دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > بيان المُستشكل > أنموذج جليل لابن أبي بكر الرازي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 ربيع الأول 1432هـ/4-03-2011م, 03:07 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي سورة الفرقان

سورة الفرقان
فإن قيل: الخلق هو تقدير ومنه قوله تعالى: (وإذ تخلق من الطّين) أي تقدر فما معنى قوله تعالى: (وخلق كلّ شيءٍ فقدّره تقديرًا) فكأنه قال تعالى: وقدر كل شيء فقدره تقديرا؟قلنا: الخلق من الله تعالى بمعنى الإيجاد والأحداث، فمعناه وأوجد كل شيء مقدرًا مسوى مهيئًا لما يصلح له، لا زائدًا على ما تقتضيه الحكمة ولا ناقصًا عن ذلك، الثاني: أن معناه وقدر له ما يقيمه ويصلحه أو وقدر له رزقًا وأجلًا أو أحوالًا تجرى عليه.
فإن قيل: كيف قال تعالى في وصف الجنة: (المتّقون كانت لهم جزاءً ومصيرًا) وهي ما كانت بعد وإنما تكون كذلك بعد الحشر والنشر؟
قلنا: إنما قال كانت لأن ما وعد الله تعالى فهو في تحقيقه كأنه قد كان، أو معناه كانت في علم الله مكتوبة في اللوح المحفوظ إنها جزاؤهم ومصيرهم.
فإن قيل: ما فائدة تأخير الهوى في قوله تعالى: (أرأيت من اتّخذ إلهه هواه) والأصل اتخذ الهوى إلهًا كما تقول اتخذ الصنم معبودًا؟
قلنا: هو من باب تقديم المفعول الثاني على الأول للعناية به، كما تقول علمت منطلقًا زيدًا لفضل عنايتك بانطلاقه.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون)؟
[أنموذج جليل: 362]
قلنا: قد مر مثل هذا السؤال وجوابه في قوله تعالى: (بل جاءهم بالحقّ وأكثرهم للحقّ كارهون).
فإن قيل: كيف شبههم سبحانه وتعالى بالأنعام في الضلال بقوله تعالى: (إن هم إلّا كالأنعام) مع أن الأنعام تعرف الله سبحانه وتعالى وتسبحه بدليل قوله تعالى: (وإن من شيءٍ إلّا يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) وقوله تعالى: (يسبّح للّه ما في السّماوات وما في الأرض)؟
قلنا: المراد تشبيههم بالأنعام في الضلال عن فهم الحق ومعرفة الله تعالى بواسطة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، الثاني: أن المراد تشبيههم في الضلال والعمى عن أمر الدين بالأنعام في ضلالها وعماها عن أمر الدنيا.
فإن قيل: إن كانوا كالأنعام في الضلال فكيف قال تعالى: (بل هم أضلّ سبيلًا) وإن كانوا أضل من الأنعام فكيف قال تعالى: (إن هم إلّا كالأنعام) وإن كانوا كالأنعام في الضلال وأضل منهم أيضا فكيف يجتمع الوصفان؟
[أنموذج جليل: 363]
قلنا: المراد بقوله تعالى: (إن هم إلّا كالأنعام) التشبيه في أصل الضلال لا في مقداره، والثاني بيان لمقداره، وقيل: المراد من أول التشبيه في المقدار أيضًا ولكن المراد بالأول طائفة والثاني طائفة أخرى ووجه كونهم أضل من الأنعام أن الأنعام تنقاد لأربابها التي تعلفها وتتعهدها وتعرف من يحسن إليها ممن يسيء إليها وتتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها وهؤلاء لا ينقادون إلى ربهم ولا يعرفون إحسانه إليهم مع إساءة الشيطان الذي هو عدو لهم ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار والمهالك، ولا يهتدون للحق الذي هو المشروع الهني والعذب الروي.
فإن قيل: قوله تعالى: (وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا (48) لنحيي به بلدةً ميتًا) كيف ذكر الصفة والموصوف مؤنث ولا يؤنثها كما أنثها في قوله: (وآيةٌ لهم الأرض الميتة)؟
قلنا: إنما ذكرها نظرًا إلى معني البلدة وهو البلد والمكان لا إلى لفظها.
فإن قيل: قوله تعالى: (وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا (48) لنحيي به بلدةً ميتًا ونسقيه ممّا خلقنا أنعامًا وأناسيّ كثيرًا) إنزاله موصوفًا بالطهورية، وتعليل ذلك بالإحياء والسقي يشعر بأن الطهورية شرطًا في حصول تلك المصلحة، كما تقول حملني الأمير
[أنموذج جليل: 364]
على فرس سابق لا صيد عليه الوحش وليس كذلك؟
قلنا: وصف الطهورية ذكر إكراما للأناسي الذين شربهم من جمله المصالح التي تنزل لها الماء، وتمامًا للنعمة والمنة عليهم، لا لكونه شرطًا في تحقيق تلك المصالح والمنافع، بخلاف النظير فإنه قصد بكونه سابقًا الشرطية لأن صيد الوحش على الفرس لا يتم إلا بها.
فإن قيل: كيف خص تعالى الأنعام بذكر السقي دون غيرها من الحيوان الصامت؟
قلنا: لأن الطير والوحش تبعد في طلب الماء ولا يعوزها الشرب بخلاف الأنعام، الثاني: أن الأنعام قنية الأناسي وعامه منافعهم متعلقه بها، فكأن الأنعام يسقي الأنعام كالأنعام يسقى الأناسي، فلذلك خصها بالذكر.
فإن قيل: كيف قدم تعالى إحياء الأرض وسقى الأنعام على سقى الأناسي؟
قلنا: لأن حياة الأناسي بحياة أرضهم وأنعامهم فقدم ما هو سبب حياتهم ومعاشهم، الثاني: أن سقي الأرض من ماء المطر سابق في الوجود على سقي الأناسي به.
فإن قيل: وجه صحة الاستثناء في قوله تعالى: (قل ما أسألكم عليه من أجرٍ إلّا من شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلًا)؟
قلنا: هو استثناء منقطع تقديره: لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا فأنا أدله على ذلك وأهديه إليه، وقيل تقديره: لكن من
[أنموذج جليل: 365]
شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا بإنفاق ماله في مرضاته فليفعل ذلك.
فإن قيل: كيف قال تعالى هنا: (قل ما أسألكم عليه من أجرٍ) أ أجرًا لأن من لتأكيد النفي وعمومه وقال تعالى في آية أخرى: (قل لا أسألكم عليه أجرًا إلّا المودّة في القربى) فأثبت سؤال الأجر عليه؟
قلنا: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: (قل ما سألتكم من أجرٍ فهو لكم إن أجري إلّا على اللّه) رواه مقاتل والضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما والصحيح الذي عليه المحققون إنها غير منسوخة، بل هو استثناء من غير الجنس تقديره: لكن أذكركم المودة في القربى.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (واجعلنا للمتّقين إمامًا) ولم يقل أئمة؟
قلنا: مراعاة لفواصل الآيات، وقيل تقديره: واجعل كل واحد منا إماما.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا) وهما بمعنى واحد ويؤيده قوله تعالى: (تحيّتهم يوم يلقونه سلامٌ).
[أنموذج جليل: 366]
وقوله صلى الله عليه وسلم السلام تحية أهل الجنة في الجنة؟
قلنا: قال مقاتل: المراد بالتحية سلام بعض على بعض أو سلام الملائكة عليهم والمراد بالسلام أن الله تعالى سلمهم مما يخافون وسلم إليهم أمرهم وقيل التحية من الملائكة أو من أهل الجنة من الله تعالى عليهم لقوله تعالى: (سلامٌ قولًا من ربٍّ رحيمٍ).
وقيل التحية من الله تعالى لهم بالهدايا والتحف والسلام بالقول وقيل التحية الدعاء بالتعمير والسلام الدعاء بالسلامة فمعناه أنهم يلقون ذلك من الملائكة أو بعضهم من بعض أو يلقون ذلك من الله تعالى، فيعطون البقاء والخلود مع السلامة من كل آفة.
[أنموذج جليل: 367]


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفرقان, سورة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir