضييق ، كما مر معنا في قول الله عز وجل:
وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ[الفجر:16] .
أي ضيق ؛ لأن الملائكة ينزلون في تلك الليلة فيضيقون فجاج الأرض وأفواه السكك.
والمرجح أنها لا تُعَين.. لأن الله تعالى رفع تعيينها حتى تجتهد الأمة بالطاعة والعبادة..
وتكون في العشر الأواخر.. وفي أوتاره أرجى من غيره..


½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

= كيفية نزول القرآن في ليلة القدر :
قوله : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ أي: القرآن ، إما أن يكون المقصود ابتداء التنزيل ، وإما أن يكون كما قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة
في السماء الدنيا
، ثم بعد ذلك نزل به الملك منجماً على حسب الوقائع والأحداث .
كما قال الله عز وجل : وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا [الإسراء:106] .
وقال عز وجل : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا [الفرقان:32].
إنا أنزلناه ، ابتدأنا إنزاله ، فالإنزال هنا محمول على الابتداء .
والقرآن لم ينزل كله في رمضان , بل نزل شيء منه في رمضان , وشيء في غيره
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ يعني ابتدأتاه ، وهذا هو قول الجماهير .

½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

= قال الله تعالى : وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [القدر:2].
هذا استفهام للتفخيم والتعظيم ،
قال الفراء و سفيان بن عيينة : كل ما كان في القرآن وَمَا أَدْرَاكَ
فقد أدراه ،
وما كان في القرآن وَمَا يُدْرِيكَ فلم يدره.
ذكرت جملة (وَمَا يُدْرِيكَ) في القرآن ثلاث مرات :
الأولى : قول الله عز وجل في الأحزاب : وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا [الأحزاب:63] .
الثانية : قوله في الشورى : وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ [الشورى:17] .
الثالثة : قوله في سورة عبس : وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى [عبس:3] .
وَمَا أَدْرَاكَ وردت في عشرة مواضع ، كلها في المفصَّل في قصار السور .

½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

= قال الله تعالى :لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3].
يقول العلامة الشيخ عطية رحمه الله:
[ تنزيل القرآن بالليل ، وجعل كتابة الأقدار بالليل دليل على أن لليل خاصية ومزية ؛ ولذلك قال الله عز وجل في القرآن :سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [الإسراء:1]،
وقال : وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [الإسراء:79]،
وقال : وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ[ق:40]،
وقال : وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا[الإنسان:26]،
وقال : إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا [المزمل:6] .
ثم قال : دل ذلك على أن الليل هو وقت التجليات ، ونزول الرحمة ، ونزول الفيوضات ؛ لسكونه
وهدأته ، وسكون الأصوات والحركات فيه ؛ ولذلك فإن الموفقين من عباد الله يلتمسون الخير في الليل.

لقد كرر الله عز وجل هذه الكلمة ثلاث مرات حيث قال :
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ[القدر:1-2] ،
وكان من الممكن أن يقول سبحانه : هي خير من ألف شهر، لكن الله عز وجل كرر . وقال : لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3] .

½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½
قال المفسرون :
إن الإظهار في مقام الإضمار يكون للتفخيم والتعظيم وهو مزيد من العناية والاهتمام .
وألف شهر إذا قَسَمتها على اثنا عشر.. ستساوي بالسنوات ثلاث وثمانين وزيادة يسيرة ،
ثلاث وثمانين سنة.. هذا عُمْر طويل..
النبي – عليه الصلاة والسلام – يقول: ( أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين ).
إذن هذا يزيد على عمر الواحد من أمة محمد – عليه الصلاة والسلام – في الغالب..
إذاً هذه الليلة , ليلة عظيمة , حيث إنها خيرٌ من هذه المُدة .
لكن ما معنى أنها خير من ألف شهر؟.
المعنى:
أن العبادة في تلك الليلة خير من عبادة في هذه المُدة ليس فيها ليلة القدر ،
فهي فرصة مَنْ فُرَص الحياة ومن فاتته ليلة القدر فقد فاته خير كثير !!

½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

= قال الله تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ [القدر:4].
تَنَزَّلُ هذه الصيغة.. تدلّ على التكرار.. بخلاف نَزَل – فإنها تدل على الانقطاع..
لكن : تنزّل تدل على التكرار..
والمعنى:أن الملائكة والروح تتنزل : أي: يكثُرُ نزولها .
الروح جبريل عليه السلام وعُطِفَ عَطفُ خاص على عام من باب التكريم والتشريف..
تتنزل فيها الملائكة بأنوارها وبركاتها ويتنزل فيها جبريل عليه السلام إلى هذه الأرض.
وقوله : بِإِذْنِ رَبِّهِمْ .
أي: بأمر ربهم ، الباء إما أن تكون باء السببية، أي: بسبب أمر ربهم وإذنه جل جلاله .
وإما أن تكون باء المصاحبة، أي: مصحوبين بأمر ربهم.
قوله: مِنْ كُلِّ أَمْرٍ .
أي : بكل أمر؛ لأن (من) هنا بمعنى الباء ،
ومنه قول الله عز وجل : يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ[الرعد:11]
أي : يحفظونه بأمر الله ، بأمر ربهم ، والأمر إما أن يكون واحد الأمور أي : الأشياء ،
أو واحد الأوامر وكلاهما مراد .
كما في قول الله عز وجل :
فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ [الدخان:4-5]
فقوله : فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ .
أي : واحد الأمور وقوله : أمراً من عندنا واحد الأوامر.

½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

= قال الله تعالى :سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:5].
قوله: سَلامٌ هِيَ
أي : لا يستطيع الشيطان أن يتصرف فيها بسوء ، ولا أن يصيب أحداً بأذى ؛
لأنها ليلة سالمة من الآفات ، وسالمة من البلايا والرزايا.
قال بعض أهل التفسير: المراد تسليم الملائكة على المؤمنين ،
أي : أنهم ينزلون فيسلمون على المؤمنين في مساجدهم واحداً واحداً.
وأعظم سلامة في ليلة القدر هي :السلامة من الآثام وعقوباتها .
وهذا مصداقه : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه ) .
فهذه سلامة عظيمة .. أن الإنسان تُغفر له ذنوبه المتقدمة..

½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

= قوله: حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ معلوم بأن الليلة تنتهي بطلوع الفجر، لكن الله عز وجل عيَّنها فقال:
سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِمن أجل أن يحفزنا على عبادته فيها ؛ لأن هذه ليلة محدودة ، وساعاتها معدودة ، فاجتهدوا فيها.
وهذه المسألة يغفل عنها بعض المجتهدين فتجد بعض الناس :
يشتغل إلى قُرْب الفجر لا سيما إذا كان ممن يُصلي التهجد . فربما انتهى اجتهاده
بانتهاء التهجد .وربما يبقى أحياناً ساعتان وربما أقل من هذا لكن لا يستغل الباقي
فإذا نُبّه أن ليلة القدر إلى مطلع الفجر فاستغل هذا إلى طلوع الفجر.
والبداية تكون من غروب الشمس.
وهذا أيضاً مَحَل تساهل من الناس.
فتجد بعضهم لا يجتهد إلا من بعد صلاة العشاء فيُقال: لا, اجتهد من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
لكن.. بماذا تجتهد؟.
بالصلاة وغيرها ، الصلاة نوع مما يُجَتهَدُ به..وقراءة القرآن, مما يُجتهَد به..
تناول الفطور – أيضاً – فنحن قلنا :من غروب الشمس ، هو من الاجتهاد ؛ لأن الفطور عبادة ،
وفيه ما فيه من الذكر والدعاء وغيره.
كذلك.. التهيوء للصلاة بوضوء ونحوه.. أيضاً – من الاجتهاد..
فالمقصود..
أن كل عبادة أو كل وسيلة لعبادة..داخلة في هذا الاجتهاد ، ويفوت كثيراً من الناس شيءٌ من هذا بسبب جهلهم..

½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

= إن الله عز وجل أبهم ليلة القدر لفائدتين عظيمتين :
الفائدة الأولى:
بيان الصادق في طلبها من المتكاسل، لأن الصادق في طلبها لا يهمه أن يتعب عشر ليال
من أجل أن يدركها، والمتكاسل يكسل أن يقوم عشر ليال من أجل ليلة واحدة .
الفائدة الثانية:
كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال؛ لأنه كلما كثر العمل كثر الثواب .

½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

=أقوال العلماء في تعيينها :
اختلف العلماء في تعيين ليلة القدر على أقوال كثيرة، حتى أوصلها الحافظ في (الفتح) إلى ستةٍ وأربعين قولاً، واحتمالين .
كما أوصلها الحافظ ولُّي الدين العراقي إلى خمسة وعشرين قولاً .
وأوصلها بعض المعاصرين إلى أكثر من ستين قولاً .
قال أبو العباس القرطبي بعدما ذكر بعض هذه الأقوال: "وهذه الأقوال كلها للسلف والعلماء، وسبب اختلافهم اختلاف الأحاديث كما ترى".
وأرجح الأقوال فيها أنها في العشر الأواخر من رمضان؛ لقوله صلى الله تعالى عليه و سلم : "إني أُريت ليلة القدر ثم أنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر".
وقد نُقل إجماع الصحابة على هذا؛ فقد روى عبد الرزاق في مصنّفه عن ابن عباس قال:
"دعا عمر بن الخطاب أصحاب محمد صلى الله تعالى عليه و سلم فسألهم عن ليلة القدر، فأجمعوا أنها في العشر الأواخر...".
ويستحب تحرّيها في الأوتار من العشر الأواخر، كليلة الحادي والعشرين، والثالث والعشرين، والخامس والعشرين، والسابع والعشرين، والتاسع والعشرين ؛
لقوله صلى الله تعالى عليه و سلم :"... فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر،
وقولِه صلى الله تعالى عليه و سلم في حديث عائشة: " تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان .."،
وقولِه صلى الله عليه وسلم : التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى ،
وقولِه صلى الله عليه وسلم : "... هي في العشر الأواخر، في تسع يمضين أو في سبع يبقين ".
قال ابن بطال:
"وإنّما يصح معناه وتُوافِق ليلة القدر وتراً من الليالي على ما ذُكِر في الحديث: إذا كان الشهر ناقصاً، فأما إن كان كاملاً فإنها لا تكون إلا في شفع، فتكون التاسعة الباقية: ثنتين وعشرين،
والخامسة الباقية: ليلة ست وعشرين، والسابعة الباقية: ليلة أربع وعشرين على ما ذكره البخاري عن ابن عباس، فلا تصادف واحدة منهن وتراً،
وهذا يدل على انتقال ليلة القدر كل سنة في العشر الأواخر من وتر إلى شفع، ومن شفع إلى وتر، لأنّ النبي صلى الله تعالى عليه و سلم لم يأمر أمته بالتماسها في شهر كامل دون ناقص،
بل أطلق طلبها في جميع شهور رمضان التي قد رتبها الله مرّة على التمام، ومرةً على النقصان،
فثبت انتقالها في العشر الأواخر وكلّها على ما قاله أبو قلابة".(شرح صحيح البخاري لابن بطال (3/156)) .
وهذا القول به تجمع الأدلة في هذا الباب والله أعلم .
وفي تنقلها من عامٍ إلى آخر فوائد وحكم ، منها :
أنها لو كانت في ليلة معينة، لكان الكسول لا يقوم إلا تلك الليلة ، وبتنقلها صار الإنسان يقوم كل
العشر ، وفيه أيضا اختبار للنشيط في طلبها من الكسلان .



½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

= علامات ليلة القدر :
علامات مقارنة:
- قوة الضوء والنور في تلك الليلة( ولا يحس بهذه العلامة إلا من كان في البر بعيدا عن الأنوار ) .
- الطمأنينة( طمأنينة القلب وانشراح الصدر من المؤمن أكثر مما يجده في غيرها من الليالي)
- قال بعض أهل العلم أن الرياح تكون فيها ساكنة .
- أن الله يري الإنسانَ الليلةَ في المنام ، كما حصل لبعض الصحابة.
- أن الإنسان يجد في القيام لذةً ونشاطاً أكثر من غيرها من الليالي.
علامات لاحقة :
تطلع الشمس في صبيحتها ليس لها شعاع . ليس كعادتها في بقية الأيام .
للعلامة العثيمين رحمه الله ..
__________________________
المصدر : تأملات منتقاة من كتب التفاسير ومواقع دينية موثوقة.

½¼²¼½¼²¼½¼²¼½¼²¼½

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 15 جمادى الأولى 1435هـ/16-03-2014م, 11:25 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

ســــــورة الضحــــــى



هي سورة مكية من قصار المفصل ...

والمفصل يبدأ من سورة ق إلى آخر القرآن..
وسمي بالمفصل لكثرة الفواصل، لأن آيات هذا الجزء من كتاب الله.. قصيرة في الغالب، وبالتالي تكثر الفواصل.. فسمي هذا الجزء بالمفصل.
وينقسم المفصل إلى أقسام ثلاثة : طِوَال وإلى أواسط وإلى قصار..

1- طواله: يبدأ من ق إلى سورة عمّ..

2- أواسطه: يبدأ من عمّ إلى سورة الضحى..

3- أما قصاره: فيبدأ من الضحى إلى آخر القرآن

وسورة الضحى مكية، اشتملت على إحدى عشر آية، في خمسين كلمة، في مائة واثنين وسبعين حرفاً. وترتيبها الثالث والتسعون بين سور المصحف بعد سورة الليل وقبل سورة الشرح، وبحسب ترتيب النزول فقد نزلت سورة الليل ثم سورة الفجر ثم سورة الضحى ثم سورة الشرح ثم سورة العصر، وفي ذلك تناسب ظاهري لا يخفى.

ومن باب التذكير:

- المكي : هو ما نزل قبل الهجرة.. قبل أن يهاجر النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة.
-
المدني : هو ما نزل بعد الهجرة.

وهذا هو المُرَجح في تعريف المكي والمدني.. أن الاعتبار بالزمان.
فعلى هذا.. لو نزلت سورة في مكة لكن بعد الهجرة.. فإنها تُلحق بالمدني.. لأن العبرة بالزمن.

وتسمى بهذا الاسم (سورة الضحى) وبعضهم يضيف عليها الواو فيقول: سورة والضحى.. نظراً للبدء في أول آية منها....
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): " ( سمّيت هذه السّورة في أكثر المصاحف وفي كثيرٍ من كتب التّفسير وفي «جامع التّرمذيّ» «سورة الضّحى» بدون واو. وسمّيت في كثيرٍ من التّفاسير وفي «صحيح البخاريّ» «سورة والضّحى» بإثبات الواو. ولما يبلغنا عن الصّحابة خبرٌ صحيحٌ في تسميتها ). [التحرير والتنوير:30/393](م)".أ.هـ
ويقف الباحث عند هذه السورة العظيمة : فهي سورة مباركة ومن عجائب القرآن التي لا تنفد، وما ذاك إلا لأن أسلوبها صوّر لنا طبيعة العلاقة الربانية بين الله عزَّ وجلَّ وبين عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم في تصوير باهر.
كما أنها تظهر الصلة الوثيقة بينه سبحانه وتعالى وبين المصطفى عليه الصلاة والسلام إظهاراً بأبهى حلة وأجمل زينة من خلال الاختيارات القرآنية الدقيقة التي تنم عن معانٍ ودلالات رائعة.
وهي تتحدث عن النعم الحسية للرسول صلى الله عليه وسلم.

^^^^^^^^^^^^^

*
سبب نزول هذه السورة: فترة الوحي أي إنقطاعه....

ومعرفة أسباب النزول جزء من فهم المعنى كما هو معروف في أدبيات علوم القرآن، وقد ورد في سبب نزولها ما رواه البخاري ومسلم من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه:
" أن امرأة من قريش قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد! ما أرى شيطانك إلا ودعك! ".
وقد ثبت أن أم جميل المعروفة بزوجة أبي لهب هي من كانت تُعَيِّرْ النبي عليه الصلاة والسلام وتقول: مالي أرى شيطانك لا يأتيك.. وتعني بذلك الوحي الذي يأتيه من السماء .فاهتمَّ النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، ولحقه ما يلحق البشر من قلق وشدة حتى فَرَّج الله له وأنزل هذه السورة:
وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى[الضحى:1-3].

والناس في مدة انقطاع الوحي مختلفون اختلافاً كثيراً

والراجح ما دل عليه الحديث الثابت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فترَ الوحي لليلة أو ليلتين، ثم أن المشركين يستغلون هذا فيما يُضايقون به النبي عليه الصلاة والسلام .

^^^^^^^^^^^^^^

*
وَالضُّحَى :

الضِّحُّ : ضوء الشمس إِذا استمكن من الأَرض ، والضح يقصد به الوضوح الكثير في الشيء ، والسورة تتحدث عن إيضاح وبصفة كثيرة وإزالة ما التبس على الرسول من مقالة المشركين بأن ربه قلاه ، فجاءت هذه السورة بهذه الإيضاحات كنور الشمس وزوال الليل أي سيكون الأمر واضحاً جلياً له صلى الله عليه وسلم .

_ ولهذا القسم دلالات كثيرة.........

أحدها: كأنه تعالى يقول: الزمان ساعة: فساعة : ساعة ليل، وساعة نهار، ثم يزداد فمرة تزداد ساعات الليل وتنقص ساعات النهار، ومرة بالعكس فلا تكون الزيادة لهوى ولا النقصان لقلى، بل للحكمة،

كذا الرسالة وإنزال الوحي بحسب المصالح فمرة إنزال ومرة حبس،
فلا كان الإنزال عن هوى، ولا كان الحبس عن قلى،
وثانيها: أن العالِم لا يؤثر كلامه حتى يعمل به، فلما أمر الله تعالى بأن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، لم يكن بد من أن يعمل به، فالكفار لما ادعوا أن ربه ودّعه وقلاه، قال: هاتوا الحجة فعجزوا فلزمه
اليمين بأنه ما ودعه ربه وما قلاه،
وثالثها: كأنه تعالى يقول: انظروا إلى جوار الليل مع النهار : لا يسلم أحدهما عن الآخر بل الليل تارة يغلب وتارة النهار يغلب فكيف تطمع أن تسلم من الخلق.

والله سبحانه حين جمع في هذا القسم بين الضحى والليل إشارة واضحة إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه خطابٌ كريم إليه مُعبق بالرأفة والمحبة بأن ربه قد حفه بجوٍ من الأنس والرعاية في النهار والليل فهو غير مجفوٍ في هذا الوجود ولا فريد, فهو المحبوب وكيف يجفو الحبيب محبوبه.

ونجد كل ذلك يدفعنا إلى القول أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يثبت من هذا القَسم أن ما على الأرض من الخلائق في تلك الساعة العملية النشطة من النهار لا يعدلون تلك الساعة التي تقوم فيها الليل متهجداً، أو أنه ربما أراد أن يُقسم بتلك الساعة المباركة التي نصر بها موسى عليه السلام على السحرة وقت الضحى أمام قومه.

- قال الشنقيطيّ (ت 1393 ه ) وأقسم تعالى بالضحى والليل هنا فقط لمناسبتهما للمقسم عليه؛ لأنهما طرفا الزمن وظرف الحركة والسكون، فإنه يقول له مؤانساً: ﴿ما ودعك ربك وما قلى﴾ لا في ليل ولا في نهار.

- وقال السعديّ (ت 1376 ه) أقسم تعالى بالنهار إذا انتشر ضياؤه بالضحى، وبالليل إذا سجى وادلهمت ظلمته على اعتناء الله برسوله صلى الله عليه وسلم فقال: ﴿ما ودّعك ربك﴾ أي: ما تركك منذ اعتنى بك، ولا أهملك منذ رباك ورعاك، بل لم يزل يربيك أكمل تربية، ويعليك درجة بعد درجة، وما قلاك الله، أي: ما أبغضك منذ أحبك، فإن نفي الضد دليل على ثبوت ضده، والنفي المحض لا يكون مدحاً إلا إذا تضمن ثبوت كمال، فهذه حال الرسول صلى الله عليه وسلم الماضية والحاضرة أكمل حال، وأتمها محبة الله له واستمرارها وترقيته في درجات الكمال ودوام اعتناء الله به.

ولو قال قائل لم أقسم الله سبحانه فقال: ﴿والضحى﴾، ولم يقل الله عزَّ وجلَّ: (والشروق)، أو: (والصباح)، أو (والضياء)، أو (والنهار)؟

فيقال : إن اختيار هذا الوقت من حكمته تعالى، كما أن وقت الضحى من أشرف أوقات النهار وأطيبه وفيه من انتعاش الأرواح ما ليس في سائرها : ففيه سنة ركعتي الضحى، ووقت الضحى يبدأ بعدما ترتفع الشمس بعشر دقائق تقريباً أي بداية الارتفاع،
أي هي في ارتفاع، وينتهي وقت الضحى ما قبل انتصاف الشمس، فالشمس في وقت الضحى دائمة الارتفاع إلى أن تصل إلى وقت الظهر، وفي ذلك تشبيه بليغ : فكأن الرسالة المحمدية أو رسالة الإسلام كالشمس على الأرض التي تنير حياة الناس اليومية، كذلك الرسالة فهي تنير حياة الناس الدينية، وهي دائماً في ارتفاع كالشمس.

وهذه الفترة أيضا فترة النشاط ، وفترة الحيوية ، وفترة طلب الرزق ، وهي فترة مباركة ، ولذلك :
الجادون يستغلونها في طلب العلم أو تحصيل الرزق.. أما غيرهم فربما فَوَّتَ هذا الزمن المبارك الذي هو أول النهار.. فقال الله تبارك وتعالى : وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى *

- "إذا"هنا بمعنى حين أو بمعنى وقت وليست شرطية .يعني : والليل حين سجى أو وقتَ سجى..

وكلمة ( سجى ) فيها كلامٌ كثير للسلف.. حينما فسروا سجى ذكروا أشياء كثيرة :

(1) فبعضهم فسر "سجى" بمعنى سكن.. والليل إذا سجى، والليل إذا سكن .

(2) وبعضهم فسرها إذا أقبل.. "وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى" والليل إذا أقْبَلَ .

وكل هذه وغيرها مما ذكروا مُحتمِل في الآية.. إلا أننا نختار مما ذكروا ما يكون أجمع في المعنى..
فنقول: "وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى" : يعني إذا أقبل وسكن.

فإن قال قائل: لِمَ لم يقل سبحانه وتعالى : والليل إذا وسق أو : والليل إذا يغشى؟

نقول : أما كلمة ( يغشى) أو ( وسق ) فهما تدلان على الحركة وهذا يناقض المعنى الذي أشرنا إليه في هذه السورة واختيار الأنسب للإفصاح عنها، مع قولنا بأن هاتين الكلمتين القرآنيتين ناسبت مقامهما في السياق الذي أتت به، وأدّت المعنى المناسب كما في حالتنا هنا.

والمفردات المتقاربة المعاني قد تبدوا مترادفة إذا نُظر إليها من غير تدقيق ولكن عند النظر والتأمل نجد أن كل واحد منهما يقتضى خلاف ما يقتضيه الآخر وإلا لكان الثاني فض لا يحتاج إليه.

ثم إن هذه الكلمة في أصل معناها تدل على التأني، أي: أقبل الليل رويداً رويداً، فلا تشعر إلا بدخوله، فانقطاع جبريل عليه السلام لم يكن مفاجأة، فقد سبق انقطاعه مرتين قبل ذلك، فكان الاختيار المناسب لهذه الكلمة أن تكون في هذا الموضع لتشع لنا بهذه الدلالات البديعة.

والملاحظ هنا أن القرآن الكريم لم يستعمل الليل هنا على إطلاقه، بل قيده ( إذا سجى )، وهذه الكلمة لم تأتِ مادتها في القرآن الكريم كله في غير هذا الموضع، وإذا دققنا النظر في هذه المعاني التي ذكرها المفسرون للفظة (سجى) وجدناها كلها تدور على معنى الليل بعمومه، فالليل يُقبل بعد إدبار النهار فيطبقُ بظلامه على الأرض حتى إذا استقر واستوى سكنت حركة الناس والبهائم فيه إلا شيئاً يسيراً منهم،
قال تعالى: ﴿وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً﴾ (الأنعام: 96 )،

والليل لباس يغطي ويستر لقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً﴾(النبأ: 10 )،

فهذه المعاني كلها صالحة للتأويل، ومن الممكن أن يؤديها لفظ الليل.

لكن لما قيّده بــــــ (سجى) شمل به المعاني الأخرى التي تحتملها سياق الآية والسورة كما بينّا.


^^^^^^^^^^^^^^

والليل بهذه الصورة إذا أقبل وسكن.. لاشك أن الإنسان يجد هيبة له.. ولذلك ربما الإنسان من
شدة هيبته لليل في هذه الحال، ربما انتابه شيءٌ من الخوف.. لأنه نُقَلة جذرية في حياته، فبينما
كان في ضوء الشمس يُبصر ويدخل ويخرج، إذا هو بالليل يسجو.. يعني يُقبل ويسكن..
فالإنسان يجد هيبة لذلك.

ولذلك مما يُشْرع في هذا الوقت.. أن الإنسان يلجأ إلى الله عز وجل ويشتغل بما يُسمى بأوراد المساء..
والمساء يبدأ قبل ذلك.. لكن الليل ذِروة المساء..
يضاف إلى ذلك ما ذكره بعض المفسرين من أن( سجى )من المحتمل أن يكون ذلك وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم في الليل متهجداً لقوله تعالى:

﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) ﴾ )المزمّل

يتبع إن شاء الله

^^^^^^^^^^^^^^

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 22 جمادى الأولى 1435هـ/23-03-2014م, 07:49 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

ْْْْْْْْْْْْْ

تابع سورة الضحى....

قال الله تبارك وتعالى: "وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى(2)"
ثم يأتي جواب القسم.. "مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)".. هذا جواب القسم..
أقسم الله تعالى على هذه القضية..
ما هذه القضية؟
أن الله تعالى ما ودعه؛ أي ما ودّع النبي عليه الصلاة والسلام، قال: "وَمَا قَلَى"أي: وما قلاه..
فما معنى ودعك؟ وما معنى قلاك؟
الوداع في قوله: "مَا وَدَّعَكَ" بمعنى: الترك..
"
مَا وَدَّعَكَ" يعني ما تركك..
وقوله: "وَمَا قَلَى"القِلَى بمعنى: الترك مع البغض أو ترك الشيء بُغضاً له..
إذن.. نفى الله سبحانه وتعالى الأمرين:
%% نفي التوديع.. بمعنى الترك..
%%ونفي القِلَى.. وهو الترك عن بُغض..
^ يُفهم من الآية.. أن النبي عليه الصلاة والسلام عُيّر ولُمِزَ بأمرين:
1- فمنهم من قال: إن الله تعالى وَدّع نبيه يعني تركه..
2- ومنهم من قال: إن الله تعالى قَلَى نبيه..
فنفى الله تعالى الأمرين.. نفى أن يكون قد وُدِّع أي تُرك، ونفى أن يكون قُلِيَ يعني تُرِكَ عن بغض وعن عدم إرادة منه سبحانه وتعالى .
< الآن: ما الفرق بين الأمرين.. ما الفرق بين التوديع والقِلَىَ؟
الفرق كما عرفت:
أن الأول: تركٌ مجرد.
أما الثاني: تركٌ مع كُره لهذا الشيء..
إذن.. القضية اتضحت الآن..
والله سبحانه وتعالى عالج ما واجهه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القسم :
"وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)"..
ثم ذكرت السورة أمراً آخر.. يتعلق بالنبي - صلى الله عليه وسلم –
قال: "وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى"..
هذا بيانٌ للنبي صلى الله عليه وسلم أن: الآخرة خيرٌ من الأولى..
وهنا.. في قوله: (الآخرة).. وفي قوله: (الأولى)
هنا معنيان يتبادران للذهن:
الآخرة:يتبادر للذهن الدار الآخرة.. يعني ما أعده الله تعالى لنبيه في يوم القيامة، في الجنة..
ثم الأولى: تُقابل بالآخرة فيُراد بها الدنيا..
يعني: ما عند الله سبحانه وتعالى في الآخرة خيرٌ لك مما أنت فيه من هذه الدنيا..
وهذا المعنى لا إشكال فيه، وهو معنىً صحيح، وهو: أن ما عند الله تعالى لنبيه- صلى الله عليه وسلم في الآخرة خيرٌ له من الأولى..
لأن الأولى: دار امتحان واختبار ومجاهدة للنفس وللعدو.. لاشك أن الآخرة ستكون أحسن منها لأن الآخرة دار الجزاء لهذا العمل الكثير الذي بذله عليه الصلاة والسلام..
أقول: إن هذا المعنى لا إشكال فيه..
< ولنا أن نذكر معنىً آخر: معنىً جديداً للآيات الكريمة حتى تكون الآية بأتم وأعمّ معنى،
فنقول:
_ إن الآخرة، والأولى.. هنا وصفان لم يُقيدا بالدار، ما قيل: ولا الدار الآخرة خيرٌ من الدار الأولى..
فعليه نقول:
_ إن الآخرة والأولى.. وصفين يصح أن يكونا لكل حال تتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم ..
فنقول أن الآخرة:أي الحال الآخرة والصفة الآخرة أكمل من الصفة الأولى التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم
على هذا المعنى.. تكون هذه الآية.. تدل بدلالة واضحة أنه عليه الصلاة والسلام.. يتنقل من حَسنٍ إلى أحسن في كل شيء.. لأن الله تعالى قال: "وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى"..
يعني.. حالك الثانية خيرٌ من الأولى؛ وحالك التي تلي أحسن من الحال القائمة..
وتوضيح هذا بالمثال:
حال النبي صلى الله عليه وسلم في مكة هي الأولى
وحال النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة هي الأخرى..
نقول: حالك في المدينة وهي الآخرة أكمل وخيرٌ من حالك في مكة..
كيف ذلك؟ %
كان في مكة: مستضعفاً، مستخفياً، أتباعه قِلّة.. ثم لما انتقل إلى المدينة: كان بعكس ذلك: كانت دعوته أشمل، وكان أتباعه أكثر، وهناك أقيمت الصلوات علانية وأقيمت سوق الجهاد.. إلى غير ذلك..
% إذن.. حاله في مكة أقل من ذلك، وحاله في المدينة أكمل،
% إذن نستطيع أن نقول في معنى الآية: وللآخرة من أحوالك خير لك من الأولى من أحوالك..
وهذا مثال.. وقل في كل حالين صارتا للنبي صلى الله عليه وسلم:
فحاله بعد شرعية القتال أكمل من حاله قبل الشرعية.. %
وحاله بعد بدر –مثلاً- أكمل من حاله قبلها.. %
كيف ذلك؟
بعد بدر أعز الله تعالى الدين، حتى سمي يوم بدر بيوم الفرقان، وانقسم الناس بعد هذه الغزوة إلى مؤمنين واضحين وإلى منافقين.
كذلك ما في هذه الغزوة من مثوبة الله عز وجل حتى قال لأهل بدر: (اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم.)..
كل هذه كمالات حصلت للنبيصلى الله عليه وسلم ..
وهكذا: لك أن تطبقه على كل شيء في سيرته العطرة، فإن حاله الآخرة أكمل.. %
وهذا يدلك على عناية الله جل وعلا وتكريمه لهذا النبي الكريم، وأن شأنه عظيم عند الله جل وعلا حيث يُنقله من حسنٍ إلى أحسن..
قال الله تعالى: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)"
عدنا للقَسَمِ مرة ثانية..
"
لسوف يعطيك" اللام هذه واقعة في جواب القسم..
والتقدير: والله لسوف يعطيك ربك.. هذا قسمٌ من الله تعالى أنه سوف يُعطي نبيه، قال: "يُعْطِيكَ رَبُّكَ".. "فَتَرْضَى "..
إذن: سوف يعطيه عطاءً يرضيه..
لكن.. ما هذا الذي سوف يعطيه ؟
هل بيّنت الآيات شيئاً؟% % %
ما بيّنت الآيات شيئاً.. فتبقى الآيات عامة، سوف يعطيك ربك أشياء كثيرة في الدنيا والآخرة،
لكن وصفها.. أنها ترضيك.. "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى".. %
لسوف يعطيه ربه سبحانه وتعالى.. هذا القرآن الذي هو: نور، وهدى، وشفاء لما في الصدور..
وكذلك قبلها: النبوة.. وقد حقق هذا سبحانه وتعالى..
وكذلك سوف يعطيه الأتْبَاع.. الذين يُباهي بهم الأنبياء يوم القيامة.. هذا أيضاً داخلٌ في الآية..
أيضاً.. سوف يعطيه.. الكوثر.. "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ".. هذا أيضاً داخلٌ في الآية..
كل هذه خيرات وأمور أعطيها النبي عليه الصلاة والسلام
لكن.. هل سيُعطى شيء آخر من أمور الدنيا؟
نقول أيضاً لا مانع أن يدخل في الآية ما يعطيه الله تعالى من أمور الدنيا التي يستعين بها على أمور الدين..
قال الله تعالى: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ"..



وقفة مع: "يُعْطِيكَ رَبُّكَ"..

ولم يقل ولسوف يعطيك الله، أتى.. اسم الرب"يُعْطِيكَ رَبُّكَ ".. وفي هذا إشارة واضحة إلى عناية الله سبحانه وتعالى بهذا النبي الكريم.. لأن الرب.. فيه معنى التربية.
والتربية هي التنشئة والتطوير شيئاً فشيئاً، إذن.. سوف يعطي الله تعالى نبيه ما يرضيه..


~~~~~حول بلاغيات ما سبق~~~~~


باستطاعة المتأمل البلاغي أن يكتشف في هذه السورة عدة اختيارات بلاغية حكيمة منها ما يلي :
الأولى :
جاء في عبارة : مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)
اختيار الاسم الظاهر المضاف إلى ضمير المخاطب وهو الرسول ، ووضعه موضع ضمير المتكلم : " مَا وَدَّعَكَ "
لدواعي بلاغية منها :
(1) مطابقة ما جاء في جملة النفي القرآنية لما جاء في الإشاعة المفتراه ، إذ قال المشركون : إن رب محمد ودعه وقلاه.
(2) التذكير بسوابق فضل ربه عليه ، إذ كان في ربوبيته له منذ نشأته يُتابعه بالمِنَن والمِنَح والعناية الفائقة ، فلفظ " رب " يُشعر بكل معاني الربوبية أخذاً من أصل وضع الكلمة ومشتقاتها , الدال على معنى التربية.
(3) إيثار الجمال التعبيري في السورة ، الملائم لصيغ آياتها.
الثانية :
استخدام أدوات التأكيد في عدة مواضع :
(1) تأكيد جملة مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) بالقسم ، لأن حال الرسول صلى الله عليه وسلم النفسية تستدعي تأكيد الخبر له ، بعد إشاعة خصومة أن ربه ودعه أو قلاه , مستغلين تأخر الوحي قليلاً, بعد أن كان متواليَ الاتصال به , ولا سيما أنه ما زال في أوائل بعثته رسولاً.
(2) تأكيد وعد الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن الآخرة خير له من الأولى ، بلام الابتداء ، وبالجملة الاسمية ، مراعاة لحالته النفسية يومئذ، ولإغاظة خُصُومه .
(3) تأكيد وعد الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه سوف يُعطيه حتى يُرضيه، بلام الابتداء ، وبحرف التنفيس " سوف " كما يقول البلاغيون ، إذ قال له : "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)" وجاء هذا التأكيد أيضاً مراعاة لحالة الرسول صلى الله عليه وسلم النفسية يومئذٍ، وإغاظة لخصومه، من مُكايِدِيه وحاسديه.
الثالثة :
الإيجاز بحذف ضمير الخطاب في : .... وَمَا قَلَى (3) وفي ".... فَهَدَى" وفي " .... فأغنى " – كما سيأتي – مراعاة التناظر في رؤوس الآيات في السورة , وهذا من الزيناتِ اللفظية المحببة للسامع.
الرابعة :
تتابع دُرُوس السورة تتابُعا ، فالدرس الأول منها يشهد لمضمونه مضمون الدرس الثاني ، إذ هو بمثابة الدليل عليه ، والدرس الثاني منها يستدعي تكليف الرسول العمل بمضمون الدرس الثالث، شُكراً لله على سوابق مِنَنِ الله عليه , وبهذا تتجلى للمتدبر وحدة موضوع السورة ، وبناء السورة بناء تكاملياً تفريعيا".

ْْْْْْْْْْْْ

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 10 شعبان 1435هـ/8-06-2014م, 07:49 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

تابع سورة الضحى:
ألم يجدك الاستفهام للتقرير ، والمراد بهذا التقرير بيان منّة الله سبحانه وتعالى على نبيه في الأحوال التي ستأتي .

* فآوى ولم يقل آواك .. فالمقصود آواك وآوى بك ..
وكذلك هدى : ، هداك وهدى بك وأخرجت أمة تعبدُ الله عز وجل .
فأغنى : أغناك وأغنى بك حتى إن بعضهم أصبح من الأثرياء بسبب النبي عليه الصلاة والسلام وأقربها مثالاً :
ما كان يعطيه للمؤلفة قلوبهم ، يعطيهم العطايا الكثيرة أعطى رجلاً غنماً بين جبلين.

ضالا :والضلال هنا بمعنى : عدم معرفة الطريق على جهة التفصيل .
ولا يُفهم من هذا أنه كان عليه الصلاة والسلام أنه كان على فسق أو شرك أو
ما أشبه ذلك أبداً .
كان على التوحيد عليه الصلاة والسلام لكن لم يكن عنده بيان للشريعة على جهة التفصيل ؛
كما قال تعالى: مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ هذا هو مفهوم الضلال في الآية
* فأغنىوالإغناء هنا المذكور في الآية :
هل هو إغناء القلب أم إغناء البدن؟ أو يشمل الاثنين؟!!
يشمل الاثنين :
- فأغناه الله تعالى إغناءً قلبياً ،

- وأغناه أيضاً غناءً بدنياً ، فقيض الله تعالى له مصدر رزق في تجارته مع خديجة وفي أشياء أخرى ساقها الله تعالى إليه .
* فأما اليتيم فلا تقهر هذه نربطها مع قوله : ألم يجدك يتيماً فآوى .
أما اليتيم فلا تقهر؛ اليتيم الذي عندك خبر من حاله، لأنك كنت يتيماً ؛
والإنسان إذا جرب الشيء يكون أخبر الناس به وأعلمهم به.. إذن: لما ذُقتَ اليُتم ، اليتيم لا تقهر .
والله تعالى نهى عن قهر اليتيم ، ولم ينه عن ما سوى ذلك.. لأن سوى ذلك قد تقتضيه مصلحة.
قد يكون من المصلحة أن اليتيم يُزجر.. فيُقال : اترك كذا.. اسكت، قُمْ عن هذا المكان.. وقد يُضرب أيضاً وغيره.. لأن هذا من مصلحته.. فالقهر لا يمكن أن يكون تأديباً.. لأنك: تُذِل.. تراعي حظ نفسك.. فتأمل سرّ الله سبحانه وتعالى في معاملة اليتيم أنه لا يُقهر..

سبق الشريعة الإسلامية في حُسن التعامل مع اليتيم ، وهذا السبق واضح .
وبهذا تعرف أن من يدّعون أنهم سابقون في رعاية اليتامى ، وإنشاء الدور لهم . يُقال : الدين الإسلامي هو السابق في ذلك .

* وأما السائل لا تنهر نربطها بقوله تعالى: وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى.
السائل هذا.. لا تنهره ، بل أعطه سؤله من الدلالة إن كان سؤال علم، ومن الصدقة والهدية إن كان سؤاله سؤال مال
وإن لم يجد ما يعطيه سؤله فكما قال تعالى :
وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك فقل لهم قولا ميسورا
أي إذا سألك أقاربك ومن أمرناك بإعطائهم وليس عندك شيء وأعرضت عنهم لفقد النفقة ،
عدهم وعداً بسهولة ولين: إذا جاء رزق اللّه فسنصلكم إن شاء اللّه وهكذا ..

* وأما بنعمة ربك فحدث ولم يقل فخبّر ..
ليشمل حديث النفس وحديث الغير .. أما لو قال فخبر لكان خاصا بحديث الغير ، والإنسان مأمور أن يحدث نفسه بما أنعم الله عليه وأن يحدث غيره بذلك .. العلامة العثيمين ..
* مشروعية التحدث بنعمة الله.. وهذا حسب الحال .
إلا إذا خشي الحاسد، فإنه قد يؤمر بضد ذلك ألا يتحدث.. وهذا له أدلته:
قال يعقوب لابنه يوسف : يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً
لما رأى الرؤيا السارّة التي تدل على مقدمات عظيمة.. هي نعمة.. فقال :
لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ .. ولكن أيضاً :
احذر أن تكون في باب الكتمان موسوساً تحذر مما لا يُحذر منه .
لأن بعض الناس يخشى : أخشى العين ، أخشى الحسد، أخشى كذا، فيُصبح كاتماً لنعمة الله تعالى عليه ، فيُقال : لا ، تَحَدَّثْ في مقام ترجح فيه التحديث، واتكل على الله عز وجل في حفظك وصرف العيون عنك.. والله تعالى يُدافع عن الذين آمنوا..

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا .. وانفعنا به يا رحمن ..

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 10 شعبان 1435هـ/8-06-2014م, 08:35 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي

سـورة البروج

الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله ...
أما بعد ..
---------------------------------
= اختلف العلماء في أصحاب هذه القصة ومن يكونون على أقوال لعلّ من
أظهرها ما رواه مسلم عن طريق صهيب الرومي في قصة الغلام والساحر
والملك والشهيدة ، وأيا كان الأمر فالعبرة بمضمون القصة لا في تحديد
أشخاصها ولذا أبهم القرآن الأسماء والأشخاص والزمان والمكان في هذه
الحادثة المأساة !..
= القسم بالسماء له مذاق خاص ذو أثر في النفس عجيب لمن تأمل فليس
في الكون المشاهد المحسوس آية أكبر منها, ووالله لو تأمل الناس في هذه
الآية حقّ التأمل لآمنوا وأذعنوا للواحد القهار ، فهي آية عظيمة باعثة على
اليقين والإيمان لمن تدبر وتأمل !.. ولو تأملها الظلمة والطواغيت وعرفوا
عظمة الصانع ، وقدرته الفائقة في مقابل عجزهم وضعفهم لما تجرأوا على
سفك الدم الحرام أو فتن العباد عن دينهم, ولعل هذا من مناسبة القسم بهذه
الآية في معرض سوق قصة أصحاب الأخدود .

= (اليوم الموعود) هو يوم القيامة بلا شك ومناسبة القسم به في معرض
سوق هذه القصة كذلك ظاهرة واضحة ذلك أنّ يوم القيامة هو موعد القصاص العادل
من أصحاب الأخدود وغيرهم؛ فإنّ أصحاب الأخدود في حقيقة الأمر لم يذكروا إلا كمثال
للطغيان البشري الأرعن ولم ينوه بذكرهم إلا كأنموذج عابر لحالة الاستبداد الذي يمارسه
الكثيرون من العتاة والجبابرة على مرّ الدهور والعصور, وإلا فإنّ أصحاب الأخاديد المشابهة وسدنة الظلم والجبروت كثيرون ، متواجدون في كلّ زمان !..
وهؤلاء جميعهم حسبهم ذلك اليوم الموعود حيث توضع الموازين القسط فلا تظلم نفس شيئاً .
وهؤلاء جميعهم حسبهم الحكم العدل سبحانه حيث يقتص من كل ظالم وينتقممن كل جبار عنيد .
= أما القسم بالشاهد والمشهود فلعل مناسبته ولطيف ذكره هو: أنَّ محاكمة أصحاب الأخدود ومحاسبتهم ، والاقتصاص منهم سيتم في هيئة تامة من العدالة حيث الشاهد على جريمتهم حاضر, والمشهود عليه أمرٌ واقع لا يمكن إنكاره وهذا ما يرجّح القول بأنّ (شَاهِدٍ ) يعمُّ كل شاهد بلا تحديد ( مَشْهُودٍ ) كل ما يشهد عليه دون تخصيصه بأمر ما .
وقيل إن الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة .

= ( قتل أصحاب الأخدود ) القرآن ذكر القصة كأنموذج لكل الحالات المشابهةلأخذ العبرة
والعظة ، وتسلية المبتلين بهذه القصة ، وتوعد المجرمين ،بذات الوعيد ، وبقدر الجريمة !
فالمقام ليس مقام سرد أو استيعاب لكل حوادث التاريخ – وما أكثرها –ممّا قد يفوق جريمة هؤلاء بمراحل وإنما هو مقام تذكير ووعظ بما يؤدي الغرض وكفى !
وفي العصر الحديث كثر أصحاب الأخاديد بحيث تنكسر الأقلام وتفنى مئات الصحف قبل أن تستوعب بعض جرائمهم .
فجرائم الصليبيين بقيادة امبراطورية الشر ، وحاملة لواء النصرانية أمريكا فاقت كل تصور ، وتجاوزت كل حدّ .
= ( إلا أن يؤمنوا بالله ) ومن عجب أنّ سبب التعذيب واحد وهو الإيمان بالله العزيز الحميد ،
فإنّ هؤلاء الطواغيت الحمقى لا يروق لهم أبداً أن يفرد مالك الملك ، ومبدع الكون بالتوحيد والعبودية ، وليتهم إذ امتنعوا عن التسليم لله بحقه ، بالوحدانية والإلهية تركوا غيرهم يختارون لأنفسهم ما يرونه صواباً , ولكنهم أبو إلا أن يصدوا عن سبيل الله ويبغونها عوجا !
وقريب من العذاب بالنار والتقتيل والتشريد اضطهاد الفئة المؤمنة من خلال التضييق عليهم في أرزاقهم وفصلهم من وظائفهم ، وبخسهم حقوقهم بسبب إيمانهم واعتقادهم .

= ( الذي له ملك السموات والأرض وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) وفي الآية تهديد لكل صاحب أخدود من هؤلاء وذلك من وجهين بل من وجوه :
1- أنّ الله تعالى له ملك السموات والأرض, وهذا يعني أنّ هؤلاء المجرمين المستبدين الممارسين لكل طغيان وصلف مملوكون لله تعالى وتحت تصرفه وفي محيط قبضته
فأين يذهبون ؟
وإلى أين يفرون ؟.
2- إذا كان هؤلاء يعيشون في ممالك الله الواسعة فكيف يتصرفون في أرض الملك بغير إذنه بل يفعلون خلاف أمره فما ذا عساها تكون العاقبة ؟!.
3- وقد ختمت الآية بقوله تعالى : ( وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) وهذا تهديد واضح من وجهين كذلك :
أ- أنّ الله شهيد على كلِّ شيء ، وليس على حادثة الأخدود فقط .
ب - أنه شهيد بنفسه سبحانه وهو أعظم شاهد كما قال الله تعالى :
( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) .

= بعد أن فرغ تعالى من عرض قصة أصحاب الأخدود باختصار أدّى الغرض ، ببلاغة تامة ، وأسلوب مؤثر؛ ندب في هذه الآيات كل فتّان إلى التوبة ،
وفتح أبواب الندم والإنابة على مصراعيها ، ولم يُقنِّط عباده من رحمته وتدارك أخطائهم ، وتلافي ذنوبهم مهما كانت فادحة وخطيرة .
فأي عذر بعد هذا ؟
وأي رحمة فوق هذه ؟
ومن المؤكد أنّ من أصرّ على بغيه وعدوانه ، وأبى أن يغتنم الفرص ويبادر إلى التوبة النصوح فإنّه ذو طغيان وعناد ،
وصنف كهذا ما أجدره بـــــــــ ( عَذَابُ جَهَنَّمَ ) و ( عَذَابُ الْحَرِيقِ ) .
ومن المهم الإشارة في هذه المقام بأنّ الفتنة المنهي عنها في هذه السورة ليست قاصرة على التعذيب الحسي فحسب
بل هي تتناول ما هو أبعد من ذلك وأشمل : فتنة الناس عبر بث الفساد الإعلامي ،
وفتنة برامج التربية والتعليم بعرض المذاهب الفكرية الهدامة والمعتقدات الإلحادية وما شابهه ..

= ( فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ )
ولشدة أثر الفتنة وسوء عواقبها وخطورة تبعاتها توعد الله الفتانين بعذاب جهنم ، وقد اتخذ هذا الوعيد صيغة التكرار من جهة وصيغة التقديم والتأخير من جهة ثانية .
فأما التكرار فهو واضح من خلال إعادة جملة :
( فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ) بـ صيغة أخرى : ( وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) وفي هذا ما فيه من التهديد والوعيد الذي تقشعر من هوله الأبدان! .
وأما التقديم والتأخير فقد تقدم نظير هذا والمراد تقديم الجار و المجرور في الجملتين وهو الخبر على المبتدأ وهو ( عَذَابُ ) في الجملتين أيضاً .
وهذا التقديم والتأخير مفيد للحصر والاختصاص, أي كأنّ العذاب خاص ومحصور بهؤلاء دون غيرهم!.
= إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ
هذه الآية الكريمة في مقابل الترهيب الذي سبقها وذلك أسلوب القرآن الكريم في المزاوجة بين الترغيب والترهيب والوعد والوعيد كما تضمنت الآية عدة محفزات مثيرة كالتقديم والتأخير في قوله تعالى :
" لَهُمْ جَنَّاتٌ "حيث قدم الخبر وهو الجار والمجرور ( لَهُمْ ) على المبتدأ ( جَنَّاتٌ ) ،
وهذا مفيد للحصر والاختصاص .

= الله عز وجل يذكر ثلاثة أنواع من الفوز :
الفوز العظيم، الفوز الكبير، الفوز المبين ..
أعلاها العظيم وأقل منه الفوز الكبير وأقل منهما الفوز المبين ..
وقد ذُكر الكبير في قصة أصحاب الأخدود فقط ..

= ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ .....) في هذه الآيات تقرير لقوة الله الباهرة ، وقدرته القاهرة فبطشه سبحانه شديد لا يحتمل ، وآيات عزته وجبروته لا تُبارى ولا تجارى!..
وهذه الآيات تذكير لكل من يعي الخطاب ، ويفهم الوعظ الجميل بأن يتخلى عن كبريائه ، ويتنازل عن صلفه وغروره ، وإلا فإنّ بطش الرب تعالى غير محتمل ، وقد ذكر الله في ختام السورة مثالاً لما جرى للفراعنة وثمود ، أما التفصيل ففي مواضع أُخر من الكتاب العزيز .
= ( ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ) أي: صاحب العرش العظيم، الذي من عظمته، أنه وسع السماوات والأرض.
والكرسي، فهو بالنسبة إلى العرش كحلقة ملقاة في فلاة، بالنسبة لسائر الأرض،
وخص الله العرش بالذكر، لعظمته، ولأنه أخص المخلوقات بالقرب منه تعالى، وهذا على قراءة الجر، يكون ( المجيد ) نعتا للعرش، وأما على قراءة الرفع، فإن المجيد نعت لله ،
والمجد سعة الأوصاف وعظمتها .
= ( فِي تَكْذِيبٍ ) يعني ساقطون في الكذب يعني في مثل اللجة يعني الكذب محيط بهم .
إشارة إلى عدم انتفاع هؤلاء الكفار بما جرى لأسلافهم من الخزي والنكال إذ لا زالوا سادرين في غيهم ، تائهين في صحراء غرورهم !.

= ( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) ختمها تعالى بالتذكير بالقرآن العظيم الذي من أجله حورب المسلمون, ولأجله حقد الحاقدون, وشنأ الشائنون بيد أنّ ذلك كله لا ينبغي أن يكون مانعاً للمسلمين أن يستمروا على طريقتهم ويتشبثوا بعقيدتهم فإنّ الله ناصرهم ومؤيدهم ومظهرهم على عدوهم .
فوائد قصة أصحاب الأخـدود :
================
1- بطل هذه القصة المثيرة غلام !!..
وهذا الغلام هو الذي أجرى الله على يديه هذه الأحداث ، مما يدعونا إلى أن نهتم بالأطفال
أبلغ اهتمام ، يقول الرافعي رحمه الله : ( إن الفج اليوم هو الناضج غداً ) فالأطفال اليوم هم في الغد رجال سيحملون ما يحملون من أفكار ، وربما مجدد العصر يكون بين هؤلاء
الأطفال !..
إن علاقتنا مع أطفالنا علاقة عضوية فقط ، علاقة طعام وشراب ..
أما علاقة التربية فهي منقطعة !.. فالتربية هي عملية بناء الطفل شيئاً فشيئاً إلى حد التمام والكمال
( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) .

2- أن الله سبحانه وتعالى قد يسلط أعداءه على أوليائه ، فلا تستغرب إذا سلط الله عز وجل الكفار على المؤمنين وقتلوهم وحرقوهم وانتهكوا أعراضهم ، لا تستغرب فلله تعالى في هذا حكمة ، المصابون من المؤمنين أجرهم عند الله عظيم ، وهؤلاء الكفار المعتدون أملى لهم الله سبحانه وتعالى ويستدرجهم من حيث لا يعلمون ، والمسلمون الباقون لهم عبرة وعظة فيما حصل لإخوانهم !.3- سنة الابتلاء من سنن الله عز وجل يجب الصبر عليها ، والناس تتفاوت درجاتهم في ذلك.
4- العبد إذا وجد طعم الإيمان وذاق حلاوته ، فإن ذلك يشغله عما يتعرض له الجسد من إيلام وعذاب ، فالقلب يأسر الإيمان لموافقته للفطرة السليمة فيتحمل المؤمنون أشد ألوان الأذى ويكون أيسر على المؤمن أن تخرج روحه من جسده ، ولا يخرج الإيمان من قلبه .

5- تأمــل قول الحسن البصري رحمه الله : " انظروا إلى هذا الكرم والجود ، يقتلون أولياءه ويفتنونهم ، وهو يدعوهم إلى المغفرة والتوبة !! " ..
6- ليس مفهوم النصر أن تنتصر هذه الفئة المؤمنة ، إنما المفهوم الحقيقي للنصر هو انتصار المبدأ السليم والفكر الصحيح ،
فالمفهوم الحقيقي للنصر هو انتصار المبدأ لا انتصار الأفراد والأشخاص .
" وتأمل قوله تعالى في سورة العصر:" والعصر * إن الإنسان لفي خسر " ... ثم استثنى من الخسران من اتصف بصفات أربع, فهو الرابحون, وليس من تلك الصفات تحقق نتائج ما يتواصون به من الحق , وإنما الغاية تواصيهم بذلك ، وصبرهم على ما يصيبهم . وفقه هذه الحقيقة للإنتصار , من أعظم عوامل الثبات والإطراد والتفاؤل ".أ.د. ناصر العمر
7- صفة الثبات على المبدأ من أهم الصفات التي يجب أن يتمتع بها الإنسان المسلم في عصرنا هذا وفي كل العصور ،
لاسيما ونحن نرى سرعة تخلي الإنسان عن مبدئه مقابل عرض من الحياة الدنيا !!.. والله المستعان .

نفعنا الله بكتابه ورزقنا تلاوته وتدبره والعمل به ..


رد مع اقتباس
  #21  
قديم 17 ذو الحجة 1435هـ/11-10-2014م, 11:17 AM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي جزء عمَّ تدبر وعمل

http://altadabur.com/download_file.p...f/Part3030.pdf

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 07:52 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي جزء عمَّ تفسير الربانيين لعموم المؤمنين الكتروني

https://archive.org/stream/trAmma#page/n0/mode/2up

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 08:00 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي • سؤال وجواب جزء عمَّ

http://media.tafsir.net/ar/books//79/Attasheel_Amm.pdf

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 08:19 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي 120 فائدة من جزء عم منتقاة من تفسير الحافظ ابن كثير

http://almisk.net/ar/upload/books/1288264918.rar

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 08:35 PM
أم حمد أم حمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 46
افتراضي بيان غريب القرآن لـــــ جــــــزء عــــــــــمَّ

السراج في بيان غريب القرآن
جزء عمَّ
من ص : 383
الى

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ملخصات, الطالبة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir