دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > البلاغة > دروس البلاغة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 02:01 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، ومنه أسلوب الحكيم

الخاتِمـــةُ
(في إخراجِ الكلامِ على خِلافِ مُقْتَضَى الظاهرِ)
إيرادُ الكلامِ على حسَبِ ما تَقَدَّمَ من القواعدِ يُسَمَّى إخراجَ الكلامِ على مُقْتَضَى الظاهرِ. وقدْ تَقْتَضِي الأحوالُ العدولَ عنْ مُقْتَضى الظاهرِ، ويُورَدُ الكلامُ على خِلافِه في أنواعٍ مخصوصةٍ:
(منها) تنزيلُ العالِمِ بفائدةِ الخبَرِ، أوْ لازِمِها مَنْزِلَةَ الجاهلِ بها؛ لعَدَمِ جَرْيِه على مُوجِبِ عِلْمِه، فيُلْقَى إليهِ الخبَرُ كما يُلْقَى إلى الجاهِلِ، كقولِكَ لمَنْ يُؤْذِي أباهُ: هذا أبوكَ.
(ومنها) تنزيلُ غيرِ المنْكِرِ منزلةَ المنْكِرِ إذا لاحَ عليهِ شيءٌ منْ علاماتِ الإنكارِ، فيُؤَكَّدُ لهُ، نحوُ:

جاءَ شقيقٌ عارضًا رُمْحَهُ ..... إنَّ بَنِي عمِّكَ فيهم رِمَاحُ
وكقولِكَ للسائلِ الْمُستَبْعِدِ حصولِ الفَرَجِ: إنَّ الفرَجَ لَقَرِيبٌ.
وتنزيلُ المنكِرِ أو الشاكِّ منزلةَ الخالي إذا كانَ معهُ من الشواهِدِ ما إذا تأمَّلَهُ زالَ إنكارُه أوْ شَكُّه، كقولِكَ لمَنْ يُنكِرُ منفعةَ الطِبِّ أوْ يَشُكُّ فيها: الطبُّ نافعٌ.
(ومنها)، وضْعُ الماضي موْضِعَ المضارعِ لغَرَضٍ، كالتنبيهِ على تَحَقُّقِ الحصولِ، نحوُ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ}. أو التفاؤلِ، نحوُ: إنْ شفاكَ اللَّهُ اليومَ تَذْهَبْ معي غدًا.
وعكْسُه، أيْ: وضْعُ المضارعِ موْضِعَ الماضي لغَرَضٍ، كاستحضارِ الصورةِ الغريبةِ في الخيالِ، كقولِه تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا}، أيْ: فأثارَتْ. وإفادةِ الاستمرارِ في الأوقاتِ الماضيةِ، نحوُ: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ}، أيْ: لو استَمَرَّ على إطاعتِكُم.
(ومنها): وضْعُ الخبَرِ موْضِعَ الإنشاءِ لغَرَضٍ، كالتفاؤُلِ، نحوُ: هداكَ اللَّهُ لصالحِ الأعمالِ. وإظهارِ الرغبةِ، نحوُ: رزَقَنِي اللَّهُ لقاءَكَ. والاحترازِ عنْ صورةِ الأمْرِ تَأَدُّبًا، كقولِكَ: يَنْظُرُ مولايَ في أَمْرِي.
وعكْسُه، أيْ: وَضْعُ الإنشاءِ موْضِعَ الخبَرِ لغَرَضٍ، كإظهارِ العنايةِ بالشيءِ، نحوُ: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}، لمْ يَقُلْ: وإقامةَ وُجوهِكم؛ عنايةً بأمْرِ الصلاةِ. والتحاشِي عنْ موازاةِ اللاحقِ بالسابقِ، نحوُ: {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}، لمْ يَقُلْ: وأُشْهِدُكم؛ تحاشيًا عنْ مُوازاةِ شَهادَتِهم بشهادةِ اللَّهِ.
والتسويةِ، نحوُ: {أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ}.


(ومنها): الإضمارُ في مقامِ الإظهارِ لغَرَضٍ، كادِّعاءِ أنَّ مَرْجِعَ الضميرِ دائمُ الحضورِ في الذِّهْنِ، كقولِ الشاعرِ:
أَبَتِ الوِصالَ مَخافةَ الرُّقباءِ وأَتَتْكَ تحتَ مَدَارِعِ الظَّلْماءِ

الفاعلُ ضميرٌ لم يَتَقَدَّمْ لهُ مَرْجِعٌ؛ فَمُقْتَضَى الظاهرِ الإظهارُ.
وتمكينُ ما بعدَ الضميرِ في نفْسِ السامعِ؛ لتشوُّقِه إليهِ أوْ لا، نحوُ: هيَ النفسُ ما حَمَّلْتَها تَتَحَمَّلُ- {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}- نِعْمَ تلميذٌ المؤدَّبُ.


وعكْسُه، أي: الإظهارُ في مَقامِ الإضمارِ لغَرَضٍ، كتقويةِ داعي الامتثالِ، كقولِكَ لعَبْدِكَ: سيِّدُكَ يَأْمُرُكَ بكذا.

(ومنها): الالتفاتُ، وهوَ نَقْلُ الكلامِ منْ حالةِ التكلُّمِ أو الخطابِ أو الغَيْبةِ إلى حالةٍ أُخْرى منْ ذلكَ.
فالنقْلُ من التكلُّمِ إلى الْخِطابِ، نحوُ: {وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، أيْ: أَرْجِعُ. ومن التكلُّمِ إلى الغَيْبةِ، نحوُ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ}. ومن الخطَابِ إلى التكلُّمِ، كقولِ الشاعرِ:

أَتَطْلُبُ وَصْلَ رَبَّاتِ الجمالِ وقدْ سَقَطَ المشيبُ على قَذَالِي

(ومنها): تَجاهُلُ العارفِ، وهوَ سَوْقُ المعلومِ مَساقَ غيرِه لغَرَضٍ، كالتوبيخِ، نحوُ:

أَيَا شَجَرَ الْخَابُورِ مَا لَكَ مُورِقًا كأنَّكَ لمْ تَجْزَعْ على ابنِ طَريفِ

(ومنها): أسلوبُ الحكيمِ، وهوَ تَلَقِّي المخاطَبِ بغيرِ ما يَترَقَّبُهُ، أو السائلِ بغيرِ ما يَطْلُبُهُ، تَنبيهًا على أنَّهُ الأَوْلَى بالقَصْدِ.
فالأوَّلُ: يكونُ بِحَمْلِ الكلامِ على خِلافِ مرادِ قائلِهِ، كقولِ القَبَعْثَرَى للحجَّاجِ، وقدْ تَوَعَّدَه بقولِه: لأحْمِلَنَّكَ على الأدْهَمِ:
مِثلُ الأميرِ يَحمِلُ على الأدهَمِ والأشهَـبِ، فقالَ لهُ الحجَّاجُ: أرَدْتُ الحديدَ، فقالَ الْقَبَعْثَرَى: لاَنْ يكونَ حديدًا خيرٌ منْ أنْ يكونَ بليدًا. أَرادَ الْحَجَّاجُ بالأدْهَمِ القيْدَ، وبالحديدِ الْمَعْدِنَ المخصوصَ. وحَمَلَهُما الْقَبَعْثَرَى على الفَرَسِ الأدْهَمِ الذي ليسَ بَليدًا.
والثاني: يكونُ بتزيلِ السؤالِ منزلةَ سؤالٍ آخَرَ مناسِبٍ لحالةِ السائلِ، كما في قولِه تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}. سألَ بعضُ الصحابةِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: ما بالُ الْهِلالِ يَبدو دقيقًا، ثمَّ يَتزايدُ حتَّى يصيرَ بدْرًا، ثمَّ يَتناقَصُ حتَّى يعودَ كما بَدَأَ؟ فجاءَ الجوابُ عن الحكْمَةِ المترَتِّبَةِ على ذلكَ؛ لأنَّها أَهَمُّ للسائلِ، فنَزَّلَ سؤالَهُم عنْ سببِ الاختلافِ منزلةَ السؤالِ عنْ حكْمَتِه.
(ومنها) التغليبُ، وهوَ ترجيحُ أحَدِ الشيئينِ على الآخَرِ في إطـلاقِ لفْظِه عليهِ، كتغليبِ المذكَّرِ على المؤنَّثِ في قولِه تعالى: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}، ومنهُ: الأبوانِ للأبِ والأمِّ.
وكتغليبِ المذكَّرِ والأخَفِّ على غيرِهما، نحوُ القمرينِ، أيْ: الشمسِ والقمرِ، والعُمَرَيْنِ، أيْ: أبي بَكْرٍ وعُمَرَ.
والمخاطَبِ على غيرِه، نحوُ: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}، أُدْخِلَ شُعَيْبٌ بحُكْمِ التغليبِ في {لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}، معَ أنَّهُ لمْ يكُنْ فيها قطُّ حتَّى يَعودَ إليها.
وكتغليبِ العاقلِ على غيرِه، كقولِه تعالى: {الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الكلام, إخراج

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir