دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الواسطية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 03:43 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي التنبيهات السنية للشيخ: عبد العزيز بن ناصر الرشيد

فتُنْصَبُ المَوَازِيْنُ، فتُوزَنُ بِها أَعْمالُ العِبادِ، (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِيْنُهُ فأُؤُلئِكَ هُمُ المُفْلِحونَ. ومَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُولئكَ الَّذينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ في جَهَنَّمَ خَالِدُونَ). (162)



(162) قولُه: (وتُنْصَبُ الموازينُ، وتُوزنُ فيها أعمالُ العِبادِ)، (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِيْنُهُ فأُؤُلئِكَ هُمُ المُفْلِحونَ. ومَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُولَئِكَ الَّذينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ في جَهَنَّمَ خَالِدُونَ) تكاثَرتْ أدلَّةُ الكتابِ في إثباتِ الميزانِ، كما تواتَرَتْ بِذَلِكَ الأحاديثُ، وأجْمعَ أهلُ الحقِّ على ثُبوتِه ووجوبِ الإيمانِ به، وأنَّه ميزانٌ حقيقيٌّ حِسِّيٌّ له لِسانٌ وكَفَّانِ، كما هُوَ صريحُ الأدلَّةِ، فعن أبي سعيدٍ الخدريِّ -رضي اللَّهُ عنه- أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: ((إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ يَا رَبِّ: عَلِّمْنِي شَيْئًا أَذْكُرُكَ وَأَدْعُوكَ به، قَالَ: قُلْ يا مُوسَى لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، قَالَ يَا رَبِّ: كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولُونَ هَذَا؟ قال يا مُوسَى: لو أنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَعَامِرُهُنَّ غَيْرِي فِي كِفَّةٍ ولاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ في كِفَّةٍ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إلا اللَّهُ)) الحديثَ، ورَوى الإمامُ أحمدُ وغيرُه مِن حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو في حديثِ البِطاقةِ، وفيه ((… فَيُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا لاَ إِلَهَ إِلاَ اللَّهُ فَتُوضَعُ السِّجِلاَّتُ فِي كِفَّةٍ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فِي كِفَّةٍ فَطَاشَتْ السِّجِلاَّتُ وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ …)) الحديثَ، إلىِ غيرِ ذَلِكَ مِن الأحاديثِ الكثيرةِ التي بلَغَتْ حَدَّ التَّواتُرِ، وجَمعَ المصنِّفُ الموازينَ ظاهِرُه تَعدُّدُها، والصَّحيحُ أنَّه ميزانٌ واحدٌ، وجَمَعَه.
قيل: لأنَّ الميزانَ يَشتمِلُ على الكِفَّتَيْنِ والشَّاهِدَيْنِ واللِّسانِ، ولا يَتِمُّ الوزنُ إلا باجتماعِها، ويَحتمِلُ أنَّ الجَمعَ للتَّفخيمِ، كما في قولِه: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) مع أنَّه لم يُرسَلْ إليهم إلاَّ واحدٌ.
وقيل: يجوزُ أنْ يكونَ لفظُه جمعًا ومعناه واحِداً، كقولِه: (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ) وأمَّا الوزنُ فهُوَ للأعمالِ كما أشار إليه المصنِّفُ، واستدلَّ بالآيةِ المذكورةِ، وفي صحيحِ مسلمٍ عن أبي مالكٍ الأشعريِّ، قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ …)) الحديثَ.
وأَخرجَ أبو داودَ والتِّرمذيُّ وصحَّحه ابنُ حِبَّانَ عن أبي الدَّرداءِ عنه -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: ((مَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ))، وفي الصَّحيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عن أبي هريرةَ -رضي اللَّهُ عنه-، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: ((كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ في الْمِيزَانِ: سبحانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ)) إلى غيرِ ذَلِكَ مِن الأحاديثِ الدَّالَّةِ على أنَّ الوزنَ للأعمالِ، وإلى هَذَا ذَهَب أهلُ الحديثِ، وقيل: الوزنُ لصحائفِ الأعمالِ، كما في حديثِ صاحبِ البطاقةِ، وصوَّبَهُ مَرْعِيٌّ في بَهجَتِه، وذَهبَ إليه جمهورٌ مِن المفَسِّرينَ، وصحَّحه ابنُ عبدِ البَرِّ والقرطبيُّ وغيرُهما.
وقيل يُوزَنُ صاحِبُ العَملِ، كما في الحديثِ: ((يُؤْتَى يَوْمَ القِيامَةِ بِالرَّجُلِ السَّمِينِ فَلاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ)، ثم قرأ قولَه -سُبْحَانَهُ-: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} الآيةَ.
وقال ابنُ كثيرٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد يُمكِنُ الجمعُ بين هَذِهِ الآثارِ بأنْ يكونَ ذَلِكَ كلُّه صحيحاً، فتارةً تُوزنُ الأعمالُ، وتارةً تُوزنُ مَحالُّها، وتارةً يُوزنُ فاعِلُها، واللَّهُ أَعْلمُ.
قال الغزاليُّ والقرطبيُّ: ولا يكونُ الميزانُ في حقِّ كُلِّ أحدٍ، فالسَّبْعون ألفًا الذين يَدْخلون الجَنَّةَ بغيرِ حسابٍ لا يُرفَعُ لهم ميزانٌ ولا يأخُذونَ صُحُفا، اهـ.
وقال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال العلماءُ: إذا انْقَضَى الحسابُ كان بعدَه وزنُ الأعمالِ؛ لأنَّ الوزنَ للجزاءِ، فينبغي أنْ يكونَ بعدَ المحاسَبةِ، فإنَّ المحاسَبةَ لتقريرِ الأعمالِ، والوزنَ لإظهارِ مَقاديرِها؛ ليكونَ الجزاءُ بحسَبِها، قال الشَّيخُ مرعيٌّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والحِكمةُ في الوَزْنِ مَع أنَّ اللَّهَ عالِمٌ بكُلِّ شيءٍ إظهارُ العَدْلِ، وبيانُ الفَضلِ، حَيْثُ يَزِنُ مَثاقِيلَ الذَّرِّ مِن خيرٍ وشرٍّ. انتهى. ومِن المقرَّرِ أنَّ أحوالَ البرزخِ وأحوالَ الآخرةِ لا تُقاسُ على ما في الدُّنْيَا، وإن اتَّفقَت الأسماءُ، فنؤمِن بها كما وَرَد مِن غيرِ بحثٍ عن كَتْمِها وحقيقِتها، كما أخبَرَ الصَّادِقُ المصْدُوقُ مِن غيرِ زيادةٍ ولا نُقصانٍ.
قولُه: (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِيْنُهُ) أي: رَجَحَتْ حسَناتُه على سَيِّئاتِه ولو بواحدةٍ قاله ابنُ عبَّاسٍ.
قولُه: (فأُؤُلئِكَ هُمُ المُفْلِحونَ) أي: الذين فازُوا فنَجَوْا مِن النَّارِ وأُدْخِلُوا الجَنَّةَ، والفلاحُ هُوَ الفَوزُ والظَّفَرُ، والحُصولُ على المطلوبِ.
قولُه: (ومَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) أي: ثقُلَتْ سيِّئاتُه على حسَناتِه (فأُولئكَ الَّذينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) أي: خَابوا وفازوا بالصَّفقةِ الخاسِرةِ، وقولُه: (في جَهَنَّمَ خَالِدُونَ) أي مَاكِثُون فيها دائِمون، والخُلودُ هُوَ المُكْثُ الطَّوِيلُ.
أفادتْ هَذِهِ الآيةُ إثباتَ الميزانِ والرَّدَّ على المعتزِلةِ الذين أَنْكَروه، وقالوا: الميزانُ عبارةٌ عن العدلِ، وهَذَا تأويلٌ فاسدٌ مخالفٌ للكتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ، وأفادتْ أنَّ الوزنَ للأعمالِ، وأمَّا جمعُ الموازينِ مع أنَّه ميزانٌ واحدٌ فقد تَقدَّمَ الجوابُ عنه.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإيمان, بوضع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir